قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عشقت رجلا للكاتبة إيناس جمعة الفصل الثامن

رواية عشقت رجلا للكاتبة إيناس جمعة الفصل الثامن

رواية عشقت رجلا للكاتبة إيناس جمعة الفصل الثامن

خرج علاء من المنزل بعد أن تأكد من إقفال جميع المداخل التي قد تهرب منها
ثم أخذ هاتفها وخرج تاركا خلفه زهرة تذبل وحبا ينازع على أعتاب باب الزوجية
ضلت رهف تتألم لساعات لم تستطع أن تحصها ليس ألم الجسد فقط فذلك يزول مع الوقت
بل هو ألم القلب الذي تم كسره دون رحمة ألم خيبة الأمل
وكسرة الخاطر فهل لهذا الألم أن يزول أم أنه سيترك ندبة أعمق من تشفى
نهضت بفستانها الأبيض الذي زفت به منذ سويعات قليلة.

ولكنها الآن تنعي حبها الذي تمنت أن يكون أبديا ولكنه قتل قبل أن يولد
مسحت دمعاتها الجاهلة ووقفت تحاول السير نحو المصير المبهم لم تفهم بعد ما الذي جرى
لم تعرضت لهذا العنف في ليلة تحكي الروايات والأساطير عن جمالها
أكل النساء تتعرض لهذا العنف في ليلة الزفاف أم أنها حالة شاذة؟
هل ينبغي لها أن تطلب المساعدة من أحد أم أن هذا هو الوضع الطبيعي للزواج؟
ولماذا تركها وحيدة قبل أن يلمسها حتى؟

تتذكر كلمات أثير حين قال لها أن الزواج مسؤولية
هل هذه هي المسؤولية التي كان يقصدها هل عليها أن تدفع هذا الثمن المؤلم لأنها تزوجت؟
لم تستطع أن تحدد إن كان ما جرى طبيعة بشرية أم أن خطبا ما قد حصل فهي لا تزال طفلة بريئة
فكرت أن تسأل والدتها لتعرف ما الذي عليها فعله ولكنها لم تكن تعلم أنها أصبحت أسيرة هذه الشقة
بحثت عن هاتفها بين الحقائب والملابس فلم تجده
فجلست تكمل نوبة البكاء التي بدأت بها قبل ساعات.

بكت طويلا واستنجدت بالخالق الذي لا يحجبنا عنه لا أبواب ولا جدران
وحده من يسمع الأنات الصامتة خلف هذه الأبواب الموصدة
وحده من يدري بحال قلوبنا الباكية دون أن نشكو
مر الليل قاسيا على تلك المسكينة لقد فقدت الأمل أن يعود عريسها ذو الهيأة الجديدة
فنهضت بخطا متثاقلة ومتعبة واتجهت إلى الحمام لتبدل فستانها الذي اتسخ بقذارة رجولته المزيفة.

وقع بصرها على انعكاس صورتها في المرآة لتلمح آثار المكياج الملطخة وآثار الدماء تلوث براءة طفولتها
خلعت فستانها وتركت جسدها تحت شلال المياه الدافئة
علها تهدئ من الألم القاتل
ارتدت اسدال الصلاة ووقفت بين يدي ربها تناجيه وتبوح بكل ما يعتليها من ألم وخيبة
سجدت سجدة طويلة بكت فيها بكل جوارحها حتى تعبت
نهضت من صلاتها واتجهت إلى الفراش علها تحظى بالقليل من النوم بعد كل هذا العناء.

في الصباح استيقظ أثير وهو يراقب نور التي تنام بجواره كالملاك يدعو الله في سره أن يحفظها له
فهي من تعطي اللون الزاهي لأيامه السوداء
يمرر يده على خصلات شعرها المتناثرة ثم يطبع قبلة بريئة على وجنتها
استيقظت وهي تشعر بالخجل إثر قبلته لم تعد تفزع حين يقبلها بل اعتادت أن تصحو كل يوم على هذا المنوال وإلا فلا يبدأ يومها بهذه السعادة
أثير: صباح الخير يا قمر
نور بابتسامة مشرقة: صباح النور.

أثير: يلا قومي جهزي الفطور مشان ننزل نشوف الدكتورة
نور: اليوم؟
أثير: إي اليوم لكن متخيلة بدي استناكي العمر كله
شعرت نور بالخجل من كلماته فهو لأول مرة يصرح باقتراب نفاذ صبره ولكن ما باليد حيلة لو كانت تستطيع أن تشفي نفسها لما انتظرت دقيقة واحدة.

تحاول عبلة الاتصال برهف ولكن الخط مقفل
تشعر بأن شيء ما قد حصل لابنتها ولكنها لا تجد تفسيرا واضحا لهذا الشعور
وفي نفس الوقت تخشى أن تكذب إحساسها فتصاب ابنتها بأذى
اتصلت بعلاء ولكنه لا يجيب على هاتفه مما زاد قلقها أكثر
أبو أثير: شبك من الصبح ماسكة الهاتف بإيدك وقالبة خلقتك بمين عم تتصلي
عبلة: برهف قلقانة عليها كتير وخطها مسكر وعلاء ما عم يرد.

أبو أثير: كبري عقلك زلمة ومرته أول يوم زواج بدك ياهون يلتهوا بالهواتف اتركيهن بحالهن
عبلة: قلبي متل النار عليها أنا متأكدة أن صاير معها شي
قوم نزلني لعندها الله يخليك
أبو أثير: لا تجني اقعدي واتركيهن اليوم بكرا مننزل وبتطمني عليها
رن هاتف عبلة ففزعت وأمسكته وهي تحاول ضبط نفسها
عبلة: يا علاء وينك صرلي من الصبح عم اتصل فيكن وماعم تردوا شغلتولي بالي.

علاء: معليش مرت عمي نحنا آسفين بس الصبح أول ما فقنا ضبينا غراضنا وسافرنا نقضي كم يوم عالبحر
عبلة: كيف يعني سافرتوا وليش ما خبرتونا وينها رهف عطيني ياها بدي اطمن عليها
علاء: معليش مرت عمي رهف هلأ عم تتحمم بس تخلص بتحاكيكي
عبلة: يا علاء احلف انك ماعم تخبي عني شي رهف فيها شي
علاء: والله مافيها شي اطمني يالله سلميلي على عمي سلام
أغلق علاء هاتفه وهو يطالع رهف التي تنام بعمق ولا تدري عن خططه الخبيثة أي شيء.

على الطرف الآخر كانت عبلة قد ازدادت قلقا على ابنتها
أبو أثير: ولك يا مرة اقعدي عاقلة زلمة أخد مرته وسافرله كم يوم شو المشكلة بدك تضلي حاشرة حالك بحياة الناس
عبلة: والله قلبي مو مطمن بترجاك اتصرف قوم خلينا ننزل لعندهن
أبو أثير: لوين بدنا ننزل ما قلك الزلمة أن مسافرين
كان أثير قد وصل مع نور إلى العيادة النفسية للطبيبة هالة
دخلت وهي تشعر بالخجل من وجودها في هذه العيادة.

أما أثير فعلى العكس تماما كان فخورا بزوجته التي اعترفت بمشكلتها وقررت مواجهتها
أثير: حبيبتي اهدي شوي شبك
نور: أنا خايفة ما بعرف كيف قبلت اجي لهون
أثير: هلأ رح تفوتي وتحكيلها كل شي كأنك عم تحكي مع حالك
نور: فوت معي
أثير: يا حبيبتي اذا بدي فوت معك ما رح تستفيدي شي
يلا قومي أنا ناطرك هون
دخلت نور بخطا متباطئة لتجد شابة في الثلاثينات من عمرها تملك من الجمال قسطا وافرا وعلى شفتيها ابتسامة مشرقة.

حمدت الله في سرها أن أثير لم يدخل
رحبت بها الطبيبة بهدوء
د. هالة: تفضلي مدام ارتاحي
جلست نور بهدوء خارجي ولكنها من الداخل تصارع نفسها والتوتر بدا واضحا من حركة يديها ونظراتها العابثة
د. هالة: مدام نور صح
نور: صح أنا نور
د. هالة: من وين حابة تبدي
نور: أنا إجيت وأنا ماني مقتنعة إنك رح تقدري تساعديني بس اجيت لحتى لبي رغبة زوجي مو أكتر.

د. هالة: صح إنتي معك حق مهما كانت مشكلتك كبيرة أو صغيرة أنا مارح اقدر ساعدك الوحيد الي بيقدر يساعدك هو انتي. أنا مجرد وسيلة. أما الحل الحقيقي موجود جواتك إنتي
اتفضلي احكيلي مشكلتك
نور: أنا متزوجة من تلات شهور بس لحد هلأ ما صار بيني وبين زوجي أي علاقة
د. هالة: شو السبب؟
نور: أنا بخاف، يعني بقصد بالخوف مو التوتر الطبيعي.

لأ أنا بخاف لدرجة أن بصير برجف وقلبي بيدق بسرعة وبحس رح افقد وعيي وبتخيل قصص وصور بشعة صارت معي بالماضي
د. هالة: طيب وزوجك كيف تعامل مع هاد الموضوع
نور: ماعاد حاول يقرب مني نهائيا وهو الي اقترح إن اجي لعندك
د. هالة: إنتي بتحبي زوجك أو لأ؟
نور: بالبداية ما كنت بحبه حتى إني تزوجته غصب عني
بس هلأ أنا مافيي عيش بدونه ولا لحظة.

د. هالة: طيب إنتي قلتي إن لما حاول يقرب منك صرتي تتخيلي قصص صارت معك بالماضي عندك مانع تخبريني شو هي القصص
بدأت نور تروي للطبيبة ما حصل معها منذ أن بدأت تنام مع والديها وثم محاولة اعتداء عمها عليها وموت والدتها أمامها وهي تبكي وتتذكر كل لحظة قاسية مرت بها
أنهت كلامها وهي تلهث وصدرها يعلو ويهبط من شدة التوتر
سحبت الطبيبة منديلا واعطته لها تناولته نور ومسحت به دموعها السخية.

د. هالة: بالبداية وبعد كل الي حكيتي بدي قلك إن الي عم تمري في طبيعي جدا نتيجة الي شفتي بطفولتك
المشكلة الأساسية إن الأحداث الي مريتي فيها رسمت عندك تصور خاطئ للعلاقة بين الرجل والمرأة
تصور خلاكي تتخيلي إن هي العلاقة بتتسم بالعنف والقسوة وبتأدي لإحداث الجرائم
ولكن الأساس إن مو هاد هو الشي الطبيعي أبدا العنف والجريمة مو هني القاعدة.

القاعدة إن هي العلاقة هي وسيلة من وسائل التعبير عن الحب وتشارك هاد الحب وهي الوسيلة الوحيدة لاستمرار النسل البشري
الإنسان الطبيعي هو الإنسان الي بيعرف كيف يتحكم بهي العلاقة ويقيمها ضمن النطاق الطبيعي لإلها بعيدا عن التخويف والترهيب وارتكاب الجرائم
الجنس هو وسيلة لتفريغ الطاقات الكامنة بداخلنا بطريقة سليمة وشرعية بنفس الوقت
هلأ أنا بدي أسألك زوجك بيشبه إخواتك أو أبوكي أو عمك.

نور: لأ طبعا أثير إنسان واعي وناضج وحنون ومتفهم
د. هالة: يبقى شو المانع إنك تجربي تسلمي حالك طالما إنك مأمنة إن هو ما رح يإذيكي
نور: ماعم اقدر صدقيني دكتورة مو بإيدي
د. هالة: شوفي مدام أنا لازم شوفك أكتر من جلسة لازم نحكي بكل تفصيلة من تفاصيل حياتك الماضية
تفهم زوجك ومراعاته لحالتك رح يساعدك كتير ويسهل عليكي العلاج.

اتفقت نور مع الطبيبة على موعد الجلسات القادمة ثم خرجت وهي متفائلة وكان أثير ينتظرها في غرفة الانتظار
أثير بابتسامة: خلصتي
نور: خلصت اليوم بس حددتلي موعد لجلسة تانية
أثير: طيب منيح كيف حاسة حالك هلأ
نور: خلينا نطلع ومنحكي عالطريق
أثير: تروحي عالملاهي
نور: عنجد
أثير: يلا
خرجوا من العيادة قاصدين مدينة الألعاب
أما عند رهف فقد كانت ترتمي في حضنه وهي تبكي تحاول كسب وده لتفهم لم تصرف معها هكذا.

رهف: أنا شو عملتلك فهمني بشو أذيتك لتعمل معي هيك
علاء: شو عملت معك ما كان كف وضربتك يااااه خلصيني بلا دلال
رهف: كف¡؟ كل هاد وبتقلي كف بعدين ليش تركتني لحالي ورحت فهمني لي
علاء: اسمعي يا بنت الناس أنا خبرت أهلك إن سافرنا
وهلأ بتحمي مع أمك وبتخبريها بهالشي وبتعملي حسابك على إن طلعة من البيت مافي وموبايل مافي
رهف: طيب ليه بس فهمني ليه
علاء: من غير ليه أنا هيك بدي فهمتي.

رهف: لأ ما فهمت أنا بدي أرجع لعند أمي
كانت كلمتها الأخيرة كدلو ماء بارد سكب فوق رأسه فاشعله غضبا
فانهال يفرغ شحنة غضبه بجسدها الصغير
فك حزامه من بنطاله وانهال عليها يبرحها ضربا وهي تصرخ وتتلوى تحاول حماية جسدها بيديها فتتلقى الصفعات
ضل على هذه الحال لدقائق مرت عليها كأنها سنوات ثم تركها وخرج من المنزل بعد أن أقفل الباب
قتل للمرة الثانية حلمها البريء وحبها النقي ونعى طفولتها
لمثواها الأخير.

تحاملت على نفسها واتجهت إلى الحمام لتغسل عن جيدها قذارات عنفه
يسير القطار بسرعة هائلة فتصرخ وتدفن رأسها فوق صدره ليحتضنها بقوة وهو يضحك على حالها
انتهوا من النزهة الممتعة ثم استقل سيارته وعاد لها إلى المنزل بعد يوم متعب
في المساء بعد أن جلسا أمام التلفاز يتابعان فيلما أجنبيا
وإذا بالباب يطرق بقوة وشدة وكأن الطارق يكاد يموت
نهض أثير بفزع وفتح الباب ليتفاجأ وتظهر الدهشة على ملامحه.

إنها غريزة الأم حين تشعر أن خطبا ما قد حل بضناها فلا قوة ستمنعها عن الوقوف بوجهه
لا كرامة ولا حقد يفوق حس الأموموة عند الأنثى.

فتح اثير الباب الذي كان يطرق بعنف فتفاجأ بعبلة تقف أمامه وعينيها تفيض بالدموع.

Flasf back
بعد أن تركها علاء وخرج سمعت صوت الباب يطرق
خرجت لتری من الطارق عله يكون منجدا لها من هذا الوحش البشري الذي لا يفوت أي فرصة لإذلالها وتعنيفها
القت نظرة من العين الساحرة لتری امرأة أربعينية غريبة لم ترها من قبل
رهف: مين؟
ترد المرأة بصوت قلق: أنا جارتكن حبيبتي سمعت صوت صريخ طالع من بيتكن إجيت اطمن إذا صاير شي
تنفست رهف الصعداء وكأنها عطشان رأى نبع ماء صاف.

رهف: خالة بترجاكي ساعديني أنا محبوسة هون
الجارة: كيف بقدر ساعدك قوليلي
رهف: رح اعطيكي رقم ماما اتصلي فيها وخبريها ان انا بحاجتهن ضروري
الجارة: طيب حبيبتي عطيني الرقم
أملت رهف رقم والدتها عبلة لجارة الرضا التي تركتها بعد أن وعدتها بالمساعدة
اتصلت الجارة بعبلة وأخبرتها بما يجري مع ابتها
عبلة: يا زلمة مشان الله البنت رح تروح من بين ايدينا وانتا قاعد ومبرد قلبك قوم نروح نجيبها.

أبو أثير: والله لاشرب من دمها إذا بشوفها الله بيعلم شو الي صاير لحتی عم يضربها الله يوطي راسك وراس ولادك علی هالترباية
عبلة: يعني ما بدك تروح تجيبها طيب أنا بعرف مين الي رح يساعدني
Back.

أثير: خالة عبلة خير شوفي شبك ليش عم تبكي
ارتمت عبلة عند قدمي أثير وهي تصرخ وترجوه طالبة منه السماح علی كل إساءة بدرت منها منذ زواجها من والده ويا لها من كثيرة
عبلة: سامحني بترجاك سامحني أنا بعرف إني غلطت معك ومع إيناس كتير بعرف إن عذبتكن وأذيتكن بس مافي حدا غيرك بيقدر يساعدني رهف أختك دمك ولحمك متلها متل إيناس.

أمسك بها أثير من كتفيها ورفعها ثم وضعها علی أريكة قريبة من نور التي أحضرت لها كأسا من الماء واسقتها وحاولت تهدئتها
أثير: اهدي واحكيلي شو الي صاير وشبها رهف فهميني
عبلة: ما بعرف والله مابعرف من يوم الي تجوزت ما قدرت احكي معهاابدا كل ما بجرب احكي معها جوزها بيلاقي حجة وانا قلبي متل النار واليوم اتصلت فيي وحدة عم تقول انها جارة رهف وقالتي إن جوزها حابسها وعم يضربها.

صعد الدم إلی رأس أثير من الغضب وهو يتوعد لعلاء إن كان ما يسمعه صحيحا
ارتدی ملابسه علی عجلة ثم أخذ مفتاح سيارته وخرج بسرعة من المنزل والغضب يعمي عينيه
قاد بسرعة هائلة حتی وصل إلی بيت أخته طرق الباب بقوة عدة مرات
سمعت رهف طرقات الباب فخرجت تركض وهي تشعر أن النجدة قد وصلت
نظرت من العين الساحرة فلمحت أثير سعادة وشعور بالأمان لا يوصفان تملكاها في هذه اللحظة.

أجل إنه الأخ هو الأب والسند والجدار الذي نتكئ عليه حين نشعر أن قدمانا لم تعد قادرة علی حملنا
نطقت من الداخل بصوت يكاد لا يسمع
رهف: أخي أنا هون الباب مقفول مابقدر افتحه مشان الله لا تتركني خليك جنبي
أثير: اهدي حبيبتي لاتخافي أنا إجيت مارح إرجع عالبيت إلا وانتي معي بعدي عن الباب
تراجعت إلی الخلف عدة خطوات مبتعدة عن الباب
ليضربه أثير بكتفه عدة ضربات قوية أوقعته أرضا.

ما إن رأت طيف أخيها حتی ركضت ورمت نفسها بين يديه وهي تبكي طالبة منه السماح
رهف: أنا اسفة والله جربت اتحمل بس ماقدرت خفت موت وما حدا منكن يعرف
أثير: ومين قلك إنك لازم تتحملي أصلا
رهف: إنت قلتلي لازم كون بيت سر لزوجي
أثير: خلص اهدي هلأ منحكي بعدين انتي منيحة
رفعت رأسها نحوه حينها فقط تسنی له النظر إلی وجهها وملامحها المتورمة
أصابع كف ذلك الوغد ترسم خطوطا واضحة علی وجنتيها.

وعلامات الكدمات تستقر فوق كل انش من وجهها
قبض علی يده بعنف لو خرج لحطم الدنيا بأسرها
ضمها إليه محاولا إعطاءها القليل من الأمان
أثير: قومي ضبي غراضك لنمشي
رهف: مابدي شي مابدي شي بس بدي امشي من هون بترجاك
أثير;طيب متل ما بدك قومي معي
أمسك يدُا واسند جسدها المتعب إليه وسار بها حتی وصل إلی سيارته.

بعد قليل وصل بها بيته ولكنه تفاجأ بها نائمة حملهابهدوء كي لا تستيقظ واغلق بقدمه باب السيارة ثم سار إلی البيت طرق الباب بقدمه طرقات خفيفة وبأقل من ثانية كانت عبلة تقف علی الباب وهي تضع يديها علی خديها وتصرخ
عبلة: ولي علی قامتي ياقلبي عليكي يا بنتي شو عامل فيكي
أثير: هششش اهدي لا تفيقها نايمة
سار بها إلی غرفة نومه وضعها برفق علی سريره ثم خرج وأغلق الباب خلفه.

أثير: اليوم رح تبقی هون وأنا بكرا بنزل بشوف هاد الكلب جوزها وبحاسبه
عبلة: لا أثير بترجاك ما بدنا فضايح خلص كل واحد يروح بحال سبيله المهم يستر عالبنت
أثير: شو هالجنان هاد شو يستر وشو فضايح شو عرفك أصلا شو المشكلة
عبلة: يعني شو في سبب يخلي الزلمة يضرب مرته باول يوم جازة غير سبب واحد أصلا أبوها إذا شافها رح يقتلها
أثير: لا يا كنا لكن تركناها عند الغريب يقتلها شو رأيك.

عبلة: الله يخليك خليها عندك هالكم يوم بينما يهدا أبوك شوي
رحلت علبة بعد أن اطمأنت علی ابنتها دخلت نور واحضرت أغطية لأثير لكي ينام علی الأريكة
نور: شو بدك تعمل هلأ
أثير: مابعرف خليها عالله
نور: انت مصدق الكلام الي قالته خالتك
أثير: بكرا بتفيق وبفهم منها شو الي صاير
غفا أثير وقد غفت نور بحضنه دون أن تشعر بسبب التعب
في الصباح استيقظت نور علی صوت طرقات قوية علی الباب.

فتحت الباب فتفاجأت بوالد أثير والغضب يتطاير من عينيه
أبو أثير: وينها هي الكلبة وينها حطيتي راسي بالطين عآخر العمر
استيقظ أثير علی صوت والده الذي كان قد دخل يبحث عن رهف قاصدا قتلها
أثير: اهدی بابا لوسمحت الامور ما بتنحل بهي الطريقة
أبو أثير: لا هالمرة بدك تسمحلي أنا بدي حلها عطريقتي هي القصص ما بحلها غير الدم
أثير: يا أبي كرمال الله دم شو وحد الله واهدی خلينا نفهم شو الي صاير.

أبو أثير: لسا بدنا نفهم شو بدنا نفهم بنتي راجعتلي بعد يومين من زواجها وهي جوزها ضاربها شو بدي افهم اكتر من هيك
خرجت رهف من الغرفة على صوت والها الغاضب
وهي تصرخ
رهف: هو الي ضربني انا شو ذنبي اما ماعملت شي والله ماعملت شي
ركض ابو اثير نحوها قاصدا ابراحها ضربا ولكن أثير سبقه ووقف بينها ليمنع عن اخته بطش أبيه الذي يعرفه جيدا
أثير: يا بابا اهدى اهدى رهف فوتي لجوا.

أمسكت نور بيد رهف وأدخلتها إلى الغرفة وهي ترتجف من الخوف بينما أمسك أثير بيد أبيه وأجلسه على الكرسي ليهدأه قليلا
أثير: بابا خلينا نفهم شو الي صاير وبعدين منفكر شو بدنا نتصرف ممكن يكون الي ببالك كله غلط
أبو أثير: واذا ما طلع غلط بدك تقتلها بإيدك
أثير: لأ بابا لأ انسالي القتل نحن مو الله لنحاسبها بعدين رهف طفلة
أبو أثير: طفلة قلتلي ما انا بفرجيها
تركه أثير ودخل إلى غرفته حيث تجلس نور ورهف.

نظر إلى نور قائلا: نور اقعدي مع بابا شوي
جلس بجوار شقيقته الخائفة وقد أمسك يدها كمحاولة منه لدعمها
أثير: رهف حبيبتي اهدي مشان افهم شو الي صار
رهف: أنا ماعملت شي بس فهمني أنا شو عملت لحتى بدكن تقتلوني أنا مو فهمانة شي
أثير: ماحدا رح يقتلك اطمني أنا جنبك ما بسمح لحدا يأزيكي
رهف: لكن بابا عن شو عم يحكي
أثير: هلأ بدي تحكيلي شو الي صار لحتى ضربك
رهف: ماصار شي
أثير: كيف يعني؟ ماصار شي أبدا.

رهف: أول مافتنا عالبيت صار بده يتركني وينزل وأنا طلبت منه يبقى قلتله لا تتركني لحالي قام ضربني وطلع من البيت ومارجع لتاني يوم اتخانقت معه وقلتله أن بدي ارجع لعند أهلي رجع ضربني وطلع من البيت
أثير: يعني بس هاد هو الي صار يعني هو ما لمسك
رهف: والله من يوم تزوجتا ماقرب عليي غير ليضربني
نهض أثير ليخرج فهو قد فهم ماعليه أن يفهمه ولكن رهف أوقفته بصوتها
رهف: أخي قلي أنا شو عملت شو ذنبي بالي صار.

عاد إليها وانحنى لمستواها واضعا يده على خدها المتورم قائلا: إنتي ما إلك ذنب بشي أبدا وأي حدا بيحاول يوهمك إنك غلطانة بيكون هو الغلطان اتفقنا
خرج من الغرفة متجها إلى أبيه الذي لا يزال غاضبا
أخرج هاتفه واتصل بعلاء الذي خشي من الرد من أول مكالمة ولكنه اضطر أن يرد حين أعاد أثير مكالمته مرة أخرى
علاء: اهلا خير
أثير: وين ما كنت بنص ساعة بدك تكون مزروع قدام خلقتي
واغلق الهاتف قبل أن ينتظر الرد.

بعد نصف ساعة تقريبا كان علاء قد وصل إلى أمام منزل أثير الذي أدخل نور إلى غرفة رهف وأقفل الباب عليهما
فتح الباب لعلاؤ وناوله لكمة قوية أوقعته أرضا
أثير: هي لأنك طلعت كلب وواطي
ثم ناوله لكمة أخرى قائلا: وهي لأنك ما طلعت قد الأمانة
ناوله الثالثة وهو ينهي كلامه: وهي لانك فكرت تمد ايدك على اختي
أمسك به من ياقته ورماه فوق الأريكة واغلق الباب ودخل.

كل هذا أمام دهشة والد اثير الذي كان يعتقد أن اثير سيضع رأسه أرضا ويخضع لطلبات صهره
علاء: بيرضيك الي عم يعمله ابنك ياعم
ابو أثير: أنااا...
قاطعه أثير قائلا: معليش بابا لو سمحت
أثير: حاكيني هون كلامك معي أنا شوف هلأ عندك خيار واحد ما اله تاني بتضب غراضك وبتنزل بتقعد إنتا ورهف ببيت أهلي تلات شهور بالضبط ومن بعدها بتطلقها وخلقك ماعاد بدي شوفها فهمان
علاء: وأنا شو الي جابرني أعمل هيك.

أثير: والله الي جابرك أن رهف لساتها بنت وانا هلأ بقدر جيب عشر دكاترة يثبتوا هالشي وانتا بتعرف شو يعني وحدة تطلع من بيت جوزها وهي لسا بنت ولا شو رأيك
اخفض علاء رأسه بخجل فهو على علم مسبق بأنه يعاني من عجز جنسي يجعله غير قادر على الزواج ولكنه أحب رهف كان يظن أنه يستطيع أن يجعلها تعيش مع العمر كله رغما عنها.

ولكن الحل الذي اقترحه أثير كان الحل الأفضل بالنسبة له فبهذه الحالة لن يفضح أمره ويصبح قصة على كل لسان
علاء: أنا موافق
الحب هو الطبيب الوحيد القادر على علاج سقم أرواحنا هو الوحيد القادر على إزالة الصدأ العالق فوق ذكرياتنا.

مرت الأيام وانشغلت نور بالتحضير لامتحاناتها التي اصبحت قريبة وأثير على اعتباره درس اختصاصها ذاته كان يساعدها كثيرا على فهم أي شيء يصعب عليها
كان الوقت الذي يقضيه معها هو الأجمل في يومه متعة الحديث معها كانت تجعله يشعر وكأنه يملك الدنيا بأسرها
لم تكن أنثى عادية بل كانت دائما ما تذهله برجاحة عقلها ونضوجها الفكري فهي في عزلتها الطويلة كان الكتاب أنيسها الوحيد.

كان دائما ما يراها جميلة ولكنها في الآونة الأخيرة اصبح لها سحر لا يقاوم
رسمت السعادة على وجنتيها ملامح تجعلها تبدو كطفلة لم تتعدى العامين.

بالإضافة لانشغالها بجامعتها كانت نور لا تزال تداوم على الذهاب الى العيادة النفسية عند الطبيبة هالة لقد تشكلت بينهما صداقة قوية لم تمتلك نور مثلها من قبل فتحت لها قلبها وحدثتها عن كل مخاوفها وألامها وذكرياتها التعيسة مع علياء وأخويها ولكن الطبيبة كانت ترى أن نور لم تعد بحاجة الى العلاج بقدر ماهي بحاجة إلى مبادرة من أثير.

الذي كان يرفض ذلك فهو يخشى الاقتراب منها لكي لا يؤذيها أو يتسبب بإعادة ذكريات سلبية إلى عقلها.
اليوم موعد الجلسة الأخيرة في العيادة النفسية
يجلس أثير في مكتبه يطالع أوراق المشروع القادم فيستمع إلى رنين هاتفه
إنها الدكتورة هالة أحس للحظة بالقلق فهي لأول مرة تتصل به
ألو أيوه دكتورة خير في شي طمنيني نور فيها شي.

لا لا أبدا بالعكس نور ممتازة بس أنا اليوم بعد ما تخلص جلسة نور حابة شوفك واحكي معك شوي اذا ماعندك مانع
لا أبدا اكيد أي ساعة بتحبي
اليوم الساعة 8 المسا عندي بالعيادة
طيب ان شاء الله بكون عندك ع 8
أغلق هاتفه بهدوء و شعور بالقلق يراوده أعاد فتح الهاتف ليتصل بنور
انتظر لثوان ثم ردت عليه بصواها الملائكي الذي بات يعشق سحره
ألو
بتعرفي إني صاير ما بعرف اقعد ساعتين على بعض بدون ما اسمع هي الألو.

لم ترد اكتفت فقط بابتسامة خجولة أحس بها دون أن يراها فتابع
شو عندك اليوم
هلا طالعة من الجامعة وبدي روح لعند الدكتورة هالة اليوم آخر جلسة
طيب كيف حاسة حالك صرتي أحسن
ما بعرف يعني ارتحت بس
طيب ولا يهمك بس شوفك منحكي أنا بس اتصلت خبرك اني رح اتاخر اليوم عندي مشوار ضروري بخلصه وبرجع
انتبهي على حالك
ثم أغلق هاتفه وتابع عمله
عند نور كانت قد وصلت إلى العيادة وبدأت حديثها مع الدكتورة.

بتصدقي دكتورة أنا زعلانة إن اليوم اخر جلسة ما بتصدقي ادي حبيتك حاسة انك انتي أول حدا بقدر افتحله قلبي بدون خوف
لأنك شجاعة ولإنك حابة تتحسني شوفي نور الي متلك أنا بسمي بطل بتعرفي ليه؟ انك تعيشي طفولة بشعة وقاسية ومهلكة للهدرجة وتنجحي انك تطلعي منها وانتي قلبك أبيض وصافي هي لحالها بطولة انك تطلعي من جو كله متوحش وبالرغم من هالشي ما تتوحشي هاد انجاز انتي بنظري بطلة.

مو لهدرجة انا صحيح طلعت قلبي أبيض بس طلعت بلا شخصية ضعيفة وبخاف وما قدرت قدم للإنسان الي قدملي كل شي ماقدرت قدمله ولا شي مع ان هو بيعطيني قلبه بدون ما يسأل انا مو قادرة اعطي ابسط حقوقه كزوج
حبيبتي صدقيني انتي تعالجتي انتي ماعاد عندك اي مشكلة فيكي تعيشي حياتك بشكل طبيعي
طيب شو اعمل قوليلي أثير خايف يقرب مني كرمال ما يأزيني وأنا مستحيل روح اطلب منه هالشي.

ليش مستحيل أثير زوجك وهالشي حقك متل ما هو حقه يعني هو كيف رح يعرف انك تحسنتي اذا انتي ما خبرتي وهو ممكن يكون خايف عليكي ان يخوفك او يذكرك بشي ما بتحبي تتذكري لهيك بيتجنب يقرب منك
بتبقى المسؤولية بهي الحالة
طأطأت نور رأسها بخجل
مستحيل دكتورة أنا لهلأ بخجل ناديه باسمه كيف بدك مني اطلب منه هيك طلب.

انتهت الجلسة وخرجت نور من عيادة الطبيبة بعد أن احتضنتها بشدة مودعة إياها ثم ذهبت إلى المنزل وهي تفكر بطريقة لفتح الموضوع مع أثير
في مكتب أثير كان يوظب أوراقه لكي يخرج إلى موعده مع الطبيبة حين استمع الى رنين هاتفه
انه اتصال من صديقه عامر الذي طلب منه معلومات عن عم نور الذي تسبب بموت والدتها
ألو يا هلا ابو عمير طمني عنك
الحمدلله والله بالف خير مشان الزلمة الي قلتلي اسألك عنه
اي خبرني شو صار معك.

والله يا زلمة حالته صعبة كتير شركته فلست وكان عليه ديون حطوله بيته بالمزاد العلني ومن شي شهر تقريبا اجته جلطة عملتله شلل كلي
ذهل أثير من سماعه لهذه الأخبار كأن القدر لا يريد له أن يلوث يديه مع رجل قذر كهذا فاقتص منه بطريقته
إنها الحكمة الإلهية بالنهاية كل حق سيعود إلى صاحبه
أغلق هاتفه وشعور بالارتياح يسري بكل عروق ثم استقل سيارته قاصدا عيادة الطبيبة.

في تلك الأثناء توصلت نور إلى قرار هي فقط ستعترف لأثير بحبها فقط ستقول له أنها تحبه وهو سيفهم ما عليه أن يفهمه
وصل أثير إلى العيادة جلس الى الكرسي المقابل للطبيبة التي بدت مرتبكة وكأنها ستحدثه بموضوع خاص
اتفضلي دكتورة قلتيلي في شي ضروري بدك ياني فيه
استاذ اثير زوجتك نور صارت بخير يعني ماعاد في أي شي تخاف عليها منه
ما فهمت
الي بقصده إن صار بإمكانكن تمارسوا حياتكن الطبيعية كزوجين.

دكتورة أنا خايف على نور وبصراحة انا ما بتحمل اني كون السبب بخوفها وبذكرياتها القاسية انا ماعندي مشكلة قد ما طولت فترة العلاج المهم بالآخر هي تكون مرتاحة
استاذ أثير انا بعرف منيح شو عم قلك نور ما عاد تخاف منك ولا من الذكريات هي محتاجة بس إنك تبادر
هي قالتلك هاد الكلام
لأ بس أنا طبيبتها وبقدر قيم حالتها هي لساتها بتخجل ما عندها جرأة تقلك ان بدها تكون معك هاد الشي واقف عليك انتا
شكرا كتير دكتورة لتعاونك.

القى التحية ثم خرج متجها إلى المنزل
كانت الساعة التاسعة تماما حين طرق باب المنزل وانتظر قليلا ثم فتحت نور وعلامات التوتر واضحة على ملامحها ما زاد من قلقه وجعله يعزف عن الاقتراب منها.
لم يعرف أن هذا التوتر هو الذي يسبق الاعتراف بالحب.
سيد الموقف كان ألم بطنها كلما تتخيل أنها تقف أمامه قائلة أحبك تشعر بانقباضات أسفل معدتها.

وقفت تتأمل وسامته الرجولية وملامح الحب والحنان التي ترتسم على وجهه كل شيء في تقاسمه يريحها تعرف جيدا أنها في أمان معه تعرف جيدا أنه يستطيع التوقف في اللحظة التي يشعر أنه يؤذيها حتى ولو كان في منتصف الطريق وهذا ما يجعلها لا تخشى من شيء في حضوره كان كسد منيع يقف حائلا بينها وبين كل ما هو مضر بالنسبة لها
تدرك أنها تعرفت على نفسها بعد أن عرفته.

يقف صامتا يتأمل توترها الذي يعشقه تبدو كطفلة صغيرة أضاعت لعبتها المفضلة تفرك كفيها ببعضهما تفتح فمها محاولة الكلام ثم تغلقه مرة أخرى تخونها اللغة أمام كمية المشاعر الهائلة التي تعتريها لا تعرف ما الذي سيفهمه من كلمتها تحاول تخمين ردة فعله
طال الصمت فحاول أن يقطعه بسؤال لا علاقة له بما يدور بعقل كليهما
شو صار معك عند الدكتورة
أثير أنا بحبك
بعينين متسعتين نظر نحوها وهو يكاد لا يصدق ما سمع.

كانت الكلمة التي خرجت من شفتيها أشبه بدلو ماء بارد رمي فوق نار فتحولت بجزء من الثانية إلى دخان ورماد
وجد نفسه بغير وعي يخالف كل ما خطط له يسير نحوها ليقطع المسافة القليلة التي بينهما فيطوقها بيده ضاما جسدها الصغير إلى حضنه بشدة.

وبيده الأخرى يرفع وجهها إلى مستوى نظره ملتهما شفتها بشوق عاشق طال فيه ليل السهر قبلة يقتل فيها كل الليالي التي بات فيها بعيدا عن شفتيها قبلة تحمل لهيب عشق نال منه الصبر حتى عجز
للمرة الأول تعرف أنها تمتلك شفتين للمرة الأولى تشعر أنها أنثى أنثاه وحده تقف بين يديه مستسلمة لشفتيه الجريئة دون الاعتراض أبدا.

لم يكن بحاجة للابتعاد عن شفتيها ليتنفس فهو يأخذ اكسجينه منها ما كان له أن يتركها بعد كل هذا الانتظار
قبلة يفرغ من خلالها مشاعر احترقت بداخله لأشهر حتى احرقته معها
ما أجبره على الابتعاد عنها سوا رنين الهاتف الذي لم يصمت لدقائق
أخرج هاتفه من جيبه وهو يزمجر بغضب من الاتصال الذي أتى بلحظة غير مناسبة أبدا.

حاولت الافلات من بين يديه ولكنه أوقفها واعاد احتضانها باشارة منه أن ما بدأ للتو لن ينتهي هكذا فهو بعد كل هذا الصبر لن يكتفي بقبلة
ألو اي ست ايناس خير شوفي عشرين اتصال
اثير الحقني مشان الله ايهم وقع عالدرج وأحمد مو بالبيت
كيف يعني وقع طيب طيب جاي انا دقيقة بكون عندك
اغلق الهاتف ونظر الى نور التي تسأله بعينيها عن الأمر
اسف بس مضطر امشي ايهم واقع
طيب خليني اجي معك
مافي داعي أنا بطمنك انتبهي على حالك.

قبل رأسها ثم خرج مسرعا نحو سيارته
جلست نور بقلق ولكنها في الوقت نفسه لم تستطع أن تزيل من رأيها مشهد قبلته تضع يدها على شفتيها وتبتسم بخجل ثم تلوم نفسها على سعادتها المؤقتة في حين ان ابن صديقتها بخطر.
بعد حوالي ساعة اتصلت بأثير لتطمئن على ايهم
فطمأنها أنه بخير وأن الجرح سطحي
فقررت أن تحضر مفاجأة لأثير
بعد قليل من الوقت اتصلت به مرة أخرى لتسأله إن كان يحمل مفتاح المنزل أم لا
ألو أي أثير مطول.

لا شي نص ساعة رح امرق عالصيدلية جيب الأدوية وبودي ايناس على بيتها وبعدين جايي عالبيت
طيب معك مفتاح
معي ليش
تمام لكن لما تجي لا ترن الجرس افتح بمفتاحك
ماشي انتبهي على حالك
لم تعلم كيف اتتها الجرأة لارتداء فستان كهذا فستان أحمر اللون أكمامه طويلة وشفافة وطوله لا يتجاوز الربع الأول من أفخاذها فكرت ألف مرة في تغييره وارتداء فستان أكثر حسمة ولكنها قررت في النهاية أن تبقى عليه فهي لا تفعل أي عيب او حرام.

وأخيرا جاء اليوم الذي سيتوج فيه حبه، ويقطف ثمرة صبره، سيتربع على عرش قلبها ويعلن امتلاكه الدائم لها،
إنها أنثاه بعد اليوم، لن تكون لأحد بعده كما لم تكن لأحد قبله.
أدار المفتاح بالباب ليتفاجأ بما حضرته خلال فترة غيابه القصيرة.
فرشت الممر الذي يفصل بين غرفة الجلوس وغرفة النوم
بالورود الحمراء على طول الطريق والشموع إلى الجانبين.

وكأنها جهزت ممرا لدخول ملك هذه الأرض، لا يهمها أن يكون ملكا هو ملكها هي بعد الآن.
سار بهدوء نحو غرفته فهو لم يعتد على العجلة في شيء يدرك أن ما نمتلكه بسرعة نخسره بسرعة لذا دائما ما يفضل التأني على العجلة.
فتح باب الغرفة بهدوء ودخل بقامته الفارغة ومشيته الرزينة التي تثقل حجمه ومكانته في نظرها،
كان رجلا لا يشبه أي رجل آخر رجل لم يخلق مثله اثنين على هذه الأرض،.

لا زال يمسك الباب بيده وعينيه معلقتين على تلك الساحرة الصغيرة التي تقف أمامه وهي تحمل من الفتنة ما يصرع أكبر الرجال بفستانها الأحمر تبدو وكأنها حورية هربت من الجنة، ولكن هل لأحد أن يهرب من الجنة هي حورية هربت إلى الجنة، ترى الجنة بين يديه، في دفء احتضانه، وعذوبة كلامه الذي حولها من رماد لا أمل ولا حياة فيه إلى وردة تتفتح كل يوم بلون مختلف،.

أحيا بقبلته السابقة رغبة كانت تجهل أنها تمتلكها رغبتها في امتلاكه في الخضوع لسطوة رجولته الطاغية، في إحساسها بالاستسلام لجرأة شفتيه وكأنها خلقت بينهما
وكأنها أحست أن لا شيء في جسدها حي سوا شفتيها،
فالحي من جسدها هو ما لمسته شفتيه إذا فهي تحتاج إلى لمسة منهما على كل إنش في جسدها لتحيا
ستكون له دون أي مجهود يذكر ستكون سيدة قلبه هذه الليلة وكل ليلة.

على هاتفها لحن يدندن لم ينصت إليه إلا حين شرعت زيزي عادل بالغناء:
جيتلي في أيام كانت فعلا كل الدنيا تخلت عني
مدتلي ايدك وقت اما الكل كان بيبع
من غير كلام لاقيتك إنتا لوحدك واقف جنبي
شدتني ليك من غيرك كان ممكن أضيع
شايلاهالك طول عمري افضل عايشالك
انا محتجالك اني ابقى ليك
هتصدقني من نفسي انت اقربلي
واكتر من رجلي يتقال فيك ايه.

يتقدم نحوها وعيناه تأبى أن تنزاح عن سحرها وكأن النور يشع من جسدها. شيئا فشيئا صار يحتوي جسدها بيده وشفتيها تعود إلى المكان الذي تنتمي إليه ويديه تشعل نور جسدها المنطفىء لتعيد الحياة إلى كل مكان تلمسه، يحول الصحراء إلى بستان من ورود الزنبق فتتحول بدورها من مدينة مهجورة مافيها سوا أبنية منهارة إلى ليلة عيد تضج بالحياة.

لم تكن قبلة عابثة بل كان يبدو كرجل اختبر كل أنواع القبل يعرف جيدا ما يفعل ويعرف جيدا كيف يوزع القبل المتناثرة بطريقة سحرية ولكن في الحقيقة هي امرأته الأولى خبرته في العشق تولدت لتوها معها ولها وحدها
مشى بها نحو السرير ثم اعتلاها وأخذ يوزع قبلا محمومة يزرع مع كل قبلة ياسمينة فتبدو هي وكأنها حديقة من الياسمين العطر لم يكن الدفء ولا الأمان ما يسعدها بقربه هذه المرة.

بل أنوثتها التي تسرقها من بين شفتيه إحساسها بأنها الوحيدة التي أحبها رجل في الكون كله حبا كهذا اكتشافها المتأخر لسجدها وكأنها كانت ميتة كل تلك السنوات التي مضت و أحياها اليوم بقبلة.
ترمي ثقل جسدها فوق صدره العاري تغطي جسدها بشرشف صيفي تأبى النظر إلى عينيه بل تأبى النظر لأي شيء تفكر بخجل بتفاصيل هذه الليلة تدهشها جرأتها التي لم تعرف من أين وجدتها لعلها تجهل الكثير عن نفسها.

يحتضنها بقوة وهو يضحك بسره على خجلها المتأخر فقد زال سكرة الحب وانقشع سحره فعادت إليه الفتاة الخجولة ذات الخدين الحمراوين
ما رح تطلعي فيي
لم تجبه بل دفنت رأسها بصدره أكثر
طيب شبك زعلانة؟
لم تجب أيضا اكتفت بهز رأسها بعلامة النفي
امممم يبقى خجانة اطلعي فيي هيك
رفع رأسها نحوه وهو يغمز لها
وين كنتي مخبية كل هالحلا
أثير بس بترجاك
يسلملي الخجول أنا تعي
أعاد احتضانها وهو يستمع إلى دقات قلبها العالية.

ساد الصمت لدقائق ثم أردف
أنا جوعان
طيب رح قوم حطلك تاكل بس غمض عيونك لحتى البس
لا يا على أساس قبل شوي كنا عم نلعب غميضة
اترك قبل شوي بحاله نحن بهلأ
وشو الفرق بين قبل شوي وهلأ كنتي مرتي وبعدك مرتي
اممم فيك تقول انفك السحر
لا شو ينفك عجبني هاد السحر خلي
وضعت يديها فوق عينيها قائلة
أثير بس بقى والله بتركك بلا أكل وبنام
ومين قلك انا بدي آكل
انتا قلت جوعان
أنا جوعان الك مو للأكل
طيب تصبح على خير.

لا لا خلص تعي رح اسكت
كيف صار أيهم كيف وقع
وقع عدرج البيت وهو عم يلعب بس صار منيح مافي شي
ساد الصمت لبرهة قرر أثناءه أن يصارحها بما عرفه عن عمها
من فترة سألت عن عمك ابراهيم بتحبي تعرفي شو عرفت عنه
اممم
صار معه جلطة سببتله شلل كلي وأملاكه انباعت بالمزاد العلني
نظرت إليه وقد تجمعت في عينيها كتلة من الدموع أبت أن تنزل
بعمري ما اتخيلت اني ازعل عليه اذا صار معه شي
بس ما بعرف ليش ادايقت لما سمعت.

لأن قلبك أبيض ونظيف وما بتعرفي تحقدي على حدا
إنتا هيك شايفني
أنا شايف أطيب وأحلى بنوتة بالدنيا قدامي هلأ
أنا لو كنت فعلا حلوة متل ما إنتا عم تقول فأنا حلوة لإني معك اذا بدك ياني ضل حلوة على طول لا تتركني
ومين قلك إني ممكن اتركك ولا حتى بقدر اتركك من اللحظة الي فتي فيها على هاد البيت صرتي قطعة مني
الله لا يحرمني منك.

قبل رأسها وضمها إليه بقوة وغطت في نوم عميق بينما أخذ هو يطالع ملامحها حتى غلبه النعاس و نام هو الآخر.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة