قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الثامن عشر

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الثامن عشر

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الثامن عشر

دوامة من الأفكار عصفت بها لتجعلها تكاد تشعر بالدوار، صورة لتلك التي تدعى سمر ومالك في أوضاع مُخلة، وتحت بخط اليد..
قولت أبعتلك ذكريات لينا أكيد اشتقت لها زى ما أنا اشتقت لها، فاكر دى أمتي يا ملوكى؟ يوم صباحيتنا، وحشتنى
حبيبتك سمورة
الدماء تحترق داخل أوردتها؟!، لا لا ما تشعر به الان اسوء من ذلك، معشوقته تغازل زوجها!

وكأنها استوعبت تلك الكلمة الان بكل ما تحمله من معانى في طياتها، من غيرة فطرية وحقد ل درتها!
في نفس اللحظات وجدت مالك يتقدم منها بهدوء حذر ثم سألها:
مين اللي كان هنا؟
لم تعرف ما الذي دفعها لتخبئ ذاك الظرف خلف ظهرها بحركة مباغته، ثم نظرت واجابت متوترة:
آآ ده آآ ده ال الزبال كان بياخد الزبالة
نظر لها بنصف عين متساءلاً:
متأكدة انه الزبال يا شمس
اومأت بسرعة وهي تقول بسخرية مصطنعة:
اه اكيد امال هيكون اية يعنى.

أقترب منها ببطئ وهي تفرك يدها التي تحمل الظرف اكثر وكأنها تلومها على تلك الحركة، بينما شيئ ما بداخلها سعيد بهذه الحركة!
سألها بصوته الأجش:
أنتِ مخبية أية ورا ضهرك؟
تصاعدت الدماء لوجهها بخوف، شعرت انها تحلق في سماؤوه هو التي لا رحمة فيها الان!، وهي من زجت نفسها بها..
هزت رأسها وحاولت إخراج صوتها مليئ ببعض الثقة:
مش مخبية اى حاجة
نظر لها بعينين ممتلئتين بالثقة الحقيقية وتابع:.

كدابة، مخبية حاجة، للأسف عنيكِ فضحاكِ دايمًا
جهلت كيفية الكذب عليه، ولأول مرة تبحث بين جنبات عقلها عن كذبة تحاول النجاح فيها، ولكن فشلت! فصمتت..
بينما استطرد هو بجدية:
شمس، أنا حفظتك خلاص، بطلى كذب وطلعى اللي أنتِ مخبياه
فغرت فاهها بصدمة، فهي الان وكأنها شفافة امامه، يكتشفها بهذه السهولة!
وفي لمح البصر كان يختطف منها الظرف بابتسامة منتصرة وهتف:
اخدته بردو.

بينما تحول وجهها لألف لون ولون، وكأنه بكل يظهر التوتر اكثر واكثر..
فتح الظرف أمامها وهو ينظر لها بين كل حين ومين، صُعق من تواجد تلك الصور معها هي!
أستفاق من صدمته سريعًا وقال متساءلاً بذهول حقيقي:
جبتِ الصور دى منين؟
رفعت كتفيها وردت وهي تنظر للأرضية وكأنها تحدثها:
معرفش
صدح صوته صارخًا فيها، وكأنه قد علم بالوسيلة الوحيدة التي تجدى نفعًا معها:
انطقي جبتِ الصور دى منين؟

إبتلعت ريقها بازدراء وحاولت النطق مبررة:
أنا فعلاً معرفش هما جم منين
سألها مسرعًا بصوت حاول اخراجه هادئًا:
امال وصلوا ازاى لأيدك الصور دى
سارعت بالقول:
والله الباب خبط ولاقيتهم ادام الباب، لكن حتى ماشوفتش الشخص اللى جابهم
اومأ بريبة وعاد يسألها وكأن دوره السؤال فقط:
خبتيهم لية أول ما جيت؟

هذه المرة لا يمكنها التبرير، وعجز لسانها عن النطق وكأنه لن يطاوعها على كذبة غير معترف بها ولكن استطاعت السيطرة عليه بنطقها الكاذب:
عشان خوفت تتضايق
جهر القلب باعتراض، وكأنه يسألها الاعتراف!
ولكن لما تخفي عن نفسها السبب، غيرة بالفعل، غيرة فطرية من اى مرأة تجاه من يهتم بها أو معجب بها، ليست غيرة بدافع، الحب!
هذا ما اقنعت نفسها به وهو يحدق بها يحاول أن يستشف ما يدور بخلدها فسألته ببلاهة:
في اية؟!

أشار بأصبعه في وجهها محذرًا وتشدق بقسوة قائلاً:
ماتتدخليش ف حاجة تخصنى، وياريت ماتنسيش أنتِ هنا لية
ألم جديد داعب جرحها الذي لم يشفي بعد، لتغلق جفنيها امره إياهم بعدم السماح لتلك القطرات بملامسة وجنتاها، ليزمجر فيها هو بحدة:
مفهوم كلامى
اومأت برأسها مسرعة لينظر لها من اعلاها الى اسفل قدميها وهمس بغيظ:
غبية
ثم غادر متجهًا إلى غرفته تاركًا اياها تلعن اليوم الذي اعتقدت فيه انه سيتغير ولو قليلاً...!

صُدم مراد من تواجد والدة خلود التي كان يظهر على قسمات وجهها الغضب جليًا، وكأن الشياطين فقط تتقافز امامها الان، وأتي هو ليزيد الطين بلاً كما يقولون ليسألها ببلاهة:
مين حضرتك؟
اجابت بصوت عالى وحاد:
اه ما أنت متعرفنيش، هتعرفنى ازاى وانت ماجتش تطلبها من أهلها زى الناس عشان تشوفنا
وصل له مقصدها على الفور، ولكن مع وصوله انهارت كل مخططاته!
كيف أتت لهنا ومتى؟! ومن أخبرها؟!

مؤكد ذاك الأحمق الذي يدعى اخاها، حاولت إستنساخ صورة جيدة عنه لها فقال بتهذيب:
طيب من فضلك تهدى شوية
صرخت فيها بحدة وهي تشير بيدها:
أنت مجنون، عايزنى اهدى وبنتى في بيت واحد منعرفش عنه حاجة
للأسف أبنك عارف كل حاجة
قالها في قرارة نفسه بغضب حقيقي، ولكن كتمه وهو يتابع بهدوء:
طب أتفضلى نتكلم جوة بالهداوة
دلفت وهي تنادى بصوت عالى:
خلود، تعالى هنا يا بنت بطنى يا تربيتى يا محترمة يا حبيبتى.

كانت خلود بالداخل ترتجف، تخشي تلك المواجهة الأن، لم تكن ولن تكن مستعدة لها ابدًا، هذه المواجهة لن تجدى سوى خسارة أهلها، وللأبد!
خرجت بخطوات مترددة، تقدم واحدة وتؤخر الاخرى، إن خيروها بين الموت وهذه المقابلة ستختار الموت بلا تردد
وما إن رأتها والدتها حتى اقتربت منها مسرعة، ومدت يدها لتصفعها إلا أن يد مراد كانت الاسرع لتمسكها قبل أن تصل لوجه خلود التي اغمضت عينيها بخوف، فغمغم مراد معتذرًا:.

أنا أسف، بس مبحبش حد يمد أيده على مراتى
كادت تصرخ به مرة اخرى إلا انه قاطعتها بصوت هادئ اجبرها على الإنصات له:
ارجوكِ اسمعينى، انا عارف أن الموقف وحش وإنك من حقك تتقهرى مش تزعلى بس، وأنك ممكن تعملى كتير، لكن أنا بعتذر لحضرتك مع انى عارف إن الاعتذار مستحيل يفيد، بس عشان خاطر اى ذكرى حلوة لخلود عندك سامحيها وسامحينى
ينصب الخيوط ليتمكن منها، يطلب السماح ليفعل ما يشاء!
على عكس توقعاته قالت بسخرية:.

لا والله، والمفروض انى اقولك خلاص يابنى مسمحاكوا تعالى يا بنتى ف حضنى
هزت رأسها نافية بقوة:
لا، انا عمرى ما توقعت اللي حصل ده منها هي، الضربة جاتلى ف نص قلبي
كانت خلود تبكِ بصمت، تبكِ على مصيبة قدمت لها على طبق من ذهب، على عقاب على شيئ هي لم تتخيل حتى ان تفعله!
نظرت لوالدتها واخيرًا وياليتها لم تنظر لتقابل تلك النظرة القاتلة وحاولت التبرير:
ماما صدقينى انا آآ..
قاطعتها والدتها بعنف وغضب هادر:.

بس اوعى تنطقي ماما دى تانى، انا مش امك ابدًا
استدارت وهي تشير لها بصوت آمر:
يلا تعالى ورايا
كادت خلود تسير خلفها بالفعل وتتمسك بطوق النجاة، ولكن نظرة مراد التحذيرية ذكرتها بكل شيئ لتتجمد قدماها في الأرض، فقال مراد بجدية:
انا اسف مرة تانية، مراتى مش هتروح حته بعيد عنى، والقانون يسمحلى بكدة
اومأت والدتها بغيظ حقيقي وقالت موجه حديثها لخلود:
يعنى مش هتيجى؟

نظرت خلود للأسفل بأسف حقيقي، لتزمجر والدتها بما هز كيانها:
خليكِ براحتك، خليكِ بس قلبي وربى غضبانين عليكِ ليوم الدين
واستدارت لتغادر على عقبيها، ثم صدع صوت الباب خلفها، لتنهار خلود على الفور وهي تشهق بصوت عالى، لقد انهار كل شيئ وانتهى الأمر، اتم انتقامه!
ظلت تضربه بقبضتيها على صدرها بقوة صارخة فيه بهيسترية:
انت السبب، انت السبب في حاجة
امسك يدها بهدوء يقول مهدئًا:
اهدى، اهدى ارجوكِ.

تابعت الصراخ بأكثر حدة حتى شعرت أن احبالها الصوتيه ذُبحت حرفيًا:
ماتقوليش اهدى، منك لله مش مسمحاك
احتضنها ليهدأها، يحتويها، يعتصرها بين ذراعيه عله يسحب منها تياراتها السالبة، ثم همس بجوار اذنها بما اذهلها:
أنا اسف، انا بحبك.

الصدمة حرفيًا لم تعد نافعة عما كان يشعر به زياد من هول كلمات ذاك الطبيب الذي دمر أنتقامه لتصبح هي التي انتقمت واذهلته وليس هو، ولم تكن هي افضل حالاً منه ابدًا، فقد كانت حدقتيها متسعتين، وفاهها فاغرًا حتى شك بهم الطبيب فقال متساءلاً:
في اية يا جماعة مالكم؟
حاول زياد مداراة تلك الصدمة سريعًا بابتسامة الصفراء:
مفيش يا دوك، شكرًا لتعبك
اومأت الطبيب بهدوء ثم تابع وهو يمد يده له ب الروشته:.

دى ڤيتامينات عشان لو طلع حمل فعلاً تاخدها، وانا اخدت منها عينة هعمل التحاليل وتيجى تستلم النتيجة النهاردة بليل كدة
اومأ زياد، ثم سأله بجدية:
مينفعش اعرفها من حضرتك ف التليفون ف اسرع وقت
اجاب مؤكدًا:
اكيد، ساعتين بالظبط واتصل اكون اتأكدت وقولتلكم، وألف مبروك مقدمًا
اومأ زياد وبداخله يغلي:
الله يبارك فيك، شكرًا
العفوا.

قالها ذاك الطبيب الذي اشعل الاجواء وهو يلملم ما يخصه، انتهى ثم حمل حقيبته وغادر بهدوء يوصله زياد لباب المنزل، ذهب الطبيب لترتجف زينة مكانها خوفًا من رد فعله الصادم..
لتجده يقترب منها بهدوء مخيف:
ابن مين؟
هزت رأسها نافية بتوجس وقالت:
معرفش
سألها مرة اخرى ولكن بصوت اقوى واعلى:
بقول ابن مييين، غلطتى مع مين قبلي
بادلته الصراخ بجرأة لم تعرف من اين أتتها:
انت كنت اول واحد تلمسنى وانت عارف
هز رأسه نافيًا بسخرية:.

الطب ماخلاش لحد حاجة
جحظت عيناها بصدمة قائلة:
يعنى اية!؟
لم يجيبها وانما اقترب منها فجأة يضربها بعنف، يخرج كل طاقته السلبية في ضربها، لم يأبه لصراخها ولا استنجادها بأى شخص، لم يكن يرى سوى خداعه امامه، حتى شعر بها جسد لا روح به، تنزف من شدة ألامها وجروحها!
هز بقلق عارم:
زينة!
ولكن، لا مجيب، سكون غريب يتبعه صرخته من اعماقه بخوف حقيقي و...

بس مش كتير كدة اللي هيحصل يا جمال بيه
قالتها سمر التي كانت تجلس هي وجمال في نفس الكافيه الذي شهد مخططاتهم الدنيئة لتدمير مالك!
تضع قدم فوق الأخرى لتظهر نصف قدميها البيضاء، بينما هو يجلس وقد رُسم الغيظ والغضب على محياه..
هز رأسه نافيًا وهو يجيبها بزفرة قوية:
لا مش كتير، انا ادرى
نظرت له بنصف عين وكانها تؤكد عليه انه يظل أبنه:
بس دى حاجة مش سهلة على مالك يا جمال بيه
تأفف وهو يصيح فيها بحنق ؛.

يووه، انتِ هتقرفينى يا سمر
هزت رأسها متابعة بهدوء حذر:
انا بفكرك انك كدة عملت حاجة كبيرة مش سهلة، يعنى مش مجرد قرصة ودن
اومأ وهو يؤكد بخبث:
ايوة وهو ده اللي انا عاوزه
رفعت كتفيها مستطردة بقلة حيلة:
ماشي اللي يريحك يا جمال بيه
اقترب من المنضدة قليلاً وهو يخفض صوته مشيرًا لها بهمس يشبه فحيح الأفعي:
اسمعى بقا اللي هقوله كويس
نظرت له واومأت بابتسامة:
كلى اذان صاغية يا برنس.

وبدء يقص عليها خطته التالية، التي لم يراعى في قوانينها أنه يظل من لحمه ودمه!
ولكن الجشع لا دين له!، ..

كان مالك في غرفته، تحديدًا على فراشه المتوسط، يتسطح بأريحية وهو يحتضن تلك الصور بين ذراعيه، تهاجمه الكثير من الأفكار بلا رحمة..!
وكأن سهم تلك الشيطانة قد اصاب مكانه الصحيح، ليجعله يتردد ولو قليلاً!
كانت ذكرياتهم معًا تعوم في ذاكرته قاصدة الحنين لزوجته القديمة!
همس بحرارة وهو يتحسس تلك الصور وكأنه يشتكى لها:
مش عارف أعمل أية مخنووق.

وكأن الاجابة كانت ذكرى لوعد قطعه على نفسه لتلك الملعونة، وعد زاد من موجه الامل للعودة لها..
عمرى ما هبعد عنك ابدًا يا سمر مهما حصل طول ما فيا نفس
ولكنه الان ابتعد!، ابتعد وانتهى الامر..
ولكن ماذا سيحدث إن عاد لها مرة اخرى؟!
لن يحدث شيئ!
بينما في الخارج شمس لم يكن حالها افضل منه، تكاد تبكِ وهي تتذكر كلامه الجارح لها، كيف اعتقدت انه تهاون قليلاً، من مجرد ضحكة منه سقطت لسابع أرض مرة اخرى!

صدح صوت عالى تعلمه جيدًا بالأعلى، نهضت بترقب تجاه باب المنزل وفتحته بهدوء وسارت على اطراف اصابعها لتتلصص لتسمع ما يُقال...
وبالفعل النداء كان لها، ولكن، يا ليتها ما سمعت ما قيل..
وسقطت مغشية عليها من هول ما اخترق اذنيها بلا رحمة!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة