قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل العشرون

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل العشرون

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل العشرون

صوته كان كفيل بأشعال نيرات لا تنطفئ بسهولة في صدر مالك، صوته المزعج يجعله يثور، وتجتاحه رغبة عارمة في خنقه في نفس اللحظة!
إلتفت له يطالعه بعينيها التي أشتعل وميضها في ثوانى ليزمجر فيه بغضب:
ملكش دعوة أطلع أنت منها
نظر له باستخفاف قبل أن يشير لكلاهما بحركة تهكمية:
وبالنسبة لانهم مش طايقينك، مفيش دم خالص!؟

لو لم يكن كذلك، لما كان شعر بالغليان الحقيقي بين أوردته، وصل احتماله لأقصي حد، وقد قرر إخراجه ليقابل ذاك ال يحيى ليحرقه دون رحمة!
اقترب منه يهمس بتهديد وضح كوضوح الشمس:
قسمًا بالله لو ما مشيت من هنا لأخليك عبرة للي يسوى واللي مايسواش
ولم يكن مالك السُنارى إن لم ينفذ وعده حرفيًا، بكل معانيه وألامه وقوانينه!
برغم إهتزاز بسيطة شعر بها امام قسمه الجامد، إلا أنه اخفاها وهو يتابع بحنق:.

دول أهلى، أمشي واسيبهم لية وازاى، لكن انت مين بالنسبة لهم، انت ولا حاجة،!
همس بشيئ قد يمكن أن يكون واقع!
ولكن واقع غير مرحب به في حُكم مالك السُنارى، وما لم يقبل به لا يسمح له بأختراق اذنيه ثانيًا!
صرخ فيه بحدة لفتت انتابه الاخريات:
انا اقرب لهم، انا جوزهاااا
زوجها!
زوجها فعليًا؟!، لا اكيد يكذب، يكذب نعم، لا لن تخط صك ملكيتها لأخر لو كان أخر يوم بعمره..!

أقنع نفسه بهذا الكلام قبل أن ينظر له قائلاً ببرود ظاهرى:
كداب، شمس مش متجوزة ومش هتتجوز غيرى
وإن قتله الان لن يلومه اى شخص بالطبع، شعور فطرى برغبة قتله فقط!،
فجأه بلكمة قوية جعلته يترنج للخلف والدماء تسيل من فمه، لكمه صرحت بمدى غضبه الذي كان يحاول كتمه، ليهتف يحيى بأنفعال حقيقي:
انت مجنون بتمد ايدك عليا!
اومأ برأسه ببرود متابعًا بتأكيد:
واموتك كمان لو جبت سيرة مراتى بكلمة على لسانك القذر تانى.

هز رأسه نافيًا ليهدر فيه:
لا انا عايز دليل فعلى عشان أصدق
رفع مالك كتفيه مجيبًا بنزق إحتله كليًا:
انا مش مضطر اثبت لك، بس لما تجيب البوليس اوعدك إني اوريه قسيمة الجواز
اذًا الامر لم يكن كذبة!
صك ملكيته على روحها، قبل، جسدها!؟
انتهى ما كان قد يظنه يمكن أن يماطل فيه!
هنا صرخت والدة شمس بحدة مقترنة بعدم التصديق:
بس بقي اخرسوووا.

نظرت ل شمس نظرة قاتلة لن تنساها شمس يومًا بالرغم من جمودها إلا أنها استطاعت لمسها داخليًا!
ثم سألته سؤال لاذع حارق نسبةً لتلك المسكينة:
ده جوزك فعلاً يا شمس؟!
كادت تحرك شفتيها إلا أن قاطعتها والدتها بحركة من يدها بجدية:
بس إجابتك دى تعتبر تحديد مصير
نظرة من شمس التي بدت وكأنها عادت لوعيها نحو مالك المنتظر..!
ويحيى المتلهف!
ووالدتها القاسية في ذاك الوقت!
و...

منذ حديثهم اللاذع لم تلمح طيفه في المنزل مرة اخرى..
غادر، غادر ليتخلى بنفسه ليفكر جيدًا!
ربما لتحديد شعوره، وربما للهرب منها هي شخصيًا!
أما عنها، تجلس في الغرفة التي خصصت لها، خلاياها ترتعش كل حينٍ ومين عندما تتذكر همسته التي تثير رعشتها
مراتى...
كلمة سهلة النطق، ولكن واسعة التأثير!
والسؤال الذي يجب الأجابة عليه حتمًا
هل هي فعلاً تكرهه؟!
إذا كانت نعم، فماذا عن رجفتها وسط أحضانه المحتمية!؟

ماذا عن رعشة دقاتها المسلوبة نحوه عندما يقترب منها!؟
ماذا عن إفتقادها له في بعض الاحيان!؟
و...
بسسسسس
صرخت بها وهي تضع يدها على رأسها تضغط عليها بقوة علها تهدئ ذاك الصراع بداخلها..
ثم نهضت متجهة للمرحاض لتستخير من هو أفضل واوعي منها، تستخير ربها في الاستمرار، أو الانفصال عن مراد!
دلفت الى المرحاض كالمغيبة تتوضئ بهدوء غير مكتسب..

انتهت ثم اتجهت للخارج مرة اخرى، وقد جلبت طرحة صغيرة تلف بها خصلاته وبدءت صلاتها بتضرع وخشوع تدعو الله أن يهديها للطريق الصحيح...
انتهت ثم نهضت ولملمت المصلاة وهي تتنهد تنهيدة طويلة تحمل الكثير..
كادت تتجه لغرفتها مرة اخرى، ألا أن خانتها نظراتها لتزوغ نحو تلك الغرفة من جديد، الغرفة التي اكتشفت فيها شيئً ما ولربما تكتشف شيئً اخر؟!

اومأت وهي تتجه نحو تلك الغرفة بسرعة ثم فتحتها ودلفت مغلقة الباب خلفها، اتجهت الى الدولاب الذي علمت انه سر هذه الغرفة، ولكن لم تجد الدفتر في نفس مكانه..
تأففت بضيق وقد تيقنت أن مراد قد خبأه، ظلت تنظر هنا وهناك، جلبت كرسي صغير ووقفت لتنظر على ما فوق الدولاب، لتجد ظرفًا صغير..
امسكت به بتفحص، ثم بدءت تفتحه بهدوء، لتجد صور شخصية..
فتحتها، وهنا تلقت الصدمة عندما فتحتها!
ليلى، شبيه خلود حرفيًا!

نسخة اخرى منها يعيدها الزمن!؟

نظر للهاتف بصدمة، لم يكن يتخيل أن الموضوع سيكشف يومًا!
ظنه سيظل سببًا يهدد به تلك المسكينة ولكن سرًا،!
تناسي تمامًا الادمان طالبًا منه الاسراع في عمل التحاليل..
وكأنه يطلب منه الاسراع لكشف حقيقة انتقامه!
اخيرًا استطاع الرد بصعوبة:
آآ دكتور ممكن لو سمحت ماتقولش لحد
بس ده موضوع مايتسكتش عليه يا زياد
منا عارف يا دوك، بس ارجوك خليه سر بين دكتور ومريضه
البنت المفروض تتعالج
ما احنا بنعالجها صدقنى.

تمام انا هسكت لانى واثق فيك
شكرًا
العفوا، مع السلامة
سلام
اغلق وهو يتنهد ببعضًا من الارتياح، ولكن الشعور الأكثر اجتياحًا هو، الندم!
نعم الندم بالفعل، الندم الذي يتوغل خلاياه منذ معرفته أنها لم تكن حامل يومًا..!
لم تكن عاهرة كما وصفها!؟
لم تكن كاذبة، لم تكن ايً من تلك الاتهامات التي ألصقها به عنوة!
نظر لها ليجدها تنظر له بنفس الهلع الذي يحزنه بحق!
قال بشيئ من الهدوء:
زينة، حاسه بأية دلوقتِ؟
همست بتعجب:.

الدكتور قالك أية غير حالك كدة!؟
لم يعرف ما الذي دفعه ليجيبها صريحًا:
الدكتور قال إنك، إنك مش حامل!
اخيرًا غمرها السكون والارتياح، والتوعد له بعد طول عذاب..
ليعود لها تهكمها من جديد وهي تقول:
الحمدلله مطلعتش عاهرة زى ماقولت
اغمض عينيه التي تفيضان ندمًا صادقًا..
لتنهض هي متحاملة على الامها الجسدية التي ازدادت..
ليعود لها كبرياءها وهي تتابع جادة:
انا ماشية، وماعتقدش إنى ف يوم هارجع لك تانى.

ثم نظرت لعينيه مباشرةً وكلماته تخترق اذنيها بلا هوادة كأنه مازال يلقيها الان واستطردت:
لان لو الادمان هيموتنى، اهون لى اموت منه احسن
لم يدرى ما الذي اجتاحه تحديدًا عند تلك الكلمات التي من حقها ان تنطقها..
ولكنه، اهتز عرش جبروته لها!
وفجأة إحتدت عيناه بقسوة ليست جديدة عليه:
أنتِ مش هتمشي من هنا
صرخت فيه دون تردد بدهشة:
انت مجنون!
اومأ ببرود مغلف بالاصرار والجدية:
ايوة مجنون لأنى هتجوزك رسمى!

نظرت له عبير بطرف عينيها، شيئ ما بداخله اخبرها أن هناك شيئ غير مفهوم بالأمر، حدسها الأموى من اخبرها أن تلح في المعرفة!
نظرت له بطرف عينيها متساءلة بريبة:
طريقتك اية دى يا تامر
نظر للأرضية بتوتر يبحث عن حجة نافعة الان، ثم غمغم بارتباك:
يوه، طريقتى الخاصة بقا يا امى
سألته مرة اخرى بتصميم:
ايوة اية هي دى؟
واخيرًا قد قدم له شيطانه حجة مناسبة ليسرع بالقول:.

بالتتبع يا امى من موبايلها، واحد زميلى خدمنى ف الحته دى
اومأت بشك ثم هتفت:
ماشي يا تامر
ثم نظرت باتجاه غرفتها مرة اخرى وهمست:
مع ان قلبي مش مطمنى بس هثق فيك
دلفت إلى غرفتها واغلقت الباب خلفها، لتنفرد بحزنها الذي داهمها منذ ما حدث، حزنًا، لا بل ألمًا شديدًا على ابنتها الوحيدة التي كانت تعشقها!
بينما تامر في الخارج يتنفس الصعداء، ثم اخرج هاتفه ليجيب على الاتصالات الصامتة التي لم تتوقف بنفاذ صبر:.

ايوة، اية يا صافى، اه كل حاجة اتنفذت زى ما خطتنا تمامًا!
...
متقلقيش اتأكدت بس قلبي مش مطاوعنى بردو!

نظراتها تزوغ مملؤوه بالحيرة، الحيرة الحقيقة على مستقبلها الذي سيتحدد من تلك الكلمة التي ستنطق بها!
نظرت لها والدتها مكملة بحدة:
يلا يا شمس انطقي
صدح صوت يحيى متهكمًا كعادته:
أكيد ربة الصون والعفاف محتارة تختار بين امها، وعشيقها!
فاجئه مالك بلكمه اقوى، يداه تحترقان لضرب ذاك الوغد الذي حذره من قبل، ولم يكن هو الا لينفذ تحذيره!
ثم هتف بصوت اشبه للصراخ:
مش قولتلك اخرس بقاا
برقت عينا يحيى باستنكار حقيقي:.

انت زيدت عن حدك بقاا
اقترب وكاد يسدد له اللكمة، ولكن هتاف كريمة الحاد بجنون اوقفهم:
بس بقااا زهقتونى
ثم نظرت لشمس التي لم تتخلى عن سكونها لحظة وقالت:
يلا يا شمس مش هنستنى كتير
نظرات مالك الذي يحتويها بها وكأنه يستخدم الوسيلة الصحيحة لجذبها له!
ونظرات والدتها القاسية!
و، يحيى، الراغبة!
كادت تنطق إلا ان قاطعتها والدتها مرة اخرى بصرامة لاذعة:
لو اختارتينى انا هتتجوزى يحيى، ولو اختارتى ده، هتنسينى!

طرق قلبها بخوف حقيقي!
مالك اهون من يحيى مليون مرة!
ودون وعى قالت:
مالك، هروح مع، جوزى!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة