قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الختامي الثاني

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الختامي الثاني

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الختامي الثاني

كانت ترتجف امامه، يظهر وحش الماضي مرة اخرى امامها على هيئة ذاك الحبيب، وكأنه يخبرها أنه مثل ظلها تمامًا! وسيظل هكذا دومًا..
أختناق، شعور تمثل لها على هيئة وشاحًا أسمه لعبة القدر يُطبق على صدرها بقوة فيمنع تلك الدقات التي ما زالت تهفو بأسمه من الصعود!
بينما هو، الغضب كان ستارًا من صنع ذاك الشيطان الأهوج..
يعميه عن عشقه، عن روحه، عن من تربعت على عرش قلبه!

أقترب منها مرة أخرى، ولأول مرة يصبح أقترابه مؤلم، حار، به شيئً من الحساسية بينهم!
عازل نفسي يقف بينهم عازمًا عدم التصدع إلا تحت خضوع سيطرة النظرات!
إلتصق بها تمامًا، لم يكن يقربها ليُعذبها، بل كان هو اكثر من يحتاج القرب، هو من يحتاج الأحتواء وخاصةً في هذه اللحظات...
تلك اللحظات التي مرت عليه ولم يكاد يفقد محبوبته فقط، بل بالفعل فقد نفسه المتحكمة، وقلبه العاشق!

بدأت دموعها في الإنهمار، تبكِ بحرقة، بين علاقتهم والدمار نقطة فقط..
نقطة صغيرة تكاد تكون معدومة إن تخطاها فقد تخطى كل شيئ حلو!
وكان وجهه أمام وجهها تمامًا، لا يرى دموع ولا يرى همسات، ولا يرى حتى رجائها، كل ما كان يعلق بعقله الصلب هي تلك الهموم المميتة...
واخيرًا إستطاعت هي تحريك شفتيها التي كادت تتجمد أثر هجومه، وبارتعاشه همست:
-مالك، وحياة أبننا ماتعملش كدة، مش بالغصب، بالله عليك مش بالغصب.

جملتها تلك كانت ك صفعة بالنسبة له، صفعة أفاقته وإنتشلته من حالة اللاوعي التي كانت تتلبسه!
ظل يحدجها بنظرات مصدومة، مذبهلة، أهو من كان سيفعل ذلك بمحبوبته؟!
هو سمح للخوف أن يتوغلها بعدما كان وعده لها بالأمان يرتكز في مقدمة علاقتهم...
وبدلاً من أن يهجم عليها كما توقعت، أحتضنها، أحتضنها بقوة وكأنه يُذكرها بحنان الذي كاد يذهب أدراج الرياح!
ورغم ذلك تشبثت هي به وراحت تبكِ بحرقة..

وما أصعب بكاؤوها الذي كان يُمزقه حرفيًا، ظل يربت على ظهرها بنعومة تناقض حالة الهياج التي كانت تحتل أطرافه، ويردد بإنفعال حاني:
-أنا أسف، أسف يا شمسي، أسف سامحيني
ظلت عالقة بين شباك أحضانه التي إرتخت، وبعد ثواني عاد لها ذاك التقزز المرير، فأبعدته برفق وامعائها تزداد في التقلص، فيما رمقها هو بنظرات ذات مغزى، ثم اردف:
-تاني؟!
هزت رأسها نفيًا، وبررت مسرعة:.

-والله غصب عني، معدتي وجعاني اوي وخصوصا لما تقرب مني
شيئً ما من الألم شق منتصف صدره من ذاك الأعتراف المُهين له..
ذاك الأعتراف الذي لم تكلف نفسها بأن تزين حروفه ولو قليلاً!
فكاد يبتعد، ولكن تحمالت على نفسها وهي تقترب منه مرة أخرى، تقلصت أبتسامتها المصطنعة وهي تخبره:
-صدقني مش بمزاجي، أكيد أبنك هو السبب
بادلها الابتسامة الحنونة، وآآهٍ من ذلك الحنان الذي يتدفق منها دون إنتهاء!
مازالت تخشى حزنه؟!

مازالت تخشى عبسه البسيط وهي مُرغمة!
وهو، هو جعلها تعيش لحظات تُعد تحت خانة - أسوء اللحظات -
لحظات مسروقة من النكد الذي أفتقدوه منذ فترة ليست بقصيرة..
أحتضنها مرة أخرى، وكأنه يثبت لشيطانه أنها معه وله، للأبد،
وظل يهمس تلقائيًا والآمر قلبه هذه المرة:
-أسف يا شمسي، إنسي، وسامحي زي ما بتعملي دايماً
اومأت دون تردد، ثم قالت:
-يمكن اللي خلاني أسامح المرة دي هي الظروف اللي أنا متأكدة إنها هي اللي خلتك تعمل كدة.

مد يده يتحسس وجنتاها بعشق خالص، وكأنه يسأل يده الخشنة التي تناقض بشرتها الرقيقة الناعمة، من أي شيئ خُلقت تلك؟!
ف والله لولا خشيته من الله، لكان زعم بأنها ملاكًا على الأرض!
إستفاق على صوتها المُحرج نوعًا ما:
-طيب إلبس التيشرت يلا
أنتقل ل خبثه مرة اخرى ولو لدقائق، دقائق ينتشلها من بين طيات تلك الهموم التي لم ولن تتركه..
فأصبح يستطرد بخبث تعرفه هي جيدًا:.

-وألبسه لية لما أنا ممكن أقلعه تاني؟ هو انا فاضي ولا إية!؟
ضحكت بنعومة أذابته حرفيًا، هي تعشقه، تعشق خبثه ذاك، تعشق عبوسه، حتى غضبه الأهوج تعشقه..
كل ذرة بها تتهاتف بأسمه، مالك، وبالفعل هو مالك، مالك قلبها الذي لم ولن يدخله غيره، ابدًا!
فبادلها الابتسامة قبل أن يهتف:
-تؤ تؤ، إنتِ كدة هاتزيدي من تهوري على فكرة، والله على ما اقول شهيد.

إزدادت ضحكاتها الرنانة التي صدحت بين أرجاء المنزل، فأستندت على كتفه تهمس بهيام:
-ربنا يخليك ليا يا حبيبي
وبغتةً، فاجئها بحمله لها، ظلت تهز قدماها في الهواء وهي تعترض بخفوت مُدلل:
-لا لا لا ماتفقناش على كدة، سيبني يا مالك صدقني هارجع من البرفان ده
هز رأسه نافيًا والأصرار حليفه:
-مليش دعوة، أنا حذرتك وإنتِ ماسمعتيش الكلام، وقد اعذر من ذرذر.

فتحت فاهها وكادت تعترض ولكنه وبحركة مباغتة إبتلع حروفها بين شفتيه، يلتهم شفتاها باحتياج..
وبعد ثواني كان يضعها على الفراش برقة معهودة منه، نظر لوجهها الخجول يملي عينيه منه، ويحفظ قسماته المرسومة بأبداع، فرفع ذقنها بيده يقول:
-اللي هايمنعني عنك بس الواد ده
ثم هبط لبطنها يخبط عليها برقة وهو يستطرد بسخطف:
-يلا يا حبيب بابا ماتطولش جوة عايزين نفكر في اللي بعدك أحنا ماعندناش وقت.

فأنطلقت ضحكات شمس على عبثه الذي أصبح يُحلى حياتها، وأصبحت هي تتمنى ألا ينتهي بمرور الأيام بموجاتها المتقلبة، ابدًا...

وصلت خلود إلى منزلها مرة اخرى، لأول مرة بدأت تشعر أن ذلك الجبل فوق كاهليها إنزاح، إنزاح وقد عفى عنها!
تشعر أنها حُرة غير مُقيدة بذاك القيد الذي يُدعى الأختناق!
نعم الأختناق بالبُعد ولو كان إجباري..
إتجهت الى غرفتهم على الفور، لا ينقصها لقاء ولا شعور بالغيرة..
هي ترغب في الشعور بالكمال ولو لمرة في حياتها، مرة واحدة تتمتع براحة البال التي كانت دومًا بالنسبة لها طيفًا لا تستطيع مسه!

وجدت مراد مازال يغفو بارتياح، قسمات وجهه رائقة ليست مُعكرة..
ملامحه أصبحت تنم عن الصفاء النفسي، عن الأشواك التي كانت تغوص روحه فلملمها على الفور واخيرًا..
أقتربت منه تمسد على شعره بحنان لم تتكلفه، وتزين وجهها أبتسامة صافية حانية لا تُقدر مقدار حبها له ولو لدرجة!
شعرت به يتململ في نومته، فكادت تبتعد إلا أنه أمسك ذراعها يسحبها له برقة...
ليهمس أمام شفتيها بحالمية:
-هتهربي فين بعد ما عملتِ جريمتك.

شهقت مصدومة وقد إتسعت حدقتاها باصطناع بارع، ولكنها قررت مجاراته وهي ترد بدلال يُذيبه دون جهدًا منها:
-إية ده جريمة أية؟ أنا مأعرفش حاجة عن الجريمة دي يا باشا
ضيق عينيه السوداء وهو يخبرها:
-إنتِ ازاي تتأمليني وأنا نايم كدة؟ مراتي لو شافتك هتقطعك
إنطلقت ضحكاتها الرنانة في مرح، فيما تابع هو بتحذير خبيث:
-قومي يابت احنا كدة هنتمسك اداب يخربيتك.

ثم سرعان ما قيد خصرها النحيف بذراعيه المفتولتين، كانا قيد حبه وإفتتانه بها!
ليستطرد بعدها بنبرة مشاغبة لم تهطل على أذنيها منذ فترة:
-وانا بصراحة معنديش مانع
أبتعدت عنه و تلك الابتسامة وكأنها حُفرت على ثغرها بثمار عشقهم الأبدي، ثم رمقته بنظرة ذات مغزى بجوار قولها الهادئ:
-تؤ تؤ، الأول هتعمل اللي مفروض يتعمل
نالت منه أبتسامة مؤيدة على ما قالته، ثم نهض مغمغمًا بتأكيد:.

-شور يا بيبي، بس بعدها مش هتفلتي مني، العمر بيجري وعايز أفرح بعيل ليا
رغمًا عنها شعرت بالجفاف في حلقها عند تلك السيرة..
تعلم أنها لم تتزوج منذ فترة كبيرة، وتعلم أن الصبر مفتاح الفرج..
ولكن ما ذنبها إن كان قلبها يتوق لتلك الكلمة - أمي - التي تُشبع غزيرتها الحنونة!
ما ذنبها إن كان القلق دائمًا يكن في ذيل حروف ذاك الموضوع تحديدًا..
إنتشلها من شرودها صوت مراد وهو يقول بخشونة:.

-روحي قولي ل ليلى تجهز نفسها، هنطلع على المأذون الأول
اومأت موافقة ومازال الشرود يفرد أزداله على عقلها، فنهضت متجهة للخارج تاركة اياه يغتسل ليبدل ملابسه سريعاً..
فيما تنحنحت هي قبل أن تبدأ حديثها مع ليلى التي كانت تجلس بشرود كعادتها، فهتفت بهدوء:
-ليلى، بتعملي إية؟
أجابتها بأبتسامة صفراء:
-ولا حاجة، قاعدة زي كل يوم
ضيقت خلود عينيها في خبث، ثم سألتها بنبرة ماكرة خالت على ليلى:
-اممم، بتتأملي صورة، آآ.

و حكت رأسها بطرف إصبعها كعلامة على التفكير الوهمي، ثم أكملت:
-أسمه حمدي تقريبًا مش كدة؟
زحفت الحمرة كشبحًا يتلبس وجهها الأبيض، فنظرت أرضًا تردد متلعثمة بحرج:
-آآ هو آآ يعني ع عشان صديق، صديقي الوحيد وآآ وقريب مني بس
إتسعت إبتسامة خلود وفي قرارة نفسها أيقنت أن ليلى تعشق حمدي ليس تحبه فقط..
العشق والخجل شعوران مترافقان، إينما وُجد واحدًا منه وُجد الاخر مرافقًا له رحلة العشق تلك!

عادت للواقع تردف بصوت جاد دال على جدية الأمر:
-طب قومي إلبسي بقا عشان هنروح مشوار كدة
سألتها دون تردد:
-مشوار إية؟
تأففت بملل مصطنع، و راحت تهتف مداعبة:
-مفاااجأة ياستي، قومي يلا مفيش وقت، وأنا هدخل برضه ألبس
اومأت ليلى موافقة على مضض..
لتنهض كلاً منهم لترتدي ملابسها، إستعدادًا للقادم!

-نورتي المكان يا ست البنات
قالها يحيى ل زينة التي إقتربت منه تجلس على الكرسي أمامه تفصلهم منضدة صغيرة وقد إنفرجت ابتسامته وبدأت دقاته تعاود ذاك الاضطراب مرة اخرى...
يشعر بكيانه البارد يُزلزل بمجرد رؤيتها، يشعر بالشوق المُميت يُجمد أطرافه مطالبًا إياه بالاقتراب...
صارخًا فيه لم أعد أحتمل، يأكله كالصدئ في الحديد، يؤلمه دليلاً على عدم تواجد ما يتأكل فيه..

إسترد صحته ولكنه يشعر بمرض يُدعى الحب يُطرق بابه..
لا يعلم كيف ولا متى حدث، وحتى لا يرغب في أن يعلم، كل ما يهمه هو أن وصل بداية أدرابه فقط!
فيما أبتسمت زينة بهدوء، لم تكن كالبقية صافية وسعادة، بل مازالت بعض الشوائب تُعيق سعادتها!
مازالت تشعر بالرعب كلما تذكرت أنها لم تخبر أخيها، لم تطلب منه السماح..

هي تحبس نفسها بغرفتها بمجرد أن تشعر بذاك الألم يعاودها، تدخل في صراع معه بين الانصياع له او التمرد عليه...
أحيانًا تفوز واحيانًا ينتهي الأمر بفقدان وعيها لتستيقظ تجده قد ذهب ادراج الرياح وكأن مهمته إنتهت!
تعلم أنها ستعاني قليلاً، لا بل كثيرًا حتى تسلخه نهائيًا من حياتها، ولكن ها هو المفترض..
إستفاقت من شرودها على صوت يحيى يقول مشاكسًا:
-سرحانة في إية يا قمري؟
ظهرت ابتسامة صفراء على ثغرها قبل أن تنفي:.

-لا ولا حاجة
لفت نظره تلك الورقة التي تكورها بين أصابعها، فلم يتردد وهو يسألها فضوليًا:
-إية الورقة اللي هتقطعيها دي؟
إبتلعت ريقها بازدراء، قد حان الوقت، دقت ساعة الصراحة وإقتربت النهاية!
نظرت له بثبات ظاهري تلجأ له في تلك الحالات، ثم تشدقت ب:
-هو ده اللي كنت هأقولك عليه لما أنت إتصلت بيا وطلبت تشوفني عشان تعترف لي باللي انا وانت عرفينه
عقد ما بين حاجبيه في تساؤل متوجس:
-ده إية قلقتيني؟ في إية يا زينة؟

تنهدت تنهيدة طويلة وقوية تحمل بين طياتها الكثير والكثير، ثم مدت له الورقة يتلقى هو تلك الصدمة بنفسه..
وبالفعل تجمدت ملامحه وهو يقرأ تلك الورقة، يدقق بتلك الحروف علها تُظهر مبطنها الحقيقي، ولكن بلا فائدة!
نظر له مبهوتًا في قوله:
-إية ده يا زينة؟ معناه إية ده؟
أجابته بكلمة واحدة ولكنها كانت كسيفًا قطع كل احلامه الوردية:
-مُطلقة، أنا مُطلقة يا يحيى.

بقي هادئًا تمامًا بعكس ما توقعت، يفكر ويفكر وهو يطرد التسرع من بين أعماقه، لأول مرة يحاول التقمص في شخصية العاقل الرزين المتحكم في أعصابه التي كادت تتلف...
وبعد دقائق من الصمت قال بجدية:
-ممكن أفهم إزاي؟
اومأت موافقة بنفس الجدية ثم بدأت تشرح له كل شيئ من البداية المُنهية، حتى إنتهو فمسحت تلك الدمعة التي فرت هاربة من بين جفونها، ثم غمغمت بصوت يكاد يسمع:.

-دلوقتي القرار ليك، تعترف أو ماتعترفش، وأنا راضية بأي حاجة
أغمض عينيه وراح يقول في خفوت:
-زي ما إنتِ اعترفتي لي بالحقيقة، أنا كمان لازم اعترفلك بحاجة، وساعتها هنبقى متساويين
صمت برهه ثم بدأ يقص عليها كل شيئ، علاقته ب شمس، وحبه الوهمي لها، إمتلاكه المكروه لها!
واخيرًا محاولة الإنتقام منها،
ضغط على جرحها الذي لم يُشفى بعد من دون قصد، فلولا وقفة القدر هذه المرة لكانت تحملت نتيجة أختيار اخيها مرة اخرى!

انتهى لينظر لها مثبتًا نظراته على عينيها في شيئ من الهُيام، ليردد بثبات جعل قلبها يُرفرف بأجنحة سعادته:
-وبرضه عايز أقولك إني بحبك، بحبك وموافق بكل حاجة، وعايز أقابل أخوكِ واشكره لانه كان السبب اني اعرفك!

كانت ليلى تسير بجوار مراد وخلود شاردة سعيدة ومُهللة، انتهى كل شيئ وثبتت انها مازالت على قيد الحياة..
الحرية!
كلمة قد ظنتها بعيدة جدًا عن مستوى الواقع، ولكنها بيوم وليلة أصبحت هي الواقع في حد ذاته..
لقد نالت حريتها اخيرًا، أصبحت حُرة غير مُقيدة برابط الزواج من شخصًا لا ترغبه؟!
ذاك الرابط الذي كان يخنقها أكثر يومًا بعد يوم..

كانت تسير ك عصفورًا حرروا أجنحته لتوه! الابتسامة لم تزول من ثغرها ابدًا، بينما مراد و خلود يراقبانها بنفس الابتسامة الهادئة...
وبعد قليل وصلوا الى المكان المقصود، دقوا الباب ليفتح لهم، حمدي!
العاشق الولهان الذي ابتعد عن معشوقته بما فيه الكفاية..
ومن دون مقدمات احتضن ليلى بسعادة غطت على كلاهما..
ف تنحنح مراد بجدية مصطنعة يقول:
-احم احم نحن هنا.

ضحكت خلود، فيما ابتعدت ليلى مسرعة وقد طغت الحمرة الخجولة على وجهها، فأشار حمدي لهم أن يدلفوا..
جلسوا جميعهم، فسارعت ليلى تسألهم:
-ازاي؟ هربت منهم؟
رد مراد بصوته الأجش شارحًا وهو ينظر لخلود:.

-في اليوم اللي كنت مع خلود فيه، كان حمدي هو اللي اتصل، بقولي انه هرب وحتى قبل ما الناس دي يتقبض عليهم، ف أنا وصلته للشقة دي بتاعت واحد معرفة، وفضل قاعد هنا مستخبي لحد ما عرفته انه اتقبض عليهم، ف بقى عايش حياته طبيعي وبيشتغل كمان ف مشروع كدة هنعمله انا وهو، اصلي قررت اني مش هرجع للشرطة تاني ابدا، لان البلد دي مش عايزة حد نضيف يبقى سلطة فيها.

عم الهدوء بين الجميع، هدوء تاام يتنفسه الجميع بين نسمات الهواء كلاً منهم يُسعد بحياته التي اصبحت مُهندمة اخيرًا!
قطع ذاك الصمت صوت حمدي الذي قال بامتنان ل مراد:
-أنا مش عارف أقولك اية؟ بس ربنا يديك على قد نيتك على كل اللي عملته معايا
ابتسم مراد، ومن دون مقدمات بدأ يقص عليه علاقته السابقة ب ليلى منذ ان عرفها...
فختم الحديث بقوله الهادئ:
-ده قدر، وانا مأقدرش اعترض على رغبة ربنا!

تم الحكم على سعد وكل معاونيه بالمؤبد مع العمل الشاق..
لقد كان الحكم هين جدًا نسبة لقائمة اعمالهم الشيطانية!
ولكنه حكمًا كان تقريبًا ك فرصة لهم من الله ثم القدر ليحاولوا التمسك بأطراف التوبة ولو قليلاً...
...
اما زياد، لقد أطل الظلام بحلكته المميتة على حياته التي اصبحت بائسة من دون زينة، مرت تلك الفترة قبل أن بطلقها رسميًا والأمل ينبت بداخله يومًا بعد يوم يزداد أن تعود له زينة وتسامحه..

ولكن الوقت أثبت له العكس تمامًا!
فاستسلم لرغبة قدرًا لا تقبل المعارضة وطلقها رسميًا...
بعدما عزم ان يكرث حياته للعمل، ول زياد نفسه فقط، لا حب ولا عالم وردي سينال منه نظرة او إلتفاته مرة اخرى!

وبعد مرور ثماني شهور...
-يارب ياااا ربنا تكبر وتبقى قدنا، وتيجي تعيش وسطنا، وسط الحبايب، تكبر وتروح المدرسة، وتصاحب شلة كويسة، وتشوف عيون أمك وأبوك، فرحااانة بيك...
صدح صوت الأغنية المصرية التي تصدح في سبوع المولود تملئ الاجواء بالسعادة والفرح، معلنة عن مرور أسبوع على ولادة نبتة العشق مليكة مالك السُناري
ابنتهم الاولى وبالطبع ليست الاخرى إن شاء الله، والسعادة خير ختام...

الابتسامة التعبير الوحيد الذي يتلبسه الجميع..
شمس تحمل مولودتها الحبيبة بجوار مالك الذي لم يغيرهم الزمن او يزيدهم سوى عشقًا وخاصةً بعد أن زادت مليكة عشقهم متانة!
ودائرة من حولها تُشكل ثنائيات من تعرفهم...

زينة و يحيى الذين أتوا من شهر العسل لتوهم، واخيرًا عرفت زينة معنًا حقيقيًا للسعادة، لازالت تشعر بالغصة المؤلمة في روحها كلما تذكرت موقف مالك منها عندما علم، ضربها، سبها، ولكنه ختم ذلك باحتضانها، وبالطبع السبب معلوم
هو من كان سببًا بذلك، بل هم جميعًا!، تفكك أسرتهم من كان السبب الأساسي
ولكن تختم فكرها بمقولة حازمة
ولكنها راضية...

وعلى الجهة الاخرى خلود و مراد متشابكين الأيادي ينتظرا مولودهم الذي أتم شهره الثاني لتوه...
وقد أيقن كلاً من مراد و مالك أن كلاً منهم أنتقم من نفس الشخص على طريقته بعد معرفتهم بالحقيقة!
...
بجوارهم ليلى و حمدي عصافير الحب الصغيرة الذين يستعدا للحبس في قفص الزواج الأبدي...
والسعادة خير ختام، السعادة التي كانت خير خلفية لنهاية حتمية!

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة