رواية غيمة في سمائك للكاتبة مي علاء الفصل الرابع عشر
انقطعت الأنفاس واتسعت الأعين بصدمة، توقف الزمن للحظات ليعود بعدها لسماع صوت ارتطام جسد رزان بوضوح.
تراجعت جوانة للخلف وهي مازالت تحت تأثير الصدمة، تعثرت لتسقط ارضاً وتستيقظ لتدرك ما حدث للتو، اخدت تلهث ثم بدأ جسدها بالإرتجاف، سالت دموعها المتجمدة وارتجافها يزداد.
- لا، لا، لااااا
فجأة بدأت تصرخ بطريقة هستيرية وهي تبكي بإنهيار.
بينما اويس لم تستطع قدميه حمله فجثى على ركبتيه بصدمة وعدم تصديق، تمتم بإسمها بنبرة مُرتجفة
- رزان، رزان.
حين سمع صراخ جوانة سابقاً هرع لأعتقاده انه قد هجم احدهم عليها، كان يعتقد ان رزان في الأسفل، لم يتخيل ان هذا العراك كان بينها وبين جوانة، استجمع قواه ونهض ليتقدم بخطوات مترددة للشرفة، وضع كفيه على السور مُمسكاً اياه قبل ان يقترب برأسه لينظر لجثة رزان، لم يتحمل النظر اليها اكثر فأبتعد بعنف وهو يلهث، لا يصدق ما يراه وما حدث، لا يصدق، سالت دموعه رغماً عنه وهو يلتف حول نفسه، يشعر انه مُقيد، لا يعلم كيف يتصرف الان!، توقف فجأة ونظر لجوانة التي اختفى صراخها لكن بكاءها مازال يسمعه ظل مُحدقاً بها وفي رأسه تدور الأفكار والاتهامات، تقدم من جوانة وجثى على احدى ركبتيه، امسك كتفيها بقوة وسألها وهو يكظم غضبه.
- إيه اللي حصل؟، رزان، رزان ازاي وقعت؟، إيه اللي حصل؟
لم يستطع كبح غضبه اكثر، أخذ يهزها بعنف صارخاً
- عملتي فيها كده ليه؟، عملتي كده ليةةة؟ليه!
زاد نحيبها قبل ان تضربه بعشوائية وعنف وهي تصرخ بإنهيار
- معرفش، معرفش حصل إيه معرفش
تركها بإستسلام، اخرج هاتفه ليتصل ب جاسر ويخبره بفتور
- تعالى لي الفيلة حالاً.
نهض بتثاقل وتخطاها مُتجهاً للأسفل حيث رزان تركد، كان ينازع دموعه وهو ينزل درجات السلم حتى وصل لها ولم يتحمل، جلس بجوار جسدها ومد يده يستشعر نبضها ونبضات قلبه متسارعة، بكى، بكى بصوت مرتفع وصرخ بقهر حين ادرك انها ماتت، لقد رحلت صديقة عمره، امسك جسدها وضمه لها وهو يبكي بحرقة وندم.
وصل جاسر بعد نصف ساعة، توقف فوق رأس اويس وهو ينظر لجسد رزان والدماء المحيطة بهما، حرك شفتيه بتردد وخوف من صدق ما خطر في باله
- حصل إيه هنا؟، رزان عاملة كده ليه؟، والدم ده إيه؟، مش منها صح؟
رفع اويس عينيه الحمراوتين للآخر، أخذ يضرب رأسه بقسوة وهو يُجيب
- رزان ماتت يا جاسر، رزان ماتت.
تهاوى جاسر ارضاً بصدمة راكعاً بجانب اويس، ظل ينقل نظراته بين جسد رزان واويس، يصعب عليه فهم كلمات الاخير، ماتت؟، من؟، رزان؟، كيف؟، مستحيل!
مد كفه لوجهها وحين استشعر برودته انتفض للخلف بفزع، انها لحقيقة!، سرد اويس عليه مايعرفه بأنفاس متقطعة
- سمعت صوت صريخ جوانة وانا في أوضة حبيبة، روحت جري اشوف إيه اللي بيحصل، عقبال ما فتحت الباب ودخلت لقيت، لقيت رزان بتقع من البلكونة، وقعت قدام، قدام عيني.
عاد جاسر ليتقدم من جسد رزان، وضع كفه على وجنتها وقد سالت دموعه، مسد عليها مرات متتالية وهو يتمتم
- ربنا يرحمك يا رزان، ربنا يرحمك ويسامحك
نظر ل أويس وسأله بذهول حين لمحه يتصل بأحدهم
- بتتصل بمين؟
- بأمها
- انت اتجننت!، دي تموت فيها
جذب الهاتف منه بحدة والقاه بعيداً، وتابع توبيخه القاسي، خرجت حروفه القاسية منه رغماً عنه، لكنها الحقيقة التي يعلمها جاسر ويدركها.
- هي عيانة مش هتستحمل خبر زي ده، وغير كده لو سألت ازاي ماتت هتقولها إيه؟، هتقولها انك السبب في موتها!
نظر اويس له، كرر جاسر جملته الاخيرة مرة اخرى مُصراً على قوله ثم انفجر به بغضب قائلاً ما يراه.
- هتقولها انك انت السبب!، متبصليش كده دي الحقيقة، دي اخرة ضحايا أفعالك وانتقامك الغبي اللي دخلتنا فيه كلنا، احنا وافقنا نساعدك لأننا صحابك، انت أناني، انا بصيت لأنتقام ومبصتش للباقي اللي اتحصروا فيه بداية من سامح اللي حياته باظت اكتر بعد اتفاقه معانا واهي رزان اللي اتجننت بانتقامك وكانت عايزة تساعدك بأي طريقة حتى لو اضطرت تقتل حد وكل ده عشان بتحبك، وأنا اللي بعمل حاجات مينفعش اعملها بحكم شغلي، انا شرطي يا بيه، وآخراً جوانة اللي اتدمرت نفسياً بعد كل اللي حصلها واللي شافته منك ومن رزان، فوق بقى فووووق من هوس انتقامك اللي انت غرقان فيه دي فوووق.
كان كلام جاسر كالخنجر الذي طعن صدر اويس بوحشية مؤلمة، انها الحقيقة المُرة التي اقتنع بها الآن لكن بعد فوات الأوان، ضرب جاسر الأرض بغضب نادماً على قسوته، انحنى وجذب اويس لينهضه، اخبره بصوت مرتفع
- خرج حبيبة و جوانة من هنا عشان هتصل بالشرطة، هتكون عملية انتحار وهرسيك على الباقي بعدين، يلا امشي.
تحرك اويس كالآلة التي كانت تنتظر الأوامر، ركض لداخل الفيلة واتجه للغرفة التي من المفترض ان تكون جوانة فيها لكنه لم يجدها، بحث عنها في الفيلة بأكملها لكنه لم يجدها أيضاً، عاد ليأخذ حبيبة التي لم تشعر بشيء، حمد الله ان مفعول المُهدأ مازال يعمل، وضعها في سيارته ثم عاد ل جاسر وأخبره بريبة
- انا مش لاقي جوانة، مش عارف راحت فين، اختفت.
- يبقى هربت، امشي انت دلوقتي وندور عليها بعدين، يلا عشان الشرطة في طريقها لهنا.
في المستشفى
فتح احمد عينيه للحظات قبل ان يغلقهما مرة اخرى، عاد ليفتحها من جديد وهو يسلط نظراته على ندى التي نادت الطبيب حين رأته استيقظ، اتى الاخير لفحصه وطمأن ندى ثم غادر مُطالباً الخضوع ل إشاعات، امسكت ندى كفه وهي تشكر الله
- الحمدالله انك فتحت عنيك الحمدالله، حاسس بأية؟ الجرح واجعك؟
اقتربت منه لتسمع اجابته لكنه فاجأها بسؤاله
- فين جوانة؟
- ارتاح دلوقتي ومتتكلمش كتير عشان جرحك.
حاولت ندى التهرب لكنه كان مُصر
- عايز اشوف جوانة، هاتي جوانة
سعل بعنف واحمر وجهه، فخافت ندى عليه لذا حاولت تهدأته بكذبتها
- جوانة شوية وجاية، اصل انا خليتها تروح الفيلة تغير لبسها اللي فيه دمك
قال بصعوبة من بين أنفاسه متقطعة
- خليها ترتاح شوية، انا كويس
- هقولها ارتاح انت بس.
أرسل جاسر ممرضة لتعتني ب حبيبة في حين يذهب اويس لمركز الشرطة ليدلي بشهادته التي اخبره بها جاسر، بعد ان انتهى ذهب اويس لمنزل رزان ليخبر والدتها عن خبر وفاة الاخيرة وليأخذها ويقيمون بتحضيرات الغُسل والدفن، كم كان صعب عليه أخبارها عن موت ابنتها الوحيدة والكذب عليها بإنتحارها، والأصعب عليه كان رد فعل والدتها التي انهارت تبكي بحرقة على ابنتها والتي صُدمت من ان رزان قد انتحرت ورفضت تصديق ذلك، رزان لن ترتكب في حق نفسها شيء كهذا.
توقفت عن البكاء وهي تنقل نظراتها ل اويس بإتهام، قلبها يخبرها انه هو السبب في موت ابنتها حتى لو كان انتحار، تحدثت بصوتها المتهدج
- قول لي الحقيقة، رزان ماتت بسببك صح؟، رزان بنتي كانت بتحبك اوي بتحبك بطريقة مجنونة، وانت كنت بتعذبها بقربك من التانية، انت خليتها تيأس وتوصل لطريقة تفكير غلط، كل ده بسببك بنتي اتدمرت بسببك، ولو انتحرت اكيد انت السبب مفيش غيرك يهمها في الدنيا دي.
انهت قولها بيأس وقهر وهي تنتحب، تحمل اويس كلماتها القاسية لكنها الحقيقة، قد كان يدرك حب رزان له ويعلم انها تتصرف وفقاً له لكنه كان يحاول تجاهل ذلك فهو لا يحمل مشاعر لها اكثر من صديقة طفولته، تجنب النظر لها وهو يقترب منها ليحملها ويضعها على الكرسي المتحرك، قال بخفوت
- يلا عشان منتأخرش
- يا رزان يابنتي ياحبيبتي، آآآه يا قلبي، آآآه
سالت دمعة منه لكنه مسحها سريعاً.
حل جاسر امر موت رزان بأنها مُنتحرة بطريقته، فقط استدعى اويس لشهادته وقد أنقله الكلام، وأُقفِلت القضية، ذهب جاسر بعدها لمقابلة احمد والذي وقعت قضيته تحت يديه بالصدفة، سمح له الطبيب بمقابلته لأخذ أقواله لكن دون ان يسبب له اي ضغط وتعب.
- شاكك في حد معين؟
سأله جاسر بهدوء، فتدخلت ندى وأجابت بإنفعال
- ايوة في حد ومش شاكين فيه بس ده احنا متأكدين.
ضغط احمد على كفها الممسك بيده، بينما نظر لها جاسر وقال بلباقة مصتنعة
- ممكن تتفضلي وتخليني اتكلم مع أستاذ احمد على انفراد؟
كادت تعترض لكن احمد غمز لها لتغادر ففعلت، تغيرت نظرة جاسر له وهو يُعيد بجفاء
- عندك اجابة مختلفة عن اجابة زوجتك ولا نفسها؟، ياريت تفكر كويس قبل ما تجاوب
نظر له احمد وهو بضيق عينيه من نبرة قوله الاخير، سأله بشفافية
- قصدك إيه؟، تحذير زي ما انا فهمت؟
- مش من صالحك تعترف على اويس.
اظهر جاسر نواياه سريعاً وكان واضحاً، ضحك احمد بسخرية قائلاً
- هو انت تبعه بقى!، طب قول لي هتعمل إيه لو قولت عليه، هتغيّر اقوالي؟
اجابه جاسر بكل بساطة وخبث
- خااالص، هكتب أقوالك زي ما هي حرف حرف، بس في نفس الوقت هعمل بلاغ عن جريمة القتل بتاعت اختك، جوانة
تغيرت ملامح وجه احمد للحدة قائلاً
- قصدك إيه؟، جوانة عمرها ما تعمل حاجة زي دي
- لا يا حلو، اختك قتلت رزان، رميتها من البلكونة.
صمت احمد من هول الصدمة، هز رأسه بعنف مستنكراً
- مستحيل انت بتحاول تلفألها التُهمة
- عندي دليل وشاهد، بس الشاهد صعب أقنعه انه يتكتم على الجريمة الا لو انت هتتنازل عن قضيتك
- اويس الشاهد؟
هز جاسر رأسه موافقاً وقال
- وأختك نفسها دليل على الجريمة اصلها هربت
نقل احمد نظراته بعيداً يفكر بحكمة، بعد مرور فترة وجيزة نهض جاسر قائلاً
- ها آخر كلام؟
اتته الإجابة من احمد بعد ثوان
- أقفل القضية
- اعتبره تم، سلام.
ثم غادر جاسر وعلى وجهه ابتسامة مُنتصرة، فدخلت ندى بعدها بدقائق وهاجمته بحدة قولها
- انت قفلت القضية ليه؟، ازاي تقفلها بدون ما تاخد حقك؟
نظر لها احمد قائلاً بلطف
- انا عارف بعمل إيه.
حل الظلام وهدأت الخُطى...
كانت جوانة تجر قدميها جراً وهي تلهث بعنف، تشعر بالتعب الشديد لذا توقفت، انها تدرك الان انهم لن يصلوا اليها، نظرت حولها انه مكان مجهول بالنسبة لها لكنها لم تكترث لذلك، وقعت نظراته على محل الملابس الصغير الموجود في نهاية الرصيف الذي تقف عليه فأسرعت له ودخلته، رحبت بها المرأة التي كانت جالسة تشاهد التلفاز، سألتها
- أهلا وسهلاً، في حاجة معينة عايزاها؟
أسندت جوانة جسدها على الحائط وقالت وهي تقاوم شعورها بالدوار
- انا عايز اعرف انا فين؟
أتت المرأة تُجيبها لكنها وجدت جوانة تتهاوى على الأرض ففزعت وأسرعت لإيقاظها.
بعد ان افاقت جوانة سألتها المرأة بقلق
- هو انتِ مكلتيش حاجة من الصبح ولا إيه؟
- عايزة مية، ممكن؟
طلبت منها جوانة بوهن وحصلت عليه، ثم غادرت المرأة ل ربع ساعة وعادت وهي تحمل الطعام وقدمته لجوانة قائلة بطريقة لطيفة.
- كلي ده، شكلك تعبان خالص وصوت معدتك عالي، وملامحك دبلانة خالص، هو انتِ من المنطقة هنا؟
اخذت جوانة الشطيرة من يد المرأة واجابتها
- لا مش من المنطقة
- امممم، طب تايهه هنا؟، عندي تلفون لو عايزة تكلمي اهلك
بلعت جوانة الطعام الموجود داخل فمها قبل ان تقول بطريقة أشعرت المرأة بالشفقة عليها والاستعطاف
- انا لوحدي في الدنيا دي معنديش أهل، وممعيش فلوس، ومش عارفة اعمل إيه، حياتي انقلبت رأساً على عقب.
- كملي اكل الاول وبعدها نتكلم
قاطعتها المرأة وهي تربت على ظهرها بحنان، أومأت جوانة برأسها وهي تنازع دموعها والغصة التي وقفت في منتصف حلقها.
انهت جوانة جميع الطعام الذي قدمته لها المرأة التي اصرت على ان تُنهيه بالكامل، أسندت الاخيرة ظهرها على ظهر الكرسي وتنهدت قبل ان تتحدث.
- مهما كان اللي شوفتيه في حياتك هيعدي، انا شوفت حاجات كتير واتعذبت واتظلمت كتير بس اهو الحمدالله في الاخر ربنا وقف معايا ووقفت على رجلي لوحدي ومحدش بقى يقدر يرفع صباعه ويشاور عليا على اني مُطلقة، انا أطلقت من سنتين من جوزي اللي كان بيعاملني ازبل معاملة ولا كأني خدامة عنده، احداث كتير حصلت كل ما افتكرها دلوقتي اضحك رغم اني وقتها كنت بعيط بالدم وبدعي ربنا اني أعدي الأيام دي بسرعة وأهو يا سبحان الله عدت، فمهما كان اللي حصل هيعدي متقلقيش.
كلامها بث الأمل والراحة داخل جوانة، نظرت الاخيرة ليد المرأة التي مدت يدها للمصافحة وهي تقدم نفسها
- انا فاطمة صاحبة المحل المتواضع ده وعندي بنتين تؤام
بادلتها جوانة المصافحة وهي تبتسم وتقدم نفسها بإختصار اقتصر على اسمها
- انا جوانة، اتشرفت بمعرفتك
- مش هتقولي قصتك يا بخيلة؟
مزحت معها، هزت جوانة رأسها بمرارة وهي تقول
- قصتي طويلة جدا، مع الوقت هتعرفيها.
- مش هضغط عليكِ، بس بصراحة كان نفسي اخدك معايا البيت بس لسة معرفكيش كويس عشان ادخلك بيتي، مش قصدي اغلط فيكِ او أقول انك وحشة...
قاطعتها جوانة قائلة بتفهم
- عارفة وفاهمة قصدك مش لازم تبرري
- بس في هنا في المحل كنبة تقدري تنامي عليها ولا مش هتحبي؟
سألتها بقلق فطمأنتها جوانة وقد كانت ممتنة
- والله كتر خيرك انك فكرتي فيا حتى، اي مكان انام فيه حتى لو الأرض بس عقبال ما ارتب افكاري واعرف هعمل إيه وهعيش ازاي.
- خلاص هجيبلك شوية اكل عشان لو جُعتي في اي وقت، بس هقفل المحل عليكي عشان الحرامية
امسكت جوانة يدها وشكرتها
- بجد شكرا ليكِ جدا لوقفتك جمبي رغم انك متعرفنيش، هرد جميلك في اقرب وقت ان شاء الله.
دخل اويس شقته بعد منتصف الليل واتجه لغرفته فوراً ليغلق الباب ويجلس مستنداً عليه لينهار بعدها، لقد تحمل نظرات والدة رزان المُتهِمة له ونظرات جاسر المُعاتبة التي تُحمِله ذنب ما حدث.
طبق جفونه لِتُعيدُه ذاكرته لكل ما حدث في الثلاثة اشهر الماضية، بداية من خطة انتقامه من احمد والتي صبها على جوانة، يتذكر بوضوح اعتراض رزان وجاسر على فكرة الانتقام لكنه اصر فخضعوا له لإرضائه، كيف وصل بهم الحال لهذه الفوضى الآن؟، اشار عقله عليه بأنه السبب في هذه الفوضى، إذ تخلى عن هذا الانتقام او اذ لم يُقحمهم معه منذ البداية هل كان سيجد اختلاف في النتائج!
اعترض شيء ما بداخله وأخبره انه مازال لم يحصل على انتقامه، رغم ما حدث لمن حوله هل سيفكر حتى في إتمامه؟، هز رأسه بعنف لتأتي بعدها فكرة واحدة، انه الحل الوحيد لإنهاء هذا الصراع، نهض ليسرع بالمغادرة مُتجهاً للمستشفى التي يوجد بها احمد.
دخل اويس لغرفة احمد من الشرفة المفتوحة واقترب من الاخير الذي كان نائماً، جلس على الكرسي الموضوع بجانب الفراش ثم مد يده ليغمز كتفه بعنف فيستيقظ احمد بشيء من الفزع، اضاق عينيه بريبة
- دخلت هنا ازاي؟، ازاي دخلت والحراس اللي برة سابوك ازاي؟
- دخلت من البلكونة
اجابه اويس ببرود وهو يشير للشرفة خلفه ثم اردف بنبرة حازمة
- واسمعني كده بهدوء وخلينا نتكلم
- موافق خلينا نتكلم، قول اللي عندك.
أعاد اويس ظهره للخلف مرة اخرى وحاول ان يكون هادئاً في حديثه لكن الحدة الموجودة في نبرته لم يستطع كتمها.
- اللي عملته في حبيبة مش هسامحك عليه ولا عمري هسامحك ولكن عشان انهي الانتقام ده وانا مرتاح ولو بدرجة واحد بالمية، سلم نفسك للشرطة واعترف بكل الجرايم اللي عملتها وخُد عقابك وأول عقاب يكون للي عملته لأختي
اعترض احمد بنفس النبرة الحادة.
- عقابك خدته ولا مش مكفيك!، محاولة قتلك ليا واللي عملته في جوانة، تعرف لو حصل حاجة ل جوانة المرة دي صدقني هيبقى حسابي معاك انت وهتخرج من تحت ايدي ميت
نهض اويس قائلاً بتهديد
- بدل ما تهددني خاف على نفسك مني، عشان دي اخر مرة احذر فيها، يا إما تسلم نفسك او انا اللي أسلمك بنفسي، مش هوسخ ايدي بدمك
قال احمد بتردد قبل ان يصل اويس للشرفة
- لو جوانة جتلك عرفني
- مش هتجيلي.
مر يومان وقد كانت الأوضاع هادئة
كان اويس يذهب على مدار اليومين ل والدة رزان لمراعاتها الى ان يأتي بممرضة لمراعاتها.
كان جاسر يبحث عن جوانة بناء على طلب اويس، لم يستطع جاسر ان يحدد ما إذا كان سبب بحث اويس عنها هو قلقه ورغبته في ايجادها ام رغبته في إكمال انتقامه، و لم يسأله.
كذلك احمد الذي أمر شريف ليبحث عنها لكنه لم يستطع ان يعثر عليها، كم انتابه القلق عليها، كذلك ندى التي ندمت على مافعلته مع جوانة، فبعد مناقشتها مع احمد عن جوانة وعن ما فعلته بها فقد عاتبها وجعلها تشعر بالذنب.
صباح اليوم الثالث
لم يتوقف هاتف أويس عن الرنين، خرج من المرحاض بتعجل ليلتقط هاتفه بحدة ويُجيب على جاسر
- نعم نعم مش تهدى شوية!
- افتح التلفزيون بسرعة على قناة الأخبار
- ليه في إيه؟
سأله اويس وهو يتجه لفتح التلفاز، اجابه جاسر بحماس
- الأخبار كلها بتتكلم عن احمد اللي اعترف بكل جرايمه، كده انتقامك خلص وهنخلص اخيراً من الكابوس ده.
سقط هاتف اويس عن أذنه وهو ينظر للشاشة ويستمع للأخبار، نبضات قلبه تتسارع، شعورالسعادة والراحة يتسلل اليه بنعومة حتى وصلت إلى شفتيه ورسمت عليها شبح ابتسامة.