قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية عندما شهدت مقتل أبي الجزء الأول للكاتبة أفنان الفصل الثامن والعشرون

رواية عندما شهدت مقتل أبي الجزء الأول للكاتبة أفنان الفصل الثامن والعشرون

رواية عندما شهدت مقتل أبي الجزء الأول للكاتبة أفنان الفصل الثامن والعشرون

ينظر إلى بدر باستنكار ثم يشيح نظره ويضحك ساخراً ثم يلقي ثياب الخدم لقيس.
بدر: مو مصدق تختارين واحد عرفتيه متى شهرين؟ على انا اللي سنين اعرفج.
أنا: بدر انت تعرفني بس انا اكتشفت اني ما كنت أعرفك، سنين وانا مخدوعة ولا كنت اعرف انك من المضيئين ولا انك جاسوس ولا انك مع ابوي في موضوع المضيئين ولا انك ما تحب رنا وتحبني، مو الذنب عليك انت بس بدر انا قلبي الحين ما. ما يقدر يحبك نفس قبل.

بدر يومئ ويبدو الغضب ظاهراً عليه ويتفادى النظر إلى قيس وكأنه يريد أن يلكمه، يقبل بدر رأسي.
بدر: أهم شي تكونين بخير.
يبتعد بدر فوراً ولا يودع قيس، قيس يقف بجانبي وتبدو الصدمة على وجهه مما حدث ولكن يهز قيس رأسه فلا وقت للصدمات والمشاعر ويشد يدي لنركض نحو الباخرة.

بقينا في مطبخ الباخرة نعمل وندخل صناديق الأطعمة، قيس ينظر إلى من على بعد وعيناه تحملان الكثير من الأسئلة، نظرت إليه وأنا ألحظ للمرة الأولى جمال عينيه المتسعتين اللتان لم تحملا يوماً سوى لهيب مشاعر دافئة، ولم تكن عينا قيس بلا روح كأعين الجميع من حولي، للمرة الأولى ألحظ جمال تقاسيم وجهه وخصل شعره التي تسقط لتغطي جبهته، يبعد قيس خصل شعره عن وجهه ويكمل عمله، للمرة الأولى ألحظ ذراعيه القويتان اللتان تحملان الصناديق ويديه اللتين تخرجان قطع البرتقال من الصناديق، تلك اليدين اللتين مسحتا دموعي مراراً وتكراراً وقامتا بحمايتي مراراً وتكراراً. يدخل رجل ممتلئ الجسد بثياب طباخ.

الطباخ: غسلوا الخضار وحطوا المغسول هنا.
يشير الطباخ إلى صندوق آخر، يومئ الجميع ويبدأ الجميع في العمل وبدأت أنا وقيس كذلك.

استلقيت في إحدى غرف الخدم في الباخرة، شعرت بالضيق فلم أستطع إخراج الأفكار السوداء حول والدتي وخيانتها لي ولوالدي وحول جماعة المضيئين والحرس ووالدي، شعرت بالضيق والحزن وكدت أن أختنق ثم قررت البحث عن قيس، خرجت من الغرفة ومشيت في بهو غرف الخدم وأنا أبحث عن قيس بعيني، وقفت أمام غرفة ولاحظت قيس جالساً في إحدى الزوايا شارد الذهن اقتربت قليلاً ولوحت بيدي، قيس ينظر إلى ويبتسم ثم يقف ويمشي نحوي ببطء حتى لا يوقظ الآخرين.

همست: ممكن كلمتين؟
قيس يومئ وينظر حوله ثم يشير نحو ممر.
توجهنا نحو سطح الباخرة وجلسنا في زاوية لا يمكن لأحد أن يلحظ وجودنا، يعكس ماء المحيط ضوء القمر والنجوم المتلألئة فانبهرت بالمحيط وانبهرت بالسماء السوداء والنجوم المتلألئة في السماء وضوء البدر، بقيت صامتة للحظات وأنا أتأمل هذا المنظر على سطح الباخرة.

قيس: ما اعتقد هالكون انخلق بالصدفة، السماء معجزة، المحيط معجزة، القمر معجزة، وانتي معجزة. وسبحان الله خالق المعجزات.
ابتسمت وأطرقت خجلاً مما قاله، تجرأت ونظرت إليه.
أنا: ماعرف شو اللي سويته وأبهرتك للهالدرجة، يمكن انت تحبني اكثر مما انا احب نفسي.
قيس: لا مب لهالدرجة بعدين قلتلج أنا مجنون، ومافي لجنوني حل أو سبب أو تفسير.
أنا: واذا يوم من الأيام عقلت؟ يمكن بتشوفني على حقيقتي؟

قيس: انا وصلت درجة من الجنون لا رجوع لها.
نظرت إلى السماء وانا ابتسم لأول مرة بسعادة حقيقية، هل هذه الخفقات التي أشعر بها خفقات الحب؟ هل يمكن لشعوري أن يتبدل في لحظة؟ هل أنا أيضاَ جننت؟
قيس: ليش اخترتيني بدال بدر؟ أنا أعرف انتي تحبينه وايد ومن زمان كنت أغار من نظراتج له وكثرة زيارتج له.
أنا: يوم كنت تراقبني؟
قيس يبتسم ويشيح نظره خجلاً من نفسه فهو يعلم ان مراقبة شخص عمل خارج عن الطبيعة ومخيف.

لم أجب سؤاله بل أمسكت بيده ووضعت رأسي على كتفه.
قيس: تعرفين قصة تايتانيك؟
أنا: السفينة اللي غرقت.
قيس: لا قصة الحب، الفيلم. قبل مئات مئات مئات السنين كان في فيلم اسمه تايتانيك عن اثنين حبوا بعض وايد على سطح سفينة بس السفينة غرقت.
أنا: وتحس هالوقت المناسب تقول فيه هالقصة؟
قيس: الفيلم وايد حلو. يمكن يوم ننزل بشوف وين أقدر أحصله.
أنا: شو صار بالمضيئين؟ سامي مات بس شو صار في الباقيين؟

قيس: سووا مظاهرة مفروظاً سلمية جماعة بدر يعني وبدر حاول ينبههم انه الحرس ما بيخلونهم بس طلعوا والحرس ذبحوهم وسجنوهم على الساكت. بدون ما يحس حد. حتى بدر ما قدر يساعد المضيئين، بس تعرفين حتى جزء من المضيئين جابوا أسلحة للمظاهرة فيعني الموضوع كله ملخبط.
أنا: وانت شو بتسوي؟ بتنضم للجماعة في المكان اللي بنسيرله.

قيس: جوهرة. أنا أحس مفروظاً نبعد عن هذا كله لا مضيئين ولا حرس ولا شي، مب لازم ننتمي لجماعة معينة انا مقتنع بأفكار المضيئين بس مقتنع بعد ببعض أفكار الحرس وجماعة النور وحكومتنا ليش لازم أحدد نفسي؟ نعيش بسلام وأمن.
أنا: وأنسى اللي صار في أبوي؟

قيس: قدامج خيارين. يا تختارين طريق الانتقام وتنضمين للمضيئين أو أي جماعة تبا تحارب الحرس، أو تختارين السلام تنسين اللي صار وتعيشين عشان نفسج تذكري طريق الانتقام بيموتهم هم بس بيموتج معاهم. بقيت صامتة أفكر بما يقوله قيس، ربما هو على حق، الهرب بعيداً إلى مكان جميل هادئ أسكن فيه بأمان وسلام بمعتقداتي الخاصة وأفكاري الخاصة وحريتي الخاصة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة