قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية عندما شهدت مقتل أبي الجزء الثاني للكاتبة أفنان الفصل الثالث عشر

رواية عندما شهدت مقتل أبي الجزء الثاني للكاتبة أفنان الفصل الثالث عشر

رواية عندما شهدت مقتل أبي الجزء الثاني للكاتبة أفنان الفصل الثالث عشر

وضع قيس كتاب والدي أمامي على الطاولة، الكتاب الذي أخذه الرئيس ريك، وتفاجأت بفعلته هذه.
هل أعطاك الكتاب؟ سألته وانا مترددة من لمس الكتاب، هز قيس رأسه نافياً، وشعرت بأنه مختلف اليوم، كان صامتاً، وابتسامته مجاملة، عيناه تخفي أمراً ما. لم يتناول الافطار ولم يشرب سوى رشفة من القهوة.
اذاً كيف؟ سألت وانا اقطب حاجبي واحاول فهم ما يجري.

سرقته قالها قيس بصوت خافت. تراجعت وانا لا اصدق ما سمعته، ودفعت الكتاب.
أعده يا مجنون
افتحيه واقرئيه، لا تقلقي، علينا ان نعرف فحوى الكتاب. اريد ان اعرف أمسك قيس بالكتاب ووضعه بين يدي.
فتحت الكتاب وانا مرتبكة لأجد ان الصفحات مكتوبة بخط والدي. أخرج قيس جهازاً صغيراً وضعه بيننا.
ليمنع المتنصتين قالها بصوت خافض.

ديسمبر، الشهر الذي ولدت فيه ابنتي جوهرة، والشهر الذي سننهي فيه أول عملية، يظن جماعة النور أننا نخطط ونستعين بالاسلحة واننا خطر على سلامة الكون، ولكن لا يعرفون اننا بكلماتنا فقط استطعنا ان نستقطب المئات من شبابهم، الشباب الذين يريدون ان يشعروا، ان يحلموا، وان يختاروا، عندما كنت شاباً ظننت بأن الموت هو مصيري، عندما لاحظت بأن قلبي يخفق مجرد ان ارى فتاة جميلة، وان عيني تدمع عندما ارى حيواناً قد فارق الحياة تحت شجرة مثمرة، ظننت بانني اعاني من خلل، وادركت ان هذا الخلل هو نعمة من الله، تلك الدمعة كانت تشعرني بأنني انسان وانني على قيد الحياة، انتم معنا لأنكم تريدون ان تكونوا على قيد الحياة، انتم هنا لأنكم تؤمنون، ولأنكم تشعرون. - خطاب استقطاب شباب ديسمبر.

نظرت نحو قيس الذي كان يستمع بتركيز.
يبدو ان والدك كان من المستقطبين، وقد كتب خطاباته هنا. قالها قيس وهو ينظر نحو الكتاب.
ولكن لم افهم الخلل الذي كان يعاني منه، على العكس الكثير من الضوئيين. يبدو بأن والدي لم يختر ان يترك الحقن، وكأن شعوره هذا كان صدفة، هل فعل والده به كما فعل هو بي؟
سألت قيس وانا اقلب الصفحات بحثاً عن شيء اخر غير الخطابات، فقرة اكثر عمقاً.

وجدت فقرة بعنوان قيثارة وشدني ذلك بسبب الحلم الذي يراودني عن معزوفة قيثارة.

عزف شاب باسم ريك معزوفة قيثارة وهو جالس في زاوية من مبنى عسكري، كنت قد ذهبت لرؤية والده، تفاجأت بمعزوفته التي كانت آلية جداً ولكن بالوقت ذاته حملت بعض المشاعر والدفئ، توقفت ونظرت نحوه وهو يعزف، أكمل الشاب العزف ثم نظر إلى وهو يعزف، وابتسم ورفع حاجباً واحداً وقال: آخر مرة توقف رجل ليسمع معزوفة لي ودمعت عيناه. انتهى به المطاف في المشنقة ضحكت لما قاله ودخلت المبنى، ذلك الفتى حمل عينين من اغرب العيون التي رأيتها، وكأنه يستهزئ من هذا العالم بأكمله، من والده رئيس الاقطاعية ومن المضيئين ومن جماعة النور.

قرأت وانا مندهشة من هذه الصلة الغريبة.
قابل والدي الرئيس ريك في شبابه، قلتها ونظر قيس نحوي متفاجئاً.
كيف استطاع والدك دخول منطقة العساكر؟ سأل قيس.
كانت هذه المنطقة محاطة بالكامل بالعساكر، ولا يعيش هنا سوى عائلات العساكر والمنبوذين من المجتمع، والسجناء، وهذه المنطقة خالية من البيوت الملونة والاعلام المختلفة للاحزاب. ولا يستطيع احد دخول المنطقة دون ان يكونوا احد هذه المجموعات الثلاث.

قلبت الصفحات ووجدت رسمة ومخطط غريب لمبنى ما، وكتب فوق الرسمة عنوان مسجد.
ما هذا؟ سألت قيس وقدمت له الكتاب وقرأ بصوت عال.
م. س. ج، د قطب قيس حاجبيه وقلب الصفحات.

قبل قرون، امتلأت الارض بمعابد ملونة ومساجد شامخة، اصوات جرس الكنائس ونداء المساجد للصلاة اضفت نوع من الحياة على الكرة الارضية، الحكومة الواحدة دمرت جميع المعابد لكي تبيد فكرة الدين من الارض، وبدلاً منها تم بناء المراكز العسكرية لتصبح الحكومة الدين الاول والاخير للشعب، اليوم بدأنا في تخطيط بناء اول مسجد سري.

قرأ قيس بصوت عال واقتربت منه لأرى المخطط، ولكن ما ان تلامس ذراعينا ابتعد قيس. نظرت نحوه باستغراب.
على الذهاب
ما بك؟ سألت وانا متعجبة.
سأحاول تصوير او طباعة الكتاب دون ان يراه احد قال قيس وقد اخذ الكتاب ووضعه في جيبه.
نظر إلى قيس وشعرت بارتباكه. سألته مجدداً وعندما سألته لم تمر لحظة صمت بيننا.
ما بك يا قيس؟
ماذا سيحدث اذا قلت لك بأنني، ربما استرجعت ذكرياتي
هل استرجعت ذكرياتك؟

سألت وانا آمل بان يجيب بنعم، ولكن في الوقت ذاته خفت من ان يجيب بنعم، نعم، كلمة تحمل الكثير من الاحتمالات، ها أنا قد تقبلت مصيري الكئيب هذا، وها أنا بدأت انظر الى الامور بسخرية واتساءل حقا عن سبب وجودنا في هذا العالم، واجابة نعم قد تعيدني في لحظة واحدة الى الماضي، الى جوهرة التي ستقاوم كل شيء من اجل ان تعيش كما تريد.
ربما قد يتحقق حلمك، ربما انا اقع حقاً في حبك.

قالها قيس بنبرة حزينة جعلتني استاء، وجرحت كرامتي.
قد يتحقق حلمي؟ من تظن نفسك؟ صرخت وتفاجأ قيس بردة فعلي.
أليس هذا ما كنتِ ترغبين به؟ سأل قيس بنبرة حادة وكأنه يلومني على المشاعر التي تخالجه.
ما ارغب به هو عودة قيس القديم، قيس الذي كان راعي القطيع وليس فرداً من القطيع، ماذا اريد منك انت؟ قد يتحقق حلمي؟! تبا وسحقاً لغرورك الذكوري هذا، اذهب واعشق ضفدعاً لأنك لن تجد فتاة تبادلك الشعور في هذا البيت.

قلتها بانفعال كبير وركضت نحو الباب مشيرة له بالخروج، تسمر قيس في مكانه مندهشاً من ردة فعلي، واندهاشه جعلني اغضب اكثر، الرجال حقاً اغبياء.
جوهرة، اعترفت لكِ بمشاعري وانتِ تعاملينني هكذا؟
قالها بصوت منكسر كاد ان يجعل قلبي ينفطر ولكن عزة نفسي صفعت قلبي صفعة جعلتني احدث قيس بحدة.

أتسمي هذا اعتراف؟ شعرت وكأنك تبلغني بأنك مصاب بمرض ما، أهكذا يعترف الرجل بحبه؟ كما انني سألتك عن ذكرياتك لا عن مشاعرك، لا اهتم بمن تحب اصلاً.
أليست ذكرياتي متصلة بمشاعري؟ اليس حبي لكِ يعني ان ذكرياتي قد عادت؟ قالها قيس ولم افهم ما يعنيه.
حدقت به دون ان اجيبه مقطبة الحاجبين متعجبة منه.
ما دخل الذكريات بمشاعرك؟، ما خطبك يا قيس، تتحدث كالمجانين اليوم!

انا لا اريد الكذب! صرخ قيس بجملة أخرى لا تحمل اي معنى.
ومن قال لك ان تكذب؟
سادت لحظة صمت بيننا ثم فتحت الباب.
اخرج وعد عندما يعود صوابك. او عندما تقرر ان تتحدث معي دون ان تخفي امراً ودون اي غموض
توجه قيس نحو الباب ولكن أغلقه، ثم وقف أمامي على بعد سنتيمترات قليلة، شعرت بأنفاسه المتسارعة ووضعت يدي على صدره لأبعده قليلاً ولكن شعرت بنبضات قلبه ايضاً.

اريد الزواج قالها قيس وهو يحدق في عيني، ولم أر سوى الصدق والجدية في عينيه.
انت جننت اليوم قلتها وقد ابتعدت ولكنه امسك بذراعي بقوة وكأنه يخشى ان اختفي في اية لحظة.
تزوجيني، كي اصبح جزءاً منكِ وتصبحين جزءاً مني. تزوجيني كي نصبح كياناً واحداً
لماذا تتحدث وكأن حرباً ستندلع اليوم، ولا نملك الوقت؟

سألت وانا اخشى حقاً من كلماته، نعم اعشق قيس، ونعم هو الرجل الوحيد الذي أستطيع ان أشعر بالأمان حوله، ولكن هل هذا هو قيس حقاً؟ لطالما شعرت بالخوف، خشية ان يعميني قلبي عن الحقيقة.
طلبك هذا اتى مع كتيب يكشف بأن والدي كان احد قادة المضيئين همست وتراجع قيس مندهشاً من نظرة الشك في عيني.
ماذا افهم مما تقولينه؟
لا اريد الزواج منك. لا اثق بك قلتها وقد شعرت بسهم يجرح قلبي، وقد خر جسدي.

سأتزوجك يا جوهرة، شأتِ ام ابيتِ.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة