قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية غيمة في سمائك للكاتبة مي علاء الفصل الثالث عشر

رواية غيمة في سمائك للكاتبة مي علاء الفصل الثالث عشر

رواية غيمة في سمائك للكاتبة مي علاء الفصل الثالث عشر

كان سامح يتابع كل ما يحدث من فوق المبنى المقابل لهم، مبنى قديم مهجور به طابقين فقط، يتابع حركات احمد، هناك نيران تتأجج بداخله الان، نيران رغبته في الانتقام منه لِم سببه له من اذى وتهديد، اخرج المسدس وصوبه على احمد، شاهد تصرف جوانة التي تصوب السلاح على رأسها، تسائل ماذا تنوي ان تفعل!، أعاد نظراته ل احمد، حرك حدقتيه لخلف الاخير، هناك ظل احدهم يقف خفية، اضاق عينيه وهو يتسائل إذ ما تراه عينيه حقيقة، هل هذه رزان!، ماذا تنوي ان تفعل ولماذا تحمل السلاح!

اخفض سلاحه بصدمة وحيرة بعد إصابة احمد، ما هدف رزان من ذلك!، هل فعلت ذلك وفقاً لإتفاق هو لا يعلمه ام ماذا؟

في المستشفى.

أُغلق الباب على احمد داخل غرفة العمليات بينما جوانة تقف تنظر ليدها وملابسها التي أصبحت مُلطخة بدماءه، تنظر بصدمة، امتلأت مقلتيها بالدموع وهي تسترجع كلماته الاخيرة، سالت دموعها على وجنتيها بحرارة تحرق قلبها قبل وجنتيها، هزت رأسها رافضة فكرة موته ورحيله التي قفذت امامها بطريقة وحشية، انتفضت صارخة حين شعرت بيد تُضع على كتفها، استدارت بعنف وفزع وهي تدرك انه أويس، تراجعت للخلف بتلقائية وحدقتيها تشتعل بمشاعر كثيرة بدايتها الغضب ونهايتها العتاب، فكرت انه السبب في ما حدث، هل كان هذا مُتفق عليه!، هل كان ينوي قتله امامها وهكذا ينتقم!

هجمت عليه وأخذت تضربه بقبضتها باكية، تخبره انه السبب، انه خدعها للمرة الثانية، وجوده في حياتها دمرها، كانت تتمنى الموت حقاً لينتهي كل هذا، لم ترد ان يتأذي اخيها من اجل زوجته وابنته، كانت ستضحي بنفسها لأجلهم، نعم لقد كانت تكن الحقد لأخيها لأعتقادها انه حاول قتلها ولِم يفعله لكن في النهاية هو اخيها، من الصعب عليها رؤيته يُقتل امامها.

أمسك اويس ذراعها وجذبها له حيث أصبحت تشعر بأنفاسه المتسارعة، اخبرها وهو يقسم
- والله ما خدعتك ولا كنت عارف ان ده هيحصل، معرفش مين اللي غدر بيه بس مش انا، انا لو عايز اقتله هعمل كده بدون ما احتاج اني اخفي نفسي
كان صدقه ظاهر عليه لكنها لم ترد ان تراه، كانت سماء عينيه تلمع ببريق لم تراه به من قبل لكنها تجاهلت ذلك أيضاً، دفعت يده عنها وهي مازلت بالقرب منه، تنفست بقوة قبل ان تخبره بحسم وتوعد.

- لو حصل حاجة لأحمد مش هسامحك، والمرة دي هنفذ كلامي
ثم استدارت لتجلس على المقعد البلاستيكي، ودموعها تسيل بهدوء، نظرت له بطرف عينيها وقالت بإنزعاج
- ياريت تمشي من هنا لان وجودك خانقني
تنهد بقوة قبل ان يلتفت ويبتعد، اعتقدت انه سيغادر لكنه في الحقيقة خرج ليجري مكالمة عنيفة مع جاسر، هل هذه خطة منه وسامح قام بتنفيذها؟، ولماذا لم يخبره؟، انكر جاسر ذلك وقد كان مُتفاجئ.

- انا ازاي هعمل حاجة زي دي وأنا اللي كنت رافض انك تقتله او تخوفه حتى!
- يعني سامح اتصرف منه لنفسه؟!
صرخ اويس غاضباً به شيئا من السخرية، اخبره جاسر بشك
- طب ما ممكن يكون في طرف تاني خالص غير سامح، عموما انا هكلمه عشان اقابله دلوقتي ولو طلع هو اللي ورا قتل احمد انا مش هرحمه
ثم استفسر
- بس قولي احمد عامل إيه؟، عايش؟
- عايش، في أوضة العمليات دلوقتي وربنا يستر
- وجوانة؟

- فاكرة ان انا ورا اللي حصل لأحمد وطبعاً منهارة
- متسيبهاش لوحدها وخليك معاها، عارف انك ممكن تكون مبسوط للي حصل وأنك شمت..
استشاط اويس غضباً من قول الاخر، كيف يحكم عليه او يحتمل ذلك!، لذا قاطعه بحدة
- وانت تعرف منين اني كده!، انت دخلت جوايا!
حاول جاسر تصليح الموقف سريعاً
- مش قصدي والله، عموماً خليك جمبها للأمان لحسن يكون ورا اللي حصل لأحمد نفس اللي خطفوا جوانة
- خلص انت بس وشوفلي سامح.

- متقلقش انت، انا هخلص سامح خلال ساعتين وهكلمك علطول
انهى اويس المكالمة ثم عاد ليقف بعيداً عن جوانة بالقليل، ينظر لها من حين لآخر وعينيه تفيض قلقاً عليها، فلونها اصبح باهت والحزن كسى وجهها ودموعها لا تتوقف، فكر في هذه اللحظة ولأول مرة ينتابه هذا الشك وعدم اليقين في امر انتقامه، هل كان يجب ان ينتقم من خلالها!، انه يشعر بالضيق.

ذهب جاسر لمنزل سامح الذي قابله على الباب وكأنه كان في انتظاره، توقف جاسر ووضع كفيه في جيب بنطاله قائلا بهدوء
- اكيد عارف انا جي ليه؟
تحرك سامح بعيداً عن منزله ليلحق به جاسر، سأل سامح بثبات
- احمد عايش ولا مات؟
- يعني انت ورا اللي حصل!
- كان نفسي أكون انا
قالها سامح بصراحة، ثم أضاف بشفافية
- بس طلعت جبارة ومش سهلة رزان دي
- بتدخل رزان دلوقتي ليه في الكلام!
اخبره سامح بما سبب ل جاسر الصدمة.

- هي اللي طخت على احمد، انا شوفتها
- انت بتقول إيه!
- يعني انت مش متفق معاها!
استخف سامح به حين رأى دهشته من قوله، ثم أضاف حين ادرك انه لا يعلم عن الأمر، اخبره بتحذير
- عموماً رزان بتلعب من وراكم وبتخطط، مش عارف غرضها من ده إيه بس هي ورا اللي حصل النهاردة وكمان ورا خطف جوانة
- نعم!، رزان ورا خطف جوانة!؟
هتف بصدمة ثم هز رأسه بعدم تصديق، فأخبره سامح بم حدث.

- بعد ما انا قررت اني اسمع لضميري واني ابعد عن الكل وعن اللي بيحصل لقيت رزان بتكلمني وطالبة اننا نتقابل، قابلتها بعد محايلة منها لقيتها جاية ومعاها رجلين من رجالة خليل، ادتني فلوس عشان أساعدها في خطف جوانة واني اشيل الموضوع ان ابقى انا اللي في الصورة قدامكم، بس انا رفضت في الاول بس هددتني بعيلتي فأضطريت أوافق، وافقت بس متراجعتش عن اني أقول لجوانة عن الحقيقة واعتذرتلها وطلبت منها انها تسامحني.

لم يعطي جاسر فرصة ل سامح لكي يكمل ليطرح تساؤلاته
- استنى استنى، يعني رزان هي اللي ورا خطف جوانة، هي اللي طلبت منك انك تساعدها على خطفها؟
- ايوة، وتقدر تسألها وهي مش هتنكر لأنها بررت لي تصرفها على انها عايزة تحمي اويس
- تحمي اويس!، هي لسة بتفكر فيه وبتحبه!
حدث جاسر نفسه بخفوت وذهول، قال سامح بجدية وحزم.

- لوسمحت يا جاسر بيه، انا مش عايز ادخل في انتقامكم تاني، عايز ابقى بعيد عنكم وعن احمد، عايز أعيش حياة طبيعية بعيدة عن كل الإجرام ده والعنف، فلوسمحت انسوا اني عايش على نفس الأرض اللي انتوا عايشين فيها، واتمنى الآنسة جوانة تسامحني لأني كنت بخدعها وأنا معاكم.

تخطى سامح جاسر وابتعد، ابتعد عن دائرة الانتقام التي أوقع نفسه بها وهو ليس له دخل فيها، ابتعد ليصلح حياته التي أفسدها من اجل المال، يريد الان ان يحيا حياة كريمة ومسالمة.
ظل جاسر واقفاً يفكر بما قاله سامح له وهو مازال تحت تأثير الصدمة، اخرج هاتفه الذي يرن واجاب بشرود
- انا جايلك، مينفعش اقولك على التليفون.

في المستشفى
مرت ساعتين على دخول احمد لغرفة العمليات، فُتِح الباب وخرج الطبيب، هرعت له جوانة وهي تسأله بقلق وتوتر
- ها يا دكتور، احمد عايش؟، عرفت تنقذه؟، العملية نجحت؟
- نجحت العملية الحمدالله فمتقلقيش
ابتسمت جوانة وملأتها الراحة بعد قول الطبيب، بكت بسعادة وكادت ان تعانق الطبيب لكنها ادركت ما ستفعله وتراجعت سريعاً، شكرته الاخيرة بحرارة قبل تركها، جلست وأخذت تشكر الله وتحمده.

بعد فترة وجيزة نهضت لتأخذ هاتف احمد من الممرضة التي اخرجت ممتلكاته خارجاً، ضغطت على الزر لينير الهاتف وتظهر صورة احمد معها، ارتسمت على شفتيها ابتسامة صغيرة بتلقائية لرؤيتها ذلك، ظلت تتأمل الصورة قليلاً ثم قامت بالإتصال ب ندى التي أجابت سريعاً وكانت منزعجة
- انت مجتش ليه كل ده؟، هو ده ساعة وجي!
- انا جوانة يا ندى
- جوانة!، انتِ فين حرام عليكي
هتفت بعتاب وقلق، تنفست جوانة بقوة ثم أخبرتها بهدوء.

- تعالي للمستشفى يا ندى، احمد دخل العمليات
سمعت جوانة صوت تنفس ندى المتوتر بعد قولها قبل ان تهتف بفزع وقلق عليه
- نعم!، احمد، احمد كويس؟، ماله حصله إيه؟، هو ليه في العمليات؟
- متقلقيش هو كويس وخلصت عمليته، تعالي بس وهفهمك كل حاجة
- ماشي ماشي، بس اني مستشفى؟

بعد مرور ساعة، قابل أويس جاسر امام المستشفى
- ما تقول يا جاسر، بأي رد منك مش هبقى هادي وانت عارف، فخلصني
نفذ صبر اويس من انتظاره لجاسر كي يتحدث، تنفس الاخير بتوتر، كيف يخبره؟
- زي ما قولتلك ان في طرف تالت، بس منعرفش مين.

كذب جاسر، كذب من اجل رزان التي ذهب لرؤيتها قبل ان يأتي ل اويس، التي ترجته بألا يخبر الاخير عن فعلتها، أخبرته انها فعلت ذلك لأجل اويس فهي مازالت تحبه، وهي لا تريد خسارته، فكر إذ بلغ احمد عما حدث ستقع رزان تحت يدي الشرطة، لذا يتمنى الا يحدث ذلك.
- وانت صدقته؟، اكيد بيقول كده عشان تسيبه
هتف اويس بحدة، وضح جاسر.

- انا مصدقه اة لأنه شاف اللي صوب على احمد، بس كان مغطي وشه فمتعرفش عليه، وحتى لو ليجذب كله هيبان
- مش هعتمد عليك مرة تانية في حاجة
قالها أويس قبل ان يعود للداخل وبداخله غضب من عدم معرفة الشخص الذي تسبب بذلك.

في طريق اويس للصعود لغرفة احمد رأي ندى التي كانت تركض والقلق والخوف ظاهر على ملامح وجهها بوضوح، تعرف عليها سريعاً فهو كان يراقب عائلة احمد جميعها.
وصل للطابق المطلوب ووقف بعيداً يشاهد ما يجري بين جوانة وندى.
- احمد فين يا جوانة احمد فين؟
سألت ندى جوانة بقلق وهي تكاد ان تبكي، ربتت الاخيرة على كتفها محاولة تهدأتها
- اهدي بس يا ندى هو كويس، شوية وهيدخلونا
- طب قوليلي هو حصل إيه؟، وماله اصلا؟

- اتصاب برصاصة
ضربت على صدرها بصدمة، اخذتها جوانة وجلست بها ثم تابعت وقصت عليها ماحدث بل القصة بأكملها، من البداية، لكنها حذفت بعض الأشخاص كحبيبة وما فعله احمد بها، أخبرتها برغبتها بالانتقام التي تولدت بداخلها وأخبرتها عن زواجها وخداع الاخير لها لينتقم من احمد.

كانت جوانة تتوقع رد فعل عنيف منها وقد صدق توقعها، فقد تجاهلت ندى كل ما أخبرتها به جوانة وتمسكت بأن الاخيرة هي السبب فيما حدث لأحمد، نهضت غاضبة تلومها بعنف وقسوة، لم تدافع جوانة عن نفسها وحاولت تجاهل كلماتها فهي تعلم ان ندى غاضبة وما ستقوله شيء طبيعي في موقفها.
- أمشي من هنا، امشي
صرخت ندى وهي تُنهِض جوانة وتدفعها بعيداً، كادت ان تسقط لكنها تمالكت نفسها، اشارت لها بأصبعها بتحذير.

- مش عايزة عيني تشوفك، ولو شوفتك هبلغ عن المجرم اللي اتجوزتيه ده
- انا مش مجرم
اتى صوت اويس الخشن من خلف جوانة التي استدارت بغضب لتنظر له بحدة، ماذا يفعل هنا الم تطرده؟، عادت لتنظر ل ندى التي قالت بحدة
- وجيباه معاكي كمان!، ناوية تقتلي اخوكي باتفاق معاه!
أتت ان تدافع جوانة عن نفسها لكن اويس تحدث
- محاولناش نقتله أولاني عشان نحاول نقتله دلوقتي
- انا هبلغ الشرطة حالاً.

وأخرجت هاتفها لتنفذ قولها، فجأة وجدته يُأخذ من بين يديها من قِبل اويس الذي قال بهدوء مخيف
- اهدي كده وافهمي وبعدها نشوف هتكملي تصرفاتك على نفس الطريقة ولا لا
اسرعت جوانة وجذبته من ذراعه بغضب لتقف امامه وتخفي ندى خلفها، ضربته في صدره وهي توبخه
- انت بتعمل إيه هنا؟، مش قولتلك امشي
تجاهلها ونظر ل ندى فصرخت به
- إياك تفكر تأذيها او تكلمها حتى
نظر لها وزفر بنفاذ صبر، قالت ندى.

- متلعبيش عليا وتعملي فيها انك خايفة عليا وانتِ معاه اصلاً
نظرت لها جوانة بحزن، بينما غضب اويس وجذبها من ذراعها ليأخذها بعيداً، اخذت تصرخ به بغضب مُطالبة ان يترك يدها لكنه لم يكترث، ترك ذراعها بحدة خارج المستشفى، اتى دوره هو في الصراخ والغضب عليها
- انتِ كده ليه!، ليه تسمعي كلام زي ده وانتِ معملتيش حاجة؟، مش انتِ السبب في اللي حصل ف ليه ها ليه؟

كان غاضباً فهو يدرك صعوبة هذا الشعور جيداً، شعور ان تُلام على شيء لم يكن بيدك حيلة لكي توقفه، ضحكت جوانة ساخرة بحدة
- لا انا السبب، انا اللي دخلتك حياتنا، لو معملتش كل ده مكناش وصلنا للي وصلناله دلوقتي، وغير كده انت بتتكلم معايا كده ليه كأنك بتهتم مثلاً او كأنك مأذتنيش قبل كده؟، كلامها ولا حاجة جمب اللي انت عملته فاهم.

صرخت في النهاية بقهر واتت ان تغادر لكنه تمسك بها، تنهد ثم قال بهدوء محاولاً إقناعها
- وجودك هنا ملهوش لازمة وهيأذيكي بس، فتعالي معايا
قاطعته بشراسة
- اجي معاك فين ان شاء الله؟، لتكون ناوي تحبسني تاني!
حاولت ان تتملص منه قائلة بغضب وهي تلهث
- سيب ايدي وإلا هصوت والم عليك خلق الله، آآه
تأوهت حين شعرت بألم في ذراعها المكسور من فرض حركتها ومقاومتها، تركها وهو يرفع يديه قائلاً بلطف.

- خلاص اهدي اهدي، تعالي اخدك ونشوف الجبس ده وبعدها تروحي في المكان ال...
قاطعته مرة اخرى بصراخ
- هروح لوحدي مش هروح معاك، وابعد عني بقى
ثم التفتت وعادت للمستشفى، فلحق بها وحاوط كتفها بذراعه بدقة دون ان يؤلمها، أتت ان توبخه وتبعده لكنه قال
- متعمليش فضيحة هنا في المستشفى عشان اخوكي
فصمتت لكنها ارادت ان تأخذه خارجاً لكنه كان قوي ليجبرها على إكمال طريقهم لطبيب العظام.

غادر اويس غرفة الطبيب بعد ان اطمأن انها بخير ليجيب على مكالمات رزان له
- نعم يا رزان في حاجة؟
- انت فين كل ده؟، في حاجة حصلت ولا إيه؟
- اتصلي بجاسر وهو هيقولك كل حاجة، قوليلي، حبيبة عاملة إيه؟
- بتسألني عنك، انت هتتأخر؟
- شوية كده، خلي بالك منها عقبال ما اجي
- متقلقش
انهى المكالمة ثم عاد للداخل وقد انتهت الممرضة من تجديد الجبس، شكر الممرضة وقد وصته مع ابتسامة
- خد بالك من مراتك شوية كمان
- انا مش مراته.

هتفت جوانة بحنق، فنظرت الممرضة بإستغراب فابتسم اويس قائلا للممرضة
- هحطها في عيني
أحرقته جوانة بنظراتها الغاضبة، نهضت وسارت تضرب الأرض للخارج. تعالا رنين هاتف اويس فأجاب على رزان
- الحق يا اويس، حبيبة مش عارفة مالها بس هي تعبانة، تعالى بسرعة
- جاي حالاً
اغلق والقلق تملكه، نظر لجوانة وسار في اتجاهها ليمسك رسغها ويجرها خلفه، اصعدها السيارة عنوة وصرخ بها مُحذراً
- أياكي تنزلي، مش فاضي الحقك.

في المستشفى.

دخلت ندى ل احمد الذي كان مستلقي على السرير وملامحه تظهر عليها التعب، وضعت يدها على فمها تكتم شهقة بكائها، رؤيته هكذا تؤلمها، تابعت طريقها اليه وجلست على الكرسي لتمسك يده بعدها وتقبلها وتتعالى شهقاتها رغماً عنها.
- انا هنا يا احمد، يلا قوم عشان نرجع ل نونا حبيبتك
اعاقتها دموعها فصمتت لثواني ثم أكملت بعتاب وهي تبكي.

- ده اللي هترجع بعد ساعة!، انت كدبت عليا، انت ازاي تروح للموت برجلك!، مفكرتش فيا ولا في نونا؟، ازاي هنعيش وإزاي هربيها بدونك!، يلا قوم ورد عليا، قوم طمني يا احمد قوووم
اخذت تشهق في النهاية، ظلت هكذا لفترة وجيزة قبل ان ترفع رأسها وتمسح دموعها، اخذت تتحدث معه وتسأله.

- انت محاولتش تقتل جوانة انا عارفة انا متأكدة ان عمرك ما تأذي حد من دمك، بس، بس إيه سبب انتقام اللي اتجوزته جوانة منك؟، انت عملتله إيه؟، انت معملتش حاجة وحشة ليه صح!، انا واثقة فيك يا احمد، متكسرش ثقتي ارجوك
وعادت للبكاء مرة اخرى، انها خائفة منه وعليه، خائفة من كسره لثقتها فلا تعلم ما رد الفعل الذي يجب ان تتخذه وقتها.

كانت رزان تشاهد دخول اويس وهو ممسك جوانة للفيلة، تملكتها الغيرة والحنق، كورت قبضتها بغضب وهي تنقل نظراتها ل حبيبة النائمة، نعم هي كذبت بشأن سوء حالة حبيبة، كذبت لتحضره لها ولكنها لم تتوقع إحضاره ل جوانة، هذا اغضبها وبشدة.
دخل اويس الغرفة تاركاً جوانة على الباب، كان يلهث وهو ينظر لحبيبة النائمة، جذبت رزان انتباهه بقولها
- اديتها المُهدأ ونامت من شوية قليلين.

تقدم من حبيبة وربت على شعرها بحنان وقد أرتخت ملامحه وأصبح مرتاح، قبل جبينها ثم سأل رزان
- تعبت لوحدها كده ولا حصل حاجة؟
- لوحدها
- سيبيني لوحدي مع حبيبة، خدي جوانة للأوضة
- انت جايبني تحبسني!، انا عايزة أمشي.

هتفت جوانة بحدة وإعتراض، وهمت بالمغادرة فأسرعت رزان وعرقلتها بإشارة منه وفعلت ما طلبه منها، أدخلتها الغرفة عنوة وأغلقت الباب عليهما، دفعتها بقوة أسقطتها ارضاً فتأوهت جوانة، أظهرت رزان وجهها الحقيقي سريعاً، قالت بحقد
- انا مش عارفة انتِ ازاي محظوظة كده؟، انتِ مستقصدة تستفزيني وتفصيل جمب اويس؟، اخوكي خد الرصاصة بدالك قولنا ماشي، قولت خلاص هتفضل مع اخوها وهتبعد عننا بس لا، لاقيتك راجعة مع اويس.

أنهضت جوانة نفسها وهي تدرك كلماتها التي قالتها في الوسط، تمهلتها وسألتها بحذر
- ثواني ثواني، ازاي احمد خد الرصاصة بدالي!، يعني انتِ بتعترفي أنكم متفقين على أنكم تصيبوني انا مش احمد!
- كنت ناوية اقتلكم انتم الاتنين بس للاسف انتِ استخبيتي وحميتي نفسك.

تمتمت جوانة بعدم تصديق وقد امتلأت مقلتيها بالدموع، كان من المفترض ان تتلقى هي تلك الرصاصة وليس اخيها، لماذا فشلت في تصويبها، هاجمت جوانة على رزان وهي تصرخ بها باكية
- ليه غلطتي وطخيتي عليه هو!، ليه مصوبتيش عليا صح!، ليه غلطتي ليه عملتي فيه كده؟
دفعتها رزان عنها بقسوة وقالت ببرود وسهولة
- نفسك تموتي اوي كده!، ممكن اموتك دلوقتي لو عايزة ومحدش هيعرف، هعمل كأنها عملية انتحار.

- انتِ مهووسة بقتلي ليه؟، مهووسة بإنتقام مش انتقامك ليه؟
صرخت جوانة بقهر، أجابت رزان بوقاحة
- اة مهووسة وعايزة اقتلك وأخلص منك، عايزة اويس ليا لوحدي، وانتقام اويس هو انتقامي، انا وهو واحد، دخلتي اللعبة بمزاج اويس وهتخرجي منها بمزاجي
- لو عايزة اخد اويس منك هاخده، لو كنت عايزة كنت خدته من زمان
أنهت قولها بحدة، ضحكت رزان بحنق وهي ترد بتسرع ودون تفكير.

- انتِ خدتيه وانا بحاول ارجعه، اويس مايل ليكي والدليل انه بيحميكي في كل مرة، اويس مش راضي يأذيكي وخايف عليكي، مشوفتيش ازاي حماكي بعد ما ضربت اخوكي بالرصاص!، انتِ خدتيه مني وبتمثلي دلوقتي دور العبيطة
ادركت رزان ما قالته وانزعجت من نفسها، ردت جوانة بإستنكار وعنف
- بيحميني!، انتوا مقتنعين ازاي بالكلام اللي بتقولوه؟، ومدام بتحبيه للدرجة دي ابعديه عني، خليه يسبني اعمل اللي عايزاه خليه يحررني.

- محدش هيحررك غيري، انا اللي اقدر اعمل كده، استسلمي ليا وبس
انهت رزان قولها بإبتسامة خبيثة وهي تتقدم من جوانة التي تراجعت بدورها
- انتِ هتموتيني، مش هتحرريني
- خلينا نسهل المواضيع على بعض
قالتها رزان بخفوت وعلى وجهها ابتسامة بدت مخيفة من نواياها، تابعت جوانة تراجعها، نظرت للخلف نظرة سريعة وجدت الشرفة مفتوحة، هل خططت لهذا؟، هل ستلقيها من الأعلى!، وكأن رزان سمعت ما يدور بداخلها لِتُأكده.

- ايوة هرميكي من هنا
تسارعت انفاس جوانة وهي تنظر ل رزان التي بدى عليها الجنون بحق، صرخت تُطالب بالمساعدة
- الحقوني، اويس، اوي
بلعت باقي حروفها بإختناق حين قبضت رزان على عنقها بقوة ووصلت بها لعتبة الشرفة، حاولت جوانة التملص منها، ادركت جوانة ان ليس بينها وبين السور الا القليل، غضبت رزان حين سمعت طرقات اويس المتتالية على الباب المُغلق، قالت بتوعد وحزم ل جوانة.

- مش هتراجع المرة دي، هخلص منك يعني هخلص منك
حاولت جوانة ان تركز على جعل رزان بالقرب من السور لتصبح هي في أمان، وفعلت، لكن فجأة احدد الأمر بينهما وبحركة دفاع من جوانة جعلتها تدفع رزان بقوة أبعدتها عنها لترتطم في السور وتنقلب بعدها للأسفل.
في تلك اللحظة اقتحم اويس الغرفة وتوقف ناظراً بصدمة ل رزان التي تسقط امام عينيه، بينما سقطت جوانة جالسة على الأرض بصدمة وجسدها يرتجف.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة