قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية غيمة في سمائك للكاتبة مي علاء الفصل الحادي عشر

رواية غيمة في سمائك للكاتبة مي علاء الفصل الحادي عشر

رواية غيمة في سمائك للكاتبة مي علاء الفصل الحادي عشر

خبأت جوانة الرسالة سريعاً حين دلف احمد للغرفة و نظرت له بثبات و سألته بجفاء
- في حاجة؟
- كنت بطمن عليكِ بس
- خلاص اطمنت؟، يلا سيبني ارتاح
هز رأسه بخضوع و اتجه لباب و قبل ان يصل للأخير توقف اثر قولها المُفاجئ
- انت قولت انك هتحمينا، احمي ندى و نونة و إياك تستغنى عنهم زي ما عملت معايا، مش مستنية حمايتك ليا، ياريت تفهم الجملة دي بعدين.

التفت لينظر لها وجدها تتدثر اسفل الغطاء و تغلق جفونها فأدرك رسالتها بأن ليس لديها اي قدرة لتتحدث او تشرح له قولها المريب، قد شعر في نبرة صوتها بلمسة توديع!، غادر الغرفة و بداخله صوت يخبره ان يكون يقظ لما سيحدث، لكن ذلك الصوت كان بعيد جدا ليدركه لحظتها.

قبل حلول منتصف الليل بقليل كانت قد تحركت جوانة و غادرت غرفتها، كانت حركتها بطيئة بعض الشيء فمع كل خطوة تخطوها هي تشعر بألم في جميع أنحاء جسدها المتورم الضعيف، قابلت رئيسة الخدم في منتصف الممر و التي أسرعت اليها لتهمس لها
- تعالي ورايا
- طلعتي انتِ!
همست جوانة بذهول، احاطت الأخرى كتف جوانة بذراعها لتسحبها بخطواتها السريعة، أعلمتها
- في طريق اسهل و آمن
- براحة عليا.

نبهتها جوانة بصوت متألم، فخففت رئيسة الخدم من قوتها أبطأت خطواتها قليلاً.
خرجا من الباب الخلفي للفيلا و قد كان الطريق مُأمن، اغلقت جوانة عينيها تلقائيا امام اضواء السيارة التي أُنيرت فجأة، قادتها رئيسة الخدم لِتُصعدها السيارة و تغادر سريعاً.

لم تلتفت جوانة لتنظر لأوس الذي يجلس بجانبها خلف المقود رغم إدراكها لنظراته لها، تجنبته تماماً و ظلت تنظر للطريق بصمت خارجي و ضجيج داخلي، تفكر ماذا سيكون مصيرها؟ على ماذا ينوي اويس؟ هل يأخذها لتكون ورقة رابحة له ضد احمد ام ليقتلها ام ليؤذيها كما فعل احمد بأخته، شعرت بدموعها الحارة على وجنتيها من تلك الأفكار المريبة و التي أشعرتها بالشفقة على حالها و ضعف حيلتها.
- لسة بدري على دموعك دي.

قالها اويس بخبث استشعرته جوانة بوضوح، نظرت له بظلام عسليتيها و ردت عليه بوهن
- مش فارقة
لم يعلق و لم ينظر لها حتى، مما منعه من رؤيه شبح ابتسامتها التي ظهرت على شفتيها دون إدراك منها و تلك اللمعة التي كسرت ظلام حدقتيها الحزينتين.

ظهر اليوم التالي
لم تتذوق جوانة طعم النوم او الراحة بسبب ذلك الألم المُنتشر في جسدها كله بالإضافة الى ذلك الزحام الموجود داخل رأسها كم هو مُرهق.
اتجه اويس بخطواته الى تلك الغرفة الصغيرة الموجودة داخل غرفته و التي احتجز بها جوانة سابقاً، ادار المفتاح و دلف للداخل حاملاً صينية صغيرة بها طعام و ماء.

توقف اويس للحظة حين لمحها جالسة في الزاوية تسند رأسها على الحائط، تقدم و انخفض لمستواها قائلاً بطريقة خشنة
- الأكل اهو
سمع أنينها الخافت فمد يده ليبعد خصلات شعرها التي تُخبئ وجهها عنه لكنه تراجع عن ذلك و نهض مغادراً الغرفة غالقاً الباب بالمفتاح.
- دخلتي ازاي؟
وجه اويس سؤاله بنبرة حادة ل رزان التي وجدها تقترب منه داخل شقته، امسكت الاخيرة يده و اعتذرت له.

- انا آسفة للي عملته من وراك، مش هعمل حاجة من وراك تاني و هعرفك قبليها
جز على اسنانه و هو يُكرر سؤاله، اجابته بإبتسامة واسعة
- معايا المفتاح اللي انت اتدهولي الاسبوع اللي فات، دخلت منه
- هاتيه
مد يده و هو يطلب منها بحزم فخضعت و اعطته اياه بضجر، سألته بغرض فتح مجال الحديث معه
- إيه رجعت جوانة؟
هز رأسه مؤكداً فأتت بسؤال اخر
- و هتعمل معاها إيه و ناوي على إيه؟
- انتِ براها فمش لازم تعرفي.

- لا انا معاك و هساعدك، قولتلك مش هعمل حاجة تاني غير و انت عارف
تعالى رنين هاتف اويس ليخرجه و يُجيب على جاسر الذي طلب منه الذهاب الى المستشفى سريعاً لأمر يخص اخته فهرع بالذهاب و قد اضطر لترك جوانة تحت أنظار رزان.
اتجهت رزان لغرفة اويس و وقفت امام باب الغرفة الأخرى، لم يترك لها اويس المفتاح فهو لم يعد يثق بها كالسابق، لذا تحدث مع جوانة من الخارج و بدأت بطريقة تُظهِر خُبثها.

- إيه اخبارك، طلعتي سليمة من تحت أيديهم!
طأطأت رزان بتهكم ثم قالت
- زعلانة مني و مش بتردي عليا!، حقك الصراحة متكلمنيش بعد اللي عملته انا فيكي، و أنا حقي اعمل فيكي اللي انا عايزاه بس لو عايزاني ابعد عنك ومأذيكيش اسمعي كلامي ده كويس
أخبرتها بِما تريد بقسوة و حِدة مُهددة إياها.

- ابعدي عن اويس، اهربي موتي المهم هو ميتأذيش من موضوعك ده، ممكن تنتحري و ده هيكون اريح برضوا و احسن، انتِ وجودك عامل تهديد على حياته و انا عمري ما هسمح ان يحصله حاجة بسببك، كمان وجودك جمبه مضايقني فهتلاقيني بتصرف بغيرة عميا و متلومينيش بعدها، فأنتِ حرة بقى وانتِ اللي هتختاري مصيرك، اتمنى يكون تهديدي وصلك.

داخل المستشفى
كان صراخ اويس يُسبب ضجيج كبير، كان جاسر يحاول تهدأة اويس لكنه فشل.
- يعني إيه المستشفى مش هتقدر تستقبل حبيبة اكتر من كده؟، هو انا مش بدفع فلوس عشان تتعالج هنا و لا بدفع عشان جمال عينيكم!، هي مريضة و بتتعالج و انا مش هسمحلكم تخرجوها و هي بالحالة دي.

- حضرتك احنا بنقول تنقلها مش تخرجها، تنقلها عشان حالتها بتسوأ اكتر و بتسبب مشاكل كتير و زي ما حضرتك شايف دي مستشفى كبيرة، الأفضل انك توديها مستشفى عقلية او ممكن تستأجر ممرضة عندك و تراعيها في البيت
التقط اويس انفاسه بغضب ثم تقدم من الطبيب الذي رد عليه، قال بهدوء مخيف بجانب النيران التي تسكن حدقتيه و التي تكاد تحرق ذلك الطبيب الأصلع.

- هطلعها من المستشفى دي بس و رحمة أمي و أبويا لطربأ المستشفى دي على دماغكم و اخلي سمعتها تحت الأرض، اما انت و الدكاترة اللي مشاركة في طرد حبيبة مش هعديهالكم و خافوا مني
اصطدم اويس بكتف الطبيب بقوة و هو يتخطاه ليأخذ حبيبة و يغادر بها متوعداً للجميع.
داخل السيارة
- هتاخدها فين دلوقتي؟، مستشفى تانية؟
سأل جاسر، أخذ اويس وقتاً الى ان اجاب
- للفيلا
- نعم!، ازاي هتاخدها الفيلا و هي فاضية؟، و مين هيرعاها هناك؟

- انا هرعاها لغاية ما جيب ممرضة
- طب و المصيبة اللي عندك في البيت الصغير؟، هتسيبها تموت هناك و تعفن جثتها؟!
- اهدى عليا شوية، هفكر في حل
- خدها معاك الفيلا و احبسها هناك تكون تحت عنيك بالمرة
اخرج جاسر اقتراحه سريعاً، نظر اويس نظرة سريعة ل حبيبة النائمة في المقعد الخلفي ثم قال
- روح انت للبيت و خليك انت هناك حالياً و مشي رزان، و استنى مني اتصال.

- ماشي بس ساعتين و همشي عشان ورايا شغل في القسم على الساعة تمنية كده.

كان التوتر و الضجيج يملأ فيلا احمد البيومي، الجميع خائف من ان يؤذى بواسطة احمد الغاضب، فهو يرى بل مُقتنع ان مغادرة جوانة من الفيلا كانت بسبب إهمال الخادمات و الحراس، كيف استطاعت ان تخطو للخارج دون ان يشعر بها احد حتى الحراس الذين لا فائدة منهم الان، فكر هل هناك احد ساعدها على ذلك! اجاب نفسه، بالتأكيد هناك، نظر ل ندى للحظة ثم استنكر ذلك فهي لن تفعل ذلك، إذا هُناك جاسوس و مخادع هُنا معه من بين الخدم او الحراس.

- مين اللي ساعدها على انها تخرج من هنا؟ أديته كام!، يعترف احسن له و إلا...
قاطعته إحدى الخادمات و هي تتقدم منه و تُعلِمُه
- لقيت الرسالة دي واقعة في الاوضة اللي كانت فيها الآنسة جوانة
اخذها منها احمد و قرأها، كانت الرسالة التي ارسلها اويس لجوانة، اخدت ندى الرسالة من يده و قرأتها، شهقت بقلق و هي تهتف
- ده في حد هددها، ازاي دخل و وصلّها الرسالة!، و هي ازاي تروح برجليها للشخص ده!

- اشرف، اعرفلي مين صاحب الرسالة دي و وصلت ازاي لهنا، و خلي الباقي يدوروا على جوانة و لو تحت الأرض
امرت ندى الخدم ان يعودوا للعمل و اخذت احمد لمكتبه ليستطيعا ان يتحدثا براحة و أمان، فقد أصبحت تتفق مع احمد في شكه.

حين وصل جاسر منزل اويس غادرت رزان، قضى الساعتين بهدوء تام، لم يطمأن و لم يكن يُريد او يُعلِمها عن وجوده و حقيقة خداعه لها و اتفاقه مع اويس منذ البداية ضدها.
مرت الساعتان و غادر ذاهباً الى عمله في قسم الشرطة، و قبل ذهابه اخبر اويس و ذكره.
- فكر في اقتراحي و نفذه احسن ما تبقي متشتت كده.

بعد ان اغلق اويس مع جاسر أتاه اتصال من رئيسة الخدم التي حدثته بصوت خافت و بحذر
- الرسالة اللي وصلتها لجوانة بقت تحت أيد احمد مش عارفة اذا هي سابتها قصداً و لا لا، بس دلوقتي المفروض اعمل إيه؟، هو امر رجالته انهم يدوروا على صاحب الرسالة و على جوانة و على اللي بيساعدهم لانهم شاكين ان في حد من الخدم او الحراس جاسوس
صمت لثوان يفكر، اخبرها آخراً
- عرفيهم اسمي، ارميلهم الطِعم.

أنهى إتصالها ثم اتصل برزان، اضطر ان يطلب المساعدة منها لتعتني بأخته حبيبة الى ان يذهب لمنزله الاخر و يفكر ماذا سيفعل.
قدم عصير به دواء منوم ل حبيبة قبل ذهابه و ذلك لخوفه من إرتكابها لأي كارثة في غيابه.

عند الحديقة الخلفية لفيلا احمد البيومي، تقدم أشرف من احمد و اخبره بما لديه من اخبار
- اللي ورا الموضوع اويس صالح الممدوح
أشار له احمد بالصمت للحظة، ذلك هو نفس الشخص الذي سألت عليه جوانة، انه اويس!، ما الذي يربطهما معاً و لماذا اويس يساعد اخته جوانة؟، هل يريد ان ينتقم منه بواسطة جوانة ام هو على وفاق مع الاخيرة ضده هو!
تابع اشرف حديثه حين اشار له احمد ان يُكمِل.

- واحد من رجالنا مسك واحدة من الخدم و هي بتتكلم و بتقول اللي حصل هنا للطرف التاني اللي بتكلمه فمسكها و قبل ما يسألها حتى لقاها هربت بس الموبايل وقع منها فخده و عرفنا ان اويس بيراقبنا من الرسايل و المكالمات، و هو اللي اخد جوانة و الخدامة اللي هربت هي اللي ساعدتها بأمر منه.

كانت رئيسة الخدم تقف عن بُعد وتتابع ذلك الحديث وإبتسامة ماكرة على شفتيها، فخطتها نجحت، فقد استطاعت إقناع تلك الخادمة بأن تقوم بذلك الدور مقابل انها ستدفع لها وستوفر لها عمل آخر و أفضل.
- جيبلي عنوان الزفت اويس عشان هروح اكسر بيته على دماغه و اعلمه ازاي يفكر يُقف في طريقي بعد اللي عمله معايا
أصدر احمد أمره بوعيد.

داخل شقة اويس، حين فتح باب الغرفة الصغيرة التي يحتجز جوانة بها، شعر بسخونة و حرارة الجو الواضحة بين هذه الغرفة و غرفته، ألم تختنق؟، اتسعت مقلتيه ودق قلبه بقلق حين وجدها مستلقية فقد اعتقد انها ماتت!

اسرع ليجثي على ركبتيه و يجذبها من ذراعها فوجدها تتهاوى عليه، ضرب على وجهها بلطف محاولاً جعلها تستيقظ، حملها و خرج بها ليضعها على فراشه ثم يتركها لثواني عائداً و معه منشفة و ماء، التقط زجاجة عطر و رش القليل في كفه الذي وضعه امام انفها، أخذ يمسح وجهها من العرق بالمنشفة في حين بدأت ترمش بعينيها.
- حصل إيه!

تحدثت بفتور و هي تحاول رفع رأسها لكنها لم تستطع، امسكت رأسها بيدها السليمة وفجأة بدأت بالبكاء، اعتلت ملامحه الدهشة لبكائها، سألها بتردد و هو يبتعد قليلاً
- في إيه بتعيطي ليه؟
اجابته بين شهقاتها
- راسي، راسي هتموتني مش قادرة.

ظل ينظر لها للحظات، يراها و هي تتألم بشدة، مُتردد هل يساعدها ام يتركها هكذا!، و ماذا سيحدث إذ تركها!، لا شيء، استدار و غادر الغرفة و بداخله صراع، فتح باب الشقة ثم عاد لها ليحملها بين ذراعيه و يغادر بها، وضعها داخل السيارة ثم عاد ليغلق باب شقته، صعد خلف المقود و قاد سيارته و هو ينوي الذهاب للفيلا.

فتحت جوانة إحدى عينيها في حين انها تقاوم الألم الذي تعاني منه، نظرت لإتجاهه و هي تسمع نبضها الذي يتردد داخل رأسها بطريقة مُزعجة حتى انفاسها المضطربة تسمعها بوضوح، حتى رؤيتها مشوشة بعض الشيء لكن ذاكرتها كانت يقظة لِتقذف ذكرى يوم الحادث امامها، تلك اللحظة التي كانت بعد سقوط سيارتها من المنحدر وإصطدامها بالشجرة، لم تكن فاقدة الوعي تماماً في تلك اللحظة فقد فتحت عينيها للحظة، ولمحت شخص يساعدها للخروج، حدثت نفسها بذهول لِم أتت لها تلك الذكرى في هذه اللحظة!، لِم ذلك الشخص في ذلك اليوم يتشابك مع مظهر اويس في هذه اللحظة!، هل هما نفس الشخص ام انها تتوهم!، لم تفكر اكثر فقد خارت قواها لتفقد وعيها.

- جوانة، جوانة
هتف اويس بذعر و هو يحركها، أدار المقود سريعاً ليغير اتجاهه لأقرب مستشفى منه، استشعر انفاسها التي لا يشعر بها ففزع قلبه، هل ماتت؟، زاد من سرعة السيارة وهو يحدث نفسه بندم غير مدرك له
- ياريتني كنت خدها للمستشفى من الاول، انا شايفها تعبانة ليه سيبتها!، طب لو حصلها حاجة بسببي!
تعالى رنين هاتفه و كانت رزان، لم يُجيب فعادت تكرر اتصالها للمرة الثالثة فصب غضبه عليها.

في المستشفى
مُستلقية جوانة على الفراش شاحبة الوجه والمحاليل مُعلقة بيديها، كانت عيني أويس معها هي في حين كان الطبيب يحدثه و يخبره عن حالتها و مناعتها الضعيفة وعدم تناولها للطعام، فكل ذلك اتى جانباً الى إصابتها وما تعرضت له من اذى جسدي.
- ينفع اخذها البيت!
- استنى تخلص المحاليل و عادي خدها
أجابه الطبيب ثم ذهب ليكمل عمله مع باقي المرضى.

نظر أويس لساعته فوجدها العاشرة مساءً، لقد تأخر كثيراً على حبيبة ولابُد ان تغادرة رزان لتذهب و تراعي والدتها، لذا اقترب من جوانة و حمل المحلول ليضعه عليها ليحملها بين ذراعيه و يغادر بها المستشفى مُتجاهلاً صراخ الطبيب الذي لمح فعلته مُتأخراً.

الساعة الثانية منتصف الليل، خرج اويس من غرفة حبيبة مُمسكاً بهاتفه الذي يُضيء بإسم جاسر
- خير يا جاسر في حاجة حصلت؟
سأله اويس فور إستقباله للإتصال، اجابه جاسر بإنفعال
- جالنا بلاغ بأن في حرامية دخلوا بيتك، روحنا لقينا الباب مكسور و البيت كله بقى رأساً على عقب، انا قلقان، هو انت عملت حاجة؟
- متقلقش، ده اكيد احمد، اصلي رميتله الطعم
طمأن اويس جاسر الذي استنكر ما قاله الآخر.

- ترميه ازاي وانت مش جاهز!، طب لو وصل للمكان اللي انت فيه دلوقتي هتبقى مصيبة
- متقلقش بقولك، قبل ما يوصل هكون قابلته اصلاً
- أنت ناوي على إيه؟!
سأله جاسر بريبة، تجاهل اويس سؤاله و ذكره
- متنساش، الممرضة تبقى هنا الصبح معتمد عليك، سلام.

و اغلق الخط ليتجه بعدها للمطبخ و يأخذ البعض من الحساء الذي صنعته رزان قبل مغادرتها ثم يتجه به للغرفة التي توجد بها جوانة، فتح الباب بهدوء و تقدم للداخل، كانت لاتزال نائمة، وضع كرسي بجانب الفراش وبدأ بإطعامها الحساء، و يمسح لها ما يسقط عبر شفتيها بإهتمام.

استيقظت جوانة في صباح اليوم التالي، كانت تشعر بحال افضل من ليلة امس، اعتدلت وهي تتثاوب لكنها توقفت في المنتصف، اين هي؟، انه لمكان مُختلف، نهضت وتحركت بخطوات بطيئة اثر أصابتها، لكن قبل وصولها للباب وجدت اويس يدخل ومعه صينية طعام، سألته وبداخلها القلق
- انت جايبني في مكان زي ده ليه؟، مخطط لأية
- ده مش اي مكان، دي فيلتي، بيتي التاني، تعالي كُلي
- مش هاكل حاجة من ناحيتك
- مش بمزاجك.

قالها بعنف اثناء جذبه لها من ذراعها، لكن سرعان ما خفف قبضته حين سمع صوت تألمها من فعلته، اجلسها عنوة و امسك بالشطيرة و دسها في فمها بإصرار اجبرها لمضغه و بلعه، استقام في وقفته و ستدار متجهاً للباب مُصاحباً تهديده
- عايز ارجع الاقي السندوتشات زي ما هي عشان ابلعهملك كلهم في بوء واحد.

- ده تلاقيه مخطط لكل حاجة
قالها اشرف ل أحمد الذي اطفأ السيجارة في وجه صورة اويس بحنق، نظر لأشرف و سأله
- تعتقد ان سامح كان معاه؟
- و إيه اللي خلاك تفكر بكدة؟
- مجرد تخمين، اصل سامح هو الوحيد اللي في وقتها كان يقدر يساعد جوانة وفي نفس الوقت يقدر يخدعها وهو مع اويس!
هز اشرف رأسه بحيرة، أعلن هاتف احمد عن وصول رسالة فأخرجه من جيبه و فتحها ليقرأ محتواها.

مستنيك بكرة الساعة واحدة بليل في، متتأخرش و تيجي لوحدك لسلامة الجميع
صعدت الدماء لرأسه، وحدقت عيناه بغضب حين وقعت على اسم اويس صاحب هذه الرسالة، تدخل اشرف
- في حاجة؟
لم يُجيب، استدار ليتجه لسيارته و يصعدها.

في فيلا اويس
نظرت جوانة للباب حين فُتِح، ظهرت رزان وتقدمت من جوانة التي سألتها
- عملتي فيا المرة الفاتت كده ليه؟
- قولتلك قبل كده
- عشان تحمي اويس!
- وعشان اخلص منك كمان
تنهدت رزان و اضافت براحة
- وأحب اعرفك ان بكرة هخلص منك، قصدي هنخلص منك و ننهي موضوعك و موضوع اخوكي
هزت جوانة رأسها وإبتسمت بلامبالاة وهي تشيح بنظراتها عن رزان للحظات، قالت رزان بخبث
- مسمعتيش كلامه ومكلتيش!

نظرت لها جوانة واخرجت ما بداخلها من حيرة وفضول بعيون شاردة
- انا عارفة انكم خططتوا لكل ده من البداية، وكنتوا بتراقبوني و بتراقبوا احمد، بس في نقطة مش فاهماها بعد ما استنتجت حاجات كتير زي ان اويس هو اللي كان بيدفع مصاريف المستشفى وطبعاً انتِ خدتيني لبيته وفقاً لخططكم، بس لحظة الحادث انا لمحت اويس بيساعدني...
قاطعتها رزان بإستخفاف.

- بيساعدك!، ده كان بيطمن انك لسة عايشة بعد ما حصل الحادث، اة اصل هو اللي كان بيلحقك بعربيته اليوم ده، والحادث كان مُدبر منه
ابتسمت جوانة بتهكم وهي تشعر بالخذي من مجرد تخوينها لنفسها وجعلها غبية، أردفت رزان بهدوء لكنها تعلم اثر كلماتها جيداً
- ده هو اللي ورا كل حاجة وحشة حصلتلك، كل وقت صعب انتِ مريتي بيه كان اويس السبب فيه، ولا عندك كلام غير ده يا اويس؟

كانت رزان تدرك ان اويس يقف جانباً ويستمع لهذا الحديث فأستغلت ذلك لصالحها، تدرك ان اويس الان سيظهر كل ما فعله ليثبت لها انه لا يحب جوانة، و هذا ما تريده هي. دخل اويس ونظراته مُعلقة بجوانة التي لم تنظر له حتى، ولكنها تنفست بقوة لتقول بعدها بوهن
- مش هتفاجئ واتصطدم من اي حاجة هتقوليها، انا بقيت عارفة ومقتنعة اني كنت مخدوعة واني كنت طعم سهل ليكم، بس كل الكابوس ده هيخلص بكرة بالنسبالي فنقصر كلام.

- روحي يا رزان اطمني على حبيبة
قالها اويس بحدة، فنظرت له جوانة وسألته بذهول
- حبيبة هنا؟
غادرت رزان ولحق بها اويس تاركها دون اجابة.
دخل اويس غرفة حبيبة، اخبر رزان والممرضة
- انا رايح مشوار صغيرون هتأخر، خلوا بالكم منها
ثم وجه باقي حديثه ل رزان
- وخلي بالك من جوانة، متخرجش ومتتقابلش مع حبيبة
- متقلقش.

ذهب اويس ل جاسر في مكتبة وأخذ يتحدث معه عن خطته التي استنكرها جاسر وبشدة
- انت كده هتردي نفسك في داهية، و انا مش هعرف اساعدك لو انت هتنفذ الخطة دي، انك تقتل حد وأنا الطائي أغطي عليك!، مستحيل
- يعني هتنسحب؟
سأله اويس بوضوح، فأجابه جاسر بإنفعال
- هو عشان انا مش موافق على طريقة تفكيرك يبقى خلاص هنسحب!، انا بقترح انك تشيل الفكرة من دماغك لأني مش موافق عليها ومش هخليك تنفذها، مش هتبقى قاتل في الاخر.

- انت مش مستوعب!، بقولك هخوفه بس..
- بس انت مش ضامن إيه اللي هيحصل، ممكن هو يقتلك او انت تغلط وتقتله
- مفيش حاجة هتحصل من دي، متقلقش
ثم نهض وتابع بثقة وعلى شفتيه ابتسامة
- عارف ومتأكد انك مش هتسبني لوحدي.

بعد مغادرة اويس بساعة، سمعت جوانة صوت فتح الباب بالمفتاح، انتظرت دخول احد لكن لم يحدث، لذا نهضت وتقدمت بحذر، وضعت يدها على مقبض الباب وادارته ففُتِح الباب، بلعت لعابها بريبة، ماذا يحدث؟، هل هذه حركة مقصودة ام غفلة منهم!، خطت خطواتها بعناية وهي تنقل نظراتها حولها بإنبهار، هذه فيلته حقاً!، كم كانت حمقاء حين كانت تعتقد انه فقير.

جذب انتباهها باب الغرفة المفتوح التي تقابلها، تقدمت ودخلتها لتتوقف بعد خطوتين واتسعت عينيها وتسارعت دقات قلبها لرؤيتها ل حبيبة، انها حبيبة انها مُتأكدة، أكملت طريقها لها حتى وصلت للفراش الذي تنام عليه بسكينة، تأملتها قليلاً، ارتسمت ابتسامة حزينة على شفتيها لِتذكُرها بِم فعله اخيها لها، كيف استطاع ان يؤذي فتاة بهذا الوجه الملائكي!، امتلأت مقتلها بالدموع وهي تمد يدها وتمسح على شعرها بحنان اثناء همسها الصادق.

- آسفة، آسفة نيابة عن احمد
ابعدت جوانة يدها بقلق حين وجدت حبيبة تتململ بخفة تحولت لعنف لاحقاً، فزعت جوانة لإنتفاض حبيبة وصراخها، لم تعرف ماذا يجب ان تفعل، اين رزان؟، أتت ان تتجه للباب باحثة عن رزان لكن قبضة حبيبة القوية على شعرها جعلتها تصرخ بألم وفزع، ماذا يحدث؟
- حبيبة سيبيني، حبيبة.

صرخت جوانة بقولها محاولة إنقاذ نفسها بكلماتها، فهي لديها ذراع واحدة لا تكفي لحماية نفسها، لكن لم تتلقى سوى عنف اكبر من الأخرى، حيث تركت شعرها لتقبض على رقبتها محاولة خنقها وهي تصرخ بجنون وقهر
- انت السبب، هموتك، هموتك
- حبيبة، هموت كدة
اخرجت جوانة حروفها بتقطع وصعوبة، لجأت الى ركل حبيبة بقوة لتبتعد ونجحت، أخذت تسعل وتلهث مُلتقطة انفاسها
- مش هسيبك.

اتسعت مقلتي جوانة الى مصرعيها وهي ترى تقدم حبيبة وهي تحمل مزهرية، كسرتها عليها لاحقاً، فسالت دماء جوانة بغزارة بينما قهقهت حبيبة بسعادة وشر، وبتلك اللحظة دلف اويس راكضاً، توقف بصدمة حين رأى دماء جوانة وضحكات حبيبة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة