قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية على الرقاب قدر نافذ للكاتبة شاهندة الفصل السادس

رواية على الرقاب قدر نافذ للكاتبة شاهندة الفصل السادس

رواية على الرقاب قدر نافذ للكاتبة شاهندة الفصل السادس

لم تكن تجربة مضت وانتهت احداثها مع مضي الأيام..
ولم يكن حلما وانتهى بعودتها إلى الواقع...
بل كان حقيقة ملموسة تعيش تفاصيلها رغم كل شيئ..
كان عشقا من نوع خاص..
عشق يسكن الروح لأنه ترك بكل ذرة فى الكيان أثرا لا يمحى...
نقش خطوط من ذهب على جدران القلب فإستحال النسيان...
إنه عشق علمها أن تداوى جروحها وتبنى صرحا من السعادة فوق رفات الأحزان...
عشق علمها أنه لا بأس بالتعثر ولكن الخطأ فى عدم النهوض مجددا...

عشق علمها ان سر الفشل هو محاولة إرضاء الجميع ماعدا نفسها...
عشق علمها أنه حتى وإن جاءت الطعنة من أقرب الناس إليك، فسوف تجد من يطبب الجرح ويعيد إليك الحياة..
فحتى إن جاء الشتاء وحاصرك الجليد فى كل مكان، ستنتظر الربيع ليذيب الثلج ويعيد الألوان لكونها من جديد...
عشق علمها أن بداخل كل يأس أمل ينبثق كما ينبثق شعاع النور، من جوف الظلام.

رفعت (فدوى)فنجال قهوتها الساخن إلى ثغرها، ترتشف منه رشفة صغيرة بينما تقول صديقتها (فيفيان)بدهشة:
-ستهربين؟!
طالعتها بهدوء قائلة:
-ليس هروبا وإنما عودة للوطن.
قالت (فيفيان)بحنق:
-تقولين ليس هروبا، أليس كذلك؟!مع يقيني التام من أن عمك لايعلم شيئا عن خطتك الحمقاء تلك.
تركت (فدوى)فنجالها على الطاولة قائلة:
-نعم لا يعلم، ولن أسمح له بإكتشاف خطتي تلك قبل أن أكون هناك فى موطني، مصر.
قالت(فيفيان)بإضطراب:.

-ولماذا تجازفين بإثارة غضب عمك مجددا والهروب منه، لقد كاد أن يجن فى المرة الأولى، ولولا اكتشاف ابن عمك لمكان وجودك وتوسله لعمك بأن يسامحك لمرضك لما طالتك رحمته التى تدركين جيدا ندرة ظهورها.
مالت (فدوى)تقول بقسوة:.

-كلاهما لا يعرفان الرحمة وإنما جل مايبغيانه هو مالي، كلاهما يمارسان ألاعيبهما التى بت أدركها جيدا، أتعلمين؟! أكاد أقسم أنه لولا وصية أمى رحمها الله بأنه فى حال وفاتنا، تذهب أموالنا للجمعيات الخيرية لكانا قتلانى كما قتلت أمي من قبل.
قالت(فيفيان)بقلق:
-أمازلتى تشكين بأن وفاة والدتك كانت جنائية؟
تراجعت(فدوى)قائلة بمرارة:.

-لم تعد شكوكا بل صارت يقينا، فى تلك الليلة التى هربت فيها سمعتهما يتحدثان عن مقتل أمى، وكيف سهل لهما الطريق للتحكم فى مالي ومستقبلي وأنه يجب أن يسرع رحمان بالإقتران بى قبل أن تنتابنى الشكوك.
قالت(فيفيان)بصدمة:
-ولهذا هربتى؟
قالت(فدوى) وهي تمط شفتيها وتهز رأسها:.

-لم يكن لدي حل آخر، لن أستطيع الاقتران بأحد قتلة أمى، ولن أمنحهم مالي، لذا هربت وكدت أنتحر لولا أن بعث لى الله بهذا الملاك الذى أنقذنى وأحاطنى بحبه وإهتمامه ورعايته.
قالت(فيفيان):
-ميران أليس كذلك؟
أومأت (فدوى)برأسها تقول بنبرات تسلل إليها بعض الحنين:
-نعم هو، أعاد إلى قلبى الإعمار بعد إن كان مقفرا، وأضاء فى قلبى شعاع من الأمل يتمثل فى غد أفضل...
لتتغير نبراتها ويتسلل إليها بعض الحقد وهي تردف:.

-ولولا ذاكرتى التى عادت إلي وإكتشاف ابن عمى لمكانى وخشيتى على ميران من أذى قد يلحق به بسببي، ما إبتعدت أبدا، ولإكتفيت بعشقه ومارضيت بغير قربه بديلا.
قالت (فيفيان):
-ولماذا لا تعودى إليه بدلا من ذهابك لموطنك، أليس الوطن حيث قلبك؟
قالت(فدوى)بمرارة:.

-لا أستطيع، أخشى عليه من بطشهم، سيبحثون عنى فى ذلك المكان الذى وجدونى به سابقا كما بحثوا عنى بعد أن هربت من المشفى أيضا ووجدونى، سيجدونى دوما، وسيكتشفون مكاننا بكل سهولة، ووقتها سيقتلونه أمامى نكاية بى وسيزوجونى رحمان على الفور، لا أستطيع المجازفة بحياته، سأعود إلى موطنى، تحديدا سأعود إلى بلدة أمى (أسوان)، هناك أخوالي الذين سيحمونني بكل تأكيد وربما يأخذون بثأرها ممن قتلها، أسمع كثيرا عن هذا الثأر الذى يؤمن به أهل الصعيد.

قالت(فيفيان) بقلق:
-وهل أنتى متأكدة من أنهم سيرحبون بك، ألم تقولى لى بأن والدتك هربت منهم لتتزوج والدك؟!ربما قتلوكى بسبب هذا الثأر الذى تبغينه.
هزت (فدوى )كتفيها قائلة بلامبالاة:.

-ليس لدي شيئا لأخسره، ففى كل الحالات سأموت، إن مكثت مع عمى وولده أو عدت لأخوالى، ولكن يبقى الأمل فى أن يكون أخوالى قد سامحوا أمي وإرتضوا الحاضر بكل تفاصيله حاضرا، يبقى الأمل فى أن يساندوننى ويدعمونى ويصبحون لى الأهل والسند حاضرا، فإن أصبحوا كذلك، بعثت لميران وأخبرته عن قصتي و مكان وجودى وأنا مطمئنة لدعمهم ولا أخشى شيئا وإلا فوداعا لحياة لا أراها تستحق العيش، دونه.
تراجعت (فيفيان)فى مقعدها قائلة:.

-أتمنى أن يتحقق أملك وتجدين فى أهلك الدعم والسند.
هزت(فدوى)رأسها فأردفت(فيفيان)قائلة:
-متى ستقومين بتنفيذ تلك الخطة البائسة كي أودعك فى المطار وأنا أثنى أصابعى متمنية لك كل الحظ والتوفيق.
قالت(فدوى)بإبتسامة:
-ما إن يسافر عمى وولده إلى باريس من أجل إتمام صفقتهم، بعد عشرة أيام تقريبا..

هزت (فيفيان)رأسها وهي تتأمل إبتسامة صديقتها المفعمة بالأمل تتمنى أن تظل على ثغرها دائما وأن لا تمحوها قسوة الأيام القادمة.

الشرف إن مس أصبح مثل منزل إحترق بالكامل، لا سبيل لإصلاحه..
وشرف المرء هو روحه، خاصة فى بلد تحمل التقاليد كدرع تتحصن به وأبناؤها يتشدقون به وكأنهم لا يملكون غيره...
هنا يجب على شرفهم أن لايفقد أو يمس أو يؤذى...
فوقتها يراق على جوانبه الدم.
دلف (عزام)إلى قاعة والده وهو يقول بعيون يملؤها الشر:
-لجيتها ياأبوي، لجيت الخاطية اللى وطت راسنا بالطين.

نهض (عويس الجبالى)ببطئ وعيونه تتقد بشرارة كالجحيم، بينما نهض ولديه بدورهما متأهبان ووالدهما يقول بصوت كالفحيح:
-لجيتها فين ياولدى، أنطج وريح جلبى اللى جايد نار ومعيطفهوش غير إنى أشرب من دمها.
قال (عزام):
-مراحتش بعيد، إدلت فى البلد اللى جنبينا، عند الهوارية، جاعدة حدا نوار صاحبتها.
ظهرت القسوة والغضب على ملامح(عويس)بينما قال (محمد)على الفور:.

-جاعدة عند صاحبتها ياأبا أهه، يعنى مهربتش مع حدا عشان تتجوزه، أحب على يدك تسامحها وتخليها تعاود وعاجبها زي ماتحب بس متجتلهاش.
طالعه (عزام)قائلا بسخرية:.

-ملكش صالح بأمورنا ياسى محمد، انت مش إخترت العلام وبجيت دكتور ولسة مكمال كمانى، يبجى تخليك فيه وتسيبلنا شرفنا نتعاملوا معاه كيف مانحب، الموت عندينا أهون من إن شرفنا يتمس ويتجال وسط البلد وأهلها إن بت عيلة الجبالى هربت وخرجت عن طوع كبيرها، دى وجتها بتروح فيها رجاب.
قال (محمد):
-إيوة بس...
هدر (عويس)قائلا:.

-والله عال ياولاد الجبالى، بتتكلموا فى حضرتى وكنى مش واجف جصادكم، أنى اللى أجول هنعمل كيت ولا كيت.
صمت الجميع بإحترام، بينما أردف(عويس)قائلا بنبرة صارمة:
-جولى ياعزام، إنت متأكد إن أختك جاعدة عند نوار، وإن مفيش راجل فى دارهم؟
قال (عزام) بقسوة:
-إيوة ياأبا بس مجضية النهار وياها فى بيت العمدة اللى فيه مهران، مهران الهوارى ياأبوي.
إرتسمت القسوة ممتزجة بالإنتصار على ملامح (عويس)قائلا:.

-يبجى كتبت جدرها بيدها، هي وعيلة هوارة اللى كرروا غلطهم زمان و تاوا بتنا فى دارهم ومراعوش حرمة الجيرة.
قال (ناجى) بقلق:
-جصدك إيه ياأبوي؟
قال (عويس)بلهجة لا مجال لمقاطعتها:
-جصدى إن شرفنا اللى مرغته أختك فى الطين هيكون جصاده رجبتها ورجبة مهران وأبوه وعيلته كلياتها ياناجى، جلتوا إيه ياولاد الجبالى؟
قال (عزام)بنبرة قوية:
-مفيش جول بعد جولك ياأبوي.

ليتبادل كل من (محمد)و(ناجى)النظرات بينما ظهر الشر خالصا على وجه كل من (عويس الجبالى)وولده الكبير(عزام).

فى عيون تلك المرأة قد وجد لغزا إحتار فى فك طلاسمه...
فتارة تدعوه وتارة تبعده..
تارة تجعله رفيقا..
وتارة ترجعه إلى خانة الغرباء..
ولكن قلبه وخبرته وإحساسه و يقينه يخبرونه أن فى عيون محبوبته قد وجد بريقا يجعله موقن من إهتمامها...
فى تلك العيون وجد نفسه وتأكد من خلوده..
وفى إبتسامتها وجد وهجه...
وفى عشقها وجد، السكن.
توقفت (نوار)عن السير فجأة وهي تستدير قائلة بحنق:.

-إنت مش عتبطل تمشى ورايا فى الراحة والجاية ياجدع انت؟
طالعها بعيون هائمة وهو يقول:
-جلتلك جبل سابج، أنى ضلك اللى مش هيفارجك غير بالموت يامهجة الجلب، حبك بجى كيف الهوا اللى بتنفسه، جلبى إختارك من بين خلج ربنا كلياتهم عشان تكونى ملكة على عرشه.

شعرت (نوار)بالضعف يتسلل إلى كيانها، تذيب كلماته قرارها الذى إتخذته سابقا بتجاهل هذا العشق بعد أن صار يمتزج بدمائها، خوفا من أم لن تقبل بهذا العشق وسترفضه بكل تأكيد، لتقول بصوت متهدج:
-وأنى جلتلك جبل سابج تنسانى، أنى موعودة لإبن خالى ياإبن الناس، بزياداك عاد أنى مش ناجصة وجع.
أمسك (راجى)يدها بسرعة قائلا:
-بعيد الشر عنك يازينة البنات.
نزعت يدها من يده تزجره قائلة:.

-واه ياراجى، بعد، ولا إكمنى مليش أب فكرتنى سهلة إياك.
قال (راجى)بسرعة:.

-تنجطع رجابتى ويتخفى حسى من الدنيا كلاتها لو فكرت يوم إكده يازينة البنات، ربك اللى عالم إنتى إيه بالنسبة لى، بصى جوة جلبى هتلاجيه مداجش الفرح غير فى اليوم اللى شافك فيه، طيفك مبيفارجنيش لحظة واحدة، بجى كل حلمى إنك تكونى مرتى وأم عيالى، بجت حياتى كلها كنها ملهاش عازة غير لما بكون وياكى، ورغم إنى عارف إن عشجك كيف البحر عيغرجنى فيه لكنى مبسوط بإنى راح أموت وحروف إسمك محفورة فى جلبى.
قالت بسرعة:.

-بعيد الشر عنيك، إن شالله...
قطعت كلماتها تدرك تسرعها الذى فضح مشاعرها، لتقضم شفتها السفلى بأسنانها بينما إبتسم وهو يطالعها بعشق قائلا:
-يباركلى فيكى يانوارة جلبى.
جذبت شالها وهي توارى به وجهها قائلة:
-واه عاد، جلتلك بكفاياك، أنى لازمن أمشى، عوجت كتير على بنات خالى.
قال(راجى)بنبرة شابها الغيرة:
-وابن خالك؟!
كادت (نوار)أن تبتسم سعيدة بغيرته ولكنها إكتفت بقول:.

-أنى موعوداله صوح بس خلاص مبجاش الجلب ملكى عشان أجبره على طوعى، الجدر كيف برج السما، بيضرب وين مايحب ووجت مايحب واللى يصيبه ياويله وأنى صابنى الجدر وإنكتب علية الشجا، منزوعة بين جلبي وجدري وربك وحده جادر يخلى جدري كيف ما يريده جلبي.

قالت كلماتها وأسرعت بالرحيل بينما وقف(راجى)مشدوها، يدرك بكل بلاهة أن محبوبته إعترفت بمشاعرها تجاهه فى تلك اللحظة وأنه قدرها الذى ترغبه وليس الذى تعيشه، ليشمل عيونه العزم على نيلها، فمادامت تبادله مشاعره فسيلجأ للمستحيل كي يحصل عليها كزوجة حتى وإن لجأ لما عزف عنه دوما ورآه خاطئا، السحر، وأمه (عوالى).

يقولون أنك تستطيع قراءة قصة المرأة فى عينيها وقد كانت قصتها واضحة كالشمس، لقد عشقت وصار العشق محرابها ومعشوقها إلهها...
لقد أصبح عشقه كالدم يسرى فى شرايينها دون توقف..
يجعل قلبها ينبض بالحياة...
إنه الأمل الذى أشرق بنفسها...
السلام الذى سكن جوارحها...
إنه النعيم كما يجب أن يكون...
ولكن تجاهله لها ومعاملتها كإخوته، يعيدها لخانة الغرباء
ويجعلها عالقة، مابين الحياة والموت.

كانت تطالعه وهو يتحدث مع والدته بعيون هائمة ظهر بها العشق جليا لتوكزها(زهرة)قائلة بمزاح ساخر:
-خبى عيونك ياحزينة، ده انتى ناجص تدخليه جواتهم وتجفلى عليه بابهم، امى لو شافتك عترجعك لأهلك طوالى وعمتي عطخك بالبارود ونرتاح منيكى واصل.
أشاحت(بدارة)بعيونها عن( مهران )ووالدته قائلة بهيام:
-ليه عاد وأنى كنت عملت جريمة إياك؟أنى عشجت والعشج سلطان.
قالت (راوية)بمزاح:.

-واخدين بالنا يابدارة، العشج عيفط من عنيكى فط، أنى مخابراش كيف مهران مش واخد باله منيكى لحد دلوك.
قالت (بدارة)بحنق:
-عشان أعمى العين والنضر.
وكزتها (زهرة)قائلة:
-إتحشمى يابه، ده خينا الكبير ياحزينة.
تعلقت(بدارة)بذراع (زهرة)قائلة:
-طب ماتجوزونى خيكم، وأجوزكم خواتى التانين ناجى ومحمد.
تبادلا كل من(زهرة)و(راوية)النظرات قبل أن تقول الاخيرة:.

-كان بودنا يابدارة بس خينا موعود لنوار صاحبتك وبكده ضاعوا الجوازتين دول زي اللى سبجوهم، والله جربت أصدج إننا منحوسين.
قالت(بدارة) بسرعة:
-ولا نحس ولا حاجة، لو على نوار فدى سهلة، هي أصلا جالتلى إنها مش رايداه وإنها عت...
قطعت كلماتها وقد كادت أن تفضح سر صديقتها لتردف قائلة:
-هي بس مش راضية تزعل الست زبيدة منيها، لكن لو على جلبها فمش رايد اليمة دى واصل.
قالت(زهرة)بدهشة:.

-عجيبة والله، جبل اخوي مايعاود مكنلهاش سيرة غير سيرته، كنها بتعشجه صوح، إيه اللى بدل حالها إكده، تكونش إتصاوبت فى راسها إياك.
إبتسمت (راوية)بينما قالت (بدارة):
-ملناش صالح، المهم إنها شالت عنيها من على مهران، والسكة صارت فاضية، مفاضلش بس غير إنه يشوفنى صبية تتحب، هو شايفنى صبية صوح بس عمرها سنتين وبترضع كومان.

لم تستطع كل من(راوية) و(زهرة)أن تكتما ضحكتهما التى أفلتت فجأة فنظر كل من (مهران)والحاجة (ثريا)بإتجاههما لتكتما ضحكاتهما بصعوبة قبل أن يعاود (مهران)الحديث مع والدته، وتقول (زهرة)ل(بدارة):
-يخرب مطنك ياشيخة كنتى عتودينا فى داهية، تعالوا نجعد فى جوضتنا وبلاش منيها الفضايح دى عاد.
قالت(بدارة)بإستنكار:
-وسى مهران؟!
قالت (راوية):.

-مدى ياحزينة، مهران إيه دلوكيت؟ده هبابة ومهران وأم مهران هيطردونا برة الجصر ويكسروا ورانا زير كومان.
سارت معهم مضطرة وهي تتابعه بعينيها قبل أن يختفى عن ناظريها.

إنزوت (نوار)ب(بدارة)جانبا قبل أن تقول الأخيرة:
-وبعدهالك يانوار، آخرته إيه العشج ده، لازمن تصارحى أمك بمشاعرك جبل ماتتورطى فى جوازة مش رايداها، أجولك إهربى كيف ماهربت وإتجوزيه.
ضربت (نوار)على رأس(بدارة)بخفة قائلة:
-أهرب كيف يعنى، دى كانت أمى تروح فيها.
تحسست (بدارة)راسها قائلة بحنق:
-خلاص عاد، أنى بنصحك جبل ماتلاجى نفسك مرت مهران الهوارى وانتى جلبك مع راجى...
عقدت حاجبيها وهي تردف قائلة:.

-إلا صحيح، هو إسمه راجى إيه؟
هزت (نوار)كتفيها بحيرة قائلة:
-مخابراش، مجتش مناسبة يجولى فيها على إسمه.
قالت(بدارة)بإستنكار:
-ياحزنك يابدارة يابنت فهيمة، ده إنتى طلعتى أهبل منى ياحزينة، عتحبى حدا متعرفيش إسمه؟!
قالت(نوار)بهيام:.

-مش محتاجة أعرف حاجة عنه غير العشج اللى بشوفه فى عنيه لما يطلعلى، اجمل حاجة ممكن البت فينا تلاجيها هي إنها تلاجى راجل يعشجها صوح، ويحججلها أحلامها اللى ياما حلمت بيها، انتى خابرة يابدارة، لمن بشوفه، بيدج جلبى كيف الطبول وبيتسابجوا دجاته كيف الرهوان، لمن بشوفه بحس إنى بشوف فيه نفسى ولمن بسمعه بحس إن روحى بتتسحب منى، بتمنى وجتها إنى أفضل حده وأسمعه كمان وكمان، بحس وجتها إنى لجيت جنتى على الأرض.

قالت(بدارة)بهيام:
-واه ياأبوي، كنك وصفتى اللى جوايا يانوار، العشج واعر جوى عيخلينا حدا تانى لما نتكلم عنيه.
أفاقت (نوار)من تلك الحالة التى تعتريها وهي تطالع صديقتها قائلة بدهشة:
-وانتى عشجتى ميته وكيف؟انتى مش جلتيلى لمن هربتى من الجوازة اللى أبوك دبرلهالك، إنك مش عايزة تتجوزى من غير حب وإنك لسة مجابلتيش حدا تحبيه ويخطفك على حصانه.
قالت(بدارة)بهيام:.

-جابلته ياخيتى، جابلته وعشجته بس هو ولا كنه شايفنى ولا حاسس بية، مشغول طوالى ولو شافنى بيشوفنى كيف أخواته البنات.
عقدت (نوار)حاجبيها فى حيرة للحظة قبل أن تتسع عيونها فى صدمة، لتهز (بدارة)رأسها قائلة بمرارة:
-إيوة يانوار، أنا عشجت مهران ولد خالك، ووجعت فى حبه كيف الرطل كمان.

دلف (مهران)إلى حجرة والده الذى ماإن راى ملامحه القلقة حتى بادره قائلا:
-خير ياولدى؟!
قال (مهران):
-الجبالية جمعوا ناسهم وجايين على كفر هوارة ياأبوي.
ظهر القلق على ملامح (عسران)بدوره وشعر بالضعف والدوار، أسرع (مهران )يسنده قائلا:
-إجعد ياأبوي، إنت لساتك ضعيف.
قال(عسران):.

-مفيش وجت للضعف ياولدى، الجبالية ناس واعرة جوى، ولازم نستعد لجايتهم حدانا، انى جلتلك جبل سابج بلاش نحمي بتهم فى دارنا وبلدنا بس إنت كابرت وآدى النتيجة، خراب ع الكل.
قال(مهران):
-مكنش ينفع ياأبوي مرة تتحامى فينا ونرجعها لأهلها يجبروها على جوازة مش رايداها.
قال(عسران) بقلة حيلة:
-ده سلونا وعاداتنا من جديم الأزل ياولدى.
قال(مهران):.

-الجواز مش غصب ياأبوي، لازمن يكون بالرضا، السلو لازم يتغير أدامه غلط، وعموما متجلجش، أنى جمعت الرجالة وخليتهم كلياتهم على أهبة الإستعداد وأعلنت حالة الطوارئ، أنى مش عايزك تخاف من حاجة طول ماأنى جنبك.
ربت (عسران)على ذراع ولده قائلا:.

-تسلم ياولدى من كل شر، أنى مش خايف، أنى بس عارف هم جايين ليه وجصدهم إيه، عايزين ينتجموا من اللى حوصل زمان، مش جادرين يستوعبوا إن الجدر غلاب وإن إحنا ملناش صالح بيه، عايزين ياخدوا بتارهم من الهوارية كلياتهم عشان واحد فيهم غلط زمان، بس الغلط عنديهم مش مسموح بيه، وتمنه الدم، الدم اللى هيغرجنا كلنا لو موجفناهوش النهاردة، فى دارنا ياولدى.

لم يفهم(مهران)ماذا يقصد أبيه بكلماته ولم يكن هناك وقت لطرح الأسئلة الآن، لذا فقد قال بحزم:
-جلتلك متجلجش ياأبوي، أنى جهزت كل حاجة عشان ندافع عن دارنا و بلدنا ولو حد فيهم جرب من مخلوج فى البلد يبجى هم اللى إبتدوا والبادى أظلم.
طالعه (عسران)ولسان حاله يقول..
نحن من بدأنا بالظلم يابني والآن نجنى مازرعناه بالماضى، هذا الماضى الذى إتشح بالسواد وربما اتشح حاضره ومستقبله بالسواد أيضا، إلا إذا...

ربما بدا جنونا ولكنه بالتأكيد قد يكون الحل الأمثل لوقف سفك الدماء، وإسدال الستار على ماض أليم، وإعمام السلام فى البلدتين، او هكذا يأمل.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة