قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عشق بلا رحمة للكاتبة دينا ابراهيم الفصل السادس

رواية عشق بلا رحمة للكاتبة دينا ابراهيم الفصل السادس

رواية عشق بلا رحمة للكاتبة دينا ابراهيم الفصل السادس

استيقظت سمر هذا الصباح وبداخلها شعور غريب، تقلبت في فراشها بتململ وهي تتذكر حديثها مع والدتها بعد ذهاب مصطفى بعرضه الصادم...

فلاش باك...
وقفت سمر بثغر مفتوح تماما كعيناها غير مصدقه ان هذا الكائن الذي لا يطيقها ويضايقها كلما خرجت من بيتها يريد الزواج منها! هي! هي التي لا تصل الي مستوي صدره وتبدو كالطفل الجائع بجواره! نظرت الي والدتها التي كبلت ذراعيها ونظرت لها في تساؤل، قالت سلوى وهي تشعر بالتوتر...
-سمعتي طبعا؟!
ردت سمر بذهول..
-اه سمعت، انا مش مصدقه! ده كل ما يشوف وشي يتخانق معايا!

نظرت الى والدتها وهي تستعيد اول مره رأته بها بهيئته الرجوليه البحته والتي ادخلت الرعب لقلبها وعيونه التي اخافتها وجعلتها كالطفل التائه، خفق قلبها على هذه الذكرى واحمر وجهها وهي تتذكر ملمس يده على ذراعيها الصغيرتان مقارنه بكفيه!
راقبتها والدتها بذهول واستغراب، فاردفت بخضه...
-سمر انتي مكسوفه؟! لا اوعي تكوني...!
سكتت ولم تكمل فردت سمر بعنف وتوتر...
-ايه اناااا! انااا مش مكسووفه لا طبعا وهتكسف ليه!

-امممممممم اومال وشك احمر ليه؟ احم بصي فكري بردو مصطفى مشفناش منه حاجه وحشه بالعكس ده بيحافظ علينا كأن ربنا بعته لينا نجده!
نظرت لها سمر باستغراب ومشاعر مضطربه...
-افكر؟! يعني هو ممكن بجد يتجوزني! احنا حياتنا مختلفه اوي!
-انا مش هغصبك على حاجه طبعا بس ليه لا الاول اسأل عليه واطمن من نحيته ولو في نصيب وانتي موافقه يبقي فين المشكله؟!..

سمر وهي تفكر بمستقبلها ولاول مره تنظر الي نفسها كأنثي مقبله على الزواج...
-احم هفكر يا مامتي بس زي ماانتي شايفه الوقت غلط خالص و بابا والهرب اللي احنا فيه...
ردت سلوى سريعا: والله يابنتي انا اللي مخليني متقبله الموضوع انه هيقدر يحميكي وانا كل خوفي عليكي انتي!
ردت سمر باستسلام وهي تتمني وجود والدها وتشتاق له كثيرا...
-ماشي يا ماما لو في نصيب هيكون، انا هدخل اوضتي شويه!
انتهي الفلاش باك...

وقفت من على الفراش بتأفف مر اسبوع ولم تقرر شيئا بالعكس فقد اختلطت مشاعرها وافكارها اكثر! حتى انها كلما وقفت في النافذه والتقت عيناهم تشعر بخجل شديد وتبتعد سريعا...
سمر لنفسها: يوووووووة كان مستنيني فين ده بس، انسي كل ده وقومي خلي ربنا يكرمك الساعه 9 هو اكيد مش هيجي دلوقتي الحقي انزلي دوري على شغل!

جهزت سمر وارتدت هذه القطعه الكلاسيكيه المسماه بينسل سكيرت، تلك التنورة البريئه التي تجعلها تتمرد على مظهرها البريء والطفولي لتتحول الي مظهر السكرتيرة التي تحاول اغواء مديرها!
هزت رأسها على هراء تفكيرها يبدو ان الروايات قد اتلفت عقلها تماما، فامتلاء اردافها قليلا لايعني انها مثيرة بل يعني انها كالبقرة المترهله، كم تكره تلك التنورة الغبيه!

خرجت تلقي الصباح على والدتها وتقبل رأسها وتطلب منها ان تدعي لها بالتوفيق حتى تتمكن من ايجاد عمل...
بدأت رحله بحثها عن العمل بعد ان حددت عده شركات لتتقدم بها الا انها بدأت تشعر بخيبه الامل عندما جاءها الرد من معظمهم بانها لا تملك شهاده جامعيه بعد وانه من الصعب القبول بها...

اخذت تجول بأسي وتعب عندما رأت مطعم صغير لايبعد كثيرا عن الحارة يضع لافته مطلوب عامله!حسنا لما لا هي تعلم الكثير عن المطاعم والتقديم بل كانت تساعد والدها كثيرا كنادله وهي اصغر من ذلك!
ظلت تدعو الله بأن يوفقها و يتم قبولها بالعمل، وبعد مرور ساعه خرجت سمر والابتسامه مرتسمه على وجهها فقد استطاعت الحصول على العمل وستبدأ من الغد!
شعرت سمر بانها ستطير فرحا حتى انها وصلت الي الحارة في وقت قياسي!

كان مصطفى متجه مع بلال لمقابله احد الرجال المسبب لهم مشاكل في شراءهم قطعه ارض...
-والمهندس بتاع عمارة الانفوشي لازم نتابعها عشان مش اماني اوي...
ليردف بلال: هيغش في ايه ما احنا تلبعتا الصبه وربط الخشب وكمان مش هيقدر يتعامل مع الفواعليه بتوعنا...

وقف مصطفى مرة واحده عندما راءاها في منتصف الحارة تمشي والسعاده مرسومه على وجهها، اثارت فيه الجنون من مظهرها الانثوي والممزوج مع برائتها بشكل مخيف وهي تمشي وتتبختر غير ابهه للعيون التي تتابعها وتأكلها اكلا كعيونه تماما!.
اشار لبلال بالانتظار وسار خلفها بغضب لا يدري على من! وما ان دخلت بنايتها حتى اوقفها...
-سمر!
تسمرت مكانها وهي تستمع الي الصوت الذي ارعش بدنها بذكر اسمها بتلك القسوة..

التفت اليه سمر ببطئ وهي تبلل شفتيها...
-ن نعم!
لاحظ مصطفى توترها ويدها التي تحاول اخفاء ارتعاشتها وهي تمسك بحاجز الدرج، ازعجه توترها وخوفها ورغما عنه ظهر الغضب والقسوة في عينيه التي تشبه العسل الساخن!
لن يلوم سوي نفسه على خوفها هو الغبي الذي يتعامل معها وكأنها من الشوارع، لكن ماذا يفعل هو من لم يعتد على معامله النساء خاصا امرأه يرغب بها بشده!

وجد نفسه يقترب منها ليقف عند بدايه الدرج، نظر الي عينيها المحيرة بلونيها الازرق المخلوط بالاخضر وهو يمسك بالحاجز امام يدها تماما ليظهر الفارق الكبير بينهم...
علت انفاسها بشده وشعرت بان مجموعه من الفراشات قد اطلق صراحها اسفل بطنها وهي تقف على الدرجة الثانية وهو بالاسفل ومع ذلك يصل الي مستواها بسهوله!

حاولت الحديث وتوبيخه او قول اي شئ ولكن ارتجافه شفتيها عندما نظر الي فمها الذي يوشك على الحديث قد اوقفتها تماما!
ظل يجول بعينيه على وجهها وملامحها البريئه وشفتيها اللتان تتحدياه لالتهامهما في رغبه جامحه لم يشعر بها في حياته، فقط هي من تستطيع ان تهز كيان رجولته بلا اي محاوله!
قال بصوت اجش تغلفه قسوة لهفته...
-فكرتي ولا لسه؟

احمرت وجنتيها وهي تنظر الي شفتيه التي تتحرك بطريقه اغوائية لم تعتد عليها، كيف يمكن لرجل كهذا بكل عنفوانه وهمجيته ان يكون له شفتان كتلك! ليس عدلاااا ابدا!
ردت بتوتر وصوت متقطع...
-احم امممم بفكر!
-انتي خايفه!
لم يكن سؤالا بل الامر الواقع امام عينيه، ردت هي دون كذب...
-اه خايفه شويه...
ابتسم على ردها بينما غابت هي قليلا في ابتسامته الي تراها للمرة الاولي و التي تجعل شفتيه اكثر اثارة!

سمر لنفسها: ما تتلمي بقا انا سكتالك من الصبح!مش اسلوب ده على فكرة!
قاطع افكارها صوته المبتسم...
- متخافيش...
صمت لينظر لها من اعلي الي اسفل فتذكر تنورتها السخيفه، عقد حاجبيه ونظر لها بحده رغما عنه...
-بس البتاعه دي متلبسهاش تاني...
رفعت سمر حاجبها و اطلقت شبح ضحكه غير مصدقه هذا ال مصطفى بمزاجه المتقلب، وضعت يدها على جانبها وقالت بعناد...
-ليه بقي ان شاء الله! ما هي طويله اهيه!

-انتي مش شايفه مخلياكي عامله ازاي، انا كنت هرتكب جنايا وانا شايف اللي رايح واللي جاي عينه مش بتنزل من عليكي...
احمرت حرجا وقالت بحده...
-مخلياني عامله ازاي يعني؟ جيبه زي كل جيبات الخلق!
رد مصطفى بحنق وغيظ من تمردها الذي يفاجئه طوال الوقت وهي التي تخافه من الوهله الاولي، فاين يختفي هذا الخوف كلما حاول السيطرة عليها!.
-بصي متستفزنيش، مش مراتي اللي هتمشي وسط الناس كده...

قاطعته بصوتها الغاضب الممزوج بخجل...
-اولا مش بستفزك، ثانيا انا لسه موافقتش عشان نتخطب مش مراتك مره واحده!
رد مصطفى بكل جديه و ثقه...
-خطوبه ازاي يعني! احنا بنكتب كتاب على طول!
شهقت بصدمه واردفت برعب...
-ازاي يعني نكتب كتاب على طول وفترة الخطوبه دي هتروح فين، اللي الناس بتتعرف فيها على بعض!
فرح مصطفى لانها تتكلم وكأنها ستوافق فعلا، فاعتراضها على الطريقه وليس الارتباط نفسه...

نظرت له وهو يبتسم وكأنه مجنون!
-اووووف انا طالعه عن اذنك...
اوقفها صوته الجهوري وهو يقول...
-استني هنا...
تجمدت قدماها وعاد الخوف اليها قليلا، هز رأسه على هذه الجنيه الصغيرة التي تخافه وتتمرد في نفس الوقت في خليط ينجح في نبش حيرته! تنحنح قليلا ثم قال...
-متتأخريش في الرد!.
ذهب وتركها دون ان يستمع اليها، اخذت ابتسامه صغيرة تحوم على شفتيها قبل ان توبخ نفسها وتصعد الي والدتها تبشرها بايجاد عمل...

صعد مصطفى على الدرج ليصل الي السطح حيث يقضي معظم اوقاته بل وينام هناك في الغرفه التي جهزها خصيصا ليتمتع ببعض الخصوصيه منذ وفاة والدته والذي جعله الشخص المخيف الذي هو عليه وخلفه بلال وهو يزفر بضيق...
مصطفى بحنق: ماتبطل نفخ بقا من الصبح قارفني ببوزك اللي يقطع الخميرة من البيت ده!
-هتنقط منها يا مصطفى، بنت عمك دي هتجيب اجلي...

وكأن ندى كانت تقف وراء باب شقتها في الدور السابق للسطح، في انتظار مرورهم، حسنا بدون كأن هي بالفعل كانت تنتظر مرور بلال فمنذ اسبوع وهو يرفض الحديث معها ويتجاهلها ويرفض الصعود الي السطح حيث يتقابلون بعيدا عن اعين عائلتهم!
فتحت الباب بسرعه ولهفه ووقفت تنظر الي عينيه المتسعتين من الخضة، وقالت بصوت حاد تحاول السيطرة عليه...
-ممكن اعرف بتعمل ليه كده!
نظر الي الجهه الاخري بضيق و اردف...
-بعمل ايه؟

تجمعت دموع الغضب في عينيها فاغلقت الباب بهدوء حتى لا تستيقظ والدتها وامسكت ييده، نظر بلال الي يدها بحاجب مرفوع ثم الي وجهها الا انها لم تعطه فرصه وجذبته خلفها الي السطح في وسط ذهول مصطفى الواقف يتابعهم من منتصف الدرج وهم يتخطوه ليصعدوا، ضرب مصطفى كف على كف وقال لنفسه...
-ايه البت دي! كتكوا القرف في بجاحتكم؟!

زفر وصعد خلفهم يلجأ الي قوقعته، فوجد بلال يستند على الحائط وندي تقف امامه و تؤنبه بغضب يكاد يخرج من عينيها...
ابتسم مصطفى لبلال في شماته وغمز له وهو يغلق باب حجرة السطح في وجههم...
تركها بلال تتحدث وتتحدث وتلومه وتتهم حبه لها حتى فاض به الكيل بعد مده فسألها...
-خلصتي ولا لسه في قله ادب تاني!
ندى بحنق وضيق وهي ترغب في خنقه...
-انت ايه يا اخي مش بتحس، كل اللي قلته ده مأثرش فيك، ايه غبي للدرجه دي...

لم يستطع السيطره على نفسه اكثر فامسك بذراعها وهو يقربها منه قليلا ويضغط على لحمها...
-ما تلمي لسان اهلك ده بقي انا ساكت من الصبح! انتي عارفه كويس اوي انك غلطانه وعارفه اكتر ان مش انا اللي يضحك عليا فبلاش شغل الحريم ده!
بكت ندى وهي تحاول الافلات منه، وقالت بندم وغيظ...
-انا غلطانه اني تعبت نفسي وفضلت اهري عشان واحد ميستاهلش اصلا!
ضحك بلال بغضب وقال...

-انتي صح! انا لو استاهل فعلا كنتي عملتيلي قيمه اكتر من كده!
نفضت ذراعيها من بين يده بعنف وقالت مدافعه و شفتيها ترتعش من شده انفعالها...
-انا يا بلال مش بعملك قيمه، انااااا! ايوة صح، انا بردو مش بخرج مع حد من صحابي عشان نفسي و باسورد الفيس معاك عشان خاطري اصلي مش بثق فيا وانا بردو اللي بطفش العرسان عشان مفتريه! و بعمل اي حاجه ممكن تضيقك او تجرحك!
صرخ بلال بها لتخرس...

-ايوة انتي الضحيه صح وانا ابن ستين كلب ومش موافق نتخطب زي الخلق اللي بيرتبطوا ممكن افهم انتي بتأجلي ليه لو بتحبيني اوي كده! فهميني ليه؟ ولا مستنيه فرصه احلي تجيلك يا ست هانم وحطاني على الرف!
زاد حديثه من بكاءها وارادت الهرب من امامه الا انه لحق بها وامسكها قبل ان تخرج...

-لا يا ندى مش هسيبك تهربي زي كل مره! بصي عشان نبقي واضحين انتي بتاعتي انا وملكي من وانتي في اللفه و بتنامي على دراعي، انا عارف انك ليا فأعرفب ده انتي كمان لان بالطول بالعرض هتجوزك يابت الناس، حتى لو مش عايزة انتي فاهمه ولو في اي حاجه في دماغك احسنلك تنسيها وتعيشي مع الامر الواقع!

هزها بعنف وكأنه يدخل كلماته الي عقلها ولكنها افلتت منه لتحتضنه بشده وتبكي بين ذراعيه، زفر بشده وغضب وامسك بشعرها المنسدل ليرفع رأسها ويراها وهي تبكي وعيونها حمراء ومنتفخه، زفر مره اخري ونظر الي السماء وهو يضمها الي صدره اكثر، ظل يهدئها ويربت عليها حتى هدأت شهقات بكاءها..

هنا فتح مصطفى الباب بعد ان حاول الا يتدخل ويعطيهم وقت للتفاهم وحل مشاكلهم فلولا انه يعلم ان بلال يعشقها ومتأكد ان نصيبهم لبعض لما تركهم لحظه واحده ليحولوا مكانه المقدس الي وكر لحبهم!
-ممكن نتأدب بقي شويه وتشيل ايد امك من عليها! انتي مش عارف اعمل معاكي ايه! مينفعش تعيطي من بعيد انا مش عارف امك كانت بتربي فيكي ازاي!
ضيق بلال عينيه وهو يقول له بغيظ...
-اطلع منها انت وبعدين انا اللي مربيها...

ابتسم له مصطفى و كأنه يثبت كلامه!
-اه ما انا واخد بالي...
اعاد نظره الي ندى وهز رأسه ثم استكمل حديثه...
-يابت فكك منه ده ميستاهلش حد يعيط عشانه ده هيموتني، طيب تصدقي بالله لو انتي مش زي اختي و انفعك كنت اتجوزتك ولا يطول شعره منك!
قربها بلال منه قليلا وهو يرغب في قتل مصطفى بهذه اللحظه...
-لا انت ولا عشره زيك! ندى ليا طول عمرها!

الا ان ندى لم تضحك او تلطف الجو كعادتها بل انفجرت في البكاء اكثر و هي تضع يدها على وجهها وتبكي بمراره...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة