قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الحادي والثلاثون

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الحادي والثلاثون

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الحادي والثلاثون

ثواني من الزمن مرت مشفقة عليها من صدمة كانت منتظرة ولكنها عندما أتت كانت كأعصار هب بشكل مفاجئ!
دقات قلبها تتراقص على تلك الكلمة التي راق لها لحنها وبشدة..
وشفتان فاغرتان ببلاهه معهودة منها كدعوة لإلتهامهم!
بينما عيناه - مرصادًا - لرد فعل يتوق له جدًا، يترقبها ويترقب ضغطها بأسنانها على شفتيها الوردية..
وهمست هي وكأنها ترغب في التأكد أن ما تعيشه لم يكن حلم وردي ليس إلا:
أنت، أنت بجد قولت آآ.

قاطعها بنفس الابتسامة العابثة التي حملت الكثير والكثير ليرد:
قولت إني بعشقك، بموت فيكِ، ماقدرش أعيش من غيرك
وماذا تفعل الان، أين رد الفعل المناسب؟!
أين الكلمة التي كانت على حافة لسانها!
أختفت، أدراج الرياح، وما أصعبه صمت وهي ترى تلهفه تلك الكلمة التي ستهدئ من اهتياج روحه!
فنهضت مسرعة وهي تقول دون أن تنظر له:
يلا نرجع
نهض ليقابلها وهو يسألها عاقدًا حاجبيه:
نرجع! ده اللي عاوزة تقوليه؟
اومأت مسرعة:.

اه يلا الشمس بتختفي
سألها مرة اخرى مضيقًا عيناه:
متأكدة يا شمس؟
اومأت ببلاهه غير واعية لما فعلته بفتيلاً تكوم بداخله من شدة غضبه من حماقتها، ليحملها دون مقدمات غير مباليًا بصراخها:
اية ده لا لا سيبني نزلني
هز رأسه بنفس السرعة التي تحدثت بها:
لا
وكلما اقتربوا من البحر كلما زاد هلعها وهي تشدد من احتضانه، تخبئ نفسها بجوار قلبه الذي اعتصرته بقبضتها المميتة الغير مبالية!
لتلف يدها حول عنقه وهي تترجاه بخوف:.

مالك عشان خاطري نزلني، والله مش بعرف أعوم جوة كدة
وتزين ثغره بابتسامة مشاكسة مستمتعة بذاك القرب الذي روى عطش روحه لعبيرها:
تؤ تؤ، أنا سألتك وإنتِ مصممة، أنا بقا هخليكِ تعترفي بطريقتي
وختم جملته بغمزة خبيثة بطرف عيناه، والختام خير بداية لأنتقام عاشق ولهان...!
فتشبثت به اكثر وهي تردد بلا وعي:
مالك لا لا والنبي والله هغرق، لو ليا غلاوة عندك فعلاً نزلني
هز رأسه نافيًا والبرود خير خلفية لملامحه:.

لا لا خلاص، بما إنك احرجتيني ومش عايزة تقولي حاجة
هزت رأسها بسرعة:
هقول لو نزلتني
وقيد خصرها بيداه لينزلها، لتصل الماء عند رقبتها، فإتسعت حدقتاها وهي تصرخ فيه بجزع:
لا لا طلعني برة شوية انا مليش طول هنا
مط شفتاه مجيبًا:
لا مش ذنبي يا أوزعة
تشبثت بذراعه اكثر لتهمس وهي ملتصقة به تمامًا:
مالك والله حرام عليك يلا بقا
وثبت نظراته على عيناها التي إلتمعت كعادتها، ونظراتها التي ادركت رغبته فرمفته بنظرات قلقة!

ويداه تشدد من اعتقال خصرها ليقول بعدها مشددًا على كل حرف:
مش عايز أشوف الخوف في عينيكِ طول منا معاكِ
ظلت محدقة به بشرود، شيئ ما بداخلها يؤمن بمحو تلك القسوة التي كانت يتصنعها، يوازيه شعور متوجس يطرحه العقل خوفًا من تغيره الاصطناعي!
مسح على طرف انفها مداعبًا:
سرحتِ فين يا شمسي؟
هزت رأسها نافية بتوتر:
مش في حاجة وطلعني بقا عشان تعبت بجد
وثبت رقبتها بيداه، والاخرى عند خصرها ليقترب منها اكثر وهو يهمس:.

سلامتك من التعب يا قلبي
ابتعدت قليلاً وهي تزجره:
مالك
ردد خلفها مشاكسًا:
قلب مالك
تركته وحاولت السير ولكن لم تستطع فصرخا مستنجدة به:
لا تعالى طلعني لو سمحت
اومأ وهو يقترب ليمسك بها بجدية، ليعلق يداها على رقبته وهي خلفه...
فخرجوا بعد دقائق لتتنهد هي بارتياح، فيما ألقى هو نظرة سريعة عليها قبل أن يستدير ويتجه عودة للمنزل دون كلمة اخرى!

كانت زينة مستلقية على الفراش في المستشفى، ملامحها تمامًا كلوحة فنية باهرة بهتت ألوانها بمرور الوقت والأناس عليها!
ويحيى جالس بجوارها ينظر لها بشرود، مظهرها وهي مستيقظة لا يناسب مظهرها وهي نائمة ابدًا!
يتذكر كلام الطبيب، لا يدري يشفق عليها ام يسعد ليستطع الانتقام!؟
وفي الحالتين الشفقة هي النتيجة الحتمية!
بدءت تتململ في نومتها القصيرة، تتأوه من الألم الذي لم يزول بالكامل..

وفتحت عيناها ببطئ لتجد يحيى امامها فسرعان ما سألته:
انا فين!؟
اجابها بهدوء شارد مستكين ؛
إنتِ في المستشفى لأن اغم عليكِ
ابتلعت ريقها من حقيقة قد تكون إنسحبت دون ارادتها فسألته متوجسة:
وإية اللي حصل لما جينا
رفع كتفيه يجيب ببراءة مصطنعة:
إية اللي حصل يعني الدكتور كشف عليكِ وبس
إتسعت حدقتا عيناها قبل أن تقول متساءلة بهلع:
وقال إية!؟
سألها دون تعبير واضح:
تتوقعي يكون قال اية؟
رفعت كتفيها قبل ان تردف:.

معرفش انا بسألك
ظل ينظر لها لثواني صامتًا، قبل أن يتنهد مجيبًا ببرود:
قال إنه شاكك إنك مدمنة مخدرات
وشعرت كأنها بعاصفة مدورة تلوح بها في أفق الأنتقام والضعف!
لتنظر له مترجية ومستعطفة، قبل أن تهمس بصوت حاولت إخراجه ثابتًا:
لأ، أكيد في غلط
رفع حاجبه الأيسر متهكمًا:
فعلاً؟
اومأت مؤكدة بكذب:
ايوة، مستحيل أكون كدة
تنهد قبل أن يسألها بخبث:
إنتِ طبعًا مش عاوزة أي حد يعرف يا زينة صح؟

هزت رأسها وهي تقول بعدم فهم مصطنع:
يعرف إية ده كذب اصلاً!
كز على أسنانه قبل أن يردف بخشونة:
زينة، أنا وإنتِ عارفين انه مش كذب، كل حاجة تدل على انه فعلاً ألم المخدرات
ونظرت له بضعف قبل أن تهمس له متساءلة:
أنت عايز اية؟
صفق بيده برفق قبل ان يبتسم مرددًا:
بالظبط، هو ده الكلام السليم، أنا عاوز اية
اعتدل في جلسته قبل أن يستطرد:
هو طلب صغنن خالص
نظرت له متساءلة:
إية هو؟

واقترب قليلاً منها ليغتنم فرصته وهو يطلب طلبه والابتسامة المنتصرة لا تفارق وجهه الأسمر!

ظلت خلود على نفس حالتها تبكِ بحزن وهي تنظر للباب المغلق كل حينٍ ومين، تنوح وهي لا تتخيل ذلك الرفض الذي نتج عنه قسوة غير معهودة منه!
ولكنه كجرحًا ليداويك فيما بعد؟!
وسمعت صوت باب المنزل يُفتح، فتنهدت وهي تتيقن أن سيأتي لها حتمًا بعد ذلك الحبس الإنفرادي!
مسحت دموعها مسرعًا قبل أن تنهض لتقف امام الباب مباشرةً
إن كانت الدموع رمز للضعف، ستوشم هي رمزًا اخر يليق بعناد الأنثى الشرسة بداخلها!

وبالفعل فتح باب غرفتها ليدلف وهو يرمقها بنظرات نادمة نوعًا ما
فبادلته هي الندم، ولكن السبب يختلف، ندمها على ثقة شعرت انها منحتها للشخث الخاطئ!
وهو ندمه على طريقة سلكها بشكل خاطئ..
اقترب منها بهدوء هامسًا:
خلود
عقدت ذراعيها وهي تتمتم بسخرية:
اممم نعم في حاجة، ناسي حاجة هنا ولا اية؟
اقترب اكثر وهو يبحث عن حجة مقنعة بين تلابيب عقله:
أنا آآ يعني
قاطعته وهي تشير له بيدها و تصيح فيه بقوة:
ماتقربش مني، ابعد.

وبالطبع كانت رد فعل متوقع من شخص ك خلود يُثار غضبه بسهولة..
فعاد خطوة للخلف وهو يتنهد متابعًا:
أنا اسف
واقتربت هي هذه المرة وهي تزمجر فيه بغضب عارم:
اسف على اية، على إنك مرضتش تخليني أروح لأهلي، ولا إنك رمتني في الاوضة زي الكلبة ومشيت
مسح على شعره بضيق قبل أن يرد:
على كل حاجة، إنتِ نرفزتيني مع أن آآ
قاطعته مشيرة بحدة مفرطة:.

مع أنك بتعمل كدة عشاني صح، لا انا مش عايزاك تعملي حاجة، سيبني اتحمل نتيجة قراراتي وملكش دعوة
زفر بقوة يحاول استعادة رباطة جأشه قبل يتنحتح مستطردًا:
طيب هنتكلم بعدين، دلوقتِ في واحدة برة وهتقعد معانا
إتسعت حدقتا عيناها قبل أن تسأله بنزق ؛
واحدة! واحدة مين دي أن شاء الله؟!
والتوتر كان أكبر دليل على حيرة تتسع داخله رويدًا رويدًا!

ولكنه قطع الشك باليقين وهو يجيبها بصوته الأجش بما سقط على اذنيها كسوطًا حدته من الصدمة:
دي مراتي!
ثم اشار لها لتدلف بهدوء تام تحت انظارهم في ذلك الجو الذي كان فيه التوتر والصدمة مرافقين لنسمات الهواء!

هاستنى إية تاني اكتر من كدة!

قالها احدهم لمعتز الذي كان يقف امامه، في بهو منزل واسع يكاد يكون فارغ، يقف وهو يشعر بالدنيا تموج غيظًا من حوله..
فنظر له معتز ليجيبه بهدوء:
يا ريس أنا مش عارف أنت لية عامل كدة، خلاص دلوقتِ الراجل مات يبقى اكيد الفلاشة كمان راحت وخلاص.

هز الاخر رأسه نافيًا بسرعة ليسأله:
وأنت أيش ضمنك مايكونش حد اخد الفلاشة منه قبل ما يموت في السجن
اجابه معتز ببساطة:
لانه لو حد اخد الفلاشة وشاف اللي عليها كان طبيعي هيبلغ البوليس
نظر له وهو يتابع مفكرًا:
يمكن مستني الفرصة المناسبة، ويمكن بنته هي اللي معاها الفلاشة
ضيق معتز عيناه مردفًا بسخط:.

يا باشا، يا باشا ده احنا كنا مراقبين البت 24 ساعة وتقريبًا ما بتخرجش من بيتهم، انا متأكد إن الفلاشة مش مع حد من عيلته خالص
كز على أسنانه بغيظ قبل أن يصيح فيه:
ما أنت اللي مانعني، لو تسيبني اجيب البت وأأررها على كل حاجة
هز رأسه نافيًا بسرعة:
عشان نضطر اما نقتلها او ندخل السجن صح
سأله بفزع:
بعيد الشر لييية يعني
قال وهو يعقد ذراعيه ببرود ظاهري:.

لو البت جبناها وطلعت ممعهاش فلاشة فعلاً هنسيبها ولما نسيبها اكيد مش هتسكت وهتبلغ البوليس، اما الحل التاني اننا نقتلها عشان ماتبلغش!
صرخ فيه الاخر:
خلاص اسكت، فكر معايا في طريقة ندخل بيها السجن نشوف الراجل ساب حاجة ولا لا
عقد ما بين حاجبيه وهو يهمس:
مش الواد قالك انه ملاقاش حاجة في هدوم الراجل؟
اومأ مؤكدًا:
ايوة بس أنا متأكد أننا هنلاقي حاجة لو دورنا وسألنا كويس في السجن!

كانت شمس تسير خلف مالك الذي لم يعطيها أدنى اهتمام وهو يسير امامها..

بينما هي تسرع خطواتها خلفه قد المستطاع وهي تناديه بصوت خافت:
مالك استنى، رجلي وجعتني من كتر المشي السريع ده حرام عليك.

قد تعلم مدى ضيقه من اعترافًا لطالما كان يراه يضخ من عيناها والان بلمح البصر اختفى ليحل محله القلق!
ولكن ما هو اكيد أنه ليس بإرادتها..
قد يكون القلب رضخ تحت حكم الحب، والحواس وخلاياها استسلمت للمساته التي لم تعهدها يومًا!
ولكن يبقى عقلها هو المعترض الوحيد على مبدئ من العشق لا يتوافق معه!

ونادته مرة اخرى بضيق:
مالك أقف بقااا الله
وبالطبع لم يرد ايضًا هذه المرة، فابتسمت بهدوء قبل أن تردد بمرح:
باشا، يا باشا، باشا، يا باشا، باشا، يا باشا، باشا، يا باشا
إلتفت لها اخيرًا وهو يواجهها بغضب مصطنع ازعجها:
يووه، ماتمشي ساكتة بقا شوية وتبطلي رغي
ثم اشار للمنزل متابعًا:
احنا خلاص وصلنا اصلاً
ثم أمسك بيدها دون ان ينظر لها ساحبًا اياها للداخل بخطى مسرعة إلى حدًا ما، فوجدت نفسها تهمس بتلقائية:.

طب بصلي
ولم يستوعب تلك الكلمة القصيرة في البداية، والتي تردد صداها بداخله مهللاً من معشوقته التي تطلب نظرته بإرادتها!
فرمقها بنظرات خصها بها، نظرات لو تذيب فعليًا لكانت سقطت على الفور من اثرها!
لانت قبضته قليلاً وهم يدلفوا ليغلق الباب خلفه، ولم تمر ثانية وهو يحاصرها بين ذراعيه كعادته عند الانفراد بها، لتصيح فيه بقلق:
إية؟
ضحك وهو يبادلها الكلمة مصحوبة بغمزة خبيثة تعرفها جيدًا:.

إية إنتِ، مش قولتي بصلي، أديني ببص لك اهوو
هزت رأسها نافية ببلاهه:
طب لا خلاص بص الناحية التانية
هز رأسه نافيًا ببطئ وهو يقترب من وجهها، ليهمس بصوت متهدج:
لا، انا حبيت الناحية دي، وجمال الناحية دي
ثم تحسس عيناها بشفتاه قبل أن يتابع همسه:
وعيونها
ثم نظر على شفتاها بعبث مردفًا:
وشفايفها
وقبلة رقيقة حنونه عصفها بها كزلزالاً هز مشاعرها المكبوته نحوه..
شفتاه تقبض على شفتاها بشوق حقيقي بثه لها!

لتنتقل تلقائيًا لوجنتاها ببطئ ثم رقبتها التي ظهرت لتوها، ثم كل جزء تطوله شفتاه بلا منازع...
وقطع لحظاتهم الحالمة صوت هاتفه الذي صدح لتدفعه شمس مغمغمة بصوت مبحوح:
التليفون
تأفف وهو يبتعد ليخرجه من جيبه مجيبًا بصوت لاهث:
الووو نعم
وثواني نظر فيها لشمس التي كانت تحاول تنظيم ضربات قلبها السريعة، ليستدير متجهًا للخارج وهو يستمع للمتحدث بصمت!
عقدت شمس حاجبيها بضيق من عدم حديثه امامها..

ومرت دقائق ولم يأتي فاتجهت للخارج خلفه لتراه..
ويا ليتها لم تخرج، فسمعت جملته التي صلبتها مكانها ؛
لا بلا شمس بلا نيلة هي ناقصة ناس بيئة، ده أنتِ اللي في القلب يا قلبي، اكيد هاجيلك بس اكون قضيت المصلحة اللي هنا!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة