قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث والأربعون

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث والأربعون

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث والأربعون

ومن مجرد نظره تليق بشيطانه الدنيئ جعلت عرش قوتها المزيفة كاد يختل!
نظرة شعرت منها أنه كاد يختلع روحها وهو يبعد عيناه عنها!
وزفرة قوية عودةً للهواء النقي الذي سلبها إياه، لتغمض عيناها متشبثه بأمانها الحتمي والأبدي!
وبالطبع لم يتغاضى مالك عن سؤاله الباغض:
- نعم! هو إية ده اللي مش معقول
وبالطبع خلال ثواني معدودة تبدل التعجب لسخرية على هيئة ابتسامة، بجوار رده اللاذع:
- حاجة ماتخصكش.

واقترب منه مالك قليلاً يزمجر فيه كأسد لا يرحم من يختص غزالته ولو بنظرة مُختلعة:
- لأ، أي حاجة تخص مراتي يبقى تخصني، ونظرتك دي حتى ماتهوبش نحيتها
وبالطبع كانت مماطلته متهكمة:
- بتغير على مراتك من أبوك ولا إية!؟
ولأول مرة يُخرج حروفه دون المرور على منبع الكذب، فخرجت صادقة هذه المرة!
هو لا يغار منه فقط..
بل يغار من ملمس الهواء الذي يتلمس شفتاها الوردية، وهو قد لا يفعلها احيانًا!

هو شخص تعدى مراحل الغيرة، فأصبحت هووس عاشق..!
و رده لم يخلو من شحنان غاضبه لو خرجت لأماتت جمال:
- بغير عليها من الهوا الطاير مش منك بس
وقهقه باستفزاز متعمد، ليصفق بيده مرددًا بما جعل الدماء تفور بين أوردة مالك المحتقن:
-لا طلعت راجل تصدق!
أصبح أمامه تمامًا، وحتى تلك اللحظة - للأسف - تُقيده كلمة والده بشهادة ميلاده اللعينة!
تقيده ولو كره، ويبدو أنه لن يتخلص من ذاك القيد لطالما كان على قيد الحياة!

ضغط بقبضته يغلق عيناه عل إختفاء صورته عن محض عقله قليلاً تجعله يسترجع مالك المتحكم..
وبالفعل بعد ثواني سأله بما أذهله:
- فين ماما و زينة يا جمال بيه؟
رفع كتفيه وقال ببرود لا يتصنعه:
- مش عارف، وبعدين هو أنا من امتى بسأل حد أنت رايح فين وجاي منين!؟
كز مالك على أسنانه بغيظ للمرة التي لا يذكر عددها، ثم أردف:
-اممم، بس على حد علمي ماما ماكنتش بتخرج كتير أخر فترة.

وإبتلع ريقه كحركة واضحة جداً للتعبير عن التوجس الذي أحاط هالا وجهه..
ثم أستطرد بثبات ظاهري:
- م معرفش يا مالك أنا لسة جاي من شوية
وبالطبع راوده القلق من توتره الذي كان شفافًا له، ورغم ذلك قال بجمود:
ماشي
ثم أستدار ليمسك يد شمس التي شعر ببرودتها، وكان خير دليل على الخوف من تواجد الشيطان بهيئته المستفزة امامها، وهمسة مُطمئنة بجوار أذنها يبث فيها الهدوء والحنان منه:
- أهدي يا شمسي.

اومأت بخفوت، ليلقي هو نظره أخيرة على جمال الذي كان يتابعهم بغيظ فطن، والذي إزداد لأضعاف وهو يسمع مالك يقول ببرود ثلجي مستفز:
- أنا طالع أوضتي أنا ومراتي، لو احتاجت مني حاجة أبقى تعالى ماتتكسفش
وضحك باستفزاز، ولم يمنحه فرصة أخرى ليغادر متجهًا للأعلى!
فيما همس جمال لنفسه بغل حقيقي يلتمع من عيناه:
- بس المرة دي مش هعوز منك أنت يا مالك، لكن من زوجتك العزيزة!

وصلت زينة الكافية الذي سيشهد على لقاؤوهم الغريب، لقاؤوهم الذي حمل رغبات تتوارى خلف أسوار جيدتهم المزيفة!
ولكنها رغبات دون مصدر!
وهل يُعقل؟!
زينة التي يحسب لها أي شخص مائة مرة، الان وبكل بساطة هي خاضعة لتصرفات طائشة، ورغبات مكبوته!
جلست على احدى الطاولات منتظرة ذاك الغريب الذي دعاها لمكان أغرب..!
وبعد قليل كانت لها الصدمة وهي ترى ذاك الخبيث أصبح المرض من يتخابث عليه فأهلكه!

وفغرت فاهها وهي تلاحظ سيره البطيئ، والذي كان خير دليل على محاربته لفسه ليستطع المجيئ..
فأبعدت له الكرسي الخشبي بهدوء هامسة:
- أتفضل اقعد على مهلك
اومأت مغمغمًا بوهن في صوته الرجولي:
- متشكر جدًا
وبمجرد أن جلس سألته بلهفة:
مالك كدة في إية؟ وشكلك مش طبيعي
إرتسمت ابتسامة ساخرة مُتألمة على فاهه موازاة لتألم ملامحه:
- أصلي لسة خارج من عملية من يومين
ومن دون تردد سألته باتزان:
- لية؟ وعملية إية دي؟

وتنهيدة سبقت اجابته الحزينة:
- كنت بستأصل ورم، ونسبة النجاح ماكنتش مضمونة
شهقت بصدمة وحزن، حزن لم يكن سوى إنسانيًا!
لشاب في زهرة شبابه، ولكن أي زهرة تلك، فما تراه امامها يجعلها تقول
زهرة ماتت محروقة يا حضرت!
سألته مرة أخرى مستفسرة:
- قصدك إنها فشلت يعني ولا إية؟
هز رأسه نافيًا بامتنان إلهي لمن يرجع له الفضل بأكمله:
- لأ، نجحت، ولحد دلوقتي مُش مصدق إنها نجحت
ثم ابتسم متابعًا بهيستريا سعيدة:.

- مش مصدق إن بعد كل ده ربنا عطاني فرصة تانية للحياة! أنا عملت كل اللي يعصيه بس هو سامح، هو فعلاً غفور رحيم، كان زماني في القبر، والله اعلم مضلم ولا منور! كان زماني بتجازى على كل اللي كنت بعمله وهاعمله
صمت برهه ثم عاد يكمل بخوف:.

- الله اعلم المصحف كان هيكون رفيقي في القبر ينورلي في ضلمتي ولا لا، الله اعلم لما الملكين يسألوني من ربك وما دينك هاقدر ارد ولا لا، الله اعلم هيكون الثعبان الأقرع بيضربني كل اذان جامد وبتعذب ولا هكون هانئ، بس الأكيد بكل اللي كنت بعمله في حياتي لا
وللعجب هي كانت كُلها أذانْ صاغية له!
تستقبل همومه وكلامه الذي قد يكون غير مفهوم على وتيرة القبول والتفهم..

لم تغضب ولم تتعجب من أخطاؤوه التي لا تعلمها، بل كان صدرها رحب فساع من اخطاؤوه ما قد لا يتحمله اخر!
ربما لأن هناك رابط يجعلهم متصلين ببعضهم، وقد يكون ذاك الرابط مصائبًا لا تنتهي!
ولم تتكفل سوى برد هادئ:
- جتلك فرصة تانية، أمسك فيها بأديك وسنانك، وخلي عندك صلة دايمة بربنا، يمكن تروح عنده في أي لحظة!
وتقريبًا كلامها كان موجه لشخصها، كلامها كان دعوة واضحة لنفسها الثائرة لتهدئ!

دعوة لشيطانها الأنسي بالرحيل..
و لكل فعل رد فعل، ولكن كلاً منهم رُد عليه بفعلاً شنيعًا على أفعالهم كان بمئات الأفعال!
فسمعته يقول بحبور:
- إتكلمي يا زينة، خرجي كل اللي جواكِ
ونظرت له ببلاهه على كلامًا مكبوتًا خلف جدار روحها فكان شفافًا امامه!
ولكنها لم تعاند وبالفعل سمحت له بالخروج:.

- أنا تقريبًا هاعمل نفس اللي أنت هتعمله، كل واحد فينا اخد جزاؤوه في الدنيا عشان يتعدل، يمكن ربنا بيدينا عقابنا في الدنيا عشان نرجع له
اومأ يحيى مؤكدًا على كلامها المتزن:
أحسن ما يكون العقاب في الأخرة، وأحنا مش أده
وبحركه مباغته مد يده لها كدعوة صريحة لصداقة نقية لا يشوهها نوايا مختفية، بجوار ابتسامة لازالت متهالكة:
زينة، هنبدء من جديد، مع بعض.

وتقريبًا وجدت نصفها الأخر المُشابه فطارت له بلا تردد تومئ بنفس الابتسامة:
مع بعض!

تنهد تامر وهو يقترب من والدته التي كانت تنظر له بترقب متفحص، تتلهف لشيئ يُبرئ تلك المسكينة فتركض لأحتضانها!
نعم، القسوة والجمود لم يكونوا سوى قناع مزيف للأشتياق الهائل الذي كان يحتلها!
وبعد صمت كانت قلوبهم فيه أسيرة للأنتظار الثقيل على قلوبهم...
قال بخشونة مُحترقة موجهًا نظره ل خلود:
- أنا اسف يا خلود
ضيقت ما بين حاجبيها بعدم فهم، فهمست متساءلة ببلاهه:
- مش فاهمة! أسف على إية يا تامر؟

وداخله، شيطانه الأهوج كان يتردد صوته مطالبًا إياه بعدم الأفصاح!
ألا يستسلم فيسقط في بئر الخائنين لا يخرج منه!
نظر للأرضية هروبًا من نظراتهم التي كادت تلقي به صريعًا، ثم تابع:
- أنا أسف ليكم كلكم على اللي عملته!
سألته خلود بنفاذ صبر من تلك الألغاز التي اصبحت تحاوطها من كل اتجاه:
ما تقول يا تامر في إية، وبعدين أنت ماتعتذرليش خالص، أنت الكبير مهما عملت، وأنت ابويا التاني وسندي في الدنيا.

ولم تكن تدري أن تلك الكلمات لا تدفعه نحو الأعتراف والتشجيع..
بل تسحبه نحو حافة التراجع السريع!
كيف له أن يحطم تلك الثقة المصاحبه ببريق عينيها البريئة!
كيف له أن يُكمل تحطيم قلب صغيرته!
ولكنه أستطرد بأسف حقيقي تجلى في نبراته:
- أسف لأني كنت سبب رئيسي في كل اللي بيحصل
ونال شهقة مكتومة من كلاهم، عادا مراد الذي هدئ قليلاً من حمل اعتراف قوي أنزاح من فوق كتفيه!
تتبعها صرخة خلود ووالدته المتساءليت في آنٍ واحد:.

أنت السبب إزاي يا تامر ازاااي؟!
أطرق رأسه ارضًا ليعترف بحزن لم يتجزء من نبرته:
أنا اللي عملت كل ده، وأنا اللي خليت مراد يحتجز خلود عنده بالقوة
سألته خلود بحروف ثقيلة على لسانها المصدوم:
-أزاي، ولية؟
اجابها بصوت مختنق ؛
- كنت آآ كنت مفكر إن إنتِ فرقتينا أنا وصافي حقد وغيظ منك بس، أنا وصافي كنا بنشوف بعض وبنتقابل، لحد ما دخلت في دماغي فكرة الأنتقام منك، بحجة إنك إنتِ اللي اجبرتيها تبعد عني.

قاطعته خلود بقوة مفاجأة:
- أنا فعلاً اجبرتها تبعد عنك يا تامر
صُدمت والدتهم من حقيقة لم تراها يومًا في أولادها ولم تكن تتوقع أن تراها!

فتابع تامر بخزي:.

- وأنا كنت موجوع، قولت أزاي هونت على اختي الوحيدة، قررت أنتقم، وانا كنت مراقبك، وصدفة وقع مراد في طريقك، كان مفكرك تبع العصابة اللي انا معرفهاش حتى الان، بس أنا اوهمته إنك فعلاً تبع العصابة دي برسالة مجهولة مني، بعدها مكالمات تليفون، بس بغبائي كلمته اول مرة من تليفوني ومانتبهتش إنه ظابط وطبيعي هيوصلي، المهم أنا اتهيألي ان مراد صدق عشان كدة حب ينتقم منك، وكدة هو انتقم لي انا وصافي.

وصفقت بيدها بقوة وهي تضحك ساخرة:
- لا تصدق أنا ك بهيرة إنبهرت
وفجأة تحول ضحكها لصراخ متبوع بدموع متحجرة في عينيها:
- طلعت أنت السبب، طلعت أنت السر، أنت يا أبويا بتنتقم مني! أنت يا سندي بتهد فيا!؟ أنت يا حمايتي بترميني في النار
وإنفجرت دموعها كشلالات، إن استطاعت تلك الدموع أن تعبر عن مدى احتراق روحها الان من الأساس!
بالطبع لن تعبر، أي دموع هذه ولا كلمات ولا صراخ!

صدى الألم يتردد بداخلها بقوة فلا يوجد له مضاد...
ألم يزداد ويزداد كلما أجبرتها ذاكرتها اللعينة على تذكر أن ذئابها لم تكن تتمثل سوى في أقرب الناس لها!
ثم إلتفتت لمراد تضربه على صدره بقوة ضعيفة واهنة، وأحبالها الصوتية اُرهقت بالفعل من كثرة الصراخ الذي ذبحها تضامنًا مع روحها المذبوحة:
وأنت خبيت عني ليييية؟ سبتني أعيش ولو دقايق وأنا وخداه مثل أعلى ليا لية؟

ثم نظرت لأخيها الذي اصبحت تكره أن تُطلق عليه - أخ - فتُسيئ للكلمة:
أنت حتى ماجتش تسألني، إنتِ عملتِ كدة لية، فرقتينا لييية، أو حتى يا اخي اسألني إنتِ خااينة لييييييية!
ثم أبتسمت بسخرية قطعت قلوبهم المتلهفة:
بس لااا، أنت ماعندكش وقت، أنت كنت القاضي والجلاد
ثم صفقت بيدها مرددة باشمئزاز:
بس براڤوووووو يا تامر، إنتقام تم تمام اووي اوي وماراحش تعبك أنت والحرباية بتاعنك هدر
حاول الأقتراب منها قليلاً، ثم همس:.

خلود أنا عرفت غلطتي
عادت للخلف بسرعة وكأنه ثعبانًا تخشى لدغته!
ولمَ كأنه؟! هو بالفعل ثعبان، من تهون عليه الدماء والأيام، يصبح هكذا بلا شك!
فزمجرت فيه:
بس، أنت عرفت غلطتك بس أنا كمان عرفت غلطتي، إني اعتبرتك في يوم شخص طبيعي
نظرت لوجهه بكره لأول مرة في حياته يراه يتدفق من بين عيناها، ثم قالت:.

أنا من النهاردة مليش أخوات، بس أقولك حاجة اخيرة عشان تعرف غلطك بالمرة بقاا، أنا بعدتها عنك وهددتها عشان سمعتها بتتفق مع واحد إنها هاتتجوزك تاخد منك كل ما تملك وتهج مع الموز
وسمعت همسه النادم:
ما هي هجت خلاص من البلد
ضحكت مقهقه بسخرية واضحة ازعجته:
اه عشان كدة عرفت غلطك يعني، بس سوري خلاص شطبنا
إلتفتت لتجد مراد يحاول تهدأته مردفًا:
خلود حبيبتي ممكن تهدي عشان آآ.

قاطعته بأشارة من يدها، ومن دون مقدمات سقطت مغشية عليها بين ذراعيه!

كانت شمس تتسطح بجوار مالك على فراشهم الجديد، فراش اخر ومكان اخر يشهد على حبهم الأفلاطوني!
وكالعادة يُقيدها بذراعيه وكأنه يخشى أن تفر هاربة منه فيموت زهقًا!
شدها نحوه ينظر في عيناها، لؤلؤتيها التي تعكس له صورته في عينيها هي، عشقه الأساسي والأول فيها!
تنهد بقوة قبل أن يهتف بصوت أشبه للهمس:
أنا خايف أوي يا شمس
سألته مسرعة بتوجس ظهر بين حروفها المتلهفة:
خايف لية يا عيون شمس؟

قبل باطن يدها، وبشيئ من الخوف الذي لم تعرف شكله على مالك يومًا قال:
زينة كانت متصلة بيا كتير أوي، وباينها مكنش في شبكة، ودلوقتي بتصل بيها لقيتها مابتردش
اومأت وبعقلانية ردت مطمأنة اياه:
طب يمكن مشغولة أو في الطريق وزمانها جاية وهاتفهم منها براحة
اومأ هو متابعًا بخفوت:
صح، والمشكلة انها حتى يوم ما كلمتني مافهمتنيش في إية! قالتلي إنها محتاجاني أوي
ابتسمت زينة هامسة بحنين ؛
فكرتني ب ماما و ب خلود صحبتي.

شدد من أحتضانها، ليهمس بجوار أذنها بما جعل الفرحة تتخل خلاياها:
متقلقيش مهو اكيد هاخليكِ تزوري مامتك، وصحبتك كمان لو تحبي
صفقت بسعادة مرددة:
ياااس، بحبك اوووي ربنا يخليك ليا
قبل جبينها بحنان واضح في قبلته الهادئة الرقيقة، ليستطرد:
بس هاتطمن وأشوف اخرة الحاج جمال، لإن الخطوة اللي انا اخدتها بأني اقعد معاه في نفس البيت، بس مضطر، وبعدها هناخد راحتنا في كل حاجة
صما برهه ليفاجئها بقوله الجاد:.

أصل انا قررت أنزل اشغل املاك ماما بنفسي
إتسعت ابتسامة مهللة بفرحة:
بجد يا حبيبي؟
اومأ مؤكدًا:
أيوة لأن اصلاً إدارة الاعمال ده تخصصي بس انا كنت مستهتر زيادة عن اللزوم وبصرف من الكريدت كارت
اومأت مؤيدة بتشجيع:
صح يا ملوكي، أنت كدة تمام
وفجأة نظر لعنقها يسألها بفضول وهو يتلمس تلك السلسلة:
جبتيها منين دي يا شمسي
وابتسامة حزينة شقت وجهها الأبيض كخيطًا من الحزن وسط خيوطًا من الفرح وردت:
دي بتاعت بابا الله يرحمه.

اومأ بتفهم:
الله يرحمه، بس أصل دي اول مرة اشوفك لابساها فيه
هز رأسها نافية بهدوء جاد مناسب:
لأ انا كنت بلبسها من يوم وفاة بابا كذكرى تفكرني بيه مع اني مش بنساه اصلاً، بس كنت بحطها تحت التيشرت، يمكن النهاردة خرجت غصب عني
اومأ وهو يشرد في نظرات ابيه التي كانت تُحاصر شمس وخاصةً ناحية عنقها، وبداخله سؤال يخشى اجابته
هل لوالده علاقة بوالد شمس الراحل؟!
ولا يرغب في سماع الاجابة التي ستزيد من الفجوة!

وصل شخصًا ما لمكان مقابلة تلك العصابة المعتاد، الحلقة التي تضم جميع شياطين الأنس فتجمع أفكارهم الخبيثة في دمار لشخصًا واحدًا، او ربما الأمة كلها!
وقف ذاك الرجل يعطيهم ظهره وهو يصيح بغضب كعادته:
كدة خلاص جه وقت التنفيذ
سأله شخصًا اخر مستفسرًا:
قصدك اية بالظبط يا باشا؟
فانفجر فيه مزمجرًا بغضب:
أنت غبي مابتفهمش امال احنا بنفكر ده كله في اية يا حمار؟!
وتهامس الاخرون بخوف:.

البووص شكله قرفان النهارد جدًا، يا ويله اللي هيقع تحت ايده!
وسمعوه يكمل بجمود ؛
اكتشفت إن البت اللي احنا بنراقبها ومتأملين انها عارفة مكان الفلاشة قريبة مني جدًا، يعني التنفيذ هيبقى سريع
سأله الاخر مستفهمًا:
بجد يا باشا؟ بس ازاي
فرد الاخر عليه بسذاجة:
يا غبي بما ان ابوها مات، اكيد راحت تشتغل عند الباشا خدامة
وإستدار الرجل لينظر له بحبال غضبه التي كانت في نظراته، والتي كانت كأنها تُميتهم حرفيًا...

ليظهر أن ذاك الرجل والرئيس لتلك العصابة العالمية لم يكن سوى جمال السُناري والد مالك!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة