قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس والعشرون

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس والعشرون

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس والعشرون

كانت خلود تنظر له بعدم تصديق..
ولكن وكأن الرغبة التي تلمع بعيناه، والموجات التي تفيض عشقًا من عيناه اكدت لها ما قاله!
شعور اجتاحها أن الهواء يُسحب منها تلقائيًا كلما شعرت بيده تبعث بملابسها!
حاولت النطق وهي تمنعه:
مراد ماينفعش
نظر لها اخيرًا ومن ثم قال بأنفاس لاهثة:
لية ماينفعش، ماينفعش ان جوازنا يبقى كامل
حاولت ابعاده عنها وهي تهمس:
مش هقدر.

مد يده يحسس على وجنتاها بحركة دائرية، حركة اذابت كل مقاومتها لتبتلع ريقها بازدراء محاولة الابتعاد...
لمساته لها تأثير خاص عليها..
ليقول بعدها بهمس مماثل:
مش هتقدري لية، انا بحبك ومتأكد إنك بتكني لي مشاعر ولو اعجاب
هزت رأسها نافية لتقول ببعض الضيق:
أنت مابتحبنيش، أنت بتحب ليلى فيا
كز على أسنانه بغيظ..
غيظ حقيقي من استقبالها لمشاعره على وتيرة الكذب!

هو يشعر، شعوره معها مختلف عن شعوره ب ليلى، دقاته التي تتراقص على نغمة صوتها الرقيق لم تكذب!
انفاسه التي تضطرب من اقترابها المشتاق لم تكذب!
وقلبه الذي يضخ الان بعنف لا يكذب!
اقترب منها مرة اخرى ليقول امام شفتاها بما جعل قلبها يهلل فرحًا:
أنا بحبك أنتِ، أنتِ وبس، بحب عنادك واعتراضك، بحب جنونك، بحب حبك لأهلك، بحب كل حاجة فيكِ
نظرت للجهه الاخرى لتردف متلعثمة:
طيب ط طب خلاص نعمل اشهار، ونتجوز.

اومأ ليقول مسرعًا:
صدقيني هنعمل اشهار وفرح وهنعرف الدنيا كلها إنك بقيتي ملكي أنا بس
اقترب اكثر ليقبل رقبتها البيضاء، وكأنه يصك ملكيته المؤكدة لها..
لتغمض هي عينيها بارتعاشة لم تستطع اخفاؤوها..
فأمسك بيدها لينظر على عيناها مرددًا بحالمية:
أفتحي عينك، بصي لي
فتحت عيناها ببطئ لتطل عليها بنظراتها المتوترة، مقابلةً بنظراته التي غُلفت بالعشق الخالص فقالت بسرعة:
طيب بعد الأشهار
ظل يقبل كل إنش في وجهها وهو يهمس:.

أوعي تبعدي عني مهما حصل
وبتلقائية..
تلقائية اكتسبتها مؤخرًا من لمساته وهمساته التي تثير فيها شعور لا تعرف له تفسير حاليًا!
اجابته:
مابقاش ينفع أبعد عنك
وصل لشفتاها فلم يتمالك نفسه وقبلها قبلة اذابت ما تبقي من مقاومة لها..
وكانت كالتواصل الخفي بينهما، فرفعت يدها لتحيط رقبته وهي تبادله قبلته!
فنظر لها مذهولاً للحظات..
قبل أن يقول بسعادة:
أنا بعشقك مش بس بحبك!

واحتضنها مقبلاً عنقها بسرور لم يخفى من لمساته وكلماته العاشقة التي املاها عليها..
ليغرقا معًا في عالم اخر، عالم للعاشقين وإن كانا لم يعترفا حتى الان!

إنتهت شمس من اعداد ملابسها، تنهدت تنهيدة طويلة حارة..
تنهيدة تحمل الكثير في طياتها...
هي لا ترغب في هذه التغييرات التي تحدث فجأةً ولكنها لا تستطيع تقبله هكذا بعد كل ما حدث!
لا تستطيع التجاوز معه وبأرادتها ابدًا!
جروحها وإهاناتها التي تفنن بها فيها ومن دون سبب واضح لم تشفى بعد..
عند اقترابه منها تحيط بها هالة من الاستسلام - اللعين - ولكن دائمًا عقلها يعذبها باللوم على ذاك الاستسلام القهري!

ويزيد عليها كل هذا، موت والدها الذي لا تنساه ابدًا..
تحاول اللهو بأي شيئ ولكن الالم بالتذكار لا يتركها ابدًا!
بدلت ملابسها وانتهت لتخرج من الغرفة متجه له..
وظلت مترددة من تجاوز تلك الغرفة..
تلك الغرفة التي تتأكد هي إنها إن تجاوزاتها لن تخرج منها إلا بعدما يعذبها باستسلامها المخزي مرة اخرى!
بينما هو كانت افكاره متلاطمة..
لأول مرة يشعر بهذا التخبط بين افكاره و، قلبه!
قلبه الذي يشعر به عاد للحياة مرة اخرى!

وللحق هذا لا يعجبه، ابدًا!
وسالت ذكرياته لتبرر له انجذابها لها ولو قليل...
فلاش باك
جلس في منزل مروان بجواره - صديقه - واخيه المعنوي الذي لا يخفي عنه شيئ..
مدد جسده على الأريكة ووضع يداه خلف رقبته ليظل محدقًا بالفراغ، ليسأل مروان مباشرةً:
عملت أية في اللي قولتلك عليه يا مروان؟
سأله مروان بعدم فهم:
اية هو؟
اجابه بنفاذ صبر متوجسًا:
الصور اللي اديتهالك يا مروان تشوفها حقيقية ولا لا اية اللي حصل فيها؟

اومأ مروان ليقول بعدها بثقة:
يابني عيب عليك، قولتلك الصور فيك تبقى فيك
جحظت عيناه بصدمة!
وجهر قلبه بانتصار فرح..
ليسأله بعدها مرة اخرى ببلاهة:
يعني اية؟
اجابه وهو يرفع كتفيه مرددًا بهدوء:
يعني الصور مش حقيقية، كلها فوتوشوب
هز رأسه نافيًا ليردف بعدم تصديق:
إزاي!
نظر له بجدية ليتابع:
زي السكر في الشاي، اللي عمل الصور دي خبير، مش اي حد يعرف انها فوتوشوب
كز على أسنانه بغيظ ليهمس بعدها بغضب:
يابن الكلب.

فغر مروان فاهه ليسأله مستفهمًا:
هو مين ده؟
انتبه مالك له مصححًا:
لا مفيش مش حد
سأله مروان بتصميم:
لا في ويلا احكي لي كل حاجة براحة
بينما مالك كان في عالم اخر!
عالم فيه الندم فقط وهو يتذكر كل ما فعله معها!
هو تزوجها لأرضاء غروره وكبرياؤوه الذي تهاونت فيه هي، ومن اجل اذلالها!
ولكن الان
الان كل خلاياه تهلل داخليًا من السعادة، ولكن عقله منصدم بخزي من نفسه!

كل حروفه التي كانت تقطر سمًا وهو يلقيها بوجهها الان يشعر به تعود لحلقه مرة اخرى قاتلة اياه هو!
ولكن، من الان وصاعدًا لن يبتعد عنها، ابدًا، والسبب مجهول!
باك
زفر بقوة ثم اذن لشمس التي طرقت الباب بالدخول:
أدخلي
دلفت شمس بتردد لتهمس ولم ترفع عيناها:
انا خلصت
اومأ وهو يشير لها أن تقترب:
تعالي يا شمس
ظلت تنظر له بتردد، شيئ ما لا تعرفه فين تلك العينان التي يغلفها العطف و، الحنان يجذبها كالمغناطيس له!

وذبذبات في عقلها تحذرها من ذاك الاقتراب!
وفي النهاية استسلمت كالعادة معه واقتربت منه ببطئ..
ليبتعد قليلا يفسح لها طرف الفراش مشيرًا:
ممكن تنامي في حضني الساعة دي، بأرادتك؟
حروفه ولأول مرة ليست كالنيران لتحرقها، وإنما يكسوها الحنان والهدوء الغير معتاد!
وكلماته لمست قلبها الذي يرتجف حرفيًا!
أسبلت اهدابها وهي تسأله ببلاهة:
لية!
واجابته ايضًا كانت تلقائية:
عايزك.

ولكنها سقطت على اذنيها كصوت الرعد وفهمها كان كالبرق على عقلها في سماء حيرتها وخوفها الحالية!
لتحدق به متحدية ولأول مرة منذ التقاءهم ليسارع مبررًا:
قصدي عاوزك جمبي، أنا مش هاجي جمبك إلا بأرادتك
ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تراه يقربها لتنام بجواره برفق بدءت تقلق منه!
ليدفن رأسها في صدره العريض يستنشق رائحة شعرها الجذابة اسفل حجابها..
صوت دقات قلبه الحائرة اخترقت اذنيها!

وشعرت بقشعريرة تسري في جسدها وهو يبدء بخلع حجابها الصغير..
حاولت الاعتراض وهي تبعد يده:
متخافيش
كُتمت انفاسها وهي تحاول بث الطمأنينة في نفسها من كلماته..
وصدق عندما شعرت بيده تدلك منابت شعرها الاسود..
اغمضت عيناه لتشعر بالاسترخاء، لتسمع صوته الرخيم:
تصدقيني لو قولتلك إني مش عارف أنا اتجوزتك لية!
رفعت عيناها لتنظر له مباشرةً بعدم فهم ليتابع بابتسامة:.

تقريبًا إنتِ ادتيني السبب دلوقتِ، عنيكِ دي هي السبب اكيد
ضحك قليلاً ثم صمت ليكمل بشرود:
كنتِ عجباني وعرضت عليكِ، بس إنتِ رفضتي، الجزء المغرور جوايا سيطر عليا، إزاي حتت بت تقولي انا اللي البنات كلها تتمنى تبقي تحت رجلي لا!، عرفت إن يمكن الجواز هو اللي هيخليكِ راضية، واتجوزتك على الاساس ده، كان ممكن اخدك غصب عنك وإنتِ اللي تترجيني اتجوزك
ليمسك يدها مشددًا على قبضته قليلاً وهو ينظر لها هامسًا:.

بس أنا مش وحش للدرجة يا شمس، أنا كنت عايزك راضية وموافقة
وسؤال واحد كان يرتكز بعقلها الان
لمَا يقص عليها الان؟!
وكأنه قرأ افكارها فأجاب هادئًا:
صدقيني انا مش عارف لية بقولك كدة، بس حسيت إن لازم اقولك كدة
عقدت حاجبيها لتقول بتلقائية:
احيانًا بحس إنك عندك شيزوفرينيا!
قهقه بمرح قبل ان يشدد من احتضانها قائلاً بحزم:
نامي يا شمس عشان نلحق نمشي قبل ما يجوا، هننام عشان هنسافر بالعربية عشان ماعملش حادثة وانا سايق.

لتبتسم نصف ابتسامة على جملته، وتضع رأسها على صدره بأريحية..
لتنام بجواره لأول مرة، بارتياح عارم!

كان تامر يجلس على احدى الكراسي الخشبية، تحديدًا في احدى الكافيهات المعروفة في منطقة ما..
ينظر ل صافي الجالسة امامه بهيئتها المعتادة!
واخيرًا قطع الصمت بصوته الأجش وهو يقول:
خايف اكون اللي عملته غلط يا صافي
هزت رأسها نافية لتجيبه بخبث:
لا معملتش حاجة غلط صدقني
نظر للأرض بخزي وقد بدء شعور بالضيق والحزن يتدفق داخله ومن ثم همس:
لما اخلي واحد يتجوز اختي عشان انتقم منها ابقى غلط
صرخت فيه بحدة مغتاظة:.

لا مغلطتش، هي دي اللي فرقتنا وبعدتنا عن بعض وخلت بابا عاوز يجوزني لابن صاحبه وانا وانت مش عارفين نتجوز لحد دلوقتِ
صمت برهه تسترجع هدوءها لتتابع:
ثم إنك مغلطتش يا تامر، ده ظابط ومعروف انه ابن ناس، بعني انت ماجوزتهاش لقتال قتلة!
نظر لها بهدوء زافرًا وهو يحاول اقناع نفسه بما حدث..
هي من جعلت حبيبته تبعد عنه طوال هذه السنوات!
لتتحمل النتيجة اذًا!
استفاق على صوتها المتساءل:
لكن انت وصلت لمراد ازاي يا تامر؟

اجابها وهو يرفع كتفيه بلامبالاة:
عادي ماتنسيش اني كنت مراقب خلود، وبما انه هو شاكك انها تبع عصابة، خليه يشك اكتر بقا
ابتسمت بانتصار لتقول بفرح ؛
يلا اهو نفذنا اللي احنا عاوزينه وخلاص
سألها بجدية مستفهمًا:
هتعملي اية مع العريس بقا؟
بدء الارتباك يفترش على ملامحها، لتجيبه بعدها متلعثمة:
سيبك من السيرة الفقر دي، المهم قولي ازاي امك سايبة خلود
هز رأسه نافيًا قبل ان يشرح لها:.

مين قالك إنها ساكتة اصلاً، دي راحت لها مرة وكانت هتجيبها بالعافية بس عرفت ان مراد هددها انه هيبلغ البوليس بما انه جوزها قانونيًا، وحاولت تروح تاني، وكل مرة انا بقنعها بالعافية انه ظابط يعتبر ولو راح يبلغ هيبقى هو المستفيد اكيد
ابتسمت لتقول بهدوء شابه الخبث:
تمام اوي!

وصلت زينة لمنزل زياد بأقل من ساعة، كانت تقود بسرعة فائقة...
ولكن الان ما تسعى له اهم من حياتها نفسها!
طرقت الباب بسرعة لتجده يفتح لها بهدوء ليصعق من هيئتها الغير مهندمة على غير عادتها!
افسح لها الطريق ليقول بخشونة:
خشي يا زينة
دلفت وهي تدعك رأسها بطريقة مثيرة للشفقة ليمسك يدها مهدئًا ؛
زينة اهدي، إنتِ لازم تسيطري على نفسك
هزت رأسها نافية لتقول بأرهاق:
حاولت لكن مش قادرة حاسه إني هموت.

هز رأسه نافيًا ليقول بتصميم:
لو مابطلتيش بمزاجك يبقى هتبطلي غصب عنك
إتسعت حدقتا عيناها وهي تسأله بصدمة حقيقية:
قصدك إية؟
رفع كتفيه ليقول بلامبالاة مصطنعة:
زي ما سمعتي، يعني أنا مش هديكِ أي مخدرات، ومش هتاخدي أي حاجة حتى لو اضطريت احبسك
والصدمة تتجسد امامها فعليًا!
ألم يكن هو من فعل بها ذلك!؟
ألم يكن هو من يستخدم أفضل الطرق لينتقم منها!
ماذا عساه يفعل!
تبدل الأنتقام لشعور اخر يجتاحه بجوار، الندم؟

هزت رأسها لتقول بهيستريا وهي تضربه في صدره:
أنت مالك، ملكش دعوة بيا، هات المخدرات بس
أمسك بقبضتا يدها ومن ثم استطرد بنبرة تموج حزنًا وشفقة:
لا يا زينة لا، خلاص الادمان ده كان صفحة واتقفلت في حياتك!
قولتلك لاااا ملكش دعوة، هتنتهي بس بعد ما انت نفسك تنتهي
صرخت به بعينان حمراء كاللون الدماء، قبل أن تشق ملابسها بعشوائية مرددة بعنف:.

أنت عايز كدة عشان تديني المخدرات خد اللي أنت عاوزه واديني المخدرات بقا أرجووك!
وانخفض صوتها للهمس وهي ترجوه قبل أن تجلس على الأرض
بينما هو يقف كالصنم امامها..
لم يكن يتخيل أن انتقامه قد يصل لأسوء مرحلة يتخيلها هكذا!
صرخاتها كالسكاكين تنغرز بنصف قلبه بلا رحمة!
هبط لمستواها ليحتضنها بحزن حقيقي هامسًا ؛
انا أسف يا زينتي سامحيني!

مضى الوقت ليستيقظ مالك مسرعًا، شعوره بالقلق او هجومهم المفاجئ على المنزل مرة اخرى لم يدعه ينام بسلام من الاساس!
كان ينظر لها بابتسامة تزين ثغره..
ابتسامة لا يعرف سببها ولا يرغب في معرفته من الاساس!
مد يدع يتحسس شعرها الحريري الذي لم تزول رغبته ابدًا في تحسسه..
بينما بدءت شمس تتململ في نومتها القصيرة واشرقت عيناها كالشمس في جوف مظلم لتجده يحدق بها..
فزعت في البداية وحاولت الابتعاد هامسة بجزع:
اية ده.

شدد من احتضانها يحتويها وهو يبادلها الهمس الحنون:
اهدي يا شمسي، متخافيش
بدءت تهدأ تدريجيًا وكأنه قد علم كيف يروضها!
بعد دقائق مرت بلا حديث نهض بخفة وهو يشير لها قائلاً بريبة:
يلا قومي نمشي بسرعة لانهم اكيد زمانهم بعد ما دوروا هناك هيجوا على هنا
اومأت بتهذيب:
حاضر
ومن ثم نهضت ليبدءا باعداد كل ما يخصهما في ذاك المنزل..
ليتجاها سويًا نحو الباب، وما إن فتح مالك الباب حتى صُدم من تواجد...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة