قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الثامن والعشرون

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الثامن والعشرون

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الثامن والعشرون

لمسات رقيقة على وجهها أيقظتها من نومها، لتفتح عيونها ببطئ فتقابلت مع عيناه المبتسمتان وهو يمرر زهرة التوليب الحمراء على وجنتها بنعومة، ابتلعت ريقها بصعوبة وقد أثارت لمسته شتى المشاعر بقلبها لتقول بإضطراب:
-صباح الخير.
اتسعت ابتسامته وعيناه تتمهل قليلا على ملامحها وهو يقول:
-صباح الورد.
اعتدلت جالسة وهي تقول بإرتباك:
-هي الساعة كام.
نظر فى ساعته قائلا:
-الساعة 8.
قبل أن يعود بنظراته إليها مردفا:.

-الجو حلو قوى، إيه رأيك تنزلى الولاد البيسين؟شمس من يوم ماجينا وهي نفسها تعوم فيه بس الجو مكنش يسمح.
جف حلقها وشعرت بالتوتر لتقول بصوت حاولت بث الهدوء فيه قدر مااستطاعت:
-مش هينفع أصل تيام لسة تعبان..
قاطعها قائلا:.

-تيام كويس قوى ياقمر وهو اللى طلب منى ينزلوا البيسين النهاردة، حاولى تخفى قلقك الشديد وخوفك المرضى ده عليه لإنه هيأثر على شخصيته، وبعدين هو قالى انه بيعوم كويس جدا و وشمس كمان بتعوم كويس يعنى محتاجين اشراف بسيط منك. للأسف انا ورايا مشوار مهم ومش هقدر اكون موجود بس انتِ بدالى مش كدة؟
ارتاحت خفقاتها حين ادركت أنه لن يكون موجودا لتهز رأسها بهدوء فعادت الإبتسامة إلى ملامحه قائلا:.

-يبقى يلا قومى من السرير وجهزى نفسك، أنا ماشى. مش عايزة حاجة؟
هزت رأسها نفيا مجددا دون صوت فمال يقبل جبهتها فتجمدت من الصدمة وما إن تمهل ثغره على جبهتها حتى أغمضت عيناها وقد لمست قبلته روحها فجعلتها تُحلق فى سماء العشق، ابتعد يطالع ملامحها الرقيقة ففتحت عيونها ببطئ لتواجه عيون غائمة بالمشاعر يقول صاحبها بصوت رخيم:
-مبقاش فيه مجال للتأجيل. هنتكلم النهاردة ياقمر.

تعلقت عيونها به وقد أرادته الآن بكل جوارحها كما أعلنت عيونه رغبته ليمسك يدها بين يديه قائلا:
-بتمنى يكون اللى وصلنى منك حقيقي ياقمر لإن لو اتكرر الجرح هيقتلني المرة دى بجد.

لم تفهم كلماته ولم يمنحها الفرصة للسؤال فقد قبل يدها قبلة سريعة ثم نهض مغادرا على الفور، لتأخذ نفسا عميقا تستعيد به خفقاتها التائهة ثم نفضت عنها الغطاء وهي تنوى أن تُعد له الليلة قائمة من الأسئلة وعليه الإجابة عنهم جميعا والسؤال الأول والذى يجول الآن بخاطرها.
لما تخلى عنها ورحل وهي فى أمس الحاجة إليه؟!

كانت تُعد الكعكة التى وعدت بها الصغار، تمسك كيس الطحين وتفرغ منه فى الكوب المعياري حين انتفضت على (صادق) وهو يغمرها من الخلف فتناثرت محتويات الكيس عليهما، لتقول (أمنية)بحنق:
-كدة ياصادق تخضنى وتخلى مناظرنا بالشكل ده؟
طالعها وجهها المغبر بالطحين ورغم أنه يدرك حنقها إلا أنه لم يستطع تمالك نفسه وانفجر ضاحكا وهو يقول من بين ضحكاته:
-بذمتك المنظر ده ميستاهلش؟طالعين زي العفاريت.

طالعته بدورها فوجدت الحنق يزول أمام مظهره العفريتي حقا وضحكاته الرائعة لتجد نفسها تضحك بدورها قائلة:
-احنا شوية مجانين، كفاية ضحك بقى عشان الولاد ميخرجوش على ضحكنا ويتخضوا.
لتزداد ضحكات(صادق)وهو يتخيل صدمة الصغار، فوضعت يدها على فمه قائلة:
-قلتلك كفاية ياصادق.
توقفت ضحكاته وهو يطالع عيناها الرائعتين واللتان أبرز لون الطحين جمالهما، شعرت بخفقاتها تزداد مع نظراته فأزالت يدها متحمحمة وهي تقول:.

-يلا روح اغسل وشك وأنا كمان هغسل وشى وألم الدنيا دى عشان أحضر الغدا مادام جيت بدرى.
أمسك يدها بيده يمنعها من الذهاب وباليد الأخرى اقترب من وجهها يزيل آثار الطحين بيده فجف حلقها وعيونها تتعلق بخاصته وهو يقول:
-إيه رأيك نخرج نتغدى برة؟
ابتلعت ريقها بصعوبة ولمساته تزيد من خفقاتها وترسل الكهرباء إلى أوصالها فتجعلهم هلاماً، لتقول بصعوبة وهي تحاول أن تركز أفكارها:
-إيه المناسبة؟

وصل بلمساته إلى ثغرها فإرتعش تحت أنامله فتعلقت نظراته به وهو يقول:
-خدت عمولة كويسة قوى النهاردة و..

لم يستطع تمالك نفسه اكثر من ذلك فمال ينهل من ثغرها ويلبي رغبات قلبه فى تلك اللحظة فلم تستطع ردعه وقد جعلها قلبها تُسلم دون دفاع لإجتياحه. صوت لاحد يقترب بخطواته إلتقطه أُذنا (صادق)جعله رُغما عنه يبتعد عن حبيبته فتركها تائهة زائغة النظرات لا تدرك سبب إبتعاده عنها وحرمانها من تلك المشاعر الجميلة التى اجتاحتها ولكن صوت الصغيرة (سارة)جعلها تدرك سبب ابتعاده عنها وهي تقول بصدمة:.

-انتوا اتحولتوا لعفاريت يابابا؟
لتتطلع إلى (صادق)قبل ان ينفجرا ضاحكين فخرج (فارس)من حجرته وطالعهم بدوره فى حيرة قبل ان ينظر إلى (سارة)التى هزت كتفيها حيرة بدورها.
قالت(قمر)هامسة وهي تطالع الصغار اللذان يسبحان بحذر:
-وطى صوتك ياطنط لو سمحتي.
قالت(رجاء)بحنق وهي تخفض صوتها مرغمة:
-مجاوبتيش على سؤالى برده يابنت حنان.
قالت(قمر):
-للمرة الكام بس هحلفلك انه ملمسنيش وانى مراته بس على الورق.

قالت(رجاء)وهي تحدجها بنظرة فاحصة:
-وأنا مش قادرة أصدقك، ماهو متحاوليش تقنعينى ان باب الأوضة بيتقفل عليكوا طول الليل ومبيحصلش حاجة بينكم، انتِ ناسية كان بينكم ايه زمان؟
أطرقت (قمر)قائلة بحزن:
-انتِ بنفسك أهو قولتيها. كان. حاجة زمان وراحت لحالها ومش معقول هترجع دلوقتى بعد العمر ده كله.
قالت(رجاء):
-بصيلى ياقمر.
رفعت (قمر)إليها عيونها فأردفت (رجاء)قائلة:
-احلفيلى ياقمر انك بطلتى تحبيه؟

طالعتها(قمر)بإضطراب قائلة:
-أنا. أنا..
قالت (رجاء)بحنق:
-مش محتاجة خلاص تحلفى واجابتك باينة جوة عنيكى، هو بقى بيحبك. عنده رغبة فيكِ مش مهم. المهم انك انتِ اللى بتحبيه، يبقى مسألة وقت قبل ما تضعفى وتستسلميله وده مش ممكن هسمح بيه أبدا ياقمر. انتِ تطلبى الطلاق منه ونمشى من هنا نروح أي مكان تشتغلى فيه زي مااشتغلتى هنا.
قالت(قمر):
-وقضية طنط فاطمة؟هيسجنى.
قالت(رجاء)بغضب:.

-ميقدرش. معندوش دليل ومش هتفضلى تتحججى بالموضوع ده عشان تفضلى جنبه. هتطلبى الطلاق النهاردة خلينا نخلص وده آخر كلام عندى.
شعرت (قمر )مجددا بالتهديد فى كلمات خالتها لينتابها الخوف لثانى مرة، وبينما هى كذلك اقتربت منها (سعاد)لتمنحها القهوة وهي تقول:
-القهوة ياست..
لتتعثر فجأة ويندفع فنجال القهوة من يدها فينسكب محتواه على ذراع (قمر )قبل ان يقع على الارض وينكسر، تأوهت (قمر) فقالت خالتها بوجل:.

-لا حول ولا قوة الا بالله.
لتنهر( سعاد )مردفة:
-مش تاخدى بالك ياحيوانة انتى؟
قالت (قمر)بألم:
-خلاص ياطنط ملوش لزوم الكلام ده. أنا بخير ودى حاجة غصب عنها. روحى ياسعاد انتِ على المطبخ ومتقلقيش انا كويسة.
أسرعت (سعاد)مغادرة وهى تبكى، بينما تقول (رجاء)بحنق:
-عامليهم انتِ كويس كدة وبكرة يتنططوا عليكى.
طالعت(قمر)الصغار وهي تقول:.

-مش وقت الكلام ده ياطنط. كويس ان الولاد مخدوش بالهم أنا هروح أغسل دراعى وأدهنه مرهم وانتِ خدى بالك من الولاد على ماأرجع.
هزت(رجاء) رأسها بينما غادرت(قمر)لتنظر(رجاء)إلى الطفلين وهما يتسابقان فى الماء قبل ان تقول بلا اهتمام:
-وأنا أقعد ليه؟حفيدى بيعوم كويس جدا والتانية ماتغرق ولا تموت. ههتم ليه بس؟انا هروح أنام ساعتين أريح رجلى فيهم.

قبل أن تغادر سمعت صوت (أكرم)يستوقفها منادياً فإستدارت تطالعه ليقترب منها قائلا:
-هي قمر فين؟
قالت(رجاء)وهي تتظاهر بالحيرة:
-مش عارفة أنا كنت بدور عليها انا كمان مش لاقياها، الظاهر لسة نايمة.
عقد (أكرم)حاجبيه قائلا:
-إزاي؟أنا موصيها بنفسي تاخد بالها من الولاد وهما فى البيسين.
قالت بإرتباك مفتعل:
-يمكن راحت عليها نومة ومقدرتش تنزل معلش حصل خير.

ثم تركته مغادرة بينما كان يغلى غضبا، يتساءل بحنق عن إهمالها الاطفال على هذا النحو. ومصيرهما ان حدث خطب ما وهما وحدهما. لينادى عليهما بحنق مطالبا إياهما بالصعود من المسبح والاتجاه إلى غرفتيهما لتبديل ثيابهما. لم يرحل قبل أن يتأكد من أنهما نفذا أمره وإتجها بالفعل لغرفتيهما، تعلقت عيناه المصدومتين بظهر (تيام)بينما كان يبتعد. شعر بدوامة تسحبه بقوة، أنفاسه تلاحقت حتى شعر بالألم فى صدره. جلس على الكرسي فلم تعد قدماه قادرتان على حمله، العديد من الأفكار تدور برأسه والشياطين قد تجمعت فى عقله. لا لا يمكن أن يكون. بلى يمكن. ولكن كيف إستطاعت أن تخفى عنه تلك الحقيقة بل كيف جرؤت أن تفعلها. ألم يكفها مافعلته به فى الماضى؟ لتُكمل عليه فى حاضره. نهض وقد تحولت ملامحه إلى جحيم مستعر سيودى بها وبه ان لم يكن لديها تفسير قوي يمنعه من قتلها بيديه هاتين.

كانت تضع المرهم بحرص على ذراعها المحترق، تشعر بالألم حقا ولكنها تحمد الله أن القهوة لم تنسكب على وجهها فيكبر الضرر وتكون العاقبة وخيمة. شعرت بدوار فوضعت أنبوبة المرهم على طاولة الزينة وتقدمت بحرص تجاه السرير. تتمدد قليلا حتى يزول الدوار. أغمضت عيناها ألما حين استندت على ذراعها الذى يؤلمها. فاعتدلت دون أن تفتح عيناها تحاول ان تحتوى دموع الألم بداخلها. انتفضت على صوته الغاضب وهو يقول:.

-الله الله. الهانم نايمة ولا على بالها.
فتحت عيونها على اتساعهما تقول بدهشة:
-أكرم؟!
تقدم منها بعيون اتقدت غضبا وهو يقول:
-أيوة أكرم؟!أكرم اللى ساب الولاد فى رعايتك وجه لقاكِ نايمة ولا همك. هو أنا مش قلتلك ياهانم تخلى بالك من الولاد فى غيابي؟
نهضت بتوتر وشعور كبير بالخوف ينمو بداخلها وهي تقول متلعثمة:
-هو انت روحتلهم؟
مال فمه بسخرية وهو يتطلع إلى توترها قائلا:.

-آه روحتلهم ولقيتهم لوحدهم، يعنى لو كان حصل لواحد فيهم حاجة مكنش حد هيلحقه.
عقدت (قمر)حاجبيها قائلة:
-بس هم مكنوش لوحدهم، أنا كنت معاهم لحد...
قاطعها قائلا بحدة:
-انتِ لسة هتكدبي؟كفاية بقى ياهانم. كل كدبة كدبتيها انكشفت النهاردة خلاص وآن أوان الحقيقة عشان تظهر وتبانى على حقيقتك.
قطبت جبينها بقوة قائلة بصوت حمل إضطراب قلبها الشديد:
-انت قصدك إيه؟أنا. أنا مش فاهمة حاجة.

أصبح امامها الآن تماما يميل عليها بوجه حمل جحيم الغضب وعيون أصبحت قاسية وحادة كالسيف قائلا بحروف مضغوطة بحقد شديد:
-تيام يبقى ابن مين ياقمر؟
تراجعت خطوة إلى الوراء وملامحها تعلوها الصدمة وقد أدركت أنه عرف سرها فلم يعد هناك مهرب لها ولن يدع هو لها مجالا سوى لقول الحقيقة، كاملة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة