قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الأربعون

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الأربعون

رواية غزالة في صحراء الذئاب للكاتبة رحمة سيد الفصل الأربعون

وكالعادة وجدت الشجار الناشب بين والدتها ووالدها، شجار أصبح شيئ طبيعي متداول بينهم يوميًا!
ووقفت حائل بينهم كما تفعل دومًا، ولكن نسبةً لوالدها، هي مجرد حائل شفاف سيحطمه إن استدعى الأمر!
نظرت لوالدتها بأعين مضطربة، وسألتها:
ماما، بس لو سمحتِ، أية اللي حصل؟
وهي كانت نظراتها الكارهه مصوبة نحو ذلك الشيطان الذي إتخذ شكل بشري، لتصيح بانفعال زاهق:.

أنا اللي بس، قولي لأبوكِ، ولا أبوكِ إية ده حرام أظلمك وأقول أبوكِ!
تنهدت بقوة وهي تعي تمامًا ما تقوله والدتها، بل وتشهد بكامل قواها العقلية أن والدها لا يُمثل لها سوى أسمًا مرتبط بها يلوث حياتها البريئة بذكره!
ولكن على عكس تلك الحقيقة قالت:
ماما أهدي لو سمحتِ مينفعش كدة على فكرة
وهنا نطق والدها بصوته العالي الذي اعتادت عليه مؤخرًا:.

لا أمك خلاص أتعودت، بقت نكدية زيادة عن اللزوم، مبتعملش حاجة في حياتها غير تقرفني وبس!
وبغيظ حقيقي من كاذب يجهر بكذبه ردت:
اه بقرفك عشان مش عايزاك تأذي ولادي صح!؟
هز رأسه نافيًا، ومن ثم تابع ببجاحة أغاظت زينة شخصيًا:
لأ طبعًا، ومين قالك إني عايز أأذي ولادي، إنتِ مجنونة ولا أية؟
تقوس فمها بابتسامة ساخرة وحانقة في آن واحد، لتمسك أذنها مشيرة له وهي تردف:
دي تاني مرة أسمعك بوداني اللي هياكلها الدود دي!

وطارت شرارات حارقة لو لها فعل ملموس لسقطت هي محترقة أثر نظراته!
ثم زمجر فيها غاضبًا:
ده أنا هقطع لك ودنك دي يا كدابة، إنتِ عشان فوت لك كذبتك المرة اللي فاتت هتعديها ولا إية
نال هزة من رأسها نفيًا تتبعها صراخها المنفعل:
لأ انا مش كذابة، أنا سمعتك وشوفتك
خبط كف بالأخرى وهو يردد متهكمًا:
لأ ده إنتِ بقيتي حالتك صعبة اوي، أنا كنت نايم أصلًا يا حلوة، شكلك خرفتي كمان.

أتسعت حدقتاها بصدمة، أيكذبها علنًا دون خجل؟!
يزيل اخر خيطًا لأحترامه لديها بيد كذبه! هزت رأسها نافية بقوة وهتفت:
أنا هثبت حالاً إنك كداب
ثم نادت على احدى الخدم بصوتًا عالي:
سمييييية تعالي بسرعة
بينما زينة كانت تشاهدهم بصدمة لما آل إليه حالهم..

لتلك النزاعات التي اصبحت تغلف حياتهم البائسة، لأم وأب ترى الكره يتمرغ بينهم أكثر فأكثر حتى باتت ترى المسافة بينهم أكبر من قدرتهم على المحاولة، وقدرتها هي على الصبر!
وبالفعل في الثانية التالية كانت تلك التي تدعى سمية تقف بينهم
تقف بين نيران، الحق ونيران ذئبًا لا يعرف معنى للرحمة!
فنظرت لها متساءلة بتهذيب:
نعم يا هانم حضرتك نادتيني صح؟
اومأت مؤكدة، وسألتها بحماس لحقيقة من المفترض لها الظهور:.

ايوة، قوليلهم إن جمال كان صاحي وبيتكلم في التليفون ومش نايم زي ما بيقول دلوقتي
وحروف الحق تاهت من حافة لسانها، والسبب معروف، تهديد يضخ من نظرات ذاك الشيطان، لتحل محلها حروف كاذبة مرتعدة وهي تجيب بتلعثم:
لأ، جمال بيه كان آآ ك كان نايم اه كان نايم يا هانم
إتسعت حدقتا عيناها بصدمة حقيقية!
أتخشى بشر أكثر من الله؟!
ولمَ لا تتوقع ذلك، نغضب الله لأنه يسامح، أما البشر نخشاه لأنه لا يسامح!

واقتربت منها تمسك تلابيب ملابسها صارخة بهيستريا:
كذاااابة أنا شوفته وسمعته بيتكلم، ماتكذبيش أتقي الله!
هزت الأخرى رأسها نافية بخوف:
وأنا هاكذب عليكِ لية طب يا مدام!؟
تقدمت زينة تنهي ذاك الحوار الذي اصبحت نتائجه تتقدمه..
لتشير ل سمية قائلة بصوت آمر:
أمشي إنتِ خلاص يا سمية روحي شوفي شغلك
اومأت سمية لتنصرف مسرعًا، بينما تقوس فم جمال بابتسامة شيطانية خبيثة من خطة لم يخطط لها ونجحت!

من جبروت سبقه فجعل البشر يهابونه اكثر من اي شيئ!
بينما استمرت هي في صراخها الجازع:
لااا يا زينة انا مش مجنونة، مش بأكذب دول متفقين والله هو اللي كذاب لااااااا
تنحنح وهو يقول بجدية مزيفة تتوارى خلفها الألاف من الرغبات الشيطانية:
لا لا دي لازم تتعالج يا زينة، أنا هاروح أطلب لها الناس من المصحة يجوا ياخدوها تتعالج، ولإني بحبها، جدًا هابقى حذر إنها تتعالج كويس.

ولم يعطيهم فرصة للصدمة أو الدهشة من إستمرار مسارات شيطانية فانصرف وهو يخرج هاتفه من جيبه ليتصل ب مستشفى للأمراض العقلية!

وشهقت خلود وهي ترى ذاك المشهد الحميمي الذي مثله لها شيطانها!
مراد يحتضن ليلى التي كانت تبكي بمرارة؟!
وشيئ ما يحترق وهو يتساءل بين أعماقها
ترى هل أشتاقها فلم يصدق انها بين ذراعيه؟!
ترى هل يرغبها الان كما رغبها هي مسبقًا تحت قناع الحب؟!
ترى هل يواسيها على بُعدهم - الإجباري - ويعتذر لها الان؟!
اسئلة واسئلة يزرعها ذاك الشيطان بين حقول شكها وغيرتها الحتمية..

لتصيح فيهم وهي ترى مراد يبعد ليلى عنه بهدوء تام:
اية ده!
سؤال كانت اجابته واقعًا ملموس امام عيناها التي أصبحت حمراء!
لينهض مراد مقتربًا منها بهدوء زاد من إشتعالها فعليًا:
ليلى كانت مخنوقة وبتعيط بس وآآ
لم تعطيه الفرصة ليكمل فقالت متهكمة بجوار حدة صارمة:
لا والله، هي كانت مخنوقة فأنت ياعيني كنت بتطبطب عليها يا حنين
كز على أسنانه بغيظ وتناسى دور المخطئ وهو ينهرها بقوة:.

خلود بلاش النبرة دي في الكلام وأعرفي لكلامك هه
رمقته هو وتلك التي كانت تقف صامتة ومتوجسة خلفه وكأنها بالفعل إرتكبت جريمة منتظرة عقابها بنظرة حادة كسيفًا قاتل، لتستطرد بصوت عالي:
انت مجنون، هو المفروض لما أجي الاقي السنيورة في حضنك أقولك براحتك يا حبيبي خد راحتك
هز رأسه نافيًا:
أكيد لأ، بس بردو كلامك مايبقاش سم كدة، وبعدين أحنا ماغلطناش
رفعت حاجبها الأيسر وبسخرية مريرة تابعت:.

اهو ده اللي ناقص، مغلطوش، كان ناقص إية عشان تغلطوا؟!
وهنا تدخلت ليلى لثانية تقول بخفوت حرج:
يا مدام أسمعي بس هو آآ
قاطعتها خلود بحدة مفرطة ومهينة:
إنتِ تسكتِ خالص ماسمعش صوتك يا حيوانة يا بجحة
إبتلعت تلك الإهانة بصمت، صمت اكتسبته من تقديرها لغيرة أنثى مثلها!
بينما صاح مراد فيها بعصبية:
خلود إنتِ كدة تجاوزتي حدودك وأنا مش هاسكت سااامعة؟
اومأت وهي تتنفس بصعوبة وتحاول تهدئة إنفعالها الفطري..

لتردف بعدها بغضب أعمى:
اه وأنا متوقعة إية، دي حاجة فطرية في كل الرجالة!
وبالطبع كان رد الفعل الطبيعي صفعة
صفعة تركت اثرًا واضحًا على وجنتاها البيضاء!
وبالطبع لم يكن اثرًا على وجنتها فقط، بل اثرًا لن يزول على قلبها الغيور!
وعقل يتشبع بالعند لا يعترف بالخطأ، فصرخت فيه بنزق:
أنت مجنون، بتمد إيدك عليا يا مراد، بتمد ايدك عليا دي اخررررتها!؟

وبالطبع لم تلقى أي ندم بين جحور عيناه، وأي ندم هذا وهي تطعنه في رجولته بلا تردد وعلى الملأ؟!
فأكمل بصوته الأجش وهو يشير ل ليلى المندهشة ؛
ماتنسيش إن هي مراتي قبلك يا أستاذة هه
ابتسمت بسخرية وألم معًا لترد بهدوء ما قبل العاصفة:
صح عندك حق
ومن دون كلمة اخرى كانت تنصرف راكضة نحو غرفتها..
فيما غمغمت ليلى بأسف:
أنا اسفة بجد يا استاذ مراد انا مش آآ مش قصدي
هز رأسه نافيًا بفتور:.

ماتعتذريش مفيش حاجة تستدعي إنك تعتذري
وفي قرارة نفسه هو لا يدري كيف فعلتها وهي تبكِ، إرتمت بحضنه دون سابق إنذار!
ولكن من المؤكد أنها كانت تبحث عن مأوى تتشبع من الحنان فيه!
وبعد قليل وجدوا خلود تخرج وهي مرتدية ملابسها، فسألها مراد مستفسرًا بتوجس:
إنتِ رايحة فين يا خلود؟
ردت ولا يوجد سوى الإصرار بعيناها:
رايحة لأهلى
تنهد وهو يشير لها مرددًا:
روحي يا خلود
ولم تصدق فانطلقت دون تردد مغادرة!

عاد مالك إلى المنزل بخطوات بطيئة، لا يرغب في أن يرى ضعفه معها!
ضعفه عندما يرغب في إمتلاكها ويرغب في معاقبتها في آنٍ واحد!
تنهد بقوة وهو يؤكد على نفسه وضع سدًا من الكرامة بينهم..
ولأول مرة هو من يضع ذاك السد المتين بملئ ارادته!
تنهد وهو يفتح الباب بهدوء، ليتفاجئ بجميع الأنوار مضيئة..
ضيق ما بين حاجبيه وهو يناديها بصوت هادئ:
شمس، شمس إنتِ فين؟

لم يجد ردًا فأغلق الباب خلفه ومن ثم دلف الى الغرفة، ليتفاجئ بالشموع التي تملئ الغرفة بشكل حرف ال M..
إلتمعت عيناه ببريق لامع موهج، ليهمس مرة اخرى:
شمس
وتقدمت منه وهي ترتدي قميص من اللون الأحمر والذي يعشقه مالك، يصل لمنتصف فخذها وذو فاتحة واسعة عند منطقة الصدر، يحدد مفاتن جسدها المبهرة!
فابتسمت وهي تقترب منه هامسة بنعومة:
وحشتني.

ثم احتضنته بحب حقيقي استشفه من لمساتها، وتلقائيًا لف يده حول خصرها بتملك، ليهمس بعدها:
وأنتِ آآ..
وصمت ولم يستكمل جملته المشتاقة الحقيقية، لجمها بلجام كرامته الرجولية وشخصيته الشرقية!
فنظرت هي في عيناه التي اصبحت تعشقها حرفيًا لتردف:
حبيبي متزعلش مني بقا بعتذر
نظر لها بثبات ليبعد يدها عنه ببطئ وهو يستدير موليها ظهره ليرد بخشونة:
أسفك مش مقبول يا مدام!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة