قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عروس رغما عنها الجزء الثاني للكاتبة سولييه نصار الفصل الأول

رواية عروس رغما عنها الجزء الثاني للكاتبة سولييه نصار الفصل الأول

رواية عروس رغما عنها الجزء الثاني للكاتبة سولييه نصار الفصل الأول

- الامتحان كان صعب اووي يا عادل أنا حاسس اني هسقط...
قالها احد الاولاد والذي يبدو انه في المدرسة الاعدادية، اخذ عادل من صديقة ورقة الامتحان والكتاب ثم القاها للاعلي لتسقط ارضا وقال: - يا عم فكك المهم أننا اخدنا الاجازة، روق يا صاحبي ويالا نروح البيت ونغير عشان نلعب كورة...
هز هو رأسه وسار مع صديقه، تاركا الكتاب ملقي على الأرض...
فجأة تقدم مراهق طويل البنية ذو عين زرقاوتين تشعان ذكاء ولهفة.

. يرتدي تيشرت اسود ملطخ بالجبس وبنطال جينز بالي، التقط الكتاب بسرعة من الأرض ثم ورقة الامتحان...
ابتسم وهو ينظر إلى الكتاب بشغف محروم من حق، حقه في ان يكون انسان افضل
- علوم!
قالها بإبتسامة وهو يقرأ اسم المادة، هو يعشق تلك المادة، هو يعشق كل ما له علاقة بالعلم، صحيح انه حرم من حقه ان يتعلم ولكن لم يوقفه هذا في ان يستغل أي فرصة تكسبه المعرفة
- ادم تعالي هنا!
قالها كرم صاحب الورشة التي يعمل بها آدم...

نظر ادم إلى كرم وقال: - حاضر جاي يسطا كرم...
ثم وضع الكتاب في حقيبة من القماش يعلقها دوما على كتفه وركض نحو الورشة ليكمل عمله...

عودة إلى الوقت الحالي.
امام واحدة من أكبر المشافي في مصر...

كان ادم يقف وهو يطرق برأسه للاسفل، جابر عزام في غرفة العمليات بداخل المشفي، ما زال يتذكر كيف ان مهرا كانت منهارة ومرتعبة لذلك قرر ان يذهب معها ولكنه لم يدخل إلا عندما تبرع بالدم قيل جراحة جابر عزام عندما و الطبيب أن هناك نقص بزمرة دم جابر وادم الوحيد الذي كان مطابق لزمرته، غير هذا لم تكن لديه القدرة أن يدخل ويبقي بجوار من يدعونه جده، ما زالت هناك حواجز بينه وبين جابر عزام.

حواجز لن تستطع مهرا إزالتها، هو يفهم مهرا جيدا، يفهم أنها تريده أن يتخلص من هذا الحقد، يعرف جيدا كم أن مهرا تحبه وتفكر به وبمصلحته، هي تفعل المستحيل كي تجعله سعيدا، منذ أخبرها أنه أن لا يستطيع الغفران وهي لم تضغط عليه، حتى أنه لم تطالبه ان يأتي معها إلى المشفي هو فعل هذا بإرادته، لم يكن ليتركها وهي بتلك الحالة. هو اتي هنا من أجل مهرا، من أجلها هي فقط...

في داخل المشفي...
وأمام غرفة العمليات.
كانت مهرا تسير بتوتر، تفرك كفيها وعينيها مبتلة بالدموع، كانت حقا مرتعبة، لقد اقتنع جدها اخيرا أن يجري الجراحة، ورغم خطورة الأمر اقتنع، هي تأمل حقا ان يخرج سالما، لا يمكنها تخيل فقدانه ورغم ذلك السيناريوهات السيئة ترفض مغادرة عقلها...
- مهرا اهدي يا بنتي جدك هيعدي منها بإذن الله...

قالتها مروة وهي تنظر إلى وجه مهرا الشاحب بقلق، هزت مهرا رأسها وقالت: - يارب يا ماما يارب، أنا هموت من القلق عليه، يارب يبقي بخير. مقدرش أتخيل أن ممكن يحصله حاجة وانا ممكن ابقي السبب و...
امسكتها مروة وهي تقول بحزم: - مهرا! بطلي تلومي نفسك، جدك من الاول تعبان و...

هزت مهرا رأسها وهي تبكي والذنب يثقل قلبها، ما تقوله والدتها الان أن يقلل من الشعور البشع الذي تشعر به، هي اذت جدها بكلامها السام، حتى لو أخطأ، هو جدها لم ينبغي أن تعامله بتلك الطريقة السيئة، هي لن تنسي ابدا أنها تسببت له بهذا...
- مهرا اسمعيني يا بنتي أنت ملكيش أي ذنب لازم تستوعبي ده، جدك من الاول مريض يا بنتي وهو أهمل في نفسه...

مسحت مهرا دموعها. قالت بصوت مختنق: - عارفة يا امي والله بس كلامي زود عليه انا كنت قاسية عليه أووي، بس اللي عرفته كان صعب اووي عليا. مكنتش قادرة استوعب ان جدي يعمل كده في ادم وعيلته، قلبي اتحرق على ادم وجرحت جدي، مكانش لازم اتكلم معاه بالطريقة دي، كان لازم احترم أنه جدي، ولي امري، الراجل اللي رباني من صغري واهتم بيا، أنا نسيت كل ده وجرحته يا ماما وانا مستحيل اسامح نفسي ابدا...

ربتت مروة على كتفها ونظرت إليها بشفقة وقالت: - اللي عرفتيه صعب يا مهرا، صعب عقلك يستوعبه يا بنتي، جدك للاسف اذي ادم وعيلته جدا...
هزت مهرا رأسها وهي تتنهد بألم وقالت: - عارفة يا ماما، الموضوع معقد من ناحية الراجل اللي رباني ومن ناحية تانية الراجل اللي بعتبره. حياتي، الراجل الوحيد اللي لمس روحي والاتنين. انا بحبهم ومقدرش استغني عنهم، أنا ضايعة بين الاتنين.

- بس ادم مش بيمنعك انك تشوفي جدك يا مهرا، ده هو بنفسه اللي جابك هنا واتبرع بالدم قبل العملية لما لقي نقص في فصيلة دم جدك، ومستنيكي برا، هو يعمل ايه اكتر من كده؟!
أغمضت مهرا عينيها بيأس وقالت بإختناق: - ادم عمره ما هيمنعني منه. هو بنفسه قالي محاسبش جدي على اللي عمله معاه بس يا ماما ازاي بالطريقة دي لما اهم رجلين بحياتي بينهم كم. التوتر ده، ادم رافض يسامح وجدي مش بياخد خطوة حتى و...

- ادم صعب يسامح يا مهرا. يا بنتي الراجل عاني كتير في حياته
هزت مهرا رأسها وهي تتفق مع كلام والدتها، هي تعرف كم عاني ادم وكم عانت والدته ولكن تتمني أن يزول الحقد من قلب آدم ويسامح جده ويسمح له أن يعوضه عما فعله معه!
فجأة خرج الطبيب من غرفة العمليات ركضت مهرا بلهفة إليه وقالت: - جدي، جدي يا دكتور كويس!

ابتسم الطبيب وقال: - ايوة يا ستي جدك كويس الحمدلله العملية رغم صعوبتها نجحت وهو صمد والعملية تمت بسلاسة، جدك عنده عزيمة ربنا يديله الصحة، وشوية كده وهننقله العناية المركزة عشان نتابع حالته كويس...
- الحمدلله، الحمدلله.
قالتها مهرا وهي تضع كفها على قلبها لقد اطمأنت قليلا، ضمتها والدتها وقالت: - مش قولتلك يا مهرا، جدك هيقوم منها بإذن الله، الحمدلله يا بنتي الحمدلله...

أغمضت مهرا عينيها وهي تضم والدتها وقد انزاح حمل كبير من قلبها...

بعد قليل خرجت مهرا من المشفي وهي تتمني أن يكون ادم ما زال بالخارج، غاص قلبها وهي تجده واقف أمام المشفي يربع ذراعيه وينظر للأرض بتوتر، ابتسمت واقتربت منه. ما أن رآها ادم حتى ابتسم لها بحب، كان وجهها مشرق وسعيد اقتربت منه ليمسك كفها ويضغط عليه وعينيه تلمع لها بحب
- العملية نجحت يا آدم نجحت.
- الحمدلله يا حبيبتي ربنا يتم شفاه على خير.

قالها وهو يربت على شعرها لتبتسم له بحلاوة وتقول: - لو عدت فترة التمانية وأربعين ساعة دي من غير اي مضاعفات هيقدر يخرج من المستشفي خلال اربع ايام يا ادم، ادعيله.
- بدعيله يا حبيبتي متقلقيش.
نظرت إليه بتردد وقالت: - ادم انا حابة ابات النهاردة معاه في المستشفي، روح انت عشان تعبان وانا...
قاطعها آدم وهو يهز رأسه توترت قليلا وهو يظن أنه سوف يمنعها ولكنه قال: - انا هبقي معاكي النهاردة، هتصل بأهلي.

اشرق وجهها بحب وهي تنظر إليه وقالت: - طيب تعالي ادخل يعني مينفعش تبقي للصبح هنا...
ربت على يدها وقال: - معلش يا حبيبتي خليني هنا، أنا مرتاح كده...
لم تجادله مهرا أكثر من هذا بينما في عقل ادم كان يبحث عن تبرير منطقي لرغبته بالبقاء والسبب لم يكن مهرا فقط!

في عيادة الدكتور صفوت العدلي...

كان مروان جالس على الكرسي المريح، عينيه شاخصة للأعلي ووجهه خالي من المشاعر رغم الهيجان الذي داخله، لقد أخذ وقت طويل كي يتحدث، ظن انه غير قادرة على اخذ تلك الخطوة ولكن حياة هي من دعمته بالاضافة إلى طبيبه النفسي، يفكر دوما بدهشة كيف أصبح الوضع بينه وبين حياة بتلك الطريقة، لطالما كان يمقتها كيف اصبحت مقربة منه بتلك الطريقة ولكن بطريقة ما هم يشتركان في نفس المعاناة، نفس الذنب ونفس الحزن، هو أيضا مريض بنفس المرض الذي بها، افتقاد الحب، حياة تفتقد الحب مثله، حياة تشعر بالضياع مثله، ارتكبت اخطاء كثيرة مثله ولكنها توقفت فورا وبدأت بإصلاح نفسها، شعورها بالذنب يجعلها تبذل كل ما في وسعها لتكون إنسانة افضل ولكن يعلم أن حياة ما زالت تعيسة بسبب مهرا، هي ما زالت تشعر بتأنيب الضمير بسببها، فكر كثيرا أن يخبر حياة أنه لم يلمس مهرا ولكنه قرر تأجيل هذا الأمر، معرفة حياة لن تساعدها الان، هي حتى لو ذهبت لمهرا واخبرتها مهرا لن تسامحها. الله يسامح ولكن البشر لا، مهرا سوف تظل تحقد عليهم حتى الموت، هي لن تسامح...

هكذا فكر مروان وهو يشعر بالحزن يفتت قلبه، هو مضطر أن يعيش بهذا العذاب طوال حياته، هو لا يستحق الغفران على ما فعله، كانت الأفكار السلبية تحيط به من كل اتجاه. يري أنه لا يستحق الغفران، يري أنه يستحق أن يعيش بتأنيب الضمير طوال حياته، وان هذا هو العقاب المناسب له، فليس عدلا ان يعيش سعيدا بعد كل ما فعله...
- ها يا مروان مش حابب تتكلم برضه؟!
قالها الدكتور صفوت بملامح هادئة...

نظر مروان إلى الطبيب وقال: - خايف افتكر وانهار، انا بخاف يا دكتور...
نظر صفوت إليه وقال: - بص يا مروان عشان تخف لازم تواجه خوفك ده، لازم تتكلم، اعترافك بمشكلتك هي نص العلاج. أنا كدكتور مقدرش اساعدك وانت رافض تساعد نفسك، لازم تتكلم، لازم تواجه انت فاهم يا مروان، فاهمني كويس صح...
نظر إليه مروان وهو يهز رأسه وقال: - انا عارف اني لازم اواجه يا دكتور، ونفسي بس خايف افتح القديم ومقدرش اتعافي منه...

- بس انت متعافتش من الماضي يا مروان، انت لسه سجين الماضي بتاعك، عشان تتعافي لازم تطلع من السجن ده، لازم تحكي وتواجه خوفك!

هز مروان رأسه وهو يغمض عينيه وقال: - كان عندي وقتها سبعتاشر سنة، كنت مراهق عادي لاهل اغنية كانت كل طلباتي مجابة بس الاهم كان عندي الحب، امي كانت بتحبني اووي، أمي مكانتش مجرد ام ليا كانت حياتي وصاحبتي، امي كانت دايما صاحبتي اللي بتفهمني. اللي بتوجهني وانا كنت بعمل المستحيل عشان مخذلهاش، عكس بابا تماما اللي مكانش موجود عشاني، كان مجرد واحد بيصرف علينا، صحيح كان باين أنه بيحب ماما بس شغله كان الاهم عنده، كان شغله اهم من اي حاجة حتى أنا يا دكتور حتى امي، تخيل يا دكتور، أنا كنت بشوف الحزن في عيون ماما في كل مرة بينسي عيد ميلادها أو ذكري جوازهم أو عيد ميلادي، كان بيحبها صحيح بس كان بيقتلها بإهماله زي ما بيعمل معايا، احيانا بحس أنه السبب في موتها، بحس ان بسبب إهمالها ماما كانت بتزعل لحد ما ماتت.

- يعني انت بتلوم والدك على موت والدتك...
قالها الطبيب ليهز مروان رأسه ويقول: - لا يعني مبفكرش بالطريقة دي ولا وجهتله لوم مباشر بس معرفش الفكرة دي دايما بتيجي على بالي
. خصوصا بعد تعامله البارد معايا، اتمنيت كتير يعاملني كأنه بيحبني لكن هو شايف أن مادام في فلوس خلاص
- مفكرتش أن ممكن يكون موت والدتك اثر على حياتكم خصوصا أن تقريبا هي كانت مالية كل حياتك ووالدك. لا مكانش ليه اي دور في حياتك مثلا.

تنهد مروان وقال: - بصراحة موت ماما غير حياتنا أو دمرها بشكل أصح، والدي وقتها انهار جدا، أنا لسه فاكر اليوم ده، فاكر اليوم اللي هيفضل مآثر فيا طول حياتي، اليوم اللي خسرت فيه حتة مني، خسرت امي وصاحبتي وحياتي كلها...

فلاش باك...

خرج من السيارة الخاصة به التي تعيده من المدرسة واتجه إلى القصر وهو مبتهج وسعيد لقد حصل على اعلي درجة في امتحان الانجليزي التي أجرته المعلمة بشكل مفاجئ، بالتأكيد سوف تسعد والدته بهذا، رغم أنه أصبح شاب نوعا ما في السابعة وعشر من عمره إلا أنه كان يبحث عن والدته بشئ من اللهفة كالأطفال ليخبرها بفرحته، بالتأكيد سوف تفرح، ابتسم بسعادة وهو يتخيل كيف ستكون سعيدة ولج إلى القصر لتتجمد الابتسامة السعيدة على وجهه وهو يجد القصر في حالة فوضي، الخدام يتهامسون وبعضهما يبكي، بينما طبيب والدته يشد على كتف والده ويهمس له ببضع كلمات.

- بابا )!
قالها مروان بصدمة ثم كاد أن يتجه لأعلي إلى غرفة والدته، لقد عرف بالتأكيد انها غادرت، غادرت وتركته، ولكن رغم ذلك عقله أنكر هذا بقوة، والدته لا يمكن أن تتركه
امسكه والده وضمه إليه وقال: - مروان متطلعش...
- ماما عايز اشوف ماما، عايز اقولها على درجة الامتحان، سيبني لو سمحت، ماما، ماما...

ضمه وائل أكثر وهو يبكي لينفجر الجميع في البكاء اخذ مروان بدفع والده وقال: - بطلوا تكدبوا، بطلوا تألفوا ؛؛ماما عايشة محدش يبكي عليها، ماما مستحيل تسيبني، ابعد خليني اشوفها يا بابا، ابعد يا بابا...
الدموع تصاعدت لعيني مروان ثم بدأ بالبكاء وهو يحاول دفع والده وما هي إلا لحظات ووقع على الأرض لينهار تماما وهو يبكي ويصرخ باسمها، لقد تركته والدته، تركته سبب سعادته، ماذا يفعل الان!

بعد ذلك اليوم بقي مروان بالمشفي، أخذ وقت طويل كي يتقبل وفاة والدته...
باك...
خرج مروان من شروده وهو يبكي كالاطفال، يشعر ان جرحه ينزف، ذلك الجرح الذي تنساه عاد من جديد، لم يستطع نسيان والدته لقد غادرت فجأة وتركته، لم يتقبل الأمر حتى الآن...
- مروان اهدي، لو حابب توقف دلوقتي وقف.
هز مروان رأسه وقال: - اشمعني أنا يا دكتور اعاني كده.
- استغفر الله يا ابني ده قدرها.

هز رأسه وقال بصوت مختنق: - عارف يا دكتور، وعارف أن كلنا هنموت، بس انا مش قادر اعيش من غيرها، مش قادر، نفسي ترجع ثانيتين بس واحضنها نفسي، أنا احيانا بوهم نفسي أنها عايشة عشان محسش بالألم ده، كان نفسي بابا يعوضني عنها بس هو بعدني اكتر عنه، محدش كان بيحبني غيرها يا دكتور، حتى بابا محبنيش، تعرف بعد وفاتها مقدرتش اتقبل أنها ماتت. فضلت فترة اتعالج نفسيا عشان اقتنع.

- طيب ما يمكن تكون دي المشكلة يا مروان...
قالها الطبيب لينتبه إليه مروان فيكمل: - المشكلة انك مش قادر تقتنع بموت والدتك أو بتحاول تشوف بديل يحبك زيها.
هز كتفه وقال وهو يمسح دموعه: - يمكن بس محدش حبني قدها...

- يمكن تلاقي حد يحبك لما تبطل مقارنة، بص يا مروان حب الام مختلف تماما عن أي حب، مدروش على حد يحبك زي مامتك. واتقبل موتها عشان ده قدر واعرف أن الموت حقيقة وكلنا هنموت لو واجهت نفسك وبقيت صريح وغيرت مفاهيمك اوعدك انك هتخف بسرعة!

في المساء...
في بيت خطيبة علي...

كان على ينظر إلى ورد بتوتر بالغ بينما ابتسامة الخجل تزين وجهها، تبقي اسبوع فقط ويتزوجان وتبقي زوجته، ملكه وهو ملكها، لقد فهمت انه عاني مع زوجته القديمة، لا تعرف التفاصيل بس تلك ملامح رجل انهكه العشق، العشق اليس انهكها هي أيضا وهي تحبه منذ الطفولة وتراه ذهب لغيرها وهي تقسم انها سوف تعوضه عن كل ما عاشه، لن تجعله يحزن ابدا، ستكون له نعم الزوجة سوف تعطيه الحب الذي يحتاجه، سوف يكون هو حياتها كليا، لن تجعله يفتقد للحب، سوف تتحمل كل شئ حتى يحبها...

تنهدت بحزن وهي تفكر انها متأكدة انه لا يحبها ولكنها قررت ان تخاطر بقلبها، ستتحمل حتى تخرج زوجته القديمة من قلبه. ولن تتذمر أو تطالبه بالحب حتى يحبها هو، البعض يري أن هذا قمة انعدام الكرامة ولكن هي تراه العشق الحقيقي، العشق الحقيقي لا يوجد به شئ يدعي الكرامة. فما فائدة الكرامة أن عاشت تعيسة دون الذي تعشقه أكثر من أي شئ في الحياة، لن تنفعها كرامتها، لذلك هي سوف تخاطر بكل شىء حتى يحبها وسوف يحبها، هي متأكدة من هذا، الحقيقة لم تحزن عندما ادعي إمام أهل ميار أنها تزوجها حتى يحمي، لم تغضب أنه استغلها بتلك الطريقة، بل ساعدته، ادعت أنهم تزوجا حتى تتركه ميار واهلها بسلام، وسوف تفعل المستحيل حتى تحميه منها، سوف تفعل المستحيل حتى تقتلع الالم من قلبه وتجعله سعيد، ولكن ورد لم تعرف أن بفعلته تلك لا تؤذي الا نفسها، أقصي ظلم يمكن أن توقعه على نفسك أن تدخل معركة خاسرة وتتحول من فائز إلى خاسر بجدارة، تخسر قلبك وسعادتك وسلامك النفسي، لقد اعمي الحب ورد وظنت أنه يمكنها أن تجعل على سعيد.

ولكن أغفلت سعادتها هي، هل ستجعله سعيد على حساب نفسها، اين هي من حساباتها، كيف يمكنها أن تهدر كرامتها بتلك الطريقة وتخسر كل شىء وتكون خاضعة لقلبها!
كل تلك الأشياء كانت غائبة عن عقل ورد، الفقاعة الوردية التي تعيش بها جعلتها لا تفكر جيدا. فالقلب الان اصبح القائد والعقل ليس لديه اي أهمية لديها...

- أنا فرحانة اووي يا علي، فرحانة أن اخيرا هنبقي سوا، صدقني أنا هسعدك دايما يا علي، أنا مش هخليك تزعل ابدا مني وهسمع كلامك دايما و.
- بس أنا مش بحبك يا ورد!

قالها على وضميره يجلده ثم أكمل: - انا اسف على اللي عملته، اسف اني دخلتك حياتي يا ورد، اسف اني استغليتك بالشكل البشع ده. بس حقيقي أنا شايف انك تستحقي حد احسن مني بكتير، أنا منفعكيش، أنا مش هديكي الحب اللي أنت محتاجاه، أنت تستحقي تتحبي يا ورد، تستحقي حد يحبك زي ما أنت والحد ده مش أنا.

عضت شفتيها وهي تسيطر على دموعها وقالت: - بس أنا مش عايزة. تاني يا علي، أنا عايزاك. انت، أنا مش شايفة غيرك، أنا استنيتك كتير...
اغمض عينيه بيأس وقال: - يا ورد بس افهميني أنا...
- انت افهمني ابوس ايديك، متعملش كده يا علي، حرام عليكي بعد ما تديني السعادة تيجي تاخدها مني تاني، أنا بحبك انت، انت وبس ومش عايزة غيرك...
- وانا مش بحبك يا ورد...

قالها بإنفعال، كان يري في ورد نفسه، غباؤها يذكرها بغباؤه في الاصرار على التمسك بأشخاص لن يفعلوا شئ إلا أن يأذوك...
- انا عارفة، عارفة انك مبتحبنيش، ومش عايزك تحبني، مش عايزة، أنا هحبك بس، أنا ههتم بيك ومش عايزة اي مقابل منك، صدقني أنا هسعدك ومش هخليك محتاج لحاجة ومش هزعجك ولا ازعلك، أنا كمان مستعدة اخدم اهلك وابقي تحت رجليك...

كانت تتكلم وهي تبكي، يائسة، حزينة مستعدة أن تفعل أي شئ كي يبقي معها، لا يمكنه أن يتخلي عنها، هذا جنون، لقد كانت تطير من السعادة عندما خطبها، لا يمكنه أن يكسرها بتلك الطريقة هي لن تتحمل...
- علي...

قالتها بصوت مختنق ثم أكملت: - علي بالله عليك، متكسرنيش بالطريقة دي، انت عارف انا قد ايه بحبك، أنا رفضت ناس كتير بسببك انت متجيش انت بعد ما الدنيا بدأت تبتسملي تقفلها في وشها، متعملش كده أنا مطلبتش منك اي حب. مطلبتش انك تحبني، كفاية بس اني اعيش معاك وصدقني مش هطالبك بحاجة، ولو طالبتك بعد الجواز انك تحبني طلقني يا سيدي أنا اهو بقولك بس متبعدنيش عنك.

. صدقني أنا ممكن اموت فيها انت متعرفش انت بالنسبالي ايه، انت كل حياتي...
اقترب على منها أكثر، كان يشفق عليها أكثر من أي وقت، هي تذكره بنفسه، بيأسه، رغبته أن تبادله حبيبته الحب، ورد تشبهه إلى حد كبير ومن أجلها لم يجعلها ترتكب الخطأ الذي اقترفه، لن يدخلها حياته بأنانية ويجرحها كما فعلت به ميار، لن يكون بتلك القسوة، يحب امرأة ويتزوج من اخري ويدمر حياته وحياتها، لا هو لن يفعل هذا، لن يفعل هذا ابدا!

تنهد وهو يمسك كف ورد، ارتعشت ودموعها تنساب برقة على وجنتها، كانت تنظر إليه كالطفل عندما يريد شئ، تستعطفه لكي لا يتركها...
- تعرفي يا ورد اكبر غلط انك تتوقعي انك تغيري اللي قدامك، والغلط الأكبر منه انك تدخلي علاقة وتدي. بس ومتأخديش، صدقيني من أسوأ أنواع الظلم ظلم النفس، مينفعيش. تظلمي. نفسك معايا، الجواز مبينجحش بسبب طرف واحد بينجح بسبب طرفين. متغلطيش غلطتي لأن والله أنت اللي هتتأذي.

ابتسم على وضغط على كفها وقال: - انت جميلة يا ورد، والف واحد يتمناكي بجد، تستاهلي الحب والاحترام وكل حاجة حلوة، بس صدقيني مش انا الشخص اللي هيديكي ده كله، للاسف الشديد مشاعري كلها مش ملكي عشان اديهالك لو بإيدي اختار اللي احبه مكانتش هلاقي انسب منك بس للاسف انا مليش على قلبي اي سلطان...
نظرت إلى الأسفل وقد شعرت باليأس، اختنق صوتها وقالت: - يعني هتسيبني يا علي...

اغمض عينيه بحزن وقال: - للاسف مفيش الا الحل ده والا لا أنا هبقي سعيد ولا أنت، وانا بجد اسف اني دخلتك حياتي واديتلك الامل، ياريت تسامحيني يا ورد بس مقدرش اكمل وانا عارف اني هظلمك، أنت متستاهليش كده ابدا، أنت تستاهلي كل خير...
شهقت هي وبدأت تبكي بنعومة وهي تضع كفها على وجهها، كانت يائسة حزينة وقد خسرته الان، لا يوجد لها أي فرصة لتكون سعيدة.

. سوف تظل حزينة طوال حياتها، هذا ما فكرت به بينما قلبها يعتصر من الحزن...
كان على ينظر إليها بحزن بالغ، الشعور بالذنب يقتله، لم يكن يجب أن يدخلها حياته ولكن للاسف بسبب شعوره بالغضب قرر أن يدخل فتاة لا ذنب لها في حياته كي يفهم ميار أنه استطاع تجاوزها، وهذا خطأ، خطأ كبير منه، وهو سوف يدعو الله أن يسامحه ويتمني أن تسامحه ورد يوما، ما فعله بها كان فظيع وهو لن يسامح نفسه ابدا...

نهض على وقال: - بتمني يجي يوم وتقدري تسامحيني يا ورد، أنا عارف اني اذيتك لما دخلتك حياتي وصدقيني أنا ندمان على اللي عملته، هدعيلك دايما أن ربنا يطيب خاطرك ويديكي الإنسان اللي يستاهلك. بالنسبة للشبكة مش هاخدها دي هدية مني...
ثم تركها وغادر تبكي بحرقة!

في اليوم التالي...
- هنفضل واقفين هنا كتير؟!
قالتها حياة وهي تنظر إلى مروان الذي يقف بتوتر وعينيه على بوابة الجامعة، لقد شعرت بالصدمة عندما اخبرها انه وقع بالحب، لم تظن حتى في احلامها ان مروان سوف يحب...

كانت تظن انه محصن الحب ولكنها تيقنت تماما ان لا أحد محصن، الحب يتسلل بقلبك خلسة ليسعدك او يدمرك، والحب دمرها، فكرت هي بحزن وهي تجاهد كي لا تتصاعد الدموع لعينيها، ما زال احمد يحتل تفكيرها، تحاول ان تنساه ونصائح طبيبها تحمسها وتعطيها الدافع كي تفعل هذا ولكن صعب، صعب جدا ان تقتلعه من قلبها بتلك السهولة، كيف تنساه وهو قد تربع على عرش قلبها، امتلك مشاعرها بالكامل! والان تجاهد بقوة لاستعادة مشاعرها منه...

نظرت حياة إلى مروان وقالت: - نفسي اعرف مين دي يا مروان اللي قدرت توقعك بالشكل ده، اكيد واحدة مميزة.
ابتسم. بشرود وقال: - فعلا مميزة يا حياة، مميزة اكتر مما تتخيلي، هي اكتر واحدة مميزة قابلتها انا في حياتي، رغم اني حاولت كتير اوقعها. بس مقدرتش، هي اللي وقعتني، أنا اللي دلوقتي بحبها وهي مش شايفاني اصلا...

نظرت إلى حياة بحزن وهي تفكر كم أن مروان يشبهها حتى في الحب من طرف واحد، لقد اصابتهم نفس اللعنة، الاثنان أحبا أشخاص لا يرونهما حتي.
- مكنتش اعرف ان الموضوع. كده، ان شاء الله هيجي يوم وتبادلك نفس المشاعر لانك تستحق يا مروان...

هز مروان رأسه وهو يبتسم بسخرية وقال: - كان نفسي اكون متفائل زيك يا حياة بس للاسف لا، مظنش أنها ممكن تحبني ولا تفكر فيا، مظنش أنها اصلا في يوم هتبطل تكرهني، أنا مكتوب عليا احبها من طرف واحد، ومفيش حاجة اقدر اعملها الا اجي هنا واشوفها وبعدين امشي، اشوفها واستني اليوم اللي هتروح لغيري وانا هقف برضه اتفرج...

تألم قلب حياة وهي تنظر إليه وقالت: - طيب ايه اللي حصل يخليها تكرهك يا مروان، ليه مستحيل تبقي معاك ليه؟! ما ممكن تحاول تصلح اللي عملته معاها...
- اللي بيننا مستحيل يتصلح، هي مستحيل تبصلي، حتى لو هي حبتني مستحيل نكون لبعض، عيلتها هترفضني، اخوها ممكن يقتلني، اخر مرة قربت منها فيه اخوها كسرلي ايديا
شهقت حياة برعب ليكمل هو ساخرا من نفسه: - عشان ابقي صريح انا اللي غلطت، أنا خطفتها وحاولت اعتدي عليها...

اتسعت عيني حياة بصدمة ليكمل وهو يشعر بالإشمئزاز من نفسه وقال: - عارفة ايه الأسوأ يا حياة، عارفة اللي بحبها، البنت الوحيدة اللي قدرت تدخل قلبي، الوحيدة اللي اتمنيت أنها تبقي مراتي وتشاركني حياتي، اللي شاركت امي في قلبي، تعرفي البنت دي تبقي اخت مين؟!
نظرت إليه بحيرة ليكمل بقهر: - تبقي اخت ادم، ادم اللي متجوز مهرا، ومهرا تبقي بنت عمهم والكل يعرف انا عملت ايه لمهرا...

صعقت حياة وهو يخبرها بتلك الحقيقة، واسم مهرا عندما تسرب لاذنها تسبب في انقباض قلبها، شعرت للحظات أنها لا تستطيع أن تتنفس، أغمضت عينيها وهي تسيطر على دموعها بصعوبة، ما زال ذكر مهرا يجعلها تشعر بثقل بصدرها، هي لا تصدق حظ مروان كيف أنه عشق ابنة عم مهرا واخت زوجها، ما هذا الحظ، بالطبع شقيق مهرا لن يوافق أن تربط شقيقته اي علاقة بمروان، بسبب خطأ مروان سوف يحرم من سعادته وكم شعرت بالشفقة عليه...

- حاول تنساها يا مروان، صدقني مش هينفع، محدش هيرضي، لا اخوها ولا مهرا، هتعرف تتعامل مع مهرا ازاي. اخو البنت دي لما يشوفك هيكون شعوره ايه، نصيحة مني يا مروان حاول تنسي لانك انت اللي هتتأذي.
البنت دي هتفضل فاكرة دايما انك اذيت بنت عمها، حاول تتخلص من مشاعرك دي كفاية تأنيب الضمير اللي حاسين بيه بسبب مهرا!

تنهد مروان وقال: - انت فكراني اني محاولتش انساها! بالعكس يا حياة والله حاولت كتير انسي، حاولت اطلعها من دماغي بس فشلت، فشلت تماما اني انسي، وتقبلت أن ده عقابي، عقابي على اللي عملته اني احب واحدة مستحيل تقبل بيا في حياتها، واحدة بتكرهني بالشكل ده ومستحيل لا هي ولا عيلتها تقبل بيا.

لمعت عيني مروان قليلا بما يشبه الدموع ونظر إلى حياة وقال: - انا عملت حاجات كتير وحشة ولازم اتعاقب صح، غير أن ليلي تستاهل حد احسن، أنا شخص بشع، حتى لو توبت على اللي عملته، بس يظل اللي عملته موجود ومستحيل انسي اني اذيت ناس كتير، اللي عملته مستحيل يتمسح بسهولة من حياتي مينفعش أقرر اتوب فجأة واتوقع أن الناس تسامحني على اللي عملته يا حياة...
- بس احنا توبنا، وربنا بيسامح يا مروان.

قالتها بحرقة ودموعها تنساب على وجنتها وقد احست باليأس أن مهما فعلت لا احد سوف يتقبلها سوف تظل منبوذة للابد، حتى مهرا لن تسامحها بالتأكيد على ما فعلته، رباه ماذا تفعل أكثر من هذا، ماذا تفعل لكي تحصل على الغفران، هل تقتل نفسها!

هز مروان رأسه موافقا إياها وقال: - الله بيسامح لانه اكبر من اي حاجة، بس البشر مش مضطرين يسامحونا لمجرد أننا توبنا وده حقهم، مقدرش أاذي شخص واتوقع أنه يسامحني بسهولة لمجرد أني توبت. مينفعش طبعا ايه الاستحقاق ده...

انسابت دموعها أكثر وشهقت وهي تقول بتلعثم: - يعن، يعني مهما عملت مهرا مش هتسامحني، هتفضل طول عمرها تكرهني، عمري ما هرتاح وانا شايلة الحمل ده على قلبي، بفتكر في كل لحظة اني دمرت حياتها، عمري ما هرتاح يا مروان...

- للاسف مش هترتاحي يا حياة، وده هو عقابنا أنا وأنت ولازم نتحمله، مش هنطلب من حد يسامحنا لأن ببساطة محدش هيقبل يسامحنا، الافضل أننا نتقبل عقابنا، عقاب انك تفضلي حاسة بالذنب ناحية مهرا وانا عقا#بي اكبر بجانب احساسي بالذنب أنا حبيت واحدة مستحيل تبقي ملكي.

هذا كان قاسي على حياة كثيرا، شعرت بالاختناق، كيف أن لا احد سوف يقبلها، هل صحيح لن تغفر لها مهرا مهما فعلت، الحقيقة هي فكرت أكثر من مرة ان تذهب إلى مهرا ولكنها خافت ولكن ما قاله مروان الان جعلها تتحطم! هي لن تستطيع أن تعيش في عذاب الضمير أكثر من هذا، سوف تموت بكل تأكيد، لن تستطيع ان تعيش بتلك الطريقة، لا يمكنها أن تعيش بهذا الذنب طوال حياتها...

- انا مقدرش اعيش بالطريقة دي يا مروان أنا ممكن كده اتجنن!
قالتها بإنهيار وهي تمسح دموعها حتى بدأت تغرق وجنتيها...
تعلقت عيني مروان بليلي التي خرجت من الجامعة، لمعت عينيه بحب لها وهو يراقبها، يلتهم تفاصيلها مخبرا نفسه أن هذا كل ما سوف يحصل عليه، رؤيتها من بعيد، ثم يعود لمنزله ويتعذب وهو يدرك أنه سوف يعيش تعيس طوال حياته...
- مروان.
قالتها حياة باختناق كي يرد عليها ويريحها...

- انا اتقبلت قدري يا حياة، اتقبلته بنفس راضية، يمكن ده عقاب مناسب ليا بسبب اللي عملته في بنات الناس، أنا كسرت قلب مهرا وغيرها، وجه الوقت عشان يتكسر قلبي، وليلي هي اللي هتعمل كده، هي اللي هتكسر قلبي في اليوم اللي تقرر ترتبط بحد غيري!

- ايه اخبار جدك طمنيني؟!
قالتها حسناء بنبرة قلقة بعد ان اتت مهرا من المشفي كان واضح عليها الاعياء الشديد لأنها قد قضت ليلتها بالمشفي هي وادم، وادم كان متعبا اكثر منها لانه قضي ليلته خارج المشفي واقف مكانه، كان يرفض بإصرار ان يدخل ومهرا لم تعلق، هي قررت ان تترك امر مسامحته لجده للزمن، الزمن قادر أن يغير كل شئ، قادر أن يشفي جروح ادم بسبب جدها...

ابتسمت مهرا بتعب وقالت: - الحمدلله يا طنط بقا كويس حتى انهم نقلوه اوضة العناية وحالته بتتحسن وهي مسألة ايام ويخرج...
تنهدت ونظرت لادم وهي تبتسم وقالت: - صحيح كان فيه عقبة قدامنا بسبب انه فصيلة دمه مكانتش متوفرة بس ادم اتبرعله...

نظرت حسناء إلى ادم وهي تشعر بالفخر، كانت السعادة بادية على ملامحها لأن ابنها استطاع التغلب على حقده وساعد جده، هذا الأمر أسعدها لأنها عرفت أنها استطاعت تربية ادم جيدا، ربته تربية حسنة، وهي فخورة به كثيرا، اقتربت حسناء من ادم وامسكت ذراعيه ثم استطالت وقبلت رأسه قائلة: - تربيتي فيك مراحتش هدر يا آدم، شكرا يا بني...

نظر ادم إلى والدته بتعب، الجميع يتوقع منه الغفران وهو حقيقة قد تعب، لما لا يفهمان أنه لن يغفر لهذا الرجل وليس معني أنه تبرع له بالدم أنه غفر، لا مستحيل، هو لن يغفر لجابر عزام ولن يتقبله في حياته ابدا، يجب أن تفهم والدته هذا ويجب أيضا أن تفهم مهرا هذا، لا يريد لأحد أن يضغط عليه...
تكلم ادم بنبرة شبه باردة: - انا عملت ده لوجه الله، اي حد لو كان محتاج دم كنت هديله يا امي وكله بثوابه...

ثم ولج إلى غرفته لتتنهد حسناء وهي تنظر إلى مهرا وتقول: - معلش يا بنتي هو محتاج وقت.
ابتسمت مهرا وقالت: - عارفة يا طنط وبراحته ياخد الوقت اللي هو عايزه أما مش هضغط عليه ولا حضرتك كمان، ادم قلبه ابيض وهيسامح واللي حصل معاه كان صعب فأكيد محتاج وقت.
ابتسمت حسناء وهي تربت على كف مهرا وقالت: - بالله عليكي جدك دلوقتي بقا كويس يا مهرا.
ابتسمت مهرا وقالت: - الحمدلله صدقيني بقا بخير.

- الحمدلله يا بنتي طمنتيني، روحي دلوقتي ارتاحي ونامي عقبال ميعاد الغدا وهصحيكي.
- لا انا هعمل...
قاطعتها حسناء بحزم امومي وقالت: - قولت يا مهرا مش هتعملي حاجة، أنت هتروحي زي الشاطرة عشان ترتاحي يا بنتي أنت وشك بقا شبه اللمونة، روحي ارتاحي...
ابتسمت مهرا لها بحب وهزت رأسها ثم اتجهت إلى الغرفة...
خرجت مرام من المطبخ وهي تقول: - هو ادم جه يا ماما.

- ايوة يا حبيبتي ودخل دلوقتي يرتاح، بعد ساعة كده حضري الغدا...
هزت مرام رأسها وكادت أن تذهب إلا ان حسناء اوقفتها وقالت: - بت يا مرام تعالي هنا شوية...
تقدمت مرام من والدتها ونظرت إليها بحيرة لتقول حسناء: - مش واجب برضه تزوري جدك ده عمل عملية خطيرة و...

صمتت حسناء عندما نظرت إلى مرام ووجدت ملامحها تحولت إلى الجليد، إذا كان آدم عنيد فمرام. اسوأ منه، قد يكون كرهها داخل قلبها ولا تنفعل مثل ادم ولكن نظراتها الباردة تلك قادرة على قتل جابر عزام في مكانه...
- يا مرام يا بنتي ده جدك...

- جدي من انهي ناحية بالضبط يا ماما؟! جابر عزام ملوش علاقة بيا وانا مليش علاقة بيه ولا هيكون وإذا كان آدم هيخضع عشان مهرا براحته بس انا لا مستحيل اعامله. كجدي في يوم من الايام...
ضربت حسناء كف على كف وقالت: - يا عيال انتوا ناويين تجننوني! فيه ايه مش عايزين تحلوا المشاكل ليه عشان مهرا على الاقل!

- يا امي مهرا على راسي وانا بحبها بس انا مبحبش الراجل ده ولا عايزة اي علاقة تجمعني بيه، هو السبب في موت بابا وانا مستحيل اوده أو أزوره أو تربطني بيه اي علاقة، فمتحاوليش معايا ممكن يا امي لو سمحتي...
- ياربي هتموتوني والله يا بنتي ده زيارة المريض واجب...
- لما يكون المريض يخصني يا امي، أنا هزور واحد ميخصنيش ليه.

قالتها مرام ببرود ثم انسحبت إلى غرفتها وهي تشعر بالضيق من إصرار والدتها على تقريبهما من جابر عزام.
هزت حسناء رأسها وقالت: - والله ما حد هيموتني غيرك يا مرام، ربنا يهديكي...

في غرفة ادم ومهرا.
اخذ ادم ملابسه كي يذهب إلى الحمام ويأخذ دوش...
توقفت مهرا أمامه فقال وهو يرفع حاجبه: - عايزة ايه يا بت انت...
ضحكت مهرا وهي تجذبه إليها ثم تقبله على شفتيه بسرعة...
- دي عشان اتبرعت بالدم لجدي...
ضحك وقال: - يا ستي لو المكافأة كده اتبرع كل يوم.
ضحكت مهرا وهي تعانقه، ضمها ادم إليه وقال: - طيب وبالنسبة اني بقيت للصبح برا المستشفي مستنيكي مفيش اي مكافأة للجهد ده...

ضحكت مهرا وهي تقول بتلاعب: - لا يا دومي ده بس مكافأة التبرع بالدم...
- خلاص يا ستي اروح بكرة لجدك. واشوف لو محتاج دم تاني اتبرعله يمكن اتكافأ تاني
ضحكت مهرا بقوة وشاركها هو الضحك.

في اليوم التالي...
في شركة سامر.

كان يجلس وهو يشعر بالهم، لا يركز ابدا بعمله، ما زالت هي تحتل عقله بشكل غريب، قلبه يعتصر بقوة، يشعر بالإختناق وكلمة الطلاق مازال صداها موجود في عقله، لم يتخيل ابدا ان يشعر بالرعب عندما تقرر كارما تبتعد عنه، كانت جادة، حقا جادة كليا، تريد الابتعاد عنه. تريد تركه للأبد، هل يسمح بهذا؟! هل يطلق سراحها بما انه فءشل في ان يحبها، هل يخاطر ويخسرها هي أيضا، ليكون صريحا ما زالت مرام تحتله، ما زال يشتاق إليها ولكن فكرة الابتعاد عن كارما تقتله، هو لا يريد ان يبتعد عنها، لقد اعترف بهذا، هي زوجته، والدة طفله، يعلم انه قال لها كلام قاسي جدا وهو ليس فخورا بما فعله ولكنه تصر على إخراجه من حياتها وحياة طفلها وهذا ليس عدلا، هو طلب فرصة اخري، لقد كاد أن يتوسل إليها ولكنها ما زالت مصرة على عنادها، ما تفعله به حقا سئ للغاية، كارما تدمر ما بينهما بكل سهولة، تريده أن يطلقها ويبتعد كيف اصبحت عنيدة لتلك الدرجة ونست حبه، كيف للمرأة التي أحبته بكل تلك القوة تنبذه من حياتها الان، كل تلك الأسئلة كانت تدور في عقله وتنهكه...

نهض بضيق من مكتبه واتجه لنافذة مكتبه مال برأسه ووضعه على الزجاج، كان منهك، مشتت وحزين، لقد خسر كل شىء في حياته، تخلي عنه الجميع. اختنق وهو يتذكر حديقه الاخير مع كارما، يتذكر لمعة الاصرار بعينيها، ذلك الاصرار على إخراجه من حياتها...
فلاش باك...
كان يقف متجمدا بعد كلمتها تلك، طلاق، اي طلاق هذا، هل تريد ان تقصيه عن حياتها للابد...
- انت بتقولي ايه يا كارما؟!

قالها سامر وهو يشعر بالصدمة منها بينما هي تنظر إليه ببرود، رغم الالم الذي يحتل قلبها الا انها رفضت أن تظهر له المها، لقد اذاها سامر بما فيه الكفاية وهي لن تسمح له أن يتلاعب بها مجددا هذا يكفي، يكفي ما فعله، هي لن تخاطر بقلبها وبطفلها من أجل هذا الرجل مهما حدث، ستبتعد عنه وتربي طفلها جيدا، لن تدعه يحتاج إلى شئ، ستعطيه الحب والحماية، يتعلمه أن له كرامة واحترام للذات، ستعلمه ما فشلت والدتها في تعليمها إياه...

- ايه الغريب يا سامر بقول عايزة اتطلق، أظنك عارف كده كويس، عايز الطلاق يتم بهدوء مش عايزة اي مشاكل ولا محاكم. زي ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف وانا متنازلة عن كل حقوقي مش عايزة حاجة...
اشتعلت عينيه بالغضب وامسكها من ذراعها ثم قربها منه وهو يقول بنبرة تغلي من الغضب...
- انت اكيد اتجننتي صح؟! طلاق ايه! أنا عملت ايه لده كله، ليه المعاملة دي، ليه مش قادرة تسامحي، ليه...

دفعته وهي تصرخ قائلة: - ولسه بتسأل، حقيقي يا بجاحتك، بعد ما اللي عملته فيا بتقول عملت ايه، انت ايه معندكش احساس...
تصاعدت الدموع في عينيها وانسكبت وهي تنظر إليه بكراهية، لا تصدق مدي انانيته...
- كارما.

قالها محاولا تهدئتها إلا أنها صرخت وهي تدفعه: - لا لا اياك تلمسني، انت فاهم، اياك! انت دمرت حياتي، دمرتني يا سامر، خلتني اكره الحب، اكره ضعفي وأكره نفسي لاني حبيتك، انت بذلت مجهود جبار عشان تحسسني اني ولا حاجة وبرافو انت كسبت، أنا حاسة اني فعلا ولا حاجة، مجرد واحدة فاشلة مقدرتش تنسيك مرام، واحدة كانت تسمعك بتهينها وتسكت عشان بتحبك، اتحملت معاملتك الزفت ليا كأنك بتعاقبني عشان خسرت مرام، واللي رافض تعترف بيه يا سامر أنك خسرت مرام بسبب انانيتك بس، انت اللي اتخليت عنها، انا مليش ذنب. ذنبي الوحيد اني رضيت اني ارتبط بيك بعد ما سيبت صاحبتي وخسرتها، ذنبي اني رضيت لنفسي الذل، سمحت ليك تهينني، بس صدقني ده انتهي يا سامر انت انتهيت من حياتي الحمدلله، دلوقتي أنا مليش الا ابني ومتخافش أنا مش وحشة لدرجة اني احرمك من ابنك، تقدر تشوفه وقت ما تحبه لكن متتوقعش مني اني ارجعلك، أو اسمح ليك تفضي غضبك فيا انا، لو سمحت أخرج من حياتي، أنا مش عايزة اشوفك تاني، ورقة طلاقي توصلني بهدوء واللي هيبقي بيننا يا سامر هو ابننا وبس.

- ولو مطلقتش!
ابتسمت ببرود وقالت: - بسيطة ارفع عليك قضية، بس انت يا سامر للدرجادي معندكش كرامة عشان تتمسك بواحدة مش عايزاك!
ضم كفيه وهو يسيطر على غضبه الذي بدأ في الاشتعال، وقرر أنه من الأفضل أن يذهب الان قبل أن يندم على ما سيقوله أو يفعله!
باك...
خرج من شروده وهو يشعر بالحزن على ما وصل إليه، كارما أخرجته تماما من حياتها ولا يوجد ما يفعله، هل يذهب ويترجاها. هذا صعب جدا عليه، هو لن يفعل هذا بكل تأكيد!

في منزل كارما...
كانت تقف تحت صنبور المياه تأخذ دوش، ترفع رأسها لأعلي وتسمح للمياه أن تنساب على وجهها، كانت مغلقة عقلها تماما لا تريد أن تفكر فيما حدث منذ آخر لقاء بينها وبين سامر، لقد انتهي سامر من حياتها والان يوجد الأهم لكي تفكر به، طفلها، طفلها الذي أعطاها الامل لتكمل حياتها التعيسة تلك، طفلها هو النقطة المضيئة في حياتها وهي سوف تفعل المستحيل كي تربيه جيدا!

أغلقت الدوش ثم أخذت المشفة وجففت نفسها جيدا ثم بدأت بإرتداء بيجامتها الوردية البيتية، قررت عدم الذهاب للعمل اليوم وان ترتاح هذا بالطبع بعد أن أخذت الاذن من صاحب الصيدلية الذي أشفق لحالتها وقرر التعاون...

ارتدت منامتها اخيرا ثم كادت أن تخرج من الحمام ولكن لم تنتبه لتلك المياة التي تملأ الأرضية الناعمة والتي نتجت من استحمامها لتنزلق ساقها وتصرخ بقوة ثم تسقط على الأرض ويصطدم رأسها بحافة البانيو، فتفقد الوعي!

مرت عدة دقائق لتفتح كارما عينيها وهي تشعر بالدوار، تأوهت وهي تشعر بألم عنيف أسفل بطنها: - ابني، ابني...
قالتها كارما وهي تبكي بعنف ولا تستطيع النهوض، نظرت إلى الصالة وهي تتذكر أنها تركت الهاتف بالصالة ولحسن الحظ كانت قد تركت باب الحمام مفتوح بما انها بمفردها بالمنزل، زحفت بصعوبة ناحية الصالة بعدما فشلت نهائيا في أن تنهض!

اخيرا وصلت للمنضدة التي عليها الهاتف وهي تبكي بينما الدماء لطخت الأرضية، أمسكت الهاتف ثم اتصلت به، الوحيد الذي سوف ينجدها.

رن هاتف سامر وهو واقف أمام النافذة ليخرجه من جيبه بملل ولكن الملل تحول إلى تحفز وهو يري اسمها، رد بسرعة ولهفة قائلا: - كارما!
- سامر، سامر الحقني أنا وقعت. ابني يا سامر. ابني، تعالي بسرعة. انت عارف هتلاقي المفتاح فين.
بهت وجه سامر ولكن بدأ بالخروج من مكتبه وهو يركض بطريقة أثارت ريبة موظفينه بالشركة
- كارما، كارما حبيبتي أنا جاي...

ما هي إلا عشر دقائق وكان سامر قد وصل بسبب قيادته المتهورة، ركض داخل البناية حتى وصل إلى شقة كارما، اخذ المفتاح الاحتياطي من اصيص الزرع بجانب شقتها وفتح الباب، صرخ بقوة وهو يجدها واقعة على الأرض. فاقدة الوعي ودم,اؤها على الأرض...

في المشفي...
نقلها سامر بسرعة إلى هنا وانتظر ساعة إلا ربع وهو يشعر بالقلق ينهش قلبه، اخيرا خرج الطبيب من غرفة العمليات. اقترب سامر منه بلهفة ليقول الطبيب: - الحمدلله هي كويسة، قدرنا نسيطر على النزيف بس للاسف فقدنا الجنين ربنا يعوضك!

كان يقف بسيارته امام منزلها كالمعتاد، البراكين كانت تشتعل داخله الايام السابقة وهو يراها تخرج معه كالعادة. تستقل حياة سيارته ويذهبون إلى بناية ما، يكاد يفقد عقله وهو يتخيل أسوأ السيناريوهات في عقله، لا يفهم ما الذي بين حياة وبين مروان، وكيف اجتمعا من جديد. غيرة قاسية احتلت قلبه، تجعله يرغب بقتل مروان هذا ولكن بأي حق، كيف يطالب بحقه في حياة وهو الذي تركها بأسوا طريقة، كيف يحاسبها وهو من خانها، والسؤال الاقسي لماذا يراقبها. لماذا يغار هل اصابته لعنة العشق معقول؟! هل سيعاني الآن، هل انقلبت اللعبة التي بدأها هو، هل اصبح فعليا الضحية، تلك الاسئلة كانت تدور في عقله، تلك الاسئلة تنهكه، ترعبه! يخاف أن يصاب بتلك اللعنة، هو لا يريد أن يواجه ما واجهته حياة...

اغمض عينيه وقرر أن يذهب لن يراقبها اليوم بل سيحاول بأي طريقة أن ينساها، وما كاد أن يذهب بسيارته ولكنه تجمد وهو يراها تخرج من البناية، غاص قلبه في صدره وهو يتأملها جيدا، ترتدي قميص من الحرير ازرق وبنطال اسود، شعرها البني الذي استطال قليلا تركته حرا ونظاراتها التي تخفي ملامحها كانت مستقرة فوق راسها وتحمل حقيبتها السوداء، تبتسم ابتسامة رائقة بينما تشير بكفها إلى مروان الذي اتي للتو بسيارته، اشتعلت عيني احمد بالنار وهو يراه...

ذلك المزعج كم يكرهه، هل كتب عليه أن يأخذ مروان كل امرأة في حياة احمد الاول مهرا ثم حياة!

كان يرتعش من الغضب، جل ما كان يريده الان هو أن يحطم رأس ذلك المدعي مروان، أخذ يتنفس عدة مرات حتى يهدأ نفسه، هو لا يريد أن يتهور وان تتهمه حياة بالغيرة يجب أن يحافظ على صورته أمامها، انتظر وهو يراقب حياة وهي تستقل سيارة مروان، تجلس بجانبه، الشيطان كان يعبث بعقله، كان يخبره أن بالتأكيد هناك علاقة مشبوهة بين حياة ومروان وذلك الخاطر جعله يكاد يجن، هو لا يتحمل هذا، لا يتحمل مجرد التفكير أن هناك أي علاقة بينهم، غيرة أو تملك لا يهم، جل ما يعرفه أن تلك الأفكار تمنعه من النوم ولذلك لابد أن يضع حل لتلك الأفكار، يجب أن يتخلص منها...

من ناحية أخري...
جلست حياة بجوار مروان وقالت بسعادة: - اول مرة اتحمس كده وانا رايحة للدكتور.
ابتسم مروان مبتهجا لتحسنها، في الواقع بعد ما قررا الاثنين أن يواجها مخاوفهما ويتكلمان بدءا يتحسنان، وهذا يسعده، يجعله يثق أنه سوف يكون بخير قريبا...
- وبصراحة أنا كمان...
- ايه رايك نحتفل بمناسبة أننا بدأنا نتعافي النهاردة تحب نروح فين...

تردد مروان، لم يرد أن يحرجها وقال بتوتر: - طيب ممكن نأجل الموضوع شوية يا يا حياة، أنا النهاردة ورايا حاجات مهمة جدا بعد الجلسة وحابب...
ابتسمت حياة بخبث وقالت: - رايح ليها صح، ها قول...
- هروحلها كالعادة ابصلها من بعيد بس مش هتكلم معاها.

قالها وهو يتنهد، لا يعرف هل قراره صح ام خطأ هل صحيح قراره أن يظل في الظل هكذا دون أن يحدثها أو يعترف، هل سيترك سعادته تتسرب من بين يديه ولكنه كان متيقن تماما أن ليس من حقه أن يكون سعيدا بعد كل ما فعله معهما، هو مصمم ان يتعاقب بحب ليلي، هذا عقاب مناسب!

ابتسمت حياة بحزن غريب وهي تري الصراع البادي على وجه مروان، تعرف أن هذا صعب عليه، أن تعشق من طرف واحد بحد ذاته لعنة، هي تعرف كم أن شعور الحب من طرف واحد قاسي للغاية، الم تحب احمد وذاقت عذاب الحب، كم. ان ارتباط مروان بتلك الفتاة مستحيل، هي قريبة مهرا واخت زوجها، مهرا. مهرا من كانت صديقتها وهي طعنتها بعنف في ظهرها وكل هذا من أجل رجل، حياة لن تسامح نفسها ابدا على ما فعلته، ذلك الذنب سيظل يطاردها حتى تموت...

فكرت بحزن، كم تريد أن تذهب لمهرا وتعتذر منها ولكن ليس لديها الجراءة، كيف تذهب لتلك التي سلمتها ببساطة إلى مروان، كيف ستنظر لعينيها، تل الأسئلة كانت تدور بعقلها، صمت مروان وهو يراقب تعاقب الانفعالات على وجه حياة، وعرف فيما تفكر. ذنبهما المشترك، ربنا لو أخبر حياة أنه لم يلمس مهرا هل سترتاح، ولكن ما يفيد اخبارها بالحقيقة، رغم أنه لم يلمس مهرا ولكن ما فعله مع مهرا كان بشع جدا، ما فعله معها لا يمكن مغفرته.

فكر بهم وهو يقود سيارته بينما بدأ أيضا احمد بقيادة سيارته ليتبعه...

بعد ربع ساعة تقريبا...
وصلا إلى البناية ونزلا سويا...
كان احمد يجلس في سيارته وهو يغلي من الغضب، كان يفرك كفيه حتى احمر، عينيه السوداء احمرت، بلغت الغيرة اقصاها لديه، غيرة لم يشعر بها تجاه مهرا، غيرة قادرة على إحراق اي شئ أمامه...
قرر أن ينتظر حتى تخرج حياة وتبقي بمفردها ثم يتحدث معها، لن يتركها حتى يتحدث معها، لن يترك نفسه فريسة لأفكاره...

في عيادة الطبيب النفسي...
كان مروان جالس على الكرسي المريح وهو يتحدث براحة: - برضه حاسس ان فيه حاجة ناقصة يا دكتور.
ذنب مهرا رافض يسيبني، أنا ظلمتها ومش قادر اسامح نفسي ولا حتى اروح لها واعتذر لها واقولها الحقيقة، أنا تعبان اووي يا دكتور...

- يمكن المواجهة هتساعدك يا مروان، انت مشكلتك في عقدة الذنب اللي عندك وانت بتقول انك معملتش حاجة لمهرا وده افضل، بس انت قررت من نفسك أن مهرا مش هتسامحك. ليه متجربش. حاول يا سيدي...
- انا خايف اواجهها يا دكتور. خايف بجد.
- خد وقتك يا مروان، تصالح مع نفسك واعرف الوقت اللي هتمتلك فيه الشجاعة عشان تروحلها...
هز مروان رأسه وهو يشرد، ربما هذا هو الحل أن يتكلم مع مهرا ربما تسامحه...

بعد. ان انتهت جلسة كل من حياة ومروان خرجا سويا وهم يبتسمان، في كل مرة يأتيان إلى هنا يشعران براحة غريبة...
تنهدت حياة وقالت: - بجد انا بقيت كل ما اجي هنا ارتاح اكتر، ياريتني اخدت القرار ده من زمان...
- علي الاقل اخدناه يا حياة والحمدلله، أنا دلوقتي هوصلك عشان اروح مشاويري.
ابتسمت حياة وربتت على كتفه وقالت: - لا يا مروان روح انت أنا حابة اتمشي شوية.
ربنا يوفقك...

ابتسم لها بإمتنان وقال: - تعرفي تروحي لوحدك، مفيش مشكلة يعني.
- اكيد مفيش مشكلة روح انت، أنا احتمال اروح ازور قبل اهلي وبعدين اروح.
- ماشي يا حياة سلام
قالها هو ثم استقل سيارته وذهب...
ارتدت حياة نظاراتها وهي تسير غير منتبهة تماما لهذا الذي يكاد ينفجر من الغيرة عندما رآها تلمس كتف مروان...
قاد احمد السيارة ناحيتها وقد قرر أن يتكلم معها مهما حدث، هو لن يعاني بتلك الطريقة، لا ابدا...

بعد قليل...
توقفت سيارة الأجرة أمام المقبرة، نزلت حياة منها ودخلت المقبرة في نفس الوقت. توقف احمد بسيارته ونزل منها...

- حياة.
قالها احمد. فجأة لترتعش وهي تراه واقف خلفها...
- انت بتعمل ايه هنا!
قالتها حياة بصدمة ليقترب هو منها، ابتعدت بخوف إلا أنه امسك ذراعها، لحسن حظه وسوء حظها لم يكن هناك أحد بجانبهما
- كنتي بتعملي ايه مع مروان؟!
- وانت مالك!
صرخت به بهياج ليبتسم بشراسة وقال: - انا هوريكي ازاي مالي!
ثم بسهولة رفعها على كتفه وحملها، كان يخطفها فعليا!

- وحشتيني يا خالتو.

قالتها ملك وهي تضم ليل، ليل الذي كانت تنظر إليها ببهوت وهي تربت على شعرها دون عاطفة حقيقية، ليل ظنت ان ملك هي الوسيلة المثالية لتقريبها من انس لذلك اظهرت الحب لها ولكن لتكن صادقة هي لا تكن أي مشاعر لملك رغم انها ابنة شقيقتها، هي ارادت فقط انس وقد فشلت في هذا ولكن لكي تستطيع ان تتزوج انس يجب أن تتقرب اكثر من ملك، لقد حدثت المحامي واخبرها. انه من الأفضل أن تنتظر حين يتزوج أنس من مرام حتى تستطيع ان تضغط عليه جيدا حينها سوف يطلق تلك المرأة وتفرغ الساحة لها تماما! ابتسمت وهي تتخيل اليوم الذي سيكون اسمها مع اسم أنس، اليوم الذي ستكون ملكه، اليوم الذي فيه سيطرد مرام من حياته وتبقي هي فقط معه، ذلك اليوم سيكون أفضل يوم في حياتها...

جلست ليل بجوار ملك وقالت: - هو بابي مش موجود يا لوكا.
- لا يا خالتو لسه في الشغل...
ابتسمت ليل وقالت: - بجد جميل خالص، على فكرة بقا أنا جاية عشانك أنت لانك وحشتيني اووي يا لوكا...
- وانت كمان يا خالتو وحشتيني اووي وتيتا كمان، بابا قال في الويكيند هيخليني اروح عندها
لمعت عيني ليل الخضراء وهي تقول: - بقولك يا لوكا، هو انت بتحبي تيتا وخالتو ليل؟!

هزت ملك رأسها وهي تقول: - طبعا يا خالتو بحبكم اووي وبحب اقعد معاكم وبحبك أنت بالخصوص...
ضحكت ليل وقالت بخبث: - طيب حابة تعيشي معانا؟!
بهتت ملك قليلا وقالت: - انا عايشة مع بابا.
- بس أنس مش بابا يا لوكا أنت عارفة كده، أنس عمك، والاولي تيجي تعيشي مع خالتو اللي هي أقرب من عمك ليكي...

ابتعدت ملك عنها وقد بان عليها الضيق وقالت: - لا يا خالتو محدش قريب ليا قد بابي، انس هو بابي اللي رباني واللي عيشت معاه طول حياتي وحابه اعيش معاه هو بس!
احمر وجه ليل بغضب وكادت أن تصفعها على وجهها ولكنها قررت اللعب بخبث. يجب أن تتمهل كي تكسب تلك الجولة، يجب أن تقلب ملك على أنس كي تضمها لصفها...

اصطنعت ليل الحزن وقالت: - يعني أنت مش عايزة تعيشي مع تيتا يا لوكا، على فكرة تيتا بتحبك، غير انس اللي سايبك هنا للخدامين ومش مهتم بيكي، ده غير لما يتجوز هيهملك اكتر ويهتم بعياله الحقيقيين، قوليلي بقا يا ملك أنت هتكوني اهم ولا أولاده...
- ليل...
صرخة واحدة من انس جعلها تنتفض بقوة.
. نظرت ليل إلى أنس ووجدت عضلات وجهه متقلصة من الغضب!

خرجت من كليتها بهدوء وهي تسير باتجاه الشارع الرئيسي لكي تعود لمنزلها، صديقتها ميار لم تحضر اليوم إلى الجامعة بالاضافة ان فجأة طرأ عليهم امتحان مفاجئ وهي لم تجاوب جيدا، كان اليوم كارثيا بامتياز، تتمني ان يمر باقي اليوم على خير.

من بعيد كان يقف مروان وهو يراقبها. كانت ابتسامة شجن مسيطرة على وجهه، هو يغرق بها يوما بعد يوم، يعاقب نفسه بها ولا يقترب منها حتي، كيف تملكته تلك الفتاة لتلك الدرجة كيف، وما المميز بها ويجعلها تحتله بتلك الطريقة المرعبة، ليست الاجمل ولكن بالتأكيد الانثي الاكثر تميزا التي رآها في حياته كلها، كانت تسير بتمهل على الطرقات، قرر هو أن يسير خلفها دون أن يرعبها، كان سعيد بشكل غريب وهو يراقبها هكذا خلسة كاللص، أنه يتصرف بجنون وذلك ليس غريب على شخصيته المختلة كما يعرفها، ضحكة افلتت منه عندما تذكر أن ادم جعله ياكل الورد عندما اقترب منها وكسر يده أيضا، ماذا سيفعل تلك المرة، لابد أنه سيقتله لو عرف أنه يراقب شقيقته سوف يقتله بكل تأكيد...

شعرت ليلي كأن أحد. يسير خلفها، نظرت فجأة خلفها لتشهق وهي تجده...
- يخربيتك أنت بتعمل ايه هنا؟ ؛
بهت مروان وهو يتراجع للخلف، ما هذا الحظ، لم يكن يريد أن تراه...
- ده أنا هطين عيشتك والله...
- اسمعيني بس، أنا غرضي شريف.
- شريف وانت، انت والشرف متجتمعوش ا
ابتلع مروان ريقه وقال؛
- انا بحبك يا ليلي والله بحبك ونفسي تحبيني!

- حب ايه يا بني اللي احبهولك انت عبيط؟! لا بجد مخك فيه حاجة، انت خطفتني وحاولت تعتدي عليا، سجنت اخويا، ده أنا أقل حاجة اعملها معاك اني أفضي مسدس في راسك مش احبك، حبك برص ان شاء...
قالتها ليلي بشراسة ثم كادت تذهب من امامه الا انه بسرعة قطع طريقها وهو يقول متوسلا: - طيب اديني فرصة، على فكرة أنا كويس بس الظروف...

- ظروف ايه يا عم أنت. وانا مالي بظروفك ما تسيبني في حالي والا اقسم بالله اقول لادم اخليه يكسر ايديك التانية، أنا مش ناقصة هم...
بعدين أنا ازاي متوقع اني احب واحد مريض زيك، لو نسيت اللي حاولت تعمله معايا. عمري ما هنسي اللي عملته بمهرا...
اختنق صوتها وقد لمعت عينيها بالدموع واكملت: - انت دمرت حياة المسكينة ومتوقع اني أقبل حبك ده، حبك ده تبله وتشرب ميته...

ثم ذهبت من امامه. قال فجأة بقوة: - لو قولتلك اني ملمستش مهرا اصلا، هتديني فرصة!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة