قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع والثلاثون

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع والثلاثون

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع والثلاثون

والذهول كان خير رسمة تسيطر على ملامحه الخشنة، ودقاته تحوم حول صدى جملته التي تركت اثرًا ناعمًا وواضحًا على روحه المتلهفة!
ولم يدري بنفسه سوى انه يقربها منه بشدة حتى لم يعد بينهم مسافة، فشهقت وهي تضع يداها على صدره العاري مرددة بخفوت خجل:
مالك
وقرب وجهه منها اكثر حتى شعرت بأنفاسه تخترق مسامها لتخدر روحها وهمس بصوت لا يليق سوى بعاشق ولهان:
عيون مالك
إبتلعت ريقها بازدراء هي تحاول دفعه مغمغمة:.

أبعد بقا كفاية كدة
هز رأسه نافيًا ويداه تحوم بحرية على جسدها وتابع همسه المشتاق:
هو في حد بيكتفي من القمر، ويلا قولي إنتِ قولتي إية من شوية؟
ردت هامسة بعد صمت دام لثواني تسترجع كلمتها المعسولة:
قولت آآ
ثم خبطت جبينها برقة وأردفت بخبث:
قولت إية؟ انا مقولتش
شدد من قبضته على خصرها بامتلاك ليتابع بصوته الخشن:
لأ قولتِ، قوليها تاني دلوقتي
هزت رأسها نافية بدلع:
تؤ تؤ، اما تسيبني اقوم هقولها.

وجالت شفتاه المتلهفة وجهها كله وسط همهماتها الخفيفة لتستقر على شفتاها تأكلها بشوق، ابتعد بعد ثواني وقال بخبث:
لا يا حبيبتي، هتقوليها وحالًا
اقتربت منه هي هذه المرة لتهمس بجوار اذنه بصوت اذاب الباقي من تمالكه لنفسه:
قولت بحبك، بحبك وبموت فيك
وبلمح البصر كانت هي أسفله وهو فوقها يشرف عليها بقامته العريضة..
وهبط بشفتاه ينهل منها الشهد، يقبل كل جزء ظاهر منها حتى اخر رقبتها، فابتعد لحاجته للهواء..

وانظاره مثبته على لمعة عيناها التي يعشقها وتابع:
وعايزاني اسيبك، ده إنتِ بتحلمي، إنتِ مش هاتقومي من السرير ده لمدة شهر على الأقل
شهقت بصدمة مرددة:
لا طبعاً أنت مجنون يا مالك
اومأ مؤكدًا برومانسية:
أيوة مجنون يا قلب و روح مالك
ابعدت شفتاه عنها في محاولة بطيئة، لتستطرد عاقدة حاجبيها:
مالك كفاية بجد انا تعبت من الجوع، هموت من قلة الاكل
اقترب منها اكثر ليرد بنفس النبرة:
وانا تعبت من البعد.

ثم نظر لعيناها متابعًا بخبث:
ثم اني عايز اجيب عيل تاني يا روحي
أتسعت حدقتاها بصدمة طفولية لتدفعه قائلة:
مش اما يجي الاول حتى نبقى نفكر في تاني، و ابعد بقا
قهقه بمرح وقال:
احنا لسة هنفكر، مفييش وقت يا شمسي، ويلا عشان هنسافر
سألته بنبرة واهنة:
لية؟
اجابها وهو يغرس رغبته بين رقبتها ويداه تنزع عنها المتبقي من ثيابها وهمس:
هبقى اقولك بعدييييين
ثم انقض عليها يشبع جوعه و شوقه الذي بدى انه لا ينتهي!

ووصل كلاً من زينة و جمال الذين جلبوا والدتها على الفور للمستشفى، كانت زينة تقريبًا في حالة هيستيرية لا تردد سوى كلمة
مامااا قومي
ووالدها بجوارها يسير معهم ببرود وكأنه امر طبيعي يتكرر دومًا!
وزينة القلق لم يترك ذرة واحدة منها إلا واحتلها بمهارة...
دلفت والدتها مع الطبيب الى حجرة الكشف فوقفت زينة امام والدها تسأله بجدية قوية:
إية اللي حصل يا بابا
سألها ببرود ثلجي:
اية اللي حصل ازاي محصلش!

كزت على أسنانها بغيظ متابعة:
إية اللي يخليك تعمل في ماما كدة يا بابا هه؟
رفع كتفيه وهو يرد بلامبالاة:
محصلش يا زينة ماتدخليش نفسك أنتِ بس
هزت رأسها نافية بأصرار شديد:
لا طبعاً لازم اعرف، دي كانت هاتموت في ايدك يا بابا
صرخ فيها بنفاذ صبر:
يوووه إنتِ هتقرفيني بقا هيبقى أنتِ وامك كمان
واصرت على سؤالها الحاد:
حصل إية يا بابا؟
تأفف وهو ينظر للجهة المقابلة مجيبًا ببرود:
خناقة عادية من خناقات امك المعتادة.

كزت على اسنانها بغيظ واندرج سؤالها التالي تحت جزءً اخر:
واية علاقة مالك وانا بالموضوع ده؟
إبتلع ريقه بصعوبة، وقد بدء التوتر في مهمته الوحيدة وهي الوضوح على ملامحه فقال:
لا كانت بتتكلم بشكل عام مش على مشكلة بذاتها يعني
هزت رأسها موافقة بعدم اقتناع:
اممممم، ماشي يا بابا اما ماما تخرج هنفهم كل حاجة
إلتوى فمه بابتسامة ساخرة:
مش لما تخرج الاول، يمكن ماتخرجش وتريحنا بقا
سألته بصدمة حقيقية:.

أنت بتقول إية يا بابا!؟
قطع حديثهم خروج الطبيب من الغرفة لتركض زينة باتجاهه متلهفة بتوجس:
طمني يا دكتور ماما عاملة إية؟
سألها بجدية مناسبة:
أنتٍ بنتها؟
اومأت مؤكدة فتابع بأسف جاد:
بصراحة يؤسفني اللي هقولهولكوا
سألته زينة بتوجس:
قولي يا دكتور في إية لو سمحت؟
تنهد وهو يجيب بدبلوماسية:
المدام عندها القلب!
وإن كانت لديها رغبة واحدة لمجيئ مالك فالان ازدادت تلك الرغبة لأضعاف!

كانت خلود متسطحة بجوار مراد على الفراش، وليلى في الغرفة المجاورة لهم، كلاهم ينظر للأعلى بشرود تام..
هو تموج بداخله رغبة صغيرة - جدًا - للأقتراب من ليلى زوجته الحبيبة التي حُرم منها مسبقًا!
رغبة قتلها برابط عشقه الحقيقي والمتين لخلود...
خلود التي كانت اسمها يعبر عنها، هي خالدة بين جدران قلبه للأبد!
نظرت هي له لتجده شارد فهمست برقة:
مراد
نظر له وهو يجيب بهدوء:
إية يا حبيبتي؟

وضعت يداها على صدره ونظرت في عيناه مباشرةً لتستشف ما ارادته، ثم سألته:
لسة بتحبني؟
نظر لها بذهول من ذاك السؤال الذي لم يتوقع أنحرافه على لسانها!
فاقترب منها حد الالتصاق متساءلاً:
وإية اللي يثبت لك؟
إتسعت ابتسامتها مرددة بمرح:
حضن
وبالطبع اغتنم فرصة المزاح ليحتضنها بقوة متشبثًا بها كطفل صغير يخشى البعد، يشدد من احتضانه لها ليهمس بجوار اذنها:
أنا مش بحبك
إتسعت حدقتاها بصدمة حقيقية فتابع بهيام:.

انا بموووت فيكِ
ابتسمت بهدوء بينما هو انظاره كانت مثبتة على شفتاها التي كانت وكأنها تحمل دعوة صريحة للتقبيل فاستجاب الدعوة وإلتهم شفتاها في قبلة دامية، وبعد ثواني ابعدته عنها برقة هامسة:
مراد عاوزة أتكلم معاك
همس وهو يقبل كل جزءً منها:
بعدين بعدين
هزت رأسها نافية بهدوء:
لا لازم دلوقتي يا مراد
إحتقن وجهه بغيظ وقال:
إنتِ ما بيحلاش ليكِ الكلام غير في الأوقات دي!

ضحكت برقة ودلال أذابت المتبقي من تماسكه فألصقها به يشعرها بسخونة جسده الذي كاد يشتعل من قربها..
فاستطردت هي بجدية هادئة:
لا بجد عاوزة اكلمك في حاجة
تنهد بحنق وهو يسألها:
اممم احكِ خير اللهم اجعله خير
تنهدت قبل أن تقول بعزم حقيقي وقوي:
عاوزة أروح لأهلي
ابتعد عنها قليلاً مرددًا بنزق:
يوووه تاني يا خلود، هو اللي هنعيده هنزيده ولا إية!؟
هزت رأسها نافية بأصرار:.

لا بس مش معنى إني بسكت شوية ابقى نسيتهم، أنا لسة مُصره إني اروحلهم
تنهد تنهيدة عميقة وطويلة تحمل في طياتها الكثير والكثير..
وأولهم واجب المواجهه!
نعم إن منعها من تلك المواجهه بقناع قلقه الان يجب ازالته..
لابد من ترميم ما هدمه عدوها الشقيق!
ملأ رئتيه بالهواء عله ينعش خلاياه ومن ثم أردف بصوت جاد:
ماشي يا خلود حاضر
هللت بفرح وهي تصفق بيدها:
بجد يعني أنت موافق؟
اومأ مؤكدًا بشبح ابتسامة:
اه موافق.

احتضنته بفرحة حقيقية:
ربنا يخليك ليا ياااااارب يا حبيبي
ابتسم بهدوء على تلك الطفلة التي يُسعدها أي شيئ بسيط..
ليسمعها تغمغم بصوت خافت:
هو ينفع طلب كمان؟
اومأ موافقًا بضيق مصطنع:
قولي قولي ما احنا مش هنخلص النهاردة
ابتسمت بخفوت قائلة:
عاوزة أكلم شمس صاحبتي من تليفونك
عقد ما بين حاجبيه بتعجب قليل:
هو أنتِ ليكِ صاحبه؟
اومأت مؤكدة باندفاع قوي:
ايوة هو حرام ولا إية يكون ليا صاحبه.

هز رأسه نافيًا وراح يبرر لها بهدوء:
لا ابدًا بس من ساعة ما اتجوزنا عمري ما شوفتك بتكلميها يعني
تنهدت وهي ترد بحزن نادم:
ماهو موبايلي مش معايا من ساعة ما انتم خطفتوني، واكيد هي مش عارفة توصلي وزعلانة مني عشان مش بكلمها
اومأ بهدوء متساءلاً:
إنتِ حافظة رقمها؟
اومأت بتأكيد:
اه طبعاً
عاد يقترب منها مرة اخرى وهو يقول بشقاوة:
تمام عشان تبقي تكلميها بعدين بقاا
شهقت وهي تحاول دفعه:
مراد لا اكلمها الاول.

ولكن لا حياة لمن تنادي كاد يلتهمها بشفتاه المتلهفة المشتاقة لعبيرها الخلاب...
وبين طيات شوقه همسه
يارب تستحملي الصدمة يا خلود!

كان يحيى على فراش المستشفى، لجوار غريب الذي جلبه للمشتشفى بعد أن رآه بهذه الحالة عن طريق - الصدفة في زيارته له -..
شعر يحيى أنه على فراش الموت!
يشعر الموت تمثل له في هيئة ذاك الألم اللعين، وبعقله خاصةً ليدس تلك الذكريات وافعاله الشنيعة امام عينيه!
وغريب، غريب الذي أذاه هو، الان هو من ساعده!
وللقدر حكمة لا تختفي...
نظر لغريب وهو يقول بصوت واهن:
أية اللي حصل يا غريب؟
اجابه الاخر بهدوء:
ولا حاجة يا يحيى.

وسأله مرة اخرى بصوته المُرهق:
أنت اللي جبتني هنا؟
اومأ غريب مؤكدًا:
أيوة انا
واستمر في سؤاله المتوجس:
الدكتور قالك إية؟
رفع كتفيه وهو يرد بجدية:
لسة ماقالش يا يحيى، إن شاء الله خير
اما هو فلا يعتقد - الخير - مكافأة على ما فعله طيلة حياته!
ودلف الطبيب بعد أن طرق الباب بهدوء، ليسأل يحيى بابتسامة هادئة وجادة:
اية الاخبار حاسس بأية دلوقتي؟
هز رأسه وهو يجيب بوهن:
احسن شوية بس حاسس الألم لسة ماراحش.

تبرم وجه الطبيب وهو يهتف:
ماهو للأسف مش هيروح بسهولة
سأله يحيى بهلع:
يعني إية يا دكتور؟
اجابه بجدية أسفة:
يعني للأسف عرفنا إن عندك ورم في المخ، لازم تعمل عملية
إبتلع ريقه بمرارة وكأنه كان متوقع ذاك الرد القاسي من الله ثم القدر على ما بدر منه!
ليسأله هامسًا:
وإن ماعملتهاش؟
رفع كتفيه مرددًا بشفقة على ذاك الشاب الذي بدى من مظهره مسكين:
كنت أتمنى لكن في خطر على حياتك مع استمرار وجود الورم.

سأله بتنهيدة حارة خرجت من اعماقه المتألمة:
ونسبة نجاحها كام يا دكتور؟
اجابه بهدوء:
للأسف الشديد نجاحها مش مضمون يعني 40٪ بس!

جلست شمس على الأريكة امام التلفاز تأكل بجوع بادي في طريقتها المتلهفة، وكأنها لم تصدق ان خرجت من أسر ذراعيه!
تقدم مالك منها ليضحك على هيئتها تلك، سمعته فاستدارت لتلاقي صدره العاري وعضلات صدره البارزة..
فشهقت بخفوت وهي تهمس ببعضًا من الخجل:
اية ده يا مالك، روح إلبس التيشرت
هز رأسه نافيًا وهو يجلس بجوارها، بل ملتصق بها وكأنها مغناطيس تأثيره لا ينتهي!
وقال بخبث دفين:
لأ انا مرتاح كدة، مرتاح جدًا كمان.

إبتلعت ريقها وقد تكفلت نظراته بإيصال رغبته التي لا تنتهي منها، بإتصالهم الحالم..
فابتلعت هي ريقها وهي تأكل الطعام بسرعة محدودة!
قهقه بمرح مرددًا متعمد اغاظتها:
كفاية يا شمس بطلي طفاسة بقا هاتخربي بيتي
شهقت وهي تضع يدها على فاهها، لترد بعدها بحنق:
ما أنت السبب أنت وأبنك
رفع حاجبه الأيسر يسألها بابتسامة لعوب:
انا وابني، لية عملنالك اية يا مفترية؟
تنهدت بغيظ مكملة:.

أنت منعتني اكل لحد ما جوعت كدة، وهو السبب اصلًا في جوعي ده
غمز لها بطرف عينيه قائلاً بمكر:
طب بمناسبة الجوع، أنا لسة...
قاطعت اقترابه البطيئ منها بشهقة وهي تبتعد للخلف مردفة بخجل:
بس اسكت خالص انت ما بتزهقش ولا بتكتفي
اقترب اكثر يهمس امام شفتاها التي كانت تعض عليها:
تؤ تؤ، قولتلك مابكتفيش منك، ابدًا.

عضت على شفتاها السفلية اكثر وهي تعمض عيناها، ومنع اقترابه هذه المرة صوت هاتفه الذي صدح معلنًا عن وصول إتصال قد يكون مزعج..
فانهض متأففًا يجيب ببرود:
الووو
وسرعان ما تجهم وجهه وشرد، لينطق بكلمة واحدة وجادة:
انا جاي
ثم اغلق وهو يتناول التيشرت الخاص به ليرتديه، فسألته شمس متوجسة:
خير يا مالك في إية؟
اتجه للخارج وهو يقول بجدية زائدة:
مش وقته
ثم خرج دون كلمة اخرى تاركًا اياها تتخبط في حيرتها من تغيره المفاجئ!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة