قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس والثلاثون

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس والثلاثون

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس والثلاثون

وكانت الصدمة اول من افترشت على ملامحها من رؤية سمر التي كانت تقف بجوار مالك ببرود متناهي!
ورغبة جامحة تحوم بداخلها لضرب تلك التي تسمى سمر...
كره ما تكنه لها؟، لا لا من المؤكد أنه اقوى من الكره بمراحل عديدة!
لتقترب منهم وهي تشير لسمر من اعلاها الى امحص قدماها قائلة:
اية دي؟!
رفع مالك حاجبه الأيسر ليسألها ساخرًا:
إية مش شايفه ولا إية سلامة النظر
كزت على أسنانها بغيظ حقيقي فأردفت في محاولة للتماسك:.

لا بصراحة مابقتش أشوف المستوايات دي
بالرغم من الفرحة التي أنعشت روحه المغتاظة من فعل اجباري يهدم اشياء عانى في بناؤوها..
إلا انه ليكمل ذاك الدور - اللعين - الذي يقوم به قال لشمس بخشونة:
إية اللي إنتِ بتقوليه ده يا شمس، مينفعش كدة، إعتذري لها
هزت رأسها نافية بشموخ يليق بها ثم أردفت:
ابدًا، ده انا اموت قبل ما اعملها، وبعدين انا ماغلطتش عشان اعتذر.

وكادت ابتسامة سعيدة تشق وجهه، واخيرًا استطاعت غزالته الهشة الدفاع عن نفسها وإن كان ضده!
مطت شمس شفتيها بملل وقالت ؛
عن اذنكم بقا اصل انا مش فاضية للكلام الفاضي واللقاء ده
أوقفتها لكزة سمر لمالك وهي تحثه على النطق بما يعجز عن نطقه، بقولها الجاد:
مالك مش هتقولها ولا إية؟
تنحنح مالك بخشونة مرددًا:
شمس استني في حاجة لازم تعرفيها
إلتفتت له تسأله بغيظ مكبوت:
امممم خير حاجة إية؟
نظر للجهة الاخرى ليتابع بجمود:.

أنا وسمر اتخطبنا، عشان آآ..
وعجز عن نطق تلك الكلمة التي ستُحمله عبئ لا طاقة له به..
فاستطردت سمر عاقدة ذراعيها ببرود:
هانتجوز قريب، جدًا
إبتلعت شمس ريقها وحاولت التحلي ببعض الثبات الذي شعرت به هرب ادراج الرياح!
فتنهدت بقوة تنهيدة تحمل الكثير والكثير ثم قالت ببرةد تصنعته:
مبروووك اوعوا تنسوا تعزموني بقا
وبهت وجه سمر من ذلك الرد الذي لم تتوقعه!

بينما مالك كان ينظر لها بضعف ولأول مرة، وقرأت بين سطور عيناه رجاءً لألتماس العذر له..
فاستدارت قائلة بخفوت:
انجوووي بقا
ثم غادرت وداخلها يحترق فعليًا، أي زواج هذا وخطبة!؟
خطبة، يعني أرتباط ابدي بمن عشقته مع تلك الخبيثة!
عشقته؟! وهل اعترفت يومًا بذاك العشق!
نعم الان كل جوارحها معترفة بذاك العشق الذي كاد يزهق روحها كليًا!
ولن ولم تسمح له ان يبتعد الان ليعذبها!

بينما في الخارج جلس مالك على الأريكة بجوار سمر التي قالت بغيظ واضح:
عشان تعرف بس انها مش فارق معاها انك تتجوز ولا غيره
اومأ ببساطة مجيبًا:
عارف، مش محتاجة توضحي
بينما داخله يعترف وبجدارة أن ذاك لم يكن سوى قناع بارد تلبسته!
لتتمسك بذراعه بقوة هامسة بحماس:
هييييح مش مصدقة بجد يا مالك أنك وافقت علطول ولسة بتحبني زي ما انا بحبك
اومأ بابتسامة ساخرة لم تراها:.

اه طبعاً، انا اكتشفت اني مش هينفع احب غيرك اصلًا يا حبيبتي
نظرت له لتتلمس لحيته بهيام، ثم اقتربت منه اكثر حتى باتت ملاصقة له لتهمس بصوت مغوي:
انت وحشتني اوي، وحشتني لمساتك، وحشتني النومة في حضنك، كل حاجة وحشتني
ابعد يدها عنه وهو يقول بنزق:
احنا لسة ماكتبناش الكتاب يا سمر
اومأت متأففة:
ماااشي
وغير مالك مجرى الحديث ليقول بهدوء مزيف:
تعبت النهاردة ومروان جاب لي الدكتور
اومأت بخبث قائلة:.

سلامتك ألف سلامة يا حبيبي
نهض وهو يمسك يدها ليتجهوا للخارج فسألته سمر بهدوء:
هنروح فين؟
اجابها وهو يسير:
هتعرفي لما نروح، يا حبيبتي!

وظلت تحاول ظبط انفاسها المضطربة من حكم ذاك العاشق الكاذب..
لتعقد ذراعيها في خصرها قبل أن تقول له وهي تتمايل بحنق:
وأنت تحبسني بتاع إية انت، انت مجنون ولا اية؟
هز رأسه موافقًا ببرود:
ايوة للأسف مجنون بيكِ
ثم صمت برهه ليكمل بعدها بتصميم غريب:
ومش ناوي اخف من الجنان ده ابدًا يعني
سارت متجهة للباب وهي تقول ببعض الحدة:
طب اوعى بقا يا مجنون عشان هامشي يعني هامشي
وقف امامها يهز رأسه نافيًا ببرود:.

لا يا زوجتي العزيزة
ولم تجد مفرًا سوى اتخاذ - الجنان - طريقًا فركضت نحو المطبخ مسرعة لتمسك بالسكين الحاد وهي تشير لزياد مرددة:
ابعد وخليني امشي وإلا هاموت نفسي هنا
رفع حاجبه الايسر باستهانة:
لا والله!؟
اومأت وهي تقرب السكين منها اكثر:
قسمًا بالله لو ما مشيت دلوقتي لهعمل في نفسي حاجة وانت عارفني مجنونة واعملها
لم تجد ردًا فتابعت بغل:
ولو انت مجنون انا اجن منك بقاا
هز رأسه نافيًا:
متقدريش.

كزت على اسنانها بغيظ لتضغط بالسكين على يدها حتى كادت تنجرح
اما هو قد بدء الخطر يراوده بكثرة، بالفعل هي - مجنونة - وأن ارادت فعلتها!
فأفسح لها الطريق ليقول بعدها متنهدًا بضعف:
امشي يا زينة، بس اتأكدي اني مش هطلقك، ابدًا
اومأت بعناد انثى شرقية معروف:
هانبقى نشوف الكلام ده بعدين
تنهد وهو يراها تغادر، ليهوي على الأريكة هامسًا بوعيد:
اما نشوف اخرتها يا زينة.

بينما هي بمجرد نزولها تنفست الصعداء، شعرت انها استطاعت الهرب من بين براثن الذئاب!
تذكرت ذلك - الفيلم - الذي اصطنعته في ثواني معدودة
ولاح في سماء عقلها الشارد ذكرى طلب ذاك الذي يدعى يحيى
زينة، طلبي الوحيد إننا نبقى اصدقاء بس، بس تدي لصداقتنا مساحة في حياتك، ماتطردنيش من حياتك بالزوق زي ما بتعملي
اخرجت هاتفها مسرعة لتتصل بمالك الذي اجابها بعد ثواني قائلاً:
ايووة يا زينة.

فقالت دون تردد باحتياج حقيقي ظهر في نبرتها المترجية لذاك الحنان الذي افتقدته كاملاً:
مالك انا محتاجاك اووووي!

كان حمدي يلهث وهو يحاول إلتقاط انفاسه بصعوبة، اثار العنف تضح على ملامحه التي كادت تتشوه من كثرة الضرب الذي تلقاه من رجاله رئيسهم في ذاك العمل المشبوه!
علامات تركت اثرًا واضحًا لتضحيته من اجل محبوبته الصغيرة - نوارة -
او لنقل الان - ليلى - والتي كان يعشقها ويضحي من اجلها ويكذب عليها في آنٍ واحد!

وسمع صوته يسأله بغضب اعمى:
بردو مش عايز تنطق يا حمدي؟
هز رأسه نافيًا بضعف:
يا باشا انا نطقت بس انت اللي مش عايز تصدقني
صرخ فيه بحدة مفرطة:
مش عايز اصدق إية يا كداب
اجابه بهمس يكاد يسمع:
مش عايز تصدق إن انا ماهربتش نوارة، انا اصلًا مقدرش اعملها
كز الاخر على اسنانه بغيظ ليهتف:
تقدر، لانها متقدرش تهرب لوحدها اصلًا!
هز حمدي رأسه نافيًا وعاد يحاول اقناعه بالكذب:.

يا باشا صدقني اكيد قدرت، دي بقالها معانا سنتين، وممكن يكون حد غيري ساعدها، لكن انا لا، ده انا ايدك اليمين
ضيق الاخر عينيه بخبث شيطاني معروف عنه:
وانا ايدي اليمين لما تخوني اقطعها يا حمدي
صرخ حمدي بنفاذ صبر:
يا باشا صدقني انا ماهربتهاااش، ومش هاقدر عمري اعملها
بادله الاخر الصراخ الحاد وهو حرفيًا كاد يجن:
كويس إنك عارف إن البت دي بالذات لو وصلت للبوليس كلنا هنروح في داهية.

لم يرد حمدي هذه المرة، لقد اكتفى بالمدافعات الكاذبة التي يبدو انها لن ولم تجدي نفعًا!
بينما اشار الاخر لرجاله قائلًا بصوته الأجش:
تعالووا يلا ابدءوا!

عايزك بقا تحكي لي كل حاجة حاجة يا ليلى.

سألها مراد وقد جلس وهو وخلود بجوار تلك التي كانت وكأنها تنتظر حكم القاضي عليها، لتتسع حدقة عيناها من تلك الكلمة التي سقطت على اذنيها كالرعد فسألته بصدمة:
ليلى مين حضرتك؟
رفع كتفيه يجيب ببساطة:
إنتِ ليلى اكيد!
هزت رأسها نافية بسرعة وتعجب:
لا انا اسمي نوارة مش ليلى
ضيق ما بين حاجبيه ليسألها مفكرًا:
مين اللي قالك كدة؟
إبتلعت ريقها وهي تجيبه بحرج:
الناس
سألها مرة اخرى متعجبًا هو هذه المرة:
ناس مين دول؟

تنهدت قبل أن تردف:
اللي المفروض اني اتربيت وسطهم
اومأ مراد بتركيز شديد ليسألها متلهفًا لتلك الحقيقة التي كانت على حافة لسانها:
لا براحة كدة احكيلي كل حاجة واحدة واحدة
نظرت امامها بشرود، لتبدء بالسرد وهي تتذكر ما مرت به:.

أنا، فقدت الذاكرة، لقتني مع حمدي اللي انت عارفه وناس كدة، قعدت اسألهم انا مين واصلي اية، قالولي إن انا متربية معاهم، وإن اهلي مش معروفين، فالبداية مصدقتهمش، فضلت مصدومة من الحقيقة دي، سألتهم يعني حتى انا مش متجوزة، قالولي لأ وطول عمري رافضة الجواز، مابقتش مصدقة ومنعزلة عن كل الناس، ومر تقريبًا سنتين ومحدش سأل عليا ولا حد وصلي، عرفت إن كلامهم صح مش كذب، وحمدي صديقي الصدوق
وظل ينظر امامه بصدمة..

صدمة تجسدت في حديث عن تفكير شيطاني بالطبع!
نعم فوالله لا يفعلها سوى خليفة - إبليس - من البشر!
كيف اقنعوه انها ماتت، والان اقنعوها انها معهم!؟
ظل يمسح على شعره عدة مرات، يحاول تهدأة نفسه الثائرة..
فسمع نفس السؤال الذي كانت خلود تريد أن تسأله:
هو في إية يا حضرت الظابط؟
زفر بقوة قبل أن يقول:
مفيش، لازم تعرفي إن كل كلامهم كذب، إنتِ مش معاهم خالص يعني
سألته بانتباه:
وانت مين قالك يا حضرت الظابط؟

وجالت سحابة غامضة في عيناه قبل أن يقول بصوت منخفض الى حدًا ما:
مش مهم، المهم انك تسمعي اللي هقوله كويس وتنعنشي ذاكرتك كدة
نظرت له باهتمام مرددة:
كلي اذان صاغية يا باشا؟
اقترب منها قليلًا ليسرد عليها ما اراده تحت انظار خلود الحارقة من ذاك القرب!

عاد مالك إلى المنزل وهو تقريبًا متوقع رد فعل شمس الحقيقي الذي توارى خلف ذلك القناع البارد..
وتنهد قبل أن يتجه لغرفتهم فلم يجدها، وقد وصله صوتها من المطبخ تدندن بأريحية وكأنها تثبت له انها بخير تمامًا!
تحاول بث شعور اللامبالاة عن طريق الاغاني التي ترددها وهي تعد الطعام!
وهو متأكد أن تلك اللامبالاة لم تكن سوى خلفية للكذبة الجديدة التي ستخبره به...

وجدها تتمايل برفق وهي تدندن، ولم ينكر ان مظهرها بذاك القميص اغواه بحق، اشعل شوقه المكبوت لعدة ايام لها!
فاقترب منها يحيطها من الخلف ليقبل رقبتها الظاهرة بنعومة مرددًا:
بتعملي اية يا شمسي
ابتعدت عنه مسرعًا وهي تضع يدها على صدرها شاهقة:
بطل تظهر فجأة كدة
ضحك بخفوت وقال:
بعد كدة هبقى ادي مقدمات قبل ما ادخل حاضر
لوت شفتيها بتهكم:
مطيع اوي الصراحة
ثم ابتعدت عنه بمسافة لتقول بعدها بضيق واضح:.

روح للسنيورة بتاعتك إية اللي جابك
ظهرت شبح ابتسامة على الغيرة التي تنضح من عيناها، ليشاكسها بخبث:
لا أنا معنديش غير سنيورة واحدة وروحتلها اهوو
نظرت له شرزًا هاتفة:
بطل كذب هه، انت هاتتجوزها وجاي تقولي بكل برود
ومن خوفه الذي سيطر على كيانه على طفله الذي لم يولد بعد
من الحزن الذي قد يسيطر عليها فيفقدهم نبته حبهم الوحيدة!
قال باستسلام:
هحكيلك كل حاجة يا شمس.

ونظرت له باهتمام ليبدء سرد ما حدث بالتفصيل مما جعل حدقتاها تتسع بصدمة و...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة