قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني عشر

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني عشر

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني عشر

مشكلة خلف الأخرى تتراكم فوق بعضها وكأنها يتعاونوا على تلك المسكينة التي تركض إليها المصائب ركضًا وتستقبلهم هي بصبر وثبات لم يهتزوا شعره ودون خروج حاجز واحد للأعتراض..
وكان مالك لا يرى في هذه اللحظات سوى تلك الصور، تلك الصور التي وضعت غشاوة على عيناه لن تزول، تتجسد أمامه لتهد كل جدار من الأحترام صنعته شمس يومًا لها أمامه..!

بينما يحيي يقف والأبتسامة الخبيثة تعلو ثغره، أغرقهم الاثنان في طوفان من العذاب، والندم لن ينتهي، ليبتعد هو وكأن شيئً لم يكن!
نظر له مالك نظرة من كثرة المشاعر التي تملؤوها عجز يحيي عن تفسيرها، لم يعرف أهي حزن، كسرة، غضب أم سعادة والمبررات تكثر!
ثم قال مالك بصوت هادئ أشبه لهدوء ما قبل العاصفة:
جبت الصور دى منين؟
مط يحيي شفتيه ثم رد عليه بما ليس له علاقة بسؤاله:
مصدوم مش كدة؟

صرخ به مالك وشرارات غاضبة تتطاير من عينيه السوداء:
بقول جبتهم منين أنطق أحسنلك
رفع يحيي كتفيه ولم يتخلي عن بروده لحظة وأجابه:
يهمك في أية؟ المهم إني أنقذتك من التدبيسة السودة دى بس
جز مالك على أسنانه كاملة بغيظ وسأله مرة أخرى:
يهمني كتير، جبتهم منين؟
تأفف يحيي ثم قال بنزق:
يووه! كل اللي على لسانك جبتهم منين جبتهم منين، ده بدل ما تخش تديها قلمين وتقطع علاقتك بيها!

وبمهارة تحكم مالك في غضبه الجم وهو يردف بجدية:
شيئ لا يعنيك يا أستاذ
جحظت عينا يحيي بصدمة، لا لا لن تذهب خطته هباءً، وكيف الأن بعدما أعتقد أنه أجتاز أول مرحلة بنجاح؟!
وكأن هذا المالك يملك الحاسة السابعة أو شيئً كهذا!
دارت هذه الكلمات في خلد يحيي فابتسم مالك نصف أبتسامة صفراء:
يلا بقا مع السلامة أنا مش فاضي لك
واخيرًا خرج يحيي من صدمته ليقول مسرعًا:.

أنت حر، أنا حبيت أوعيك بس للي الناس كلها عرفاه وأنت معمي عنه!
نظر له مالك بطرف عينيه هادئًا وسأل:
ناس مين وعارفين أية؟
تابع يحيي ببراءة مصطنعة:
إن لما أبوها دخل السجن وأخد مؤبد، البت دارت على حل شعرها عشان تعرف تصرف على نفسها هي وأمها
لا يعرف لمتي سيكبح غضبه ويرتدى ذاك القناع البارد، ولكن ما يعرفه جيدًا أنه ليس لأى شخص يستطع البوح بما يجيش بصدره وخاصةً هذا الشخص..
خرج صوته حادًا صارمًا:.

مايهمنيش كلام الناس، ومن هنا ورايح محدش هيقدر يجيب سيرة حرم مالك جمال السُنارى بكلمة!
مط يحيى شفتيه وقال بلامبالاة اصطنعها رغمًا عنه:
تمام براحتك أنا كدة عملت اللي عليا
اومأ مالك ونظراته تقطر غيظًا مكتومًا لو أنفجر سيدمر ما أمامه حتمًا وقال:
كتر خيرك متشكرين
همس يحيى بغضب جم:
ماشي اما نشوف اخرتها.

بينما ستدار متجهًا للأعلي بخطوات هادئة، خطوات أوهمت ذاك الثعبان أن خطته لم تجدى نفعًا، ولكن بالحقيقة هي حققت أعلي مراتب النجاح الخبيث!

للحظات أعتقدت أنه يمزح معها، أنه يجعل الضيق يعتريها ليشعر بالنشوة فقط، ولكن، تلك النظرات الواثقة والثبات القهرى و، ماذا ترغب أكثر لقد قرأتها بين سطور عيناه، خطط لكل شيئ قبل أن يقترب منها حتى، الان فقط تشعر بالغبَاء!
أخرجها من صدمتها صوته الخشن وهو يقول:
أية مالك مصدومة كدة لية؟
همست فاغرةً شفتيها:
هآآه!
رفع حاجبه الأيسر يسألها باستمتاع رهيب يجتاحه:
هي الصدمة كبيرة للدرجة؟!

هَزت رأسها وهي تقول متساءلة ببلاهة:
أنت فعلاً ظابط؟
تتأكد، تتأكد رغم كل الذي تراه، وكأنها ترغب في أن ينفي حالاً ما أستوعبته، ولكن ما المانع ليؤكد لها غباءها بقوله البارد:
بُصي هو مش بالظبط كدة، لكن تقدرى تقولى شغال مع الشرطة، ومش لازم تعرفى تفاصيل بقا
أسبلت أهدابها تتساءل مرة أخرى ببلاهة:
طب أزاى!
تأفف بضيق وصاح بنفاذ صبر:
يووه، هي شغلانة بقا كل شوية لية وأزاى؟

ترقرت الدموع في عينيها السوداء، لا تعرف لها سبب معين، ولكن من الواضح أنه الألم بشكل عام مهما أختلفت أشكاله! غمغم هو بضيق حقيقي:
بتعيطى لية دلوقتِ؟
هتفت بنعومة أكتسبتها من بكاءها المفاجئ:
طب ومتعرفش بقا إن المتهم برئ حتى تثبت إدانته
اومأ ولأول مرة يجيبها بهدوء، وكأنها أستخدمت السلاح الصحيح هذه المرة:
أيوة، ولذلك أنا لسة ماعملتلكيش أى حاجة
تهتهت هي متهكمة:
لا والله!

اجابها بتهكم أكبر ولكن شابه بعض التوعد المخيف:
اه والله، لتكونى مفكرة إن جوازى منك ده كدة عقاب؟
لم ترد فتابع وقد قرر العزف على ألحان قسوته المميتة:
لأ لأ، ده لسة العقاب جاى بعدين لو عرفت إن ليكِ يد ف حاجة
ملامحها باهتة، يكتسحها شيئ من الأستسلام الموجع لقدرها المؤلم أكثر، وغلفت نبرتها بالقوة وهي تسأله:
يعنى أية اللي هيحصل بالنسبة لأهلى؟
مسح أرنبة أنفه بطرف إصبعه ثم قال:.

ولو إني أشك إنك تفرقي معاهم أوى، لكن هقولك الحل
نظرت له بهدوء، ولم تستطع إخفاء بريق الأمل من جوف نظراتها، لتجده يحطمهم بل ويدمي قلبها بألم أبدى:
أنتِ هتقوليلهم إن أنا وأنتِ بنحب بعض، وإننا اتجوزنا بموافقتك
هزت رأسها نافية وهي تستطرد بجزع:
مستحيييل
شيئ متوقع رفضها، ولكن ما هو غير متوقع إحتقاره لها لهذه الدرجة، فتابع بقسوة إكتسبها من معاناة الأيام:
خلاص براحتك بس أنا مش مسؤل عن اللي هيحصل لهم؟

سألته بقلق بطن لم تستطع مداراته:
يعنى أية؟
رفع كتفيه مجيبًا ببساطة:
زى ما سمعتى، اللهم بلغت اللهم فاشهد
يذكر الله!، أيعلم من هو الله بالأسَاس، تصرفه معها يناقض كلامه وتصرفاته تمامًا، وكأن قسوته مسلطة عليها هي فقط!
ماشي، موافقة
همسة مستسلمة خرجت منها، جعلته يشعر بالنصر ولكن، بجوار الشفقة التي لم تزول، ويبدو أنها لن تزول إلا بعد أن تجعل ينحرف لسبيل لا يرغبه!

وصلت زينة أمام البناية التي يقطن بها زياد ثم ترجلت من سيارتها مسرعة، لا تدرى ماذا ولا ما ستفعله، إدمان يدفعها مرة تلو الأخرى نحو حافة الدمار، وهي تسير دون أن تحظي بتنبيه لخطورة ما تفعله ابدًا..
وصلت أمام منزله، فطرقت الباب مسرعة دون تردد، لتجده يفتح لها بعد ثوانى وهو يرتدى شورت أسود قصير فقط، وجسده الأسمر ظاهر امامها والابتسامة المستفزة تعلو ثغره والذي هتف بحبور قائلاً:.

زينة جاية بيتي مرة واحدة، لا حصلنا الشرف بصراحة
تجتاحها رغبة جامحه في قتله، في الإنتقام منه لما فعله بها، ولكن مهلاً، في الوقت المناسب ستشبع رغبتها تلك حتمًا!
رسمت الأبتسامة التي رفضت الظهور بصعوبة وقالت:
أزيك يا زياد؟
اومأ زياد بتعجب:
بخير، أزيك أنتِ؟
هزت رأسها وهي تشير للداخل ببرود ظاهرى:
تمام، طب مش هتقولى أتفضلى ولا اية.

يزداد التعجب ويتكور بداخله اكبر مع كل ثانية من تبدل تلك المخلوقة التي لم يقرأ بين سطور عينيها سوى الغرور أو الكره، حتى عينيها يبدو أنها احكمت التحكم فيها جيدًا..
أشار للداخل ولم يستطع اخفاء الاستغراب:
أتفضلى اكيد يا زينة ده أنتِ نورتي
لا تهتم مجاملة أم صدق، فرصة له أم فرصة للقضاء عليه، ولكن ما يهم الان حقًا هو سبب تلك الزيارة!

جلسا على الأريكة بهدوء، هدوء يعكس الأمواج المتلاطمة داخل كلاً منهما، وهي، لم تخجل من مظهره، لم تترد، لم تطلب منه إرتداء تيشرت!
وكيف ستخجل إن كانت غشاوة الأدمان على عينيها تمنع تأثير اى شيئ عليها!
أنهكته محاول كتم تعجبه فقال بهدوء حذر:
ها قوليلي بقا تشربي أية؟
قهوة مظبوطة.

قالتها بصوت قاتم، هادئ دون النظر له، فأومأ هو بدوره وأتجه للداخل بهدوء، فيما تفحصت هي المنزل بعينيها، تبحث عن اى أثر للمخدرات التي يخبأها ولكن للأسف، لم تصل عينيها لأى شيئ.
دقائق مرت أستنفذت فيهم كل قواها لتحمل الألم الذي بدء يداهمها من جديد..
أتفضلي قهوتك
قالها وهو يتقدم منها حاملاً الأكواب بيده، وكأنه يضبط نفسه ليراها وهو في قمة ضعفها فقط!

اومأت وهي تلتقط كوب القهوة بين أصابعها المرتجفة، بدءت تشربها تحت نظراته المتفحصة التي اخترقتها، فقال هو متساءلاً:
بردو مفهمتش سبب الزيارة
تركت الكوب لتقول دون تردد بنبرة حملت الرجاء في طياتها:
زياد أنا بموت فعليًا، مش عارفة أعيش حياتى طبيعية، مش عارفة أعمل أى حاجة، أربعة وعشرين ساعة بدور على المخدرات بس، المخدرات اللي أنت مش عاوز تديهاني، أرحمنى بقا
هتف هو بتشفي:
وهو ده اللي أنا عاوزه.

اومأت وقد اغرورقت عينيها بالدموع:
أنتقامك أتنفذ، اديني المخدرات بقا وسيبنى ارجوك!
لم يتأثر، لم يهتز، كان يطالعها بجمود استغربت هي قوته، استغربت جبروته لهذه الدرجة! ولكن كيف لك أن تلوم قلب سقط تحت تأثير الأنتقام ممن تسبب بفقدان أعز ما يملك؟!
تنهد قبل أن يقول بخبث تزحزح لنبرته:
انا انتقمت خلاص، بس بردو مفيش حاجة من غير مقابل
عقدت مابين حاجبيها لتسأله بعدم فهم حقيقي:
مش فاهمة! عايز اية يعنى.

حك ذقنه بطرف إصبعه يصتنع التفكير، ثم خرج صوته جادًا وقاتلاً لها:
عايزك، في مقابل الهيروين!

واحيانًا عندما ترى المصيبة تركض نحو شخصًا ما وأنت بيدك الحاجز لمتنعها عنه، لا تتردد في إنقاذه مهما كان الثمن، واحيانًا اخرى تفكر بالموانع من إنقاذه، مثل وفاءه لصديقه!
نقل عنوان شمس بسرعة من مذكرات غريب أو كما يطلق عليه الشبح، لا يهمه كيف حصل صديقه على ذاك العنوان، مؤكد أنه من ذاك الأبله يحيى ولكن ما يهمه الان بحق، هو أن ينقذ تلك المسكينة من براثن ذئاب تحركهم مشاعر هوجاء!

حصل على نسخة من الصور التي نفذها غريب لتكن الدليل القاطع لما سيقصه على شمس..
وصل أمام العمارة التي وُصفت في العنوان، ثم أخذ نفسًا عميقًا قبل أن يتقدم من حارس العمارة الذي هب واقفًا يسأله:
خير يا حضرت؟ مين أنت؟
تنحنح بسام بهدوء وقال:
أنا عايز الأنسة شمس، هي ساكنة في العمارة دى
غمغم الرجل بتفحص:
اممم طب اتفضل
سأله بسام مسرعًا:
انهو دور لو سمحت؟
اجابه باقتضاب:
الأرضي ده.

اومأ بسام ممتنًا، وغادر مسرعًا باتجاه منزل شمس، طرق الباب عدة مرات حتى فتحت له شمس منزعجة من طرقه المستمر:
أية في أية الدنيا خربت؟!
كان مذبهل بطلتها المشرقة، عيناها تجذبانك وكأنهما مغناطيس!
ولكن مغناطيس قاتل، بالفعل وكأنها رسمة على ورق دونها فنان محترف!
حتى الصور التي كانت معهم لم تعطيها حقها الصحيح في وصف جمالها، من يراها لا يقدر سوى أن يحملق بها، وكأنها ربطته وأثرت عليه بمهارة!

تنحنحت وقد زحفت الحمرة لوجنتاها عند تحليقه بها فقالت متلعثمة:
آآ انت آآآ أنت عايز مين؟
عايزك!
همسه خارجت من باطن الجزء الراغب بداخله، ثارت القشعريرة المعتادة بجسدها الفظ عندما تلحظ نظرات مثل نظراته فصرخت بجزع:
نعمممم!
هزت رأسه نافيًا وسارع يبرر:
لا والله مش قصدى كدة، أنا قصدى يعنى عايزك ف موضوع مهم
هدأت ثورتها قليلاً لتسأله باستفهام:
موضوع أية؟
نظر حوله وهو يقول بجدية:
مش هينفع عالباب كدة!

عقدت ساعديها وهي تقول ببرود:
أسفة مفيش حد صاحى او موجود عشان اقولك اتفضل، انا يعتبر قاعدة لوحدى
اومأ هو متفهمًا، ومن دون قصد منها اعطته دفعة ايجابية ليكمل ما جاء إليه..
أخرج الصور من جيب بنطاله ومد يده لها قائلاً بهدوء حذر:
دى صور ليكِ
سألته بتوجس وهي تفتح الظرف:
صور ليا أنا، ومعاك انت ازاى!
تنهد وقال جادًا:
أفتحي الأول الصور بس.

فتحتهم بهدوء لتتسع حدقتا عيناها لترى ما لا تتوقعه ابدًا، هربت الدماء من بين خلاياها وأحمر وجهها كحبه الطماطم من الخجل، حلقت فوق سماء طاغية مؤلمة، للحظات فكرت بالركض من امامه، أصبحت تشعر انها الان مُعراه أمامه، وان كانت ترتدى ملابسها الان!
فيما قال هو ليدارى حرجها:
واحد صاحبي هو اللي أشتغل على الصور، بس أنا قولت أجى احذرك لان أكيد في نسخ تانية للصور دى.

ويا لها من صفعة مؤلمة من يحيى نعم يحيى لقد أتم تهديده، أتم تهديده وفعل ما يجعل رأسها بالأرض دومًا، هدم كل الجدران التي بنتها هي لبناء حياتها القادمة..!
غمغمت بصوت يكاد يسمع:
أزاى، مين عمل كدة!
أجابها بفتور مهدئًا اياها من حالة الصدمة المسيطرة عليها:
يحيى، أنا معرفش يقرب لك أية، لكن هو بعت الصور دى لصاحبي ده عشان يفبركها والسبب أنا اجهله.

هو يجهله لكن هي تعلمه حد التأكيد، لا بل سبقت لها معرفته ولكن لم تبالي!
هل يجوز قتل يحيى الان؟! مؤكد نعم، تود الإطاحة به بقدر الغليان الذي تشعر به الان، وذاك الشعور المؤلم، شعور النفور منها هي، من شمس بذاتها!
سألته مرة اخرى دون أن تنظر له:
طيب متقدرش تجيب لي باقي الصور دى لو سمحت؟
هز رأسه نافيًا بأسف:.

للأسف لأ، اولاً عشان هو مايشكش فيا ولو شك انا مش ضامن رد فعله، غير كدة لو جبتلك المطبوعين، اكيد هو شايلهم ف حته على الجهاز وممكن يعمل غيرهم!
وكأن القدر يقدم لها مبرراته لدفعها في طريق ذاك الذي يدعى مالك والزواج منه، الاثنان حفرتان، لكن هو جوفه المظلم أفضل من جوف يحيى المضيئ ولكن المهلك!

ولم يعد امامها خيار اخر، الشيئ الوحيد الذي سيحفظها ويضمن لها عدم ايذاء والدها والحفاظ على سمعتها كأنثي هو زواجها من مالك...!

كانت تجلس بهدوء على الأريكة، تستعيد ذكريات ما مر معها منذ دلوف ذاك الدخيل إلى حياتها، لم تجد سوى القهر والخوف والقلق فقط!
فجأة وجدت طرقات سريعة وقوية بعض الشيئ على الباب، نهضت مسرعة تعدل من وضعية حجابها ثم اتجه للباب لتفتح، لتُصق ب مالك امامها، لم يعطيها فرصة حيث فاجئها بمسكة يده بمعصمها جيدًا وهو يقول بجدية:
يلا مفيش وقت هاتى بطاقتك حالاً
فغرت فاهها مستنكرة:
لية فيه اية؟
زمجر فيها غاضبًا:.

قولت هاتى بطاقتك
استدارت وفي لمح البصر كانت قد جلبت بطاقتها، وكأن الخوف هو فقط من يحركها ويتحكم بها الان..
سألته مرة اخرى بتوجس:
فيه اية ارجوك فهمنى؟
تأفف وهو يجيبها بخبث:
مفيش وقت المأذون مش هيستنى كتير
مأذون! اى مأذون هذا؟! مؤكد أنه المأذون الذي سيخط شهادة وفاتها!
نعم فهي تعد شهادة وفاتها وليس زواجها، واى زواج هذا الذي يبني على جدران مهشمة!
مأذون اية؟

سألته وكأنها تسأل لتؤكد لنفسها تلك الأجابة المأسوية التي تدمر خلايا حرفيًا دون رحمة!
فأجاب وهو يجز على اسنانه بغيظ:
المأذون اللي هيكتب كتابنا يا حبيبتى
حاولت نزع يدها من قبضته وهي تصيح فيه وكأنها ادركت للتو ما يحدث:
انت مجنون، انا مش هتجوز
وصلا امام باب المنزل فنظر هو في عينيها مباشرة ليقول حادًا:
مابقاش في وقت للرفض دلوقتِ، خشي بهدوء وأتقي شر الحليم إذا غضب.

وها هو تهديد اخر صريح، وكأنما اعتادت على التهديدات فقط منهم!
سيبني بقا ارجوك لو سمحت
همست بها وتكاد تستسلم بيأس، ليقول هو بتصميم وقد لمع في عيناه بريق غريب:
ابدًا، من بعد النهاردة اسمك هيبقي جمب اسمى دايمًا!
دلفا إلى المأذون الذي ينتظرهم، ومروان صديقه واخر كشهود، جسدها تبلد من كثرة الصدمات، وشحب وجهها كشحوب الموتي..

جلسا بهدوء وبدء الشيخ بكتابة قسمية بداية تعذيبها، الشيئ الذي سيسمح له بالتحكم في مقاليد حياتها شتى!
لم تشعر سوى بسؤال الشيخ وايماءه بسيطة منها و...
بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في الخير
تدمر كل شيئ وانتهي الأمر، انتهي نفورها ورفضها، انتهت موجات عدم استسلامها لذاك القدر لتتهشم بصرخة ارادته ورغبته، لتبدء اندلاع ثورة حارقة، بدايتها كلماته وهو يقول بخبث دفين شابه التوعد:.

مبروووك يا، يا مراتي، يلا بقا أوريكِ اوضة نومنا!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة