قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل السادس والعشرون

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل السادس والعشرون

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل السادس والعشرون

إذا كانت الحقيقة صادمة ومؤلمة فإحذفها من عقلك تماماً وتنكر لها قدر ماتستطيع، لا تحاول التنقيب فيها أكثر والبحث ورائها وإلا أصابك الجنون.
قالت(رجاء)بإنكسار مفتعل:
-شايف ياحافظ، الكل ظالمني ومش طايقين وجودي فى البيت. انا لازم أمشي من هنا.
تقدمت منها (نهال) قائلة بسخرية:
-ومين اللى مانعك او ماسك إيدك. ماتمشى.
هدر (حافظ)قائلا:
-نهال!
إلتفتت (نهال)إليه قائلة:.

-نعم يابابا. عايزنى أسكت مش كدة؟أسكت عشان الأصول اللى مراعتهاش اساسا وهي بتلدغ بسمها زي الحية..
قاطعتها صفعة أبيها فشهقت (سوزان)ألما وهي تطالع ابنتها بوجل، بينما طالعتها (رجاء)بإنتصار. أغمضت(نهال)عيناها ثم فتحتهما. اعتدلت تطالع أباها قائلة بصوت يقطر ألما:
-أول مرة تمد ايدك علية يابابا.
قبض(حافظ)كفه بقوة وعيونه تغشاها دموعاً لم تجسر على مخالفة أوامره والهطول حُزنا على فعلته وهو يقول:.

-بتهينى ضيفة فى بيتي وعايزانى أسكت يابنت سوزان.
قالت له بحزن:
-دى مش ضيفة دى واحدة جاية تفرق بينك وبين أمي وتإذينا كلنا، والدليل أهو.
لتفتح حقيبتها وتخرج ورقة منها تعرضها أمامه قائلة:
-ده الدليل اللى فيه اسم صاحبة الرقم اللى بعتت منه رسالة لعادل وليك عشان تفسخ خطوبتي وتخلى عادل يتخلى عنى وتكسرك يابابا. رجاء عزام.

عقد (حافظ)حاجبيه وهو يختطف الورقة منها تجرى عيونه على سطورها بينما بدأت (رجاء)تتململ فى مكانها وقد شعرت بالتهديد. فى حين أردفت (نهال)قائلة:
-الشركة مرضيتش تدينا المعلومات دى غير بعد ماعادل طلب من ابن عمه الرائد معاذ يتدخل. مستغربتش لما قالى ان هي اللى ورا كل ده لانى كنت شاكة من الأول وقلت لماما. مش كدة ياماما؟
طالعتها (سوزان)بأعين دامعة فاقتربت منها (نهال)تمسك يدها قائلة بحنان امتزج بالحزن:.

- متبكيش ياامي دموعك دى أغلى من انها تنزل بسبب أذى واحدة زي دى.
قال(حافظ)وهو يستدير مواجها(رجاء):
-الكلام ده صحيح يا(رجاء)؟
قالت(رجاء)بإضطراب:
-انا. أنا.
تركت (نهال)يد والدتها وهي تقول لوالدها بحنق:
-إنت لسة بتسأل يابابا؟
لتنادى قائلة:
-فردوس. يافردوووس.
هرعت الخادمة إليهم على الفور فبادرتها (نهال)قائلة:
-الكلام اللى انتِ قولتهولى امبارح. عيديه تانى قدامهم.
نقلت الخادمة بصرها بين الجميع وهي تقول بإرتباك:.

-انا. أنا شفت الست رجاء وهي بتتصنت على اوضة الست نهال من فترة وشفتها كمان وهي بتتصنت على اوضة الست سوزان والحاج. وشفتها خارجة من أوضتهم وهي بتتلفت يمين وشمال.
اتسعت عينا (حافظ)بصدمة بينما قالت(رجاء)بإنهيار:
-متصدقهاش ياحافظ، دى كذابة زي سوزان اللى عايزة تخرجنى من بيتك وتبعدنى عنك وتخليك ترمينى فى اي شقة فى عمارتك التانية..

صمتت وقد ادركت انها أفصحت عن حوار خاص جمع (حافظ)بزوجته فى غرفة مغلقة لتؤكد كلام الخادمة فى لحظة تهور منها.
بينما هز(حافظ)رأسه بأسف قبل أن يقول بتحطم:
-لمى هدومك يارجاء. عشانك بس ولية مش هنزلك آخر الليل فى الشارع مع ان اللى زيك متستاهلش غير رمية الشوارع. مش عايز بكرة الصبح أشوف وشك فى البيت ولا المحافظة كلها.
قالت(رجاء)بإستنكار:
-وهروح على فين بس؟
قال(حافظ):
-غورى فى داهية ميهمنيش. ربنا يكفينا أذاكِ.

طالعتهم جميعا بعيون مصدومة. فما وجدت تعاطفاً قط. قبل أن تجرجر أذيال الخيبة وتتجه إلى غرفتها. اهتزت (سوزان )قليلا فأسرعت (نهال)تسندها. اقترب منها (حافظ)بسرعة فأشارت له بيدها كي يتوقف دون صوت، قبل ان تقول بحزن:
-ودينى أوضتك يانهال، عايزة أرتاح شوية.
اتجهت بها (نهال)إلى حجرتها بينما وقف (حافظ)يتابعهما بألم وهو يردد:
-لا إله إلا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين.

أمسك مقبض الباب برفق يحاول أن يدلف إلى الحجرة دون صوت حتى لايزعج(قمر)فقد تأخر الوقت كثيرا وهو يتجول فى أراضى مزرعته يحاول أن يهدئ مشاعره الثائرة لإكتشافه أن (حاتم)كان يضرب( قمره)بقسوة ولم يكن هو موجودا للذوذ عنها.
قمره.
نعم هي قمره.

يخصها به بهاء لامهرب منها ولا مفر. قد سلبته رشده منذ أن عرف هواها طريق القلب فصار السكن. خسر جولاته فإنهارت حصونه وانتصر الهوى دون جهد يُذكر، وكأنه سحر لايُقهر أصابه فعجز عن فعل أي شيء سوى الإستسلام له. يدرك الآن بكل يقينه أن غضبه الغاشم وقسمه بالنسيان كان فقط فى فراقها، اما وقد عاد إليها ورآها مجددا حتى تجدد السحر وضعف الكيان ليصبح مجددا فى أسر الهوى هائما يرغب قُربا يريح به خفقات قلب أنهكه عذاب الحب.

رآها ماإن دلف إلى الحجرة تجلس على السرير تحاول أن تصل بالمرهم الذى بيدها إلى ظهرها لتدهنه، كانت منشغلة كلية بالأمر حتى أنها لم تلحظ دخوله واقترابه منها. زفرت وقد عكست عن اتمام مهمتها فاعتدلت تقول بحنق:
-ده ايه الغلب ده بس ياربي.
انتفضت على صوته وهو يقول:
-محتاجة حاجة؟
كاد المرهم ان يقع من يدها بسبب اضطرابها وهي تعتدل وتخفى ظهرها عنه قائلة:
-لأ مش محتاجة شكرا.

طالعها بنظرة عاتبة جعلت خفقات قلبها تتسارع وهي تتذكر كيف كان يرمقها بذات النظرة ان أخفت عنه شيئا بالماضى، قبل أن يجلس جوارها قائلا بهدوء:
-بلاش مكابرة ياقمر، انتِ مش عارفة تحطى المرهم ومستعدة تتألمى لمجرد انك متطلبيش مساعدتي. مظبوط؟
أطرقت برأسها فوجدته يمد يده إليها قائلا:
-هاتى المرهم.

تمسكت بأنبوبة المرهم بين يديها وهي تهز رأسها نفيا، ليسحبه من يدها فجأة وقبل أن تعترض كان يُقومها لتمنحه ظهرها. فشهقت بينما اتسعت عيناه بصدمة وهو يرى على ظهرها آثار سياط. ضمت قبضتيها بقوة فى حجرها بينما قبض هو على أنبوبة المرهم وقد دمعت عيناه، شعر بارتجافتها التى تتصاعد وتيرتها فأغمض عيناه يحتوى تلك الدموع التى تهدد بالنزول وإثارة حزنها ان شعرت بشفقته عليها، قبل أن يفتح عيونه وقد صارتا جامدتين قاسيتين كجلمود. ليفتح أنبوبة المرهم ويضع كمية مناسبة على اصابعه ثم يمررها على ظهرها بعملية يضع مشاعره الملتهبة على جنب حتى يتم مهمته بسرعة وقد صارت رجفاتها قوية كلما مر بأصابعه على تلك الآثار وكأن تلك الجراح مازالت حية يثير بلمساته أوجاعهم.

أغلق سحاب فستانها قبل أن يضع المرهم على السرير وينهض مغادراً الحجرة بخطوات سريعة لتنكمش هي على نفسها تحتضن كفيها بصدرها وهي تنام على السرير تاركة لدموعها العنان وقد شعرت بالضعف والمهانة مجددا و(أكرم)يكتشف ماأخفته عن الجميع سوى طفلها الذى كان شاهدا على مايحدث من (حاتم)وقد جعلته يقسم على الكتمان.

توقفت سيارة الأجرة فهبطت منها (رجاء)تحمل حقيبتها بصعوبة. تطالع السائق بحنق، فلم يكلف نفسه مساعدتها وقد منحته ماطلب من أجرة. لتسير وهى تلعن وتسب هذا ال(حافظ)اللعين الذى طردها من بيته دون حتى ان يودعها ويوصلها إلى محطة القطار لتشمت فيها (سوزان)التى لم تراها منذ البارحة. لابد وأنها تعيش أسعد أيام حياتها وقد استطاعت للمرة الثانية الفوز عليها وإقصائها من حياة (حافظ)حلم الشباب الذى فضل صديقتها عليها ولم يعرها قط ادنى اهتمام لتتزوج بأول من طرق بابها بعد زواجه، تريد أن تثبت له أنه هو من خسر بعدم الارتباط بها ولكن حتى فرحها لم يحضره وقد صادف ميعاد ولادة زوجته ليلة زفافها، فنقمت على (سوزان)للمرة المائة حرمانها من (حافظ)والقضاء على احلامها.

استقلت القطار وهي تعود بذاكرتها إلى الماضى حين أملت ان يكون زوجها (عثمان)عوضا لها عن حلم قُضي عليه، ولكنه ومنذ ايام زواجها الأولى أراها وجهه الحقيقي، فقد كان طامعا بزوج أختها أن يشاركه بمشروع حين يصير بالعائلة ولكن أمله قد خاب وقد رفض (منير)الشراكة. ليعاملها بسوء ويجعلها تنقم على(منير)وأختها إلى جانب ( حافظ) وزوجته، حتى جاءت رحمة الله بها فمات بحادث ولكنه ترك فى رحمها طفلا له، اودعته حبها ودلالها وحققت له كل أمانيه. ولكنه مات بدوره فى حادث تاركا إياها تشعر بالوحدة والفراغ ولولا وجود ذكرياتها معه بحياتها لماتت قهرا، وعندما خسرت المال والمزرعة وذهبت لتعيش مع (حافظ )ظنت انها فرصتها لتحظى بأحلامها القديمة ولكن تلك الافعى الصغيرة ووالدتها أفسدا عليها كل مخططاتها، لتعود إلى المزرعة خالية الوفاض لا يعزيها سوى وجودها جوار تلك القطعة الباقية من روحها وولدها (حاتم)الذى مزقت صوره بيديها فلم تبقى منه سوى ذكرياتها وهو. (تيام). حفيدها الحبيب.

استيقظت تفتح عيونها بصعوبة وهي تتذكر أنها لم تلقى النعاس سوى لِماما بعد أن غادر (أكرم)الذى لم يعد مجددا حتى نامت هي بعد انبلاج الصباح، اعتدلت وهي تنظر إلى جانبه فوجدته مرتبا لم يُمس لتدرك أنه لم يعد إلى الحجرة مطلقا، تتساءل عن السبب وما هو شعوره الآن؟هل بات ينفر من جسدها؟ولماذا يهمه ان هو حتى الآن لم يعترف لها بمشاعره ولم يطالبها بحقوقه ولم يسألها حتى عن سبب جراحها. تنهدت وهى تهبط من السرير تمسك منشفتها وتستعد لدخول الحمام والإسراع حتى تحضر الإفطار للصغار فقد تأخرت اليوم فى النوم على غير العادة، مازال ظهرها يؤلمها ولكنها تستطيع التحمل.

أخذت حمامها بصعوبة وارتدت ثيابها ثم هبطت إلى الأسفل لتعقد حاجبيها بقوة وصوت (تيام)المهلل يصل إلى مسامعها مُرحباً بجدته. وماإن أطلت عليهم حتى اتسعت عيناها بصدمة وهى ترى خالتها (رجاء)التى ماإن رأتها حتى أسرعت إليها ترتمى بحضنها باكية فضمتها(قمر)إلى صدرها وهى تتحامل على نفسها وقد أنّ ظهرها من الألم.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة