قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس عشر

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس عشر

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس عشر

صمتت دقائق تحاول إستيعاب ما قاله له، لا لا، دقائق لا تكفي لأستيعاب تلاعبه بها!، يضعها امام مالك كطُعم وقتما شاء ويزيحها بكل برود كهامش وايضًا وقتما شاء! أى عدل هذا؟!، ولكن لا يهم، ما يهمها ويعمي عينيها عن كل هذا، هي الأموال التي تسحرها ولو قليلة!
ردد مرة أخرى وكأنها لم تسمعه:
عايزك تدخلي حياة مالك تانى
فسألته هي ببلاهة متوقعة:
لية؟
رفع حاجبه الأيسر يسألها هو الاخر:
لية أية؟
تنهدت بنفاذ صبر:.

لية عاوزنى أدخل حياته تانى!؟
مط شفتيه مجيبًا بجدية وحدة غير محببة على قلبها:
متهيألي شيئ لا يعنيكِ
إنفعلت وهي تردد مقتضبة:
لأ يعنيني، ويعنيني جدًا كمان، أنا مش تحت أمرك
قهقه بسخرية أغاظتها بحق:
مين اللي بيقول كدة! سمر؟
ضغطت على فكيها والغيظ يزيد من إحتلاله وسيطرته عليها:
مالها سمر يا جمال بيه
غمز لها بطرف عيناها متابعًا بخبث:
فلة، بس في السرير بس
صرخت فيه بحدة:
كفاية تجريح لو سمحت.

وإن لم يكن له مصلحة معها لكان أراها التجريح بحق، ولكن، ليتوارى عنه قليلاً ويقتنص ذلك الوقت فيما أراده..!
اومأ موافقًا ثم تابع بصوت هادئ بعض الشيئ:
تمام
عادت بظهرها للخلف وهي تسأله بنبرة يفهم مغزاها جيدًا:
ممكن أعرف انا هستفاد أية؟
رد مسرعًا:
هتستفادى كتير
سألته دون تردد:
أية بالظبط
سألها متأففًا بحنق:
عايزة كام يا سمر وتخلصينى؟
لمعت عينيها بجشع مألوف عنها:
امممم، ممكن نقول ٥٠ ألف جنية؟
جحظت عيناه غير مصدقًا:.

نعممم، خمسين عفريت لما يركبوكِ
هزت رأسها نافية وبدت وكأنها تنهر طفل صغير على تسرعه:
اية يا جمال بيه، مستخسر ٥٠ بس ف سمورة حبيبتك من كومة الفلوس اللي تحت ايدك ده غير الملايين اللي هتكسبهم من ورة مالك!
سألها بتوجس:
أنتِ عرفتِ منين انى هكسب من وراه؟
رفعت كتفيها مكملة بدهاء يشوبه اللامبالاة:
اصل اكيد مابتعملش كدة من الباب للطاق، اكيد ليك مصلحة كبييرة كمان
اومأ بنفاذ صبر:
ماشي اما نشوف اخرتها معاكِ.

ابتسامة شيطانية احتلت ثغرها المنفرج لتقول بحماس:
إذا كان كدة موافقة
بادلها نفس الابتسامة مرددًا:
نتفق بقا...!

ويحاول تهدأت نفسه وقلبه الذي ثار غاضبًا من تكرار تلك الذكرى امامه وكأنها شريط سينيمائي، والأهم من ذاك الأتهام الشنيع!، أيمكن لشخص أن يقتل روحه؟! بالتأكيد لا، هي كانت روحه، كانت الهواء الذي يتنفسه ولكن..!
نقطة ومن بداية السطر، هو كان يعشقها، هذا ما يرتكز بين جنبات عقله فقط!
وكأنه استوعب ما قالته لتوه فصرخ فيها:
لا انا معملتش كدة
قالت بقوة لم تعرف من أين جلبتها:
كداب، امال اية الكلام المكتوب ده!

هز رأسه نافيًا بسرعة:
انا مقدرش اعمل فيها كدة اصلاً، دى كانت روحي
لم تعرف لما شعرت بنغزة مؤلمة في منتصف قلبها!، ولما تشعر بالألم من الأساس؟! هي تكرهه فقط..
رفعت الدفتر في وجهه ملوحه بحنق:
أنت اللي كاتب أو ايً كان مين اللي كاتب ده
أطرق رأسه وهو يردد بخزى:
انا اللي كاتب الكلام ده
نظرت للدفتر بنظرة غير مفهومة وقرأت ما هو مدون بصوت عالي أخترق اذنيه كسهام حادة:.

أنا أسف يا حبيبتي، أسف يا ليلاي، الأسف لن يكفيكِ عمرى، قتلتك، قتلتك وقتلت روحى وقلبي معك، نعم انا قتلتك حبيبتي، أسف!
نظرت له لتجده ينظر على الأرض كالطفل الذي أقترف خطأ شنيع في حق والده، فسألته ناهرة:
قتلتها لييية؟
بدء يستوعب موقف الضعف الذي انحدر فيه ليحاول الخروج سريعًا:
أنتِ ملكيش دعوة اصلاً
سألته بدهشة:
ازاى يعنى
رفع كتفيه مجيبًا ببرود:
زى السكر ف الشاى
صرخت فيه بحدة:
وانا مش هسكت على فكرة.

نظر في عينيها مباشرةً واستطرد:
متقدريش تعملى حاجة
هزت رأسها نافية بأصرار نبع من مبادئها التي تربت عليها منذ الصغر:
لأ اقدر، واقدر اعمل كتير
نظر في عينيها مباشرة، لتنطلق لغة العيون وقرأت هي بين سطور عيناه البنية ما عجز عن نطقه:
بعمل ليكِ عمل خير، وأنتِ بتتهمينى بحاجة أنا مش قدها
أنا مش مصدقة إنك تقدر تعمل كدة، بالرغم من كل اللي عملتهولى إلا إن البراءة اللي جواك مش ممكن تطاوعك
صدقينى
عينى بتجبرنى أكذبك!
أسف.

مش ليا، للغلبانة اللي اتقلت!
قطع صوت الهاتف لغتهم الصامتة، ليخرج الهاتف من جيبه ويتربع الضيق على ملامح وجهه ما إن يرى اسم المتصل
ابتعد وخرج مسرعًا وهو يرد:
الووو
اية يا برنس عاملين اية
تمام، خير؟
بتعمل اللي وصيتك عليه ولا لا؟
ألقي نظرة على خلود التي كانت تحاول فهم ما يحدث:
اكيد
امممم تمام، انا بطمن
كتر خيرك
انا بعرف الاصول بردو، دى أختى الوحيدة
امممم انت هتقولى، ده انا اكتر واحد عارف انت قد اية بتحبهااا.

طيب، يلا سلام أنت بقي
مع الف سلامة والقلب داعيلك
اغلق مراد وهو يتنهد بضيق، ضيق إعتراه منذ مقابلته لأخيها..
فلاش باك..
كان مراد يقف في احدى المناطق تحديدا امام النيل، ينتعش بالهواء الطلق وهو يتذكر مقابلته ل خلود لأول مرة، حتى فاجئته قبضة صغيرة تهزه ليجد طفل صغير يمد يده بظرف وهو يقول:
عمو، في عمو ادانى الورقة دى وقالى اديهالك
اومأ وهو يلتقطها من يده متساءلاً باستغراب:
هو فين ده؟
مط شفتيه مجيبًا ببراءة:.

مشي خلاص
ابتسم الاخر بحنان:
شكرًا يا حبيبي
استدار وذهب ليتركه يفتح الظرف بترقب ليجد ما لا يتوقعه..
البنت اللي أسمها خلود اللي انت قابلتها، مع العصابة وكانت بتكذب عليك
ظل ينظر للورقة عدة مرات، يقرأها مرارًا وتكرارًا، وكأنه لم يصدق، تلك البراءة والخوف لم يكونوا مزيفين ابدًا!
باك...
تنهد بقوة، لا يرغب في تذكر ذاك الأحمق الذي يزج أخته في الجحيم بعصا لا يعرف ما هي، ولكنه، متأكد من براءتها!

نهض من الفراش بهدوء، وهي كالعادة وكأنها لوحًا من الثلج، جسد بدون روح، إستسلمت له لكنها لم تتجاوب معه!
ظل ينظر لها عدة مرات، ويحاول قراءة سطور عينيها ليفهم ما تفكر به، ولكنها كانت كاللغز الغامض يصعب فكه..
ولأول مرة وجد نفسه يتنحنح بهدوء لم يعرفه معها ابدًا:
شمس، قومي
لم تنظر له ولم ترمش حتى، هي ليست شمس من الأساس لترد! هي اصبحت مجرد جزء عاتم ليس له فائدة ابدًا!

نادها مرة أخرى بحروف كانت مخارجها غريبة وهو يقولها:
شمس
واخيرًا نظرت له لينظر للؤلؤتيها الرماديتين، اللتان تلمعان دائمًا ببريق لم يستطع فهمه حتى الان ثم هتفت متساءلة بكلمة واحدة:
لية!؟
صمت لدقيقة ورد كأنه لم يفهم:
لية أية؟
بنفس النبرة عادت تسأله:
لية بتعمل معايا كدة!؟
ظل يقترب منها ببطئ، وهي تتراجع للخلف أكثر، عضت على شفتاها مغمضة العينين وهي تلعن لسانها الذي نطق بشيئ سيقربهم!

اصبحت على طرف الفراش وكأنها قطة مرتعدة تنظر له بعينين مذعورتين، دقات قلبها تتقارع كالطبول في الحرب من هذا القرب، طل عليها بقامته العريضة وهو فوقها، ليطيل النظر في عينيها وهو يهمس:
مش عارف، فيكِ حاجة غريبة شدانى أووى
بادلته الهمس بتوتر لم تستطع خفيه:
يعنى اية؟!
رد بنفس الهمس:
انا نفسي مش عارف
سألته والدموع ترقرقت في عينيها لتلك الذكرى:
ابعد عنى، مش اخدت اللي أنت عايزه؟

لم يعرف لما أهتز جبله الشامخ لتلك الدموع!، لما تأثر ولو قليلاً؟! لما استطاعت دموعها فرض سيطرتها على مقاليد قلبه بمهارة؟!
نفسي ابعد
همس بها قبل أن يقترب كثيرًا، حتى سمع أنفاسها الغير منتظمة، ولم تكن هي وحدها المتأثرة بذاك القرب!
ثم قبل عينيها برقة وحنان استشفتهما فصُعقت!، ثم قبل عينيها الاخرى...
ثم ابتعد قليلاً يكمل:
نفسي ابعد عنك بس مش قادر
نظرت له وبدت وكأنها لم تستوعب فتابع:.

أنتِ شدانى اووى، زى اللي عاملى سحر مش قادر ولا عارف أسيطر عليه
مد يده يتحسس وجهها برقة بالغة لتسير قشعريرة كالكهرباء في جسدها، تحسس وجنتاها وشفتاها الكرزية وهو يستطرد حديثه الذي مازالت لا تستوعبه:
أنتِ حلوة اووى اوووى
واخيرًا استطاعت السيطرة على حروفها واخراجها ولو متقطعة:
أب أبعد.

قالتها وهي مغمضة العينين، وكأنها منعت سحر عينيها عنه فاستفاق لنفسه ونهض مسرعًا لتتنفس هي الصعداء، ولم تشعر إلا بصوته وهو يقول بخشونة:
قومي حضرى لى الأكل بسرعة
لم تستجيب فصرخ فيها:
قولت قوومي
رجع لطبيعته، الحقير.

همست بها وهي تنهض مسرعة، لتجده يحدق بها نظرت لنفسها لتتذكر انها لم ترتدى سوى قميص قصير يظهر كل معالم جسدها!، زحفت الحمرة لوجنتاها وصدمت وتوترت، كثير من المشاعر ليقول وهو يستدير ليسيطر على نفسه بصعوبة:
بس بس انا طالع، خلصي وف ثوانى ألاقي الأكل جاهز.

ثم خرج لترتدى هي ملابسها بسرعة مرتبكة حتى انتهت فخرجت متجهه للمطبخ، لتجده يجلس امام التلفاز بهدوء، ظلت تتفحص المطبخ بعينيها ولم تجد اى شيئ، زفرت وهي تغمغم:
لازم اروح اسأله، استغفر الله
خرجت لتسأله، وما إن رأها حتى سألها هو:
في اية؟
ابتلعت ريقها بتوجس وسألته:
فين الأطباق مفيش حاجة ف المطبخ؟
اومأ وهو يشير تجاه تلك الغرفة التي تكرهها:
في الاوضة هتلاقي الاطباق ف كرتونة، وفي اكل في التلاجة.

اومأت بسرعة وهي تكاد تركض تجاه الغرفة، وجلس هو يأنب نفسه على تهاونه معها، يلعن عدم سيطرته على نفسه، يكره ذاك الشعور الذي نبع بداخله ولكنه لن يسمح له بالنمو ابدًا!
جاءت وهي تحمل الأطباق الزجاجية وظل هو ينظر لها بغضب هادر، غضب تجهل سببه ولكنه أربكها حتى سقطت الاطباق من يدها وتهشمت، فشهقت وهي تردد مسرعة:
اسفة، اسفة هألمهم.

هبطت تجمعهم ولكن إربكاها كان امر تلقائى من مالك الذي كان يتابعها بعيناه، فجرحت اصبعها ونزفت الدماء منه فصرخت هي متأوهه:
آآه أيدى!
نهض مسرعًا ليصبح مقابلاً لها ثم امسك اصبعها المصاب يتفحصه بهدوء ثم نظر لها ليجدها كالبلهاء لم تستوعب تغيره المفاجئ، فقال لها:
مش تاخدى بالك.

نظرت ليدها وليده الممسكة بها بذهول حقيقي، كانت كالطفل البرئ وشفتاها الكرزية مزمومتين، ولم يتمالك نفسه فاقترب منها يفاجئها بقبلة هدمت ذهولها ليحل محله الصدمة والقلق من القادم، قبلة رقيقة هادئة تحولت لقبلات متتالية تأكل شفتاها...!
واخيرًا استطاعت دفعه قليلاً عنها، لينظر في عينيها مباشرةً ويقول وهو يهمس بأنفاس لاهثة:
أنا أسف!
ولم تستوعب أن الجبل الشامح يعتذر! و...

حديقة متوسطة مجاورة لمنزل كبير قصر، اللون الأخضر يسيطر على انحاءها بمهارة، مزينة من الجانبين بنور القمر الزهي الذي ينعكس على اضواءها، وجلسة في الهواء الطلق على كرسيين خشبيين ومنضدة خشبية تتوسطهم، الجو الهادئ لا يخفف شحنة التوتر التي تملئ المكان ابدًا!
رجلان يرتديان ملابس مهندمة نظيفة، احداهما طه والاخر معتز..
نظر طه له وهتف بشيئ من الحنق:
انا معرفش أنت لية مخلتنيش أبعت رجالة يجيبوا البت.

هز رأسه نافيًا واجابه بخبث:
يا باشا، سويها على نار هادية هو انا اللي هرسيك بردو!؟
تأفف بضيق قبل أن يأمره:
قول قصدك على طول يا معتز
أقترب قليلاً وهو يتابع:
مش أحنا عايزين الفلاشة يا باشا؟
اومأ طه مؤكدًا:
ده شيئ مفروغ منه!
ابتسم معتز ليستطرد بتفكير:
طب ما البت مش عارفة اصلاً حاجة عن الفلاشة، مش حمدى قالك ف السجن إن الراجل قاله يقول لبنته شمس على مكان الدفتر، معنى كلامه انه كان مخبى على بنته كل حاجة.

حك طرف ذقنه باصبعه وهتف:
طب ما أحنا لو خدنا البت وساومنا امها ممكن تكون عارفة مكان الفلاشة وتقولنا عليها
هز الأخر رأسها نافيًا واكمل:
ولو الاتنين ميعرفوش ممكن تروح تبلغ البوليس وهياخدوا حذرهم ومش هنستفاد اى حاجة
تنهد قبل ان يعاود سؤاله الحاد:
يعنى اية!؟
استطرد معتز:
يعنى كدة كدة يا باشا أنت مراقب ام البت، وحط مراقبة على البيت كمان، ومسيرنا هنعرف الفلاشة فين بس من غير تهور
تقوس فمه بابتسامة ساخرة وقال:.

مسيرنا هنعرف اكيد واحنا ببدلة الإعدام
هز رأسه نافيًا بسرعة واشار لنفسه بغرور فاضح:
لأ لأ بعيد الشر، ثق فيا يا باشا
اومَأ الاخر وهو يقول بضيق:
اما نشوف اخرتها!

بعد فترة، وصراع من التفكير داخله، امواج متلاطمة تتخبط بداخله، وهو لا يعرف ما يجب أن يُفعل، تائه بين امواج هو من زج نفسه بها، تنهد والضيق يعتريه بشدة، هو خائف، خائف بحق من شعور ينبت بداخله فيجعله يحلق في سماء هو لا قوى له فيها!
نظر لها وهي تتقدم لتضع الطعام على المنضدة امامه..

وهذا الشعور الذي يسيطر عليه عليه بلا هواده كلما رأها يشعر أنه يرغب في إمتلاكها، يتمنى أن يسير بشريانها كالدماء بلا منازع!
ويا لها من معاناة عندما يحاول كبت جميع مشاعره..
طُرق الباب برفق فطُرق معه التوجس في قلب كلاهما، نهض مالك وهو يشير لها قائلاً:
اهدى مفيش حاجة
اومأت بهمس قلق:
طيب
اتجه للخارج ثم فتح الباب ليُصدم من تواجدها وفي هذا المنزل!
نعم أنها سمر ترتدى ملابس خليعة كعادتها وكأنها تحاول إغراءه!

وقبل أن يستوعب الصدمة كانت تصيح بابتسامة ماكرة وهي تحتضنه:
مااالك، Miss you so much يا حبيبي!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة