قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل العاشر

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل العاشر

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل العاشر

ابتلع مروان ريقه وملامح ادم لا تبشر بالخير ابدا، كانت عينيه الزرقاء تبرق بشكل مخيف، تراجع مروان وقال: - انت ازاي تدخل. كده وتتهجم عليا بالشكل ده، ده انا هوديك في ستين داهية، انت كده بتورط نفسك خلي بالك، امشي دلوقتي وانا هسامحك وقول للحقيرة اللي...
لم. يكد يكمل مروان كلامه حتى اندفع ادم إليه يمسكه من فكه ويقول بشراسة: - اياك تغلط فيها، مفيش حد حقير غيرك انت، اياك اسمعك تتكلم عليها بالشكل ده...

نظر إليه مروان برعب، كانت عينيه السوداء مشبعة بالرعب، يشعر بقلبه يدوي داخل صدره، أراد ان يهدده ويصرخ به إلا أن نظرات ادم كانت كفيلة أن توقفه، ذلك الشاب مخيف للغاية، وشجاع أيضا فلا أحد يتجرأ أن يقتحم منزل ويضرب صاحبه، في محاولة أخيرة قال مروان بصوت مرتعش ؛
- ام، امشي من هنا والا هبلغ البوليس...

ابتسم له آدم بسخرية وابتعد ثم رفع كفه الكبير وهو يقول: - لا لا متقولش كده مترعبنيش، انت مش شايف أيدي بتترعش ازاي يا مروان، شايف الخوف اللي على وشي يا مروان، أنا مرعوب بجد، انت ازاي مرعب كده...
تراجع مروان وهو يشعر بالرعب أكثر، عيني ذلك الرجل تخيفه جدا، بريقهما غاضب بطريقة لم يراها من قبل...

اقترب ادم وامسكه من قميصه ثم قربه منه وهو يهمس بغضب ارسل الرعب في أوصال مروان: - مهرا تخصني، مهرا خطيبتي اللي هتكون مراتي، اسمها هيكون مرتبط بإسمي، وهتكون تحت حمايتي، وفي اليوم اللي تفكر تقربلها فيه هقطع ايديك ورجليك واخليك عبرة لكل الناس...

ثم لكمه بعنف حتى سقط، وضع مروان كفه على أنفه وشعر بالرعب عندما وجد الدماء تسيل من أنفه، نظر برعب إلى ادم الذي يقترب منه، امسكه ادم مرة أخري وجذبه إليه، كان اللهب في عيني ادم يتصاعد بفعل الغضب امسك مروان من رأسه وقربه من وجهه وهمس مرة أخري: - ليلي دمي. اختي، بنتي وعيلتي، ليلي اللي اتجرأت وقربت منها، ليلي اللي مشيت وراها وكنت بتراقبها وانت فاكر انك هتوقعها في غرامك، بس متحاولش، ليلي تربيتي واللي اتربي على ايدي ميحبش اشكالك، بالعكس بنحتقرهم أما بنشفق عليهم...

لكمه مرة أخري بقوة حتى سقط على الأرض وقال: - اختي لا، لا. عيلتي لا...
ثم اقترب منه وهو يضربه بغيظ ويصرخ به: - مهرا وليلي اياك تقرب منهم يا حيوان والا وديني اقتلك واتحبس عادي ميهمنيش، اياك تقرب منهم يا عديم الشرف والأخلاق...
كان مروان يشعر بالألم، لم. يعرف أن يتنفس حتي، كان آدم يضربه بوحشية وغضب لم. يختبرهم من قبل...
- خلاص خلاص مش هقرب...

قالها مروان بتوسل ولكن ادم كان غاضب، كلما تذكر أن هذا الفاسد خدع ابنة عمه وسلبها شرفها وهو يريد أن يقتله، يريد أن يأخذ بثأرها...
- انت واحد حقير، استغليت واحدة حبتك يا جبان وضحكت عليها، واحدة اديتلك الامان وانت خدعتها، بتستغل البنات، ومفكر نفسك راجل، انت عار على الرجولة...

دفعه ادم بعيدا ليستلقي مروان على الأرض وهو يشعر أنه سوف يغيب عن الوعي فقال آدم: - عارف أنا نفسي بجد اقتلك، اقتلك واخد تار خطيبتي منك، نفسي اربيك التربية اللي فشلوا اهلك يربوهالك، قادر دلوقتي اكسر كل عضامك يا مروان واخلص من شرك، لكن لا مش هلوث أيدي بدم واحد فاسد زيك، بس اقسم بالله اقسم بالله اقسم بالله لو قربت من مهرا وليلي تاني والله هقتلك بأسوأ طريقة انت ممكن تتخيلها، فهمت يا حيلتها...

ثم تركه وذهب...
نظر مروان إلى اثره وقال بتعب: - هتدفع تمن اللي عملته غالي...

- خير عايزة ايه؟!

قالها على بعصبية لميار التي اعترضت طريقه ثم أكمل بإنفعال وهو يشعر قلبه ينزف: - انا مش قولتلك تبعدي عني خالص لحد ما نسافر واطلقك، خلاص يا ميار مش عايز اشوف وشك، مش عايز اي علاقة بيكي، أنت واحدة خاينة متستاهليش اني اخليكي على ذمتي اكتر من كده، وانا والله ما هسكت على اللي عملتيه يا ميار، هقول لابوكي على كل حاجة عمليتها، هقوله على رخصك يمكن بعد كده يربيكي كويس بدل تربيتك الزفت دي...

ثم كاد أن يذهب الا انها أمسكت يديه وهي تشعر بالرعب، لا، لا لا يمكن أن يخبر أباها بهذا، والدها سوف يقتلها بكل تأكيد وبما على يفضحها بسبب تلك الصورة، هي لا يمكن أن تتركه يشي بها، يجب أن تتصرف حتى لا ينهدم كل شىء فوق راسها، فهي حتى لو عادت مطلقة ادم لن ينظر إليها وستكون هي الخاسرة الوحيدة بينهم...

دمعت عينيها ومثلت الحزن بمهارة وهي تقول: - يا على ابوس ايديك غلطة ومش هتتكرر، صدقني خلاص ادم نفيته من حياتي، أنا بحبك انت، انت وبس. ومستحيل احب غير، افهمني ابوس ايديك، ابوس ايديك متسبنيش. أنا ممكن اموت فيها، صدقني اخر مرة، آخر مرة يا على عمري ما هزعلك هفضل تحت رجليك دايما...

كادت على أن يذهب وهو يشعر بالضيق منها إلا أنها أمسكت يده ثم رمت نفسها بين ذراعيه وهي تقول: - علي متتخلاش عني ولا تقول لبابا بالله عليك، أنا خلاص مش هزعلك تاني وهعمل اللي انت عايزه، مستعد ابينلك قد ايه انا بحبك وبتمنالك الرضا.

أبعدها وعلى وجهه امارات الحزن وقال: - كفاية استغلال لمشاعري يا ميار! أنا عملت ايه لده كله، انا حبيتك عمري ما هنتك، جيبتلك اللي انت عايزاه، كنت بحققلك كل احلامك، حتى حقوقي اللي انت رافضة تديهاني مش بغصبك على حاجة بالعكس بحاول اتفهمك واقول بكرة تحس بيا بس خلاص تعبت، أنا عندي مشاعر برضه وبحس وتعبت، تعبت من كتر ما بترجاكي تحسي بيا، حرام يا ستي ما دام مش طايقاني خلاص كل واحد يروح لحاله ومتتعبنيش اكتر من كده...

تراجع قليلا وهو يجلس على الأريكة بتعب، كان قلبه يعتصر من الالم، لما احبها؟!، لما، هي دمرت حياته، جعلته يفقد الثقة بنفسه، جعلته يستجدي الحب منها!

فكر وهو يغلي، لقد تمني منها أن تحبه فقط ولكن قلبها كان مع اخر، كان يري هذا في عينيها، كانت ميار بعيدة عنه رغم أنها كانت قريبة جدا، روحها ومشاعرها وقلبها لم يكونوا ابدا ملكه، فكر بتعب وتوصل إلى أن الطلاق هو الحل الوحيد، هو لن يهين كرامته أكثر من هذا، لا احد يستحق أن يتذلل له، لا أحد حتى لو كانت ميار، حتى لو كانت المرأة الوحيدة التي امتلكت قلبه وروحه...

كانت ميار ترتعش وهي تنظر إليه، تتساءل فيما يفكر هو، هل سيتركها ويطلقها، هل ستعود إلى منزل والدها مطلقة كي يشمت بها الناس وتتحمل هي عبأ فشل زواجها، هي لم تحب على يوما ولن تحبه، في قلبها كان وما زال ادم وهذا شيئا ليس بيدها، ماذا تفعل. ولكن تعلم أنها لن تسمح لعلي ان يطلقها، لن تسمح ابدا...

اقتربت من على وركعت بجواره وهي تمسك كفه وتقول: - اديني فرصة واحدة بس، واحدة بس يا على ولو عملت اي حاجة تاني طلقني فعلا، لكن ابوس ايديك اديني الفرصة دي وانا هصلح غلطي اوعدك...
تنهد وقال بتعب: - هتكون اخر فرصة ليكي يا ميار!

في اليوم التالي...
في شركة أنس...
في غرفة الاجتماعات...
كان أنس يتناقش مع معتز فيصل صاحب شركة فيصل، اليوم كان من المفترض أن يتم توقيع العقود، كانت العلاقة بين أنس ومعتز صداقة أكثر من شراكة، ولكن رغم ذلك الاثنان اتفقوا على أن العمل عمل ولا مجال للعواطف في عملهما...

كان معتز لديه ثلاثون عام، وسيم الهيئة، باسم الوجه، ملامحه تدل على المرح، دائم الابتسام وعلى وجهه اجمل غمازتين قد تراهم في حياتك، كان يجلس منتظرا أن يسلمه أنس العقد كي يراجعه مع السكرتير الخاص به...
- السكرتيرة بتاعتي فورا هتجيب العقود يا معتز خلص القهوة بتاعتك عقبال ما تيجي...
ابتسم معتز وهو يرتشف القهوة الخاصة به ويقول: - لو الموضوع ده تم بيننا يا أنس هتبقي فتحة خير علينا، هنكسب كتير...

- قدم المشيئة بس يا سيدي...
قالها أنس ليضحك معتز ويقول: - ان شاء الله يكون لينا نصيب نشتغل سوا تاني...
دق باب المكتب الكبير ليقول انس: - اتفضلي...
دخلت مرام وعلى وجهها ابتسامة رسمية سرعان ما اختفت وهي تجده أمامها، هو بشحمه ولحمه!
معتز أيضا اختفت ابتسامته للحظات ونهض ثم ضحك بذهول وقال: - مرام، اقصد مدام مرام ازاي حضرتك؟
ابتسمت مرام وهي تهز راسها وتقول: - اهلا يا استاذ معتز أنا كويسة حضرتك ايه اخبارك.

- انا كويس. كويس اووي...
كان أنس ينظر إلى الاثنين بنفاذ صبر ينتظر من أحدهما أن يتكرم ويفهمه ما الأمر...

قدمت مرام العقد لأنس وهي تتقدم وتجلس بهدوء وقد شعرت بالتوتر، من كان يصدق أنها ستقابل معتز بعد كل تلك السنوات، امر لا يصدق بالمرة، معتز أيضا لم يصدق أنه سوف يراها مجددا وقلبه ينبض بتلك القوة كأنها المرة الأولي التي يراها بها. ولكن ما الذي جعلها تترك شركة زوجها وتعمل لدي انس هذا ما لم يفهمه من الأساس، وكيف سمح لها سامر أن تعمل في شركة اخري! الحقيقة أن سامر صديقه ولكن بعد ما فعله انقطعت أخباره عنه وهو ابتعد أيضا، ولهذا ما زال لا يفهم، وبالتأكيد لن يسأل مرام هو لن يحرجها بأسئلته تلك!..

- انتوا تعرفوا بعض ازاي؟!
قالها أنس وهو يخفي انفعاله، ابتسم معتز وقال: - مدام مرام تبقي مرات سامر صديقي، احنا كنا بنشتغل كلنا في شركة واحدة...
- مرات مين؟!
هتف بها أنس بذهول، نظر إلى مرام الصامتة والتي ظهر على وجهها التوتر فقال معتز وهو يشعر أن هناك شيئا غير صحيح: - يعني أنا اخر مرة عرفت انهم كتبوا الكتاب ومعرفش عملتوا فرح ولا لا...

كانت مرام تفرك كفيها بتوتر، حاولت السيطرة على نفسها بأن ترتدي قناعها الجليدي وتتكلم بهدوء ولكنها فشلت في استعادة اتزانها بسرعة، كانت تتنفس بسرعة والتوتر يزداد داخلها، نظرت إلى معتز واخيرا قد سيطرت على نفسها، احتمت بالجليد وقالت: - محصلش نصيب بيننا، الحمدلله على كل حال...
ثم نهضت ووجهت حديثها لأنس وقالت: - استاذ أنس محتاج مني حاجة محتاجة اروح التواليت...

هز أنس رأسه بذهول، لم يكن يريد أن يضغط عليها، لقد عرف انها كانت متزوجة وتطلقت للتو، غريب لماذا لم يعرف من قبل...

خرجت مرام من غرفة الاجتماعات واتجهت للحمام، دخلت الحمام وشكرت ربها أن لا أحد هناك، اتجهت للحوض وفتحت الصنبور ثم أخذت تغسل وجهها وهي تشعر أنها على حافة الانهيار، أغمضت عينيها وأخذت تتنفس بعمق وتقول: - تمام، تمام، اهدي يا مرام. اهدي، اهدي. مفيش حاجة، خلاص كله انتهي...
أغلقت المياة وهي تستعيد اتزانها وجمودها، الجليد يلائمها أكثر من الإنهيار.

في مقهي على النيل...

كانت هي تنتظره بقلب ينبض من الإثارة، لقاءاتهم كثرت كثيرا بعد أن حصل على العمل بمكتب ذلك المحامي الشهير وهو يراها كل يوم، معاملته تحسنت معها، أصبح يضحك معها من قلبه وليس يجاملها، يتكلم معها بحرية، تشعر أنها تقترب منه أكثر واكثر وهذا يسعدها كثيرا، هي تشعر أنها تطير فعليا، انها تنال ما إرادته منذ زمن، احمد لم يكن فقط حبها بل كان كل حياتها، هي تحبه بطريقة مجنونة ومستعدة ان تفعل لأجله اي شئ، هي فعليا تريد ان تتغير من أجله...

توقف قلبها عن الخفقان لحظة وهي تراه يقترب منها، عينيه السوداء تتألقان وعلى وجهه الوسيم ابتسامة هادئة، أنه جميل، جميل للغاية، يبدو كنجم بعيد عن منالها، نهضت وهي تمنحه ابتسامة سعيدة بينما قلبها يقفز داخل صدرها، مدت يدها وهي تقول بسعادة: - اهلا بالمحامي الكبير...
تناول كفها الصغير وهو يضحك قائلا: - محامي كبير مرة واحدة يا حياة، مش للدرجادي يا حاجة...
- واحسن محامي كمان هو انت قليل يا احمد...

- يا ستي يسمع من بوقك ربنا، بس بجد يا حياة شكرا ليكي، كل ده بفضلك انت بعد ربنا، أنا حياتي شبه اترتبت، أنا معرفش اشكرك ازاي...
ابتسمت وهي تشعر بدقات قلبها تصم أذنها وقالت: - متشكرنيش، كفاية انك تكون مبسوط يا احمد وصدقني أنا مبسوطة لانك مبسوط، يارب تفضل مبسوط كده دايما، انت متعرفش انت عندي ايه، انت اغلي من اي حد، أنا مليش غيرك، أنا بعتبرك عيلتي...

ضحكت وقد التمعت عينيها بالدموع وقالت: - ممكن تفتكر اني اوفر بس انت بجد غالي بطريقة انت متتصورهاش، غالي اوووي وانا، أنا...
ارتبكت واحمر وجهها ثم استجمعت شجاعتها وقالت ؛
- انت عارف اني بحبك...
تنهد وهو يشعر بالضيق...
- انا بعمل كده عشان تحبني يا احمد، نفسي تحبني زي ما بحبك، نفسي تشوفني وتحس بيا، أنا بحبك اكتر من أي حد في حياتي وهفضل احبك دايما...

قالتها حياة والدموع محتبسة في عينيها البنية، كانت تنظر إليه بتوسل كي يقبل حبها، كي يدخل السرور لقلبها المنهك بحبه، كان أحمد ينظر إليها والجليد يحيط بقلبه، ما قالته لم يؤثر به بتاتا ولكنه ادعي غير ذلك، هو يحتاج إليها للأسف في حياته...
- حياة انت تستاهلي...

لكنها لم تدعه يكمل كلامه وامسكت كفه وقالت: - انا مش عايزة غيرك، والله ما عايزة غيرك، أنا بحبك يا أحمد، أنا عارف ان الماضي بتاعي مخلي عندك نفور مني ومش هلومك. بس اديني فرصة وهتغير عشانك يا احمد، اديني فرصة واحدة بس ومستعدة اوريك أنك اهم حد في حياتي كلها...

تأفف داخله وهو يشعر بالقرف منها اكثر ولكنه كان حقا يحتاجها، هي الوحيدة التي تساعده عندما يسقط لذلك قال وهو يعطيها ابتسامة ساحرة ليخدعها: - وماله نجرب، معنديش مشكلة أننا نرتبط...
ابتسمت حياة وهي تشعر أن قلبها سوف يتوقف من فرط السعادة...
- شكرا شكرا شكرا...

قالتها وهي تضحك وتبكي، كانت لا تصدق أنه اخيرا قبل بها، شدت على يده وقالت: - اوعدك يا احمد اني عمري ما هخذلك، أنا هتغير عشانك، هلبس كويس وواسع، وهمسح ارقام كل الشباب اللي عندي، هبدأ حياة جديدة تماما، مفيش سهر ولا شرب ولا اي حاجة من دي، هسمع كلامك واحترم وجودك في حياتي وادعمك في كل قراراتك، وعد مني...
ابتسم وقال: .

- بتمني تتغيري يا حياة، لاني هزعل بجد لو رجعتي لحياتك القديمة، ابدأي من جديد وابعدي عن اصحابك اللي بيجروكي للطرق دي.
- حاضر...
قالتها بطاعة تامة.

كان أنس جالس في مكتبه يقرأ الملفات التي احضرتها له مرام دون تركيز، ما زال كلام معتز ومرام يدور بباله، مرام كانت متزوجة! لا يصدق، ابدا لا يصدق هذا الأمر، كيف ومتي! ولماذا لم تخبره بالأمر، ولماذا هو يهتم من الأساس، كانت الأسئلة تدور بعقله ولا يجد لها إجابة ولكنه يعرف أنه كانت متضايق للغاية، يا إلهي ما تلك التعقيدات التي ادخلها بحياته، لقد عرف أن تلك الفتاة سوف تسبب له مشاكل هو في غني عنها، لقد تكونت داخله مشاعر له وهو لا يريد هذا. ماذا يفعل، هل يطردها من شركته ويرتاح تماما، ولكن هل سيكون هذا عدلا، مرام ممتازة ونشيطة للغاية، من وقت ما عملت بالشركة وهي لم تقصر بعملها ولم تفتعل اي مشاكل حتى أنها لا تتحدث معه كثيرا على غير عادة باقي الموظفين هنا، كلامهم كله عن العمل، دوما محافظة على مسافة بينهم، هي حتى لا تنظر إليه مطولا. تغلف دوما نفسها بالجليد وتتعامل ببرود.

سحب هاتفه واتصل بمرام وطلب منها الحضور على الفور، وكل هي إلا لحظات وقد ولجت مرام إلى المكتب بهدوءها المعتاد، ملامحها الباردة وقالت: - نعم يا استاذ أنس...
- ممكن تراجعي الملف ده.
هزت راسها وامسكت الملف وهي تراجعه...
مقولتليش ليه انك كنت متجوزة؟!
قالها انس وهو يشعر بشئ قوي يجثم على صدره...

نظرت إليه مرام بدهشة، كانت تراجع الملف عندما القي هذا السؤال، لا تعرف ما شأنه بالأساس، لماذا يسأل، شعرت مرام بالضيق لأن اكثر ما تكرهه هو التطفل على خصوصياتها، وبالأخص موضوع سامر لأن هذا الأمر يزعجها، هي تريد أن تنساه ولا يفكرها أحد بالخذلان الذي تعرضت عليه على يده، كانت مرام شاردة ووجهها متجهم، شعر انس بالتوتر، أنها المرة الأولي التي يشعر أنه مرتبكا بتلك الطريقة العجيبة، يشعر بالضيق أنها أخفت عنه هذا الأمر، لا يعلم ما به، ولكن منذ هذا اللقاء بغرفة الاجتماعات وهو يشعر بالضيق، كانت متزوجة وتطلقت، الجميع يحدث معهم هذا، إذن لماذا هو مهتم لتلك الدرجة، احس انس باليأس هو ليس متفزغ لتعقيدات المشاعر تلك، هو لديه الأهم ابنته التي يستحيل أن يتخلي عنها ابدا، وزواجه مرة أخري معناها خسارة ملك، هو بشق الأنفس توصل إلى اتفاق جيد مع ليل وهو لا يمكنه أن يخل به وإلا سوف يخسر ملك، استعاد اتزانه عندما وجد مرام ترمقه ببرود وقالت: - ليه اقول لحضرتك، أنا مطلقة فعلا اتجوزت واتطلقت عادي بتحصل، هي فيه مشكلة كوني مطلقة يعني...

ابتلع انس ريقه وقال: - اكيد لا يا انسه أنا بس اتصدمت
- لا متتصدمش حضرتك ده شئ طبيعي ومش بتكسف منه بس انا بحب تكون ليا خصوصية ومشوفتش اني مفروض اقولها، هو صحيح كان مفروض اكتب كده في الC. Vوبعتذر اني مكتبتش.
ابتسم انس وقال: - حصل خير يا انسة مرام، زي ما قولتي موضوع مش مهم، أنا الاهم عندي الاتقان في الشغل وأنت مجتهدة...
أعطته ابتسامة حقيقة جعلت قلبه يخفق بعنف وقالت: - شكرا يا فندم.

بعد يومين...
في غرفتها...

كانت حسناء جالسة على الفراش، شعرها منسدل لأول مرة من زمن، تنظر إلى الصور الفوتوغرافية التي تجمعها بعلي، عينيها ابتلت بالدموع وهي تلتهم تفاصيلهما معا، أنها تشتاق اليه بقوة، تشتاق اليه حتى الموت. لقد ذهب مبكرا، لم تشبع منه قط، بعدما مات على شعرت حسناء ان حياتها انتهت، شعرت أن الوقت لا يمر، تمنت الموت في تلك اللحظة ولازمت الفراش لفترة ولكن كان يجب أن تنهض، تنهض وتحارب لأجل أطفالها، كي لا ينقصهم شئ، وكان ادم هو من شاركها المسؤولية رغم صغر سنه، لطالما ادم ذكرها بعلي، كان رجلا بحق كوالده، رغم ثراء على الا انه لم يكن أبدا شاب مدلل لا يتحمل المسؤولية، لقد عمل بعد ما طرده والده، عمل بجد كي ينفق على عائلته، تخلي عن حلمه بأن يكمل دراسته في كلية الفنون وعمل اي عمل قد تتخيله، ورغم قلة المال إلا أنه كان سعيدا، لم يشعرها يوما أنه حزين، لم يحملها حتى ولو بدون قصد ذنب أنه ابتعد عن عائلته بسببها...

الدموع انسابت من عينيها ومسحتها بسرعة وهي تقول بصوت متهدج: - ابنك ادم هيتجوز اخيرا يا علي، ابننا كبر وهيبني حياته مع بنت جميلة زيه، كان نفسي تكون معانا وتفرح معانا يا علي، كان نفسي تشوف سعادة اولادك، نفسي امسك ايديك وانا بفرح بأولادي واحد ورا التاني، قلبي بيتحرق عليك، وحشتني بطريقة صعبة يا علي، كل يوم بدعي اني الحقك وابقي معاك بتمني أن ربنا ياخدني لعنده لما اجوز اولادنا كلهم. و...

قاطع كلامها طرق على الباب، أمسكت حسناء الصور بسرعة ووضعتهم في الصندوق واخفته ثم مسحت دموعها وقالت: - ادخل...
دخل ادم الغرفة وهو يرتدي حله سوداء تلائمه تماما، شعره الطويل كان مصفف بعناية وعينيه الزرقاء كانت هادئة وعلى وجهه ابتسامة لطيفة وقال: - مش يالا يا ماما، جابر عزام مستنينا عشان نكتب الكتاب
اقتربت حسناء منه وقبلته على جبهته وقالت: - مش كنا وافقنا على كلامه أن كتب الكتاب والفرح يكون.

- لا يا ماما قولتلك مش هدخل فيلا جابر دي ابدا، وبعدين مهرا وافقت على اللي طلبته يبقي مش مهم...
تنهدت حسناء وقالت: - بس يا بني...
امسك ادم كفها وقبله قائلا: - من غير بس يا امي خلاص...
ابتلعت حسناء ريقها وقالت: - انا حاسس انك ظلمت البنت دي، يعني كفاية أنها ملهاش بيت خاص بيها وهتعيشها معانا...

هز ادم رأسه مبتسما وقال: - يا ست الكل دي فرحانة أنها هتسكن معاكي هي تطول، وانا مأجبرتهاش على حاجة، هي اللي وافقت على كل حاجة قولتها...
صمتت حسناء، تعرف أن في الموضوع سر ولكن ادم لن يطلعها وهي لن تضغط عليه كي يتكلم، هي تثق بإبنها وتعرف ان كل ما يفعله صحيح، هو لن يخطأ ابدا...
ابتسمت حسناء وقالت: - لحد دلوقتي مش قادرة اصدق انك هتتجوز خلاص يا آدم، كبرت وهتتجوز وبعدها هتجيبلي حفيد...

توتر ادم واختفت ابتسامته ولكن حاول اخفاء توتره وقال: - يالا يا ست الكل البسي طرحتك عشان نقابلهم عند المأذون ونكتب الكتاب.
هزت راسها وقالت: - حاضر يا حبيبي...
قبل ادم رأسها ثم خرج...

خرجت ليلي من غرفتها وهي تتهادي بفستانها الازرق، كان فستان بأكمام واسعة ينسدل للاسفل بقصة تسلب العقل، كانت لا تضع أي مساحيق تجميل في وجهها، فجمال وجهها كان أكثر من كافي.
صفر ادم وقال: - ايه القمر ده بس...
هزت ليلي كتفها بغرور وقالت: - اومال انت فاكر ايه.
ومن خلفها خرجت مرام وهي ترتدي فستان بلون اسود واسع عليه خمار ذهبي يليق ببشرتها البيضاء، صفر ادم وقال: - الله بسبوسة بالإشطا...

نظرت إليه مرام ببرود وهي تخفي خجلها وتقول: - شكرا...
جذبها ادم إليه وأخذ يقبلها...
- يا ادم بطل غلاسة بقا ابعد...
اقتربت ليلي وأخذت تقبلها بعنف على وجنتها الأخري، اخذت مرام تصرخ بهما وتقول بعد ما ابعدتهما عنها. : - والله ما شوفت أبرد منكم انتوا الاتنين...
ضحك. وليلي، ثم أخرجت ليلي هاتفها وقالت: - يالا نتصور بالمناسبة دي...
ثم أمسك منها ادم الهاتف ووقف في المنتصف وهو يضم شقيقتيه إليه ويتصور معهما...

كانت حسناء تنظر إليهم من بعيد وهي تبتسم بسعادة وتدعو أن تستمر سعادة أبنائها للابد!

في قاعة الزفاف الصغيرة.
بعد أن تم كتب الكتاب في مكتب المأذون اتي ادم هو ومهرا هنا وكان هناك عدد لا بأس به من المدعويين...
كان آدم يجلس بجوار مهرا بينما الاغاني الصاخبة تنفجر من حوله، كان يشعر بصداع رهيب يريد أن تنتهي تلك الليلة كي يذهب وينام براحه في منزله الصغير، نظر إلى مهرا ووجدها واجمة ابتسم بسخرية وقال: - مالك يا عروسة مش كنت عايزة فرح؟!

نظرت إليه بغضب وقالت: - وهو القرف ده فرح.؟! أنا مهرا عزام يتعملي فرح بالقرف ده! حرام عليكم انتوا دمرتوا حياتي!
ضحك ساخرا وقال: - بالله عليكي يا اختي بلاش دلع، ده اللي عندي واحمدي ربنا ان رضيت اعمله اصلا...
تنفست بغضب وقالت: .

- ما هو الحق مش عليك، الحق على جدي اللي موافقك على كل حاجة، أنا حاسة اني جارية وانت ممشيها، البسي ده متلبسيش ده، متحطيش ميكب كتير، هنعمل الفرح هنا، هنكتب الكتاب هنا، انت فاكر نفسك مين؟! هو انت يعني متفضل عليا بحاجة!
- ممكن تسكتي بدل والله انهي الفرح واخدك البيت...
- ياريت واهو اكون ارتاحت...
نظر إليها ادم وقال: - بتاع الفيديو بيصورنا ابتسمي شوية بدل ما أنت عاملة زي القرد!
- القرد.

صرخت مهرا بعيد في ادم الذي أصبح يبتسم بسحر فجأة...
همست وقالت: - مفيش قرد غيرك يا قليل الذوق...

- ميار كفاية عياط ابوس ايديكي الناس هيقولوا اخويا كان واعدك بحاجة وخلف...
قالتها ليلي وهي تحاول تهدئة ميار التي تبكي وتنظر إلى ادم الجالس بجوار مهرا...
قالت ميار وهي تمسح دموعها: - بالله عليكي دي فيها ايه زيادة عني دي حتى وحشة...
ضحكت ليلي وهي تنظر إليها وقالت: - يا ميار بطلي كدب بقا. دي وحشة دي، صحيح مش بطيقها لكن البت قمر 14 ما شاء الله، طالعة حلوة اوووي...

ضربتها ميار على كتفها وقالت: - انت معايا ولا معاها يا اختي...
- انا مع الحق...
قالتها ليلي ببساطة ثم قربت طبق الكعك من ميار وقالت: - خدي كلي الجاتوه بالشوكولاتة ده وهدي نفسك، يعني ابيه مش اخر الرجالة على الأرض يا ميار، بكرة تتجوزي واحد حليوة زيه...
مطت ميار فمها وقالت: - مظنش يا اختي هلاقي حد بجمال اخوكي، خلاص القمر ضاع مني واخدته سحلية...

ضحكت ليلي بصوت عالي وقالت: - انت مصيبة، خلاص يا قلبي متزعليش، تلاقي بإذن الله حد بنص حلاوته كده. ايه رايك؟!
- ان كان كده ماشي...
قالتها ميار ليضحكا سويا...

في منزل ادم عزام...

ولجت مهرا إلى المنزل لتجد الجميع في استقبالها، ليلي التي تصارع النوم ومرام التي يسيطر على وجهها البرود، ولكن حسناء الوحيدة التي كانت تبتسم لها بلطف، نظرت مهرا حولها وهي تشعر أن العالم يدور بها، هل ستسكن هنا! معقول ستسكن في هذا المنزل ومع اربع أفراد آخرون. ما تلك الكارثة، لقد ظنت ان جدها سيشتري لها منزل ولن يلقيها بتلك الطريقة المهينة لآدم وأسرته، كانت غاضبة وتشتعل من الغضب ونظرت إلى ادم وهي لأ تصدق وقالت: - هما هيعيشوا هنا معانا معقول؟!

بهتت حسناء وشعرت ليلي بالغضب وقد تطاير النوم من عينيها، بينما مرام كانت تسيطر على انفعالاتها...
هزت مهرا رأسها وقالت: - انا محدش قالي إن...
لم يتركها ادم تنهي كلامها بل امسكها من يدها ودخل بها غرفته ثم اغلق الباب...
- شوفتي قلة ادبها!
قالتها ليلي بغضب، لترد حسناء بحزم: - ليلي عيب، يالا ادخلي اوضتك ونامي وملكيش دعوة واياكي تضايقي مرات اخوكي أنت فاهمة...

نظرت ليلي إلى والدتها بإنزعاج ثم دخلت الغرفة وهي غاضبة، نظرت حسناء إلى مرام وقالت: - مرام مش عايزة اي مشاكل بينكم وبين مهرا...
هزت مرام كتفها وقالت: - انا مش هتعامل معاها اصلا لا هي ولا اي حد من بيت جابر عزام...
ثم ببرودها المعتاد دخلت الغرفة خلف ليلي...
نظرت إليها ليلي وقالت: - شايفة يا مرام، شايفة قلة ادبها هي فاكرة نفسها مين؟!
- تجاهليها يا ليلي هتعملي ايه يعني؟!

لمعت عيني ليلي بشقاوة وقالت: - من ناحية هعمل هعمل، ده انا هشيب رأسها...
- ليلي متعمليش حاجة تضايق ادم منك، ده اخونا برضه وده اختياره مضطرين نتحمله، يالا روحي نامي عشان كليتك، وانا هنام عشان الشغل تصبحي على خير...
ثم اتجهت مرام إلى الفراش وهي تفكر بالغد...

في غرفة ادم...
- انت هنا في بيتي مش في قصر جدك. والاسوأ انك مراتي يعني تحترمي الاسم اللي أنت شايلاه والا وديني اعمل اللي جدك معرفش يعمله واقتلك.!
نظرت إليه بصدمة من وقاحته في التحدث معها بتلك الطريقة...

اكمل هو متجاهلا صدمتها وقال: - وعشان متعكيش معايا زي ما عملت عند جدك هناك فيه قواعد لازم تمشي عليها يا مهرا، اولا اللبس القصير أو الضيق ممنوع منعا باتا سواء داخل البيت أو قدامي، البسي اللي أنت عايزاه في اوضتك...
- انت ازاي...
تكلمت بغضب ولكنه قاطعها وهو يكمل
- ثانيا جوازنا صوري لحد ما تخلص مدة السنة وبعدين تروحي لحالك، فمتفكريش مجرد تفكير اني هلمسك ولا اخليكي مراتي
- ومين قال إني...

اندفعت الكلمات من فمها بغضب ولكنه اسكتها مرة أخري...
- ثالثا البيت ده بيت اهلي امي واخواتي، اياك تتجاوزي معاهم بالكلام زي ما عملتي من شوية والا وقتها هتشوفي الوش الأسوأ مني...
لمعت عينيها بدموع الغضب فأكمل: ، - ؤابعا واخيرا كل علاقاتك بأصحابك تقطعيهم، لحد ما نتطلق هتفضلي في البيت مش هتخرجي انسي الاستهتار اللي كان في بيت جدك ده...
نهضت وقالت بغضب: - انت فاكر نفسك مين يا جاهل انت...

- ان كنت جاهل فأنت رخيصة...
رفعت كفها لكي تصفعه الا أنه امسك كفها ثم دفعها بقوة حتى سقطت على الأرض، لمعت عينيه الزرقاء وقال: - كان مفروض تفكري كويس قبل ما تعملي عملتك المهببة وتحطي راس عيلتك في الطين، أنت مضطرة تسمعي كلامي متفتكريش اني مبسوط أن اسمي ارتبط بإسم واحدة رخيصة زيك!

كانت تنظر إليه بصدمة فقال: - ده الوش اللي هتشوفيه لو تجاوزتي مع عيلتي تاني، احترمي عيلتي هشيلك فوق راسي، غير كده لا يا مهرا، أنا هطلع دلوقتي وأنت غيري الفستان...
ثم خرج وتركها مصدومة...

ارتدت بيجامتها بسرعة وجلست على الفراش، كان تتطلع إلى غرفة ادم الصغيرة وهي تتنهد، عالمه مختلف تماما عن عالمها، لم تظن ابدا أنها ستسكن بشقة بهذا الضيق. هي حتى تظن أن غرفتها أوسع من هذا المنزل، تشعر أن خصوصيتها انتهكت، فهي لا تستطيع التحرك براحة، ولا الاكل براحة ولا حتى دخول الحمام، لم تظن في أسوأ أحلامها أنها ستشارك الحمام حتي! ففي منزلها الكبير كانت لديها غرفتها الخاصة ملحقة بحمام كبير، لكن هنا، هنا تشعر أنها تعيش في جحر فأر...

تنهدت واغمضت عينيها، هذا عقاب اكبر من قدرة تحملها، يجب أن تتصرف، هي لن تعيش بهذا الشكل، كيف اساسا أنه يوجد أناس يتحملون هذا الوضع المقيت. كيف يتشاركون كل شىء تقريبا، اين هي خصوصية الإنسان بهذا المنزل، كيف ستتحرك من الأساس، يجب أن تخبر جدها لكي يشتري لها منزل منفصل تعيش به هي وادم حتى ينتهي زواجهما فكرت بحزن، لا تعلم لماذا فكرة الفراق من الآن تضايقها، هي وادم بالكاد يتحملان بعضهما، ولكنها لن تنسي ابدا موقفه معاها، لن تنسي كيف لقن مروان درسا لا ينسي!

ابتسمت مهرا وهي تشعر بالشماتة قليلا، تشعر أن بركان غضبها على مروان قد هدا قليلا، لقد نال ما استحقه، أخبرها ادم بهذا، كما أنه أخبرها ان مروان مستحيل أن يتعرض لها ابدا. وهذا جعلها تشعر بالراحة، بالأمان معه، مع آدم، مشكلتها الان مع آدم هو أنه عنيد بشكل مستفز، متسلط وكلمته هي التي تنفذ، لا يتراجع ابدا عن قراراته، لقد أجبرها أن يقيموا الزفاف في قاعة صغيرة للغاية رغم توسلاتها له أن يقيمها في فيلا جدها ولكنه رفض، هو مصمم ان منزل جدها ملعون بالنسبة إليه مستحيل ان يدخله وهي رضخت مرة أخري له، هو فقط يقول وهي تنفذ، رائع هل ستظل تحت سيطرته للأبد!

تأففت مهرا وهي تفكر أن حياتها مع ادم لن تكون سهلة، هي عنيدة وهو أيضا حياتهم ستكون سلسلة متواصلة من المشاكل، هي تشعر بهذا، ولكنها تعلم أنها ابدا لن تخضع له دوما.
طرقة على الباب اخرجتها من شرودها...
- اتفضل...
قالت بهدوء ليدخل ادم وهو ما زال بحلة الزفاف، اغلق الباب بهدوء ثم اتجه إلى خزانته واخرج منها منامة سوداء وقال ببرود: - وشك الناحية التانية.
- افندم!

نظر إليها بنفاذ صبر وقال: - ودي وشك الناحية التانية هغير هدومي ممكن...
احمر وجهها وهي تنظر من الناحية الأخري، كانت تشعر بالغضب، كيف يأمرها بتلك الوقاحة، من يظن نفسه، هذا الجاهل من يظن نفسه!
استدارت بعنف كي تتشاجر معه وقالت: - انت ازاي، يا لهوووي.

همست بتلك الكلمة وهي تجده خلع قميصه ويقف عاري الصدر، كان جسده رياضي للغاية، اتسعت عينيها وهي مصدومة ليصرخ ادم بها وهو يغطي جسده: - انت يا بت بصي الناحية التانية يالا...
نظرت إليه مهرا ببلاهة ليزعق هو بها ويقول: - بقولك بصي الناحية التانية...
نظرت بسرعة للناحية الأخري وهي تشعر بقلبها يدق بعنف...
ارتدي ادم باقي ملابسه ووضع الحلة الخاصة به في الخزانة بجانب فستانها واتجه للفراش.
- انت، انت هتنام هنا؟!

قالتها مهرا بتوتر ليرد ببرود: - اومال هنام هناك؟! دي اوضتي وده سريري.
- بس انت قولت انك مش هتلمسني...
توقف برهة ونظر إليها وقال: - ايه علاقة اني انام على سريري بإني المسك، أنا هنام على جنبي وانت نامي على جنبك وخلصنا...
ابتلعت ريقها وقالت: - مش مفروض تنام على الأرض، يعني انت كجنتل مان مفروض تتصرف كده...

استلقي ادم على فراشه ونام وهو ينظر من الجهة الأخري وقال: - ممكن تتصرفي أنت كجنتل وومن وتنامي على الأرض وتسيبيني في حالي؟!
احمر وجهها من الغضب وقال: - معقول هتخلي مراتك تنام على الأرض.
- ايوة.
رد عليها ببرود فقالت: - في كل الافلام والمسلسلات والروايات اللي قريتها الراجل بيتصرف برقي ويخلي الست تنام على السرير وهو على الأرض...

- الافلام والمسلسلات والروايات معمولة عشان تضحك على التافهين اللي زيك، ده الواقع اني هنام جنبك. مفيش رجالة جنتل بالشكل ده في الواقع، وانا مش راقي أنا عربجي، نامي والا والله لو فوقتلك هطردك من الاوضة خالص واخليكي تنامي على الانتريه برا، اتخمدي يا مهرا!

كان يجلس على النيل وهو يتذكر كيف كانت تتمسك بكف زوجها الجديد، لقد عرف من حياة بعد أن زل لسانها أن مهرا سوف تتزوج، لقد صدم خبر زواجها الكثير، والذي صدمه بالاخص أنها وافقت أن تتزوج بتلك الطريقة البسيطة وزوجها ليس رجلا معروف ولا يليق بمهرا عزام، مهرا كانت حلم كل رجل في الجامعة، كانت اجمل فتاة رآها في حياته، وقع في حبها منذ اللحظة الاولي، ورغم أنه كان بكلية الحقوق كان دائم التردد على كلية إدارة الأعمال من أجلها. من أجل أن يراها، كم تمني أن تحبه للحظة أن تنظر إليه ولكنه كان شفاف بالنسبة إليها، وهذا طبيعي هي كانت حفيدة رجل من اغني اغنياء مصر وهو كان شاب بسيط يعيش من معاش والده المتوفي وكان يعمل بعد دوام الجامعة بصيدلية صغيرة تساعده في تغطية مصاريفه، مهرا لم تكن تراه من الأساس، كان أحمد بالنسبة إليها شخصا غير مرئي، حاول كثيرا أن يتقرب منها ولكن كان يجد على وجهها علامات النفور، حتى عندما استجمع شجاعته واعترف لها رفضته وقامت بإهانته. عندها ابتعد عنها نهائيا، لملم بقايا كرامته وابتعد عنها وقلبه ينزف بقوة، حينها حياة حاولت أن تتقرب منه ولكنه دوما كان يصدها، كان يحتقرها ويظن أنه دوما بلا كرامة، يري فيها الضعف الذي كان يظهره لمهرا واحتقرته، هو كره ملاحقة حياة له، وما زال لا يحبها ولا يطيقها رغم أن مصلحته تقتضي أن يعاملها بلطف حتى لو كان لا يطيقها، وهو ارتبط بها لأنها الوحيدة التي سوف تساعده...

لمعت عيني احمد بالدموع وقلبه يتألم كم أراد أن تحبه مهرا، لقد احبها كثيرا، كان مستعد أن يعمل ليلا ونهارا كي ترضي عنه ويتزوجها ولكنها رفضته وكسرت قلبه. والان تتزوج بتلك الطريقة، دموعه انسابت وهو يشعر بالاختناق، يجب أن يذهب من هنا والا سوف يموت حقا، نهض احمد وغادر سريعا وقلبه محطم إلى مليون قطعة، غريب أن يؤلمنا الحب بتلك الطريقة، غريب أن حبه لمهرا والذي كان يشعره بالفراشات تتحرك في معدته هو ذاته الحب الذي يشعره باليأس الان...

بعد ساعة...
كان يقف أمام منزلها، محطم للغاية ويشعر بالضياع، لقد ضاع حب حياته منه للابد والآن هو يتمني أن يسكن أحد ما المه ولن يجد افضل منها هي...
اتصل بها وأخبره أنه بالخارج، وما هي إلا لحظات وكانت قد أدخلته بمنزلها...

كانت احمد يتأمل المنزل العصري الخاص بها، كان منزلها في غاية الروعة، نظر إلى حياة التي تبتسم له بسعادة، وجنتيها حمراء من الخجل ويشعر بتوترها: - بيتك حلو اووي.
قالها كمن يحتضر، ابتسمت هي وقالت: - عيونك اللي حلوين...
اقترب منها وهو يلامس شعرها ويقول: - وحشتيني...
- وانت والله وحشتني اووي، اووي يا احمد. رغم أننا اتقابلنا النهاردة الصبح...

عانق وجهها وهو ينظر لعينيها البنية وقال: - اول مرة الاحظ أن عينيكي بالجمال ده بجد، أنت جميلة، جميلة اووي...
كانت هي تذوب بالفعل، تشعر أنها بحلم وردي جميل من أحلامها، هل حقا يقول لها هذا الكلام، ابتلت عينيها بالدموع وقالت: - انا مش مصدقة انك بتقولي كده، مش مصدقة اني فرحانة بالشكل ده يا احمد، حاسة اني في حلم جميل، جميل اووي ومش عايزة اقوم منه.
- يبقي خليني اثبتلك ان ده حقيقة مش حلم...

ثم قبل أن تدرك الصق شفتيه بشفتيها وقبلها، تجمدت هي للحظة ثم بادلته وهي تذوب به، ولكن كان هناك شيئا خاطئ، كان يتلاعب بأزار منامتها وشعرت أنه يفكها، أبعدته عنها وقالت بتوتر: - احمد انت بتعمل ايه؟!
ابتسم ساخرا وقال: - هكون بعمل ايه يعني؟! هي هتكون اول مرة ليكي...
ابتلعت ريقها وقد شعرت أن قلبها ينفجر من الالم وقالت: - بس أنا وعدت ربنا ووعدتك ووعدت نفسي مش هعمل كده تاني ممكن نتجوز وبعدين...

ضحك بقوة وهو يقول: - يعني أنت لفيتي على شباب القاهرة نفر نفر وجاية عندي تتوبي، ده ايه الفقر ده ياربي، قصره يا حياة لو معملتيش اللي أنا عايزه يبقي علاقتنا انتهت!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة