قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية عندما شهدت مقتل أبي الجزء الثاني للكاتبة أفنان الفصل الثامن عشر والأخير

رواية عندما شهدت مقتل أبي الجزء الثاني للكاتبة أفنان الفصل الثامن عشر والأخير

رواية عندما شهدت مقتل أبي الجزء الثاني للكاتبة أفنان الفصل الثامن عشر والأخير

لم يعرف ريك بأنني قضيتُ يوم بأكمله مع كارمن قبل أن أرسلتها إلى حبل المشنقة، لم يعرف بأن يوم واحد، 20 ساعة، يكفي لكي أتعلم ما يجب تعلمه عن الحرب، مبادئ القتل، وكيفية صناعة سلاح، ولا يعرف ريك بأن الغضب هو أخطر شعور يمكن أن يتملك الانسان، الغضب والألم قد يدفع الانسان لفعل ما لم يتخيل بأنه يستطيع فعله، ولا يعرف بأن الحب هو أخطر من الغضب بألف مرة.

كنتٌ أتوجه لزيارة ريك في النهار، أغريه بمدى علمي بعالم المضيئين وبمخططات مزيفة نحو مكة، كنت أغويه، وكان يراني بأنني فتاة قصيرة ضئيلة لا يمكن لها أن تضره بشيء.
وفي آخر الليل أنام ملتفة بمعطف قيس، أستنشق ما تبقى من رائحته، أشهر بذراعيه حولي، وأكاد أقسم بأنني في بعض الليالي الباردة، أشعر بدفء جسده، وكأنه هنا حقاَ لأفتح عيناي فوراَ وأرى بأنني لوحدي في هذه الغرفة القاحلة.

أوقعت ريك في غرامي، جعلت منه لعبة بيدي، ولم تكن الحقن كافية لتجعله يقاومني، ليطلب مني يوماَ الزواج منه، والانضمام إلى الجيش، الأمر الذي أثار قلق الحكومة التي لا تريد أن تصبح متمردة مثلي جزءاَ من هذا النظام.
- أنا: أستطيع أن ألهم المضيئين بأن هنالك فرصة ثانية، ان تراجعوا عن معتقداتهم. واعترفوا.

قلت ذلك أمام اللجنة النظامية لكي تسمح بهذا الزواج، السيد عادل، رئيس اللجنة، قام بالعديد من التجارب والامتحانات، ليتأكد بأنني لست بجاسوسة، ولم أكن جاسوسة حقاَ، بل كنتُ فقط امرأة غاضبة، ولكن لا يدرك الرئيس، ولا تدرك هذه الحكومة، أن المرأة الغاضبة هي أخطر من أعظم جواسيس العالم.

أومأ السيد عادل الذي أُعجب بفكرة ترويج هذه الحكومة، كحكومة تؤمن بالسماح والحب، وكأنها لم تكن هي نفسها من ارتكبت المذابح سابقاَ في حق البشرية.
تزوجت ريك وأصبحت جزءاَ من الجيش، والأفضل من ذلك، أنني أصبحت رئيسة على بدر، ذلك الخائن الذي أريد أن أراه يتعذب.
وفي شهر العسل، جلستُ على السرير بجانب ريك الذي كان كل جزء منه يثير الغثيان، ولكنني قررت أن أحتمل ذلك.
- أنا: بدر يثير قلقي.

قلتها وأنا أبدأ في المخطط الذي انتظرت عامين كاملين لكي أبدأ في تفعيله.
نظر إلى ريك وهو لا يفهم.
- أنا: لم أرد الكشف عن ذلك، لم أظن أنه بأمر مهم، ولكن بعد انضمامي للجيش أدركت بأن ما قاله مثير للقلق.
اقترب ريك ليقبلني بشفتيه الجافتين كالصخر.
- ريك: ماذا قال؟

- أنا: قال لقيس بأن لا يذهب معي وان لا يرافقني، ظننت أنه اراد ان يحذر قيس كصديق، ولكن الم يكن المخطط أن يذهب معي قيس إلى مكة حتى تستطيعون العثور على المكان؟
سألت متصنعة البراءة، ولكن لم يجب ريك، وفي ذلك الصمت أدركت أنني قضيت على بدر.
- ريك: هل انتي متأكدة؟
- أنا: نعم، قيس أخبرني بأن بدر أخبره بأن لا يذهب ولذلك لم يرد قيس أن أذهب، وعندما رفضنا اطلقت كارمن الرصاص على قيس.
- ريك: لا أحب ذلك.
- أنا: ماذا؟

- ريك: لا زلتِ تتذكرينه.
- أنا: المرأة التي لا تنسى حبيبها الأول. لن تنسى حبيبها الثاني.
- ريك: الثاني؟
- أنا: والأخير
قلتها وانا أقبل وجنته وتركته للاستحمام، تركته حتى يفكّر فيما قلته، وأترك المجال لعقله بأن يحبك المؤامرات، هكذا الرجال، كلمة واحدة تكفي لجعلهم يسهرون الليل بأكمله في حالة من القلق والذعر.

وكالعادة، استيقظت في اليوم التالي، لأخرج من هذا المبنى الرمادي الكئيب، ورأيت جثة بدر معلقة في الساحة، نعم الساحة، شعرتُ بالسعادة والسكون، وأكملت الركض حول الساحة والقيام بتماريني الصباحية دون أية ردة فعل، ولكنني لاحظت بأن ريك يراقبني عبر النافذة من بعيد، أرسلت له قبلة هوائية، ولكن شعرت بحالة من الاستياء في وجهه.
أثناء العشاء، جلس ريك في حالة من الصمت.
- أنا: مستاء؟

- ريك: لم تحزني على بدر، ظننت انكِ توقفتِ عن هذه الحقن.
- أنا: تريدني ان ابكي على رجل آخر؟
- ريك: لا ولكن، أصبحتي قاسية
- أنا: قاسية؟ هل انت من حزب المضيئين؟
سألتُ ونظر إلى ريك بغضب، وضحكتُ بصوتِ عالِ، ضحكتي بعثت الخوف في قلبه.
- أنا: لم أحزن لأن بدر خائن، لن أرحم حزب المضيئين لأنهم قتلوا قيس.
- ريك: ولكن ان اصبح قلبكِ ملكي، أليس على غضبك أن يهمد؟ ألن تنسي قيس وما حدث؟

- أنا: أرادوا قتلي انا ايضاَ يا ريك. كان ذلك اليوم هو اثبات بأن كل ما قاله حزب المضيئين هو كذب.
بقي ريك في حالة الصمت، الصمت الذي اسمعه دوماَ قبل أن يتم قتل من تسبب بهذا الصمت، شعرتُ بالقلق وكان على أن أتصرف.
- أنا: هل تحبني انا؟ أم تحب جوهرة الضحية التي تبكي مراراَ وتكراراَ؟ هل تزوجتني لأنك تريد ان تعيش مع فتاة من حزب المضيئين؟ هل كنتُ كبرنامج تلفزيوني يسليك؟
قلتها وانا اصطنع الغضب.

- ريك: جوهرة لم اقصد ذلك. لكن لا اريدكِ ان تصبحي مثل كل جندي هنا.
ألقيتُ الشوكة على الطاولة لأقدم له ما يريد، عرض من المشاعر والاستياء، تركت عقلي وقلبي يتذكران قيس حتى دمعت عيناي وصرخت بحزن وغضب.
- أنا: خسرت والدي، وقيس، واصدقائي، والآن بدر، على ان اتأقلم، على ان اتعلم ولم تدعني حتى افعل ذلك.
ركض ريك نحوي شاعراَ بالذنب، وحضنني وهو يهمس.
- ريك: انا اسف، آسف.

يا له من وغد، يا له من غريب اطوار، يثيره رؤية النساء في حالة من البكاء والغضب، ولكن من يلومه، فهذا المنظر شديد الندر في هذا العالم الخالي من المشاعر.

حانت ليلة الاعدام الكبير، وهي الليلة التي يتم فيها اعدام عدد من المضيئين الذين لم تتمكّن المستشفيات من علاجهم، ولا المصحة النفسية الكبرى من جعلهم يتخطون معتقداتهم، رغم أن الحكومة لا ترغب في تطبيق حكم الاعدام، وترغب الاعتماد أكثر على تقنيات مسح الذاكرة وما إلى ذلك، إلا أن الخوف يجب أن يكون جزءاَ من هذا النظام.

وفي تلك الليلة، هي الليلة التي انتظرتها مطوّلاَ، ارتديتُ ثيابي العسكرية، وأمسكتٌ بيد ريك لأذهب معه إلى قاعة الاحتفال الكبرى حيث يتواجد القادة والاطباء النفسيين وما إلى ذلك.
نظر الطبيب النفسي الخاص بي نحوي وهو يبتسم بارتباك، لا يعرف ان كان يجب ان يعاملني كصديقة أو زوجة لرئيسه أو مريضة سابقة، توجّهت نحوه لأحييه برسمية، وأكملت طريقي.

صوت الضحكات تتعالى، وكأن هذه الغرفة تحتفل بولادة حياة، لا موتها، حاولت أن أتصنع السعادة، حاولت أن لا أدع أعين الضحايا تلهيني عن خطتي، جلس الجميع في القاعة، وتمت عملية الاعدام أمامنا، وصفّق ريك بصوت عالِ لتتبعه الصفقات الأخرى.
وفجأة ودون سابق انذار، فُتح باب القاعة، ليدخل شاب يرتدي ثياب السجن وهو ينزف ويصرخ ويزحف.
- ريك: هل هذا جزء من العرض؟
همس ريك في أذني، ولم اجب.

زحف الشاب وهو يطلب المساعدة ولم يتحرك أحد، ركض الجنود نحوه ولكنني رفعتً يدي وأخرجتُ سلاحي لأتوجه نحوه، نظر نحوي الشاب.
- أنا: الموت للخونة.

قلتها بصوت عالِ وأطلقت الرصاص على رأسه، لنرى الجنود البقية ومن بينهم عدنان يركضون إلى داخل القاعة، ويبدو بأن الشاب قد هرب من السجن، ولكن لا يعرف أحد بأن هذا الشاب، هو كريم، شاب أرسلته أسماء لمقابلتنا، كريم الذي ابتلع قنبلة قبل أن يتم سجنه مساء اليوم، الشاب الذي هرب قبل أن يتم تفتيشه، نظرتُ نحو ريك، وأرسلت قبلة هوائية نحوه، وصفّق الجميع لي. عدنان نظر إلى متعجباَ.

توجَهت نحو عدنان، وبدأ الجنود بالذهاب إلى جثة كريم لسحبها.
- أنا: تصرف وكأن هذا جزء من العرض. حتى لا يتم سجنك ومعاقبتك على اهمالك.
أومأ عدنان ووضعت يدي حول ذراعيه لأخرج معه من القاعة، بينما يحمل الجنود جثة كريم ولكن عندما التفت نحو الجنود، وبقينا انا وعدنان واقفين خارج القاعة، وضع الجنود جثة كريم على الأرض ثم نظروا نحوي، ووقف عدة جنود داخل القاعة وقفة تحية، تعجّب الضيوف.
- ريك: أوه عرض آخر.

قام الجنود بتحيتي، ولم يفهم عدنان هذه التحية ولكن سرعان ما أخرج من جيبه سلاح عندما استوعب ما قد يحدث، ولكنني اطلقت عليه النار قبل أن يطلق هو النار، وبعد لحظات، وعندما فاجأ صوت الرصاص الضيوف، أطلق الجنود النار على أنفسهم لتنفجر القاعة بأكملها.

وقفتً أمام ما يسمى بالبحر الميت قديماَ، أرشدتنا الخريطة إلى البحر الميت، وكان علينا استكشاف بقية الطريق إلى مكة بأنفسنا، ركضت جلنار نحوي وهي تلهث، تبدو شاحبة.
- جلنار: لا اصدق هذا، نجحت الخطة
نظرتً نحوها وأنا لا اصدق ما اسمع، لطالما شعرت بأن الجوهرة هي مجرد فتاة مجنونة، ولم أعر لخطتها ذلك الاهتمام، أرسلتُ كريم ليتفحص أمرها فقط ولكن لم يصلني خبر منه.

- جلنار: فجّرت قاعة الحكم، وبدأت بفوضى عارمة هنالك، أصبح الوضع كالحرب.
- أنا: واين هي؟
- جلنار: لا أعرف يا اسماء، كل ما اعرفه هو أن أحد الجنود شهد على جوهرة وهي تطلق الرصاص على الضابط عدنان قبل انفجار المبنى بأكمله، واتضح بأن من ابتلع القنابل. هم مجموعة جنود. لا السجناء.
جلستُ على الأرض، وأنا أشعر بالحزن والتوعّك أيضاَ، كم هي شجاعة، مثل والدها.
- جلنار: لن تسكت الحكومة الموحّدة على ما حدث.

- أنا: جلنار، علينا ايجاد مكة فوراَ، ستندلع حرب كبرى، وجيشنا هنالك.
- جلنار: ماذا تريدين أن أفعل؟
- أنا: ايقظي الجميع. علينا ان نتحرّك...

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة