قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية غيمة في سمائك للكاتبة مي علاء الفصل الخامس عشر والأخير

رواية غيمة في سمائك للكاتبة مي علاء الفصل الخامس عشر والأخير

رواية غيمة في سمائك للكاتبة مي علاء الفصل الخامس عشر والأخير

مساء اليوم الثاني حيث تعدت الساعة منتصف الليل
- ده اخويا عادل، هو اللي هيوصلك للمكان اللي عايزه تروحيه، وهيستناكي تخلصي وترجعي معاه وانا هفضل مستنياكم
أعلمتها فاطمة بود، فنظرت لها جوانة بإمتنان وهي تمسك بكفها
- مش عارفة ارد كل جمايلك دي ازاي، بجد شكراً ليكي
ثم نظرت ل عادل ذات العشرون عاماً واعتذرت منه
- آسفة لأني بتعبك في مشاويري
- ولايهمك يا..

صمت مُحرجاً، ما اللقب الذي يجب عليه ان يناديها به!، ابتسمت جوانة حين ادركت موقفه لذا قالت بسلاسة
- اسمي جوانة، قول لي جوانة علطول
أومأ برأسه بطواعية، نظرت للدراجة النارية التي يقودها ثم جلست خلفه بقلق. توقف عادل جانباً بالقرب من مدخل المستشفى حيث طلبت جوانة، ترجلت الاخيرة وأخبرته
- مش هتأخر عليك
- ماشي.

دخلت المستشفى واتجهت لأقرب مرحاض قابلها وقامت بتبديل ملابسها بزيّ الممرضات الذي طلبته من فاطمة وقد وفرته لها، بعدها خرجت لتذهب لغرفة احمد، كما توقعت، انه يضع الحراس خارجاً، تخطتهم بسهولة وأصبحت داخل الغرفة، لم يكن نائماً، ادار رأسه ناظراً للممرضة التي تقترب منه قائلاً بضجر
- مش حقنة تاني!
اضاق عينيه قائلاً بذهول
- لا، انتِ جوانة!، جوانة!

اعتدل بتعجل وإهمال لحالته فتألم، لم تُعينه على الجلوس براحة وظلت صامتة بينما اردف احمد بلهفة
- كنتِ فين كل ده؟، دورت عليكي كتير
تلاشى صوته تدريجياً حين رأى ملامح وجهها الذابلة والتي لا تظهر اي عاطفة عليه، وصل له صوتها الذي كان اشبه بصوت شخص فقد معنى الحياة
- تعرف اني بقيت زيك!، انا قتلت إنسانة بأيدي.

انهت قولها وصمتت تنتظر رد فعل منه لكنه لم يظهر اي رد فعل فنظرت لوجهه لثواني قبل ان تشيح بنظراتها مرة اخرى عنه وهي تلقي بجسدها على الكرسي
- مش مصدوم ليه!، كنت متوقع حاجة زي دي تحصل؟
- متقلقيش، انا اتصرفت ونهيت القضية دي تماماً
قال ذلك ليُطمأنها لكنه تلقى استحقارها لِم قاله واستنكارها من قولها
- ده اللي همك!، انك حليت الموضوع!

- إيه اللي هيهمني غير انك تخرجي من الموضوع وأنك متتورطيش فيه!، وانا متأكد ان كله حادث
صارحها بخوفه واهتمامه بها فهذا شيء طبيعي، قالت بإنفعال واحداث ذلك اليوم تُعرض امام عينيها
- ايوة كان حادث، رزان كانت عايزة تقتلني وانا كنت بدافع عن نفسي بس ده، ده ميعنيش اني مش السبب في موتها، انا زقيتها بأيدي دول، زقيتها بس بدون قصد والله.

ضمت كفيها لتتمالك ارتجاف كفيها، اخذت نفساً عميقاً ثم أردفت بقهر والألم بين ضلوعها يستحوذ عليها
- انا ليه عندي اخ زيك!، ليه وقعت بين أيد اويس!، ليه دمرتولي حياتي!، ليه رزان ماتت على ايدي انا!، انا، انا محتاجة ابعد عنكوا
توقف عند قولها الاخير وسألها بريبة
- قصدك إيه في انك تبعدي؟

- اني أعيش بعيد عنكم، انا بخسر نفسي حبة حبة طول ما انا قريبة منكم، مش طايقة أعيش بين ناس اذتني مش طايقة أعيش في عالمكم القذر ده، الطريق اللي انت ماشي فيه والطريق اللي اخده اويس مختلفين تماماً عن الطريق اللي انا عايزة اخده، انا لو فضلت في وسطكم هموت صدقني هموت
انهت قولها بإستياء وقد سالت دموعها، هز احمد رأسه قبل ان يقول مواسياً إياها.

- موت رزان ملكيش ذنب فيه ارتاحي من النقطة دي، أما اويس انا هبعده عنك ومش هخليه يقربلك
رفعت زاوية فمها من بين دموعها بسخرية مُتسائلة
- وانت؟، هتعمل في نفسك إيه؟
عقد حاجبيه بحيرة من قولها، اخفضت رأسها متوسلة
- سلم نفسك يا احمد، سلم نفسك وأنهي ده كله، متأذيش حد تاني، متأذيش نفسك، رجع حق حبيبة وريح اويس وريحني، نضف ماضيك وارجع وعيش حياة نضيفة مع ندى ونونة
اخفض احمد نظراته للأرض قائلاً بخفوت.

- مش هقدر اعمل كده
نظرت له وحاولت إقناعه
- عشان ندى ونونة ولا عشان الفلوس؟!، ندى عمرها ما تسيبك، هتتصدم في البداية بس مش هتسيبك ابداً وانت كده بتقدم لنونة اب وحياة نضيفة، اما لو عشان الفلوس فتبقى غبي، الفلوس اللي معاك دي فلوس حرام ميتزعلش عليها انك هتخسرها، لما تخرج من السجن وتخلص من كل ذنوبك وماضيك الاسود ربنا هيفتحها في وشك وهتلاقي شغل وهتجيب فلوس حلال، ووجود ندى وبنتك جمبك هيغنيك عن فلوس الدنيا.

انهت حديثها ونهضت، سألها احمد
- لو سلمت نفسي زي ما طلبتي هتفضلي؟
- بكلتا الحالات مش هبقى، انا بطلب منك تسلم نفسك لمصلحتك، لمصلحة اللي حواليك اللي انا مش منهم
استدارت جوانة واتجهت الباب وقبل ان تصل له سألها احمد بلهفة
- وهترجعي امتى؟
تنهدت بقوة قبل ان تُجيب وهي توليه ظهرها
- لما احس اني مستعدة هرجع، بس اتمنى لما ارجع الاقي احمد اخويا مش احمد اللي قدامي.

ادارت المقبض واختفت من امام ناظريه، أعاد رأسه للخلف وسالت دموعه، دموع الندم والذنب، وضع ذراعه على رأسه مُغطياً عينيه، ظل هادئاً لفترة قاربت الساعة، عاد ورفع رأسه ليمسك هاتفه بتردد ويبعث رسالة قصيرة ل ندى تحتوي على سامحيني يا ندى على كسري لثقتك فيا، وأسف لأني بقولك، بحبك
ضغط على زر إرسال بعد صراع طويل، وضع هاتفه بجانبه وهو يُعيد رأسه لوضعه السابق.

صباح اليوم التالي
وصل جاسر ومعه اويس الى المستشفى لرؤية احمد الذي لم يتم إعتقاله لأن حالته الصحية مازالت تحتاج لمراقبة الطبيب لذا أُحيط بحراسة من رجال الشرطة ومُنِع من اي زيارات حتى يتم اخذه لمركز الشرطة وحبسه انتظاراً لحكم المحكمة، استطاع اويس ان يدخل له بمساعدة جاسر.

لم يكلف احمد نفسه بأن يلتفت لينظر لمن الذي دخل ولم يهتم بذلك فمنذ مجيء الشرطة وحتى الان لم يكف الباب عن الفتح والقفل، يسألونه تارة ويهمسون بين بعضهم تارة اخرى، حتى انه يسمع ضجيج الصحفيين في الخارج.
- غيرت رأيك يعني
القاها اويس مُنتظراً سماع رد احمد وسببه في تغيير رأيه، فهو يتذكر حين طلب منه تسليم نفسه شعر بإستنكاره التام من الفكرة، فما الذي غير رأيه هكذا؟

ادرك احمد ان المُتحدث اويس فلم يلتفت وينظر له ظناً منه انه سيرى الانتصار في عيني الاخير، لذا وضح بخشونة
- لولا جوانة ورغبتي في حماية عيلتي مكنتش سلمت نفسي
حين سمع أويس اسم جوانة تزعزع كيانه ليسأل بلهفة واضحة
- جوانة؟، شوفتها فين وإزاي؟
نظر له احمد وتفحصه بنظراته لدقيقة كاملة قبل ان يُلقي تحذيره
- متحاولش تدور عليها لانها اختارت تبعد، عنك.

جز احمد على حروف كلمته الاخيرة قم أشاح بوجهه مرة اخرى، تقدم منه اويس قائلاً بحيرة والقلق ينبض بداخله
- مش فاهم قصدك إيه، فهمني، يعني إيه اختارت تبعد؟
اجابه احمد بحدة
- قالت عايزة تبعد عننا عايزة تبعد عن عالمنا القذر وعنك انت بذات، عايزة تبعد عن اللي آذاها، انت ورزان مكنش هدفكم غير انكم انتقموا مني ف ليه دخلتوا جوانة ودمرتها بالشكل ده!، ليه عايزين تخلصوا منها في حين المفروض أنكم لازم تخلصوا مني انا!

نقل احمد نظراته ل جاسر وقال بصرامة
- وعلى فكرة جوانة بريئة، رزان ماتت نتيجة شر اعمالها وزي ما بيقولوا انقلب السحر على الساحر، رزان كانت عايزة تموت جوانة بس هي اللي ماتت الموتة اللي كانت عايزة تدوقها لجوانة
صُدم اويس من تلك الحقيقة ونظر ل جاسر الذي لم يُبدي اي رد فعل، اردف احمد بحنق.

- ورغم اللي عملته رزان، جوانة مشيلة نفسها ذنب اللي حصل، ومش كده بس دي طلبت مني اني اريحك وارجع حق حبيبة، شايف اختيارك وقع على مين عشان تصب كرهك وانتقامك عليا!
- شكلك مش مصدوم وكنت متوقع حاجة زي دي من رزان!
وجه احمد قوله ل جاسر الذي نظر له وصمت بينما سأله اويس
- قصدك إيه؟
تقدم جاسر من اويس وامسكه من ذراعه ليسحبه خارجاً، أوقفهم احمد بتحذيره.

- مش حقك هيوصلك بمعاقبتي!، يبقى ابعد عن عيلتي وخاصةً جوانة وإياك تحاول تدور عليها او تقرب منها
اكمل جاسر سحبه ل اويس خارجاً فتجمع الصحفيين حولهم سائلين اويس إيه شعورك بعد ما حق اختك هيجيلك؟، إيه الحكم اللي يستحقه المجرم لكل الجرايم اللي ارتكبها؟
دفعهم جاسر بعيداً بمساعدة زملائه وغادرا المستشفى بعد عناء.
- وقف العربية على جمب وفهمني.

صرخ اويس بغضب وهو ينظر ل جاسر الذي كان يتهرب من ذلك النقاش، خضع الاخير واوقف السيارة جانباً وهتف بغضب مُماثل
- معرفش اي حاجة معرفش إذا كانت رزان هي اللي حاولت ترمي جوانة بالطريقة دي بس مستبعدش انها تعمل كده لأنها كانت معمية بحبك ومهووسة بأنها تبعد جوانة عنك لفكرها انها هتاخدك منها
أخذ انفاسه وهو ينظر امامه ويُضيف
- وصحيح الرصاصة اللي خدها احمد دي كان مصيرها ل جوانة بس صابت احمد بالغلط.

- انت قولت انك متعرفش مين اللي عمل كده!
- سامح شاف رزان وقالي، وانا قابلتها وواجهتها لقيت رد فعلها مثير للشفقة واترجتني اني مقولكش فأزاي هقولك!، وصعب عليا اني أسلمها للشرطة بنفسي، اسلم صاحبة عمرنا!
ضرب جاسر المقود بغضب هاتفاً
- انا الغلطان اني مشيت وراك وورا انتقامك، غلطتي اني كنت شايف حب رزان ليك بيزيد ومحاولتش أوقفها وانبها انه خطر عليها.

لم يتحمل اويس ان يكمل سماع هذا الكلام القاسي فغادر السيارة وبداخله غضب شديد اتجاه نفسه، اسند جاسر رأيه على المقود واغلق عينيه هامساً بأستياء
- مش قصدي اني اسمعك الكلام ده بس مش قادر اسكت، لازم تفوق بقى وتصلح من نفسك يا صاحبي.

تشابكت خطوات ندى لأكثر من مرة كادت تسقطها ارضاً، لكن سقوطها لا يهمها، انها تريد ان تصل لغرفته مهما كلفها الأمر، انها لا تصدق هذا الهراء، وما تلك الرسالة السخيفة الذي ارسلها لها هل يمازحها؟!، هل يعتقد انها ستستمع لأوامره الذي أعطاها ل شريف بعدم مجيئها له وعدم رؤيته!، لن يرتاح قلبها إلا برؤيته وتوضيحه لها.

لحسن حظها كانت الشرطة قد فضت تجمع الصحفيين لذا لم تعاني من ذلك الزحام لكنها عانت من عدم سماح الشرطي بدخولها لغرفة زوجها ومقابلته وهذا سبب لها نوبة غضب واعتراض حاد.
كان يستمع احمد لثورتها وإصرارها لمقابلته، طلب من الشرطي ان يصر على عدم مقابلتها له، فهو لن يستطع ان يواجهها الان، قلبه يؤلمه لذلك لكن عدم رؤيتها بحالته هذه سيكون افضل من حدوث العكس.

شاهدت جوانة الأخبار وابتسمت بإمتنان لأخذ احمد بكلامها، امتلأت مقلتيها بالدموع لرؤيتها ل اويس على شاشة التلفاز وتساءلت، هل هو راضي الآن؟ هل يشعر بالراحة؟، اغلقت التلفاز وجلست جانباً على السلم شاردة، لا تعلم لِم تذكرت نظرات اويس المصدومة لها حين سقطت رزان، ثم توالت الذكرى بأكملها فتألم قلبها لتلك اللحظات التي تُعتبر كابوس حياتها والتي تعكر صفو ليلها بل حياتها بأكملها.

أتت فاطمة ومعها طعام الإفطار، دعت جوانة لتأكل لكن الاخيرة رفضت فليس لديها شهية، فلم تسمح فاطمة بذلك
- مفيش حاجك اسمها ملكيش نفس، هتاكلي يعني هتاكلي
انهضتها لتأخذها بجانبها وتدس الطعام داخل فمها عنوة.

مساءً
عاد اويس لشقته واتجه أولاً لغرفته ليطمأن على حبيبة، تحدث مع الممرضة عن حالتها وشكرها على رعايتها لها، انتهى واتجه للغرفة الأخرى والتي كانت تخص جوانة، تقدم من تلك الفوضى التي سببها رجال احمد حين أتوا والتقط الوسادة ليجلس بعدها على الأريكة، قرب الوسادة من انفه، مازالت رائحتها عالقة بها كما هي بداخله.

شعر بالأختناق حين تذكر لحظاته القليلة معها بجانب كلمات جاسر له وشعوره بالذنب كذلك رزان التي لم تفارق تفكيره طوال اليوم، كل ذلك سبب له التفكير المرهق والألم داخل ضلوعه، هل هو سيء لهذه الدرجة!، متى اصبح جاهل وأناني ليؤذي كل هؤلاء دون إدراك منه؟!، لم يتمالك دموعه اكثر وبكى، بكى لعله يتخلص من ذلك الاختناق والألم الذي يقتله ببطء، ضم الوسادة له واستلقى على الأريكة وظل يبكي لوقت طويل حتى وصل للنهاية بتخيله لمواساة جوانة له، وكأنها بقربه تمسح على شعره بحنان وتخبره بأن يهدى وينام بسلام، فأستسلم للنوم.

بعد مرور ثلاث أعوام
ركضت نونة بحماسها الطفولي خارج مبنى بيتها لتدخل للمحل المجاور، هتفت من بين انفاسها
- عمتو جوجو عمتو جوجو تعالي يلا عشان ناكل
التفتت لها جوانة قائلة بعتاب موبخة إياها
- بتجري بردوا!، مش قولتلك الف مرة متجريش كده
تقدمت منها نونة وأمسكت طرف سترة جوانة ساحبة إياها بحماس متجاهلة توبيخها
- يلا يلا عشان نخلص اكل ونروح الملاهي يلا.

نهضت جوانة من امام آلة الخياطة وأغلقت باب المحل وسارت معها لتصعد لشقتهم.
- ادخلي اغسلي أيدك يا نونة انتِ وجوانة عشان تاكلوا
قالتها ندى عند عتبة المطبخ، زفرت جوانة بضجر
- محسساني اني نونة رقم اتنين
- ما انتِ فعلاً نونة اتنين
ضحكت ندى وهي تؤكد ذلك، وضعت اخر طبق على السفرة وانتظرت خروج نونة من المرحاض لتجلسها في مقعدها.
- ملاهي إيه اللي نونة بتقول عليها؟

سألت جوانة وهي تلتقط رغيف الخبز، شهقت ندى وقالت بإستنكار
- انتِ نسيتي؟، ده انتِ السبب في شبطتها دي
- انا!
- ايوة حضرتك، عشان تخليها تحل الواجب
- اااااه افتكرت، نسيت خالص
تذكرت وعدها ل نونة، بلعت ريقها قبل ان تقول بصوت منخفض ل ندى
- بس انا لسة ورايا طلبيات كتير ولازم اسلمها بكرة
- بينك وبين نونة بقى مليش فيه
ضحكت ندى وأشار بعينيها ل نونة، تنهدت جوانة ثم قالت بخبث.

- خلاص ماشي، بس هتساعديني يا حلوة يا ام نونة
- يلا خلصوا الأكل بسرعة عشان نروح الملاهي، انا عايزة العب في المرجيحة و...
اخذت نونة تتحدث كثيراً عن الملاهي ورغباتها الطفولية وندى تستمع لها وتشاركها، بينما جوانة كانت تتابعهم بهدوء كالعادة تشاهدهم والسعادة تملأ حدقتيها، فمنذ ان عاشوا معاً وهي تشعر بالراحة وعدم الوحدة.

فبعد مرور سنة من اعتقال احمد كانت جميع أمواله قد تم تصديرها فأضطرت ندى لمغادرة الفيلا وان تبحث عن منزل صغير يكفيها هي ونونة، في ذلك اليوم حين رأت جوانة الأخبار وعلمت بذلك ذهبت لمقابلتها وقد كانت لحظات مؤثرة حين تعانقا وبكيا معاً، اخذتها جوانة ل فاطمة التي رحبت بها وإلى ان وجدت ندى شقة ذات سعر مقبول قامت بتأجيرها وأخذت معها جوانة ليعيشا معاً، بعدها بفترة وجيزة قامت جوانة بتأجير المحل المجاور وقامت ببدء عملها الخاص وقد كانت ندى تساعدها في كثير من الأحيان.

انتهت نونة من تناول الطعام واتجهت لتبدل ملابسها بسعادة بينما تساعدا كُلاً من جوانة وندى في تنظيف السفرة.
- احتمال اروح ازور احمد بكرة، هتيجي معايا ولا لسة مش مستعدة؟
وجهت ندى سؤالها ل جوانة التي سبقتها للمطبخ، أجابت الاخيرة وهي تقف عند باب المطبخ
- لسة معنديش الشجاعة اني اروح واشوفه
- طب مش هتطمنيه عليكي؟، لسة مش عايزاني أقوله اننا عايشين مع بعض واتلم شملنا؟، هيفرح اوي وهيحس براحة
- لسة.

- لأمتى يعني يا جوانة؟
سخرت جوانة وهي تنظر ل ندى بمكر
- لما يخرج بعد عشر سنين سجن
- يا ام قلب اسود
هتفت ندى بحنق اصتنعته، وأردفت بتهكم
- ده انتِ ماخدة الدور اللي المفروض انا العبه مش انتِ يا اللي اسمك اخته!
ضحكت جوانة قائلة بمزاح
- اة اصل انا مرات احمد الشريرة
تعالت ضحكاتهم فأتت نونة لتهتف بغضب طفولي
- مش كفاية لعب يا آنسات!، خلصوا شيل الأطباق عشان نروح الملاهي، يلا
سقط فكهما بصدمة من اسلوب هذه الصغيرة.

في مطار القاهرة
فُتِحت الأبواب وظهر اويس، اشار له جاسر بسعادة وتقدم منه راكضاً ليعانقه ويرحب به بحرارة
- نورت مصر تاني يا صاحبي
لاحظ الفتاة التي تحدق به بريبة بحدقتيها البريئتين وهي ممسكة بذراع اويس وبشدة، ابتعد وهو ينقل نظراته ل الاخير قائلاً بذهول
- متقولش انها، حبيبة!
- ايوة حبيبة
اجابه اويس بإبتسامة وهو ينظر لأخته التي كانت تنقل نظراتها لهما، مد جاسر يده ل حبيبة ليصافحها فضرب اويس كفه قائلاً.

- بس عشان متخفش منك، خليك من بعيد ل بعيد
تحركا ليغادروا المطار ويوصلهم جاسر، سأل جاسر اويس بخفوت
- حالتها متحسنتش يعني؟
- اتحسنت كتير الحمدالله بس لسة محتاجة شوية وقت كمان وتبقى تمام
- ان شاء الله هترجع زي الاول وأحسن، انا مُتفائل
بعد صمت دام لبضع دقائق، اتى اويس بسؤاله
- جوانة، عاملة إيه؟
- مفيش جديد عن اللي قلتهولك من اخر مرة كلمتك فيها وشغلها لسة ماشي حلو وبقى ليها اسمها في الحتة.

ابتسم اويس براحة وهو ينقل نظراته للطريق بينما استفسر جاسر
- وناوي تاخد المهمة مني وتراقبها في صمت ولا هتروح تقابلها؟
- نفسي أقابلها، بس خايف.

بعد مرور أسبوع
كانت ندى تحضر السفرة الى ان تصعد نونة وجوانة، عادا الاخيرتين ودخلتا لغسل أيديهما، تحدثت جوانة بصوت مرتفع ل ندى
- تعرفي ان الشقة اللي قدامنا اتأجرت
- بجد؟
- ايوة وبينقلوا حاجاتهم اهو
- وشكلهم ازاي بقى؟، عيلة كاملة؟
- معرفش لأني مركزتش ومسألتش، بس هو كان في راجل كبير بس اللي واقف ولمحت بنت جوة العربية، فممكن يكون اب وبنته!
- الله اعلم، نستنى لبليل وهنعرف.

- مش مهم، انا ورايا شغل وعايزة أخلصه فهتساعديني فيه يا ندوش
- ماشي، بس ناكل الاول.

صباح اليوم التالي
- تعالي افطري يا جوانة طيب وبعدها تدوري عليه
قالتها ندى وهي تراقب جوانة التي تركض داخل الشقة تبحث عن الإيصال الخاص بالطلبية التي يجب ان تسلمها حلال ساعات، اخذت تصرخ الاخيرة بغضب
- انا اتنيلت وحطيته فين، معقول ضاع مني! ولا الأرض انشقت وبلعته؟
- طب شوفيه في شنطتك
اتسعت مقلتي جوانة بأمل وهي تتمتم
- صح، الشنطة
دخلت لغرفتها لكن سريعاً ما خرجت منها لتتجه للباب وهي تقول.

- الشنطة نسيتها في المحل من امبارح، هنزل أجيبها.

احضرت حقيبتها التي وجدت بها الإيصال، كم شعرت بالراحة، صعدت درجات السلم حتى وصلت امام باب شقتها، وضعت المفتاح ثم ادارت رأسها حين وجدت باب الشقة التي تقابلها تُفتح، ظهر أويس من خلفه ونظراته مُعلقة بها بينما ظلت جوانة تحدق غير مستوعبة لِم تراه، هل ذلك الشخص الذي تراه هو اويس؟، رمشت كثيراً لعلها تتخيل، لكنه اصبح فجأة يقف امامها ففزعت والتصقت بالباب الذي خلفها وقد اتسعت مقلتيها وتسارعت نبضات قلبها وأنفاسها حين ادركت وجوده الحقيقي، استدارت بتوتر وأدارت المفتاح بيد مرتجفة لتدخل سريعاً وتغلق الباب تاركة اياه واقفاً بمفرده.

وضعت جوانة كفيها على صدرها الذي يعلو ويهبط من سرعة تنفسها وتوترها، أتت ندى وجذبت انتباهها بسؤالها
- ها لقيتيه؟
اومأت جوانة برأسها وهي ترفع حقيبتها امامها، تقدمت ندى من الاخيرة وقد عُقدت حاجبيها بإستغراب وهي تقول بقلق
- في حاجة حصلت؟، لونك مخطوف كده ليه؟
لمعت عيني جوانة بالدموع وهي تجيب بصوت بنبرة مُهتزة
- اويس، اويس رجع من السفر
- وعرفتي منين؟
- شوفته، شوفته في الشقة اللي قدامنا.

وضعت ندى كفها على فمها تكتم شهقتها، هزت رأسها بأسف ثم عانقت جوانة وهي تشعر بالأسف عليها فهي شاهدت معاناتها من ذكرى هذا الرجل ومحاولتها في تخطي ماضيها، فلم تبدأ بعيش حياتها براحة إلا بعد ان علمت بسفره حين ارادت ان تطلب الطلاق منه، بدأت تتخطى خوفها من مقابلته ليس خوفاً منه بل لأنها لا تريد ان تختلط معه، فبعودته الان ستعود ل جوانة كوابيسها وقلقها الدائم من اقترابه منها، ابتعدت عنها ندى ولكنها امسكت ذراعيها وتحفزها.

- اعتبريه مش موجود ولو حتى قدام عنيكي، انتي تخطيتي مرحلته من زمان ومش هتحبي ترجعي تعاني بسببه فتعاملي كأنه شخص شفاف، فاهمة؟!
اومأت جوانة برأسها وهي تحاول ان تجمع شتات نفسها مرة اخرى، اخذت تخبر نفسها وتطمأنها
- مفيش حاجة تقلقك، كل حاجة هتبقى كويسة.

كان اويس يقف جانباً يضع كفيه في جيوب بنطاله مُنتظراً نزول جوانة فهو يريد ان يتحدث معها، مازال لا يعلم ما يريد قوله بالتحديد ولكنه يريد ان يحدثها، مرت فترة وجيزة وها هي اخيراً تخرج من المبنى، تحرك اتجاهها بينما كانت تتحدث على هاتفها وقف خلفها بينما هي لم تشعر به
- يا عماد انت فين؟، هتأخرني زي كل مرة؟، ماشي ماشي مستنياك
- مين عماد؟

انتفضت حين اتى صوته من خلفها، صوته الذي تعرفه جيدا، التقطت نفساً عميقاً، لم تكلف نفسها ان تستدير له، اخبرته بإقتضاب
- المحل مقفول، بعد العصر تقدر تتفضل
- عايز اتكلم معاكي
تجاهلته تماماً كأنه لم يقل شيء، عادت لتضع الهاتف على اذنها لتتحدث
- ها يا فاطمة عادل نزل ولا بيتمشى في الشقة؟
ضحكت فاطمة على سخرية جوانة ثم أجابت
- لا نزل من لما كلمتيه
- خلاص تمام، إيه ده صوت عادل عندك؟

قالتها جوانة بإنزعاج حين سمعت صوت عادل، أخبرتها فاطمة بصدق
- ده لسة طالع، خليكي معايا، مالك طبعت ليه تاني؟
اجابها عادل من بين انفاسه الغاضبة
- ولاد ال كسرولي إزاز العربية وسرقوا الكويتشات، ورحمة أبويا ما سايبهم
شهقت فاطمة ثم قالت برجاء
- حسبي الله ونعم الوكيل فيهم، خلاص يا عادل متدخلش في خناق البلطجية دول ليأذوك
- والله ما هسيبهم ولاد ال.

توعد عادل لهم، عادت فاطمة لتتحدث مع جوانة التي شعرت بالقلق بعد سماعها لحديث فاطمة مع عادل، نصحتها بنبرة قلقة
- خليه يبعد عن المشاكل وخلاص حصل خير، ميدخلش معاهم عشان ميجبش لنفسه مصيبة هو في غنى عنها
- هحاول أقنعه بس انتِ عارفة انه مش هيسيب حقه، بس هتعملي إيه في الطلبية؟
- متشغليش بالك هتصرف.

انهت جوانة المكالمة ومسحت وجهها بإستياء، استدارت فوجدته قِبالتها فرمقته ثم تخطته، ها قد بدأ تأثير وجوده على حياتها.
كان اويس قد سمع المحادثة بوضوح فعاد ليقترب من جوانة وعرض عليها المساعدة رغم معرفته بأنها سترفض او انها ستتجاهله، لكن كان ردها عنيفاً وفظاً
- انت بتعمل هنا إيه كل ده؟، مش قولتلك اتفضل؟، ولا لازم اقولك برا!
- هما دول اللي عايزة توصيلهم؟

اشار للصناديق وهو يطرح سؤاله التي لم تُجيب عليه، هز رأسه بتفهم ثم غادر فتنهدت بإرتياح لكنها ما لبثت حتى وجدته عائداً ليحمل صندوقين ويتجه بهما للخارج، هرعت اليه صارخة بحدة
- بتعمل إيه؟، اتجننت!
تخطاها ليضعهم داخل سيارته الزرقاء ويعود اليها حاملاً صندوقين اخرين وقبل ان يتخطاها هذه المرة أيضاً قامت بغرز أظافرها في ذراعه بوحشية قائلة بصرامة
- سيب حاجتي واخرج من محلي.

نظر ليدها وأظافرها التي تكاد تشق لحمه بقصد منها، ابتسم بطريقة استفزتها وهو يقول بإستمتاع
- بقيتي قطة شرسة وبتعور
اجابته بتهور حين استسلمت لغضبها للحظة، لكن سرعان ما ندمت عليه
- طبعا هبقى شرسة وهعور من بعد درسك.

حدق بها للحظات بينما تهربت من عينيه وسحبت كفها بجانبها، تحرك ليكمل ما يفعله وأعاد الكرة ثلاث مرات ناجحاً في تخطيها وفعل ما يريد، اتى ان يمسك ذراعها فخبرته بنظراتها النارية فتراجع عن تلك الفكرة، طلب منها بلطف
- طب يلا عشان متتأخريش على الناس
غادرت المحل وأغلقته، امرته بحزم
- نزل حاجاتي وإلا هتصل بالشرطة وابلغ عنك
- اتصلي، عندي حبايب كتير في الشرطة بالمرة اسلم عليهم.

رد بهدوء أشعلها غيظاً، اتجهت للسيارة بخطوات واسعة غاضبة وهي تنوي أخذ ما هو ملكها بنفسها لكنها وجدته يدسها داخل المقعد الأمامي ويغلق عليها ثم يسرع ليأخذ مكانه بجانبها، أتت ان تصفعه لكنه امسك ذراعها وهو يقابل نيران حدقتيها بسماءه المعسولة، سحبت ذراعها من بين كفه وهي تهتف بحنق
- مش حذرتك انك متقربش!
- العنوان؟
فتحت النافذة واستنشقت بعض الهواء بقوة لعلها تهدأ، اعطته العنوان بإقتضاب شديد.

اتجهت جوانة الى محطة الحافلات مُتجاهلة نداءه ومحاولاته لإيقافها، جذبها له سريعاً حين رأى دراجة نارية مُسرعة في اتجاهها وهي غير مُنتبهه، رفعت نظراتها لحدقتيه بينما قال بخفوت
- ممكن نتكلم بقى؟

رائحته اخترقت قلبها قبل انفها وأيقظت تلك المشاعر التي دفنتها منذ اتخاذها لقرار البُعد، ابتعدت لتهرب من ذلك الملاذ المُحرم عليها حتى استرجاع ذكرياته، حاولت ان تنظر بعيداً حتى لا يرى اضطراب مشاعرها ولحسن حظها كانت الحافلة التي تريد ان تقلها قد وصلت فركضت سريعاً لتصعدها، يدرك اويس انها تهرب منه وستهرب في أي فرصة ستتاح لها لذا تركها تفعل، فالمواجهة ستأتي في ويوم من الأيام.

هم اويس بالعودة لمنزله فلا يريد ان يتأخر على حبيبة اكثر وهي بمفردها في الشقة ليدربها على ان تعتمد على نفسها ولا تخاف لكنه حين وصل وجد باب شقة جوانة مفتوح ثم نظر لباب شقته الذي كان مفتوح أيضاً فدب القلق بداخله وهو يركض بداخلها مُنادياً بإسم حبيبة اليت لم يجدها، عاد للخارج وكاد ان ينزل يبحث عنها في الشارع لكن أذنه قد سمعت صوتها القريب منه، هل أذنه تسمع بشكل صحيح!، هل هي داخل الشقة المقابلة!، طرق على الباب بخفة فأتت ندى والتي عرفته سريعاً، لم تقل شيئاً واتجهت للداخل لتحضر حبيبة له.

- كنت بشتري حاجات من تحت وانا طالعة لقيتها بتفتح الباب وهي خايفة ومشيت لبرة ولأني عارفة حالتها حاولت اقنعها تبقى عندي بدل ما تنزل الشارع وطرق متعرفهمش فتتوه
قصت عليه ما حدث بإختصار وهي تتجنب النظر اليه، فشعورها بالذنب والإحراج لِم فعله احمد بهذه الفتاة مازال يلازمها، شكرها بكثير من الامتنان لرعايتها بأخته، ثم عاد لشقته.

بعد مرور أسبوع
كانت جوانة في اول يومين من الاسبوع تتجاهل رغبة اويس في الحديث معها وإصراره حيث كان يأتي في اليوم اكثر من ثلاث مرات لها ويبعث لها رسائل على هاتفها الذي أخذ رقمه من الملصقة التي تضعها في المحل للتواصل مع زبائنها، اما بقية ايام الاسبوع، كان اويس مختفي تماماً حتى ان جوانة لاحظت ذلك لكنها نهرت نفسها لتركيزها معه!، لكنه امر خارج عن إرادتها.

انهت جوانة عملها في وقت متأخر هذا اليوم، بعد ان اغلقت المحل صعدت لترتاح اخيرا من إرهاق اليوم وتفكيرها المُهلك بطبيعته، قبل ان تضع المفتاح في مكانه وتديره وجدت يد تسحبها للخلف، كادت ان تصرخ لكنه وضع كفه على فمها حتى دخل لشقته واغلقها، طمأنها وهو يتركها
- انا اويس، متخافيش
استدارت بحدة ووبخته
- مخفش ازاي وانت عامل زي الحرامية كده.

التقطت انفاسها الاهثة ثم أرادت المغادرة لكنه عرقلها بإسناد ذراعه جانبها ثم حاصرها بكلتا ذراعيه فهتفت بإختناق تحت هذا الضوء الهادئ
- ابعد عشان اللي بتعمله ده مينفعش واني ادخل بيت...
قاطعها ليكمل ببساطة
- بيت جوزك وعادي تدخليه في اي وقت.

حدقت به وكأن كلماته كانت صادمة بالنسبة لها رغم انها بسيطة جداً، دفعته بعنف لكنه لم يتزعزع كأنها لم تفعل شيء، انزل إحدى كفيه ليلتقط كفها ويقودها للداخل دون ان يدرك انه جعل ضربات قلبها تتزايد الى حد الجنون والرعشة تسري وتيقظ الحنين بداخلها من لمسه لكفها بهذه الطريقة، انه غير مبالي ابداً بتأثيره عليها والتي تواجهه وحدها، استردت حدتها في نهاية الامر ولكنها لم تتصرف بها بسبب وقوفها امام فراش حبيبة النائمة بسلام، همس بجانب اذنها.

- حبيبة اتحسنت الحمدالله
رأى في حدقتيها السعادة لِم سمعته منه، فأضاف
- هبقى اعرفها عليكي
نقلت نظراتها له ثم ابتعدت مغادرة الغرفة فتابعها بعد إغلاقه لباب غرفة حبيبة، توقفت جوانة وقالت له بلطف
- فرحت جدا لانها بقت احسن من الاول وأنها اتعالجت، بس مش عارفة الغرض من انك توصلي المعلومة دي بس اهو بطلب منك بإحترام تبعد عني تماماً زي الأيام اللي فاتت.

اخبرته بِم اراده عقلها لراحتها، وأنها تعلم ان ذلك افضل، تخطته مُتجهه لباب الشقة فلحق بها وأعاق طريقها لتحدث ويعترف بخطأه الذي ارتكبه في الماضي.

- عارف اني أذيتك زمان وأذيتك اوي كمان، ليكي حق تنفري مني وتكرهيني، بس انتِ غافلة عن حاجة واللي هي اني كنت اعمى، كنت عايز اجيب حق حبيبة وبس، مكنتش اتخيل اني ممكن احب أخت عدوي واللي باخد انتقامي منها، يوم بعد يوم لقيت تصرفاتي اتحولت من تمثيل ل حقيقة، خوفي عليكي ورغبتي في اني احميكي وابقى قريب منك، استغليت ان ده تمثيل وكنت بقربك مني عشان مينفعش اظهر مشاعري الحقيقة ليا قبل ما اظهرها لغيري، وقت ما كان لازم أأذيكي كنت بغير خطتي وأحاول ادور على خطة تانية تكوني انتِ بعيدة عنها بس كنت بفشل في كل مرة غصب عني، لما عرفت انك اتخطفتي اتجننت واتجهت اكتر من فكرة انهم مدو أيدهم عليكي، ازاي؟ ازاي يمدوا أيديهم على مراتي؟، فكرت وقتها كده وكنت عايز ارجعك ليا بأي طريقة.

تنهد بإستياء وهو ينهي حديثه الطويل بإبعاد نظراته عنها ويردف
- بس مشكلتي الوحيدة اني مكنتش بعرف اظهر اهتمامي ليكي وكنتي بتشوفي كل قسوة ووحاشة مني فأنا...
التقط كفيها بنعومة بين كفيه وجذبها له وهو ينظر لحدقتيها مُباشرةً، يطلب منها بنبرة بها شيء من الأمل
- فأنا بطلب منك انك تديني فرصة، فرصة اعوضك واعوض علاقتنا عن كل يوم خدعتك فيه، اعوضك بحبي ليكي.

اخفض رأسه قليلاً مُقترباً فيشعر بتأثرها بكلماته، سألها برجاء وهو يضغط على كفيها
- هتدينا فرصة نرجع؟
اتته إجابتها على سؤاله السابق بنبرة منخفضة، متوعدة
- هخليك تتعذب ببعدي زي ما عذبتني بقربك.

تنويه: في خاتمة بكرة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة