قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل الرابع والعشرون

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل الرابع والعشرون

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل الرابع والعشرون

يجلس في منزله، بالاصح منزلها الذي سرقه منها، يتأمل كل ركن وهو يشعر بالإختناق، يشعر وكأن شيئا بغيض يجثم على صدره، مشاعره مشوشة كليا، عندما رأي مهرا ادرك انه لم يعد يحبها، او بمعني اصح لم يحبها ابدا، مهرا كانت بالنسبة إليه تحدي، تحدي اراد ان يفوز به، اراد ان يكسبها بأي طريقة، حاول كثيرا ان يلفت انتباهها له، كانت تضايقه الطريقة التي كانت تعامله به، كانت تعامله بترفع وكأنها افضل منه، كأنه انسان حقير لا يستحق انها تحبه، لذلك لاحقها بإصرار، لاحقها حتى اصبح مهووسا بها وظن انه يعشقها، حاول كثيرا ان يتودد إليها ولكنها كانت ترده بإصرار. جعله يفقد عقله ويصر على أن يطاردها، ولكن الآن، الان يشعر بجفاف من ناحيتها وكأنه لم يكن مهووسا بها من قبل، وكأنها شخص عادي جدا بالنسبة له، المدهش أن انسانة اخري تماما احتلت تفكيره بقوة، لم يتوقع في أكثر أحلامه سخافة أن حياة ستشغل تفكيره بتلك الطريقة، دموعها لا تتركه، نظراتها المنكسرة ترفض أن تحل عنه، أنه يتذكر جيدا اخر لقاء بينهما عندما طردها من هذا البيت، يتذكر انكسارها وصراخها، ثم قسمها الأخير الذي جعل قلبه يرتجف.

فلاش باك...
- بتقول ايه؟!
قالتها حياة وهي تنظر إليه، وجنتيها ملطخة بالدموع وعينيها حمراء بلون الدم، كانت تلهث بسبب ما يحدث معها، كانت لا تصدق، لا لا. هذا ليس احمد، احمد لا يفعل هذا...
اقتربت منه أكثر ودموعها تنساب وقالت: - احمد انت اكيد بتهزر، انت بتعمل ايه؟! انت عايز تطردني من البيت!، ليه بتكسرني بالطريقة دي...

مسحت دموعها وقالت: - اكيد انت بتهزر معايا. عايز تخوفني صح، طيب أنا استسلمت يا احمد، كفاية بقا هزار سخيف، أنا بدأت أخاف منك، انهي اللعبة دي لأن، لأن.
تقطعت كلماتها وهي تضع كفها على قلبها وقالت: - قلبي بيتكسر من معاملتك دي، أنا تعبانة ومش متحملة. قلبي أضعف من اني اتحمل هزارك، فعشان خاطري كفاية...

كانت ملامحه متجمدة وهو ينظر إليها رغم الأعاصير التي بداخله، كان قلبه يؤلمه بشكل غريب ولكنه تجاهل المه وقال: - انا مش بهزر يا حياة، أنا قربت منك عشان فلوسك واخدت شقتك وأنت ملكيش مكان هنا، يالا دلوقتي امشي، امشي يا حياة مش عايز اشوف وشك تاني...

تقلص وجهها من الالم والحزن، وضعت كفها على قلبها. دموعها تتدفق من عينيها، كانت تنظر إليه بصدمة، لا تصدق أننا نحب شخص لدرجة الجنون وهذا الشخص يتجرأ ويقتلها، لقد قتلها احمد. نعم قتلها ولن تقوي على الحياة مرة أخري، كم تمنت أن يكون هذا مجرد حلم سخيف من خيالها ولكن للاسف كان الحقيقة كاملة، الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أنه لم يحبها ابدا، بل هي كانت وسيلة لتحقيق أحلامه، وقد حقق أحلامه والان انتهي دورها يجب أن تذهب من حياته، اقتربت حياة أكثر وعينيها تلمع بطريقة غريبة، شئ شبيه بالقسوة أو التحدي...

امسكته من قميصه وهي تهزه بينما دموعها تتساقط وتقول: - ليه مخلتنيش اموت...
نظر إليها بحيرة لتصرخ بشراسة: - ليه مخلتنيش اموت لما كنت عند قبر اهلي، ليه أنقذت حياتي وانت اصلا كنت ناوي تقت لني ببشاعة اكبر، ليه يا احمد، ليه!

كنت سيبتني اموت كنت على الاقل مش هحس باللالم ده مش هحس اني بموت ومش طايلة الموت، لم يرد عليها وهو يشاهد انهيارها، كان صامت تماما ولكن قلبه كان يغلي، أراد ضمها والاعتذار منها ولكن اوقف نفسه بصعوبة...
ابتعدت وهي تمسح دموعها ولمعت عينيها أكثر وقالت: - مبروك عليك الشقة، ومبروك عليك انك قدرت تخدعني بسهولة، انت كسبت الشقة والفلوس بس خسرتني، خسرت حبي للابد، أنا هطلع من هنا واوعدك مش هوريك وشي تاني!
باك...

عاد من شروده وهو يلقي كوب العصير الذي يشربه ليتهشم الزجاج كتهشم روحه!

- ادخلي يا حياة.
قالها مروان وهو يشير للداخل، ولجت حياة إلى شقة مروان وهي تمسح دموعها، تفحص مروان حياة جيدا وهو يفكر أنها تغيرت، تغيرت كي تنال حب احمد ولكن يبدو أن احمد قد خدعها وكسر قلبها، رغم كل شىء، شعر بالسوء من أجلها، شعر أن بطريقة ما حياه تشبهه كثيرا، هي تبحث بلهفة عن الحب مثله، تبحث بشراسة حتى تحطم قلبها، تحطم قلبها مثله...

اتجهت حياة إلى الأريكة الناعمة التي تحتل صالة المنزل ثم جلست عليها وهي تضم ساقيها إلى جسمها وترتجف بينما دموعها لا تتوقف عن الانسياب، منذ أن طردها احمد وهي تجوب الطرقات دون هدي، قضت ليلتها في فندق ثم باليوم التالي ذهبت إلى المقبرة وقضت اليوم كله هناك، كانت بحاجة إلى والديها، كانت تريد أن تبث لهم حزنها وشعورها بالخيانة على يد من عشقت أكثر من أي أحد...

اخذت دموعها تتدفق بقوة وهي تشعر بقلبها يتمزق من الالم بينما شهقاتها تعلو بعن ف، لقد تدمرت على يده، كيف يفعل بها هذا، كيف يكون بتلك القسوة لقد أحبته اكتر من اي شئ وهو كسرها، اتخذها وسيلة لتحقيق أحلامه دون أن يهتم بقلبها الذي تحطم على يده، كيف يكون بتلك البشاعة كيف، ماذا فعلت له ليفعل هذا، ولكن داخلها ادركت أنه ذنب مهرا، مهرا التي خدعتها بعد أن أعطتها ثقتها. شهقت حياة وهي تضع كفها على فمها وتبكي بعنف، نظر إليها مروان بحزن، كانت حالتها تصعب على الكافر، رغم أنه ابدا لم يحب حياة، كان يحتقرها كأي رجل في حياتها يظنها سهلة المنال، ولكنه عرف أن حياة تشبهه إلى حد كبير، هي تعاني مثله من الوحدة والنبذ من الجميع، احتشدت الدموع في عينيه وهو ينظر إليها، كان يراها تبكي، تبكي المعاناة التي يعيشها، هي فقدت والديها الذين احبوها وهو فقد والدته. فقدها وحتى الان لم يستوعب الأمر...

جلس بجوارها بتعب وهي تبكي وقال: - يمكن أنا اكتر واحد مقدر موقفك يا حياة، مقدر حزنك وعدم قدرتك على تجاوز موت اهلك، أنا للاسف مش قادر أتجاوز وفاة امي، قلبي بيتحرق وانا بفتكر أنها مبقتش موجودة، هي من اول ما ماتت ملقيتش حد يحبني ولا يهتم بيا، ابويا بيكرهني ولا كأني عدوه...

ضحك ودموعه تتدفق من عينيه وقال: - تخيلي أنه قالي أنه عمري ما حبني، يعني انا كنت عارف المعلومة دي، بس لما قالها بلسانه، وبنظراته وبالغل في كلماته، حسيت أن قلبي زي القزاز اللي انكسر خالص ومفيش امل يتصلح، كان نفسي حتى يكدب عليا ويقول إنه بيحبني كنت هفرح والله، كان نفسي يحسسني ولو بالكدب اني ابنه، بس للاسف يظهر أن وائل بيه فاشل جدا في الكدب...

نظرت إليه حياة وهو يمسح دموعه، يسيطر على نفسه كي لا ينهار مثلها، ربتت على كتفه وهي تبكي، تبكي حالهما، تبكي عدم حصولهما على الحب...
ارتجفت شفتيها وقالت؛.

- كنت فاكرة اني خلاص، ليا حق احب واتحب، ليا حق اني ابقي مبسوطة، افتكرت أن احمد بيحبني وعملت المستحيل عشانه، لكن احمد، احمد كسرني يا مروان، اتخلي عني يوم فرحنا، بعتلي رسالة وقالي ببرود أنه مش جاي، وقتها أنا حسيت اني نفسي اموت بس مش طايلة الموت، وقتها اتمنيت أن بابا وماما يكونوا عايشين عشان ابكي في حضنهم، لكن لا أنا في اليوم ده فضلت طول اليوم ابكي لوحدي، صحيح عمو جلال حاول يساعدني بس مقدرش، أنا مكنتش عايزة الا اهلي في الوقت ده.

انفجرت حياة بالبكاء ليبكي مروان مثلها وسيطر صوت بكائهما على المنزل، كل منهم يبكي مرارة الفقد!

- بنتك هربت، هربت وفضحتنا كل ده بسببك معرفتش تربي!

قالتها علياء وهي تدعي الانفعال، لكن من داخلها كانت سعيدة أنها تخلصت من تلك الفتاة المستفزة، كانت سعيدة وهي تري عثمان ناكس الرأس منهار بسبب ابنته قليلة الحياء، ابنته التي فضحته وهربت، لقد ضغطت عليها علياء، تعترف انها عاملتها بسوء لكي تقدم على اي تصرف متهور فيعذبها والدها، حسنا هي لم تتوقع أن تصرف ميار سيكون بتلك الجراءة، أن تخدر عائلتها وتهرب، سيكون أفضل لو سلطت عثمان أكثر عليها حتى يتحكم به غضبه ويقتلها، فهي ابدا لا تريد لتلك الفتاة أن تأتي هنا، تتمني موتها أو زواجها حتى طالما ستبتعد عنها ولن تعترض طريقها للحصول على المنزل الذي تعيش به مع عثمان!..

كان عثمان جالس وهو يغلي، يفكر انه يريد ان يجد ميار بأي طريقة ويقسم انه عندما يجدها سوف يقتلها، لن يرحمها ابدا، سوف يتخلص من تلك الفتاة التي الحقت به العار، ولكن اين ذهبت، أين قد تكون، هو حقا سوف يجن، ذهب إلى كل الاماكن التي يمكن أن تقصدها فلم يجدها، حتى انه ذهب لعلي ولكن على لم يخبره أي شئ، كل ما يقوله انه لم يراها ابدا، كما أن على تزوج بالفعل من فتاة اختارتها والدته واخبره بوضوح انه لا يريد ان يرتبط اسمه بإسم ميار فهو يريد أن يحافظ على منزله، اذ انه بدا مرتاح معها...

اغتاظت علياء وقالت: - هو ده اللي فالح فيه يا عثمان، بنتك هربت وانا قاعد ساكت وهادي، كأنها مش جابتلك الفضيحة والعار...
- اخرسي، اخرسي يا علياء...
قالها عثمان وهو يطحن اسنانه بعنف، كان كفه يؤلمه. يريد أن يفرغ غضبه...
نهضت علياء وهي تضع كفيها في خصرها وقالت ؛
- نعم يا اخويا، انت بتتشطر عليا بدل ما تتشطر على بنتك الفلتانة.

نظر عثمان إليها وعينيه حمراء من الغضب وقال: - قولتلك اسكتي يا علياء والا وديني. وديني انت اللي هتأخدي علقة مني لحد ما تقولي حقي برقبتي، أنا مش عايز اتغابي عليكي، فاحسنك اتعدلي بدل ما اعدلك.
- لا مش هتعدل، مش هتعدل يا عثمان وريني هتعمل ايه، يعني انت مش قادر على بنتك جاي تتشطر وتعمل راجل عليا...
نهض عثمان ببطء ثم شد علياء من شعرها وهو يصرخ بها: - انا هوريكي اني راجل يا علياء...

ثم اوقعها على الأرض وبدأ يضربها بعنف، كانت علياء تصرخ بشدة ولكنه لم يرحمها بل كان يشدها على الأرض من شعرها بعنف، امسكت كفه وقبلته وهي تقول: - ابوس ايديك يا عثمان كفاية، كفاية انا هموت في ايديك...
اوقفها وهو يجذبها من شعرها، شعرت بخصلاتها تتمزق...
عينيه كانت حمراء وهو ينظر إليها ويقول: - بعد كده تحطي لسانك في بوقك واياكي تتكلمي، انت فاهمة ولا لا...

هزت رأسها وقالت: - حاضر والله ما هتكلم، والله ما هتكلم...
دفعها بعنف وقال: - غوري جيبي حاجة اكلها...
ذهبت مسرعة إلى المطبخ وهي تبكي. صحيح عثمان يحبها ولا يضربها ولكن عندما يفقد اعصابه لا يهمه أي احد. ما كان يجب عليها ان تستفزه!

في منزل الخالة نوال...
وضعت ميار الصينية على الطاولة الصغيرة وقالت بإبتسامة: - يالا يا خالتو عملتلك العشا...
نهضت الخالة نوال وهي تشعر بالتعب ثم اقتربت من الطاولة وجلست عليها وهي مبتسمة وبدأت تأكل هي وميار، كانت ميار سعيدة جدا بصحبتها، كانت تشعر انها مع والدتها...
امسكت فجأة نوال كفها وقالت: - انا فرحانة اووي بيكي يا ميار، بعد ما اولادي اتجوزوا محدش سأل عليا...

لمعت عينيها بالدموع واختنق صوتها. واكملت: - انت جيتي ليا زي ملاك من السما...
ابتسمت ميار وضمتها وقالت: - وهبقي معاكي دايما.

في غرفة ادم ومهرا...
كانت تضم الغطاء إلى جسدها ودموعها تنساب بينما ادم يجوب الغرفة وهو لا يصدق ما حدث، كيف يحدث هذا، كيف تكون عذراء وقد تعرضت للإغتصاب، شعر ادم أن عقله متوقف تماما عن العمل...
نظر إلى مهرا وقال: - ازاي ده حصل؟! ازاي...
لم ترد عليه مهرا بل ظلت تنظر إلى الأسفل وهي تتمسك بالغطاء جيدا، تشعر وكأن كل السعادة التي كانت تشعر بها تبخرت الان، تبخرت عندما ابتعد عنها وجعلها تشعر بالفراغ...

- مهرا انطقي ازاي ده حصل؟!
قالها بانفعال دون أن يقصد إلا أنها شهقت وانفجرت بالبكاء وهي تقول بتلعثم: - م. معرفش والله معرفش. أنا، انا.

كانت كلماتها غير مترابطة، تتنفس بعنف ودموعها تتدفق بقوة، شعر بالشفقة عليها واتجه إليها وهو يشدها ويضمها إليه. ليرتفع صوت بكاءها وهي تستلم لعناقه، فاحتواءه هو كل ما إرادته الان، هي ضعيفة وتعاني، تخاف، وسكينتها هي ذراعيه، علاجها هو حبه، تمسكت به كالغريق الذي يتمسك بالقشة وهي تبكي، تبكي كل شئ، وهو تركها تفرغ ما في داخلها، ويبدو انه فهم الأمر لقد خدعها مروان اوهمها انه اعتدي عليها ولكنه لم يبدو انه لمسها، كان يجب أن يسيطر على نفسه والا يسألها بتلك الطريقة التي تجرحها، ولكن الصدمة كانت كبيرة عليه، هو للحظات توقفت دماغه تماما عن العمل...

ابتعد مهرا عنه وهي تبكي وقالت: - صدقني يا ادم معرفش ايه اللي حصل وقتها. أنا كنت متخدرة. لما صحيت لقيت نفسي من غير، من غير...
كلماتها تقطعت وانفجرت بالبكاء مرة اخري.
. ربت ادم على ظهرها وهو يقول بهدوء: - خلاص اهدي. اهدي معني كده انه مقدرش يعملك حاجة، المريض النفسية ده بس اوهمك عشان يكسرك...

ابعدها قليلا وهو يعانق وجهها ثم بدأ يمسح دموعها وابتسم وقال: - انا آسف، أنا بحبك مهما حصل يا مهرا، بس كون انه مش لمسك دي حاجة فرحتني اووي، متعرفيش قد ايه فرحت.
ابتسمت له ليقترب هو منها مرة اخري، يضمها اليه وينسيها العالم، يسكن ولو مؤقتا ذلك الألم الذي يقبع في قلبها!

كانت تجلس على فراشها، ترجع ظهرها للخلف. شعرها الأسود الطويل ينسدل على وجهها، كان عقلها مشغول به، منذ الصباح وهي تفكر به، حاولت إخراجه من عقلها عدة مرات ولكنها فشلت تماما في هذا، أنس استطاع أن يسيطر على عقلها، استطاع كسبها لصفه، رغم هذا هي لا تريد أن تركض خلف قلبها، يجب أن تتبع عقلها، وتري هل انس مناسب لها أو لا. يجب أن تقرر، تفكر على مهل ولكن داخلها كانت تريد أن توافق بشدة، تريد أن تكون معه، ولكنها خائفة، خائفة لو تزوجته ستحبه أكثر وحينها قد يتحطم قلبها إن قرر يوما تركها، لا يعرف لماذا تفكر بالاحداث الحزينة فقط، لا تعرف لماذا هي فاقدة الثقة بكل شئ لتلك الدرجة ولكن حياتها ابدا لم تكون سهلة. طفولتها كانت صعبة، حتى من تزوجته تخلي عنها، كل ذلك يجعلها تخاف ولكن ادم مر بالأسوأ، يكفي انه تخلي عن احلامه ولكن رغم هذا احب مجددا، الاعمي يستطيع يري انه يحب مهرا، رغم الصعوبات التي تواجهه للبقاء مع مهرا الا انه يحبها ولا يهتم ابدا بالأمر، ارادت حقا ان تكون شجاعة كآدم ولكنها للأسف فشلت، لا أحد مثل ادم، لا أحد يمتلك قوته وإيمانه...

تنهدت وهي تغمض عينيها بينما قلبها يرتجف وهي تتذكر انس، انس الذي يحتل قلبها يوما بعد يوم، انس الذي يلاحقها بإصرار، يريد أن يظهر حبها له، هي تعرف أن انس لن يستسلم حتى تظهر حبها له كامل، ابتسمت وهي تتذكر ما فعله لأجل اخيها، انس ببساطة استطاع كل مشكلة اخاها، ضحي بصفقة كادت تربحه الملايين من اجل ادم، حقا ما فعله جعله يكبر في نظرها. تسطحت على فراشها وقد اتخذت قرارها دون رجعة ستتمسك بسعادتها!

في اليوم التالي...
سحبت شعرها الطويل بين يديها ثم أمسكت دبوس الشعر وهي تلف شعرها لكي تبدأ في تحضير الافطار، بعد الافطار قررت أن تتكلم مع ادم وتخبره بقرارها، نعم هي ستوافق على أنس، توافق على منحه فرصة، ليس ليكون زوجها فحسب بل ليكون كل حياتها، ليدخل قلبها وتحبه براحة دون أي خوف، عرفت أن هذا سيكون صعبا في البداية، من الصعب جدا أن تبين مشاعرها بسرعة.

وكم تتمني أن يتفهم انس ذلك، تمنت أن يتفهم طبيعتها جيدا والا يتأفف منها أو يستسلم، ولكن لا تعرف لماذا هي واثقة أن انس مختلف تماما عن سامر، هو صبور. و...
ولكنها قاطعت أفكارها بحزم وهي تفكر انها يجب ألا تنجرف بتفكيرها، يجب أن تسيطر على نفسها اكثر من هذا، لن تريه بسهولة انها تحبه، لن تسمح لأحد أن يري ضعفها حتى لو كانت تحبه...

صفت مرام عقلها وبدأت في اعداد الفطار بهدوء كما اعتادت، قررت بعد الافطار ان تتكلم مع ادم وتخبره بقرارها النهائي! ولكن جل ما كانت تفكر به هو عندما تذهب إلى الشركة كيف ستواجهه، اخرجت البيض وهي شاردة ثم كسرته لتضعه على رخام المطبخ بدلا من الطبق، وضعت كفها على فمها وهي تتراجع لتسمع ضحكة خافتة وصوت ادم المتسلي يقول: - ايه اللي واخد عقلك يا بسبوسة...

نظرت مرام إليه وقد احمر وجهها بقوة وقالت بإرتباك: - مفيش حاجة، شردت شوية...

- مش مصدقااكي يا بسبوسة بصراحة شرودك ده غريب شوية...
حاولت السيطرة على انفعالاتها وقالت: - فيه ايه يا ادم على الصبح، مالك؟!
- انت متعصبة ايه يا بسبوسة، ده مجرد استفسار، أصل حالات الشرود دي أنا اعرفها كويس اووي...
احمرت بشدة وقالت بإنفعال: - انت شكلك فاضي ورايق وانا مش فاضية يا ادم، فحل عني عايزة أعمل الفطار...

كانت مرام تبذل مجهود خرافي لاخفاء خجلها، المشكلة ان ادم وجد الأمر مسلي ولن يتركها في حالها بل سيظل يضايقها، بدأت بتركيز في اعداد البيض بينما تشعر ان وجنتيها حمراء من شدة الخجل والانفعال، كان ادم ينظر إليها بتسلية وقد فهم ان مرام وافقت على أنس من نظرتها فبعد ما فعله انس كبر في نظر الجميع، هو يتمني حقا ان تتمسك مرام بسعادتها، يتمني ان يطمئن عليها، مرام أيضا عانت كثير وان الاوان ان ترتاح، ان الاوان ان تنسي خيبة املها مع سامر وتهتم بحياتها ومستقبلها...

اقترب ادم ونظر بحنو إلى مرام وقال: - حاسس كده والله اعلم أنك خلاص قررتي حاجة في موضوع انس، يعني خلاص يا مرام اخدتي قرارك النهائي...
احمر وجهها بقوة وقالت بتوتر: - وهو ده مكان نتكلم فيه عن الموضوع ده.
- ايوة هو ده مكاننا المناسب للكلام يالا قولي قررتي ايه حرام عليكي الولد على اعصابه وكل شوية يكلمني، أنا حاسس عايز يتكلم بس مكسوف. اديله رد يا مرام.

- انتوا قلتوا براحتي افكر. وانا مأخدتش وقت كتير فاستنوا شوية...
غمز لها وقال: - عليا يا بسبوسة، لا خلاص أنا قفشتك انت وافقتي على أنس...
نظرت إليه مرام بغضب وقالت: - يا ادم هو أنا اللي هتجوز ولا انت وبعدين مالك كده ماسك في انس بالطريقة دي. أول مرة تحصل يعني، ده انت كنت بنفسك بتطفش العرسان اللي بتتقدملي...

ضحك وقال: - انا مطفشتش حد، هما بس مكانوش مناسبين ليكي، بس آنس مناسب جدا مش عشان ساعدني والله بس من أول ما قابلته واتكلمت معاه عرفت ان ده هو المناسب ليكي، ها يا ستي قولي رايك الراجل مستني على نار...
دفعته مرام خارج المطبخ وقالت: - موافقة يا ادم قوله اني موافقة عشان انت اكلت دماغي!

كانت محمرة الوجه الابتسامة لا تفارق شفتيها بينما تجلس معهم، لم تتخيل ابدا أنها ستكون سعيدة هكذا يوما، بل لم تتخيل أن يكون رجلا هو سبب كل سعادتها تلك! ,، كانت مصدومة من نفسها، ما تشعر به نحو ادم جنوني للغاية هي تخطت مرحلة الحب منذ زمن، تشعر أن حبه يملأ حياتها، وكأنها لم تحب غيره ابدا، اختلست النظر إليه وهو جالس بجوارها على الطاولة يشاكس ليلي.

. لقد أحبته حقا، أحبت جانبه اللطيف، جانبه الغاضب، جانبه المشاكس، هي تحبه بمزاياه وعيوبه، من كان يقول انها ستحب ادم بتلك السهولة، ادم الذي كرهته قبل أن تراه، ظنت أنه مفروض عليها، ولكن عرفت أن ادم هو اجمل صدفة في حياتها، هي تشكر الله يوميا انه معها الآن، ادم وعائلته علموها الكثير...

لم تشعر بنفسها وهي تنظر إليه بحب يبرز في عينيها العسلية، نظرت حسناء فجأة إليها وابتسمت بسعادة وهي تجد مهرا تنظر لادم. اغمضت عينيها وهي تتمتم: - الحمدلله، قد ايه يا رب انت كريم، أخيرا يارب ادم هيبقي سعيد، أخيرا سعي بنفسه لسعادته، يارب خليه سعيد دايما عوضه عن اللي حصله و عاشه، عوضه عن احلامه اللي اتخلي عنها بسببنا...

ثم فتحت عينيها وهي تجد مهرا تنظر إليه، كانت شاكرة لمهرا التي اعطت السعادة لابنها واحبته، هي تعرف ادم جيدا، وتعرف انه يحبها، ولكن كان يخاف من ان تمل من العيشة معه إذ انها عاشت في مستوي معين هو لا يمكن توفيره لها، لكنها تعرف مهرا جيدا، تلك الفتاة رغم ثرائها الا انها تتحمل المسؤولية بشكل مدهش، هي اعتادت على حياتهم حتى انها تدخل المطبخ وتساعد مرام وليلي، هي ذكية تحاول التعلم بسرعة، كما أنه تسلب قلوب الجميع هنا، كل من اتخذ موقف سلبي ضدها سواء مرام او ليلي غير رأيه فهي تريد بناتها يتقربون من مهرا، يمزحون معها ويصادقونها، كانت سعيدة وهي تري تلك الالفة التي سيطرت على منزلها، فجأة نظرت مهرا إلى حسناء بعفوية لتجدها تنظر إليها. ذابت مهرا من الخجل ونظرت إلى طبقها، لقد امسكتها حسناء وهي تحدق بأدم، ما هذا الاحراج، هي محرجة كثيرا. ماذا ستفكر حسناء الآن، فجأة انقطع حبل افكارها عندما وجدت ادم يمسك كفها من تحت الطاولة، احمر وجهها بقوة وهو يداعب كفها، ولكن رغم هذا كان قلبها يخفق بحب. لم تكن متذمرة ابدا بسبب حركته تلك!

ابتسمت ليلي بخبث وهي تشعر ان هناك شئ ما يدور وقالت: - ايه يا مهرا مش هتأكلي ولا ايه؟! يا بنتي انت خسيتي النص...
ابتلعت ريقها وقالت بتلعثم: - انا مش جعانة...
تدخل ادم وقال: - انت مالك بمراتي يا بت انت. انت ليه محسساني انك خلفتيها ونسيتيها...
اتسعت عيني ليلي ببراءة مزيفة وقال: - انا الحق عليا خايفة عليها...
- متخافيش يا اختي هي كويسة، مش كده يا حبيبتي...
هزت مهرا رأسها وهي متوترة...

بعد انتهاء الفطار، جهز ادم نفسه كي يذهب إلى ورشته اليوم سوف ينهي التصميم الخاص بشقة المهندس رفعت وسينال مبلغ جيد، وقفت مهرا امام الباب لتودعه، ابتسمت بإشراق وقالت: - خلي بالك من نفسك.
ابتسم لها وعينيها الزرقاء تبرق لها، نظر حوله فلم يجد احد في الصالة ليستغل الفرصة ويقبلها على وجنتها بسرعة ويقول: - هتوحشيني...

ذابت بخجل ليقترب اكثر ويقبل جبينها أيضا ليتجمد فجأة وهو يسمع صوت ليلي العالي يقول: - هتتأخر على الشغل يا ابيه...
نظر بصدمة إلى ليلي التي خرجت من تحت الطاولة، بهت وهو ينظر إليها وقال: - انت بتعملي ايه تحت الترابيزة يا بنت انت...
ضحكت وقالت: - كنت يشوف الفيلم الرومانسي اللي انتوا عاملينه في نص الصالة...

ضحكت مهرا وقد احمر وجهها بقوة ليقول ادم بيأس محدثا مهرا: - عندك حق احنا محتاجين بيت لوحدنا بعيد عن المتطفلة دي.

فتحت الباب لتتنهد وهي تجد والدتها تقف أمام منزلها...
- اهلا يا ماما...
قالتها كارما بدون مشاعر...
- مالك كده زي ما يكون مش طايقاني يا كارما...
لم ترد عليها كارما وولجت للداخل، دخلت والدتها خلفها لتجدها تجلس على الأريكة المريحة وهي تنظر إلى التلفاز حيث تتابع أحد افلامها المفضلة، تنهدت والدتها وقالت: - ممكن اعرف ليه مبترديش على تليفونك يا كارما، ليه بتبعدي الكل عنك بالطريقة دي يا بنتي.

نظرت إليها كارما وابتسمت بسخرية وقالت: - عايزاني ارد عليكي ازاي وأنت شوفتي جوزك بيطردني برة البيت ومتكلمتيش حتي، أنا قلبي اتكسر يا امي، كنت فاكرة انك هتدافعي عني، بس. بس انت اتخليتي عني بكل سهولة، عايزاني ازاي ارد عليكي وانت ولا مرة دافعتي عني...

ارتبكت مودة وهي تنظر إليها، شعرت بالذنب من أجل ابنتها، لقد. تخلت فعلا عن ابنتها مرارا وتكرارا ولكن هذا بسبب خوفها من زوجها، هي تخاف ان يتخلي عنها، وهي اعتادت العيش في ظل رجل، لا يمكنها ان تخرب بيتها من أجل ابنتها، زوجها قد يتركها لو اتخذت جانب ابنتها وهي لا يمكنها ان تخسره، كما أن كارما غبية جدا، تريد تدمير حياتها بسبب لحظة غضب من زوجها، ماذا ان غضب قليلا؟! المرأة الصالحة هي من تمتص غضب زوجها وتطيعه، كان يمكنها ان تراضيه بطريقتها ولكنها تتحدث عن تراهات كالكرامة، الغبية لا تريد أن تستوعب ان لا يوجد للمرأة كرامة مع زوجها، كارما يجب أن تفهم هذا...

نظرت مودة إلى كارما التي ما زالت تتابع الفيلم دون ان تبالي بوالدتها الجالسة تنظر إليها، كانت كارما في تلك اللحظة لا تهتم بأي شخص، لا تهتم الا بطفلها، تذهب للعمل يوميا ثم تعود وترتاح كي لا ترهق نفسها وتعرض نفسها لخطر الاجهاض، لا ترد على أي من مكالمات لا والدتها ولا سامر، هي لم تعد مهتمة بسامر، فما فعله معها جعلها.

تغضب منه، هي حتى لا تطيقه، تحبه صحيح، لكنها حقا لا تطيقه. تجبر نفسها على أن تكرهه وتنجح بالفعل ولكن دوما كراهيتها مرتبطة بحبها له...
قطع افكارها صوت والدتها وهي تقول: - امتي ناوية ترجعي لجوزك؟!
- مش هرجع...
قالتها كارما بنبرة قاطعة.
- يعني ايه يا كارما؟!

قالتها والدتها ونبرتها ترتعش من الرعب فنظرت إليها كارما وقالت: - ايه اللي مش مفهوم يا ماما، بقول مش هرجع. مش هرجعله، كفاية قلة قيمة بقا، أنا مش مضطرة استحمل معاملته دي...
تنهدت مودة واقتربت منها وهي تمسك كفها وقالت: - يا بنتي وحدي الله بس، دي مشكلة صغيرة متكبرهاش، سامر اتصل بيا وهو زعلان على اللي حصل وعايز يصلح الوضع و...
- انا مش مهتمة...

قالتها ببرود وهي تنهض تتجه إلى المطبخ، ذهبت مودة خلفها وقالت: - يا بنتي بطلي عناد! هتعشي لوحدك يعني، الراجل عرف غلطه...
فتحت كارما الثلاجة ببرود واخرجت عصير التفاح التي تحبه ثم جلبت كوبين وصبت لها ولوالدتها ثم اعطتها كوبها وقالت: - وانا قولت مش عايزة ارجع يا ماما، مش هرجع ابدا، مستحيل، خليه يفقد الامل، أنا خلاص فوقت لنفسي لما حسسني اني مجرد عشيقة رخيصة حملت منه في الحرام...

- غلطة يا كارما ايه هتمسكي للراجل على غلطة يا بنتي و...
القت كارما كوب العصير على الأرض ليتهشم الكوب وتصرخ: - بطلي تبرريله، أنا مش رخيصة عشان استحمل مرضه، انت ازاي امي وترضيلي بوجع القلب
. انتوا عايزين ايه مني أنا بعدت عنه وعنك، سبوني في حالي بقا، ولو بيتصل بيكي ياريت تقوليله يطلقني والا وديني اخلعه وافضحه!

كان يقف أمام المرآه يعدل من وضع قميصه الابيض ثم يلتقط سترته الرمادية ويرتديها، وقف اخيرا وهو ينظر إلى نفسه نظرة تقيمية وهز رأسه بإستحسان، وما كاد أن يغادر حتى رن هاتفه، رفع حاجبيه بدهشة وهو يتساءل من سوف سيتصل به الآن، التقط هاتفه واتسعت عينيه وهو يري أن المتصل ادم، خفق قلبه لا يعرف لماذا، ولكنه شعر أن هذا الاتصال خاص بمرام، ازدادت وتيرة أنفاسه وهو يفكر هل يا تري رفضته ام وافقت، كان متوتر للغاية وهو يبحث على إجابة داخل عقله، تلك المرأة بعثرت حياته تماما، جعلته مرتبكا بسببها وهو الذي لم يهتم بالفتيات ابدا ولكن هذا هو الحب. فكر، فتح هاتفه ووضعه على اذنه وقلبه يخفق بقوة كادت ان تصم اذنيه: - السلام عليكم.

ابتسم ادم على الجهة الاخري وقال: - وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ازيك يا انس اخبارك.
- انا الحمدلله وانت...
ابتسم بسعادة وقال: - انا زي الفل، الحقيقة بقالي كتير مكنتش فرحان زي كده...
ارتجف قلب أنس ليكمل أدم ويقول: - صحيح ليك عندنا عزومة يا انس، تعالي في الوقت اللي يناسبك عشان اتقدم رسمي لمرام...

اتسعت عينه بقوة، وقد لهث بصدمة، كان لا يصدق اراد ان يصرخ من الفرحة ولكن مظهره العام كان مهم جدا بالنسبة له...
سيطر أمس على انفعالاته وابتسم وهو يقول غير مصدقا: - يعني هي وافقت بكامل ارادتها...
ضحك ادم وقال: - يعني هنكون اجبرناها يا انس، وافقت يا سيدي وبإرادتها الحرة وفي الوقت المناسب تعالي اتقدم...
ابتسم أنس وقد شعر بسعادة لم يشعر بها من قبل، كان مرام بموافقتها ادخلت لقلبه السرور...

- شكرا يا ادم شكرا اووي...

قالها مبتهجا ليبتسم ادم وهو يشعر بسعادة الاب الذي سيزوج ابنته، مرام شابة صالحة. قوية وصادقة وتليق برجل كأنس، هو يتمني ان تتم هذه العلاقة على خير كي يطمئن على مرام ثم يبدأ التركيز على ليلي الشقية كي تنهي تعليمها ثم تتزوج وبهذا يكون اتم واجباته كلها بعد ان يطمئن على اخوته، عندها ينظر إلى نفسه، فجأة تجهم وجهه وهو يتذكر شخص نسيه. نسيه في خضم واجباته وهي مهرا، تنهد ادم وهو يدرك ان يظلمه معه ولكن فان الاوان على تحريرها، هو يحبها بيأس، يحبها بطريقة لم يحب احدا بها حتى ميار، هو سمح لميار بالذهاب لكنه لن يسمح لمهرا، يحبها ولا يدرك كيف احبها بتلك السرعة والقوة، ولكنه كان يعرف انه يحمي قلبه لذلك لم يسمح لنفسه بإلانجراف بمشاعره.

اكثر ولكن الآن هو ضعف، سمح لمهرا بالتخلل إلى اعماقه، سمح بنفسه ان يحبها وهو ليس نادم ابدا، حبها كان اجمل حدث في حياته...

اغلق ادم الهاتف مع أنس ووقف للحظات وهو يفكر ولاول مرة بنفسه، يفكر ان تكون له حياة خاصة، ليس هناك ضرر من ان يفكر بنفسه قليلا. هو طبعا لن يتخلي عن مسؤولياته ولكن تريد أن تكون له حياة خاصة، ربما لو أشتري بيت منفصل عن منزله مهرا سترتاح اكثر، هو يشعر بها، ويعرف ان يظلمها معه، كان قد اتخذ قراره سيتحدث مع والدته اليوم...
بدأ يعمل مجددا وبعد فترة قاطعه رنين الهاتف...

التقط ادم هاتفه ليجدها مهرا تتصل به، ابتسم بحب وهو يجد اسمها يسطع على الشاشة، فتح الهاتف ليرد على الاتصال وقال بمشاكسة خصها لها هي: - ايه يا بسبوستي أنا وحشتك ولا ايه هحاول اجي بدري النهاردة، صمت فجأة وهو يسمع صوتها الباكي ويقول: - فيه ايه يا مهرا...
انتظر ردها ليقول بصدمة: - ايه؟! جدك!

في احد المقاهي الراقية...
- هو الدكتور ده شاطر يعني؟!

قالتها حياة بتوتر وهي تفرك رقبتها، كانت الفكرة غريبة عنها، تذهب لطبيب نفسي وهي! حسنا هي لم تتخيل ابدا ان تلجأ لذلك الحل، دوما هي ظنت أنها متزنة نفسيا تستطيع اتخاذ قرارها ولكن بعد ما حدث، باتت تشك في نفسها، هي ابدا غير متزنة نفسيا، ربما موت والديها جعلها هكذا، ربما رفض احمد المستمر أو الحقد على مهرا، عرفت أن يوجد اشياء في الماضي هي دفنتها في اظلم منطقة في عقلها وأنها لن ترتاح إلا عندما تتكلم مع احد يفهمها دون أن يحكم عليها، أحد تتكلم معه دون أن تري نظرات القرف بعينيه، أحد تتكلم معه براحة!، هي اقتنعت بحل مروان، عندما أخبرها مروان على حل الذهاب إلى طبيب نفسي وافقته بسرعة، بدا وكأن هذا الحل هو القشة التي سوف تتمسك بها...

تنهد. مروان وقال: - بيقولوا عليه حلو اووي أنا سألت عليه يا حياة وهو شاطر اووي وممكن يساعدنا...
ابتسمت حياة وقالت: - مين كان ممكن يقول إن احنا الاتنين نجتمع عشان نتعالج نفسيا...
ضحك مروان وقال: - بصراحة أنا زيك مستغرب يا حياة. احنا الاتنين اجتمعنا عشان نتعالج، زي ما تكون الحياة جمعتنا عشان تفكرنا بالغلط اللي عملناه وبتدينا فرصة تانية عشان نبقي كويسين...

تجهمت حياة وهي تنظر لكفها، قلبها يعتصر من الألم، ما زال ذنب مهرا يلاحقها، ما زالت تشعر بتأنيب الضمير بسببها، وكأن كل ما حدث في حياتها هو عقاب ما فعلته بمهرا، لقد عاقبها الله، والان كل ما عليها هو الذهاب لمهرا وطلب العفو منها حتى ترضي، ولكن حياة كانت تخاف من رد فعلها، ماذا ان رفضت ان تسامحها، ماذا ان طردتها وسوف تكون محقة. حياة تستحق أي شئ تفعله مهرا...

نظرت حياة إلى مروان وقد انسابت دموعها على وجنتيها وقالت: - ده ذنب مهرا يا مروان...
ارتبك مروان ونظر إليها لتكمل وهي تبكي: - ربنا بيعاقبنا بسبب اللي عملناه فيها، أنا مكنتش مصدقة اني ابيع صاحبتي عشان غيرانة منها بسبب واحد زي احمد، أنا من أول ما احمد سابني وانا اتأكدت ان طالما مهرا مسامحتنيش هفضل اعاني يا مروان...

لم يرد مروان عليها. كان شارد بمهرا، يتذكر كيف اذاها، هو أيضا ضميره يوجعه بسببها، هي لم تستحق منه هذا ابدا، كان يجب عليه ان يتركها، وللاسف لا يمكنه ابدا الاقتراب منها والاعتذار، فبعد ما حدث لو رأه ادم سوف يقتله بكل تأكيد. تنهد مروان وهو يفكر بليلي، كلماتها الأخيرة التي جعلته يشيل العصابة عن عينيه ويري الحقيقة بعد ما كان اعمي لا يراها، هي جعلته يدرك انه يؤذي والدته بتصرفاته المقيتة، قلبه اوجعه، هل صحيح والدته تتألم بسببه. كان هذا التفكير يسيطر على عقله ويؤرقه...

كانت حياة شاردة تفكر بشئ ما، فجأة نظرت إلى مروان الشارد وقالت: - مروان أنا فيه حاجة بقالي مدة بفكر فيها وعايزة احد رايك، ويمكن انت تساعدني...
انتبه لها مروان وقتل؛
- اتفضلي...
تنهدت بتوتر وقالت: - انا عايزة اشوف مهرا...

بهت هو بينما تكمل بتلعثم: - انا لازم اشوفها يا مروان، محتاجة اشوفها، عايز اريح ضميري من ناحيتها أنا تذيتها كتير ومستحيل اسامح نفسي الا ما هي تسامحني، انت عارف هي فين حاليا عشان اشوفها...
امسك مروان كفها وقال: - خلاص يا حياة صدقيني مش مهم خالص، احنا بس نروح للدكتور ده وهو أكيد هيساعدنا...
- بس يا مروان...
قالتها بضيق فرد وهو يشد على كفها: - خلاص يا حياة قولتلك مش لازم هي مش هتسامح انسي...

- الله الله ايه المنظر الرومانسي ده.
شقهت حياة وهي تنظر إلى الصوت المألوف لتري احمد واقف في المقهي ينظر إليه بغضب وغيرة مجنونة، امال راسه وقال: - بتعرفي تموفي اون بسهولة يا حياة!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة