قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الثامن عشر

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الثامن عشر

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الثامن عشر

تأملت (قمر)نفسها فى المرآة تُعدّل ياقة فستانها عُشبي اللون. مرت بيدها على طوق شعرها مرورا بخصلاتها ثم مالت تقترب قليلا من المرآة تمر بأناملها على حُمرة شفتيها ثم تتامل وجهها قبل ان تمسك المنديل وتمسحه بالكامل تاركة شفتيها بلونهما الطبيعي الجذاب ليقول (تيام)ضاحكا:
-ياماما انتِ كدة زي القمر، انزلى بقى عمى أكرم بعتلك دادة سعاد مرتين.
استدارت تطالعه بارتباك قائلة:
-بجد شكلى حلو؟!

هز رأسه بإبتسامة فابتلعت ريقها قائلة:
-طيب خلاص هنزل متنساش تاخد دواك بعد نص ساعة ومتلعبش كتير على تليفونك. مفهوم.
هز رأسه مجددا بإبتسامة قائلا:
-مفهوم. أى أوامر تانية؟
هزت رأسها بلا ثم قالت:
-ادعيلى.
قال لها بمرح:
-هو انتى داخلة حرب؟ده عمى فاضل وطنط هند اللى جايين لعمى أكرم، يلا ياماما توكلى على الله.
قالت بدهشة:.

-اتوكل على الله، ماشى ياتيام أنا نازلة بس لما هطلعلك هشوف بتتفرج على مسلسل ايه وأحذفه من التليفون.
رفع حاجبيه صعودا وهبوطا قائلا:
-هكون خلصته.
رفعت حاجبها قائلة:
-بقى كدة.
اقتربت منه مردفة:
-طب هاته.
اخفاه خلف ظهره قائلا:
-خلاص خلاص. أنا آسف.
حدجته بنظرة منتصرة قبل أن تستدير مغادرة بإبتسامة مالبثت ان اختفت مع اقترابها من الحديقة، حيث يجلسون.

كان (أكرم)يجلس بجوار العم (فاضل) على الأريكة بينما يجلس أمامه على مقعدين منفصلين كل من( هند )و(عبد الله)، وجده رجلا وقورا تبدو على ملامحه الرزانة، يخرج عن رزانته تلك ويبدو عليه الحنق تماما كلما تبسطت (هند)فى الكلام معه او ضحكت بصوت عال. حانت منه نظرة إلى باب المنزل. تأخرت(قمر)فى الحضور وبدات (هند)تحاصره بكلماتها ونظراتها، ترى ماالذى يؤخرها هكذا؟

احتبست أنفاسه وتعلقت نظراته بها وهي تطل من الباب بفستان بسيط عُشبي اللون ولكنه بدا رائعا عليها، يدرك تماما أنه يماثل لون عينيها، تركت شعرها مُنسدلا لأول مرة منذ عودته فتحررت خصلاته وأصبحت كأشعة شمس ذهبية تتهادى مع خطواتها الرقيقة، تتبع الجميع عيونه التى استقرت على شيء ما فوجدوها تقترب منهم بخجل، تعلقت بها كل العيون المعجبة والحاقدة حتى وصلت إليهم قائلة بصوت رقيق:
-مساء الخير.
قال العم(فاضل)بترحاب:.

-مساء النور يابتي، ما شاء الله طالعة كيف الجمر. صوح اسم على مسمى.
ابتسمت بخجل قائلة:
-تسلم ياعمى.
قال(عبد الله)بصوت امتزج فيه الفضول بالإعجاب:
-مش تعرفنا ياأستاذ اكرم، الآنسة تبجى خيّتك؟!
قال(اكرم)بصوت حمل حنقه:
-لأ مش أختي.
تمالك نفسه وهو ينهض يمسك بيدها وسط دهشتها ويسحبها إلى جواره لتجلس قائلا:
-قمر الجمال خطيبتى.
جلست بإرتباك فأردف قائلا:.

-انتِ عارفة طبعا الحاج فاضل وبنته هند، ده بقى يبقى ابن عمها وخطيبها عبد الله.
قالت(هند)بحنق:
-لسة مااتخطبناش.
رمقها (عبد الله)بنظرة باردة قبل أن يطالع عمه الذى طالعه بنظرة آسفة اقترب نفاذ صبره منها، ليعود بنظراته إليها هى، تلك التى خطفت انظاره بطلتها الرقيقة الجميلة وسحرته بخجلها. يخشى أنه لو تعرف إليها أكثر لتعلق بروحها وهى مع الأسف مرتبطة بآخر، قال(فاضل)بصوت ظهر به البِشر:.

-مبارك ياولاد، دى فرحة كابيرة وتستاهل احتفال.
قال (أكرم)بهدوء:
-فى الفرح بقى ياعمى.
قال (فاضل):
-والفرح ميتة إن شاء الله؟
قال(اكرم):
-قريب بإذن الله.
قال(عبد الله):
-بتدرسى يا آنسة جمر؟
فى تلك اللحظة هو يغلى من الغيظ حقاً وهو يلاحظ اهتمام (عبد الله )ولكنه حَجّم غيظه وكبته فى نفسه بينما لم تستطع الأخرى ان تحذو حذوه فقالت بسخرية:
-آنسة إيه بقى دى مدام ياابن عمى.

ضمت (قمر)قبضتيها فى حجرها وهى تطرق برأسها بينما عقد(عبد الله)حاجبيه فى حيرة، ليرمق الحاج (فاضل)إبنته بحنق قائلا:
-أرملة، جمر أرملة.
وجدت يده تمتد وتمسك بقبضتها تتخلل أصابعه أصابعها فرفعت إليه عينيها لتتقابل مع خاصته، وجدته يبتسم قائلا:
-فرقنا القدر زمان وجوزها باباها واحد غيرى بس رجع القدر ورضى علينا وجمّعنا.
تعلقت بنظرة عينيه الحانية قبل أن يشيح بناظريه عنها وهو يطالع (عبد الله)قائلا:.

-لما بنلاقى الحب الحقيقي صعب أوى نتخلى عنه مهما حصل.
نهضت(هند)قائلة بعصبية:
-أنا قايمة أتمشى حبة. المزرعة وحشتنى، هتيجى معايا تفرجنى عليها يااكرم؟
استند (أكرم)إلى مقعده قائلا:
-انتِ مش غريبة ومتربية فيها. خدى جولة وأنا هستناكِ هنا مع ضيوفي لما ترجعى.
طالعته بغيظ ثم سارعت بالمغادرة، ليقول العم (فاضل):
-جوم ياولدي معاها اتفرج على المزرعة هتعجبك جوى، يلا ياولدي عجّل.

نهض (عبد الله)، يتبعها على مضض بينما قال العم(فاضل):
-خجول جوى ولد أخوي وبنات اليومين دول عاوزين الراجل اللى يبهرهم بحديته، ربكم ييسر الحال وأفرح بيهم جريب كيفكم. معتعرفوش أنى فرحت كد إيه لما عرفت إن المية رجعت لمجاريها وعتتجوزوا أخيرا ياولاد.
كادت (قمر)أن تنفى هذه الكلمات ولكنه اسرع بالضغط على يدها قائلا:
-الحمد لله ياعمي ربنا يفرحك بيهم، مش تقومى ياقمر تشوفى سعاد خلصت ولا لسة؟

أدركت أنه يصرفها فهزت رأسها بإرتباك قبل أن تنهض مغادرة يتابعها بعينيه، ليقول (فاضل)بخبث:
-جلتلك إنك لسة عتحبها بس انت مصدجتنيش.
تنهد (اكرم)وهو ينظر إلى الحاج فاضل قائلا:
-لقيت الإنكار ممنوش فايدة واهو انا قدامك ياعم فاضل، بعترف إنى لسة بحبها وبتمنى اكمل حياتي معاها.
ربت(فاضل)على يده قائلا:
-مبارك ياولدي، عجبال ماأشيل ولدك على يدي كيف ماشلت تيام.

تجهمت ملامح (أكرم)وهو يتذكر طفلها الذى انجبته من (حاتم)بينما شعر(فاضل)بانه أخطا فى إنتقاء كلماته حاول الإعتذار ولكن (اكرم)سبقه معتذرا بأنه سيشرف على الاعدادات بنفسه ولن يستغرق سوى دقائق ثم يعود، نهض مغادرا فهز(فاضل)رأسه يمنة ويسارا قائلا:.

-شكلك عكيتها ياولد الحاج عتمان، مبجتش تفكر فى كلامك جبل ماتجوله زي زمان بس لازمن تاخد بالك، الماضى معجد وحكاويه مغفلجة وما صدجنا الحاضر ينصلح حاله. يبجى لازمن تاخد بالك او أجولك. اجفل خاشمك أحسن.
ضرب بعصاه الأرض وهو ينوى ان يقلل من حديثه عن الماضى او على الأحرى. يصمت عنه تماما.
قال (عبد الله)بغضب:
-انتى متزرزرة إكده ليه؟إيه اللى حوصل يعنى؟
قالت(هند)بغيظ:.

-مش عارف حصل إيه، عينك دى اللى كانت هتاكلها أكل وكانى مش مالية عينك، دى لوحدها كفاية تخلينى أتنطط من غيظى.
طالعها(عبد الله)للحظات فى صمت قبل ان يقول بهدوء:.

-اللى عيسمع كلامك عيجول إنك رايدانى وعتحبينى يابت عمى وعشان إكده عتغيرى علي، لكن أنى وانتى خابرين انك لا عتحبيني ولا رايدانى مش إكده؟يبجى التفسير المنطجى إهنه إنك عتحبى ذاتك وعشان إكده غيرانة منيها لإنها عتخطف النضر برقتها وخجلها، وعتنول اللى انتِ مش طايلاه.
طالعته بصدمة. لقد وصل لخبايا نفسها بسهولة، أحرقتها كلماته لتقول بغضب:.

-انت بتقول ايه يابنى آدم انت، مين دى اللى بغير منها؟دى حتة بنت غبية ضيعت من ايديها راجل تتمناه أي بنت، وراحت اتجوزت حيوان بس مفيش فايدة وكأنها عاملاله عمل راجع برده بيحبها وعايزها..
صمتت فجاة وقد اكدت له بكلماتها التى نطقتها دون وعى ظنونه، ليطالعها بسخرية قائلا:.

-الحب جدر مكتوب ممنوش هروب يابت عمى واللى عيحب صوح معيشوفش غير حبيبته كدامه مهمن حوصل، الراجل منينا لما بيحب بيخلص مش زييكم يابنات حوا، نصيحة منى خليكى فى حالك وملكيش صالح بيهم.
قال كلماته وإستدار عائدا بهدوء بينما ضربت هى الأرض بقدمها حنقا، تلعن جنس الرجال الاغبياء وتقسم أنها لن تترك(أكرم) حتى يصير لها، وحدها لا غير.

كانت تخرج من المطبخ حين وجدت يد تسحبها بقوة لأحد الاركان، طالعت صاحبها بدهشة وقد ظهر الغضب على ملامحه ولفحتها أنفاسه الساخنة. مرر عيونه عليها قائلا:
-كان لازم تلبسى الفستان ده مش كدة؟
ورفع يده يلمس خصلاتها المنسدلة مردفا:
-وكان لازم تسيبى شعرك؟
أخذت نفسا عميقا تهدئ به خفقاتها المتسارعة لقربه قائلة بإضطراب:
-ماله بس الفستان؟وفيها ايه لمااسيب شعرى.
كاد ان يقول.

الفستان يزيدك جمالا فتصيرين فتنة للنظر، وقد ثارت براكين غيرتي رُغما عنى والعيون تتعلق بكِ لأدرك فى لحظة أن قلبى مازال ملعونا بعشقك، اما خصلاتك الذهبية فتدفعنى دفعا لأمرر يدى بها وأميل لأتنفسها عشقا مع غمرة تريح خفقات قلبي التائقة لضمك بجنون، تتسارع حد الألم فاشعر بغصة فى صدرى لن تهدأ وتزول حتى تصبحين بين ذراعي.
غالب قلبه المتيم بعشقها قائلا:.

-وكأنك قاصدة تظهرى حلوة قصاد ضيوفنا او على الاصح ضيف واحد بالذات، بس ريحى بالك عشان الضيف ده خاطب وهيتجوز.
اتسعت عيناها بصدمة قائلة:
-انت بتقول ايه؟ضيف مين ده اللى أنا مهتمة بيه؟انت أكيد اتجننت، انا خلاص جربت حظى مرة ومش ممكن هعيدها تانى مهما كان السبب، حاتم خلانى..

قطعت كلماتها وقد غص حلقها بالقهر وغشيت عيونها الدموع وكادت تفصح عن ماضيها إليه وهذا آخر شيء تبغاه، لذا أطرقت بحزن بينما عقد (أكرم)حاجبيه قائلا:
-كملى.
تمالكت نفسها وهى ترفع عيونها إليه ببرود قائلة:
-كل اللى لازم تعرفه انى مستحيل افكر أتجوز تانى، قلبى قفلته من زمان وحياتي بقت تيام وبس. ومن فضلك عدينى عشان اطلع أطمن عليه هو وشمس واشوفهم لو محتاجين حاجة.

طالعها للحظات بصمت ثم أفسح لها الطريق لتسرع مغادرة بخطوات سريعة تطلق لدموعها العنان، بينما يتابعها بعينيه فى حيرة لقد شعر بوجود خطب ما عندما تطرقت لحديثها عن زوجها، كما استشعر صدقها حين تحدثت عن عدم تفكيرها بالزواج مجددا، ترى، ماالسبب؟!
كان عائدا للحاج (فاضل)حين وجد (عبد الله)يجلس معه قائلا:.

-صدجنى ياعمي، بتك مش رايدانى واصل وأنى معتجوزش غصب، وبعدين بتك لساتها صغيرة وطايشة وانى عسافر المانيا أشتغل إهناك سنتين بحالهم عشان أدرس المكن اللى عنجيبه للمصنع ومحتاج واحدة عاجلة ورزينة وهادية مش واحدة تخلينى الف وراها.
تنهد الحاج (فاضل)قائلا:
-جصدك واحدة كيف جمر مش إكده؟
قال(عبد الله):
-بالظبط ياعمي، الله فى سماه لو كنت شفتها جبل اكرم كنت كتبت عليها علطول بس الجواز جسمة ونصيب.

إلى هنا وكفى، اقترب منهم بنفس تغلى من الغيظ رغم ان كلمات هذا الرجل لم تخرج عن كونها كلمات ولكنه شعر بها امنية اثارت حنقه ليقول بهدوء لا يشعر به حقا:
-اتفضلوا الاكل جاهز.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة