قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل العشرون

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل العشرون

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل العشرون

نهض عنها بسرعة وهو يلهث، ابتعد قبل فوات الاوان وقبل ان يجعلها زوجته رسميا!، لا يصدق انه انجرف معها بتلك الطريقة، لا يصدق ان ضعفه تحكم به، عينيه الزرقاء كانت مشبعة بالصدمة، نظر ادم إلى مهرا التي تصاعدت الدموع في عينيها، وتمتم دون شعور.
- انا آسف، أنا آسف...
ثم سحب قميصه الذي رماه بسرعة وارتداه وخرج مسرعا كان شياطين العالم تطارده!

كانت مهرا متسطحة على الفراش وهي شاخصة عينيها لأعلي، الجزء العلوي من منامتها ممزق قليلا، شفتيها مرضوضتين بفعل وقبلاته المجنونة وقلبها ما زال يخفق بعنف بينما هي تلهث بعنف، كانت الدموع تنساب من عينيها وهي تتذكر كيف ابتعد عنها كالملسوع، وكأنها شر مقيت اراد الابتعاد عنه، شعرت انه يخاف على نفسه من التلوث، تصرفه اذاها بقوة، شهقت فجأة ودموعها تنفجر من عينيها اكثر، كانت لا تستطيع ان تتوقف عن البكاء، لقد ادركت الآن مشاعره، هو لن يعتبرها ابدا زوجته، هو لا يحبها، يشمئز منها، هو مثلهم يعتبرها خاطئة، يظن انها فرطت في شرفها بإرادتها! ذلك التفكير رفض مغادرة عقلها، دفنت رأسها في الوسادة وهي تبكي بعنف، كانت شهقاتها تخرج متقطعة. بينما تشعر بألم عظيم في قلبها، الم لم تختبره من قبل، لقد أحبت وتحطم قلبها، وتلك المرة تحطم قلبها بقوة، لن تشفي جراح قلبها، عرفت هذا.

وقف ادم في صالة المنزل وهو يشعر بالصدمة من نفسه، يشعر بالصدمة لانه ضعف أمامها بتلك الطريقة، لو لم يتوقف في اخر لحظة كان سيجعلها زوجته رسميا...

اتجه إلى المنضدة وجلس عليها بإنهيار، وضع كفه على شفتيه واغمض عينيه وهو ما زال تحت تأثير تقاربهما، لم يشعر بهذا الشعور من قبل، يشعر أنه غرق وليس هناك أي سبيل للنجاه، اغرق وجهه في كفيه وهو يشعر بالصداع يكاد يفتك رأسه، ما الذي فعله، كيف يفعل هذا؟ كيف يخون الأمانة؟! لقد وعد نفسه أنه سوف يحميها ويعيدها إلى عائلتها سالمة، فكيف حدث هذا...
- ادم...

صوت ضعيف قطع حبل أفكاره، رفع ادم رأسه ليجد والدته أمامه، حاول ان يبتسم ولكن الابتسام تطلب جهدا كبيرا منه. جهدا لم يمتلكه في الوقت الحالي، من نظرة واحدة عرفت والدته ما الذي يمر به ابنها، عرفت أن هناك شئ خاطئ وهذا الشئ يتعلق بمهرا، هي تفهم ابنها جيدا أليس هي من ربته، هي تفهمه أكثر من أي شخص آخر. جلست بتعب على المقعد المجاور له وتقول: - ايه اللي مصحيك دلوقتي يا آدم...

اخيرا استطاع ان يبتسم وقال: - عادي يا أمي مش جايلي نوم، ومرهق شوية، المهم أنت ليه صاحية روحي نامي...
ابتسمت وهي تقول: - حسيت بيك فطلعتلك يا ادم...
تنهد هو بتعب وقال: - انا تعبان اووي يا امي، حاسس ان الدنيا حواليا متلغبطة، مش عارف انا عايز ايه، وخايف اقع في غلط اني اظلم حد معايا، خايف اخد قرار وادمر الشخص اللي معايا...
- تقصد مهرا؟!

سألته ولكن الأمر لم يكن مجرد سؤال، بدت متأكدة للغاية، تنهد هو ولم يتكلم لتكمل هي: - انا عارفة ومتأكدة أن جوازك من مهرا ليه سبب معين، مش جواز حب، بس انا مش عايزة اعرف السبب، بس دلوقتي يا ابني انت حبيتها!
نظر إلى والدته بصدمة لتبتسم وتقول: - عينيك دلوقتي بتلمع ليها، عكس اول ما اتجوزتها، كنت بحس في الاول أنها مفروضة عليك، لكن دلوقتي اللمعة اللي في عينيك ليها بتقول انك بتحبها اووي...

ابتلع أدم ريقه ولم يتكلم. لتنهض هي وتربت على كتفه قائلة: - احنا بنعيش مرة واحدة يا آدم مضيعش سعادتك من ايديك، امسك فيها كويس...

كان يمسك صورتها والدموع تنساب من عينيه، لقد ابتعدت عنه، غادرته دون رجعة، اختارت ادم وتركته هو، قلبه كان يؤلمه، كان حقا يموت من الألم، هو من رباها، شاهدها وهي تكبر. دللها واحبها اكثر من حياته فكيف يأتي ادم بتلك السهولة ويخطفها منه. كيف؟! وكيف تختاره بتلك السهولة، كان قلبه يتمزق من الحزن عليها، هي اختارت ادم، امسكت بكفه وتركت كفه هو، بعد كل ما فعله، لقد حاول دوما ان يسعدها...

ولجت مروة إلى المكتب وهي تري عمها في تلك الحالة على الرغم ما فعله الا انها تشفق عليه كثيرا، دموعها كانت تتساقط، لقد عرفت ان مهرا اختارت ادم وتركته هو، رغم ما فعله جابر عزام الا انه حقا احب مهرا، احبها اكثر من أي شئ آخر، هو فعل المستحيل لإسعادها، وكما انه من انقذها من الفضيحة التي كادت ان تحدث لها بمساعدة ادم، رباه هي ممزقة ما بين الغضب منه والشفقة عليه، عمها رجل كبير ولن يتحمل ان تبتعد عنه مهرا، اذن ماذا تفعل؟! هل تكلم مهرا، هل تحاول اقناعها ان تكلم جدها، هل تفعل هذا؟!..

كانت مروة محتارة ماذا تفعل...
- عمي.
قالتها مروة بحزن...
مسح جابر دموعه وقال: - بنتك اختارت ادم يا مروة، بنتك فضلته عليا...
نظرت مروة لأسفل وقالت: - اللي سمعته صعب يا عمي!
نهض جابر وهو يصرخ ويقول: - انا اللي ربيتها يا مروة، أنا اديتلها الحب والرعاية والاهتمام، أنا اللي اهتميت بيها، أنا اللي بروح الم مصايبها يبقي ده جزاتي في الاخر يا مروة، تبعد عني وتنفيني من حياتها!

ابتلعت مروة ريقها تشعر بالآسي على عمها ولكن داخلها لا تلوم مهرا، فما فعله جابر كان قاسي للغاية، المشكلة أنه لا يعترف ابدا أنه أخطأ في حق حسناء، دوما ينظر إليها بإحتقار، حتى أنها يحملها مسوؤلية موت على زوجها، عمها يتصرف بقسوة بالغة مع حسناء، كان يجب أن يتقبلها قليلا حتى يسامحه ادم ولكن يبدو أن هذا بعيد المنال الان، فآدم أصبح يكرهه أكثر، لن تنسي أنه كاد أن يقتله عندما عرف بما فعله بوالدته! وادم لديه حق أن يغضب ويثور، فيكفي ما فعله جابر معهم...

نظرت إلى جابر التي دموعه تنساب بقهر وهو ينظر إلى صورة مهرا، توجع قلبها لأجله، رغم كل شىء جابر هو من رباها، هو من اهتم بها ودللها، فعل الكثير من أجلها، حاول دوما حمايتها، صعب عليه أن تتخلي عنه مهرا بتلك الطريقة، هذا صعب...
تنهدت وقالت: - هترجع يا عمي متقلقش، مهرا اكيد بتحبك...

هز جابر رأسه وهو يمسح دموعه وقال: - بنتك حبت ادم اكتر مني، قدامي مسكت ايده ورفضت تيجي معايا، مهتمتش بقلبي اللي اتكسر يا مروة، مهتمتش باللي رباها وحبها اكتر من حياته، اللي حققلها كل طلباتها ولما وقعت هو اللي ساعدها، بنتك نسيت كل ده يا مروة...
أغمضت مروة عينيها بآسي وقالت: - معذورة يا عمي اللي سمعته صعب برضه ولا ايه؟! مهرا اتصدمت فيك وبعدين انت خليت الوضع أسوأ لما روحت لحسناء...

نهض جابر وهو يصرخ: - لان حسناء هي السبب في ده كله، اخدت ابني في الاول ودلوقتي ابنها جاي ياخد حفيدتي، عايز ياخدها ويبعدها عني، هو بينتقم مني في مهرا وهتشوفي يا مروة أن ادم هيدمرها عشان يحقق انتقامه، هو ورث سواد القلب من امه، دي نتيجة تربية حسناء...
- ايه اللي انت بتقوله على ادم يا عمي ده حفيدك!
هز جابر رأسه وقال: - لا، لا ادم مش حفيدي. هو ابن الست دي ابن حسناء، وحتى لو شوفته ميت قدامي مش هتهز...

ادم انتهي بالنسبالي. انتهي لما اتجرأ ومد ايديه عليا!

في اليوم التالي...
نظرت إليه وهو نائم، مررت يديها على وجهه، ذقنه غير الحليقة اعطته جاذبية خطيرة، ابتسمت كارما وقلبها يخفق بقوة، هي تعيش اسعد لحظات حياتها الآن، وكم تتمني ان تدوم تلك السعادة للأبد، تتمني الا ينكسر قلبها ابدا، اقتربت وهي تقبله على وجنته. تشتم رائحته كالمهووسة...
فتح سامر عينيه وحاوطها بذراعيه وهو يقول: - صباح الخير يا ملاكي، ما دام صحيت على وشك أكيد هيكون يوم حلو زيك.

قالها وهو يبتسم لها بسعادة. رقص قلبها داخل صدرها، لا تصدق انه يقول لها هذا الكلام، لا تصدق، هل هي تحلم يا تري؟!
- ايه الكلام الحلو ده تتحسد؟!
قالتها كارما وهي تخفي خجلها منه. نظر إليها وقال: - يعني اقول كلام حلو مش عاجب، مقولش برضه مش عاجب، انتوا الستات محدش فاهمكم عايزين ايه...
ضحكت وقالت: - انا عايزة كلام حلو...
- وانا ههريكي كلام حلو يا ست البنات. بس بس، كل يوم هقرالك شعر...

اتسعت عينيها بشغف وقالت: - ايه ده انت بتعرف تقول شعر.
- لا أنا مش رومانسي للدرجادي أنا بس حافظ شوية لشعراء كده...
ابتسمت وقالت: - مش مهم، المهم انك الراجل الاجمل في حياتي كلها
ضحك بمرح وقال: - انا كده هتغر خلي بالك...
- يا سيدي براحتك انت تعمل اللي انت عايزه...

صمت قليلا وهو يشعر بألم طفيف في قلبه، أدرك أنه لا يستحق تلك المعاملة ابدا، لا يستحق هذا الحب. كارما حقا تحبه بكل كيانها، أما هو. هو لا يبذل اي مجهود ليدخلها قلبه، ذلك الخاطر ازعجه كثيرا، وجد نفسه يقول بصوت غريب: - انا اسف يا كارما، اسف...
عقدت حاجبيها بحيرة وقالت: - ليه بتعتذر؟!

تنهد ورد عليها: - لاني مش قادر احبك، أنت تستحقي اكتر من مجرد احترامي، أنت تستحقي اكتر من كده بكتير، تستحقي اني احاول عشانك اكتر من كده...
ابتسمت بحزن وهي تنظر إليه، أنه يؤلمها ولكن لا يمكن أن تغضب منه، يكفي أنه يحاول، يكفي أنه يعاملها بلطف وبإحترام، وهي تكتفي بهذا، والحب سوف يأتي، هي لديها أمل كبير أن يحبها، وسوف تسعي لتمتلك قلبه، سوف تفعل كل الاشياء التي يحبها، لن تدعه يتذمر منها...

أمسكت كارما كف سامر وقالت: - يالا بقا يا كسلان عشان تروح الشغل، وانا كمان اروح شغلي، أنا رايحة اجهز الفطار.

ثم ركضت من أمامه. تجهم وجه سامر وهو يشعر بالضيق، يشعر أنه يبذل مجهود جبار كي لا يشعرها أنها عبأ عليه، كما أنه متضايق من موضوع أنها تعمل، هو لا يريد لزوجته أن تعمل، هذا المبدأ مرفوض لديه، يريد أن يكلمها عن هذا ولكن لا يريد أن يحدث أي توتر بينهما الان، يكفي انها قد اطمأنت إليه، يكفي انها بدأت تشعر مجددا أنها سعيدة، ولكن هذا الضيق ناحيتها لا يخف، يشعر به يخنقه بقوة!

كانت كارما تعد الأفطار وهي تدندن بسعادة، أنها تعيش اجمل لحظات حياتها الان، سامر يعاملها كالأميرات حقا، لم تتخيل حتى في أحلامها أن يعاملها بتلك الطريقة، تستطيع أن تجزم الان أن قريبا سوف تتكون لديه مشاعر لها...
شهقت وهي تضحك عندما ضمها من الخلف وقال: أتحدى.
من إلى عينيك، يا سيدتي، قد سبقوني
يحملون الشمس في راحاتهم
وعقود الياسمين.
أتحدى كل من عاشترتهم
من مجانين، ومفقودين في بحر الحنين.

أن يحبوك بأسلوبي، وطيشي، وجنوني.
أتحدى.
كتب العشق ومخطوطاته
منذ آلاف القرون.
أن تري فيها كتابا واحدا
فيه، يا سيدتي، ما ذكروني
أتحداك أنا. أن تجدي
وطنا مثل فمي.
وسريرا دافئا. مثل عيوني
أتحداهم جميعا.
خفق قلبها بعنف وقالت: - دي قصيدة لنزار قباني، انا بحبه اووي...
ابتسم وهو يقبل رقبتها ويقول: - وانا بحبه لانك بتحبيه...
كيف يكون لديها شك بعد كل هذا أنه يحبها، أنه يحبها بكل تأكيد!

لا يستطيع اخراجها من عقله، منذ الصباح وهو يفكر بها، حاول كثيرا ان ينشغل بالعمل ولكنها ترفض مغادرة تفكيره، ما زال يتذكر تقاربهم المجنون بالأمس، استسلامها بين يديه ومبادلته قبلاته المجنونة، لو لم يسيطر على نفسه في اخر لحظة لكانت اصبحت زوجته رسميا، لكن جعلها ملكه ولم يكن ليتركها ابدا، ولكنه لن يكون اناني لتلك الدرجة، لن يحتفظ بها لنفسه، لن يلزمها بأن تبقي معه! هي لن تعتاد على حياته ابدا، وهو ليس لديه اي شئ ليقدمه لها، هو لن يستطيع أن يسعدها، اذن ليحررها منه! صحيح انها تخلت عن جدها من اجله ولكنها يوما ما سوف تعود لحياتها، يوما ما سوف تكره حياته تلك، فهي ليست معتادة على الشقاء وهو لا يستطيع ان يفكر بنفسه الآن، مرام قد تتزوج وهو بحاجة إلى كل فلس لكي يجهزها جيدا ويرفع من شأنها امام زوجها، ليلي ما زالت في الكلية وغدا سوف يأتي نصيبها وستتزوج أيضا وهو يجب أن يجهزها، والدته مريضة وبحاجة له، هو مكبل بالمسوؤليات، وفتاة مثل مهرا لن تتحمل هذا، وهو حقا لا يلومها، هي اعتادت على نمط حياة معين ولن يجبرها أن تتخلي عن تلك الحياة من أجله، حتى لو كان يحبها، حتى لو تألم عندما تذهب ولكن ابدا لن يكون اناني معها، لن يسجنها في منزله بل سيحررها منه، وقريبا جدا! رغم الألم، رغم التحطم الذي يشعر به إلا أنه لن يربطها به ابدا...

- ادم...
صوت ضعيف ناداه. عرف صاحبة الصوت قبل أن يرفع رأسه، اغمض عينيه وهو يتنفس بضيق، متي ستتركه، متي ستحل عنه، الا يكفي المشاكل التي بحياته لتأتي هي وتجعل الوضع يسوء أكثر...
رفع رأسه وهو يعطيها نظرة باردة جمدتها مكانها، لمعت عينيها بالدموع وهي تري البرود الذي يطل من عينيه. رغم كل المخاطر أتت، اتت لكي تتكلم معه، اتت لأنها ما زالت باقية عليه رغم تجاوز زوجته معها!..

انسابت دموعها أمامه فلم. يحرك. ساكنا وهو ما زال ينظر إليها بضيق، كان حقا غاضب منها، ما تفعله غير صحيح، هي سوف تؤذي نفسها بتلك الطريقة...
- عايزة ايه يا ميار؟!..
قالها ادم بنبرة باردة تخفي براكين غضبه التي تكاد أن تنفجر بسببها، شهقت وهي تبكي أمامه، تريد أن تؤثر به لعله يشفق عليها ولا يعاملها معاملة سيئة، تريد أن تري الحب بعينيه، تريده أن يعود ويحبها...
- ادم انا بحبك صدقني...

- بس اسكتي يا ميار، اسكتي خالص، وبطلي الكلام اللي بتقوليه ده، خلاص مليت من جنانك، ولو سمحتي امشي من هنا...
شهقت هي وتقول: - انت بتطردني يا آدم، بتطردني أنا، امتي بطلت تحبني يا آدم، معقول مراتك أثرت عليك بالطريقة دي؟! معقول نستك ميار، نستك حب ميار وخلتك تتخلي عني!
اقترب منها واللهب في عينيه يتصاعد وقال: - معلش مين السبب اللي خلاني ابطل احبك، قولي كده تاني؟! انت بتعلقي غلطك. على التانيين...
- ادم.

قالتها بإنكسار ليقترب منها أكثر وهو يزعق بها: - هو مين اللي اتخلي عن مين، أنا سيبتك ولا أنت اللي سيبتيني، مين اللي راح اتجوز اول عريس جاهز، مين اللي اتخلي عن مين يا ميار انطقي؛!

صرخ بها في جملته الاخيرة لترتعش بقوة ثم أكمل بحرقة: - رغم انك اتخليتي عني بس عمري ما حسستك بالذنب يا ميار، سيبتك تختاري حياتك وانا اختارت حياتي مش من حقك تيجي دلوقتي وتحاولي تخربي جوازي، لاني عمري ما هدخلك حياتي بأي شكل من الأشكال، لو شوفت وشك هنا تاني هقول لابوكي...
تراجعت بصدمة ودموعها تتساقط، كانت لا تصدق أن هذا هو ادم!
صرخ بها بعنف وقال: - يالا اطلعي برا...

لتنفجر هي بالبكاء ثم استدارت لتركض خارج الورشة وقد أحدث ادم جرحا في قلبها لن يشفي...
كانت مرام تقف مصدومة وهي تجد ميار تخرج باكية!
- دي ميار معقول!
قالتها مرام بصدمة بعد ما خرجت ميار باكية من عند ادم...
تنهد ادم وقال: - ايوة هي!
هزت مرام راسها وقالت: - ادم دي متجوزة وانت متجوز و...

برقت عينيه وهو ينظر إليها ويقول: - مرام أنا مش كده أكيد، ميار انتهت من حياتي ويمكن شوفتي انها مشيت من هنا وصدقيني مش هترجع تاني، أنا بحترم مراتي وهي لازم تحترم جوزها...
ابتلعت مرام ريقها وقالت: - طيب هي كانت عايزة ايه؟!
تنهد وقال: - مش مهم تعرفي يا مرام، خلاص الموضوع انتهي.

. قالها ادم دون ان تكون لديه اي نية لشرح الوضع، تنهد وهو يتذكر انه قسي عليها، اهانها كثيرا وحطمها، كان لا يريد أن يفعل هذا ولكن ميار تجاوزت الحدود غير انه غاضب بسبب ضعفه الغريب امام مهرا، وغاضب ان ليس هناك أي فرصة ليكونا سويا، غاضب لأنها قد تتركه في أي وقت.

كان غارق في التفكير بينما شقيقته تنظر إليه وتتساءل لماذا عادت ميار لحياة ادم بعد ان دمرتها، ما زالت تتذكر كيف كان حال شقيقها بعد أن تركته، كان حقا محطم، اغرق نفسه بالعمل والتزم الصمت لفترة طويلة ولكن كانت تري الخراب في عينيه، تري الخذلان والخيانة، حينها شعرت بالشفقة عليه وبالذنب ايضا! كانت تعرف أن ادم يحرم نفسه من الكثير كي يسعدها هي وليلي، هو رفض أن يصرف اي فلس على نفسه من أجلهما، لم يجهز لنفسه مكان ليتزوج به، لم يدخر أي أموال من اجله ابدا، لم يفكر بنفسه من الأساس وهذا دفع ميار لتركه، رغم أنها حاولت إقناع نفسها أن هذا حقها ولكن مرام حقا كرهتها، كرهتها وهي تري الانكسار في عيني شقيقها، لقد استغرق ادم وقت طويل جدا لكي ينساها وطيلة هذا الوقت كان تري أخاها يتعذب لدرجة أنها خافت أن تحب كي لا ينكسر قلبها مثله، فهي تعرف أن ادم عشق ميار حد الجنون، لقد اعتبرها تخصه، اعتبرها من عائلته ولكن ما الذي اتي بها في الوقت الذي تجاوزها شقيقها وتزوج من اخري؟! هي حقا لا تفهم، هل اتت لتدمر حياة شقيقها؟!

- متفكريش كتير يا مرام، قولتلك ميار مش هتيجي تاني وخصوصا بعد الكلام اللي سمعتهولها. متقلقيش على اخوكي أنا مش ضعيف ولا غبي عشان ارجعها حياتي بعد ما اتخلت عني، خلاص ميار انتهت من حياتي وللابد...
ابتسمت مرام براحة وقالت: - متعرفش ريحتني قد ايه بكلامك ده، أنا مش عايزاك تتجرح تاني يا آدم...
ابتسم وأمسك كفها قائلا: - متقلقيش يا بسبوستي أنا كويس اووي...

ابتسمت مرام وقالت: - انا عايزاك دائما تكون مبسوط خصوصا مع مهرا لاني واثقة أنها بتحبك بجد...
تجهم وجهه وقال مغيرا الموضوع: - خلينا نتكلم في المهم، أنا جيبتك بعيد عن البيت عشان اقولك على اللي قاله انس، وأنت طبعا ليكي حرية الاختيار...
تنهدت مرام بتوتر وقالت: - قول يا آدم...
- انت كنتي تعرفي أن عنده بنت؟!
هزت راسها بالإيجاب وقالت: - بس بصراحة معرفش هو مطلق ولا ارمل ولا ايه وضعه و...

قطعت حديثها فجأة ونظرت إلى ادم وقالت بصدمة: - معقول يكون لسه متجوز عشان كده...
هز ادم رأسه وقال: - لا يا مرام هو مش متجوز وملك مش بنته!
- ايه مش بنته!
قالتها بصدمة ليتنهد ادم وهو يقص عليها كل شىء...
بعد أن انتهي من حديثه، نظر إلى المشاعر المتعاقبة على وجه مرام، لقد صدمها الان خاصة بعدما أخبرها بالإتفاق الذي تم بين أنس وليل...

- مرام أنا من رايي انس انسان كويس جدا وهو طلب تصبري عليه شوية، معرفش ليه بس هو دخل قلبي بسرعة، لكن في الاول والاخر القرار قرارك ففكري كويس.
هزت مرام رأسها وقالت: - حاضر.

في منزل ميار...

كانت ميار في غرفتها تبكي بعنف، كانت لا تصدق ان ادم يجر حها بكل تلك القسوة، لطالما كان ادم قلبه ابيض، يعاملها بلطف وحنان، حتى عندما قررت تركه لم يفعل شئ بل بارك لها بهدوء وتمني لها السعادة، ولكن اليوم، اليوم هو حطمها تماما، وكأنه كان يختزن ألمه منها في قلبي، وأتت لحظة الانفجار، تلك اللحظة التي صرخ بها واخبرها بوضوح كيف يراها، تلك اللحظة كسرت قلبها حقا، ارادت ان تلومه، ترتمي بين ذراعيه وتبكي، تشتكي مرارة ما تعيشه، تتوسل إليه ليعود إليها، ولكن الحب الذي كان بعينيه الزرقاء لها جف تماما. كانت تري بعينيه الغضب والكره، انها المرة الأولي التي تري فيها ادم يكر هها بتلك الطريقة، لقد عرفت الآن ان قلبه لم يعد لها، كانت تكذب على نفسها، تكذب وتقول انه يحبها، ولكن لا، الكلام الذي قاله يخبرها بوضوح انه تحرر من حبها، تحرر في الوقت الذي هي ما زالت أسيرة حبه ولا تستطيع نسيانه، ماذا تفعل الآن؟! كيف ستنساه! ربما لا يوجد أمل لها أن تعود لادم، ربما ادم ألقاها خارج حياته، ماذا تفعل الان، هل تجعل حياتها تتوقف، تعيش مع والدها وزوجته الكريهة، لا لا. هي سوف تجن لو عاشت معهم بكل تأكيد، زوجة والدها تكرهها وسوف نجعل حياتها جحيم. هي قد تجعل والدها يزوجها من رجل مسن، هي لن تتواني لحظة لكي تدمر حياتها وهي لن تسمح بهذا، يجب أن تنجي بنفسها، رغم الالم الذي تشعر به الآن، رغم قلبها المحطم على يد ادم فهي يجب أن تفكر في نفسها الان، والشخص الوحيد الذي سوف ينقذها من هذا الوحل هو علي، على فقط، صحيح أنه ارتبط بغيرها ولكنها تعرف جيدا أنه ما زال يعشقها بقوة، بالتأكيد لو أخبرته أنها تريد العودة فسوف يعيدها ويترك تلك الفتاة، نعم، على يحبها وهو الوحيد الذي سوف ينقذها الان...

نهضت وهي تمسح دموعها وتفكر ماذا تفعل لتعيد على إليها، هل تذهب إليه، ام تتصل به، لا هي سوف تذهب، وتخبره أنها نادمة جدا على تركه، وأنها تريد العودة لتصبح زوجته وتسافر معه وترضي بنصيبها، فبعد الكلام الذي قاله لها ادم لا تتوقع ابدا ان يعود إليها، بعد الكره الذي رأته لا تتوقع أن حياة مشتركة سوف تجمعهم، اتجهت لخزانتها ثم أخرجت قميص نسائي وبنطال اسود واسع لكي ترتديهم...

بعد قليل.
كانت تقف أمام المرآة وهي تضع بعض مساحيق التجميل على وجهها، ابتعدت ونظرت إلى نفسها لتبتسم وقد استحسنت شكلها، كانت رائعة للغاية، ابتسامتها تضئ وجهها الجميل، سحبت حقيبتها وخرجت من الغرفة، وقفت في صالة المنزل وهي تجد والده ينظر إليها بغضب، تراجعت بخوف وهي تبتلع ريقها وقالت: - فيه ايه؟!
- انت روحتي لادم النهاردة؟!

ابتلعت ريقها وكادت أن تنفي إلا أن والدها اقترب وصفعها بعنف وقال: - اياكي تكدبي لان علياء شافتك خارجة من عنده...
مطت علياء شفتيها وقالت: - احنا اتفضحنا في الحي كله يا عثمان، بنتك جابتلنا العار، راحت ورشته والله اعلم ايه اللي حصل بينهم!
نظرت ميار اليها وهي تصرخ: - اخرسي يا حرباية يا صفرا أنت، أنا اشرف منك يا قليلة الشرف يا أحقر خلق الله.

- شوف قليلة الرباية، اللي اتطلقت من جوزها وجايه تكمل الفضيحة وتروح لادم ورشته عشان تحط راس ابوها في الطين...
غلي الدم في عروق عثمان ليجذب ميار من شعرها ويقول: - عقابك معايا هيكون كبير يا ميار...
ثم سحبها خلفه لغرفتها وهو يصرخ: - هاتي المقص يا علياء...
- بابا، بابا هتعمل ايه؟!
امسك عثمان المقص من يد علياء وجذب شعرها وقال: - هتشوفي دلوقتي انا هعمل ايه!
ثم بدأ بقص شعرها!

في المساء...
كانت تجلس في غرفتها تنتظره، يجب ان تتكلم معه وتضع النقاط على الحروف، يجب أن تعرف وضعها معه لكي تقرر، فهي لن تحارب من اجله الا عندما تتأكد ان هناك مشاعر داخله لها، اغمضت عينيها وهي تتذكر تقاربهم بالأمس وكيف كانت سعيدة للغاية وهي بين ذراعيه، شعرت حقا انها تنتمي اليه، وكأنها خلقت له، كأن قلبها خلق لآدم!

ولكن تصرفه بعد ذلك جرحها بقوة وهي يجب أن تعرف سبب تصرفه هذا، ستستجمع شجاعتها وتتحدث معه بكل صراحة، ستعرف لماذا فعل هذا؟! مهما كانت الاجابة صعبة سوف تتحملها، سوف تتحمل الحقيقة ما دام طلبتها، نظرت إلى الساعة وقدرت انه قد يأتي بعد عشر دقائق، وكلما مرت الدقائق كان قلبها يصرخ داخل صدرها بقوة، كانت حقا خائفة من الاجابة التي سوف تنالها منه، هل يا تري سوف يجرحها، ام ادم سوف يتعامل معها بلطف كما كان يتعامل معها دوما، بلطف وتفهم. هل سيعتذر عن تصرفه ام سيتصرف ببرود، كل تلك الاسئلة كانت تدور في عقلها لدرجة شعرت أن رأسها سوف ينفجر من التفكير، تنهدت مهرا وقالت: - يارب ساعدني أنا حاسة أن هيحصل حاجة وحشة، يارب ساعدني...

انتفضت قلبها داخل صدرها وهي تسمع باب الغرفة يفتح، نهضت وقلبها يصرخ داخل صدرها كانت يديها ترتعش وهي تنظر إلى ملامحه المغلقة، كان متباعد كثيرا وقد فهمت هذا، لم ينظر إليها حتى بل اتجه إلى خزانته واخرج ملابسه ثم خرج من الغرفة متجها إلى الحمام ليأخذ دش سريع، ولج إلى الحمام ووضع ظهره على الباب وهو يضع كفه على قلبه، يعلم أنها تريد التحدث معه، ولكنه غير مستعد ابدا ان يتكلم الان، هو مشوش للغاية يشعر أنه لو تكلم سوف يجرحها وهو لا يريد أن يفعل هذا، يريد أن يرتب أفكاره اولا كي يكلمها، كي يجعلها تفهم وجهة نظره، فهي لا تنتمي لهذا المكان، لا تنتمي إليه، فكر وقلبه يعتصر من الالم، معرفة هذا جعلته يتعذب، للاسف لقد أدرك أنه يكن لها مشاعر، مشاعر قوية، تأثيرها عليه كبير ولكن تأثير ضميره اكبر، وضميره يخبره الا يظلمها...

تنهد وهو يبدأ بخلع ملابسه كي يستحم...

بعد قليل كان قد انتهي وولج لغرفته لتنهض هي وتقول: - ليه اتأخرت يا ادم؟!
تنهد وهو يستعد للذهاب إلى النوم قائلا: - اهو جيت يا مهرا، كان ورايا شغل كتير...
ابتلعت ريقها وقالت: - حابة اتكلم معاك شوية...
- مينفعش الموضوع يتأ...
قاطعته وهي تقول بصرامة: - لا مينفعش، لازم نتكلم، لازم...
اخيرا استعاد سيطرته على نفسه وقال وهو ينظر إلى عينيها العسلية: - اتفضلي يا مهرا.

تنهدت وهي تستجمع شجاعتها المبعثرة وتقول: - عايزة اعرف أنا وضعي ايه يا آدم، أنا ايه في حياتك؟!
- انت مراتي وليكي احترامك لحد ما ترجعي لحياتك و...
- بس انا اتخليت عن حياتي عشانك، مسكت ايديك ووقفت قصاد جدي وقولت هعيش هنا معاك طول حياتي، انا مسكت ايديك وانت عايز تتخلي عني في الوقت اللي أنا اتمسكت بيك!

ابتلع ريقه وقال: - بس بيننا اتفاق يا مهرا، أنا اتفقت اني ارجعلك سالمة بيتك بعد ما تخلص قصة جوازنا، فخلينا نمشي على خطتنا الأصلية...
ثم كاد أن يذهب من أمامها إلا أنها أمسكت ذراعه وقالت: - طيب ليه مفتكرتش خطتنا الأصلية وانت بتقرب مني امبارح، نسيتها ليه، ليه بتعمل معايا كده، ليه مش قادر تفهم أنا، أنا...
- متكمليش، متكلميش.

قالها بانفعال ثم أكمل: - انت بتدمري حياتك معايا! قوليلي واحدة زيك هتقدر تعيش معايا طول حياتها ازاي؟!، أنا معنديش حاجة اقدمهالك يا مهرا، أنا وهبت نفسي لعيلتي، مش من حقي افكر في نفسي واسيبهم ولا حقي اتمسك بيكي واظلمك، صدقيني المشاعر اللي جواك دي هتروح بسرعة ويبقي قدامك الواقع البشع انك عايشة مع واحد معندوش حاجة يقدمها ليكي، واحد مش هيقدر يحقق أحلامك. مش انا امير احلامك يا مهرا!

بعد يومين...

اليوم سوف تكون ملكه، اليوم سوف تتنعم بحبه، اليوم سوف تكون اسعد امرأة على الوجود، فكرت حياة وهي تنظر إلى انعكاسها في المرآة، كانت تبدو رائعة جدا في فستان زفافها، السعادة التي على وجهها كانت كافية لتزيينه فلم تضع الكثير من مساحيق التجميل، كان قلبها يرقص داخل صدرها، بعد دقائق سوف يأتي احمد وسوف يكتبان الكتاب لتصبح له رسميا، قررا أن. تكزن الحفلة في المنزل، لقد استغنت عن حلمها بصنع حفل زفاف كبير لانه طلب هذا، أنها المرة الأولي التي تنفذ طلبات أحدهما وهي في غاية السعادة هكذا، ولكن احمد ليس اي أحد، احمد هو مالك قلبها، حبها الأول والوحيد، الشخص الذي مستعدة أن تمنحه حياتها وليس قلبها فقط، ابتلت عينيها بدموع السعادة، كانت خائفة أن يكون كل هذا مجرد حلم...

طرقة خفيفة على الباب اخرجتها من شرودها.
- اتفضل.
قالتها بصوتها الرقيق ليدخل جلال صديق والدها المقرب وهو من سيكون وليها...
ابتسمت حياة له ليقترب منها جلال وعينيها لامعة بالدموع ويقول: - اكيد عصام هيكون مبسوط دلوقتي وهو بيشوفك اجمل عروسة في العالم يا حياة...
ابتسمت حياة ووجنتيها تشتعلان بالخجل!..
امسك جلال كفها وقال: - يالا يا بنتي المأذون جه والعريس زمانه على وصول...

هزت حياة رأسها ومسحت الدموع التي سقطت على وجنتها بسرعة، ثم تأبطت ذراعه وخرجت معه...

في صالة شقتها الراقية.
جلست حياة على الأريكة ومعها صديق والدتها، بعد قليل سوف يصل احمد وفي المساء سوف يأتوا. بعص المدعويين ليقيموا حفلة بمناسبة عقد القران...
نظرت للساعة الكبيرة المعلقة على الحائط لتجد أن أمامه بالضبط خمس دقائق ويصل، أمسكت هاتفها وهي تتصل به ولكنها عقدت حاجبيها وهي تجد هاتفه مغلق، رغم القلق الذي كان ينهش قلبها الأ أنها حاولت طرد ذلك الشعور، ربما نسي أن يشحنه بسبب حماسه...

مرت الخمس دقائق، ثم عشرة، ثم نصف ساعة ثم ساعة كاملة وأحمد لم يظهر، كان القلق ينهش قلبها، الدموع تتصاعد في عينيها وهي تدعو بكل قلبها أن يكون كل شىء على ما يرام. نظرت إلى جلال بقلق ليقترب منها ويقول: - خير يا بنتي متقلقيش اكيد فيه حاجة عطلته وهيجي...
هزت راسها وهي تنهض ممسكة فستان زفافها بينما تحاول الاتصال به ولكن هاتفه مغلق كالعادة...

مرت ساعة اخري بين قلق من حياة وجلال وضيق المأذون...
- يا بنتي هو العريس امتي هيجي أنا مش فاضي ورايا كتب كتاب؟!
قالها المأذون لحياة، ارتعشت حياة بقوة وهي تتمسك بفستان زفافها بينما احمد لم يظهر بعد، بينما مئات الافكار السيئة تدور في عقلها، لا لا، لا يمكن أن يكون هذا حقيقي، مستحيل ان يتخلي عنها أحمد بتلك الطريقة المهينة، حبست دموعها بقوة وقالت: - اكيد جاي دلوقتي يا شيخ بس ممكن يكون الطريق زحمة.

- يا بنتي انت من ساعة قولتيلي نفس الكلام، طيب اتصلي بيه...
هزت رأسها وهي تتمسك بالأمل: - حاضر، حاضر هتصل بيه...
امسكت هاتفها ويديها ترتعش ثم حاولت الاتصال به، وكما توقعت وجدت الهاتف غير متاح كالمرات السابقة...
انسابت دموعها وقلبها يرتعش داخل صدرها، اقترب منها جلال وهو يقول: - قوليلي بيت اهله فين وانا اروح اشوفه يا حياة. متخافيش أكيد حصلت حاجة وعطلته...

نظرت إليه وكادت ان ترد عليه الا ان رنين الجرس جعلها تنتفض، ضحكت حياة وهي تبكي وقالت: - اهو جه يا عمو...
ثم اتجهت لتفتح الباب بسرعة وبلهفة ولكنها توقفت وهي تري شاب غريب، ابتسم الشاب ابتسامة غريبة وقال: - اكيد انت حياة، احمد بعتلك الرسالة معايا دي معاكي...
اخذت منه الورقة التي كان مكتوب فيها بخط عريض: - اسف مش هقدر اتجوزك!

فتحت مهرا الباب وهي تبتسم محاولا تخبئة حزنها لتفشل في هذا. عرفت والدتها من الوهلة الاولي ان ابنتها حزينة بشكل غريب. وقد اوجع هذا قلبها...
- نورتينا يا ماما.
قالتها مهرا بإبتسامة لم تصل لعينيها ولكنها جاهدت لتظهر بمظهر المرأة السعيدة ولكن والدتها عرفت انها تدعي وقررت الا تسألها الآن، ابتسمت مروة وهي تضم ابنتها إليها وتقول: - وحشتيني يا مهرا...

ثم ابتعدت عنها لتجد حسناء في صالة المنزل ابتسمت مروة وقالت: - الله احنا بقينا حلوين اهو...
اقتربت مروة ثم ضمت حسناء إليها، ابتسمت حسناء لها وهي تقول بصوت لم يشفي بعد من اثر التعب: - الحمدلله نورتينا يا مروة.
- حبيبتي ده نورك والله. خدي دي حاجة بسيطة ليكي...
ثم قدمت لها عبوة فاخرة من الشوكولاتة...
- بتتعبي نفسك ليه؟!
قالتها حسناء وهي تبتسم بلطف.
- لا لا دي حاجة بسيطة كده.

هزت حسناء رأسها وقالت: - طيب اتفضلي واقعدي.

ثم جلست مروة هي وحسناء يتكلمان، كانت مهرا تنظر اليهم وهي تبتسم بحزن، هي عشقت تلك العائلة الجديدة لها ولكن يظهر ان وجودها غير مرحب به، ادم لا يريدها، بعد حديثهم الاخير أدركت هذا، هو يريد أن يبعدها عنه، غير مهتم بقلبها الذي تحطم بفعل كلماته تلك، يظن أنها لن تطيق الحياة معه! لقد تخلت عن جدها من أجله، قبلت أن تعيش هنا، أحبت حياته لأنها أحبته، الا يعني هذا اي شئ له، لماذا قرر بتلك القسوة ان يبعدها عنه، كانت حقا حزينة ويائسة وغاضبة منه، لاحظت مروة بعينيها أن مهرا حزينة، وايضا حسناء لم يخفي عنها هذا الحزن، ابنها الغبي مصمم على التخلي عن سعادته ولكنها لن تسمح له بهذا، صحيح انها تركته اليومين السابقين ولم تكلمه بسبب مرضها وكي تتركه على راحته قليلا. ولكن يجب أن تتحدث، ابنها يدمر حياته بتلك الطريقة، هو يظلم نفسه، يهتم بالجميع على حساب نفسه، وما يفعله خاطئ جدا، تعرف أنه لا يريد لأحد من اخوته أن يحرمان من شئ ولكنه يجب أيضا أن يفكر بنفسه، هو لديه حق على نفسه أيضا وخصوصا أنه تزوج ومهرا لديها حقوق أيضا، هي تفهم أن ادم قد يعتقد أنه سوف يظلم مهرا لو بقا متزوج منها، خاصة أنه لن يستطيع ابدا ان يجعلها في نفس المستوي الذي اعتادت عليه، ولكن الفتاة لا تتذمر وهي قد تقبلت حياتها مع ادم، إذن ما المشكلة؟ ؛.

انتهت مروة من زيارة حسناء وولجت حسناء لغرفتها تحججت أنها تريد الراحة كي تتكلم مهرا مع والدتها...

- شكلك مش مبسوط يا مهرا...
قالتها مروة لابنتها، وتلك الكلمة كانت كالقشة التي قصمت ظهر البعير، انفجرت مهرا بالبكاء وهي تشعر بقلبها يتمزق من الالم...
شدتها مروة اليها وهي تضمها بقوة وتقول: - كنت حاسة بيكي، قوليلي يا بنتي ايه اللي مزعلك.؟! ادم؟!
لم ترد مهرا ففهمت مروة الأمر وابعدت مهرا عنها وهي تمسك وجهها وتقول: - الموضوع بسبب جدك؟!

هزت مهرا رأسها ودموعها تتساقط أكثر وقالت: - انا بحب ادم يا ماما، بحبه اووي...
ابتسمت مروة وهي تربت على شعرها الاشقر وتقول: - طيب وايه المشكلة يا مهرا، ايه المشكلة انك تحبيه...
- المشكلة أنه مبيحبنيش.
قالتها بحرقة، لترد والدتها وتقول: - ادم اللي قالك كده، قالك مبحبكيش؟!

هزت راسها وقال: مقالش كده، قالي كلام فاضي، قالي مش هتستحملي العيشة معايا، قالي أنه معندوش حاجة يقدمهالي واني بظلم نفسي معاه، بيحاول يبعدني عنه، اكيد عشان حبيبته ظهرت بيتحجج عشان يبعد...
شدت مروة على كفها وقالت: - انت شايفة ادم من النوع ده، شايفاه كده...
هزت مهرا رأسها وقالت: - المشكلة أنه مش كده فمش فاهمة...
ابتسمت مروة وقالت: - يبقي توريه يا مهرا انك هتستحملي وأنه واخد عنك فكرة غلط تماما.

خرجت ليلي من الجامعة وهي تشعر بالتعب بعد يوم طويل، ابتسمت بحزن، لقد اشتاقت لصديقتها ميار. ميار للأسف مريضة ولم تأتي منذ يومين، حقا الكلية ليس لها طعم من غيرها...
من بعيد كان أحدهم يراقبها بالسيارة، نظر احد الشباب وقال: - اهي لوحدها، دي الفرصة الوحيدة عشان نخطفها، جهزوا نفسكم يا شباب مش عايز أي غلط هنخدرها ونوديها لمروان بيه...
- تماما...
آخرج الشاب زجاجة المخدر ومحرمة من القماش...

سارا بالسيارة خلفها. منتظران الوقت المناسب للهجوم عليها، أخيرا سارت ليلي في شارع هادئ، قررت اليوم الا تستقل عربة لتوصلها، سوف تتمشي، هي تريد أن تصفي ذهنها. تعتقد ان هنا مشاكل بين ادم ومهرا، تري الحزن بعيني مهرا بينما شقيقها متباعدا.
- كل ده بسبب الحرباية الصفرا ميار الهي يارب تموت ونخلص منها، أنا مش عارفة ازاي ادم حب واحدة زي دي، اخويا فعلا دماغه تعبانة.

فكرت ثم وضعت كفها على شفتيها وقالت: - ادم لو سمعني بقول كده عليه هيعلقني من رقبتي. الحمدلله انه مسمعنيش!

ضحكت ليلي وهي تفكر أن تفعل أي شئ لحل الخلاف بينهما حتى لو اضطرت أن تنتف شعر تلك المدعية ميار، صحيح انها كانت لا تطيق مهرا ابدا، ولكن الآن هي حقا أحبتها، فمهرا تمتلك قلب طيب وروح طاهرة، هي لا تبدو كما تدعي، لا تبدو تلك المدللة المستهترة، فهي قد تحملت المسؤولية وقت مرض والدتها ولن تنسي لها هذا ابدا، كما أنها تركت جدها من أجل ادم، تركته عندما عرف ماذا فعل مع والدتهم، هي فقط تتمني أن يدوم زواجهما للنهاية، ادم لا يتكلم ولكن من الواضح حقا أنه يحبها، لقد رأت هذا في عينيه الايام الفائتة، رأت كيف ينظر إليها خلسة، عينيه تفضحان مشاعره، يظن ادم ان لا احد يفهمه ولكنه مفضوح أمام الجميع، الجميع عرف مشاعره تجاه مهرا حتى عم محمد صاحب البقالة الذي أسفل عمارتهم، صحيح شقيقها ذكي ولكنه احمق في الأمور التي تتعلق بالعشق، هو لا يستطيع أن يخفي مشاعره، هو يحبها ولكن يحتاج إلى دفعة. وهي سوف تتولي تلك المهمة، فكرت بفخر وهي تسير بسعادة وعلى وجهها ابتسامة حلوة مثلها، نظرت خلفها فجأة عندما سمعت صوت ما وجدت ثلاث شبان يمسكان زجاجة ومحرمة. وخلفهم سيارة، وفهمت بسرعة ماذا يحدث لذلك بسرعة حاولت الهروب والركض منهم، أحدهم صرخ وقال: - الحقها يا كارم، لو هربت مروان بيه هيطين عيشتنا...

ركض خلفها الشاب وقبل أن تخرج من الشارع الهادى امسكها الشاب لتصرخ هي ولكنها صفعها بعنف حتى وقعت على الأرض واغمي عليها!

بعد قليل...
كانت ليلي تنام على فراش مروان بينما مروان يصرخ بهم ؛
- انا مش قولتلكم محدش يأذيها يا بهايم، غوروا من وشي دلوقتي...
هز الشباب رأسهم وغادروا بخوف ليتنهد مروان عدة مرات بعنف ثم يستعيد سيطرته وهو ينظر إلى ليلي الفاقدة الوعي ويقول: - بعد الليلة دي يا ليلي مش هتقدري تقوليلي لا تاني!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة