قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية عندما شهدت مقتل أبي الجزء الأول للكاتبة أفنان الفصل السادس عشر

رواية عندما شهدت مقتل أبي الجزء الأول للكاتبة أفنان الفصل السادس عشر

رواية عندما شهدت مقتل أبي الجزء الأول للكاتبة أفنان الفصل السادس عشر

لم استطع فعل ما اراد قيس مني فعله، وتعجبت من المشاعر التي خالجتني ومن ضميري الذي يأمرني بفعل ما هو صواب وهو فعل ما يجب لانقاذ قيس ومساعدته كما قام هو بمساعدتي عدة مرات، توقفت على جانب الطريق عندما تأكدت بأن لا أحد يلاحقنا.
ثم تنفست الصعداء محاولة التفكير بحل.
اخرجت هاتفي واتصلت ببدر.
بدر: الو.
يبدو من صوته بأنني ايقظته.
انا: بدر، تقدر تطلع من البيت الحين؟
كان صوتي يرجف من شدة الخوف والهلع.

بدر: وينج؟ بسرعة وبييج، شو محتاجة؟
انا: ابا شي يضمد جرح او يوقف نزف.
بدر: افتحي الدلال في موبايلج وبييج.
انا: مب خطير؟
بدر: بهكر موبايلج لا تخافين محد بيشوف غيري، بس عطيني هوية موبايلج وايميلج.
قدمت له رقم الهاتف وبريدي الالكتروني ثم قام بدر باختراق هاتفي وقمت بتشغيل الدلال ليتبع الخارطة الي.

قيس يرجف الآن بشدة فأنزلت مقعد السيارة الامامي حتى يستلقي كلياً ثم نزعت سترتي ووضعتها عليه وقمت بالضغط على الجرح. لم تفارقني عينا قيس ابداً وكم حملتا من الكلمات والمشاعر التي لم أراها في عيني احد من قبل، اليس من المفترض الا يشعر؟ فكيف تنطق عيناه بمشاعر تفوق الكون والحد والزمن؟ دمعت عيناي اللتان فهمتا عينيه الذابلتين.
قيس: ابا اشوف الجنة.
صدمتني كلمات قيس فهذه كلمات تصدر من المضيئين لا منا نحن.

انا: شو؟
قيس: ابا اشوف الجنة، ابا، ابا اشوف.
يصمت قيس للحظات ومن ثم يعض شفتيه مرة اخرى من الألم.
انا: قيس انت تؤمن بالجنة؟

قيس ينظر إلى وتنزل الدموع من عينيه ولم أرى ايجابة واضحة على وجهه وعينيه بل رأيت حزناً وأملاً، كم يضعف الانسان امام الموت وتكشف عنه الاقنعة، رأيت طفلاً ضائعاً امامي الذي يرجف الماً وخوفاً من ان ينتهي وجوده كلياً وكأنه لم يكن. طفلاً يأمل بأن العالم ليس بحدودية ما صورناه وبأن موته لا يعني موت وجوده، امسكت بيد قيس ولم أفهم كيف استطعت فهم ما يقوله قلبه وجسده وروحه ولكن شعرت وكأن أرواحنا تتحادث. ابتسم قيس ثم تجهم وكأنه شعر بألم من نوع آخر، يسعل قيس بشدة.

انا: قيس تحمل ارجوك تحمل.
ثم تذكرت امراً ما فتركت يده وبحثت بين صفحات والدي.

انا: قيس اسمع. لعشرات وعشرات وعشرات السنين منع جماعة النور اقامة المناكس الدينية او الطقوس الدينية علناً بحجة انها تزيد من انقسام البشر ثم تم الهجوم على فكرة الدين وفكرة كل ما هو روحي وخارق للطبيعة حتى اصبح المؤمنون مجانين وخونة والغير مؤمنين عقلاء ولكن لماذا؟ لماذا نحرم انفسنا من عالم غير محدود، من عالم تحكمه الطبيعة واللا طبيعة. انا أؤمن ان الله يرعانا ولن ادير ظهري له وأؤمن ان هنالك جنة.

أؤمن ان الله يرعانا ولن ادير ظهري له وأؤمن ان هنالك جنة فسيحة تنتظرنا واننا لن ننتهي مجرد حفنة تراب في الرمل كما لم نكن. أؤمن بالجنة ببساتينها الخضراء وانهارها الجارية وفواكهها المتنوعة.

يذرف قيس الدموع وهو يستمع ويبتسم متخيلاً هذه الجنة ثم يكح قيس دماً ويختنق. تركت الاوراق وحاولت مساعدته على التنفس ولم استطع، خرجت من السيارة وصرخت طالبة المساعدة في الشارع كالمجنونة ولا اجابة. ثم شعرت بيد تلمسني فذعرت والتفت واذا ببدر يقف امامي.
بدر: جوهرة عبالي انتي اللي.
قاطعته: ساعده الله يخليك.
بدر يفتح باب السيارة.
بدر: قيس؟
يغلق بدر باب السيارة ثم ينظر إلى بغضب.
بدر: امشي بطلعج من هني.

أنا: لا ساعده مصاب دخيلك ساعده عشاني.
تدمع عيناي وأنا أنظر إليه بتوسل، بدر يغمض عينيه ثم يفتح الباب ويدخل السيارة، يرفع بدر قميص قيس ليرى الجرح.
بدر: لازم نطلع الرصاصة.
يخلع بدر شاله الصوفي ويلفه حول بطن قيس ويشد الشال بقوة، يتأوه قيس من الألم.
يحمل بدر قيس على كتفه وقمت بمساعدته ثم أخرجناه من السيارة.
يمشي بدر بسرعة حاملاً قيس نحو سيارته التي ركنها على بعد ثم يضع قيس في المقعد الخلفي من سيارته.

شاب أشقر في العشرينات من العمر طويل القامة وكثيف الشعر يجلس في مقعد السائق، حالما يرى الشاب قيس تتسع عيناه وينظر إلى بدر معترضاً. بدر: خذهم عيادتنا.
الشاب الأشقر يهز رأسه رافضاً ومعارضاً ولكن لا يتحدث.
بدر: خذهم العيادة يا سامي ما ينفع نخليهم هني.
سامي يشير إلى قيس ثم إلى كتفه، يبدو أن سامي أبكم والاشارة إلى الكتف تعني الحرس.
بدر: عادي ماا تشوفه مب واعي خذه يلا بس بالسر.

ركبت في المقعد الخلفي بجانب قيس.
بدر: باخذ السيارة وبتخلص منها مع اني ما عرف شو صار.
أنا: لا بدر كانوا يطلقون علينا الرصاص فيمكن السيارة مستهدفة.
بدر يضرب جبهته بيده بعصبية.
بدر: لا تخافين بتصرف.

يقود سامي السيارة وهو ينظر إلى الشارع تارة وإلى انعكاسنا في المرآة الأمامية تارة. يتأوه قيس ويسعل بين الحين والآخر، حاولت تدفئة يديه بيدي ولكن لا جدوى. وصلنا إلى منطقة شبه مهجورة ثم فجأة تدخل السيارة إلى ما يبدو كنفق أرضي وبات كل شيء الآن مظلماً تماما، سمعت صوت الباب يفتح وشعرت بيد تلمس ذراعي قاومت ولكن اليد تشد ذراعي ثم شعرت بأن أحدهم حمل قيس، ترجلت عن السيارة وأرشدتني الذراع للمشي بخط مستقيم ثم توجهنا إلى اليسار وسمعت صوت باب حديدي يفتح، فجأة الأنوار تضاء واستطعت رؤية كل شيء، مجموعة من شبان يقفون في غرفة تبدو كزنزانة قديمة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة