قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل الرابع

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل الرابع

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل الرابع

وقف لعدة لحظات وهو ينظر إليه بصدمة، شعر أنه بحلم غريب، فها هو الرجل الذي دمر حياته بالكامل يقف أمامه وهو يدعي الحب! كان آدم يشتعل غضبا بداخله. الحزن والغضب ممتزجان معا بداخله، شعر بغضب لم يشعر به من قبل، كان لا يصدق وقاحته، كيف يأتي بعد كل تلك السنوات إليه، كيف يتجرأ ويأتي هنا؟! الا يكفي ما فعله، الا يكفي أنه بفضله قد خسر والده!

كان آدم يسيطر على اعصابه كي لا يصرخ به، كي لا يلومه أو يظهر ضعفه لهذا الشخص، الشخص الذي ذل والده ووالدته ويقف الان بكل جبروت ويقول له حفيدي؟! هل تذكر الان حفيده...
تنفس آدم وهو يحاول التمسك بأعصابه كي لا يثور أمامه وادعي البرود وقال: - خير جيت ليه...
تألقت عيني جابر الزرقاء كعيني حفيده وقال: - طلعت شبهي اوووي يا آدم، في صغري كنت زيك كده، فكرتني بايام زمان...

اغمض ادم عينيه وهو يستغفر في سره وقال مجددا: - جيت ليه؟! مش هسألك تاني، أنا هطردك علطول...
رفع جده حاجبيه وقال: - هو ده الادب اللي علمتهولك بنت الخد...
- اياك...

قالها ادم من بين أسنانه وهو يقترب منه بشراسة وقد التهبت النيران في عينيه الزرقاء وأكمل: - امي خط احمر يا جابر عزام، لو غلطت فيها تاني هنسي انك راجل كبير وأقطع لسانك، اتقي غضبي وقول جيت ليه أو اتفضل بكل احترام وامشي من هنا أنا مش فاضيلك يا استاذ جابر.

صمت جابر وهو ينظر إليه بعمق. هذا ما سينقذه من الفضيحة هو لن ينحني لوائل السويسي ابدا، ولكن على استعداد أن يتوسل لادم حتي، هذا اهون من أن ينحني لوائل...
كان آدم ينظر إلى جابر بنفاذ صبر، ماذا يريد منه هذا الرجل؟! الا يكفي ما فعله في الماضي...

اغمض ادم عينيه بألم وتذكر كيف توسلت والدته لجابر عزام كي ينقذ والده، كيف انحنت له وتذللت، رغم أنه كان صغير في هذا الوقت ولكن هذا المشهد انحفر في رأسه، هذا المشهد يجلده يوميا، هذا المشهد السبب الذي جعل ادم لا يدرس بل يخرج للعمل مبكرا، عاهد نفسه إلا يعرض والدته لهذا الموقف مجددا، عاهد نفسه إلا تتذلل والدته لأحد حتى لو كان سيموت
- ممكن تقول عايز ايه؟! بقالك ساعة بتتأملني كأني عروسة هتجوزها لابنك...

ضحك جابر بشكل مفاجأ وقال: دمك خفيف زي ابوك يا آدم، انت ابن ابوك بصحيح...
- الله يرحمه بقا. كان ممكن يكون موجود لولا.
صمت وهو يرمق جده بحقد، تنهد جابر وهو يشعر بضميره يؤنبه، تقدم وجلس على المقعد الوحيد في الورشة وقال: - خلينا ننسي الماضي يا آدم، ولو عايز حقك في و...
- جاي ليه يا جابر عزام، انت مش النوع اللي تدي كده من غير مقابل، فياريت تقصر وتقول عايز ايه...
- عايزك تتجوز حفيدتي مهرا، بنت عمك...

هكذا قالها جابر بكل سهولة، بهت آدم وهو ينظر إليه وردد بذهول: - بنت عمي؟!
هز جابر رأسه وقال: - ايوة، مهرا بنت عمك، مشوفتهاش ولا تعرفها بس بنت عمك وانا بطلب منك تتجوزها...
هز ادم رأسه بذهول وقال: - اتجوزها ازاي...
ابتسم جابر وقال: - جرا ايه يا آدم انت عديت التلاتين باين مش عارف يعني ايه جواز...
ابتسم ادم ساخرا وقال: - واشمعنا أنا، ايه مش لاقي ليها عريس؟!

ابتلع جابر ريقه وقال: - للاسف مفيش غيرك قدامي يا آدم، لازم تتجوزها والا هي هتتدمر...
- مش فاهم، ممكن توضح...
تنهد جابر وقال: - انا هقولك على كل حاجة.

كان يقف أمام كليتها ينظر إلى البوابة يتنظر بشوق شديد أن تخرج، يريد أن يراها، يتعقبها جيدا ليعرف كيف يغرقها في حبه، كيف يمتلك قلبها، كان مروان بكل غرور يظن أن فتاة كليلي لن تعصي عليه، فتاة حالتها المادية تحت المتوسط وسنها صغير أيضا، تلك الفتيات من السهل ابهارهم، هكذا فكر وهكذا ظن، فببضع ورود ومفاجأت سيسلب عقلها تماما وتكون ملكه، سيستخدم وسامته وأمواله بدون رحمة فقط لتبقي ملكه، ابتسم وهو يتخيل ما سيحدث، وكيف سيتمكن من السيطرة عليها تماما، كانت الأفكار التي تراوده تطربه بشده.

نظر إلى ساعته بنفاذ صبر وقال: - يوووه دي اتاخرت ليه دي كمان، مفروض تطلع دلوقتي، مش مهم هستني لحد ما اشوفها...

نظر جابر إلى الأرض بعد أن أخبر ادم بكل شىء، أخبره كل شىء بالتفصيل، قرر الا يخبأ عنه شيئا، حسنا. ادم يكرهه ولكن تلك ابنة عمه وهو لن يرضي لها الفضيحة، ادم هو المخرج الوحيد له من تلك الكارثة، نظر إلى ادم المصدوم وقال: - انا عارف انك بتكرهني يا آدم وحقك، بس دي بنت عمك ولو معملتش كده هتضيع فعلا، مهرا رغم أنها كملت خمسة وعشرين سنة إلا أنها متهورة جدا يا ابني، كنت دايما خايف من تهورها ده ليضيعها وفعلا ضيعها ودلوقتي بتحصد اللي هببته، أنا فكرت كتير ازاي اصلح الكارثة دي وملقتش غيرك انت يا آدم، ممكن تساعدني وانا تحت امرك في اي حاجة...

ضحك ادم بقهر، تعالت ضحكاته هو يخفي غليان داخله، كيف يجرؤ، حقا كيف يجرؤ...
نظر إليه بغضب وقال: - طول السنين دي وانت رامينا، رفضت تدفع فلوس علاج ابويا، خليت امي تتذلل لك وكسرت قلبها وطردنا برا بيتك، ابويا.

اختنق صوت ادم ثم أكمل: - ابويا راح في عز شبابه واتحرمت منه بسبب قسوتك وجحودك، وحتى بعد ما مات مفكرتش تسأل علينا ازاي عايشين وبنأكل ازاي، طلعت من المدرسة واتبهدلت واشتغلت، في أيام كنت محتاجك فيها مكنتش موجود، ودلوقتي بعد ما وقفت على رجلي جاي هنا! بكل بجاحة بتطلب منه اصلح اللي حفيدتك المتدلعة عملته ومتوقع اني هوافق!

قال جملته الاخيرة وهو يصرخ، نظر جابر إلى الأرض، كان متوقع هذا الرفض، ادم لن يغفر له بسهولة، لن ينسي ما حدث منذ سنوات عديدة، اغمض جابر عينيه وهو يستعد للمحاولة مرة أخري ثم فتح عينيه ونهض وهو يقترب من ادم، ينظر إليه بعمق يحاول البحث عن لمحة ضعف، شفقة. أو اي امل ولكن كان يصطدم بالقسوة التي تطل من عينيه، الكره الموجه له، وكم أن هذا الكره جعله يتألم، بعيدا عن مشكلة مهرا لقد شعر بحب كبير لهذا الشاب، هو حفيده مهما حدث، ولن يخبر ادم أنه كان يراقبه من بعيد دوما، يطمئن عليه، كان كبرياؤه يمنعه من الاعتراف بهذا ولكن الآن يعترف أن آدم عزيز على قلبه، رغم أن ادم يكرهه وهو لن يلومه، كم يريد الآن أن يعانقه ولكن بالنظر إلى وجه ادم عرف أن تلك فكرة سيئة تماما...

تكلم جابر وهو يرتدي قناعه الجليدي وقال: - الموضوع مش هيكون من غير مقابل يا آدم، أنا هديكي مبلغ كبير يعيشك انت وأخواتك في عز ومش هتحتاجوا تشتغلوا...
ابتسم ادم بسخرية وقال: - متشكرين يا سيدي الله الغني، الحمدلله أنا قادر اكفي اخواتي كويس ولو هموت من الجوع مش هاخد منك مليم، أنا مش موافق، واتفضل من غير مطرود.
تنهد جابر واخر من جيبه بطاقة ووضعه على المنضدة وقال: - فكر كويس وكلمني، سلام يا حفيدي...

- شكرا اووي انا تعبتك معايا النهاردة يا مريم.
قالتها مرام بلطف بعد وقت طويل قضته مع مريم لتفهم أمور العمل...
ابتسمت مريم وقالت: - العفو يا مرام، أنت بتفهمي بسرعة ومتعبتنيش المهم زي ما نبهتك تشتغلي كويس عشان تعمري هنا، انس صعب شوية في الحاجات دي...
تنهدت مرام وقالت: - ممكن اسالك سؤال يا مريم، لو ينفع يعني؟!
هزت مريم رأسها باسمة وقالت: - اتفضلي.

- انت شكلك شاطرة اووي في الشغل، وبتفهمي في الشركة وامورها، ليه هتمشي؟!
اختفت ابتسامة مريم ونظرت أرضا. وقد احتل الحزن وجهها، عضت مرام على شفتيها وقالت بإرتباك: - لو مش عايزة تردي مش مشكلة يا مريم، أنا اسفة اني سألت و...
هزت مريم رأسها وقالت وقد لمعت عينيها بالدموع: - لا هقولك عشان متغلطيش غلطتي.
تنهدت مريم وقالت: - استاذ انس هو اللي عايز كده.
- طردك؟!

قالتها مرام بصدمة لتهز مريم رأسها وتمسح دمعة نزلت على وجهها بسرعة وتقول: - يعني حاجة زي كده هو مشكور مشاني بس وصي اني اشتغل في شركة تاني، محبش اني اتشرد كتر خيره...
- طب ليه عمل كده.
كانت مرام مصدومة حقا من تصرف انس غير المفهوم لترد عليها مريم: - لاني عملت اللي مفروض معملهوش. حبيته، غلطت وحبيته وغلطت اكتر واعترفتله...

نظرت مرام إلى مريم بشفقة وهي تكمل: - عشان كده بقولك يا مرام متغلطيش وتحبيه ولو حبتيه متعترفيش، لأن للاسف هيجي وقت وتحبيه...
هزت مرام رأسها وقالت بثقة: - متقلقيش مش هيحصل بإذن الله، أنا قلبي بقا محصن ضد الحب.
رمقتها مريم بإعجاب وقال: - طيب يا ستي...
رن فجأة الهاتف فجأة فقالت مريم: - ده استاذ أنس ردي عليه اكيد عايزك...
ذهبت مريم لترد مرام على الهاتف
- تعالي فورا.

قالها انس ثم اغلق الهاتف، نظرت مرام إلى الهاتف وهي غير راضية وتمتمت: - كان قادر يقولي سلام. ربنا يهديه...
ثم ذهبت إلى المكتب وجدته يرتدي سترته، نظر إليها وقال: - دلوقتي فيه اجتماع مهم. هتيجي معايا، يالا بسرعة...
هزت مرام رأسها وهي تذهب خلفه وقلبها يرتجف من الخوف والإثارة، هي تعشق هذا النشاط في العمل...

كانت متسطحة على فراشها، تنظر إلى السقف ودموعها تسيل على وجهها، تشعر بالقرف من نفسها، بالخجل مما حدث، هل تقول انها ضحية الخداع؟! نعم هي ضحية ولكن هي أيضا لها يد فيما حدث، لقد حذرها الجميع حرفيا من حياة ومروان، بالاخص مروان، جدها ما أن عرف انها تخرج معه حتى وبخها وحذرها كثير منه، حتى أنه منعها من الخروج معه حتى ظن أنها لم تعد تقابله ولكن مهرا كانت متمسكة بمروان، ظنت أنه يحبها ولكن مروان أراد شئ واحد منها وقد سلبه منها، سلب شرفها وتخلي عنها، لقد أملت...

أغمضت عينيها وهي تشهق بالبكاء وقد تذكرت كيف أنها بكل غباء كان لديها أمل أن مروان سيتصل بها كي يعتذر ويعرض عليها الزواج، ولكن كيف سيعرض عليها الزواج وقد أخذ ما أراده منها...

ما زالت تتذكر صدمة والدتها بالأمس، غضب جدها وانكساره، خيبة الأمل التي رأتها في عيني والدتها، بتهورها دمرت كل شىء، بسببها جدها سيخفض رأسه لوائل السويسي، دفنت رأسها في الوسادة وهي تبكي بعنف، لقد أعطته قلبها وهو طعنها بقسوة، كيف يفعل هذا، كيف يكون كاذب لهذا الحد، هل حبه كان كذبة، بالطبع كان يكذب وكان هذا واضح جدا، لقد اوهمها بالحب وكان يتحجج في كل مرة طلبت منه أن يتقدم إليها، لقد قللت من نفسها ورمت كبرياؤها وشرفها تحت قدميه، ولكنها لن تسامحه، لن تسامحه ابدا...

دخول والدتها الغرفة جعلها تنهض، نظرت مهرا إلى والدتها وهي تبكي، تطلب منها بعينيها أن تقترب منها وتعانقها، أن تهون عليها ولكن وجه مروة كان بارد، رغم أن داخلها يحترق، لا تصدق أن ابنتها التي تعبت في تربيتها تخذلها بتلك الطريقة، مهرا التي تشدقت دوما تفتخر بها وبتعليمها العالي وجمالها وأخلاقها تفعل هذا، تسلم شرفهم لشخص لا يستحق...
- الاكل اهو كلي...

قالتها مروة ببرود وكادت أن تذهب إلا أن مهرا أمسكت كفها وقالت: - ماما ابوس ايديكي متزوديهاش عليا، ابوس ايديكي انا بموت صدقيني ده مش ذنبي هو خدرني و...

- بس انت برجلك روحتي هناك، كام مرة منعناكي من انك تقابلي الزفت ده، قولتلك مروان السويسي مش انسان محترم، ده فاشل ومتدلع وبتاع ستات وعلاقاته كتير، مين هيصدقك يا مهرا، أنت كنتي فاكرة واحد زيه هيتجوزك يعني تبقي عبيطة ده مش بتاع جواز وقولتهالك مليون مرة وحذرتك منه يا بنتي، ليه تحرقي قلبنا عليكي ليه، ليه تخلي جدك يتكسر الكسرة دي، جدك اللي حبك وحققلك كل طلباتك، أنت عندك اللي ملايين البنات يتمنوه ومحدش فينا قصر معاكي، دايما بحاول اعوض غياب ابوكي وحاولت على قد ما اقدر اني اديكي الحنان اللي محتاجاه، بس أنت خذلتيني يا مهرا.

. أنت غلطانة لأننا نبهناكي من مروان وحياة، قولتلك دوول مش شبهك، دوول معندهمش لا رابط أخلاقي ولا ديني، وللاسف هو خلوكي شبههم لحد ما ضيعتي...

انفجرت مهرا بالبكاء وعانقت والدتها وقالت: - انا اسفة يا ماما، اسفة والله. مكنتش اعرف ان ده هيحصل، أنا فعلا حبيت مروان، حبيته اكتر من حياتي وافتكرت بغبائي إنه بيحبني بس للاسف طلع بيتسلي وانا اللي ضعت، أنا بتمني اني اموت وارتاح يا ماما قلبي بيتحرق حاسة بغضب وبفكر اني اروح ابلغ عنه، بس معرفش هثبت ازاي، ولو ثبت حتى مش هيتعاقب ولا حياة كمان هتتعاقب، أنا ضيعت يا ماما وحقي ضاع...

انسابت دموع مروة وقالت محاولة تهدئتها: - متخافيش، جدك هيتصرف يا مهرا، هو اللي هيتصرف!

خرجت من كليتها وهي تشعر بالارهاق، جل ما تريده الان هو الذهاب إلى البيت والنوم بعمق حتى الصباح...

انتبه مروان عندما رآها قد خرجت، ابتسم وقد نبض قلبه بشكل جعل ابتسامته تختفي ويعقد حاجبيه، ماذا يحدث له، وما سر تلك النبضات، كيف يحدث وقلب مروان السويسي يدق لفتاة صغيرة؟!، رآها تركب أحدي المواصلات العامة فركب هو سيارته وسار خلص العربة، كان يتبع قلبه الان لا عقله، لا يعرف ما هي الخطوة التالية ولكن كان مصمم ان يتعرف عليها بشكل اوضح، وليتعرف عليها يجب أن يراقبها جيدا، يحفظ تفاصيلها، فلكي يمتلك قلب امرأة يجب أن يهتم بتفاصيلها جيدا، أي فتاة تعشق التفاصيل، وليلي ليست استثناء...

توقفت سيارته وهو يراها تنزل من العربة ثم تستعد لقطع الطريق فترجل هو من سيارته واقترب منها وقال: - لو سمحتي لو سمحتي...
توقفت ليلي وهي تنظر إلى ذلك الشاب الغريب الذي أوقفها، اقترب مروان منها وهو مرتبك، ذاهل من ذلك الجمال الذي يراه أمامه، هي اجمل شئ رأته عيناه، مختلفة تماما عن أي شئ رآه، بدت كحورية خارجة من أحدي القصص الخيالية، كيف سيسلب قلب تلك الفتاة وبلقاء واحد فقط قد سلبت عقله...

ربعت ليلي يديها وهي تنظر إلى ذلك الغريب الذي ينظر إليها وكأنه معتوه وقالت في سرها: - يا مصبر الوحش على الجحش يا رب...
ثم رفعت صوتها وقالت: - فيه حاجة يا عمو...
- عمو؟!
قالها مروان وهي يرفع حاجبيه بإستنكار فقالت ليلي: - فيه حاجة، عايز حاجة ليه حضرتك موقفني انت تايه ولا ايه...

صمت مروان تماما ولم يعرف كيف يرد عليها من الأساس، كان متعجب من نفسه، ماذا يحدث له؟! حقا ماذا يحدث له، وكيف تلك الفتاة جعلته يلتزم الصمت بتلك الطريقة، هو في حضورها لا يقوي حتى على الكلام، فقط قلبه هو من يصرخ بصدره، كانت تلك المرة الثانية التي يعجز عن التحدث وللسخرية في المرتين كانت هي أمامه...

ظنت ليلي أن هذا الشاب مجنون وقالت في نفسها: - شكله سايكو أو واحد بيتحرش بالأطفال اللي زيي، لازم اهرب بسرعة...
وبالفعل ذهبت من أمامه مسرعة...
نظر مروان إلى أثرها بذهول، كان مصدوم من نفسه أكثر من صدمته بها!

- ممكن اقعد؟!
قالتها حياة بابتسامة واسعة لاحمد الجالس أمامها، كانت عينيها البنية تتألقان يحب وهي تلتهم تفاصيله المحببة إلى قلبها، ملامحه الحادة وعينيه السوداء وشعره الذي يتساقط على جبهته، كم أرادت أن تلمس شعره. لقد حلمت بهذا لأيام، حلمت أن تلمسه ويحبها، كانت مستعدة أن تتغير لأجله ولكن قلبه دوما كان حلم بعيد المنال، حلم ألقاه هو تحت قدمي مهرا ورفضته!

نظر إليها احمد ببرود وقال: - اتفضلي حد ماسكك...
حاولت كتم حسرتها وجلست على المقعد أمامه وقالت: - مش بشوفك الايام دي يعني. كنت ليه مختفي ومبتجيش النادي...
مط شفتيه وهو يولي انتباهه للرواية التي يقرأها وقال: - عادي يعني حبيت اختفي شوية، ولا ممنوع...
هزت رأسها بتوتر وقالت: - لا طبعا بس وحشتني...
لمعت عينيه السوداء وترك الرواية، ثم اقترب منها. حبست هي أنفاسها وقد أصبح قلبها يدق بعنف
- انت بتحبيني؟!

قالها واصابعه تتلمس وجهها برقة، لمعت عينيها البنية بالدموع وقالت بصوت مخنوق: - بحبك اووي يا احمد، بحبك اكتر مما تتخيل، أنا مستعدة اي حاجة عشانك يا احمد ومستعد استني لحد ما تنسي مهرا خالص، بس ابوس ايديك متبعدنيش عنك...
ابتسم ابتسامة غريبة وقد تألقت عينيه السوداء وقال: - بس أنا مبحبكيش!

تراجعت قليلا وقد احتبست للدموع في عينيها لقد فقدت القدرة على البكاء من الاساس، كان أحمد يضيف كسر جديد إلى قلبها، صمتت تماما وهي تسيطر على نفسها كي لا تتوسل إليه ليحبها، لينهض هو ويقول: - انا مستحيل احب واحدة زيك، لو انت آخر واحدة في العالم حتى مستحيل أقبل بواحدة رخيصة زيك، الشعور الوحيد اللي في قلبي ليكي هو القرف، القرف وبس!
ثم أخذ روايته وذهب...

كان يجلس على كرسيه في مكتبه، يغمض عينيه وهو يشعر بألم كبير في قلبه، كلام ادم اليوم كان قاسي جدا، ولكن ليكون صريح مع نفسه على الاقل ادم محق، ما زالت جابر عزام يحمل نفسه ذنب موت ابنه وما زال يحقد على حسناء التي شتتت عائلته. هي من حرمته من على وهو لن يسامحها ابدا، سيظل يحقد عليها حتى يموت!
تنهد وهو يتذكر ما حدث منذ سنوات!
فلاش باك...

- بنت الخدامة عايز تتجوز بنت الخدامة يا علي؟! ابن جابر عزام يتجوز بنت خدامة!
كان والده يصرخ بغضب كبير. ابتلعت حسناء ريقها وكادت أن تترك يد على وتنسحب ولكن على لم يسمح لها بل قال بقوة: - اسمها حسناء يا بابا، الدكتورة حسناء، وانا بحبها ومش موافق على قرارك اني اتجوز بنت شريكك ضحي، دي حياتي انا وانا حر فيها، أنا هتجوز حسناء وطالب بس رضاك...

نهض جابر وقد أضحت ملامحه جامدة كالجليد وقال: - طالما هتتجوز البنت دي يبقي مش هتنول رضايا ابدا يا علي، من النهاردة انت مطرود من البيت ومن الشركة، مش هديك اي فلوس، ولو أنا مت انت ممنوع تمشي في جنازتي...
بهت وجه على ليصرخ جابر بقوة: - حسن، حسن.
جاء رجل في منتصف الأربعينات تقريبا ليأمره جابر ويقول بقسوة: - خرج البيه والهانم من هنا يا حسن وممنوع يدخلوا البيت ده تاني، مفهوم!
باك...

عاد جابر من شروده عندما دقت مروة على الباب، إذن لها بالدخول لتدخل مروة وتقول بتوتر: - عملت ايه يا عمي، ادم وافق؟!
اغمض جابر عينيه وقال: - للاسف لا يا مروة...

في اليوم التالي...
كان آدم يعمل بورشته وهو شارد الذهن عندما قاطعه صوت انثوي: - ادم...
نظر ادم إلى سيدة كبيرة في السن قليلا ولكن يبدو علا ملامحها الرقي...
- خير يا فندم...
ابتلعت السيدة ريقها وقالت: - انا ابقي مروة والدة مهرا يا بني!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة