قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية غيمة في سمائك للكاتبة مي علاء الفصل الخامس

رواية غيمة في سمائك للكاتبة مي علاء الفصل الخامس

رواية غيمة في سمائك للكاتبة مي علاء الفصل الخامس

- سمعاني و لا أعيد؟
- هطلع برة اروح فين؟، مليش مكان اروحه
حاولت ان تلتمس شفقته لكنه لم يكترث أبداً و ظهر ذلك في رده القاسي
- روحي للشرطي بتاعك، او في اي داهية، مش مشكلتي، مش انتِ قولتي كده!
سخر منها في النهاية، شعرت بالشفقة على حالها، تمنت لو ان الأمر سار لنهايته بطريقة جيدة، طلبت منه بوهن
- طب ممكن بكرة الصبح امشي.

زفر بضيق، تركها و دلف لغرفته صافقاً الباب بعنف، بمجرد اختفاءه من أمامها تحررت الدموع من أسفل جفونها لتسيل على وجنتيها، مسحتها سريعاً، لا تريد ان تبكي من الان، ليس من اول عقبة تواجهها، هي قوية، و ستظل كذلك.

- مستحيل
قالها احمد مع رجفة تملكته لوهلة، انحنى و التقط الصور التي سقطت من يده المرتجفة، أخذ ينظر لصور جوانة بتمعن، تأكد من تاريخ التقاط هذه الصور و التي كانت قريبة، جلس على كرسيه و وضع كل ما كان بداخل الظرف أمامه من رسالة و صور، و أخذ يفكر، قد يكون فخ له، لكن من سيفعل ذلك معه؟!، تذكر ذلك الظرف الذي استلمه سابقاً، اخرجه و وضعه بجانب الرسالة الجديدة
- الخط مختلف، و ولا واحد منهم خط جوانة.

امسك رأسه بقوة، فرأسه تكاد تنفجر من تفكيره فقط في فكرة ان جوانة حية.

صباح اليوم التالي، استيقظ أويس على صوت طرقات الباب، نهض و فتح الباب، دلفت رزان و هي تزفر بضيق
- نايم على وداانك انت و جوانة
نظر لها أويس بعيون ناعسة، ألقى بجسده على الأريكة، بينما نهضت رزان لتبحث عن جوانة في الشقة لكنها لم تجدها، عادت و هي تسأله
- فين جوانة؟، راحت الشغل؟
- معرفش
أجابها بملل، تعالى رنين هاتفه، أحضرته له رزان و اجاب
- ايوة يا حج راضي
- عامل إيه يابني
- الحمدالله تمام، في حاجة؟

- الساعة دلوقتي ١١ و جوانة لسة مجتش، هي مش هتيجي النهاردة؟
- لو مجتش ايوة، سيبها كام يوم بس وهترجع تاني
- ماشي يابني، زي ما تحب
أنهى أويس المكالمة و ألقى هاتفه جانباً، و قبل ان تسأله رزان أجابها
- ده الحج فتحي بيقولي ان جوانة مراحتش الشغل
- ليه مراحتش؟
صمت لبرهه، ثم اخبرها بما حدث ليلة امس، فشهقت رزان و كادت ان تعاتبه و لكنه سبقها
- اعملي انتِ بقى اللي عليكي
تنهدت و وافقت.

في مقهى، قابلت جوانة سامح حتى تحصل منه على نسخ من أوراق الصفقة حتى يكون هناك دليل
- في حاجة غريبة
قالها سامح بشرود، نظرت له جوانة بإهتمام و سألته
- إيه هي؟
- احمد، تصرفاته غريبة
- ازاي يعني؟
- اكيد عارفة اشرف
- طبعاً، ده ايه اليمين، بعدك
- ايوة، بقى بيديله مهام معرفش عنها حاجة، في حاجة بينهم
- ليكون بدأ يشك فيك مثلاً!
قالته بريبة، تنهدت بحيرة
- مش عارف، ربنا يسترها.

- يارب، امشي دلوقتي عشان الشرطي اللي حكيتلك عنه هيجي عشان يقابلني
- انتِ واثقة انه هيساعدنا
- ايوة، متقلقش
- ماشي، همشي بقى، بس متنسيش الصفقة هتبقى بكرة بليل، خلاص اتأكدت
- تمام
لم تمضي دقائق كثيرة على مغادرة سامح حتى يصل جاسر، بعد ان حياها و اسمعها بعض كلامه المعسول، اعطته النسخة التي اخذتها من سامح منذ دقائق و أكدت عليه
- انا بثق فيك
- و انا قد ثقتك، اطمني
ربت على يدها الممكسة بيده بلطف، قال بحماس.

- مش جعانة بقى!، يلا ناكل، عشان اشتغل صح
- ماشي
ابتسمت بإرهاق و هي توافق.

يعد مرور ساعتين، غادر جاسر ليذهب للعمل، فظلت جوانة وحيدة تجول في الشوارع دون معرفة أين يؤدي حتى.
- جوانة
هتفت رزان بإسمها من الخلف فألتفتت الأخرى و هي عاقدة حاجبيها متسائلة من أين عرفت رزان مكانها، تقدمت الأخيرة منها و عاتبتها
- روحتي فين من الصبح كده!، و لا روحتي الشغل حتى، انا قلقت
تنهدت جوانة بإستياء و اعتذرت عن تسببها للقلق لها، تأبطت رزان ذراعها و سارا معاً، متحدثة الأخيرة.

- عرفت اللي حصل امبارح، متزعليش من أويس مش قصده يبقى دفش معاكِ و قليل الذوق، بس هو
قاطعتها جوانة
- مش مهم بقى، اللي حصل حصل، بس عايزة طلب منك
- إيه هو؟
- اللبس اللي انتِ اتدهوني و شوية حاجات سيبتها الصبح و مخدتهاش، ممكن اروح أجيبهم من بيته بس، و انتِ معايا
- طبعاً، يلا
- بس ناوية تروحي فين؟
- مش عارفة لسة
نظرت رزان لها بطرف عينيها و تمتمت
- مش عارفة و عايزة تمشي!، و لو مشيتي هتنامي في الشارع مثلاً!

- في حل تاني!
قالتها جوانة بإنفعال من شعورها بالحزن و الاحراج، تنهدت رزان و أخبرتها بلطف
- اة في، متمشيش، انا هقنع أويس
- لا
رفضت جوانة بحزم، حاولت رزان
- اسمعيني بس، هو جاله شغل فهيروحه و مش هيرجع إلا بعد يومين تقريباً، او اكتر، فخليكي انتِ في الشقة لغاية ما يرجع و لوقتها نبقى فكرنا هتروحي فين، موافقة؟!
ظلت جوانة ملتزمة الصمت تفكر، وافقت في النهاية.

لم ترغب جوانة في الدخول مدام هو مازال موجود، لذا اقترحت رزان ان جوانة ستظل في شقة أويس بعد مغادرته و دون ان يعلم، و وافقت جوانة على ذلك بتردد.
حين حل المساء، غادر أويس و معه حقيبة صغيرة يضع فيها مستلزماته و كانت رزان خلفه تودعه، أما جوانة كانت تختبئ منتظرة مغادرته.
احضرت رزان بعض الطعام لجوانة و سلمتها المفاتيح
- خلي بالك من نفسك و من الشقة، و هحاول اتصرفلك قبل مايجي في مكان تقعدي فيه.

- شكراً ليكِ بجد، وقفتك معايا مش هنساها
- احنا صحاب خلاص، و مفيش شكر بين الصحاب
تعانقا ثم تركتها رزان لتذهب لوالدتها، تنهدت جوانة و هي تجلس على الأريكة، أخذت تنظر للسقف تفكر هل ما تفعله صائباً، خداع جاسر، و استغفالها لأوس و المكوث في شقته دون علمه، وتوريطها لرزان، مسحت وجهها بكفيها و حدثت نفسها
- هعوضهم، أوصل بس للي عايزاه.

نهضت و اتجهت للغرفة التي تنام بها و اخرجت المستندات التي اعطاها لها سامح في البداية، جلست على الأرض و أخذ تقرأها بتمعن، لتقرر ما الذي ستعطيه ل جاسر ليساعده في اعتقال احمد و ما الذي ستحتفظ به.

اثناء عملها ذاك كانت دموعها تنهمر بحرقة و هي ترى تلك الصور التي كان من الواضح انها تصل ل احمد بعد إتمام التخلص من الشخص الذي يريد القضاء عليه، كم سبته و لعنته، كم ازدادت نيران كرهها له و رغبتها في الانتقام، ستجعله يندم على كل ما فعله في أولائك المساكين، مسحت دموعها و اعادت كل شيء لمكانه و غادرت الغرفة.

وجدت باب غرفة أويس مفتوح فأقتربت لتغلقه، لكن لفت انتباهها ان الغرفة كانت فوضوية جداً لذا دلفت لتنظفها.
- مين دي ياترى؟
تمتمت بحيرة و فضول و هي تلتقط الصورة الملقاة على الأرض، كانت صورة أويس مع فتاة، توقفت عن التفكير لوهلة لتتذكر أتاها رأتها سابقاً في خلفية هاتفه و كانت تريد ان تسأله عنها ولكنها لم تستطع، فالآن هل هي زوجته ام خطيبته؟، إذا كانت كذلك إذا أين هي؟، أو ربما شقيقته!

نهرت نفسها لفضولها في شيء لا يعنيها، وضعت الصورة على الطاولة الصغيرة بجانب السرير و غادرت الغرفة بعد ان انتهت من ترتيبها قدر المستطاع.

قُضيَ اليوم التالي ببطىء شديد بالنسبة لجوانة التي كانت تنتظر حلول الليل بفارغ الصبر، بين ذلك حدثت جاسر مرتين تقريباً لتطمأن من سير الأمور.
- كله اتوزع حسب الخطة يا باشا
قالها جاسر لسيده الذي اعلى منه في الرُتبة
- نستنى بقى الفريسة
مرت ساعتان حتى وصل رجال احمد و على رأسهم سامح، جعل الأخير الرجال ينتشرون في أماكن معاكسة لوجود رجال الشرطة، و يأمنون الطريق لوصول البضاعة.

- خمس دقايق و هتوصل عندك، كل حاجة تمام؟
أتى الصوت من الاسلكي الخاص بجاسر، اجابه الأخير
- اة كله امان، و كله جاهز
وصلت الشاحنة الأولى، و تتبعها باقي الشاحنات، بدأ الرجال في افراغهم، في حين كان يشرف سامح عليهم اتصل احمد ليطمئن من ان الأمور تسير جيداً.

و اثناء محادثتهم خلال الهاتف، تعالى صوت جاسر مُعلِنن وجود الشرطة و ضبطهم لهم، و صوِبت الأسلحة اتجاههم، لم يملكوا السرعة حتى تكون هناك فرصة المقاومة او المهاجمة.
- كله مكانه كده، ارفع أيدك ‏فوق انت و هو
اسقط سامح الهاتف و انسحب بهدوء و حذر، تقدم شرطيان مع جاسر ينظرون في الصناديق ليتأكدوا من وجود بضاعة ضارة.
- خدوهم للبوكس.

في فيلا احمد بيومي، كان احمد يجوب الغرفة ذهاباً و إياباً، معه هاتفه، متردد من الاتصال على احمد او احد رجاله الذين مع الأخير، بغضب أزاح كل ما فوق مكتبه لتتساقط الأشياء على بعشوائية.
- ازاي يحصل كده!، ازاااااي؟
دخلت ندى عليه و تقدمت منه بقلق و هي تسأله
- مالك؟، في إيه؟!
- اخرجي دلوقتي
حاول ان يتمالك أعصابه امامها و يكظم غضبه قدر المستطاع لكن إلحاهها عليه جعله يصب بعض غضبه عليها.

- مش قولتلك اخرجي؟، مش بتفهمي!، غبية مثلاااا!، سيبيني لوحدي يا ندى
- ماشي
قالتها بخفوت و الدموع قد ترقرقت داخل مقلتيها، مدت يدها و اعطته ظرف
- الظرف ده لسة جايلك حالاً، و انا استلمته
و غادرت، حك رقبته بإنزعاج و ضيق من غضبه عليها، نظر للظرف و فتحه بعنف و اخرج الرسالة التي بداخله و التي كانت تضم متزعلش، مش اول صفقة هتخسرها، لسة في كتير تاني، دي البداية بس.

تسارعت انفاسه بغضب و أخذ يمزق الورقة و هو يصرخ بغضب شديد ظهر له عروقه
- هوريك يا ابن ال، هقطعلك ديلك، اصبر عليا
توعد و قد اظلمت عينيه.

تعالى رنين هاتف جوانة، فهرعت الأخيرة لتلتقطه فوجدته رقم مجهول، فأجابت بأنفاس متقطعة و توتر
- ايوة
- انا رزان يا جوانة، عاملة إيه النهاردة، معلش مكلمتكيش النهاردة ولا جيت اطمنت عليكِ، بس الشغل لراسي النهاردة
أُحبِطت جوانة حين أتاها صوت رزان، فقد كانت تنظر اتصال سامح او جاسر، اخرجت تنهيدة قبل ان تجيب
- و لا يهمك يا رزان، مفيش حاجة حصلت النهاردة و الدنيا عندي تمام
- طب الحمدالله، كلتي إيه النهاردة؟

- مكنش ليا نفس اكل النهاردة، فمكلتش
- لغاية دلوقتي!، حرام عليكِ نفسك، قومي كلي حالاً و لا اجيلك و أكلك!
كانت نبرتها حادة و بها بعض التهديد، قالت جوانة محاولة إرضائها
- متجيش و تتعبي نفسك خليكي في شغلك، انا هقوم اكل اهو
- شوية و هكلمك و هشوفك كلتي و لا
- ماشي يا ماما رزان
مزحت جوانة و ضحكت، ضحكت رزان هي الأخرى ثم أنهيا المكالمة.
- يا ترى حصل إيه يا سامح!، كل حاجة مشيت زي ما احنا عايزين و لا!

استيقظت جوانة على صوت طرقات الباب، في البداية سألت من الطارق ثم فتحت، كانت تلك المرأة العجوز التي رأتها هي و أوس سابقاً، تلك المرأة الخبيثة.
- إيه ده؟، فين أويس؟
قالتها المرأة العجوز و هي تجول بنظراتها داخل الشقة، اغلقت جوانة الباب قليلاً و أجابت
- في رحلة شغل، في حاجة؟!
- و انتِ اعدة في بيته ليه في غيابه و حضوره؟
تنفست جوانة بعنف و قالت بهدوء مُصاحِب ابتسامة صفراء
- عن إذنك.

و اغلقت الباب بشيء من القوة، سبت المرأة العجوز بصوت منخفض، ثم ارتفع صوتها بالبقية
- مش عارفة بنات الأيام دي بيفكروا ازاي!، اخر قلة أدب
كم ارادت جوانة ان تخرج و تلقن تلك الخبيثة درساً، لكنها تراجعت عن ذلك حين سمعن رنين هاتفها، ركضت بلهفة لغرفتها و التقطت الهاتف
- جاسر، أخيراً اتصلت
- معلش، لسة حالاً أيدي فضيت
- ها قولي، حصل معاك إيه؟

- المعلومات اللي اتدهاني صح، و قبضنا عليهم، و لسة بنحقق عشان نعرف اللي وراهم
امتلأ صدر جوانة بالسعادة، ألقت بجسدها على السرير و اخذت تضرب الهواء بقدمها و هي تقهقه، و بين ذلك كانت تشكر جاسر و بشدة.

مع آذان المغرب، تعالى رنين هاتف جوانة التي أجابت على رزان التي كانت تهتف بعجلة و توتر
- أستخبي يا جوانة استخبي، أويس، أويس دقايق و هيبقى عندك
- نعم!
هتفت بذعر و هي تنتفض واقفة، اخذت تدور حولها و هي تسألها بخوف
- اعمل إيه اعمل إيه، طب استخبى فين؟
قبل ان يصل لمسامعها رد رزان سمعت صوت فتح الباب، ركضت سريعاً و دخلت غرفته و قد ندمت على ذلك، قامت بالإختباء خلف السيتار.

سمعت صوته و كان يتحدث من خلال هاتفه على ما تعتقد
- الشغل مُتعِب بس في الآخر هكسب فلوس، لا يا شبح!، روح طيب و انا أغير لبسي و اظبط دنيتي، سلام
اتجه لغرفته بعد إنهاء المكالمة، وضع حقيبته جانباً و استلقى على الفراش ليخرج تنهيدة مُتعبة، تعالى رنين هاتفه فأعتدل و اجاب لينهي المكالمة سريعاً و يغادر الغرفة.

اخرجت جوانة رأسها ببطء وهي تنظر للباب، تنهدت براحة و هي تبعد السيتار و تتجه للباب بخطوات حذرة، لكن ما إن اقتربت للباب حتى وجدته يُفتح و يظهر أويس، اتسعت مقلتيها و صرخت تلقائياً بفزع و هي تتراجع للخلف، اسرع و امسك رسغها حين كادت ان تسقط، نظر لها بعمق و هو يسألها بهدوء
- بتعملي إيه هنا؟!
بلعت لعابها بتوتر و هي تعتدل في وقفتها و تزوغ بنظراتها حولها
- آسفة.

لم تستطع ان تنطق بشيء اخر، سحبت يدها و وضعتها على يدها الأخرى، و سارت خلفه خارج الغرفة، اثناء جلوسه على الأريكة، اخرجت هي كلماتها المرتجفة
- آسفة اني دخلت بيتك بدون ما استأذنك، بس انا، قصدي رزان عارفة يعني مدخلت...
قاطعها و هو يجز على اسنانه
- رزان عارفة!
أسرعت لتدافع عنها
- هي كانت عايزة تساعدني بس، ملهاش ذنب، انا زنيت عليها، متزعلش منها و لا تتخانق معاها
ترجته في النهاية، اضافت بحزم.

- بالنسبة لموضوع جاسر، انا هسيبه مش هكمل معاه عشان انت معاك حق في الكلام اللي قولته، بس مستنية يفضالي، و حاجة اخيرة، آسفة على وقاحتي معاك
ظل أويس صامتاً محدقاً بها، ارتسمت على وجهه ابتسامة لم ترتح لها جوانة، نهض و تقدم منها و هو يتأكد
- يعني انتِ دلوقتي سنجل تاني، صح!
- نعم!
هتفت ببلاهه و هي تتراجع للخلف، و قد تملكها الخوف بعد عرضه
- إيه رأيك تقعدي معايا يومين زي ما قعدتي معاه!، و لا معجبكيش؟

سقط فكها بصدمة من قوله، ارتجفت شفتاها و هي تُخرِج صوتها بصعوبة
- انت مالك، يا أويس!
احاط خصرها و قربها منه هامساً بمكر
- كده خدت حقي منك
- إيه؟
وجدته يبتعد عنها و هو يضحك، حتى انه سقط على الأريكة من نوبة الضحك التي أتت له من مظهرها، ادركت بعد تحديق دام دقائق انه كان يمزح معها، احمر وجهها غضباً و أمسكت بالوسادة و اخذت تضربه بحنق و غيظ، و هو ظل يضحك.

اليوم التالي.

خرج أويس من غرفته، رأى جوانة و هي تستعد للمغادرة، استفسر
- رايحة فين؟
- هقابل جاسر، عشان اعمل اللي قولتهولك امبارح
- طب تستني أوصلك؟
- لا، انا مش هاخد وقت
- زي ما تحبي
و تركها تغادر.
تقابلا كُلاً من جاسر و جوانة في منتصف الطريق، اخذها من طريق هادئ ليتحدثا.
- ها، قولي كنتِ عايزة إيه!
- قول اللي انت عايز تقوله اول، عشان اللي هقولهولك ممكن...
قاطعها جاسر بإصرار
- ابدأي انتِ و ملكيش دعوة، سامعك.

توقفت و تنفست بعمق و هي تجول بنظراتها حولها بتوتر، استجمعت شجاعتها و نظرت لحدقتيه و هي تخبره بثبات
- مش هينفع نكمل مع بعض، رقم واحد لانك كدبت عليا و مقولتش انك متجوز و عندك عيال، رقم اتنين لان دي خيانة لمراتك و انا مش هحب احط نفسي مكانها، لان بمُجرد اني افكر بشعورها بس بحس بالذنب، تلاتة ان اللي بنعمله غلط، أربعة...
قاطعها جاسر بألم ممزوج بالخجل.

- كفاية، الأسباب دي كافية اني احس بالكسوف و العار من نفسي، و انتِ معاكِ حق في كل اللي قولتيه، اسف لأني اتسرعت و قولتلك عن إعجابي بدون ما اشوف إيه هتبقى العواقب قدام، و اني خبيت حقيقة اني متجوز
شعرت جوانة بالسعادة من موقفه المتفهم، اشرق وجهها و ظهرت الراحة على ملامح وجهها، و شكرته لتفهمه.
ساد الصمت لفترة وجيزة حتى عاد الحديث بينهم، حيث بدأت هي
- إيه اللي كنت عايز تقوله!

- صحيح، كنت عايز اقولك اننا قبضنا على اللي بيشتغلوا تحت ايده و المسؤول عن التهريب
كادت ان تصل ابتسامتها لأذنها بعد قوله الذي استأنفه
- بس المعلومات اللي انتِ مديهالي لشخص غير اللي سلم نفسه، فأنا حاسس ان في حاجة غلط
- ازاي يعني شخص تاني!، و ازاي سلم نفسه؟
تلاشت ابتسامتها تدريجياً، و خطر في بالها سامح الذي لم تستطع ان تتواصل معه، فهل هو
- اسمه إيه اللي سلم نفسه؟

سألته ببطء و دقات قلبها تتسارع، اخترق الاسم طبلة أذنها بوحشية
- سامح محمد سالم
- لا لا، ده بريئ، في حاجة غلط، ده كان بيساعدني اني اجيب معلومات عن احمد، هو اللي ساعدنا على اننا نقبض على قضية التهريب دي، ازاي يسلم نفسه!
هتفت بانفعال و عدم تصديق، اصرت بعدها
- عايزة أقابله، لازم اشوفه و افهم إيه اللي حصل
- مش هينفع عشان بيتحقق معاه حالياً و ممنوع من الزيارات، هحاول اخليكِ تشوفين قريب، متقلقيش.

ذبل وجهها، غادرت بإحباط و دون قول اي كلمة، عصفت افكار كثيرة برأسها معاً، بدايةً من خوفها على سامح و فشل خطتها، إلى كيفية التصرف في هذا الوضع، كم شعرت بالراحة حين اعتقدت انها وصلت لمبتغاها، لكن الان تشعر بالاختناق و العجز و الغضب، لقد فشلت، و قد تورط سامح بذلك، كم تشعر بالذنب أيضاً.

ارادت البكاء حتى تتخلص من ذلك الشعور الثقيل الخانق، قابلت أويس في طريق عودتها، لم تستطع ان تتمالك نفسها اكثر، تركت دموعها تتحرر لتسيل على وجنتيها بحرارة، و في غضون ثوان اخذت تنبح باكية بقهر، هرع لها و هي يسألها و يتفحصها بعناية و قلق
- مالك!، في إيه؟، حاجة حصلت!
لم يتلقى اي اجابة، لذا اقترح
- طب تعالي نقعد في حتة او نرجع البيت.

و كالسابق لم يتلقى اجابة، فقط كانت تبكي، لذا امسك برسغها و قادها خلفه لمنزله.

بعد ان هدأت، سألها بلطف عما حدث معها، فوجدت نفسها تخبره بكل شيء حدث لها و معها، بدايةً من الحادث حتى فشل خطتها في الإيقاع بأخيها احمد.
صمت أويس بعد ان انتهت من سرد كل ما لديها، بل اطال في صمته قبل ان يخبرها
- انا ممكن أساعدك
- ازاي!
سألته بين شهقاتها، ابتسم بهدوء و عرض عليها
- تتجوزيني!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة