قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية غيمة في سمائك للكاتبة مي علاء الفصل الثاني

رواية غيمة في سمائك للكاتبة مي علاء الفصل الثاني

رواية غيمة في سمائك للكاتبة مي علاء الفصل الثاني

‎اليوم التالي
‎فتحت جوانة جفونها بتثاقل فوجدت رأس أويس فوقها، ففزعت، اعتدلت سريعا و هي تصرخ
‎- في إيه!، بتعمل إيه هنا!
‎عاد ليقف مستقيما و هو يقول بإنزعاج
‎- بعد كده متعييش عشان انا مش فاضي اني أفضل جمبك طول الليل عشان اعالجك
‎عقدت حاجبيها و سألته
‎- ليه بتقول انك عالجتني، هو انا كنت عيانة!
‎- حرارتك ارتفعت و اضطريت اروح الصيدلية الفجر و اعملك كمادات.

‎صمتت للحظات ثم شكرته
‎- شكرا ليك لكل اللي عملته عشاني، و اسفة
‎لأني...
‎قاطعها بقوله
‎- اجهزي يلا عشان الحج راضي مستنيكي
‎- نعم!
‎هتفت بدهشة، التفت أويس و غادر الغرفة.

‎ذهبت جوانة للعمل و هي تشعر بالضيق و عدم الرضا، فكيف لهم أن يكونوا بهذه القسوة!، كيف لا يراعون انها كانت مريضة فيعفونها اليوم من العمل!
‎شرعت في العمل حين وصولها و لم ترحمها زوجة راضي فتحية من طلباتها و إتعابها.
‎سمعت جوانة و هي داخل المطبخ صوت ترحيب حار من قبل راضي و فتحية لأحد الزبائن، بعد دقائق دعاها راضي لتحضر المقبلات، حين وقعت نظراتها على ذلك الزبون شعرت بالخوف.

‎دون سبب، بل لسبب شعرت بالقشعريرة و الريبة منه و من هيئته و أثر جرح بشع على وجهه.
‎تجنبت النظر إليه و اتمت وضع المقبلات و عادت للمطبخ مرة أخرى و بعد ثواني وجدت فتحية اتت لتساعدها في إعداد الطعام، لم تستطع جوانة منع فضولها من دفعها لتسأل
‎- هو مين الزبون اللي برة ده؟
‎اجابتها الأخرى و هي منشغلة في تقطيع اللحم
‎- ده جوز بنتي
‎- جوز بنتك!

‎هتفت جوانة بإستنكار خرج منها تلقائياً، نظرت لها فتحية بحدة فأعتذرت جوانة و عادت لما تفعله، و لكن حيرتها لم تتركها بشأن زوج ابنة رب عملها.

‎دقت ساعة انتهاء العمل، فأتجهت جوانة حيث يجلس راضي، حين رآها الأخير سألها
‎- خلاص هتمشي و لا هتستني أويس!
‎- هستناه
‎- طب اقعدي بدل ما انتي واقفة
‎ثم ضحك و هو يضيف
‎- كويس أن فتحية مشيت قبلي
‎سألته عن سبب قوله فأجاب
‎- أصل لو كانت موجودة كنت هروح البيت معاها عشان أوصلها طبعا فكنتِ انتِ اضطريتي تستني برة في الشارع
‎إبتسمت جوانة و تمتمت
‎- شكرا لأنك بتفكر فيا.

‎ثم امتلأت عينيها بالدموع، ربت راضي على كتفها و اخبرها
‎- متزعليش من اني بتعبك في الشغل هنا، بس
‎ده مش بأيدي، الشغل هنا كده
‎اومأت جوانة برأسها و ساد الصمت لدقائق حتى قطعته الأخيرة
‎- هو انا اقدر اخد أجري دلوقتي!، يعني مقدما!
‎- اسألي فتحية هي المسؤلة عن الفلوس و المطعم ده
‎خمنت جوانة من قوله إن فتحية هي المتحكمة في كل شيء تقريباً، لذا لم تكمل ما ارادت قوله.

‎بعد مرور نصف ساعة سألها راضي
‎- هو أنتِ متأكدة أن أويس هيجي ياخدك!، اصله لو كان هيجي كان هيعرفني
‎- بجد!، هو مقاليش و احنا جايين انه هيجي بس انا افتكرت انه مش هيسبني لوحدي
‎صمتت لوهلة قبل ان تشرد و تفكر بسخرية، هو لا يقرب لها شيء و بدون رضا قد قبل بمكوثها لديه، تذكرت كلماته الذي قالها لها في
‎الصباح، فلعنت غباءها على انتظارها له، و شعرت بالحرج من غفلتها.

‎ايقظها من شرودها رنين هاتف راضي، ادركت ان المتحدثة زوجته، حين اغلق اخبرها
‎- معلش يا بنتي هضطر اقفل المحل، هتعرفي تروحي لوحدك!
‎- إن شاء الله هعرف
‎غادرت و هي غير متأكدة من معرفتها للطريق تماما، و لكنها حاولت أن تتذكر الطريق.

‎سارت في طرق متعددة ثم وقفت حين وجدت نفسها أمام شارع تنطلق به السيارات، إنها تعلم أن منزل أويس يقطن في حي صغير ضيق ليس بالقريب من الشارع العمومي، ادركت انها قد اضلت الطريق، شعرت بالخوف و لكنها لم تجعل ذلك الشعور يتملكها و سلكت الطريق الذي اتت منه.

‎بعد لحظات رأت ظل لأحدهم فنظرت خلفها و لكنها لم تجد أي شخص، بلعت لعابها و عادت لتكمل طريقها، لم تمر دقيقة لتسمع صوت خطوات احدهم فتوقفت و التفتت بخوف هذه المرة و كان كالمرة السابقة، لا أحد، و لكن قد تملكها الخوف ليدفعها للركض، وجدت نفسها تبكي من شعورها بالرعب، تريد أن تخرج من هذه الأحياء المظلمة المخيفة التي تمثل متاهة بالنسبة لها.

‎صرخت ثم توقفت عن التنفس و الحركة حين ظهر شخص من العدم امامها، مد الأخير يده لها فتراجعت هي للخلف ثم سقطت بقوة، انحنى و اقترب منها ففقدت الوعي.

‎أشرقت شمس يوم الجمعة و تعالى صوت المآذن بالدعاء، وصل لمسامع جوانة صوت رزان
‎الطرب ينادي بإسمها، فتحت جفونها، فتابعت رزان
‎- كل ده نوم!، اصحي بقى عشان تقوليلي إيه اللي حصل معاكي
‎- انا فين!، في بيت أويس!
‎قالتها جوانة بذهول و هي تعتدل لتصبح جالسة، أضافت سؤال آخر
‎- انا ازاي هنا!، ازاي وصلت للبيت!، يعني ده كان حلم!
‎- حلم إيه!، مش فاهمة حاجة.

‎- لا مش حلم، ازاي حلم و انا كنت حاسة بكل حاجة وفاكراه اوي!
‎حدثت جوانة نفسها بصوت مرتفع، هتفت رزان لتجذب انتباه الأخرى
‎- يا بنتي، قولي إيه اللي حصل معاكي عشان أويس يلاقيكي عند الجيران مغمى عليكي
‎- هو اللي جابني لهنا!

‎- ايوة، اتصل بيه جاره اللي في الحارة اللي انتي كنتي فيها و قاله عليكي، أصله شافك قبل كده و انتي مع أويس فعشان كده اتصل بيه، أويس كان هيتصل بالشرطة لما شافك بالحالة دي إمبارح
‎شردت جوانة للحظات ثم سردت ما حدث معها ليلة أمس و أضافت
‎- مكنتش شايفة وشه لأنه كان لابس كمامة و كاب، و من كتر خوفي أغمى عليا
‎- طب الحمدالله انه معملكيش حاجة
‎- بس في حاجة لاح...

‎قاطع حديثهم دخول أويس بعد طرقه للباب، وضع الصينية على الطاولة الصغيرة و سألها
‎- بقيتي احسن!
‎- الحمدالله
‎اجابته جوانة و هي تومأ برأسها، تحدثت رزان
‎- جبت الدوا اللي قولتلك عليه!
‎تدخلت جوانة بسؤالها الحائر
‎- دوا إيه!
‎اجابتها رزان
‎- جسمكِ ضعيف و محتاج فيتامينات تقويه، و انتِ كنتِ في غيبوبة و فوق كده بتشتغلي فلازم تاخدي فيتامينات و تهتمي بصحتك.

‎- هتروحي الشغل النهاردة و لا إيه؟
‎سأل أويس جوانة، هتفت رزان يإستنكار
‎- تروح شغل إيه بس!، لا مش هتروح النهاردة و لا بكرة خليها ترتاح
‎شعرت جوانة بإنزعاج أويس من رد رزان، فقالت
‎- هروح الشغل عادي
‎وقفت رزان بحدة و قالت
‎- تروحي أية!، انا قولت مفيش روحة
‎و نظرت ل أويس و أضافت
‎- و لا إيه يا أويس!
‎زفر الآخر و قال بجدية.

‎- اعملوا اللي تعملوه، بس لو اطردت من الشغلانة دي مش هخليها ساكنة عندي
‎ثم غادر الغرفة، اتت جوانة ان تقول شيء و لكن رزان سبقتها بإستعجال
‎- في لبس في الكيس الأسود اللي جمبك البسيه عقبال ما اكلمه
‎و غادرت رزان ايضا الغرفة و بقت جوانة بمفردها حائرة.

‎خرجت جوانة بعد ان انهت تبديل ملابسها، خرجت بعد تردد كبير من الغرفة، فقد مرت ساعة على ترك رزان لها، وجدت أويس يخرج من المطبخ و هو يحمل كوب قهوة، نظر لها بجفاء سريعا ثم جلس على الأريكة
‎لاحظت جوانة وجود تلفاز لم يكن موجودا سابقا، سألته
‎- انت جيبت تلفزيون جديد!
‎- ايوة إمبارح
‎غمغمت جوانة ثم سألت عن رزان فأجاب بإمتعاض ايضا دون أن يلتفت لها
‎- روحت
‎- مقالتليش و لا سلمت.

‎قالتها جوانة بحزن، جلست على الأريكة فوجدته ينظر لها و يقول بنبرة لم تروق لها
‎- مقولتلكيش تقعدي
‎حدقت به للحظات مصدومة من وقاحته، شعرت بالإحراج لكنها تجاهلت شعورها الأخير و سألته بإنزعاج تولد بداخلها ايضا
‎- انت مش طايقني و بتعاملني كده ليه!، انا إنسانة على فكرة
‎- يعني اعمل إيه!
‎رده البارد آثار غضبها، نهضت بإندافع و قالت بغضب.

‎ - انا عارفة انك مش حابب فكرة وجودي هنا في بيتك و انك مستحمل عشان رزان و انا شاكرة ليك لانك مخليني عايشة في بيتك، بس انت قليل الذوق و مفيش واحد محترم بيتعامل مع بنت بقلة الذوق دي، و انا ضيفة هنا فالمفروض تعاملني كويس أو تبين شوية احترام ليا و تعاملني بأسلوب احسن مش بأسلوب كأني واحدة اقل منك أو من الشارع.

‎حدق بها دون أي تعبير ظاهر على ملامح وجهه، بعد لحظات التفت و التقط كوب ماء و قدمه لها قائلاً بهدوء
‎- تشربي!
‎تنفست بعمق و قد شعرت أن رد فعلها كان مبالغ فيه، اخذت منه كوب الماء و جلست مرة أخرى
‎، شرع أويس على النهوض حين قالت جوانة بخفوت
‎- مش هترد على كلامي!
‎نهض و تخطاها و هو يجيب
‎- تعبان و عايز انام
‎نهضت بتعجل و هتفت
‎- اسفة
‎توقف أويس، فتابعت جوانة بإحراج.

‎- انا محتاجة فلوس، ممكن تسلفني!
‎نظر لها من فوق كتفه و هو يلويها ظهره، و إبتسم بسخرية.

‎ترجلت جوانة من سيارة الأجرة و نظراتها مسلطة على منزلها، تسمع صوت دقات قلبها المتسارعة بوضوح، وضعت يدها على صدرها و ضغطت بقوة و هي تطمئن نفسها.
‎- اهدي يا جوانة، مش هيحصل حاجة، متقلقيش.

‎وجدت بوابة الفيلا تفتح فهرعت لتختبئ خلف شجرة ضخمة، اخرجت رأسها قليلا لتكتشف الوضع فرأت سيارة حديثة الإصدار فخمة تخرج من بين البوابة، تساءلت لمن هذه السيارة لكنها ظلت حائرة، وجدت سيارة أخرى خلف الأولى و لكنها صغيرة و متهالكة تقريبا سارت في الاتجاه الذي تختبئ فيه هي، تابعت تلك السيارة المتهالكة التي وقفت مع نهاية الرصيف، لمعت عينيها حين رأت الذي ترجل منها، جين وجدته إتجه لأحد المتاجر و ترك سيارته إتجهت للأخيرة و اختبئت بداخلها إلى أن عاد، و بعد ان انهى حديثه مع شخص غريب على الهاتف اعتدلت لتجلس و هي تقول.

‎- سامح!
‎صرخ بفزع حين وجدها ظهرت فجأة و تناديه، قالت جوانة معتذرة
‎- اسفة مش قصدي أخو...
‎قاطعها سامح بريبة
‎- انتِ عايشة ازاي!، انتِ الآنسة جوانة بجد!
‎- مالك يا سامح!، مش مصدق ليه؟!
‎حك رقبته بحيرة ثم مد يده ليضعها على وجهها، قال بخفوت و هو لا يصدق
‎- انتِ بجد!، لا أنتِ عايشة ازاي؟!
‎- ممكن نروح مكان نقعد فيه و نتكلم.

‎اومأ برأسه سريعا ثم أدار المقود و إتجه لمقهى ليجلسان فيه.

‎في منزل أويس، استيقظ الأخير على صوت رنين جرس المنزل و طرقات متتالية على الباب، فتح الباب بإنزعاج فوجدها رزان، قال لها و هو
‎يعود للداخل
‎- دي طريقة حد يخبط فيها على باب حد!
‎- انا بقالي ساعة عمالة اخبط، شكلك كنت نايم
‎- ايوة
‎القى بجسده على الأريكة بإرهاق و هو يجيبها، فسألته رزان و هي تجول بنظراتها حولها
‎- امال فين جوانة؟
‎- الساعة كام!
‎- خمسة المغرب.

‎- هي طلبت فلوس مني من تلاتة كده يعني من بعد ما مشيتي و خرجت
‎- تعرف راحت فين طيب؟
‎- مسألتش
‎قالها و هو يتثاوب، فغضب رزان من عدم إكتراثه لشيء يخص جوانة، هتفت
‎- انت مش مسؤول ليه؟، يعني انت ناس اللي
‎اتفقنا عليه!، هو ده اللي هتعمله!
‎- متقلقيش، هترجع اكيد
‎انهى قوله و نهض ليتجه للمرحاض.

‎في المقهى
‎أخبرت جوانة سامح بكل ما حدث و اخبرها الأخير عن ما اعتقد الجميع عنها، فقالت جوانة
‎- خليهم فاكرين اني ميتة، متقولهمش، انا عارفة انك هتقف في صفي و هتساعدني اني انتقم من أحمد و أرجع كل حاجة خدها مني و احاسبه على اللي بيعمله، انت هتساعدني في كل ده و اكيد هديك مقابل مساعدتك اول ما أنفذ كل اللي عايزاه، ها، انت معايا!؟
‎صمت سامح يفكر، فأضافت جوانة.

‎- انا عارفة انك مش بتحب أحمد و نفسك تأذيه على كل اللي عامله فيك و الذل و التهديد اللي
‎معيشك فيه، رغم انك تعتبر أيده اليمين بس شوف حالتك ازاي، فلو هتساعدني...
‎قاطعها سامح موافقا
‎- هساعدك، عشان اخد حقي منه انا كمان
‎إبتسمت جوانة بسعادة، و تمتمت
‎- شكرا ليك
‎- بس فكرتي هتعملي إيه و هتبدأي ازاي!
‎- فكرت، بس حاليا مطلوب منك حاجة واحدة بس
‎- إيه هي؟

‎- عايزة اعرف كل تحركات أحمد، و الصفقات اللي هيعملها، و مواعيد التسليم و فين بظبط
‎- ماشي، بس ازاي هنتواصل!
‎- اديني رقمك و انا في أقرب فرصة هجيب تلفون اكلمك منه
‎بعد ان اخذت رقم هاتفه قالت له
‎- خلي بالك و خد حذرك من أحمد، هو مش سهل
‎- عارف للأسف، و هحاول على قد ما اقدر
‎غادرت جوانة و استقلت سيارة أجرة لتعود لمنزل أويس.

‎بعد مرور ساعة و نصف هاتفت رزان أويس لتطمئن إذا جوانة وصلت أم لا، و أثناء حديثهما كانت جوانة أمام المنزل تطرق الباب، فتمكنت من التحدث مع رزان الذي طلبت محادثتها، بعد ان اغلقت سخر أويس منها
‎- كنتِ بتلفي في الشوارع!
‎لم تكترث لسخريته و إتجهت للمرحاض ثم إتجهت للمطبخ لشعورها بالجوع فسمعت مناداته لها و قوله
‎- في أكل هنا، رزان جابته ليكِ
‎- كتر خيرها، أنا جعانة اوي.

‎قالتها جوانة بسعادة و هي تجلس لتتناول الطعام، كانت تتناول بشراهة و كان أويس يتابعها بنظراته فشعرت بذلك و ألتفتت لتنظر له لكنها وجدته يتابع التلفاز، فتابعت ما كانت تفعله.
‎- هو انت بتشتغل إيه؟
‎سألته بعد ان انتهت من تناول الطعام، اجابها دون النظر لها
‎- عايزة تعرفي ليه!
‎- هو كل حاجة لازم يكون ليها سبب!
‎- ايوة
‎ساد الصمت لدقائق إلى أن قطعته جوانة
‎- مش هتقول!

‎- حرامي و قاتل قتلة
‎- احلف!
‎إتسعت حدقتيها بصدمة، ثم صمتت للحظات
‎لتبتسم بعدها إبتسامة عريضة و هي تقول
‎- على كده هتقدر تساعدني
‎نظر لها بذهول و قال
‎- مش خايفة!، ممكن اقتلك بدون ما حد يعرف
‎- مش مهم، بس الأول هتساعدني في حاجة
‎قالتها بحماس، حدق بها لوهلة غير مستوعب حماسها المريب، ثم بدأ يقهقه، فتلاشت إبتسامتها و سألته
‎- بتضحك ليه!

‎- انتِ بتصدقي كل حاجة كده زي الهبلة!
‎- يعني انت مش بتتكلم بجد!
‎- طبعا لا
‎زيفت ضحكتها و قالت و هي تضرب يده
‎- و انا كنت بهزر كمان
‎لاحظ حركتها لكنه تخطى ذلك و عاد لينظر للتلفاز، و هي أيضا لكنها كانت شاردة.

‎أشرقت شمس يوم جديد
‎استيقظت جوانة باكراً بمفردها فالقلق يتملكها منذ مساء ليلة أمس، قامت بتبديل ملابسها من الملابس التي احضرتها رزان لها ثم إتجهت لغرفة أويس و طرقت الباب بحذر سمعت صوته الذي يخبرها بأن تنتظر، فظلت واقفة إلى أن فتح لها الباب
‎- عايزة حاجة؟
‎سألها بهدوء، اجابته بإحراج
‎- ممكن توصلني للشغل، مش فاكرة الطريق اوي.

‎- ماشي، انا كده كده كنت هوصلك عشان اللي حصل آخر مرة
‎- شكرا ليك
‎إبتسمت له بإمتنان حقيقي، هز رأسه و عاد
‎لغرفته ليحضر اغراضه و يتجه للباب و يغادران سوياً.
‎أثناء سيرهما سألته جوانة
‎- تعرف أقل موبايل بكام!
‎- ليه؟، عايزة تشتري؟
‎- ايوة محتاجة موبايل
‎و اسرعت لتضيف
‎- بس عايزاه رخيص، أهم حاجة اني اقدر اتكلم منه و ابعت رسايل
‎- يعني عدة قديمة!
‎- يعني إيه؟

‎سألته بحيرة، نظر لها و اخبرها
‎- خلاص هجبهولك النهاردة
‎- لا لا، انا هجيبه بس لما اخد المرتب بس عايزة اعرف بكام دلوقتي
‎- خلاص هسألك و اقولك
‎إبتسمت له بنعومة و شكرته، كم تشعر بالراحة في هذه اللحظة.

‎استقبلت فتحية جوانة بنظرات حارقة ثم دلفت للمطبخ، أما راضي فرحب بها و منحها إبتسامة دافئة.
‎- احتمال معرفش اجي اخدك فخلي بالك و انتِ مروحة
‎اعلمها أويس بذلك، فأومأت جوانة برأسها دون أن تظهر أي اعتراض، فهي تشعر بالحرج من طلباتها التي تتزايد يوماً بعد يوم.

‎في فيلا أحمد البيومي
‎كان أحمد يصرخ في وجه سامح كالعادة لعدم رضاه عن طريقته في القيام بالعمل الذي طلبه منه، لكن رغم ذلك لا يستطيع أن يتخلى عنه
‎فمن الصعب توظيف شخص آخر ليصبح في نفس مكانة سامح، و من ناحية أخرى فسامح ضعيف لا يستطيع أن يفكر بخيانته أو بالوقوف امامه.
‎- في صفقة جديدة هتتسلم بعد شهرين، عارف لو حصل للصفقة دي حاجة هيحصلك إيه!
‎هز سامح رأسه، فأعلمه أحمد عن التفاصيل.

‎بعد مرور نصف وقت العمل
‎خرجت جوانة لتتحدث مع فتحية أثناء خلاء المطعم، و تحدثت بما تريده مباشرةً
‎- في إمكانية اني اخد أجري مقدماً!، أو حتى نصه!
‎- لا طبعاً، و انا بدي الفلوس على آخر الشهر، و تعالي هنا انتِ لسة تالت يوم شغل هنا، فلوس إيه اللي تاخديها.

‎تحدثت معها فتحية بطريقة بغيضة خبيثة، اعتذرت جوانة و نهضت لتعود للعمل و أثناء ذلك وجدت زوج ابنة راضي يدخل المطعم، وتلاقت اعينهما للحظة، لكن تلك اللحظة اشعرت جوانة بالإرتباك و الخوف.

‎مساءً
‎انتهت جوانة و القت السلام لتغادر و لكن عرض عليها راضي
‎- استني اوصلك يا بنتي
‎تدخلت فتحية بحدة
‎- توصل مين!، انت فيك صحة!
‎إبتسمت جوانة له و شكرته لاهتمامه و غادرت، اوقفت أحد المارة لتسأل أي طريق تسلك لتذهب لحي سلمان الذي يوجد به منزل أويس، فأرشدها الآخر.

‎سلكت الطريق الذي اخبرها عنه و بعد دقائق من سيرها شعرت سمعت صوت خطوات احدهم خلفها، نظرت بحذر للخلف وجدته زوج ابنة راضي و فتحية، فتابعت سيرها و هي تشعر بالقلق، ثم توقفت فجأة و التفتت لتسأل بشيء من الحدة
‎- في حاجة حضرتك!، ماشي ورايا ليه؟
‎هز كتفيه و قال بخبث
‎- ده طريقي
‎- طيب اتفضل كمل طريقك
‎قالتها و هي تتيح له الطريق ليسبقها، إبتسم بقزارة و همس لها حين مر بجانبها.

‎- ماشي يا قمر
‎رمقته بإستحقار بعسليتيها و انتظرت ليبعد مسافة عن موقعها، ثم تابعت طريقها و هي تشعر ببعض الراحة لكن ذلك الشعور لم يستمر إلا لبضع
‎دقائق قبل ظهوره فجأة امامها، فصرخت بفزع فإبتسم لها بطريقة مريبة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة