قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الرابع

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الرابع

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الرابع

دلفت إلى الحجرة فإتبعها حانقا يغلق الباب خلفه قبل أن يقول:
-ممكن أعرف مبوزة ليه من ساعة ماعرفتى إن فارس هييجى يعيش معانا؟وطول الطريق مقولتيش كلمة واحدة حتى لما دخلنا البيت مصممة تتجاهليه وكأنه مش موجود، هو ده مش إبنى وزيه زي سارة بالظبط ولا إيه؟
إستدارت إليه ترمقه بغيظ قائلة:
-ممكن توطى صوتك شوية؟!الأولاد هيسمعوك.
صمت يطالعها مُتحفزاً فمررت يدها فى شعرها قائلة بتوتر:.

-اولا أنا مش مبوزة ولا حاجة يمكن إتضايقت شوية لإنك مخدتش رأيى قبل ما تقوم بالخطوة دى بس مطولتش لإنى عارفة إن فارس مبقالوش حد غيرك وأكيد الطبيعى إنه ييجى يعيش معاك هنا، ثانيا انا متكلمتش طول الطريق لإن مكنش فيه مجال للكلام وانت عارفنى لو حبيت أتكلم لمجرد الكلام هعك الدنيا، ثالثا بقى مش انا اللى أول مادخلت البيت إتجاهلته هو اللى متجاهلنى وكأنى هوا قدامه ولا إنت مبتشوفش غير اللى بييجى على هواك ياصادق بيه؟

قال (صادق)بغضب:
-أمنية!
قالت (أمنية)بمرارة:
-أمنية إيه بس؟!أهو ده اللى كنت خايفة منه. من اول يوم وحصلت مشكلة مابينا بسببه.
قال بحدة:
-المشكلة مش بسببه المشكلة بسببك انتِ، المفروض تحاولى تستوعبيه على الأقل عشان خاطري.
طالعته بإستنكار قائلة:
-انت مش شايف بيبصلى إزاي وبيكلمنى إزاي؟وكأنى خطفتك من مامته وقتلتها بقهرتها.
طالعها بصمت فازدادت عيونها إتساعا وهي تقول:.

-إنت كمان شايفنى بالشكل ده مش كدة؟كل ده عشان حبيتك وحبيتنى وانت كنت راجل متجوز. فى الآخر هكون انا الغلطانة وإنت البريئ من اي ذنب مش كدة ياصادق؟رد علية.
قال وهو يحاول ان يتمالك أعصابه:
-أنا مبعرفش اتفاهم معاكِ وانتى بالعصبية دى، هسيبك تهدى وبعدين نتكلم وإعملى حسابك إنى هنام النهاردة مع فارس، الليلة اول ليلة ليه فى مكان غريب والطبيعى إنى أكون جنبه.

لم يترك لها مجالا للرد وهو يستدير على عقبيه مغادرا بينما نظرت فى إثره بغضب، تلعن هذا الجدال الذى جعله يهجر مضجعه تلك الليلة. أم انه كان ينتويها وإستغل ما حدث كحجة؟زفرت بقوة وهي تمرر يدها فى شعرها مجددا بحنق، تعالى رنين هاتفها فنظرت إلى شاشته قبل ان تجيبه على الفور قائلة:
-قمر. بنت حلال.
قالت (قمر) بقلق:
-مال صوتك يا أمنية؟
قالت(امنية):
-انا فى مصيبة ياقمر.
قالت (قمر):
-مصيبة إيه بس بعيد الشر؟

زفرت(أمنية)قائلة:
-ياريتك كنتِ هنا، كنت جيتلك وفضفضتلك زي عوايدنا وخدت بنصيحتك.
قالت (قمر):
-ماأنا هنا فعلا.
عقدت (أمنية)حاجبيها قائلة:
-هنا فين؟
قالت(قمر):
-فى المزرعة.
إحتلت الدهشة ملامح (أمنية)وهي تقول:
-فى المزرعة؟!طب إزاي؟!انتى مش سافرتى إسكندرية؟
تنهدت(قمر)قائلة:
-دى حكاية طويلة، لما أشوفك هحكيهالك كل اللى ممكن أقولهولك دلوقتى إن أكرم رجع وإن هو اللى إشترى المزرعة والبيت.

علت الصدمة ملامح (أمنية)وهي تقول بوجل:
-أكرم. أكرم الصياد؟!
قالت (قمر)بحزن:
-أيوة.
لتتسع عينا (أمنية)إستنكارا.
كيف تجعل صبية صغيرة لا يتعدى عمرها الخمسة اعوام أن تفهم معنى الخوف وتتفهم دوافع المرء لإبقاءها خلف الاسوار؟!
كيف يخبرها أنه يبعدها عن براثن إنتقامه ويبقيها نقية كما هي. لا يطالها أي ألم؟

كيف يخبرها عن خيبات الأمل؟حين تنتابنا الأحلام ونُعلق عليها حياتنا ثم نكتشف أنها اوهام خلقتها عاطفة بائسة لا وجود لها، حين نضحى بكل شيء من اجل شخص ما فنجده فى النهاية لا يستحق.
كيف تخبر طفل صغير أن الحياة خادعة ومليئة بالأوهام؟وأن بعض البشر يتلونون ويختفون خلف أقنعة. يُظهرون لك الحب والاهتمام بينما هم فقط يرغبون بالإستفادة منك ثم يتركونك وقد صرت بلا فائدة لهم تُرجى.

كيف تخبر الصغار أن لا يأمنون سوى لذويهم فقط؟فهم حقا الوحيدون فى هذا العالم الذين يحملون لهم فى قلوبهم حباً خالصا ولا يرغبون فى شيء سوى سعادتهم.
ستقف عاجزا لا تستطيع ان تخبرهم كل ذلك. فقط ستصدر الأوامر بقسوة موقناً من إنصياعهم لك دون أن تمنحهم تفسيرا. لا تدرك أن إنصياعهم ظاهري حتى تواتيهم الفرصة للبحث وراء الأسباب او التمرد دون رادع.

وقد تظاهرت(شمس)بطاعة والدها والبعد عن (تيام) ولكنها فقط تنتظر الفرصة لتقابله مجددا، او ربما تنتظر الفرصة للذهاب إليه، فقط إن سنحت لها الفرصة.

كان يراجع بعض الأوراق أمامه والتى تخص المزرعة، شعر بالحنق أكثر تجاه هذا الحاتم الذى تدهورت المزرعة على يديه. أمسك الجسر مابين حاجبيه بقوة يشعر بأن رأسه على وشك الإنفجار، يلعن فى سره صداع الشقيقة الذى ينتابه من حين لآخر فيؤلمه ويجعله ضعيفا كحاله الآن. طرقات على الباب ثم دلوفها منه تحمل صينية عليها فنجالا من القهوة، لم ينتبه لها فى البداية فسنحت لها الفرصة لتتأمله أدركت على الفور انه يعانى من صداعه المزمن، كل الإشارات تخبرها بذلك شحوب وجهه وإغماضه عينيه بقوة، ورغم كل مابينهما إلا أنها تعاطفت معه كلية وأرادت التخفيف عن ألمه وتدليك رأسه كما كانت تفعل بالماضى لكنها لم تستطع أن تفعل وإلا فسر تصرفاتها بعكس ماتود، لذا إكتفت بأن ذهبت لمقبس النور وأطفأته ثم إتجهت إلى طاولة المكتب ووضعت الصينية من يدهاوأخيراً إتجهت إلى الستائر وأغلقتها فشعر بتحسن على الفور. فتح عيناه قائلا:.

-شكرا ياسعا..
تجمدت كلماته وهو يراها أمامه على ضوء أباجورة المكتب الشحيح، لتتجهم ملامحه وهو يقول:
-إنتِ!
قالت بهدوء:
-جبت لحضرتك القهوة تؤمرنى بحاجة تانية؟
طالعها صامتا للحظات قبل ان يقول ببرود:
-لأ. إتفضلى على شغلك.

غادرت بهدوء كما دلفت تماما ينظر فى إثرها متجهما، كانت فعلتها الرقيقة تلك كي تخفف ألمه لتسعده بالماضى كثيرا ولكنها الآن تلقيه فى أتون من نار. لا يريد عطفها. لا يريد شفقتها. بل لا يريدها جواره على الإطلاق تُضعف من رغبته القوية فى الإنتقام منها، فهى لم تكتفى بالغدر به قديما وتركه محطم القلب بل قتلت السيدة الوحيدة التى شعر بعطفها عليه وحبها له، لذا لن يرحمها مهما خانه القلب الذى ينبض بين أضلعه، سيدوس عليه بقدمه إن لزم الأمر وسينال إنتقامه مهما حدث.

كانت تطوف حوله، تلمع هذا وترتب ذاك ترمقه بنظرات مسترقة، ولكنه يضبطها متلبسة فى كل مرة فتشيح بناظريها عنه بحنق، يدرك انها غاضبة منه ولكنها تريد شيئا ما لذا لن يتسرع ويسألها عما تريد وسينتظر ان تأتيه وتلقى بما فى جعبتها إليه، وبالفعل ماهى إلا لحظات حتى جاءته تقف أمامه قائلة بحزم:
-أنا عايزة أخرج.
بالتأكيد لم يتوقع ذلك. طالعها بدهشة قائلا:
-تخرجى؟!
قالت بملامح متجهمة:
-أيوة فيه مانع؟!
قال:.

-لأ مفيش، بس ممكن أعرف رايحة فين؟
أشاحت بوجهها قائلة:
-رايحة لقمر.
إتسعت عيناه فى دهشة قائلا:
-عايزة تروحيلها إسكندرية؟!
عادت تنظر إليه قائلة:
-لأ فى المزرعة، هي مسافرتش أصلا.
عقد حاجبيه قائلا:
-مسافرتش؟إزاي ده؟إنتى مش قلتى إن فيه حد إشتري المزرعة؟
طالعته بعيون متقدة من الغضب:
-وكأنك متعرفش أصلا مين اللى إشترى المزرعة وراجع ليه أساسا؟
نهض بهدوء يطالعها بملامح جامدة وهو يقول:.

-لأ معرفش ياأمنية، وهعرف منين أساسا؟كان قريبى مثلا ولا صاحبى.
قالت بسخرية:
-أيوة صاحبك وصاحبك الأنتيم كمان.
قال(صادق)بعيون تتسع فى صدمة:
-مش معقول، أكرم؟!
هزت رأسها وهي تدرك أنه يعلم ذلك للمرة الاولى من ملامحه المصدومة، لتقول بهدوء:
-ها. ممكن بقى أروح؟
هز رأسه قائلا:
-ممكن. بس إستنى.
كادت ان تغادر بالفعل فتوقفت عند سماع كلماته، ليردف بحزم:
-انا جاي معاكى.
قالت بدهشة:
-والولاد.
قال بهدوء:.

-هاخدهم معايا واهم بالمرة يتعرفوا على شمس بنت أكرم.
لتردد بصدمة:
-شمس.
تجاهلها وهو يذهب بإتجاه الأولاد، يخبرهم ان يستعدوا للخروج. بينما (أمنية)تفكر.
كانت تعلم كل شيء عن قصة (أكرم)و(قمر)فقد حضرتها منذ البداية وكانت تدرك أنهما أرادا تسمية أبنائهما ب(تيام)و(شمس)وقد إنتهت القصة كما كانت تظن، ولكن يبدوا الآن أن النهاية لم تُكتب بعد.
قال (صادق):.

-بس انا زعلان منك، تشترى المزرعة وتيجى ومتسألش عن صادق صاحبك، انت متعرفش كلمتك قد إيه والشريحة دايما ألاقيها مغلقة، أنا قلقت عليك ياراجل.
قال(أكرم)بود:
-كنت عايز أعملهالك مفاجأة ياسيدي. لما رجعت مصر غيرت الشريحة وروحتلك البيت لقيته مقفول بالقفل، الجيران قالولى إنكم سافرتوا المنصورة قلت اكيد بتشوف فارس وهترجع علطول.
تنهد (صادق):.

-مكنتش بشوفه كنت بجيبه معايا، مامته ماتت ومكنش قدامى حل تانى غير إنه ييجى يعيش ويايا.
طالعه (أكرم)متفحصا للحظات:
-الله يرحمها. بس ليه حاسس إنك مش مبسوط عشان جه يعيش معاك مع إنها رغبتك من زمان؟!
زفر قائلا:
-لسة راجعين إمبارح بس وبدأت المشاكل بينى وبين أمنية بسببه.
قال(أكرم):
-هم الستات كدة، قلبهم جامد و..
قاطعه (صادق)قائلا:.

-مش كلهم ياأكرم، أمنية قلبها طيب وحنينة مش ممكن أشك فى ده أبدا، بس الوضع صعب عليها وفارس مصعبه أكتر بنظرته اللى كلها كره ليها، وكأنها خطفتنى من امه وإتسببت فى موتها.
قال(اكرم):
-إيه الكلام الفارغ ده؟إنت علاقتك منتهية مع منال من قبل ماتعرف أمنية، إنت بس مخدتش قرار الإنفصال عنها غير لما حبيت أمنية وقررت ترتبط بيها...
طالع ملامحه المذنبة لتتسع عيونه فى صدمة قائلا:.

-اوعى تكون انت كمان بتفكر بنفس الطريقة؟!
تنهد(صادق)قائلا:
-مش بالظبط، بس جوايا إحساس بالذنب من يوم ماعرفت إن منال ماتت وكأنى خنتها فعلا لما حبيت وهي على ذمتى، وكأنى لو كنت صبرت عليها شوية كان..
قاطعه اكرم قائلا:.

-كان إيه بس؟ها. قولى؟كنتوا بقيتوا أسرة سعيدة من تانى. طب إزاي؟إنت نسيت كانت بتعاملك إزاي؟نسيت إنها مكنتش طايقاك وإن قالتلك مرة إنها بتكرهك عشان أهلها غصبوا عليها وجوزوها ليك وهي بتحب واحد تانى؟نسيت إنها إنتهت من حياتك يوم ما لقيت رسالة فى تليفونها لحبيبها الأولانى تسأله لو إتطلقت هيقبل بيها من تانى وإنه إتأسفلها وقالها إنه إتجوز ومبقاش ينفع يرجعوا لبعض، نسيت إنك بِقيت عليها لحظتها بس عشان خاطر إبنك،.

لكن لما لقيت البنى آدمة اللى حبيتها وحبيتك، وقتها بس قررت تاخد فرصة تانية، نسيت كل ده؟
قال(صادق)بالم:
-منستش. طبعا منستش، بس غصب عنى بقالى كام يوم بقول لو كنت صبرت عليها كانت هتنسى الأولانى بعد ماإتأكدت إنه مش نصيبها ولا يمكن يكون ليها فى يوم من الأيام، كانت مع الأيام هتحبنى ونكمل مع بعض وحتى لو محبتنيش. كان ممكن نكمل عشان خاطر فارس بس، انت مش شايف الولد بقى عامل إزاي؟
قال(اكرم)بلهجة حانقة:.

-تفكيرك غلط، كله غلط فى غلط. الست لو خانت مرة حتى بالتفكير يبقى ممكن تخون ألف مرة، وحياة من غير حب متتسماش حياة أصلا، إبعد التفكير ده عن دماغك ياصادق وإلا هتدمر حياتك كلها، متضحيش بسنين عشتها فى سعادة مع مراتك عشان خاطر أوهام فى دماغك ملهاش اي أساس من الصحة.
قال(صادق):
-المصيبة إن أمنية حست باللى بيدور فى دماغى وده اللى عامل بينا مشكلة أصلا.
قال(أكرم):.

-أقل مافيها ياصادق. أي واحدة مكانها كانت هتطلب الطلاق كمان.
إتسعت عينا صادق بإستنكار قائلا:
-طلاق؟!
هز (أكرم)رأسه قائلا:
-العلاقة بتتبنى على الثقة والامان ولو إختل توازنهم بتضيع العلاقة وبنشوفها متستاهلش، إلحق نفسك وصالحها ياصادق، قبل ماتضيع من إيدك وتندم.
هز (صادق )رأسه ينوى ان يفعل ذلك فور عودتهم إلى المنزل، بينما قال:
-طب سيبك منى أنا وقوللى، إنت راجع وناوى على إيه يااكرم؟

قال( أكرم )وهو يتراجع فى مقعده قائلا بنظرة صارت قاسية وباردة كالجليد:
-ناوى على كل خير ياصادق، كل خير.
تراجع (صادق)فى مقعده بدوره وهو يشعر بالقلق على صاحبه، فهو يسعى للإنتقام بكل تأكيد يخشى عليه من مغبة الثأر، فلطالما سمع الجميع قديما يقولون(فى سعيك للإنتقام أحفر قبرين، أحدهم لعدوك والآخر لنفسك)وهو يخشى على صديقه أن يرسله إنتقامه، للحده.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة