قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية عندما شهدت مقتل أبي الجزء الثاني للكاتبة أفنان الفصل السابع عشر

رواية عندما شهدت مقتل أبي الجزء الثاني للكاتبة أفنان الفصل السابع عشر

رواية عندما شهدت مقتل أبي الجزء الثاني للكاتبة أفنان الفصل السابع عشر

ركضت نحو قيس وانا اصرخ غير مصدقة ما رأيته، لابد بأنه كابوس.
صوت كارمن كان كالصدى في عقلي.
- كارمن: أطلق النار على نفسه. لم افعل شيئاَ.
وقفت أسماء على بعد متفاجئة، وضربتُ قيس عدة مرات، ووضعت يدي على الحفرة التي كونتها الرصاصة في رأسه وكأنني أردت وقف النزيف، وكأنني أردت انقاذه، شعرت بيدين تحملانني، ولكنني قاومت. قاومت بكل ما أستطيع، أردتُ انقاذه، أردت انقاذه.

دماؤه تكسو يداي اللتان لا تتوقفان عن الرجف، أشعر بهمساته في أذني، دفء يداه حولي، أستطيع الشعور به، هو لم يمت، هو لم يمت، هو لم يمت، سيعود ويقابلني، سيعود.
أستطيع رؤية أسماء التي تجلس أمامي، وشفتاها تتحركان وهي تتحدث، عيناها الزرقاوتين، ذهب الغضب منهما، ليحل محلهما الدهشة، تحاول أسماء أن تتمالك نفسها، وأن تفهم ما حدث، ولكنها تنظر إلى بخوف، وقلق، ورهبة.

بقينا هكذا طوال الطريق، نحدق في بعضنا البعض، أرادت أسماء غسل الدماء ولم أدعها تفعل ذلك، وكأن هذه الدماء هي كل ما تبقى لي من قيس، ولم أرد غسله، ولم أرد تركه.

توقفت الحافلة، وترجلنا جميعاَ في الميناء، ولكن لم أستطع أن أتبعهم، قيس الذي أطلق الرصاص على نفسه لكي يحرر نفسه، أطلق الرصاص على روحي أنا أيضاَ، شعرتُ وكأن جزءاَ من جوهرة بقي في ذلك الجبل مع قيس، والجزء الآخر لم يرد سوى أن يضع رصاصة في رأس ريك، وبدر، وعدنان وكل من تسبب في تلك اللحظة، اللحظة التي فضّل فيها قيس الموت على العراك.
- أنا: اذهبوا، سأبقى أنا
انفعلت أسماء التي تتسع عيناها معترضة.

- أسماء: قيس مات، علينا فعل هذا من أجله. ومن أجل
- أنا: أبي أراد أن يجد مكة لأجلي انا ولأجل عائلته، اذهبي انتي وجدي مكة. وسأساعدك في كل ما ترغبين به. وسألحق بكِ لاحقاَ اعدك ولكن على قتلهم جميعاَ.
- أسماء: جننتي؟
- أنا: لا، سأعود، وستعطيني مفاتيح الحافلة. عليكِ قتلي او السماح لي بالذهاب.
نظرت أسماء نحوي وتشعر بالاستسلام ثم أخذت مفاتيح الحافلة وقدمتها لي، وقدّمت أيضاَ خريطة ما.

- أسماء: ليست الخريطة إلى مكة، ولكن هذه الخريطة ستأخذك إلى مخبأ والدك، وسيأخذكِ ذلك المخبأ إلى مخبأ آخر، بدأنا في اكتشاف الطريق إلى مكة منذ ثلاثة سنوات. وهذا المخبأ كان نقطة البداية، ستبحثين كما بحثنا نحن. ولن أقدم لكِ أية أجوبة. ان استطعتِ سنتظركِ هناك.
أومأت وأخذت المخطط والمفاتيح.
- كارمن: سأذهب معها
تفاجأت أسماء وهي معترضة.

- كارمن: عملي هو أن أكون حارسة. ومقاتلة، لم تريني اية من المخططات نحو مكة، ولن استطيع كشف اي معلومة ستودي بكم، ولكن أريد القتال. وهذا ما أردت فعله منذ زمن. وانتي تعلمين ذلك يا أسماء
- أسماء: لا جدوى من القتال، القتال هو ما دفع هذا العالم إلى هذه النقطة من الانهيار.
- كارمن: أريد القتال، أريد أن آخذ بحق والدي واخوتي.

عدتُ إلى البيت برفقة كارمن، فتحتُ الدرج لأكشف عن مجموعة من الحُقن التي احضرها قيس لي سابقاَ لأتخطى ما حدث لآدم، تفاجأت كارمن عندما رأت تلك الحقن، وحقنت نفسي للحظات، حقنت نفسي بثلاثة حقن، كي أتخدّر، كي أتخطى ذلك الألم، ولكن لم أستطع، شعرت بهدوء، ولكن ذلك الألم بقي يلازمني، وفي هذه اللحظة أدركت، أن الألم سيصبح رفيقي، أن هذا الألم هو كل ما تبقى من قيس، وهو كل ما سأتمسك به.

استحممت بالماء الساخن لأرى دماء قيس التي تذوب في الماء لتكوّن مسبحاَ أحمر اللون تلامس قدماي، نظرت نحو الدماء، ورفعتُ نظري لأراه واقفاَ في زاوية الحمام، مبتسماَ، أغمضتُ عيناي، هيا أيتها الحقنة، أين مفعولك، اجعليني قوية، اكبتي هذا الضعف الذي أشعر به.
- صوت كارمن: هل انتي بخير؟
طرقت كارمن الباب، ولم أدرك بأنني كنت أبكي وأنوح بصوت عالِ، صفعتَ نفسي.

- يكفي، يكفي ضعفاَ، قتلوا والدك. قتلوا اصدقاءك، قتلوا قيس، اليوم هو يوم الحساب، لا دموع. لا حزن، لا ضعف.
تركتُ الغضب يتملكني تماماَ واستسلمت له، وهنا شعرتُ بالسكينة، ولم تدمع عيناي من بعد ذلك اليوم.
لبستُ فستاناَ ضيقاَ، ووضعت حمرة شديدة الحمار، كم يبدو الغضب جميلاَ على المرأة، كم يبدو الغضب جذاباَ، وكأن لهيب الغضب يزيد من نضارة الوجه، لم أبدو بهذ االجمال، وبهذه القوة يوماَ.

وقفتُ أمام كارمن بكعبي، وبفستاني الضيق، بينما كانت ثياب كارمن ممزقة، ثم بدأتُ بلكم وجه كارمن عدة مرات حتى شوهت وجهها.
وقف عدنان في منتصف غرفة الجلوس، وهو ينظر نحوي ثم نحو كارمن التي فقدت الوعي على الأرض، ثم نظر نحوي ولم يستطع عدنان مقاومة النظر نحوي، أدركتُ بأن هذه الخطة ستنجح حتماَ.
نظر عدنان إلى كارمن.
- أنا: قتلوا قيس، واستطعت الهرب.
نظر عدنان إلى كارمن التي تبدو في حالة سيئة جداَ.

- عدنان: انتي من فعل ذلك؟
- أنا: عندما رأيت قيس جثة هامدة أمامي لم استطع تمالك نفسي، هربت واحضرتها معي لكي تحققا معهم. أريد أن يموتوا جميعاَ.
نظر إلى عدنان دارساَ تعابير وجهي، رن هاتفه وأجاب.
- عدنان: وجدتموه؟ والبصمات؟ اها. حسناَ.
ينهي عدنان المكالمة، ونظر إلى غير مصدق ما سمع.
- أنا: وجدوا الجثة؟
- عدنان: نعم
- أنا: سيحاولون قتلي.
- عدنان: انتي في حمايتنا
- أنا: أريد قتلها
- عدنان: بعد الاستجواب.

أومأت وانا ابتسم، نظر إلى عدنان وهنالك نوع من الخوف وعدم الفهم في عينيه، وكأنه لا يعرف من هذه المرأة أمامه.
- أنا: أريد مقابلة ريك. أملك معلومات ستهمه.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة