قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عشق الصقر الجز الثاني للكاتبة شهد طارق الفصل العشرون

رواية عشق الصقر الجز الثاني للكاتبة شهد طارق الفصل العشرون

رواية عشق الصقر الجز الثاني للكاتبة شهد طارق الفصل العشرون

في مكان العاشقان.

بعد أن جلسوا كثيرا أمام الزجاج الشفاف، حملها بين يديه و خرجوا من باب اخر على البحر مثل الشرفة بسور خشبي وهناك وسادات قطنية مريحة اجلسها عليهم وجلس بجانبها وضمها إليه و ظلوا يشاهدون الغروب الرائع و المريح للأعصاب كل منهم كان يحتاج لهذا اليوم من مدة طويلة للغاية، شكرا صقر الله بداخله على الهامه لهذه الفكرة هو توقع أن تسعدها ولكن ليس لهذه الدرجة على الاطلاق، ما اوجعه هو أنها مازالت صامتة، نعم عبرت عن سعادتها ولكن ظلت صامتة.

ولكن قطع صمتهم وتأملهم هاتف صقر نظر له والموصل ما كان الا...
فادي. نطقها صقر بنبرة عادية، جعلت شهد تلتف له و عينيها بها الكثير من النظرات، فتح الهاتف وقال: اذيك يا فادي.

كويس الحمد لله، شهد عاملة ايه.
نظر لها قائلا: شهد كويسة الحمد لله.
رد بحزن: يارب دايما تبقى كويسة، صقر هي لسه مش بتتكلم، طب مش عايزة تكلمني هي زعلانة مني.

سحبت من يده الهاتف لانه صوته كان عالي فوصل لها فقالت بهدوء بالغ: وهي شهد عمرها زعلت منك يا فادي.

فرح قلبه كثيرا ف منذ شهور لم يستمع لصوتها ولكن رجع الحزن اليه فقال: لسه فاكرة فادي يا شهد.

قالت كلمة واحدة: اسفة.
شعر بإنكسار في نبرتها فقال: اوعى تعتذري في يوم يا شهد انتي الكل يعتذرلك عن حاجات كتير لكن انتي لا.

ردت بهدوء قائلة: ممكن تيجي بكرة انت و همس الفيلا انا عازمة الكل بكرة.
ابتسم قائلا: حاضر هنيجي.
اخذت نفس عميق قائلة: شكرا يا فادي، سلام.
أغلقت الهاتف ووضعته بجانبها و التفت بوجهها إليه ونظرت بعمق وعينيها تحمل اعتذار قائلة: انا اسفة اني أن قرار زي ده من غير ما اقولك بس.

نظر لها بعشق واستغراب: انتِ بتعتذري وكمان لسه هتقولي مبررات، ده بيتك يا شهد ملكك زي ما انا جسمي و روحي و قلبي و املاكي كلها ملكك.

اكتفت بإبتسامة صغيرة زينت شفتيها و دفنت رأسها في عنقه وهي تحاول الالتفات بجسدها إليه وهو ساعدها حتى سمع همسها وهي تقول: اسفة. متسألنيش اسفة ليه، انت تستاهل الاعتذار على حاجات كتير اوي، ممكن نروح ل بابا وحشني اوي.

ضمها إليه أكثر وقبل جبهتها قائلا: عيوني.
ضمها إليه عدة ثوان وبعدها أبعدها برفق ونهض ليحملها بين يديه لتمسك بعنقه، وهي تريد أن تبكي كل ثانية ولكنها تتماسك أمامه تعلم بكاؤها ماذا يفعل به يكفي ما مر به معها خلال الفترة الماضية، بعد عدة خطوات خرجوا من المنزل الخشبي وهي تنظر له بعشق متذكرة ما قدمه لها اليوم، وجدت نفسها داخل السيارة و عاد صقر ليستقل السيارة بجانبها ولكن أوقفه صوت.

انا جاسم يا باشا.
التف صقر له وحده يقترب منه بخطوات متعرجة أثر الحادثة ولكن تعرج بسيط للغاية لم يؤثر على قوته الجسمانية، كل هذا تحت أنظار شهد التي كانت تستمع لحديثهم.

اقترب منه صقر قائلا: حمد لله على سلامتك يا جاسم.
نظر لها وابتسم قائلا: الله يسلمك يا صقر باشا، كنت. كنت عايز اقول لحضرتك اني بقيت تمام ومستعد ارجع الشغل ولو حضرتك عايز تشلني من منصب رئيس الحرس او امشي خالص...

قال بنبرة صارمة: وانت عايز تمشي يا جاسم.
رد جاسم بحزن: انا معاك يا باشا تقريبا من ساعة مع حضرتك اتجوزت الهانم ومن ساعتها وانا الحارس الشخصي لها انا عارف اني أثرت كتير بس.

ابتسم ابتسامة طفيفة قائلا: روح يا جاسم اركب ما الحرس انت رئيسهم زي ما انت، يلا عشان نمشي.

واستقل صقر السيارة و ابتسامة واسعة كانت على ثغر جاسم و قبل أن يستقل سيارة الحرس أشارت شهد له بالاقتراب وقالت: حمد لله على سلامتك يا جاسم، انا اسفة، يلا روح تركب مع الحرس.

نظر لصقر بإندهاش ولكن صقر أشار له بعينيه أن يذهب للسيارة وبالفعل امتثل لأمره وذهب، نظر بعدها لشهد التي اشاحت بنظرها للزجاج قائلا: بتعتذري انهاردة كتير يا شهد.

الاعتذار واجب وخصوصا في حالتي، يلا عشان منتأخرش على الولاد.
نظر لها عدة ثوان وانطلق بالسيارة إلى منزل والدها.

في وزارة الداخلية.
يقف امام اللواء مثل التلميذ الخائب وفجأة صاح به قائلا: برافو يا سيادة الرائد برافو اكتر من 3 شحنات أدوية غير صالحة تدخل البلد وانت قاعد مكانك باشا، واضح أن موت مراتك زمان لسه مأثر عليك، واضح أن شهد كان عندها حق لما قالت انك بارد، من الواضح انك مستحقش المكانة اللي انت فيها، اتفضل على مكتبك.

لم ينطق بحرف ولكن أدى التحية العسكرية وذهب وبعد خطوات خرج من المكتب وهو يغلي من الغضب دلف لمكتبه بعد أن أغلق الباب بعنف جلس على مكتبه وهو يشدد من خصلات شعره ويكاد يقتلعها ولكن اللواء على حق منذ وفاة زوجته منذ سنوات وبسبب إحدى القضايا الذي كان يعمل عليها ومنذ هذه اللحظة وهذه أصبحت طبيعته لا يوجد لديه مشاعر سوى البرود! ولكن ليس بيده كلما حاول بالاخير لا احد يقابل منه سوى البرود.

في منزل شهد.
وصل شهد وصقر للمنزل و الحراسة خلفهم، ترجل من السيارة وحملها بين يديه وأمر أحد الحراس بإشارة من عينيه أن يحمل المقعد المتحرك ويصعد خلفهم.

وبعد دقائق وصل أمام الشقة و ضرب الجرس و فتحت لهم فاتن وهي تكاد تبكي من حمل صقر لابنتها ولكن تماسكت ورسمت الفرحة على ملامحها وقالت بفرحة: منورين يا حبايبي اتفضلوا.

رسم ابتسامة على شفتيه وهي لم ترفع راسها من عنقه حتى دلف للداخل وانزل الحارس المقعد ووضعها صقر عليه، تنفست بعمق حتى رفعت رأسها ونظرت لوالدتها وحاولت رسم ابتسامة صغيرة للغاية وقالت: وحشتيني يا ماما.

جلست أمامها على الأريكة وامسكت بيديها قائلة: وانتي يا قلب ماما وحشتيني اوي.
نظرت حولها وقالت: هو هو بابا تعبان؟ فيه حاجة وحشني اوي.
بلعت ريقها بصعوبة وقالت: بابا كويس يا حبيبتي متخافيش هو في البلكونة لو عايزة تشوفيه.

امأت رأسها قائلة سريعا: اه هروحله عايزة اتكلم معاها شوية وحشني اوي.
اقترب صقر هامسا في أذنيها: تحبي اوديكي البلكونة.
ابتسمت بإنكسار وقالت: لا انا هروح لوحدي.
نظر لعينيها وقال: متأكدة؟
امأت برأسها وامسكت بعجلات المقعد وحطت به حتى الشرفة، وجلس صقر أمام والدتها بألم وهو يزفر بضيق.

انت عارف ديه بنتي حتة مني قلبي بيتقطع على منظرها وانا عارفة هي عندك ايه بس لازم تكون قوي ادامها شهد مش بتستمد القوة من حد غيرك انت يا صقر، استحمل عشان خاطري.

نظر لها بوجع قائلا: بيبقى نفسي اعيط وادفن راسي في حضنها واعيط لغاية ما ارتاح بس اول ما بشوف شكلها بمسك دموعي بالعافية واخدها في حضني واحاول اخفف عنها عشان عارف انها بتستقوى بيا.

قامت وذهبت بجانبه وضمته إليها قائلة لجان اموي: البت شهد واهي مع ابوها اعتبرني ماما وفضفض زي ما انت عايز.

نظر لها بإمتننان وظل يتحدث وهي تسمتع إليه جيدا كوالدته.
في الشرفة ذهبت لوالدها وجدته يجلس على المقعد ينظر للفراغ و بشرود جاءت ولمست على يديه قائلة: شكل طروقة نسي شهد. قالتها وهي تبسم بإنكسار.

التف لها بسرعة وضمها إليه سريعا وهي التفت بيديها حوله أشد وهي تستمد الامان ونزلت من عينيها الكثير من الدموع وعي تقول بهمس: وحشتني اوي يا بابا وحشني حضنك اوي اوي.

وانتي اكتر يا عيون بابا وحشاني اوي.
خرجت من أحضانه ونظرت إلى عينيه قائلة: امال ليه كنت بعيد عني الفترة الفاتت انا، انا بقالي كتير مشوفتكش حتى ماما كانت بتيجي لوحدها، انت زهقت مني يا بابا مبقتش تحبني.

ضمها إليه سريعا قائلا ببكاء: اوعي تقولي كدة يا عيون بابا انتي بنتي يا شهد بنتي اوعي تقولي كدة.

خرجها ونظر هو الآخر لعينيها قائلا: عارفة يا حبيبة بابا مكنتش باجي اشوفك ليه.

امأت برأسها تنتظر إجابته، انزل رأسه بإنكسار قائلا: كل ما بشوفك، بشوف نفسي ضعيف فشلت اني احافظ عليكي.

ابتسمت بضعف ورفعت رأسه قائلة: عمرك ما فشلت يا بابا في انك تحافظ عليا ابدا للاسف دايما الظروف كانت أقوى مننا كلنا وآخر مرة ديه كانت الاقوى فيهم، التيار كان شديد زي ما بيقولوا، معقول يا بابا بعيد عني كل الفترة ديه عشان كدة زعلانة منك. وضمت شفتيها بعبوس مصتنع.

ضحك بخفة وجذبها إليه مرة أخرى قائلا بتأوه: ااه يا حبيبة بابا وحشتيني اوي.
ننزل بالنهاية ولا لسه. قالها صقر بسخرية.
خرجت شهد من احضان بيها و ابتسمت بخفة على غيرة زوجها حتى من والدها.
كاد صقر أن يضم فاتن وهو يقول: يلا يا حماتي احنا وخليهم مع بعض بقا.
ضحكت فاتن بشدة وهي ترى زوجها يقترب منه ويضمها إليه قائلا: ابعد يا واد عن مراتي.

نظر له صقر بصدمة قائلا: يعني بعيدا عن انك عمال تاخد مراتي في حضنك ومن بعدها حماتي، انا يتقالي يا واد!

ارتفعت ضحكات شهد بشدة ولم تضحك هكذا من فترة طويلة ظل ينظر لها الثلاثة بحب واقترب منها صقر جالسا أمامها قائلا بغضب مصتنع: عجباكي اوي يا ختي.

توقفت عن الضحك بعد معاناة قائلة بدلال له: ما انت أحلى واد يا صقورتي.
ارتفعت ضحكاتهم هما الاثنين حتى توقفوا بصعوبة وقالت شهد: يلا بقا عشان نروح ومنتأخرش على الولاد.

يلا حبيبتي.
قبل أن يحملها قالت: ماما ياريت تبلغي الكل انا عزماكوا بكرة عشان مش قادرة انهاردة اتصل بحد ممكن.

نظرت لها بحنو قائلة: حاضر يا قلب ماما.
نظر صقر لزوجته قائلا: يلا.
امأت برأسها وحملها بين يديه كالعادة ونزل للاسفل بعد ان ودعا والديها وأمر أحد الحراس بأخذ المقعد الخاص بها و أمره أيضا بأن يقود بدلا منه.

بعد وقت وهم في الطريق يضمها إليها همس في أذنها: عايز أسألك سؤال لو اجابته هتضايقك متجاوبيش اتفقنا.

رفعت رأسها ونظرت له بتساؤل ولكن امأت موافقة حتى وجدته يقول: بعد الحادثة اللي حصلت ليه مصرختيش معيطيش متكلمتيش مع حد، مجرد انك سمعتي كل حاجة وفضلتي ساكتة شهرين.

أغمضت عينيها بعنف لقسوة الذكرى وادمعت عينيها ولكن قالت: هتصدقني.
امأ برأسه مشجعا ايها على الحديث فقالت وهي تزرف الدموع: كنت يعاقب نفسي. نظر لها بإستغراب ولكن أكملت: أيوة كنت يعاقب نفسي اني مسمعتش كلامك من الاول، اعتبرت نفسي مجرمة تستحق العقاب بنفسها، اعتبرت أن مش من حقي اعيط بحرقة اعتبرت أن مش من حقي اصرخ ولا اتكلم حتى، اخدت ده عقاب لنفسي على حاجات كتير.

نظر بإستغراب واندهاش ولكن قال بحزن: ومحستيش أنه ده اقسى عقاب ليا انا كمان؟

نظرت إليه بإنكسار: كان عقاب ليا قبل ما يكون، فاكر كل مرة كنت برفض ادخل في حضنك، فاكر كل مرة كنت برفض ارد عليك أو مكنتش بتكلم اصلا عمري ما كنت بعاقبك عمري كنت بعاقب نفسي دايما، عارف بعتذر للكل ليه لاني زي ما قولتلك قبل كدة انا مصدر أذى للكل، طب عارف بعد شهرين من غير كلام ولا بُكى ولا اي حاجة ابتديت اتكلم ليه؟ عشانك والله حسيت ان صوتي وحشك حسيت انك محتاج تسمعني، والله وحياتي عندك أنا اي حاجة بعملها عشانك، انا انهاردة اول مرة اعيط سواء حزن أو فرح، انا اسفة تاني و تالت و رابع عشان خاطري سامحني على تعبك الفترة الفاتت سامحني على عجزي سامحني على كل حاجة، انا عارفة انك موجوع من جوه و تظهر العكس عشاني بس عشان خاطري متشلش في قلبك اي ذرة زعل مني وحياتي عندك، و حياة ادهم و فيروز.

واجهشت في البكاء لاول مرة منذ ثلاث اشهر، ضمها إليه سريعا و بكى هو الآخر، كان يظن أنها يفهمها تمام الفهم وهي ايضا، اكتشفا الاثنان أنهم روح واحدة وكيف للروح الواحدة أن لا تعرف ما تحمله كيف!

كل منهم يعرف الاخر وكأنه هو، بكى الاثنين كما لم يبكوا من قبل، كل الم الثلاث اشهر الماضيين تلخص بدقائق البكاء هذه مرت عليهم كالدهر وبعد وقت مسح صقر دموعه ونظر إليها بعمق وهي تحاول أن تهدأ حتى وبلحظة أخذ شفتيها برحلة طويلة للغاية لم يشعروا بمن حولهم كانت قبلة اشتياق و عشق كانت هذه فقط قبلة العاشقان.

وبعد وقت بعد شفتيه وسند جبينه على جبينها وبعينيهم نظرة عشق خالصة، ضمها إليه وظلوا صامتين حتى وصلوا للفيلا، ترجل من السيارة وحملها للداخل ودلفوا لغرفتهم وبعد وضعها على الفراش بخفة قال لها بهمس: هروح اطمن على الولاد و ارجعلك تاني.

امأت له بإبتسامة صغيرة، تركها وخرج من الغرفة أما هي نظرت للفراغ وهي تتنهد بتعب متذكرة لحظاتهم منذ قليل.

بالاعلى دلف صقر لغرفة أطفاله واطمأن عليهم قبلهم من جبهتهم وخرج ليدلف غرفتهم، ابدل ملابسه وذهب بجانبها ضمها إليه لم يقدر منهم أن يتحدث فذهبوا لنوم عميق للغاية.

في صباح يوم جديد، استيقظ فادي وتبدل ملابسه و خرج من منزله ليستقل السيارة الخاصة به ليتجه للاستديو وأمسك بهاتفه قائلا بإبتسامة: صباح الورد.

فتحت عينيها بسعادة وقالت بنعاس: صباح النور يا حبيبي.
ابتسم للقلبه لديها قائلا: شكلك لسه صاحية.
امم اصل عندي محاضرة واحدة ومتأخر فقولت اصحى براحتي.
طب هتخلصي الساعة كام.
اعتدلت على فراشها وقالت: الساعة 3 يا حبيبي.
ابتسم مرة أخرى فهذه الكلمة تشرح قلبه بشدة فقال: طب يا عيون حبيبك شهد عزماني انا وانتي على الغدا هعدي عليكي بعد ما تخلصي ونروح مع بعض اتفقنا.

قامت من فراشها بحماس شعر به بنبرتها قائلة: اتفقنا طبعا.
خدي بالك من نفسك ها.
حاضر يلا باي، أغلقت الهاتف وتنهدت بسعادة وذهبت لبتدل ملابسها.

استيقظت شهد وهي تتاءب نظرت حولها وجدته يتردى سترته وهو يقف أمام المرأة، حاولت الاعتدال لم تعرف، التف صقر سريعا بعد أن أدرك استيقاظها ساعدها على الاعتدال بإبتسامة عاشقة على وجهها وجلس بجانبها مقبلا يديها قائلا: صباح النور على عيونك.

نظرت له بتردد وقالت: انت زعلان مني؟
ضحك بخفة محاوطا وجهها بين يديه قائلا بهمس حنون للغاية: مقدرش ازعل منك وانتي عارفة كدة كويس، نظر لها عدة ثوان وقال بتردد بالغ: ايه رأيك تيجي معايا الشركة.

كادت أن تتحول نظرة عينيها للحزن فقال سريعا: انا مش عايز اسيبك لوحدك انتي بتفطري وتقعدي ادام الشباك لغاية ما ارجع، ها ممكن.

قالت بتردد: بس. بس انا لسه هغير و...
لم تكمل لانه ببساطة حملها سريعا و ساعدها على ابدال ملابسها.
وبالطبع تعرفون العاشق لا يروق له الثرثرة الكثيرة.

في الشركة.
يجلس صقر على مكتبه يتابع عدة أوراق، أما شهد تجلس على الأريكة تتصفح هاتفها، فجأة دلف مروان دون إذن قائلا بفرحة: مش هتباركلي ولا ايه. كل هذا وهو لم يلاحظ شهد.

قال صقر بإستغراب: اباركلك على ايه؟
جلس أمامه وأخذ نفس عميق قائلا: روان حامل.
تألم صقر قلبه كثيرا على عشقه وهو يدرك مدى وجعها بهذه اللحظة صمت عم على الجميع حتى قالت شهد من خلفه: مبروك يا مروان.

التفت مروان بصدمة ولكن هدأ قائلا: احم اسف يا شهد مشوفتكيش.
ابتسمت بوجع وألم قائلة: ولا يهمك، بلغ مباركتي ل روان، أو اقولك انا عازمة الكل انهاردة ياريت لو تعرفوا تيجوا.

هشوف روان ونحاول نيجي ان شاء الله، عن اذنكم هروح اكمل شغلي.

وذهب سريعا بالفعل ليكمل عمله، نظرت شهد للشرفة مرة أخرى وهاجمتها أبشع الذكريات ذكرى جنينها الذي فقدته قبل أن حتى يتكون، نزلت دموعها بصمت، ولكن لم تشعر بها على الاطلاق، زفر صقر بشدة عندما لاحظ دموعها، قام من مجلسه وذهب لها وجلس أمامها على ركبتيه، لف وجهها له ومسح دموعها بأنمله وقبل يديها كأعتذار عما تشعر به، ارتمت بجسدها في أحضانه ولكن لم تبكي هي فقط تود شعور بالأمان بعد شعور الخوف الذي غمرها بشدة، ضمها إليه وهو يود أن يدخلها بين اضلعه وبعد فترة ابتعدت وهي تأخذ نفس عميق قائلة له بهدوء: روح كمل شغلك حبيبي انا بقيت كويسة.

نظر لها بعنف قائلا: متأكدة؟!
امأت له برأسها مع ابتسامة بسيطة للغاية، قبل جبينها ونهض ليكمل عمله وهي أكملت شرودها كالعادة.

وبعد وقت ذهب صقر وشهد للمنزل حتى يكونوا في استقبالهم وبعد مدة، اجتمع الكل امام طاولة الطعام و أصرت شهد أن تجلس في رأس الطاولة ليكون الجميع امامها لم يعترض صقر وجلس بجانبها وبدأ الجميع طعامه بعد التحيات و السلامات.

وبعد وقت آخر انتهى الجميع من طعامه وقطع الصمت صوت شهد: منوريني يا جماعة، انا انهاردة جمعتكم عشان بقالنا تقريبا بقالنا اكتر من 3 شهور مشوفتكمش، انخفضت نبرتها في تلك اللحظة وهي تقول: تقريبا من ساعة الحادثة...
اخذت نفس عميق واكملت حديثها: كانت حادثة صعبة اوي فوق ما عقلكم يتخيل، ضحكت بوجع قائلة: متخيلين ام تفقد جنينها اللي مشافش النور و تتشل في يوم واحد، حاجة صعبة صح.

كانت نظرات الجميع ما بين تشفي وحزن والم مختلطة كثيرا.

صعبة جداا بس ساعتها ولا عيطت ولا اتشنجنت ولا عملت اي حاجة، مش هقولك بقى اني قوية و صمدت والفيلم العربي القديم ده لا خالص انا اتكسرت بجد حاجتين يكسروا اي حد ما بالكوا انا وبكل اللي حصلي، موت شاهين بعد الحادثة بيومين مبردش ناري ده زودها لاني اعتبرت اني مخدتش حقي منه، بس كملت شهرين متواصلين لا بتكلم ولا بعيط ولا بعمل اي حاجة واسفة لاي حد كان بيزورني ومكنتش برد عليه، طب انا بقول المقدمة ديه كلها ليه؟

هقولكم درس صغير اوي يمكن يفيدكم، اختاروا شريك حياتكم صح اختاروا نصكم التاني صح، خدوا بالكم أنا بقول ايه شريك ونص، يغني مينفعش تروح أو تروحي تقولي انا عايزة حد شبهي لا احنا لازم ندور على اللي هيكملنا مش يشبهنا، اوعوا تفتكروا اتنين شبه بعض ممكن علاقتهم تكمل مستحيل، لازم نختار اللي هيكملنا، مفيش حد كامل الكمال لله وحده بس لو اختارنا نصنا التاني و اكتملنا هيبقى ده الاكتمال الصح، اختاروا اللي هيخاف عليك قبل ما يخاف على نفسه، اختاروا اللي ابتسامتك هي إنعاش قلبه، اختاروا اللي عيونه بس بمجرد ما تبصلها بالأمان تلقائيا، اختاروا اللي هيفهكم اكتر من نفسه أو اكتر منك كمان، اختاروا اللي ينفع يكون مرايتك بدون اي تزيين، مرايتك يعني انت من غير ما تصتنع، اختاروا اللي عمره ما هيتحكم فيكم لو حسيت أنه تحكم تبقى غلطان ده خايف عليك اكتر من روحه، اختاروا مصدر قوة مش ضعف، اختاروا اللي وجوده بس هي قوتك في الحياة، اختاروا اللي عمره ما هيزهق أو يمل منك مهما انت عملت، اختاروا اللي هيحاول يسعدك بأي شكل هو عايز يشوف ابتسامتك فرحة قلبك فهيعمل اي حاجة تتخيلها، اختاروا النفس اللي تعرفوه عن بعد، اختاروا الحب اللي هيدوم مهما وقفت ادامه اسوار الدنيا كلها أو جت ريح قوية لازم يبقى زى الشجرة العتيقة اللي جذورها محفورة ومتبتة في الأرض مهما حصل مش بتتهز ولا بتتحرك، اعرفوا ازاي تعدوا كل حاجة مع بعض، البعد وحش اوي انك تعدي اي ازمة لوحدك أبشع عقاب في الدنيا، لو عديتوا اي ازمة مع بعض هتتحفر في قلوبكم قبل عقلكم، اعرفوا معنى الحب كويس لانه فهمه مش سهل وعمره ما هيكون سهل، اعرف قيمة الحب عشان هو يعرف قيمتك، واخر حاجة وهقولها ليكم تاني اختاروا شريك حياتكم نصكم التاني صح، اكيد هيجي سؤال على بالكم هو انتي اختارتي يا شهد.

ابتسمت بعشق وامسكت يد عشقها واكملت: انا حظي كان من السما لاني مش أنا اللي اختارت ده ربنا وهو في اعظم من اختيار ربنا؟ اكيد لا.

نظرت ل مريم وقالت بحنو: اوعي تفتكري يا مريم أن كدة حياتك بقت اخر المطاف لا ده انتي لسه حياتك بتبدي واكيد هتلاقي نصك التاني.

انتهت ووجهت نظرها ل خلود: وانتي يا خوخة اختاري صح اختاري واحد فرفوش زيك بس فرفوش بس ها و الباقي اللي يكملك بس.

اخذت نفس عميق ونظرت ليوسف قائلة: اختار يا يوسف وعيش حياتك هتلاقي نصك التاني انا متأكدة، نصك التاني يا يوسف لو ربنا كتبهولك لازم هيبقى ليك، شيل كل الاوهام من دماغك واختار صح اختار طريقك عشان ده هيبقى باقي مسير حياتك فاهمني يا چو.

ونظرت ل همس و فادي قائلة: وانتو حافظوا على حبكم لانه بإذن لو استمر هيبقى حب حلو اوي.

واخيرا معلش انا طولت عليكم، بس حابة اشكر فرد هنا هو مش فرد عادي هو روحي هو قلبي من جوه هو ده بقى نصي التاني، مش عارفة اشكره على ايه ولا ايه بس انا فعليا تعبته اوي حملته فوق طاقته انا بعتذرله و بشكره وبقوله انت اغلى ما في حياتي لأنك ببساطة حياتي كلها.

وشددت على يده ورفعتها لثغرها و قبلته بشدة أمام الجميع سحب يده ونهض واقفا خلفها موجها نظره للجميع: مش هعرف ارد على كلامها دايما بتغلبني في الكلام بتغلبني بحبها وعشقها بس كل كلمة قالتها صح وياريت تاخدوا بيها و تنفذوها.

نظرت لهم خلود بحب قائلة: ساعات بحس يا شهد انك محتاجة جايزة مش عارفة تحت مسمى ايه بس بردوا تستحقي جايزة، اكيد هتعلم منك و من حبكم ازاي اختار شريك حياتي أو نصي التاني زي ما بتقولي ادعيلي بس.

ارتفعت أصوات الجميع قائلين: ربنا يخليكم لبعض.
ولكن هناك نظرات ندم بسيطة بأحدهم دامت للحظات وتحولت بنفس في اللحظة وكأنه فات الاوان للندم.

راقبت شهد الجميع وهي تبتسم بداخلها كانت تحتاج لهذا اليوم كي تجهش ما بداخلها كي تستعيد روحها الغائبة، لتنعش اكل بسيط بداخلها بإستمرار الحياة مهما حدث بإستمرار العشق مهما كان التيار كما قالت منذ قليل، شكرت الله بداخلها على كل شىء، كل شىء.

انتهت زيارة الجميع وذهبوا لمنزلهم.

في منزل مريم.
تجلس في شرفتها وهي تسترجع كلمات شهد هل تتجه لحياتها وتجد بالفعل نصفها الثاني ام تكمل حقدها فالليلة غريبة على الكل حقا.

بمنزل اخر.
هناك من يجلس يمسك سيجارته و يتناولها بشراهة والندم يتأكله وهو يعيد التفكير ولكن حقا فات الوقت لما يفكر به.

بفيلا العاشقان.

قضوا وقت قصيرا مع أطفالهم يمرحون معهم قليلا ويتحدثون معهم حتى ذهبوا إلى النوم، كان يراقبها صقر بإبتسامة عاشقة تزين ثغره فأخيرا عادت روحها المرحة عادت روحها البريئة القوية المرحة هي شهد مزيج بين كل شىء، صعد واطمن على أطفاله و نزل مرة أخرى دلف الغرفة وجدها مبتسمة لاول وهي تمسك هاتفها تتصفحه، جاء بجانبها وضمها إليه فقالت وهي تضع يديها على وجنتيه: مبسوطة اوي اني سبب في ابتسامتك انهاردة.

نظر لها وهو قلبه يخفق بشدة كعادته قائلا: ومن امتى مكنتيش سبب في ابتسامتي.
ابتسمت بشدة واختفت ابتسامتها رويدا ونظرت له بتردد حتى قال لها مشجعا: ايه يا قلب صقر عايزة تقولي ايه.

هو. هو انت لسه ملقتش دكتور لحالتي.
ابتسم لها قائلا بحنان: كل يوم بدور ومش ساكت وحياتك عندي بس متأكد قريب اوي ربنا هيفرحنا و ترجعي تاني.

ابتسمت من نبرته ويقينه بربه واقتربت وقبلته من إحدى وجنتيه فقال بخبث: طب الخد التاني هيزعل.

ضحكت بخفة وقبلته وجنتيه الأخرى وهو أيضا قبلها حتى ضمها وهم يضحكون بخفة وغفوا في نوم عميق.

في مكان مجهول.
دلف الباشا سريعا للبوص قائلا له: عندي ليك خبر بمليون جنيه يا بوص.
يجلس ببرود وهو يتصفح هاتفه قائلا: ايه في ايه.
الباشا: لقيت دكتور عشان يعالج حالة شهد.
التف له سريعا بلهفة قائلا: انت بتتكلم بجد.
اه والله موجود في فرنسا بروفيسور جامد جداا وعالج حالات كتير شبيها لشهد.
ضرب على المكتب بغضب قائلا: ماشي وصله بطريقتك لصقر عشان تروح في اسرع وقت وتقولي التفاصيل على طول يلا.

وخرج سريعا ينفذ ما أمره به أما البوص قال داخله: خلاص قربت اوي يا شهد قربت اوي.

في سيارة فادي.
ينظر للطريق وهو يقود وهي تنظر إليه بحب وفجأة أغرقت عينيها بالدموع وقالت بإبتسامة وسط دموعها وهي تمسك بذراعه: هو انت ممكن تسبني يا فادي.

التف لها سريعا عندما سمع نبرتها التي تحمل البكاء ولكن لم يلاحظ اقتراب سيارة منهم فأخر شىء سمعه قبل أن يرد عليها هو صريخ همس بإسمه فقط وبعد ذلك ما هي إلا سحابة سوداء عمت على الموقف بأكمله.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة