قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل السابع

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل السابع

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل السابع

أسوأ أنواع الألم هو الذى يجتاحك حين يرحل الأحبة. يجعلك الحنين لهم هشاً بائساً قابلاً للكسر، تدرك أن من رحل سيترك فراغاً بحياتك لن يملأه أحد بعده ولن تستطيع أن تعود بالزمن كي تسترجع لحظاتك معه، سينطفئ قلبك برحيله ولن تتذوق طعم سعادة قط فقد كان لك كل شيء ولم يعد لديك شيء.

وقد كانت( فاطمة )ل(أكرم) الأم الحانية الذى لم يشعر بالوطن حتى ضمته إلى صدرها. كانت له الأخت التى تحبه وتمده بالعون والصديقة التى تشاركه كل شيء. رحل عنها ففقد كل هؤلاء ولكن ألهته الحياة فلم يكتشف أنها كانت روحه حتى غابت أنفاسها عن الدنيا ليدرك أنه إن إحتاج الآن لحنانها وضمة صدرها لآلامه واحتوائها جراحه لن يجدها. إن أراد أن يعوضها عن سنين من العذاب فى خدمة أهل الجمال وأن يكافأها على معروفها تجاهه لن يجدها. فقد رحلت إلى بارئها ولن تفيد أمانيه فى عودة يُقبل فيها يدها وجبينها ويمنحها كل ماأراد. فالأموات لا يعودون ولا خِيار أمامه سوى دعوة من القلب أن يغفر الله لحبيبته وأمه (فاطمة)ويجعل قبرها روضة من رياض الجنة.

صدّق المُقرئ فمنحه (أكرم)المال ليرحل داعياً شاكراً كرمه وطالباً للفقيدة الغفران بينما لمس (أكرم)لحدها وهو يقول بصوت ارتعشت نبراته وعيون غشيتها دموع الحزن:.

-وحشتينى ياغالية ووحشنى وجودك جنبي، وحشتنى حنيتك علية. مبقاش فيه حد أرمى فى حجره همي ولا بقى فيه إيد تطبطب على جرحي وتقولي إرمى ورا ضهرك الهم ياواد ياأكرم ربك كريم واللى جاي أكيد أحلى. روحتي وسيبتي فى القلب جرح أكبر من انه يتداوى. روحتي وسيبتينى يتيم بجد. وجرح فراقك هيفضل ينزف طول العمر.
مسح دموعاً تساقطت على وجنتيه وعيونه ترتسم فيهم قسوة أطلت من نبراته وهو يردف قائلا:.

-بس وعد منى مش هسيب تارك ولا هسيب اللى قتلتك تتهنى بحياتها طول ماأنا عايش. هدفعها التمن حتى لو خرجت قلبي من صدرى ودوست عليه برجلي. هدوس عليه بس عشانك ياغالية.
الحب قد يبدو للبعض شعورا غريبا يضم كل المتناقضات.
يُضفى لحياتك بعض النسيم العليل أو يحرقك بلهيبه.
يحملك إلى الجنة أو يلقيك فى غياهب الجحيم.
يمنحك أمانا بلا حدود او يصيبك بقلق دائم.
يشملك بسعادة الدنيا او يُضنيك بحزن وعذاب غاشم.

قد يمنحك الحياة او يسلبك إياها.
قد ترغبه او تنأى عنه وتدير له ظهرك.
ولكن فى نهاية الأمر تدرك أن..
الحب أنفاس تلك الحياة ودونه تذوى ببطئ حتى الفناء.
الحب مِلح الدنيا وسكرها ودونه لا شكل لها ولا طعم.
قد تُقسم على نكرانه وتكفر به لأنه يعذبك. يبكيك ليلا ونهاراً ويقتلك قهرا، ولكن حين تصفو تنسى كل شيء، وتعود إلى دربه مؤمناً.

كانت تجول فى حجرتها جيئة وذهابا يقتلها القلق، لقد تأخر (صادق)كثيرا على غير عادته فبعد ان عادوا من المزرعة طلب منها الصعود للمنزل مع الأطفال ثم ذهب بالسيارة دون كلمة وها هي الساعة قد تجاوزت منتصف الليل بقليل ولم يعُد بعد. ترى هل سيبيت بالخارج ويتركها دون كلمة تطمئنها؟هل شجارها معه السبب ام هل أصابه مكروه؟ عند تلك النقطة قررت أن تتنازل عن كبريائها الأحمق وتتصل به، لذا أمسكت هاتفها وإتصلت برقمه على الفور فوجدته مغلقا، كادت أن تُجنّ. تساقطت دموعها وهي تحاول الإتصال مرة أخرى فأجابها الرد الآلى مجددا، لتُلقى بهاتفها على السرير بحنق وهي تقرر أن ترتدى ملابسها وتذهب للبحث عنه، زفرت بقوة تُمرر يدها فى شعرها بعصبية لا تدرى أين تبدأ بالبحث عنه. هل تتصل بصديقه (أكرم)؟

نفضت تلك الفكرة على الفور فليس معها رقم هاتفه وحتى إن كان معها ففكرة الإتصال بهذا البغيض تصيبها بالنفور، ربما من الممكن ان تتصل ب(قمر)وتسألها إن عاد (صادق)إلى المزرعة مجددا. كادت ان تمسك هاتفها مجددا حين فُتح الباب وظهر على عتبته (صادق)، إنطلقت نحوه تقول بلهفة:
-صادق!إتأخرت كدة ليه؟
عقد (صادق)حاجبيه وهو يطالعها ملاحظاً شحوب وجهها وآثار العبرات على وجهها، ليمسك يديها قائلا بوجل:.

-كنت فى مشوار وإتأخرت شوية، مالك ياأمنية فيه إيه؟حد من الولاد جراله حاجة؟!
هزت رأسها نفيا وهي تقول:
-لأ. الأولاد بخير بس انت إتأخرت وإتصلت بيك كان تليفونك مقفول، فقلت يمكن يعنى..
رفع أحد حاجبيه وهو يرى إرتباكها ليقول بحنان:
-خفتى يكون جرالى حاجة مش كدة؟
قالت بلهفة:
-بعيد الشر عنك..
ثم صمتت وهي تعض على شفتها السفلى بأسنانها الصغيرة، ليمسكها من خصرها بيديه وهو يبتسم مقربا إياها منه قائلا:.

-طب ماإنتِ لسة بتحبينى وبتخافى علية اهو.
وضعت يدها على صدره تبعده عنها فتمسك بها رافضا إفلاتها من بين يديه لتتنهد قائلة:
-أنا عمرى ماقلت إنى بطلت أحبك.
احاط خصرها بيد واحدة أحكمها حولها، وهو يرفع يده الأخرى يقرص وجنتها بخفة قائلا:
-اومال مخاصمانى ليه؟وعاطيانى البوز الظريف كمان.
طالعته قائلة بعتاب:
-انت عارف ليه مخاصماك.

طالعها بتلك النظرة التى تُضعف حصونها وتجعلها ترقّ رُغما عنها، ولكنها قاومتها وسبب غضبها منه يعود ليملك أفكارها وهو يقول:
-نسيت. فكرينى.
تململت تحاول فك حصار ذراعه فتمسك بها بكلتا يديه مجددا وهي تقول بحنق:
-طيب سيبنى الأول عشان أعرف اتكلم.
ضمها إليه اكثر وهو يقول:
-مش قبل مااعرف الجميلة زعلانة منى ليه.
طالعته بعتاب قائلة:.

-لإنك وجعتنى، عشت معاك السنين اللى فاتت دى كلها وأنا فاكرة إنك بتحبنى بس اللى بيحب حد بيشوفه إنسان جميل وجواه نضيف مش مشوه وجواه سواد الدنيا كلها، وانت كنت شايفنى بالشكل ده.

طالعها بقلب أوجعته نبرة الألم فى صوتها يدرك انه جرحها حقا بصمته ونظرات عينيه التى تسبر أغوارها جيدا، ومن غيرها قد يستطيع ان يدرك مكنون قلبه. ورغم إدراكه كيف آلمها إلا إنه اراد اليوم سماع كلماتها. عتابها ولومها. لتصبح تلك الكلمات كالسياط تجلد روحه وتُحقق لها ثأرها، لذا فقد طالعها بحزن قائلا:
-شايفك إزاي ياأمنية؟!
غشيت عيونها الدموع قائلة:.

-خطافة رجالة، أخدتك من مراتك وفرقت بينك وبينها وبعدتك عن إبنك مش كدة؟
هز رأسه نافيا:
-لأ مش كدة.
قالت بمرارة:
-لأ هو كدة. حبيتك وانا عارفة إنك متجوز وبسبب حبك لية طلقت مراتك واتجوزتنى، لو كنت بعدت عنك مكنتش هتطلقها وكنت هتكمل ويتربى فارس فى وسطكم، متنكرش ان الأفكار دى كلها دارت فى دماغك وشفتهم فى عنيك وصمتك كان ابلغ رد لما سألتك.
قال لها بحزن:
-منكرش إنى فكرت بالشكل ده فعلا.

أغمضت عيناها ترفض تأكيده لأفكارها وجعلها واقعا ملموسا يُدمى روحها، فإنتفضت تفتح عيناها حين أمسك بيديها وهو يقول بحنان:.

-مكنتش وقتها قادر أفكر فى حاجة غير إحساس عجيب بالذنب إتملكنى ناحية والدة فارس الله يرحمها وكانى كان ممكن أدى علاقتنا فرصة تانية عشان خاطر إبننا وأخليها سعيدة فى آخر أيامها، بعد مااخوها قاللى قد إيه كانت مكتئبة فى الفترة الأخيرة وإنه خايف إن حادثة منال تكون رغبة منها فى إنهاء حياتها.
إتسعت عيناها جزعا، فأردف قائلا:.

-ده اللى حصل فعلا وأثر على عقلي وتفكيري السليم. بس لما سيبتك هنا روحت قعدت فى المكتب بتاعى وقعدت أفكر مع نفسى كتير، فجأة لقيت الماضى كله بيمر قدام عيونى، شفت بجد ان مكنش ينفع. أنا وهي إتكسر بينا حاجات كتير مكنش ينفع تتصلح، أنا وهي إنتهينا من قبل ماأشوفك او أعرفك، وجودك بحياتى بس فتح عيونى على حاجة واحدة بس. إن من حقى يبقالى فرصة تانية فى الحياة اكون فيها سعيد، احب واتحب ويبقالى عيلة بجد. إفتكرت قصتي معاكِ ومرت قدامى من اول يوم شفتك فيه لما جيتى مع قمر عند الشلال عشان تشوف أكرم وكنت بالصدفة معاه. وإتأكدت إنها مكنتش صدفة. لأ ده كان قدر، قدرى كان انى أشوفك واحبك عشان أعيش من جديد، يمكن قبلك كنت حي بتنفس وبس لكن حبك هو اللى رجعنى اعيش.

طالعته بعيون بدت ملهوفة لأن تصدق كلماته ولكن الشك مازال قابعا بين سكنات مقلتيها وظهر فى صوتها وهي تقول:
-يعنى إنت بجد شايف إن حبنا كان قدر، شايفنى ست كويسة حبت من قلبها بس مضعفتش وقبلت تتجوز حبيبها غير بعد ما إتأكدت إن ماضيه إنتهى وحاضره مفيهوش غيرها.
طالعها بحب وهو يخرج علبة من جيبه يفتحها أمامها فظهر سلسال من الذهب الأبيض يحمل قمرا يضم نجمة، لتطالعها بشغف وهو يقول:.

-مش دايما كنتى بتقوليلى إنت القمر اللى نور ضلمة حياتى، إنتِ كمان النجمة اللى دلتنى على طريق السعادة والنجمة مش ممكن تفارق القمر، وعشان كدة طلبت من الصايغ يعملى السلسلة دى مخصوص. وروحتله بعد ماوصلتكم وفضلت جنبه لحد ماخلصهالى عشان ارجعلك بيها، أقدمهالك ومعاها إعتذاري عن غبائي لإنى جرحتك، وبتمنى إنك تسامحينى وتغفريلى ياأمنية.

كانت الدموع تغشى عيونها وهو يتحدث وماإنتهى حتى إبتسمت من وسط دموعها قائلة بحب:
-سامحتك من اول ماطليت علية من الباب ياصادق، انت متعرفش بحبك قد إيه.
ضمها على الفور إلى صدره ينعم بدفئ تغمره به دوما، ربما لم يمحى الحب الماضى ولكنه بالتأكيد غير حاضره ومستقبله فجعلهما مشرقين دافئين غابت عنهما البرودة التى عاشها قبل ان يعرف الحب، بينما اغمضت هي عينيها تستكين بين أضلعه تبتسم براحة، فهكذا الحب.

قد نبكى فى غياب من نحب ويقهرنا فراقه ونتوعد بالقسوة والنسيان ثم حين يأتينا الحبيب ننسى كل شيء ونسرع بإلقاء أنفسنا بين ذراعيه لنحيا من جديد حلاوة العشق.

كان يقف فى وسط الحديقة موالياً إياها ظهره عاقدا كفيه خلفه، تحيطه هالة غريبة عنه لم تكن موجودة من قبل تُبعد الآخرين عنه بكل تأكيد، لا تدرى ماذا تطلق عليها ولكنها بالتأكيد لا تروق لها، فقد كان بالماضى عفويا مرحا منطلقا فى وجه الحياة وهذا بالتأكيد ماجذبها له اما الآن فهالته القاسية تلك تجعلها متاكدة من أنها احبت رجلا آخر غير الرجل الذى يقف أمامها الآن، إبتلعت ريقها بصعوبة قبل ان تتقدم منه بخطوات ثابتة، توقفت خلفه تماما قائلة بنبرات باردة:.

-افندم؟حضرتك طلبتنى؟!
إلتفت إليها ببطئ يتأملها. مظهرها اليوم بدا مختلفا قليلا فتلك الضفيرتان جعلاها تبدو كتلك الفتاة التى احبها بالماضى وكأن السنوات الماضية لم تمر. وكانها مازالت فى التاسعة عشر تبدو البراءة على ملامحها بينما تحمل قلب إمرأة لعوب تسير خلف أهوائها وتُبدّل القلوب كما تبدل احذيتها تماما، عند تلك النقطة قست عيناه وهو يقول:.

-من النهاردة هتكونى مسئولة عن الجنينة عشان عم خلف تعبان ومش هيقدر ييجى الفترة الجاية.
طالعته بصدمة قائلة:
-إزاي بس، الجنينة كبيرة وعايزة..
قاطعها قائلا:
-اللى أنا اقول عليه يتنفذ بالحرف الواحد مفهوم؟
طالعته للحظات، قبل أن تطرق برأسها قائلة:
-مفهوم.
قال بصرامة:
-بصيلى وانا بكلمك.
رفعت إليه عيون باردة وهي تقول:
-كدة كويس؟
تجاهل سؤالها وهو يشير إلى مكان قريب قائلا:.

-والمكان ده عايزك تشيلى الأعشاب اللى فيه دى و يتزرع بدالهم بنفسج.
قالت بدهشة:
-البنفسج صعب جدا يتزرع فى الشتا عشان بيحتاج درجة حرارة وضوء...
قاطعها قائلا:
-مش شغلى ومش هتدينى درس فى الزراعة. مادام حابب يتزرع بنفسج يبقى هيتزرع بنفسج وإتعودى متناقشنيش. تنفذى اوامرى وبس، مفهوم؟!

طالعته صامتة تحاول ان تتمالك نفسها وهي تدرك أنه يحاول أن يُزيد من عذابها ويُرهقها إلى اقصى درجة بجعل مهمتها تقريبا مستحيلة، فهو يعشق الزراعة مثلها ويدرك صعوبة زراعة زهرة البنفسج فى فصل الشتاء فالأفضل ان يُزرع بدلا منها زهرة الكاميليا اوالصنوبر والتوت الأحمر ولكنه يصر فقط لتعجيزها، وهي لن تهزم بسهولة وتدعه ينتصر ستفعل المستحيل وتهديه ازهار البنفسج ووقتها ستحقق هي إنتصارها الأول امامه حتى وإن كان إنتصارا هزيلا لن ينفعها بشيء ولن يقيها عذابه.

لتقول بهدوء وثبات:
-مفهوم. اي أوامر تانية؟
أشار لها بالإنصراف فغادرت يتابعها بعينيه للحظات قبل ان يستدير مجددا ويطالع الحديقة يشرد بذكرياته فى هذا المكان، تلك الذكريات التى يحاول طمسها بكل جهده ولكنها تصر على المرور بمخيلته، رُغما عنه.
قالت(رجاء)بإستنكار:
-يعنى إيه عايزة الفرح يكون على الضيق، ناسية إنتِ من عيلة مين؟
قالت (نهال)ببرود:
-لأ مش ناسية، بس ياطنط انا وعادل إتفقنا...
نهضت(رجاء)قائلة بحنق:.

-انتِ وعادل إتفقتوا!طب وباباكِ ومامتك وعيلتك. رأيهم مش مهم ولا إيه؟
نهضت (نهال)قائلة ببرود:
-والله ماما وبابا طول عمرهم عاطيينى الحرية فى إختيار قراراتى، واظن إنى انا اللى هتجوز ومن حقى أختار الطريقة اللى هتجوز بيها، ولا إيه ياماما؟!
قالت(سوزان):
-اكيد ياحبيبتى، بلغى عادل إن إحنا موافقين مادام دى رغبتكم، ولما هييجى هنتكلم فى التفاصيل.

لانت ملامح (نهال)وهي ترسل قبلة هوائية لوالدتها ثم رمقت (رجاء)بنظرة جامدة قبل ان تغادر مسرعة لتبلغ خطيبها بينما إستدارت( رجاء) لتواجه (سوزان)قائلة بحنق:
-انتِ موافقة على الهبل اللى بنتك عايزة تعمله ده ياسوزان؟
عادت (سوزان)لحياكة هذا البلوفر الصغير من الصوف الذى تصنعه لحفيدها قائلة بهدوء:.

-والله هي العروسة وعادل العريس ومادام حابين الفرح بتاعهم يبقى على الضيق يبقى هم أحرار وأنا مش شايفة اي سبب يخلينا نرفض.
قالت(رجاء) بحنق:.

-فيه أكتر من سبب، اولهم منظرنا وسمعتنا قدام الناس إحنا عيلة كبيرة ولما حد من بناتنا يتجوز بالشكل ده الكلام هيكتر وده طبعا مش فى مصلحتنا، ثانيا لما عادل يحس إنه بيتجوزها بالساهل كدة ومن غير مايدفع دم قلبه هيستهتر بيها ووقتها سهل قوى يزعلها او حتى يتجوز عليها، ثالثا بقى وده الاهم البنت لو حست إن أي حاجة تيجى على بالها تعملها لا هتحترمكوا ولا تعملكوا إعتبار زي ماحصل النهاردة ودى مصيبة فى حد ذاتها.

تركت (سوزان)مابيدها ونهضت تواجه(رجاء)قائلة بثبات:.

-البنت اللى بتتكلمى عنها دى تبقى بنتى اللى مربياها كويس ومعرفاها الصح من الغلط، وزي ماانتى قلتى إحنا عيلة كبيرة الكل بيحلف بإسمهاومفيش حد يقدر يجيب سيرتها بكلمة، وعادل من عيلة كبيرة هو كمان واصيل. يعنى مش ممكن يفكر بالشكل ده، أما إن البنت خدت قرار مهم فى حياتها من غير ماترجعلنا فإحنا اللى معودينها على كدة لإننا اكيد مش عايشين لها ولازم تتعود تاخد القرار وتتحمل نتيجته، ودى مفيهاش اي إهانة لينا لإننا واثقين فيها ومتأكدين إنها مش ممكن هتغلط أو توطى راسنا فى الطين وتجيبلنا العار.

قالت (رجاء)بغضب:
-قصدك إيه ياسوزان؟تقصدى ابنى الله يرحمه مش كدة؟طب لعلمك...
قاطعتها (سوزان)قائلة بنفاذ صبر:
-انا مقصدش حد يارجاء، أنا برد على كلامك وبس.
ثم زفرت قائلة:
-عموما تقدرى تقولى الكلام ده لابن خالك وتشوفى رأيه لو ماإقتنعتيش بكلامى.
قالت(رجاء)بسخرية:
-هقول إيه بقى؟ماإنتِ جبتى من الإخر وقلتى إن البنت حرة وبتعمل اللى هي عايزاه وشايفاه فى مصلحتها، يعنى رأي ابن خالى ملوش لازمة وتحصيل حاصل.

رمقتها(سوزان)للحظات بصمت قبل أن تهز رأسها ثم تسحب البلوفر قائلة:
-أنا هروح أجرب البلوفر ده لياسين، الجو حلو قوى ماتنزلى تتمشى على الكورنيش شوية.
لم تنتظر إجابتها وهي تغادر الحجرة، بينما تقول( رجاء) بغيظ:
-بتوزعينى بحداقة ياسوزان، طيب مش هنزل وقاعدة على قلبك لغاية ماييجى ابن خالى وقبل ماتثبتيه بسهوكتك اللى عارفاها كويس هيكون لية معاه كلام تانى خالص.

لترتسم على ملامحها فى تلك اللحظة معالم التصميم التى إمتزجت بالغضب.

لمحهما يقفان جنبا إلى جنب يشير (تيام) إلى شجرة قريبة بينما يخبر إبنته ببعض المعلومات عنها، أثار هذا المشهد بعض الذكريات التى إقتحمت مخيلته بقسوة لتجعله ينتفض رافضا مجرى الأحداث وتشابه المواقف، تقدم تجاههما مناديا إبنته فى صرامة، إستدارا إليه سويا فظهر على ملامح طفلته الجزع بينما ظل الطفل ثابتا وهو يقترب منهما حتى توقف أمامها فجذب طفلته من يدها قائلا بصرامة:.

-هو أنا مش قلتلك ممنوع تقربى من الولد ده.
قالت(شمس):
-ومقلتليش السبب وأنا متعودتش اعمل حاجة من غير ماافهم أسبابها.
قال(أكرم) بغضب:
-الظاهر إنى دلعتك كتير روحى البيت حالا واقعدى فى اوضتك متخرجيش منها لحد ما أقولك، مفهوم؟
كادت ان تقول شيئا ولكنه صرخ بها قائلا:
-مفهوم؟!
نظرت إليه بحنق قبل ان تهرول بإتجاه المنزل باكية، بينما نظر (اكرم)ل(تيام)الذى طالعه بكره قائلا:
-انت وحش قوى.

ثم إستدار مغادرا بدوره لينظر (اكرم)فى إثره بحزن، يدرك أن تصرفاته تميل إلى القسوة وتبعد طفلته عنه كما أنها تجرح هذا الطفل البريئ بدوره ولكنه لن يسمح لهما بالإختلاط معا. يخشى ان يتعلق قلبيهما ببعضهما البعض رغم سنهما الصغير، فقد تعلق قلبه ب(قمر)وهو فى مثل سن (تيام)أو أكبر قليلا ولقد تحطم قلبه بقوة لعِظم الحب الذى ربض بقلبه، وهو لن يسمح بتكرار التجربة أبدا وإيذاء طفلته. يخشى مستقبلاً يكون مجبراً فيه على وضع يده فى يد إبن غريمه، إنه شيء يستحيل عليه القيام به، حتى من اجل إبنته.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة