قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الخامس

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الخامس

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الخامس

قالت(شمس):
-ماتيجى تلعب معانا، انت واقف بعيد كدة ليه؟!
طالعها (فارس)ببرود قبل أن يتجاهلها ويمشى دون كلمة، لتتابعه (شمس)وهو يغادر بغيظ قائلة:
-ماله ده؟هو مشى ليه؟
قالت(سارة):
-متزعليش ياشمس هو بيتصرف كدة معايا برضه وكأنه مش طايقنى مع إنى أخته، الظاهر مبيحبش البنات.
قالت(شمس) فى إستنكار:
-ليه يعنى؟مالهم البنات؟
هزت(سارة)كتفيها دليل على جهلها، فنظرت (شمس)فى إثره بحنق قبل ان تلتفت ل(سارة)التى قالت:.

-إيه رأيك نروح نقعد فى المرجيحة اللى هناك دى وتحكيلى عن باريس؟
قالت(شمس):
-إنتى عمرك ماروحتيها؟
هزت(سارة)رأسها نفيا قائلة:
-انا طول عمرى عايشة هنا، ولما بنسافر بنروح المنصورة انا وبابا بس عشان نشوف اخويا ونرجع.
عقدت(شمس)حاجبيها قائلة:
-هو إنتى وأخوكِ كل واحد فيكم عايش فى بلد؟
هزت(سارة) رأسها مؤكدة، فأردفت (شمس)قائلة بحيرة:
-طب إزاي؟
قالت(سارة):.

-دى حكاية طويلة، تعالى نقعد على المرجيحة تحكيلى عن باريس وأنا أحكيلك عن فارس.
مشيا جنبا إلى جنب وكل منهما فى شوق لسماع ما لدى الأخرى لتقوله.
طالعت(أمنية)جنبات الكوخ قبل أن تقول ل(قمر)بحزن:
-إزاي بس قادرة تعيشى فى المكان ده ياقمر وإزاي تيام قادر يستحمله؟
هزت (قمر)كتفيها قائلة بلامبالاة:.

-إذا كان على الحياة جوة الكوخ فمش تاعبانى، أنا تقريبا كنت متربية هنا مع الست فاطمة الله يرحمها ومتعودة عليه، بس تيام اللى يمكن خايفة عليه شوية لإن صدره زي ماإنتى عارفة مبيتحملش الرطوبة.
أشارت إلى المدفأة مردفة:
-عموما أنا بتأكد من إن الكوخ دافى بشكل كفاية عشانه وربك قادر يبدل الأحوال، بس اللى بجد مش قادرة أتحمله هو أسلوب ابن الصياد، مستفز ويخنق.
قالت(أمنية):.

-طبيعى. راجع عشان ياخد بتاره منك، ماانتٍ لو..
قاطعتها قائلة بعصبية:
-حتى لو ليه تار عندى، طيب أنا تارى فين؟ولا عملته فية زمان مكنتش قتل مع سبق الإصرار والترصد؟
قالت(أمنية):.

-قبل حادثة الست فاطمة الله يرحمها كان ممكن أقول إن الحق كله معاكِ لكن بعدها مش هينفع، لإن هي كانت أمه وإنتِ بالنسبة له المجرمة اللى حرمته منها. مرة لما كانت عايشة وإختارت تفضل معاكِ، ومرة لما كنتِ السبب فى موتها ومخدتيش جزاءك، ماهو لو تقو..
قاطعتها مجددا تقول بمرارة:.

-هتفرق فى إيه؟أنا فعلا مذنبة وأستاهل العقاب اللى ربنا جزانى بيه، رجعه لحياتي تانى عشان يعذبنى سواء بوجوده قدامى أو طريقته المستفزة معايا.
قالت(امنية)متعاطفة:
-بس العقاب قاسى أوى ياقمر وبجد انتى متستاهليش.
هزت (قمر)كتفيها قائلة:
-صدقينى اللى بيعمله معايا مش مهم قصاد خوفى على تيام.
قالت (أمنية):
-طيب ماتقوليله..
قاطعتها قائلة:
-إنتى إتجننتى؟مستحيل طبعا!أنا مش ممكن أدى عدوي نقطة ضعفى عشان يضغط بيها علية.

قالت(أمنية):
-سبحان مقلب القلوب، أكرم دلوقتى بقى عدوك بعد ماكان حبيبك ياقمر ده إحنا كنا بنضرب بقصة حبكم المثل.
دوام الحال من المحال كما أصبحت أعرف جيدا، ربما إنتهت القصة بالفعل ولكننى ادرك أننى لم أكرهه قط ولم أستطع تجاوز عشقه، مُجبرة فقط على تجاهل مشاعرى والتظاهر بعكسها لسلامة عقلى، فلا يمكن لمغدورة أن تعشق من غدر بها ويستحيل أن تداوم على حبه إلا فى حالة واحدة فقط، الجنون.

نفضت(قمر) أفكارها وهي تقول:
-سيبك من الكلام عنى وخلينا ننسى الغم، قوليلى أخبارك إيه مع صادق؟
مال فم(أمنية)بسخرية وهي تقول:
-غم برضه، شكل مفيش منه هروب تكون دى الشهور اللى أبراجنا فيه مش مظبوطة.
ضربت (قمر)على رأسها بخفة قائلة:
-الأبراج دى هتجننك.
قالت(أمنية):.

-إسكتى إنتى متعرفيش حاجة، طب أنا برجى يوميها قاللى (مفاجأة غير متوقعة فى الطريق إليك، لا تفرح كثيرا فقد تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن)، حصل وأتت ولا محصلش؟
رمقتها(قمر)بنظرة فاحصة قائلة:
-إنتِ إيه مشكلتك بالظبط؟ليه متضايقة من وجود فارس مع انى عارفة إنك بتحبى الأطفال؟
هزت (امنية)رأسها قائلة:.

-مشكلتى مش مع فارس كطفل، مشكلتى معاه كإبن طليقة جوزى اللى بشكل معين وصلتله إنى خطافة رجالة فالولد مبقاش طايق حتى يبص فى وشى ولو بصلى بيبصلى بنظرة بتوترنى وكأنى نوع من الكائنات هيتحول فجأة وينقض عليه ياكله.
رغما عنها وجدت نفسها تضحك بقوة لتطالعها (أمنية)بإستنكار قائلة:
-إنتى بتضحكى ياقمر؟
قالت (قمر)من وسط ضحكاتها:
-معلش ياأمنية، غصب عنى. تخيلت المنظر ومقدرتش أمنع نفسى من الضحك.

وجدت (امنية )نفسها تشاركها ضحكها وهي تقول:
-تصدقى المنظر فعلا يضحك. يضحك قوى. قوى.
لتردف وقد بدأت عيونها تتغشاها الدموع قائلة:
-يضحك لدرجة إنى مش قادرة أمسك دموعى.
طالعتها (قمر)بعطف بينما (امنية)تردف بمرارة:
-تعرفى إيه المشكلة؟!
رمقتها (قمر)بعيون حائرة، فأردفت بألم:.

-المشكلة إنى حاسة إن صادق كمان شايفنى كدة، والمشكلة الأكبر إنى بدأت أشوف نفسى زيهم، خطافة رجالة فعلا ماأنا حبيته وهو راجل متجوز ومعاه طفل...
قاطعتها (قمر)تمسكها من كتفيها قائلة بحزم:.

-لغاية هنا وإستوب، ممنوع تتكلمى عن نفسك بالشكل ده، إنتِ مش ممكن تكونى خطافة رجالة، لما عرفتى صادق من خلالى وخلال اكرم أما جيتى تزورينى هنا فى المزرعة. كنا إحنا الاتنين عارفين إن علاقته بمراته منتهية أساسا والسبب مش قليل وانتِ عارفة، كانوا عايشين مع بعض بس عشان خاطر الولد بس لما حبك مبقاش فيه مجال يضحى بيكِ ويكمل، إتمسك بقلبه وبفرصته التانية مش عيب ولا حرام، طلاقهم كان قرار طبيعى جدا وهييجى هييجى، انتِ بس كنتِ سبب فى التعجيل بيه، اوعى تفكرى بالشكل ده تانى وإلا هتفتحى على علاقتكم ابواب جهنم مش هتقدرى تقفليها تانى.

نظرت إليها (أمنية)وهي تفكر فى كلماتها، تدرك انها على حق تماما يخبرها عقلها بذلك مرارا وتكرارا، ولكنها أرادت سماعه من طرف آخر ليرتاح قلبها الذى أنهكه الظن.

كان يتنقل بين جنبات الحديقة يشعر برغبة فى إستنشاق الهواء فقد إختنق بما يكفى، كان مُجبرا على الحضور إلى هذا المكان مع والده وزوجة أبيه ولكنه بالتأكيد ليس مُجبرا على تحمل أحدهم خاصة تلك الصغيرة الفضولية (شمس)، تسأله العديد من الأسئلة والتى تمس جراح قلبه فتؤلمها، إلى جانب انه لا يطيق الفتيات حقا فهن ثرثارات، توقف وهو يتنهد يطالع محيطه بصمت لقد إبتعد عن المنزل كثيرا وربما آن أوان عودته، إستدار عائدا ولكنه مالبث ان توقف وهو يلمح هذا الكوخ، لم يلفت إنتباهه ذلك الكوخ قدر الصبي الذى يجلس أمامه منكبا على إصيص من الزرع يقبع أمامه على طاولة صغيرة يمسد محتواه بيده، ربما هذا الصبي وحيدا مثله ويجد فى زراعته تلك ما يؤنس وحدته، تقدم من الصبي بخطوات بطيئة فحانت من الصبي نظرة إليه ليتوقف عما يفعل ويمنحه إبتسامة شجعته بكل تأكيد على التقدم ليصبح أمامه تماما، قال الصبي مبادرا:.

-إنت تبقى أخو شمس؟
هز (فارس)رأسه نافيا وهو يقول:
-أنا إسمى فارس، فارس المسيرى، وإنت؟
نهض الصبي وهو يمد يده إليه قائلا:
-تيام السلاطينى.
نظر (فارس)ليد(تيام)فى القفاز فإبتسم(تيام)وهو يسحبها ويخلع عنه القفاز المغبر قائلا:
-معلش اصلى كنت بزرع.
ثم مد يده له مجددا فسلم عليه (فارس)ثم دعاه (تيام)للجلوس فجلسا سويا قبل ان يقول (تيام):
-فارس المسيرى، انت قريب سارة؟!
هز(فارس)راسه قائلا:
-اخوها.
طالعه(تيام)بدهشة قائلا:.

-غريبة، سارة ملهاش أخ.
قال فارس:
-أنا اخوها من الأب بس وكنت عايش مع ماما فى المنصورة.
قال(تيام):
-صحيح افتكرت. انت جاي تزورههم؟!
حاول (فارس)تغيير الموضوع قائلا:
-بتزرع إيه؟
نجح بالفعل فى تبديل إهتمام (تيام)الذى نظر إلى إصيصه قائلا:
-لسة مقررتش، انا يادوب بحضر المكان اللى هزرع فيه.
ليرفع ناظريه ويطالعه قائلا:.

-أصلنا لازم نختار مكان مناسب للزراعة الشمس تكون واصلاله ولازم نختار بذرة كويسة ومناسبة للتربة، على فكرة. الزرع فى إصيص اسهل طبعا من المكان الكبير، وكمان اسهل فى نقلها ناحية الشمس.
قرن قوله بتحريك الإصيص يمنة ويسارة حتى وصلته أشعة الشمس، مردفا:
-بس لازم نرفعها عن الأرض. بالظبط كدة، ولازم ناخد بالنا منها علطول نرويها وننضفها، واهم حاجة نختار النبات القصير مش الطويل عشان ميتعبناش.
طالعه(فارس)قائلا:.

-عرفت الحاجات دى كلها منين؟
هز (تيام)كتفيه قائلا:
-أنا عايش فى مزرعة واكيد لازم اعرف إزاي ازرع، ده غير إن ماما بتحب تزرع وعرفتنى شوية حاجات تخلى زرعتى دايما حلوة وتكبر بسرعة.
نظر (فارس)إلى الكوخ قائلا:
-إنت عايش هنا انت وأهلك؟!

قبل أن يجيبه (تيام)، فُتح باب الكوخ وظهر على عتبته كل من( قمر) و(أمنية)، لينهض (فارس)ببطئ وهو يطالعهما بينما تأملته (أمنية)بدهشة وقبل ان تنطق حرفا إستدار على عقبيه مغادرا بسرعة، وسط حيرة(تيام).
بينما نظرت (أمنية) إلى (قمر) بنظرة. أرأيتى؟! لتهز (قمر)رأسها بصمت ترسل لها نظرة متعاطفة.
قال(صادق)بجدية:
-يعنى إنت ناوى تهتم بالمزرعة بجد.
قال(أكرم):
-أكيد طبعا، أمال إشتريتها ليه يعنى؟

طالعه (صادق)بنظرة ذات مغزى، فزفر (اكرم)قائلا:
-مهما كانت دوافعى التانية فدافعى الأساسى هو المزرعة دى، انت عارف إنى إتربيت فيها طول عمرى وعارف بحبها قد إيه كمان، ومهما حصلى فيها من أصحابها فهتفضل المكان اللى بحس فيه إنى بقيت بالوطن.
قال(صادق):
-يعنى ناوى على إيه؟المزرعة حالتها وحشة اوى، وده مش كلامى وبس ده كلام الحاج فاضل كمان.
قال(أكرم)وقد رقت ملامحه:.

-أهو الحاج فاضل ده كان من أسباب رجوعى المزرعة، حبه ليها وزعله عليها مش ممكن وكأنها بتاعته، ياما طلب منى أرجع وأنقذها من إيدين حاتم بس غصب عنى مقدرتش.
مال(صادق)بجسده تجاه (اكرم)قائلا بإهتمام:
-وإيه اللى غير رأيك دلوقت؟
نظر (أكرم)إلى(صادق)مباشرة وهو يقول:
-موت أمي.
قال (صادق):
-الله يرحمها، بس ياأكرم..
قاطعه(اكرم)قائلا:.

-الكلام فى الموضوع ده منتهى ياصادق واظن إن إحنا إتكلمنا بما فيه الكفاية عنه، وأنا لسة مقتنع باللى فى دماغى ومش هغيره.
تراجع (صادق)وهو يزفر قائلا:
-واضح طبعا.
قال(أكرم):
-المهم. خلينا فى المزرعة، واللى كان السبب فى تدميرها.
قال(صادق):
-حاتم السلاطينى.
قست عينا (أكرم)وهو يقول:.

-بسبب إستخدامه المبيدات الحشرية بوفرة طبعا دمر التربة، والمصيبة انها كانت من النوع اللى مش مترخص يعنى أسوأ ما يكون قضى بيها على الهوا اللى حوالين التربة ودهورها وأفقدها خصوبتها، ده غير انه قضى بيها على البكتيريا اللى تحت الأراضى الزراعية واللى بتديها الخصوبة وبتخليها أكتر قابلية على الإنبات.
أخذ نفسا عميقا قبل أن يردف:
-وعشان طمعه كمان قام بزرع مستمر للتربة ومداهاش أي راحة، وده طبعا كمل عليها.

قال (صادق)بإهتمام:
-طب والحل، هتتصرف إزاي؟
تراجع(اكرم)فى مقعده قائلا:.

-الموضوع كبير، ومحتاج وقت وصبر ومجهود. ماإحنا لازم نرجع التربة لحالتها الطبيعية، ممكن نستخدم تقنية تناوب المحاصيل عشان نريح التربة، وممكن نعمل كمان مصدات للرياح فى مناطق معينة منها وهنحاول نغطى جزء من التربة بزراعة الأشجار والأعشاب عشان نحافظ على التربة فى مكانها، كمان إستوردت مجموعة هايلة من المبيدات الحشرية، اننا نرجع المزرعة زي ما كانت موضوع مش سهل ومحتاج زي ماقلتلك وقت وصبر ومجهود، بس أنا هفضل وراها لغاية لما أرجعها لأصلها.

قال(صادق):
-إنت قدها وقدود ياأكرم، درست الزراعة و بتحب المكان هنا وكنت عايش فيه طول عمرك، يعنى مفيش غيرك يقدر على التحدى ده ويكون قده.
طالعه(اكرم)وهو يهز رأسه بهدوء.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة