قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الثاني عشر

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الثاني عشر

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الثاني عشر

نحن لا نختار من نحب ولكننا نجد أنفسنا عاشقين وحسب، وحين يجرحنا معشوقنا لا نستطيع كرهه مهما حاولنا، ندرك أنه قد خذلنا واجتث الربيع من قلوبنا وأرسل البرودة والصقيع بدلا منه. حطم الأمانى وأبدلها بخطوط اليأس وترك فقط ذكريات مؤلمة واطلال حب اندثر مع سكين الغدر والخيانة، ترك ذكريات تعتصر القلب بلهيب الألم.

ورغم كل ذلك حين يُذكر الحب لا نرى وجه آخر سوى وجه الحبيب. تتمثل صورته فى خيالنا مصحوبة بحروف إسمه وكأنها معزوفة ألم ترسخ فى وجدان آمن أن العشق هو هذا القلب، ولا قلب آخر سواه.
وقد ظهرت صورتها أمامه فجأة حين ذُكر الحب وتمثلت أمامه بنظرات عيونها العاشقة تنادى حروف إسمه بنغم فتطرب آذانه وتجعله هائما فى كينونتها، يود لو مد يده واحتضن صورتها ولكن عقله يرسل له التحذير بكل قسوة.
أفق من غفلتك أيها الأبله.

دعها ترحل عن مُخيلتك.
وأزِل ذلك الرابط بينها وبين العشق.
فالعشق بريئا منها وقد زرعت فى قلبك أكثر الجروح إيلاما.
حين طعنتك بغدرها وقتلت نبضات خافقك.
وجعلتك تُشيّع القلب الذى ماأذنب بشيء سوى أنه أحب وأخلص فى الحب.
أُطرق أبواب النسيان واعلن برائتك من العشق.
اطلق سراح قلبك فقد أرهقه الغدر وأنهكته الذكريات.

طالعها للحظات فى صدمة وارتباك، لم يكن يتخيل يوما أن تحمل له(هند)فى قلبها مشاعر حب، حاول ان ينفض صورة (قمر)التى اطلت بمخيلته وهي تعترف له بمشاعرها بالماضى ولكن شتان بين شعوره الآن وشعوره حين صارحته(قمر)بمشاعرها، فما حمل قلبه الآن سوى إرتباك صدمته بينما بالماضى كان يخفق بجنون ويقفز من السعادة وقد شعر أنه ملك الدنيا ومافيها، كم كان غِرا ساذجا يستأهل كل ماحدث له، افاق من أفكاره على صوتها وهي تقول:.

-أكرم رد علية، أنا واقفة قصادك بعترف ليك بمشاعري بكل صراحة.
طالعها للحظات أخرى قبل ان يقول بهدوء:
-بصراحة انتِ فاجأتينى، مكنتش اتصور أبدا ان ممكن يكون فى قلبك مشاعر ناحيتى.
عقدت حاجبيها قائلة:
-ليه بقى؟
هز كتفيه قائلا:
-مش هقولك عشان فرق السن اللى بينى بينك..
قاطعته قائلة:
-فرق ايه؟ده كل الموضوع عشر سنين.
رفع حاجبه قائلا:.

-بالظبط. ورغم ان العشر سنين بالنسبة لى فرق سن كبير لكنه ممكن بالنسبة لك ميكونش كبير وعشان كدة مش هخليه سبب يمنع وجود مشاعر زي دى، لكن انتِ عارفة انى واحد مرتبط ومش هيفيدك حاجة انك تحبى واحد قلبه مشغول بواحدة تانية.
طالعته بشك قائلة:
-بس اللى أعرفه انك مش مرتبط، مراتك ماتت من خمس سنين و..
إتسعت عيناها بصدمة وهى تقول:
-اوعى تكون بتقصد قمر؟!
طالعها بنظرة ذات مغزى لتعقد حاجبيها بشدة قائلة:.

-مش معقول، بعد كل السنين دى لسة بتحبها؟
قال بهدوء:
-قمر هتفضل اول حب فى حياتى وآخر حب.
قالت بدهشة:
-بعد ماإتخلت عنك زي ماقُلت لبابا.
قبض على يده بقوة يحاول أن يبدو لا مباليا، رغم إن تلك الكلمات يإنّ لها قلبه وقد لخصت النهاية لوهم الماضى، ليقول بصوت بدا طبيعيا:
-كان سوء تفاهم وأول ماعرفت الحقيقة رجعت عشانها.
طالعته بشك قائلة:
-ولما انت راجع عشانها، مشغلها عندك خدامة ليه زي مابابا بيقول.

لعن(أكرم)لسان والدها الزالف والذى أخبرها بكل شيء يجعل من الصعب عليه الفكاك من حصارها، ليقول بعد لحظة:
-هزار تقيل ممكن. أو عقاب بسيط على سوء التفاهم اللى حصل. مش مهم، المهم انى فعلا راجع عشانها وفى النهاية مشاعرك وعلى الرغم من انها بترضى غرورى كرجل لكنها بالتأكيد مش فى محلها وعشان كدة بنصحك تفكرى فى إبن عمك، من كلام باباكِ عنه أنا شايف انه أكتر من مناسب ليكِ وبعدين شوفيه الأول و قررى.

طالعته بحنق قائلة:
-بس انا مش عايزة أشوفه ولا...
قاطعها قائلا:
-قلتلك إديله فرصة وأوعدك مش هتندمى، انا هروح أقول لعمى فاضل حالا انك موافقة تقابليه وهعزمكم كلكم تقضوا يوم عندى فى المزرعة، إتفقنا؟
لم ينتظر ردها وإنما إنطلق مغادرا بسرعة، بينما تنظر هي فى إثره بغيظ قائلة بحقد:.

-وانا اللى قلت إن السكة فضيتلى، رجعتى تنطيلى فى الحكاية زي المصيبة وتاخديه منى تانى، بس مش عارفة ليه حاسة إن اكرم بيكدب علية، عموما هروح المزرعة بنفسى وأتأكد ولو صح إحساسى يبقى مش هسيبك غير ودبلتك فى إيدى الشمال ياأكرم، والمرة دى أنا اللى هفوز بقلبك و، إسمك.
لتبتسم بإنتصار وعيون تلمع فرحا.
قالت(قمر)فى رعب:.

-والله حرام عليكى ياشيخة، كل أما آجى أبات عندك تفرجينى على فيلم رعب ينشف الدم، ويحرق الأعصاب. هو أنا ناقصة.
قالت(أمنية)ضاحكة:
-أعمل إيه بس؟ماأنا بحب أفلام الرعب وصادق مبيحبهاش ومابصدق ألاقيكِ معايا عشان أتفرج، ماانا مبحبش أشوفهم لوحدى.
وكزتها (قمر)قائلة:
-انتِ بتحبيهم بس أنا ذنبى إيه أعانى من الكوابيس بعدها لمدة أسبوع؟وبعدين حد يتفرج على فيلم من أوله لآخره قتل وموت بطريقة بشعة.
قالت(أمنية):.

-ده فاينال ديستنيشن يابنتى، حد مبيحبش السلسلة دى! أنا اتفرجت على جزئين منها قبل كدة وده التالت ولو نزل خمسين جزء هتفرج، الفيلم روعة.
نهضت (قمر)قائلة:
-طب خليلك الروعة ياأختى وسيبينى أدخل أنام، أنا أعصابى مبقتش متحملة.
أمسكت(أمنية)ذراعها تمنعها من الرحيل قائلة:
-طب خلاص خلاص ياستى، وآدى التلفزيون قفلناه.
لتغلق التلفاز بينما تردف:
-أقعدى أنا عايزة أتكلم معاكِ فى موضوع.
جلست (قمر)مجددا وهي تقول بفضول:.

-خير ياأمنية.
قالت (أمنية):
-خير إن شاء الله، إنتِ ملاحظة طبعا إنسجام فارس مع تيام وارتياح فارس ليه، مش كدة؟
هزت (قمر)رأسها إيجابا، فإستطردت (أمنية)قائلة:
-طيب إيه رأيك لو تخلى تيام معانا الأسبوع ده، منها الجو هنا أحسن من الكوخ عشان صحة تيام ومنها كمان فارس ياخد عليه اكتر ويحب وجوده معانا.
قالت(قمر):.

-والله ياأمنية أنا معنديش مانع على الفكرة عموما بس بصراحة مقدرش أقعد أسبوع بعيد عن تيام، مقدرش اقعد يوم واحد حتى مشوفوش فيه، انتِ أم وعارفة قد إيه صعبة الحكاية دى.
ظهر الإحباط على وجه (أمنية)فأردفت (قمر)بإبتسامة:
-بس فيه حل للمشكلة دى.
قالت(امنية)بلهفة:
-إيه هو؟!
قالت(قمر):.

-أخلى عم مرزوق السواق يجيب تيام ليكم كل يوم الصبح وياخده المغرب وبكدة هكون مطمنة عليه طول النهار لانى مببقاش موجودة معاه وآخر النهار يبقى فى حضنى ومعايا.
قالت(امنية)بسعادة:
-فكرة حلوة قوى.
إكتفت(قمر)بإبتسامة راضية، لتقول(أمنية)بقلق:
-بس أكرم هيرضى يبعت تيام مع السواق بتاعه؟
قالت(قمر):
-لأ طبعا.
ظهر الاحباط مجددا على وجه(أمنية)فأسرعت (قمر)تقول:
-مش لازم يعرف.
طالعتها(أمنية)بحيرة فاردفت (قمر):.

-متقلقيش انا هتصرف، عم مرزوق بيحبنى ولو طلبت الخدمة دى منه مش هيتردد وهيعملها.
إبتسمت(أمنية)وملامحها تنفرج قائلة:
-وهو الباشا عامل معاكِ ايه دلوقتى؟
تنهدت (قمر)قائلة:
-زي ماهو، قاسى وعنيد وبيحاول يذلنى بأي طريقة، أوقات بحس ان اكرم اللى عرفته زمان مكنش موجود غير فى خيالى وبس، واوقات بلوم نفسى انى مشفتوش على حقيقته قبل كدة، بس..
صمتت فإستحثتها (أمنية) قائلة:
-بس إيه؟
قالت(قمر):.

-أوقات تانية بشوف اكرم اللى عرفته مستخبى جوة عنيه، بيحاول يخرج بس كأنه مسجون جواه وأكرم بيقاوم اطلاق سراحه بكل قوته.
قالت(امنية):
-بس الوضع اللى انتِ فيه ده ميرضيش حد ياقمر، وضع غريب ومش طبيعى ولازم تكون له نهاية.
تنهدت(قمر)قائلة:.

-أوقات كتير طاقتى بتنفذ وبحس انى هقف وأقوله انا قدامك اهو. إسجنى وخد بتارك منى وريحنى، السجن هيكون اهون عندى من الذل ده، السجن هيكون اهون عندى من قربك وانت بالشكل ده، السجن ارحم من وجودى جنبك بقاوم بكل قوتى قلبى الضعيف اللى رغم كل اللى عملته فية لسة بيحبك وبيتمناك وبيتعذب بين رغبته فى كرهك بعد اللى بتعمله فية وبين رغبته فى انه يجرى ويترمى فى حضنك.
قالت(أمنية)بشفقة:.

-ياحبيبتى ياقمر، احساس صعب جدا بس بصراحة انتى متستاهليش كل اللى بيحصلك ده واللى يستاهل...
قالت(قمر)بحزن:
-لأ أستاهل، استاهل لإنى سلمت قلبى زمان لواحد ميستاهلش، استاهل لإنى رغم غدره بية وهروبه وأنا فى عز ماكنت محتاجاله لسة بحبه وعمرى مابطلت احبه.
تساقطت دمعة مع كلماتها الأخيرة، تبعها أخريات لتحتضنها (أمنية)على الفور وتشاركها دموعها التى إنهمرت، بلا هوادة.
قالت (نهال):.

-لأ النهاردة مش هينفع. عندى ميعاد مع عادل خطيبى، خليها بكرة.
صمتت للحظات تستمع لمحدثها قبل أن تقول:
-لأ طبعا، مقدرش اشوفك بعدها الوقت هيبقى متأخر وانا متعودتش أتأخر برة.
صمتت (نهال)ثم قالت بإبتسامة:
-تمام ياأحمد كدة كويس قوى، هشوفك بكرة الساعة خمسة فى كافيه أوليه، أهدى من الكافيه بتاع المرة اللى فاتت، متتأخرش. سلام.

تراجعت(رجاء) بسرعة إلى حجرتها حين انهت (نهال)محادثتها، لقد كانت مارة بجانب الحجرة فتوقفت حين تناهى لمسامعها صوت الفتاة وهي تنادى بإسم رجل آخر غير خطيبها، نظرت (رجاء)إلى نفسها فى المرآة وقد لمعت عيونها بالنصر وهي تقول:.

-بقى بتقابلى راجل غير خطيبك وفى مكان هادى كمان ياست نهال، يازين ماربيتى يا سوزان، لما نشوف رأي المحروس عادل فى الكلام ده، ولما يجيلك ويحكيلك على عمايل بنتك ياحافظ، وقتها هنشوف هتتصرف إزاي مع مراتك والبرنسيسة بنتها؟

جلس(تيام)داخل الكوخ يشعر ببعض البرد وقد عاد منذ برهة من منزل (أمنية)بعد أن تركه العم (مرزوق)امام الكوخ وأسرع ليحضر مخدومه، سعل قليلا وقد بدأت برودة الجو تؤثر على حالته الصحية، نهض ليحضر بخاخته ودثارا يلتحف به. أحضر بخاخته ثم توقف وقد رأى علبة الثقاب على الطاولة فطالع المدفأة بتردد، هل يحاول إشعالها لتدفئ جنبات الكوخ الباردة، ام ينتظر حضور والدته؟! لقد أخبرته والدته ان بها عطل ما، ربما إن حرك بعض الحطب بداخلها ثم أشعلها، تشتعل. او هكذا يأمل.

حسم قراره وإتجه إلى علبة الثقاب يأخذها بين يديه، ثم إتجه إلى المدفأة وجثا على ركبتيه، يحرك الحطب يمنة ويسارا، ثم أشعل الثقاب وقربه من الخشب حتى إشتعل. نهض يصفق بقوة ولكنه مالبث أن عقد حاجبيه وهو يرى تصاعد ذلك الدخان الأسود الكثيف من المدفأة بسرعة، سعل بشدة وقد تسلل إلى رئتيه بعض الدخان، فوجد صعوبة شديدة فى التنفس وبدا صدره يؤلمه ويصدر أزيزا، أخرج منشقة الإغاثة من جيبه واطلقها فى فمه على الفور ليشعر بقليل من التحسن ولكنه صدم بالدخان وهو يراه يعبأ المكان فوضع المنشقة فى جيبه بسرعة وهو يهرول محاولا الخروج من الكوخ قبل ان يختنق به ولكنه وقبل أن يصل للباب، أصابه دوارا ووقع مغشيا عليه ليسحبه الظلام بقوة ويصير وجهه شاحبا كالموتى.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة