قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع والعشرون

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع والعشرون

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع والعشرون

صُدم مالك من تواجد سمر أمامه، بهيئة تثير الشفقة حرفيًا!
شعرها مفكوك ووجهها يظهر علامات العنف الشديد بجوار هيئتها المرزية!
وكان الذهول التعبير الوحيد المصاحب لوجه كلاً من مالك وشمس، وخاصةً مالك الذي سألها بصدمة:
اية اللي حصلك؟
ومن دون مقدمات إرتمت بحضنه، لتبدء بشهقاتها التي زيفتها بمهارة!
لم يعترض وهو يراها في هذه الحالة، ولكن لم يحتضنها برضا..

جهر قلبه باعتراض شديد من هذا القرب المقزز، تركها علها تخرج شحناتها السلبية التي اعتقدها حقيقية!
بينما كانت شمس تقف لتشاهدهم بغيظ كأنها تشاهد احدى الأفلام الرومانسية، ولكن البطل زوجها!
ياللسخرية، في قانون الفطري للأنثى - المصرية -
اللي تقرب من جوزي تبقى لعبت في عداد عمرها!
فماذا إن كانت قُيدت يدها ولم تقوى على فعل شيئ؟!
واخيرًا أبعدها مالك عنه ليسألها بجدية مناسبة:
اية اللي حصل يا سمر.

استمرت في البكاء وهي تجيبه بألم مصطنع:
أنا اتبهدلت يا مالك، اتبهدلت
للحظة تذكر كلماتها قبل أن تلقي بوجه الصدمة التالية التي تعد اعتداءهم عليها
أنا اتدمرت يا مالك اتدمرت
ارتجف قلبه من خبرًا قد يسبب حزن عميق يتوغل روحه شفقةً على من ساعدته..
وسألها بثبات مزيف:
انطقي يا سمر حصل اية؟
وضعت يدها على وجهها لتتابع بحرقة مبالغة:
أبوك بهدلني ضرب وإهانة وتعذيب عشان هربتكم وهربت منهم بالعافية
جحظت عيناه بصدمة!

ألهذه الدرجة يكرهه! الان إن اثبتت كل الدلائل أنه ابنه فعليًا لن يصدقهم..
وراح يهزي بانفعال:
لا لا مستحيل، مستحيل يعمل فيكِ كدة عشان ساعدتيني، اكيد ماصدق إني عرفت اهرب
هزت رأسها نافية لتجيبه بعنف:
لا ده ممكن يعمل أي حاجة عشان الفلوس
وعند هذه النقطة لم تكن كاذبة ابدًا، نطقت بالصدق وسط عمقًا من الكذب!
وتابع مالك بصوت مهزوز:
هربتِ إزاي؟
رفعت كتفيها لتجيبه متلعثمة:.

ماصدقت مشيوا وآآ وضربت الراجل على دماغه وطلعت اجري لحد ما لاقيت واحد إبن حلال جابني لحد هنا
همس مالك بشرود:
ملعون أبو الفلوس اللي تخلي الأب يبهدل ابنه كدة
اومأت لتقول بلهفة مصطنعة:
اهرب يا مالك، الحقوا امشوا لانهم في الساعة خلصوا تدوير هناك وهيجوا على هنا يشوفوكوا
سألها مرة اخرى بوجه واجم:
إنتِ بتعملي كدة لية؟
اقتربت منه لتتلمس لحيته الخفيفة وهي تهمس امام شفتيه:
عشان بحبك ومستعدة اضحي بحياتي عشانك.

نظر لها نظرة لم تفهم معناها..
جعلتها ترتد للخلف بقلق، بالفعل زرعت تلك النظرة الشكوك حول عدم ثقة مالك بها الى الان!
أمسك بيد شمس ليسأل سمر بجمود:
هتروحي فين؟
واجابتها كانت بحزن اتقنته:
في واحدة قريبتي هروحلها وربنا يستر ميلاقونيش
اومأ ليسير هو شمس للامام تاركًا اياها، ولكن إلتفت قبل أن يذهب ليقترب منها مقبلاً وجنتاها وهو يقول بهمس:
خلي بالك من نفسك
إنفرج ثغرها بابتسامة سعيدة لتسألها بخبث:.

طيب انتم رايحين فين؟
ابتعد وهو يجيبها بغموض:
لسة مش عارف
اومأت وهي تمسك يده بحميمية مرددة:
ابقى طمني عليك يا مالك
ابتسم ابتسامة صفراء ليستطرد بحروف لم تتخطى شفتيه:
أكيد يا سمر مش عايزك تقلقي، لا يلدغ المؤمن من عقرب مرتين!
وحروفه كانت مُلغمة بالخبث والغموض!
وشعرت في هذه اللحظة أن تلك الجملة موجها لها تحديدًا وليس المقصود أبيه!؟، وبرغم ارتعاشة جسدها بخوف من رد فعل مالك الغير متوقع قالت:
ماشي مع السلامة.

اغلق مالك الباب وسار هو وشمس التي كانت تردد بلا توقف مغمضة عينيها:
اللهم اضرب الظالمين بالظالمين واخرجنا من بينهم سالمين!

كان زياد يجلس بجوار زينة التي كانت مسطحة على فراشه فاقدةً الوعي..
ينظر لملامح وجهها التي كانت كالزهرة التي خرجت - خطأ - في فصل لا يناسبها فذبلت وانتهى الامر!
وبالفعل أيقن زياد أن ذاك الأنتقام لم يكن من المفترض أن يوجه لزينة!
كان مفترض أن يوجه لمن تسبب في موت شقيقته فقط؟!
وماذا يفعل الان، لقد اُهلكت زهرته المتفتحة حرفيًا، فلا يعتقد أن تسامحه او تُأمن له مرة اخرى!

بدءت تفتح جفنيها بتثاقل لتبعدهم عن بعضهم فتظهر عيناها الحمراء المنتفخة من كثرة البكاء والنحيب..
لتشهق بمجرد ان رأت زياد مقترب منها فصاحت فيه:
أنتَ عملت أية؟
هز رأسه نافيًا ليقول مهدئًا اياها:
اهدي يا زينتي انا معملتش حاجة
صرخت فيه منفعلة وهي تضع يدها على أذنيها:
متقوليش زينتي انا مش بتاعت حد انا اسمي زينة وبس
اومأ وهو يحتضن كف يدها بحنان:
حاضر حاضر حقك عليا أرجوكِ بس تهدي
كزت على أسنانها لتقول بعصبية:.

ملكش دعوة بيا أهدى ولا اغور في داهية
أمسك وجهها بين كفيه ليقول بصوت هادئ ورقيق لا يناسب الموقف:
ممكن افهم إنتِ لية لسة متعصبة اوي كدة؟
أبعدت يده عنها بسرعة كأنها وباء معدي، لتقول بعدها بحرقة لو كانت لها رائحة لفاحت منذ زمن:.

أقولك متعصبة لية ولا لية ولا لية، لإني بقيت مدمنة الحمدلله ومابشوفش ادامي لما الألم يسيطر عليا، ولا لإني بترجي واحد كل يوم والتاني عشان يديني المخدرات، ولا لإني بقيت مدام زينة العاهرة! اقولك متنرفزة لية تاني ولا كفاية كدة يا استاذ يا منتقم يا محترم، أقولك إني بشيل ذنب مليش فيه لمجرد أن اخويا مكنش حاطط في دماغه إن كما تدين تدان.

كان ينظر لها وقلبه يعتصر ألمًا على صغيرته التي تحملت ما يفوق طاقة أي بشر!
اغمض عيناه بحزن حقيقي ليسمعها تتابع بنبرة على وشك الانهيار:
بس تعرف، أنا مش زعلانة من مالك خالص ولا حتى كرهته، على الأقل مالك يادوب ماحبهاش وهي اللي قتلت نفسها
ثم نظرت له بحقد لتضربه بقبضتها الصغيرة على صدره مرددة:
لكن أنتَ، أنتَ قتلتني بنفسك
همس بعدم تصديق:
أنا قتلتك!
اومأت وهي تردف ساخرة:.

اه، أنتَ موت روحي خلاص، دبحتها بسكينة باردة، ناقص بس انا اللي هخلص على جسمي عشان انا ميتة فعليًا!
وضع يده على فاهها ليقول مسرعًا:
لا بعيد الشر اوعي تقولي كدة تاني يا زينة عمري ما هسامح نفسي
رفعت حاجبها الأيسر وقالت متهكمة:
مش شايف إن الجملة دي جات متأخر شوية؟
اطرق رأسه للأسفل بخزي ليهمس بعدها بندم غُلفت به نبرته:
عارف، سامحيني
هنا إنهارت فعليًا!
تسامحه؟
وهل مازالت روحها موجودة لتسامحه على خطأ ما!

هي زُهقت روحها، لم تعد بها قدرة على التسامح حتى!
ظلت تبكِ وتنحب، على حق أخذه هو ولم يكن من حقه وعلى كبرياء دمسه في الأرض بعنف!
وعلى طلب جاء متأخر، جدًا!
فأجابته من بين شهقاتها:
انا حتى مبقتش قادرة أسامح!
وسقطت على الفراش مرة اخرى فاقدةً الوعي، وجفنيها ينضما لبعضهما مرة اخرى، لتسمع صوته المتألم يقول:
هنتجوز يا زينتي وهنعمل اشهار وهنصلح كل اللي خرب، وهتتعالجي!

سقطت اشعة الشمس على شعرها الذهبي، لتعطيه لمعان مميز، وازعجت نومتها القصيرة..
لتبدء خلود في فتح عيناها رويدًا رويدًا، ولكن شيئً ما يطبق على خصرها بقوة!
فتحت عيناها لتنظر بجوارها لتجد مراد يده هي من تحيط خصرها بطريقة تملكية، وكأنه يخشى هربها اثناء نومه!
نهضت بفزع وهي تبتعد عنه صارخة:
أنت عملت فيا اييييية؟
نهض الاخر بهلع من صراخها بجوار اذنه ومازال النوم مسيطر عليه ليسألها مرتعدًا:.

مالك فيكِ اية حصلك ايية
ضربته في صدره وهي تقول حانقة:
أنت لية عملت كدة
بدء يفهم كل شيئ الان..
ليمسك يداها وهو يقترب منها بغيظ:
عملت اية
إبتلعت ريقها وهي تقول متوترة:
يعني كدة
كز على أسنانه كاملة بغيظ ليقول بعدها متهكمًا:
خلود يا حبيبتي ياريت لما تكوني لسة صاحية من النوم ماتفقديش الذاكرة
خبطت جبينها بحرج لتهمس بعدها:
سوري اصلي لسة صاحية ومش متعودة اصحى الاقيني في حضن واحد.

اقترب منها اكثر ليبادلها الهمس الناعم:
وهو انا واحد!
عضت على شفتاها السفلية بحرج قبل أن تجيبه وهي تفرك يدها من فرط التوتر:
لأ
سألها مداعبًا:
طب انا مين؟
نظرت للأسفل بخجل لترد:
أنت جوزي
نظر على شفتاها التي تعضها ليستطرد بخبث دفين:
طب اية، لو مش فاكرة انا ممكن افكرك
رفعت رأسها لتقابل نظراته التي اخترقتها فقالت ببلاهة:
تفكرني اية!
شدها في لمح البصر لتصبح هي أسفله، يطل عليها بقامته العريضة..

فلم يعطيها فرصة الاعتراض وإلتهم شفتاها بنهم، قبلة أسكتتها وجعلتها تبتلع باقي حروفها المعترضة!
تحولت قبلته لقبلات متتالية على كل جزء من جسدها تطوله شفتاه..
ليشعر بها تحاول التملص منه وهي تعترض بخجل:
كفاية
هز رأسه نافيًا ليجيبها مشاكسًا بخبث:
تؤ تؤ، أنا عمري ما اكتفي منك إنتِ
واستسلمت ليده التي كانت تغوص في ملابسها الخفيفة...
واستسلمت لزوجها الغالي، الذي شعرت انها بدءت تكن له مشاعر بالفعل!

كانت كريمة تجلس بجوار يحيى في منزلها على الأريكة..
وجهها ممتعض ويظهر الغضب جلي على قسماتها!
نظرت ليحيى الذي كان يجلس بهدوء تام، هدوء لا يعتريه إلا عندما يكن أتم نصب خيوطه الشيطانية وفي إنتظار سقوط فريسته!
فقالت بحنق وهي تشير له:
لا يا يحيى بردو مش قادرة افهم إزاي عايزني اصبر واسكت وانا سايبة بنتي مع واحد كدة اسمه جوزها
مط شفتاه ليجيبها بملل:
مش اسمه، ده جوزها فعلاً يا خالتي
اشارت له مكملة بغضب:.

ما علينا وإن كان، اكيد اجبرها على الجواز
تنهد يحيى قبل أن يتابع بضيق:
ولية ماتكونش بنتك إتجوزته بأرادتها؟
هزت رأسها نافية بسرعة وتشدقت ب:
لا طبعًا إزاي هتعمل كدة
رفع كتفيه ليقول بلامبالاة خبيثة:
زي ما إنتِ سيبتي بنتك في إيد نفس الواحد ده، وحتى قبل ماتعرفي إنه بقا جوزها
لأول مرة تشعر بيحيى محق!
كلماته تلك المرة لم تكن من شيطانه بل كانت من إنسان يفكر برزانة.

ولكن ماذا عساها تفعل، خوفها من سيطر عليها امام ذاك الغني!
هو من جعلها تتخلى عن أبنتها ببساطة ولكن - مؤقتًا - لم تكن أمًا حقيقية لتترك ابنتها للأبد له بلا محاولات لرجوعها!
نظرت ليحيى ثم قالت بأسف:.

أنا بعترف إني مش أم مثالية، انا ام جبانة خافت من واحد وخافت على السمعة اكتر ما خافت من بنتها، بس أنا كنت مرعوبة، ده واحد هددني صريحة وأنا مليش في الدنيا سند خلاص، مين هيوقفله! قولت مسيري هرجع بنتي بس بطرق تانية
هز رأسه نافية ليستطرد بجدية:
غلط، غلط جدًا مفيش اي ام ممكن تعمل كدة، ولا كان ينفع، بس خلاص إنتِ خيرتي بنتك وهي اختارته يبقى اكيد عايزاه، متجيش تغصبيها دلوقتِ بعد ما سبتيها
جهرت باعتراض:.

مقدرش يا يحيى صدقني مقدرش اسيبها كدة
إرتسمت ابتسامة خبيثة غير مطمئنة على ثغره ليهمس:
مش هتسيبيها، هترجعيها بس بأرادتها مش غصب عنها، وبعدين هي اكيد مضايقة ومخنوقة منك عشان كدة بعدت عنك كام يوم بس
رمقته بنظرات متأملة:
تفتكر يا يحيى
اومأ بنبرة تشبه فحيح الأفعى:
اكيييد يا خالتي!

وصلا إلى منزل ما بالساحل الشمالي مسجل بأسم مالك يملكه منذ زمن ليقضي به وقته الممتع..
كانت شمس تسير معه كالعروس اللعبة يحركها اينما ووقتما شاء!
لم تتحدث قط سوى عندما حاول أن يقربها منه وهما بالسيارة
او يمسك يداها التي كانت ترتجف من لمسته وتحاول الاعتراض فيكتم اعتراضها بقبلة حاسمة تُسكتها على الفور من الخجل والتوتر معًا!

أمسك بيدها وهما يدلفان إلى المنزل الصغير وقبل أن يخطو خطوة اخرى كان يحملها بين يداه الصلبة
لتشهق هي من الصدمة بتوتر:
أنت بتعمل اية
اجابها بلامبالاة خبيثة:
بشيلك زي اى واحد مابيشيل واحدة
سألته ببلاهة:
لية انا بعرف امشي
هز رأسه نافيًا ليغمز لها بعيناه مرددًا بخبث:
أصل ماينفعش تدخلي مشي، ده الليلة ليلتك يا عروسة!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة