قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع والثلاثون

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع والثلاثون

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع والثلاثون

فعليًا دقاته تتراقص على جملة الطبيب التي كانت كموسيقي سعيدة يعشقها، ولم يصدق اذنيه، هي تحمل طفله!
تحمل بين احشاءها من سيجمعهم للأبد برابط متين لا ينتهي!
سيصبح ابًا لأطفالها هي، والابتسامة لم تنتظر الاذن لتعلو ثغره العابث..
والتعليل العقلي لسعادته بداخله؛ هي لم تكن تحاول الأنتحار!
لم يكن شكه صحيح عندما ترجاها ألا يكون شكه صحيح!
بينما هي في حالة غريبة ووحيدة من أمواج المشاعر تحوم حول دقاتها.

الحزن لأعتقاد خاطئ من حزن مالك على ذلك الطفل، والفرح لشعور فطري من الحنان والأنتعاش نبع بداخلها!
وغالبًا الفرح يفرض سيطرته بجدارة..
ولم تشعر سوى بالطبيب يغادر ومروان يهنئ مالك بابتسامة:
عيشت وشوفت ملوكي الصايع هيبقى أب
ونال زجرة خفيفة من مالك الحانق:
بس ياض، هتشوه سمعتي أكتر ما هي متشوهه!
ضحك مروان ليستأذن بخفوت للمغادرة:
طب عايز مني حاجة، هامشي انا وهبقى اكلمك او هاجيلك في وقت تاني.

اومأ مالك بابتسامة هادئة:
تمام، على مكالمات
استدار مروان ليذهب بهدوء خلف الطبيب، لينظر مالك لشمس مسرعًا وهو يجلس لجوارها، وسرعان ما أمسك يداها يقبلهم، لتشعر هي بشفتاه الساختين من فرط المشاعر التي عصفت به...
بجوار همسه الذي شعرت به يرفرف فوق سماء السعادة الحقيقية:
مبروووك يا شمسي، ربنا يخليكوا ليا وميحرمنيش منكم
إبتلعت ريقها بازدراء قبل أن تسأله بنصف عين:
يعني أنت مش متضايق؟!

هز رأسه نافيًا بلا تردد، ليحتوي وجهها بين يداه وهو يكمل بصوت عابث مهلل:
متضايق اييية بس، ده انا من كتر الفرحة حاسس إني مش هقدر اشيلها لوحدي عايز أوزع فرحة على الناس
وشق وجهها ابتسامة سعيدة ومنكسرة في آنٍ واحد، ولكن سرعان ما اختفت والفضل لذاكرتها التي اطرقت عليها ما حدث، لتبعد يداه عن وجهها بعبوس مرددة:
كداب، ويلا ابعد عني.

تنهد بقوة قبل أن يقترب اكثر هذه المرة حتى بات ملاصقًا لها، ثم غمز لها بطرف عيناه قائلاً:
لا، دي أملاك خاصة بيا، أعمل فيها اللي أنا عاوزه، إن شاء الله حتى أكلها
وخجلت كعادتها من مغازلته الواضحة، والتي خففت ولو قليلاً من كومة غضبها اللانهائي منه!
لتنهض وهي تقول بجدية أتقنتها:
أنت ملكش دعوة بينا، خليك في حياتك الفاسدة
نهض مسرعًا وهو يمسكها هاتفًا ببلاهه:
يعني إية؟

اجابته ببرود وهي ترفع كتفيها ثم أحاطت بطنها بامتلاك حنون:
يعني ده أبني لوحدي، أنت ملكش دعوة بيه، عشان كل ما أفتكر إنه ابنك بفتكر إنه ممكن يطلع زيك بيبقى هاين عليا اقول يارب مايجيش
بالرغم من أن كلامها لمس وترًا حساسًا داخله، إلا انه حاول التغاضي عنه بخبثه المعتاد:
أبنك لوحدك ازاي يعني، امال أنا بعمل إية حضرتك، ده انا طالع قايم شارب قاعد وإنتِ في حضني يا قمر.

وانهى جملته بغمزته التي اصبحت تحفظها عن ظهر قلب، لتتوتر من مسار خبثه الذي لا تستطع سلوكه، ثم قالت:
مالك لو سمحت، أنا قولتلك رغبتي وياريت تحققها
ثم إلتفتت له زافرة بغيظ:
عشان أنا بيئة وأنت ماينفعش تبقى قريب من واحدة زيي.

وأيقن من رد فعل متوقع، فنهض ليقف جوارها، وفجأة جذبها لأحضانه بقوة، وكأنه يطالبه باستشفاف مدى عشقه الذي يظهر على اضطراب دقاته بوضوح، ليربت على شعرها الذي ظهر عندما ازال حجابها برفق، وهتف:.

ما عاش ولا كان اللي يقول عليكِ كدة، شمس عايزك تتأكدي إني وحياة ربنا بعشقك، كل ذرة فيا بتعشقك، وإني مهما عملت بيكون عشان سبب أقوى، مش عشان أنا كداب او عندي شيزوفرينيا زي ما قولتِ، وأنا عمري ما هيملى عيني غيرك، يا روحي
وبالفعل كلامه كان كأنه واقي من الحصون فاخترق قلبها بلا تردد، ووقفت هي عالقة بين كلامه الذي يدمر ثم يعيد لها حياتها!
لتسأله بعدم فهم مصطنع من اعتذار توارى خلف كلماته:
قصدك إية وضح اكتر؟

هز رأسه نافيًا بابتسامة بسيطة وغامضة:
صدقيني في الوقت المناسب هاجي احكِ لك كل حاجة لوحدي
أمسكت يداه لترمقه بنظرة رجاء وهي تردف:
مالك لو في حاجة قولي، صدقني هفهمك
لمس على وجنتاها بحنان ليقترب ببطئ مقبلاً جبينها بقبلة عميقة ثم أبتعد ليغادر، فسألتع هي مسرعة:
رايح فين؟
رفع كتفيه واجاب دون أن ينظر لها:
خارج
ثم غادر دون أن ينتظر تعليقها او سؤالها القادم، مما دفعها للتأكد من انه يعاني من مرض الشيزوفرينيا!

لم تعد حاسة فيها تتواصل بالدنيا سوى عيناها التي كانت معلقة بعيناه ترجوه أن ينفي ما يدور بعقلها مسرعًا!
بينما هو هادئًا تمامًا وكأنه لم يفجر قنبلة مدمرة عصفت بكيانها!
فأمسك مراد بيداها هاتفًا بصوته الأجش:
اسمعيني يا خلود، أنا ماينفعش أتخلى عن ليلى، بما انها لسة عايشة ده معناه انها مراتي لسة
فنظرت له متساءلة بسذاجة:
يعني إية يا مراد؟
اجابها برزانة دون تردد:.

مش هاتخلى عن ليلى بس مش بالمعنى اللي إنتِ فهمتيه، قصدي هسمع منها اللي حصل وهفهم وهساعدها لو احتاجت
وشدد على قبضته بأحتواء طمئنها ليتابع بعشقًا لم تخفى خيوطه من جحور عيناه:
لكن عمرها ما هترجع زوجة وحبيبة، إنتِ الزوجة وإنتِ الحبيبة يا خلود
وكادت تبتسم بفرح وهي تسأله بغيرة اكتسحت كلماتها:
امال مش هتطلقها لية!؟
و رد بجدية معهودة في تلك المواقف:.

تقريبًا ليلى كل اللي عانيته كان بسببي، تتوقعي بعد ده كله أجي اقولها سوري اصلي لقيت حب حياتي الوحيد فمش هينفع أقف جمبك ويلا اخرجي من حياتي
ثم صمت برهه واستطرد بخشونة:
ده مايمنعش إننا اكيد هنتطلق، بس اما افهم منها كل حاجة الاول
فسألته مرة اخرى بتردد:
ولما تفهم؟
اجابها بلا تردد رافعًا كتفيه:
اكيد ساعتها هتصرف بس بعقل
اومأت بهدوء جاد:
وانا واثقة فيك يا مراد، واثقة فيك جدًا
ابتسم فرح ليقول:.

وأنا مش عاوز أكتر من الثقة دي صدقيني
اومأت قبل أن تسأله بقلق لا يليق سوى بعاشقة:
مش هاتتخلى عني ابدًا صح؟
اومأ مؤكدًا:
عمري
وتابعت سؤالها:
مش هتكرهني في يوم
واجابته دون تردد:
ده انا اموت قبل ما اعملها
وضعت اصابعه على شفتاه بتلقائية مرددة:
بعيد الشر حرام عليك ماتقولش كدة
ابتسم بفرحة قبل أن يسألها هو هذه المرة:
أنا إية بنسبالك يا خلود؟
نظرت للأرضية بخجل وهمست:
معرفش، أنت شايف اية؟
سألها بأصرار مرة اخرى:.

لا انا عايزك إنتِ تجاوبي
ولم تجد مفر من أعتراف طال انتظاره المشتاق لتقول متلعثمة:
لما نروح نشوفها ونيجي هبقى أقولك
ابتسم مداعبًا:
ماشي يا جميلتي، ولسة الليل ادامنا طووييييل
ثم نهض وهو ممسك بيدها متجهين للخارج، ليروا نوارة وهي...

وظل زياد ينظر لها مطولاً، وكأنه يحاول استيعاب تلك القوة التي اخترقتها فجأة لتدفعها لقول هذا!
بينما هي فعليًا تشعر بالأرتياح لكونها استطاعت حل ما هي به ولو قليلاً..
ليجذب يدها بقوة مرددًا بتساؤل حاد بعض الشيئ:
هو مين ده يا زينة؟
رفعت كتفيها وهي تجيب بتوجس:
مش لازم تعرف
هز رأسه نافيًا ليتابع:
لا لازم، ولازم جدًا كمان
تحدته وهي ترفع حاجبها الأيسر قائلة بعناد:
ولو مقولتلكش هتعمل اية، ولا حاجة.

ضغط على ذراعها ليقول بعدها بجدية حادة متملكة:
لا يا زينة تبقي لسة متعرفنيش، لو اضطريت إني احبسك هنا عشان ماتبعديش عني هاعملها
لوت شفتيها بتهكم واضح وهمست:
للأسف بقيت اعرفك كويس جدًا
وخفف من قبضته قليلاً وهو يقول بصوت حازم وحاد في آنٍ واحد:
انا هروح اتكلم مع مالك في اقرب وقت
هزت رأسها نافية:
لا مش هينفع
ثم لانت نبراتها بعض الشيئ وهي تردف متوسلة:
زياد لو سمحت، ماتخلينيش اكرهك أكتر من كدة.

جملتها اثرت فيه بالطبع، احكمت كلماتها حول مقر تأثره اللعين!
ليرد بنفس اللين:
طب إنتِ حسي بيا، اعرفي إن انا بقيت عاشق مينفعش يستغنى عن معشوقته خلاااص
وكانت الصدمة اول من ارتسمت على ملامحها الذابلة، وهي تتساءل في سماء صدمتها التي يبدو انها لن تنتهي
اي عاشق هذا يدمر معشوقته!؟
فهمست ببلاهه:
عاشق!
ورد مسرعًا بقوة:
ايوة يا زينة، انا حبيتك حتى من غير ما احس، حبيتك اوووي
وهي الاخرى بنفس السرعة ردت:.

تبقى بتحلم لو فكرت إني ممكن ابادلك نفس الشعور الكداب ده
هز رأسه نافيًا:
مش كداب للأسف
نهضت دون كلمة اخرى، لتتجه للباب، وقبل أن تفتحه قالت ساخرة:
انا ماشية يا زياد، ولما تطلقني ابقى قولي عشان اقول لأهلي
ثم استدارت لها متابعة بتحذير قوي:
بس افتكر إني مش هاستنى كتير هه
نهض هو الاخر مقتربًا منها ليمسكها من يدها يدفعها للداخل متساءلاً بتهكم:
إنتِ مين قالك إنك هتمشي اصلاً
رفعت كتفيه مجيبة بلامبالاة:
انا اكيد.

هز رأسه نافيًا وهو يوصد الباب بالمفتاح، وكأنه تأكد من احتباسها بقفص عشقه للأبد، فعقد ذراعيه ثم قال:
انسي انك تمشي من هنا يا حبيبتي!

والمضطر يركب الصعب
جملة شعبية ترددت بكثرة من اجباريات تكون اسهل واخف من اشياء اخرى تكون كالدمار!
واحيانًا تُطبق عليك فتضطر للمجازفة!
كان مالك يسير بجوارها، عقله مع تلك التي تركها وخرج، وبذرة حبهم التي تنمو بداخلها، وإنما جسده مع تلك التي تسير بجواره ببرود...
شعور يخبره برفض تام
لا تفعل وبالطبع ذاك نابع من صميم القلب العاشق
واخر يخبره بتلك الجملة الشهيرة ليبرر
المضطر يركب الصعب.

فتنهد بقوة وهو يسمعها تقول:
مالك لو هسبب مشكلة خلاص
تقوس فمه بابتسامة ساخرة وهو يهمس بغيظ مكبوت:
إنتِ اُس المشاكل اصلاً منك لله
سألته بتركيز:
بتقول حاجة يا مالك؟
هز رأسه نافيًا بسرعة ليستدرك نفسه مرتديًا قناع الود:
لا طبعًا، بقول حتى لو هتعملي مشكلة مش فارقة معايا اكيد
اومأت بابتسامة لم تختفي، وبداخلها يهتف مهللاً
اتمنى ذلك!

وسرعان ما وصلوا للمنزل الذي يقطن به كلاً من مالك وشمس، فابتلع مالك ريقه قبل أن يتجه ليفتح الباب فدلف متنحنحًا ينادي على شمس:
شمس، إنتِ فين!؟
ولم يأتيه رد ليتجه للغرفة خاصتهم، ليجدها تقف بمظهرها الذي يراه بها ولأول مرة في حياته!
ترتدي قميص من اللون الاحمر يصل عند ما قبل ركبتيها بقليل، وذو فاتحة واسعة الى حدًا ما عند الصدر ومطرز برقة..
ففغر فاهه بصدمة هامسًا:
اية ده؟!

لترد هي عليه بغضب غيرة اتضحت من نبراتها:
ده قميص نوم كان جديد وفي كيسه محطوط في الدولاب
وكاد يضعف امام هيئتها التي كانت اول مرة يلقاها فيذهب ليعتصرها في رحلة عشق مشتاقة..
ولكنه تمالك نفسه وهو يقول بصوته الاجش بجدية حاول التمسك بها:
البسي زي الناس بسرعة وتعالي برة هوريكِ حد لازم تشوفيه
سألته متوجسة:
حد مين؟
كز على أسنانه بغيظ مرددًا:
يلا يا شمس وهاتشوفي.

اومأت موافقة ليخرج هو بهدوء في حين ابدلت هي ملابسها بسرعة..
لتخرج مسرعة لترى من القادم، فكانت الصدمة من نصيبها...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة