قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الختامي الأول

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الختامي الأول

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الختامي الأول

بدت له الصدمة التالية أقرب ما يمكن من تلك الزاوية، دقاته تترقب مفاجأة أخرى صادمة تجعلها تضطرب كعادته، وعقله يثبت خيوطًا من الثبات حول دورة تلك الدقات، فتثبتها ولو قليلاً..
و راح يحث الطبيب على الإسراع في النطق، فما عاد يتحمل ذاك التلاعب الذي مزق أوتار روحه حرفيًا:
-قول يا دكتور مالها أمي؟ حصل لها إية يا دكتور؟
تنهد الطبيب بقوة هادئة، قبل أن يُهدئه:
-أهدى يا أستاذ مالك عشان تفهمني.

هنا لم تتحمل زينة التي أكلها التوتر وأنتهى، ف صاحت فيه شبه منفعلة:
-لو سمحت يا دكتور تقولنا اللي حصل ومن غير مقدمات
إهتياج نفسي وتوتر، مقدمات تسد خانة الصدمة مؤقتًا، وتنسحب رويدًا رويدًا لتترك سيل الصدمات يخرج من بين شفتا هذا الطبيب على هيئة حروف مسمومة:.

-والدتك حالتها النفسية أزدادت سوءً من ساعة ما جت هنا، مابقتش بتتكلم مع حد، أو حتى بترد على حد، أحيانًا بس بتهذي في الكلام زي انت كداب، ربنا ينتقم منك، مش هتأذي ولادي وما شبه ذلك
صمت برهه يستشف الصدمة التي كانت مرسومة على وجه مالك!
اما زينة فكانت الصدمة تدغدغ أعماقها، ولكن ليس بنفس تأثيرها على مالك..
هي الصدمة أصبحت جزءً منها في أغلب الحالات!

حتى أصبحت اوتارها لا تجدي أنغامًا متوقعة عليها مرة اخرى، بل تصدر أصواتًا مكتومة!
أستفاقت من صدمتها على صوت مالك الواهن وهو يستأذن الطبيب:
-طب أنا ممكن أشوفها عادي، صح؟
اومأ الطبيب مؤكدًا في بعضًا من الحماس وهو يشرح له:
-أيوة، وكمان أنا متوقع إن ده هيجي بنتيجة إيجابية عليها جدًا
اومأت زينة مؤيدة:
-طيب كويس جدًا، يلا نشوفها بقا
نهضوا جميعًا متجهين لتلك الغرفة التي لطالما كانت سجنًا لتلك المسكينة...

حتى وصلوا ف دلف الطبيب اولاً، مشيرًا لهم أن ينتظروا قليلاً..
دلف ليجدها كعادتها تجلس أمام تلك الشرفة، عيناها السوداء تائهه بين ملكوت العالم الخارجي الأسود، تائهه بين شباك ظلماته التي زجتها نحو حبسًا إجباريًا كهذا!
وما يهون عليها هو تلك الذكريات القليلة التي تحوم بين طيات ذاكرتها،
ضجة وأصواتًا عالية تُعشش بين جحورها لتذكرها بما مضى...

الماضي الذي كلما تذكرته وبخاصةً الأيام التي كانت بينهم كنسمات الهواء الضائعة!
تجعل ضجيج الألم يعاود التشقق بين روحها المُنكسرة حرفيًا..
بقيت تنظر للطبيب باستخفاف وكأنها تخبره بنظراتها أن يتراحع عما أتى له، أن يُسلم لواقع أنها اصبحت مثلها مثل الجماد، ذات مشاعر محترقة!
تقدم اكثر منها ثم جلس لجوارها يُنظم تلك الكلمات التي من المفنرض ان تخترق عزلتها المميتة..
ليبدء كلماته بقوله الهادئ:.

-ازيك يا مدام رشا؟ عاملة اية دلوقتي؟
نال منها نظرة ساخطة، ألا يرى حالها؟! ألا يرى الإنكسار ينحدر على ملامحها التي كانت ذات يوم مشرقة..
ربما بل بالتأكيد يرى نتائج خطط شيطان الأنس الخبيثة على ذبلان روحها التي كانت ذات يوم مرحة!
بينما تابع هو حديثه الذي بدأ ينحدر نحو الجدية:
-أنا جاي اقول لحضرتك حاجة يمكن تفرحك، جدًا.

وأخيرًا تبدلت نظراتها للاهتمام ولو قليلاً، فتشجع هو وهو يشعر بها تفتح له باب مستنقعها المظلم بنظرتها تلك، وقال:
-ولاد حضرتك تقريبا اسمهم مالك و زينة، جايين عشان يشوفوكِ
بالرغم من تهلل أساريرها، بالرغم من إنفراج تلك القسمات المتقلصة، إلا أنها شعرت بغصة مؤلمة تخص كرامتها، الان فقط تذكروها؟!
الان شعروا بعامود منزلهم الذي كاد ينكسر تمامًا من كثرة تحمله!
وهمست بشرود لم تعي أنها تحدثت:.

-ياااه لسة فاكريني، كتر خيرهم والله
تغاضى عن اعتراضها، و راح يردف بنصر لاخراجها عن حالة الصمت تلك التي كادت تقتلها حية:
-على فكرة هما مشتاقين لك جدًا وكانوا عاوزين يدخلوا لك بس انا قولت لهم استنوا ادخل افاجئها بنفسي
بقيت صامتة تحت تأثير الصراع النفسي الذي تشعر به حاليًا، فراشات السعادة تُهلل داخلها للقاء ولديها الحبيبن، وذراعا شيطانها يجذبانها نحو حافة الغضب الحارق!
فنادى الطبيب بصوته العالي:.

-اتفضل خش يا استاذ مالك، أنسة زينة
ودلفوا سويًا بهدوء تام يقوده الاشتياق لها، وياللهول من صدمتهم التالية!
وما أصعب من أن يروا والدتهم الحبيبة ذبلت حرفيًا!
خطوط من الهالات السوداء تحيط بوجهها الذي كان مشرق - مسبقًا - خطوط لوهلة شعر مالك أنها تعترف على جمال بوضعه لها!

أقترب منها مسرعًا يحتضنها بكل ذرة حنان تجرعها مسبقًا فبعث بها لها عن طريق لمساته الرقيقة، وكادت دموعه تخون امره وتنجرف أسفل رمشيه فظل يهمس بخفوت مرددًا:
-وحشتيني اوي يا امي
ورغمًا عنها بكت! سمحت لتلك الدموع الملتهبة أثر البُعد أن تأخذ منحناها على تقاسيم وجهها الذابلة فتعطيها مظهر اكثر شفقة!
شدد من قبضتها على ظهره تخبره بصوت واهن بشدة:
-وأنت أكتر يا حبيب امك، وحشتني اووي يابني.

وابتعد مالك بعد دقائق لتحتضنها زينة على الفور بلهفة حقيقية، فيما ظلت الاخرى تردد:
-مش هاخليه يأذيكوا ابدا يا حبايبي
نظر مالك للطبيب يسأله بجدية مناسبة:
- هاخدها البيت عادي، صح يا دكتور؟
اومأ الطبيب ومن ثم اجابه:
-اه مفيش مشكلة بس روح لدكتور القلب اللي كان متابعها عشان حالة القلب كانت متدهورة اخر فترة
اومأ مالك بقلق يسأله:
-هو فين؟
اشار له وقال:
-هتلاقيه في الطرقة دي الاوضة اللي ع الشمال...

وبعد فترة انتهوا واستعدت رشا للرحيل بشعادة لم تفرض مقاليدها على حياتها البائسة منذ فترة، سار معهم مالك وهو يتذكر كلام ذاك الطبيب الاخر:
-قلب والدتك كان ضعيف من الاساس والضغط النفسي ده اضعفه بزيادة ولو الضغط زاد ممكن تتعرض لسكتة قلبية بعيد الشر، ف ياريت ماتتعرضش لأي ضغط ويستحسن لو اخدتوا الممرضة معاكم فترة لحد ما نطمن ع استقرار الحالة.

وتلقائيًا احتل الحنق اجزاءه من والده الراحل، واصبح فعليًا لا يدري أيدعو له ام عليه؟!

وصلت شمس الى منزلها السابق، وتتلاطم امواج الذكريات داخلها، بجوار تلك المشاعر المختلطة، الحزن الهدوء والقلق من رد فعل لا تتوقعه!
لكل فعل رد فعل وبالطبع لكل هجر وابتعاد غاضب، حنق لا يُوصف تجاهها!
طرقت باب المنزل بهدوء متردد، حتى تلك اللحظة تخشى فوران غضب والدتها فربما تحبسها معها!؟
ربما تظل تضربها حتى تتسبب بموت طفلها التي لم يرى الدنيا بعد!

وساويس ووساويس من ذاك الشيطان يدعوها للفرار، يدُس المخاوف بعقلها كدعوة صريحة للتقدم نحو الهرب مرة اخرى!
ولكنها تمسكت بكل طرفًا للثبات وهي تزيد طرقاتها وبعد ثواني فتحت لها كريمة بوجه واجم سرعان ما تبدل للسعادة المُهللة التي توزعت على ملامحها فور وقوع نظراتها على أبنتها المهاجرة!
ولم تترد وهي تقترب لتحتضنها بكل ما لها من قوة، تملأ رئتيها برائحتها الطيبة، وتهمس بصورة هيستيرية:.

-يااه يا شمس، هونت عليكِ يا بنت بطني هونت عليكِ تبعدي عني ده كله؟ هونت عليكِ متسأليش عني حتى!
رمقتها شمس بنظرة ذات معنى وهي تبادلها الهمس:
- وانا كنت هونت عليكِ يا امي تجوزيني ل واحد زي يحيى ومن غير تردد حتى؟! هونت عليكِ تقولي عني هايتجوزك يستر عليكِ؟! لية من امتى وانا جايبة لك العار؟!
بالطبع لم ترد كريمة بل اطرقت رأسها خزيًا من فعلتها الشنيعة وتصرفاتها الغسر مقبولة بالمرة في قاموس اي ام!

فقالت بصوت اجش تخبرها بما توقعته شمس الى حدًا ما:
- أنا عرفت غلطي يا بنتي، بُعدك عن حضني كواني وعرفني الغلط اللي كنت برتكبه في حق نفسي قبل حقك
ظهرت شبح ابتسامة على وجهها، لترد بنفس النبرة:
-وأنا عرفت قسوة رد فعلي يا امي
فاحتضنتها مرة اخرى وقد انهمرت دموعها كشلالات لن تهدئ!
ثم اشارت لها قائلة بفتور:
-طب خشي يلا، تعالي نفسي اتكلم معاكِ كتير اووي.

وبالفعل دلفت شمس بابتسامة لم تزول، سعادة حقيقية تتوغل خلاياها التي كانت بائسة مترددة قبل وصولها،
سألتها والدتها بحنان:
- عاملة اية يا قلبي؟ كنتِ عايشة ازاي؟
اجابتها شمس دون تردد:
- كنت عايشة مع جوزي يا ماما، مع مالك
سألتها ببعضًا من التعجب:
-انتِ كنتِ متجوزاه فعلًا؟
اومأت شمس مؤكدة، وعشق مالك الوردي يتردد بين طيات قلبها قبل عقلها، لتتابع بعدها:.

-اه، مالك شخصية جميلة اووي يا امي، انا متأكدة انك لما تقعدي معاه هاتحبيه زيي
لم تدري ما اعترفت به للتو، لم تدري أن قطرات عشقها الأبدي ظهرت بوضوح بين حروفها!
فسألتها والدتها بذهول:
-إنتِ حبتيه يا شمس؟ حبتيه بجد!
إبتلعت ريقها بتوتر، ثم بدأت تشرح لها بخفوت مُحرج:.

-الكمال لله وحده طبعا، بس مالك شخصية شبه متكاملة يا امي، حنين وراجل وبيحبني واتغير عشاني كمان، شال قسوته الخارجية وظهر معدنه الحقيقي، وكمان جه سبب تاني يخليني اتمسك بيه اكتر
سألتها هادئة:
-أنا آآ أنا، حامل
شهقت والدتها مصدومة! ولكن سرعان ما تحولت للفرح الفطري في موقف كهذا، إنفجرت ابتسامتها الهادئة لأخرى تعدت مراحل الفرح لسعادة غامرة!
فاحتضنتها بحنان مرددة بصوتها الهادئ:.

-مبروووك يا حبيبتي الف الف مبروك
بادلتها شمس الحضن والسعادة، ومر الوقت وهم يتحدثوا بشتى الأمور، كلاً منهم تطمأن على الاخرى بلهفة حقيقية وواضحة...
وبعد ما يقرب من الثلاث ساعات تنحنحت شمس تستأذن والدتها بجدية:
-بعد اذنك يا ماما انا هامشي
أمسكت والدتها يدها بحركة تلقائية تسألها متوجسة:
-عايزة تبعدي عني تاني يا شمش
هزت رأسها نفيًا:
-لا لا طبعا بس مالك زمانه رجع البيت وأنا جيت غصب عنه اصلًا.

ضيقت والدتها عينيها في بعضًا من الضيق:
-لية هو مش عايزك تشوفيني ولا اية؟
هزت رأسها نفيًا مسرعة وراحت تبرر لها:
-لا طبعا ياامي بس هو مش على طبيعته بسبب موت والده، وحاجات كتير حصلت معانا اكيد هاحكيهالك لما نيجي انا وهو بكرة عشان ميزعلش من تأخيري
اومأت والدتها مستسلمة:
-ماشي، ربنا ما يجيب بينكم زعل ابدا يا قلبي.

بادلتها شمس الابتسامة ثم نهضت لتغادر على عقبيها، استعدادًا لدائرة الشجار التي ستنشب بينها وبين مالك بعد قليل!.

وعندما يظل ما تريده يفر هاربًا منك، تظل أنت في نفس سبيبلك، منتظرًا منه ان ينتهي فيأتيك هو!
فتحت عبير الباب صدفةً لتقع عيناها على تلك خلود التي مازالت تجلس بنفس للمظهر الذي تركتها به، شهقت مصدومة ولم تتخيل أن اصرارها يصل لاعتباب الجنون هكذا!
بينما هبت خلود واقفة تستعيد رباطة جأشها قبل أن تهمس برقة منكسرة:
-ماما.

بينما الاخرى ومن دون تردد أحتضنتها على الفور، تحقق ما ظلت تتمناه بين قرارة نفسها، تحقق ما ظل مجؤد امنية عالقة بين شباك واقعها القاسى!
بينما الاخرى ظلت متشبثه بحنان الذي كان يزداد قطراته مع مرور ثواني اللين بينها وبين والدتها..
فظلت تهتف باكية برجاء حار:
-سامحيني يا امي سامحيني بالله عليكِ بقاا
اشتمت عبير ريحق شعرها الفواح، لتقول دون تردد بحنان:
-مسمحاكِ يا روحي مسمحاكِ.

عند تلك النقطة ازدادت شهقات خلود التي ظلت تشدد من احتضانها وهي تردد بهذيان:
-ربنا يخليكِ ليا وميحرمنيش منك ابدا ياااارب
أخذتها والدتها نحو الداخل بهدوء، جلستا سويًا ليخرج تامر الذي يبدو انه استيقظ لتوه من نومته القصيرة!
وسرعان ما همس ببلاهه:
-اية ده خلود هنا؟!
اومأت والدته باقتضاب، هي مازالت تضع خطوطًا سوداء بينها وبينه، خطوطًا صنعها غضبها الحارق من خطأ ابنها الشنيع..
بينما قال هو بشبه ابتسامة:.

-حمدلله على سلامتك يا خوخه
ردت عليه الاخرى بجدية:
-شكؤا الله يسلمك
اقترب منهم، ينظر لهم بخزي وحزن معًا، أصبح مُحرجًا منهم بدرجة كافبة أن تجعله لا يضع عيناه في مواجهة عيناهم ابدا!
فهتف بصوته الاجش مستسمحًا اياهم:
-ارجوكم بلاش النظرات دي انا والله العظيم استويت، سامحيني يا امي زي ما سامحتيها، وانتِ يا اختي انا اسف من هنا لبكرة سامحيني
عضت خلود على شفتها السفلية، وما حدث منذ قليل، جعلها ترد مجبرة بحبور:.

-مسمحاك يا تامر، مهما كان انت شقيقي
فيما تنهدت والدتهم بقوة، كلمة امي كسحرًا فطريًا تجبرها على مسامحتهم مهما كانت الاخطاء!
فأومأت بحنو مرددة:
-تعالي يا حبيبي
ثم اشارت لهم لاحتضانها، واحتضنت كلاهما بحنان وحب حقيقي، لن يقطعه سوى تعكير انسحب من حياتهم منذ زمن!

وصلت شمس الى منزلها، تأخذ نفسًا قويًا تختزنه داخلها، فلربما تنقطع أنفاسها حزنًا على ذاك الشيطان الذي دلف بين نسمات حياتهم السعيدة ليعكرها بخبثه!
طرقت الباب وهي متأكدة أن مالك بالداخل والفضب يتهافت امامه وبين ضلوعه مع قلبه المحترق اثر فراق والده المحتوم!
وبالفعل فتح لها والغضب فقط من كان بين سطور عيناه، جذبها من ذراعها يدخلها وهو يغلق الباب بقوة...
وسرعان ما انفجر بوجهها يهتف في حنق:.

-برضه عملتِ اللي ف دماغك وروحتي!؟
اومأت شمس تجيبه بجدية مناسبة:
-ايوة، انت عارف اني كان لازم اروح ل ماما
صرخ بوجهها بنفاذ صبر:
-قولت لك اصبري، قولت لك لا لكن كلامي كله في الارض وبرضه بتمشي ورة عنادك وبتعملي اللي على مزاجك
إبتلعت ريقها بازدراء، لتردف بصوت خافت:
-طب ممكن تهدى شوية عشان نعرف نتكلم
الهدوء!
وهل اصبح يعرف للهدوء معنًا بعد كل تلف الاعصاب هذا؟!

هل مازال يوجد ولو ظلاً واحدًا للهدوء في حياته التي اصبحت المشاكب تتوغل كل جزءً منها!؟
يشعر كما لو انه يتحمل كل ماكان من المفترض ٱني يتحمله من فترة فتراكم فوق كتفيه!
ولكنه لم يعد يحتمل فعليًا، انهارت سفينة ثباته المزيف التي حاول ان يبعثها ل روحه الثائرة...
ورغمًا عنه صرخ بوجهها منفعلاً بصوت عالي وحاد:
-متقوليليش اهدى، انا هادي، أنتِ اللي غبية وهاتفضلي طول عمرك كدا.

ابتلعت تلك الاهانة على مضض، وما يشفع له هي حالته المرزية تلك،
فكزت على اسنانها تستطرد بهدوء حذر:
مالك، آآ
ولكنه قاطعتها بزمجرته المزلزلة لكيانها:
-بلا مالك بلا زفت قرفتيني
هنا لم تعد تحتمل، صراخه وصل اعماقها المتحجرة لتُختم اهانته عليها كأنثى شرقية!
فبادلته ذاك الصراخ المجنون:
-لا بقا لهنا وكفاية، مش هاسكت لك ابدا
اقترب منها ببطئ مخيف، ليرد بعصبية محتقنة:
-مش هاتسكتِ هاتعملي اية يعني؟! هه هتعملي اييية!؟

رغمًا عنها ارتعشت اطرافها خوفًا، فهي مازالت تتذكر مالك القديم، مُعذبها القاسي متحجر القلب!
ولكنها قالت:
-هاعمل كتير، وابعد ماتقربش تاني
بالفعل كانت تتقزز من رائحته لسبب مجهول، ولكنه بالطبع طفلهم الذي لم يولد بعد، تقلصت امعائها بألم فدفعته بقوة، فيما دُهش هو وتطاير الغضب من بين جحوره...
شرارات من الغيظ علقت بلهيب ألمه!
فأردف كازًا على اسنانه بحنق:
-مش طايقة قربي، طب انا بقا هاوريكِ.

ونظرته كانت لا توحي بالخير ابدا، وازداد شبح الخوف تكبرًا داخلها وهي تراه يخلع التيشرت الخاص به ونظرة تعرفها جيدا تُدس بألم بين طيات قلبها و...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة