قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل السابع والعشرون

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل السابع والعشرون

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل السابع والعشرون

تركتها (قمر)حتى أفرغت مكنون قلبها على صدرها وهدأت بعد ان ارسلت الصغار للعب فى الحديقة. ثم قالت لها:
-تعالى ياطنط رجاء إغسلى وشك وفهمينى إيه اللى حصل؟
مسحت (رجاء)وجهها بيدها قائلة:
-مش قادرة يابنتي أتكلم دلوقتي، أنا هروح أوضتي أنام وأرتاح وبعدين نبقى نتكلم.
وهمت بالإتجاه إلى غرفتها القديمة قبل ان تتوقف وتستدير ل(قمر)قائلة:
-هينفع أروح اوضتي ولا البيه هيعترض؟

جاء صوته من المكتب يقول بهدوء وبحروف يضغطها بتمعن لتصل رسالته إليها واضحة:
-وأعترض ليه ياطنط؟حضرتك ضيفتي وإكرام الضيف واجب.
ليقترب من (قمر)قائلا بإهتمام:
-انتِ نزلتى ليه ياقمر وانتى تعبانة؟
قبل أن تجيبه وجدته يحملها فجأة فكتمت شهقتها وهو يتطلع إليها بنظرة حبست انفاسها وزادت من دقات خافقها، وهو يردف:
-هتروحى ترتاحى انتِ كمان والأكل هيجيلك لحد أوضتك وهأكلهولك بنفسي لو تحبي. إيه رأيك؟

مررت (قمر)لسانها على شفتيها وابتلعت ريقها بصعوبة وهي تتخيله يطعمها بيده لتتوه فى دوامة من الأحاسيس. علا ثغره قليلا شبح ابتسامة وهو يتطلع إلى عينيها الجميلتين واللتان قتم لونهما العشبي تأثرا، فلم ينتظر إجابتها وهو يتقدم بها بإتجاه حجرتهم متجاهلا تلك التى وقفت تغلى من الغيظ، تتابعم بعيون اتقدت شرا وهى تهمس قائلة:
-بقى ده اللى ملمسكيش ياقمر؟بتضحكى علية يابنت حنان؟طب اتأكد بس ومبقاش رجاء ان ماوريتكم.

وضعها فى سريرها برقة وهي مازالت تائهة بين ثنايا مشاعرها، يغمرها عطره بشتى انواع الأحاسيس وهو يقترب منها. يعدّل وضع وسادتها كى ترتاح لتقع عيونه على خاصتها فتعلقت العيون ببعضهما البعض وكأنهما خُلقا ليرتبطا مدى الحياة، كانت عيونها تناديه.
إبقى معى ولا ترحل مجددا وتنكث الوعود.
إبقى حدي فقد طفح الكيل بقلبي يبغى ملجئاً.
ولا ملجأ لقلبي سواك.
بينما قالت عيناه.
حاربت كل شيئ وصارعت حتى الموت.

ولم أستطع سوى رفع رايتي البيضاء لعشقك والإنصياع لجبروته.
فعشقك سيدي وأنا أسيره قد أبغى تحررا ولكنى لا أستطيع فكاكاً.

شعرت بجسدها تزداد حرارته وعيونه تتمهل على ملامحها تتشرب منها وكأنها كأس خمر يسكره، ليستقر بنظراته على ثغرها يقترب منه ببطئ فشعرت بجفاف بالحلق وهي تغمض عيناها بقوة تنتظر لمسته، طال إنتظارها ففتحت احدى عيناها تطالعه فوجدته يبتسم لتفتح عيناها الأخرى بإستنكار، كادت ان تتفوه بكلمات غاضبة ولكن أصمتها إصبعه الذى وضعه على ثغرها وهو يقول بأنفاس لفحتها سخونتهم:.

-انتِ مش عارفة المجهود الكبير اللى عملته دلوقتي عشان امنع نفسي عنك.
اولا لإنك لسة تعبانة وأنا لو لمستك مش هقدر أقف عند بوسة. وحشتينى قوي ياقمر لدرجة ان قلبي دلوقتى بيوجعنى من كتر شوقه ليكى.

ثانيا لإن بينا كلام كتير ضروري يتقال. وأنا ورايا كام حاجة شغلانى فى المزرعة هخلصهم عشان أفضالك. ماهو القلوب لازم تصفى عشان المشاعر تبقى صادقة وأنا مصبرتش السنين دى كلها عشان يوم ما تبقى فى حضني يكون بينا حاجة مش صح، ولا أنا غلطان؟
هزت رأسها نفياً ببطئ فانفرج ثغره قليلا وعيونه تطل منهما نظرة حنين أذابتها، ثقلت أنفاسه فنهض فجأة مستغفرا وهو يغادر متمتما:
-الظاهر انى لازم أنقل أوضة تانية لغاية مانتكلم.

أغلق الباب خلفه فسمحت (قمر)لإبتسامة ان تعلو ثغرها وهي تمد يدها وتسحب الوسادة التى بجوارها تضمها إلى صدرها قائلة بسعادة:
-بيحبنى. والله العظيم بيحبنى.
كانت تضع رأسها على حجر(قمر)تمرر الأخيرة يدها فى شعرها بينما تتنهد هي بحزن قائلة:.

-بيغيروا منى ومش طايقنى من ساعة ماروحت عندهم. مخلوش حاجة ممكن يعملوها ومعملوهاش، كانوا عايزين يطفشونى وقدروا. وقعوا بينى وبين حافظ وخلوه يطردنى من غير حتى مايودعنى أو يسألنى هروح على فين.
قالت(قمر)بعطف:
-أهو انتِ رجعتى لبيتك ولحفيدك و لية. انسى بقى يارورو وكبرى دماغك.
قالت(رجاء)بحقد:.

-مش قادرة أنسى إنها إنتصرت علية لتانى مرة وبعدتنى عنه بألاعيبها، بس انا مش هسيبها. هفوق بس وأوريها مقامها بنت نعيمة بياعة الجرايد.
قالت(قمر)بحيرة:
-وكأنك بتتكلمى عن حد تانى. طنط سوزان طول عمرها ست طيبة وبتعاملنى أحسن معاملة ونهال بنوتة رقيقة مش قادرة أتخيلها بتعمل مؤامرات وألاعيب.
اعتدلت ( رجاء)قائلة بإستنكار:
-يعنى أنا بكدب ياقمر ولا بفترى عليهم.
قالت(قمر)بسرعة:
-لأ طبعا مش قصدى. أنا بس مستغربة شوية.

قالت(رجاء):
-متستغربيش. حرباية زي امها بتتلون بميت لون، سيبك منهم وقوليلى أخبارك إيه مع اللى ميتسماش؟
قالت(قمر):
-أكرم. إسمه أكرم.
مطت( رجاء )شفتيها إمتعاضا بينما تردف(قمر)قائلة وهى تحاول أن تزيف الحقيقة حتى لا تُغضب خالتها:
-زي ماإحنا. بنحاول نكمل التمثيلية عشان نقنع بيها هند وتبعد عن أكرم.
قطبت (رجاء)جبينها قائلة:
-وهى هند لسة بتيجى هنا؟
هزت (قمر)راسها نفيا فأردفت (رجاء)قائلة:.

-يبقى تمثيلية ملهاش لازمة والأحسن تحطولها النهاية.
مهلاً.
لا أريدها ان تنتهى.
أريدها حقيقة تدوم مدى الحياة.
قالت (قمر):
-عايزانا نرجع ليه للكوخ البارد بس يارورو. ماهنا أحسن ولا إيه؟
كانت(قمر) تحاول أن تقنع خالتها بأن الوقت لم يحن بعد لإنهاء تلك الزيجة، تعرفها جيدا لتدرك انها لن تبغى الكوخ سكناً، وقد كان حين قالت(رجاء)بإمتعاض:.

-لأ طبعا. كوخ إيه بس؟هو أنا خلانى أروح عند العقربة دى غير فكرة انى هعيش فى الكوخ ده، أنا مش عارفة عشتى فيه الفترة اللى فاتت دى كلها إزاي؟
مرت الذكريات بخاطرها سريعا ليشوب صوتها حنيناً وهي تقول:
-الكوخ ده قضيت فيه أحلى أيام حياتى مع طنط فاطمة الله يرحمها واتعودت عليه، أنا مكنتش بحس بالدفا وسط جدران القصر الكبير ده قد ما حسيت بيه وسط جدران الكوخ الصغير اللى مش عاجبك ده ياطنط رجاء.
قالت(رجاء)بحنق:.

-هو انتِ لازم تجيبى سيرة الست دى وتنكدى علية.
قالت(قمر) وهي تنهض:
-خلاص ياستى حقك علية، أنا هقوم أشوف الغدا وأبعتلك تيام. من الصبح وهو عايز يدخلك الأوضة بس أنا اللى منعته عشان أسيبك ترتاحى.
هزت (رجاء)رأسها قائلة:
-ابعتيهولى. حفيدي اللى فاضلى من ريحة حاتم. ابني الغالى. منها لله سوزان قطعيتلى ألبوم الصور وحسريتنى عليه، هو مينفعش نطلع عليهم ياقمر؟
قالت(قمر)وقد اقشعر جسدها عندما ذُكر إسمه أمامها:.

-مش عارفة بس هسألك ياحبيبتي.
هزت (رجاء)رأسها بصمت فغادرت( قمر)ليوقفها صوت (رجاء)قائلة بتحذير:
-خدى بالك من نفسك ياقمر ومتخليهوش يقرب منك، أنا عندى أموتك بإيدية دول ولا يلمس شعرة منك ويلوثك الجناينى ده. انتى مرات ابنى حاتم وبس. مفهوم؟
لا تدرى لما شعرت (قمر)بالخوف لأول مرة من خالتها وقد بدا فى نبراتها تهديد حقيقي لا تعتقد أنه مزاح أبدا.
سمعته يقول بحنان:
-فتّحى عيونك ياهند.

فتحت عيونها المغمضتان ببطئ لترى أمامها محل صائغ مشهور، قطبت جبينها بحيرة وهي تلتفت لهذا الجالس بجوارها فى السيارة قائلة:
-جايبنى هنا ليه ياعبد الله.
قال بإبتسامة:
-عشان تختارى شبكتك ياعروسة.
ظهرت ملامح الصدمة على وجهها وهى تنقل بصرها بين محل الصاغة ووجهه، قبل ان تستقر على وجهه قائلة:
-هو مش من عادات عيلتنا وتقاليدها ان والدة العريس بتهادى العروسة بشبكتها؟
إتسعت إبتسامته وهو يقول:.

-كويس انك لسة فاكرة عاداتنا وتجاليدنا، وانى كمان خابرها زين بس حابب تختارى شبكتك بنفسك عشان مكونش جابرك على حاجة معتحبيهاش.
يجازف بكل شيء من اجل سعادتها وراحتها. كريم هو فى العشق يبذل قصارى جهده لإرضائها وهي لن تكون أقل منه كرما، لذا قالت بإبتسامة إرتسمت على ثغرها:
-وتفتكر إنى هرضى والدتك تزعل منيك عشان خاطرى، او يجولوا فى البلد. عبد الله خالف عاداتنا عشان خاطر مرته؟

تسارعت خفقاته وهي تتحدث بلهجته وبكلمات رقيقة تسكن القلب بسرعة بل وتنسب نفسها إليه فى النهاية، ليشعر بأنه يحلق فى سماء العشق حين أردفت:
-مش انا اللى أعمل كدة فيك ياعبد الله بعد وقفتك جنبي و كل اللى بتعمله عشانى. أنا هستنى الشبكة اللى هتختارهالى والدتك وهبقى فرحانة بيها، وهلبسها علطول لو حبيت. كفاية انها هتكون هدية من مامتك انت.
طالعها بعشق قائلا:.

-كل يوم عكتشف فيكى حاجة حلوة جديدة ياهند، كانت مستخبية جواكِ ورا جناع من الزيف التمرد وجت ماراح ظهرت الجوهرة اللى جواكى.
وجدها تمد يدها وتضعها على قلبه قائلة بحب:
-كنت محتاجة قلب كبير زي قلبك يحبنى ويفهمنى ويستوعبنى عشان أقدر أرجع لأصلي الطيب وازيل الغشاوة اللى كانت على عينى وأحرر قلبي من كل شر.

لمستها لقلبه مع كلماتها سارعا من خفقاته بجنون لتتزامن مع خفقاتها لاتدرى أي الخفقات تصل إلى مسامعها وقد امتزجت الخفقات لتصير على وتيرة واحدة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة