قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل الخامس عشر

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل الخامس عشر

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل الخامس عشر

بهتت حسناء وهي تنظر إلى مهرا وادم، احمر وجهها من الاحراج وخرجت بسرعة من غرفتهما، نظر ادم بغضب إلى مهرا تراجعت هي بخوف ثم صرخت عندما انغرست اضافره في ذراعها وجره خلفه قائلا: - انا هوريكي يا مهرا ازاي تتكلمي مع امي باللهجة دي!

ثم خرجا سويا بينما ادم يمسك ذراع مهرا بقوة، كانت مهرا قد فاض بها ايضا، لم تدري ما هو الصواب أو الخطأ، كانت غاضبة بشكل عنيف فحاولت جذب ذراعها وهي تقول بعصبية: - سيبني، سيبني يا بني آدم انت، سيبني!
ولكن ادم لن يكن يستمع إليها بل دفعها حتى وقفت في منتصف صالة المنزل، كانت مرام قد أتت وليلي أيضا...
- فيه ايه يا أبيه؟!

قالتها ليلي وهي تنظر إلى الوضع غير الطبيعي في منزلهما، كانت تشعر أن مهرا فعلت شيئا ما، نظرت إلى وجه والدتها فوجدته محمر بقوة...
- فيه ايه يا ماما مالك؟!
أكملت ليلي بخوف...
- اعتذري
قالها ادم ببرود وهو ينظر إلى مهرا بتقول هي
- انا مش غلطانة عشان اعتذر.
تسللت كفه إلى شعرها ثم شده بعنف وهو يصرخ: - اعتذري منها...
صرخت مهرا بألم لتهتف حسناء: - ادم ابني ابوس ايديك اهدي...

هز رأسه وهو يصرخ: - قولت اعتذري يا مهرا...
نظرت إليه مهرا بغضب وقالت ؛
- اعتذر من مين يا جاهل انت، والله لو قتلتني مش هعتذر منها، امك اللي غلطانة ليه تدخل علينا الاوضة من غير ما تخبط، خليها تتعلم الادب الأول ومحدش هيغلط فيها...
توسعت عيني ادم بصدمة واندلعت النيران في زرقتيه لم يشعر بنفسه الا وهو يرفع كفه ويصفعها حتى سقطت ارضا...

نظرت إليه مهرا برعب ليقترب منها ولكن مرام فجأة اتت ووقفت امامه وقالت: - لا يا ادم، انت مش كده. انت عمرك ما مديت ايدك على واحدة ست...
دفعها ادم بغضب وقال: - خلاص نخليها دي أول مرة...
ثم جذب مهرا من شعرها إلى غرفتهما واغلق الباب...
صرخت مهرا برعب عندما دفعها على الأرض
بدأ ادم. بخلع حزامه وقال بغضب هادر: - الادب اللي جدك المحترم فشل يعلمهولك، أنا هعلمهولك هنا يا مهرا!
- ادم. ادم بتعمل ايه؟!

قالتها وهي تري في يديه الحزام، نظرت إلى وجهه لتجده غاضب كليا، كانت النيران تتباين في مقلتيه وشعرت هي أنها سوف تموت من الرعب، تراجعت للخلف وهي تستعد لعقابها، تستعد أن يضربها، أغمضت عينيها وهي ترتعش بخوف...
- ادم ادم افتح يا آدم.

قالتها مرام وهي تخبط على باب الغرفة، كانت حسناء واقفة ترتعش برعب، لا يمكن أن يفعل ادم هذا، لا يمكن أن يضرب امرأة، هي لم تربيه على هذا ابدا، دعت ربها أن يعود ادم لصوابه والا يفعل هذا الخطأ...
- مرام خليه يضربها هي تستاهل!
قالتها ليلي بقسوة...
- ليلي اسكتي خلاص...
قالتها مرام بإنفعال لترد ليلي بحرقة: - اللي تهين امي تستاهل الموت، خليه يموتها كدا كدا هي واحدة متدلعة وتافهة...

بترت ليلي حروفها وهي تسمع ضربة الحزام وصرخة مهرا، تراجعت بخوف. بينما اقتربت حسناء وهي تقول: - افتح يا بني، افتح ابوس ايديك متعملش كده يا آدم، وحياتي عندك يا ابني!
كانت تدق على الباب بقوة بينما تسمع ضربات الحزام ولكن لا أثر لصراخ مهرا، ماذا فعل للفتاة! فكرت حسناء برعب...

داخل الغرفة كانت مهرا تنظر إلى ادم بصدمة بينما تضع كفيها على أذنها فهو لم يضربها ولكن أصبح يضرب الأرض بالحزام وهو يقول: - ليه، ليه، ليه.
تراجعت للخلف وهي تصرخ برعب، رمي ادم الحزام وقال من بين أسنانه: - احمدي ربنا اني مش بمد ايدي على الستات واللي كنت قتلتك! لكن من بعد النهاردة لسانك ميخاطبش لساني. أنت فاهمة ؛! متكلمنيش خالص!

في غرفتها...

كانت دموع ميار تغرق وجهها، تشعر بسكين صدأ يستقر في قلبها، ادم تزوج.؟! لا تصدق هذا، كيف يتزوج بتلك السهولة، كيف يكون ملكا لغيرها، شعرت أنها سوف تفقد عقلها، نيران الغيرة كانت تنشب بقلبها، لا تتحمل فكرة انه تزوج اخري، احب اخري ولمس اخري، تشعر انها سوف تموت، وضعت كفها على فمها وهي تجهش بالبكاء، ارادت ان تنهض وتكسر كل شئ، ارادت ان تخمد النيران التي بقلبها بأي شكل من الاشكال، رباه ماذا تفعل انها تموت وهي تتخيله معها...

- ادم، ادم ليه عملت كده ليه؟!
قالتها وهي تشهق بالبكاء ثم اكملت: - مستنتنيش ليه يا ادم، ليه تقتلني بالشكل ده، أنا والله بموت.

نهضت وهي تمسح دموعها وتدور حول نفسها، تشعر انها سوف تج ن، حبيبها اصبح ملك لاخري، انها المرة الأولي التي تختبر نيران الغيرة بتلك القسوة، تشعر ان الموت الآن اهون لها، هي تشتعل من الداخل ومئات الصور بعقلها لا تستطيع ان تخرجها، حاولت طرد تلك الصور كثيرا ولكنها تسيطر عليها. تسيطر عليها وتقتلها، فجأة ارتعشت وعلى يدخل الغرفة، وقفت بتوتر وهي تمسح اثر الدموع ليقترب منها ويقول بغيرة حارقة: - ايه؟! زعلانة عشان حبيب القلب نسيكي واتجوز، فاكراه هيعيش على اطلالك، اهو ادم. اتجوز خلاص وانا هطلقك وشوفي هتعيشي ازاي...

- علي لو سمحت سيبني في حالي، لو سمحت أنا مش طايقة نفسي...
اقترب على اكثر منها بشراسة وأمسك ذراعها وقال: - طبعا مش طايقة نفسك، حبيب القلب اللي كنتي هتموتي عليه وكسرتي قلبي عشانه اتجوز صح، قوليلي حاسة بإيه. انطقي...
دفعته وهي تصرخ باكية: - حاسة اني هموت، حاسة أن روحي بتطلع مني، قلبي بيتقطع وانا بتخيل أنها معاه، وحاسة اني هتجنن...

اخذت ميار تلف حول نفسها وهي تشد شعرها بقوة بينما تشعر أنها تحتضر، حبيبها ذهب لغيرها، كيف يحدث هذا كيف، لابد أن هذا كابوس، لا يمكن أن يتزوج ادم من غيرها، هو يحبها، اين ذهب حبه له، كيف تمتلكه. اخري كيف اخري تأتي بسهولة وتحقق أحلامها بالإرتباط به، هي تحقد على تلك الفتاة، تحقد عليها دون حتى أن تراها...

كان على يقف باهتا وهو ينظر إليها، كيف ستفقد عقلها لان ادم تزوج غيرها، قلبه كان يعتصر من الالم. لمعت عينيه بدموع الالم وهو يفكر أنها كيف تفعل هذا، كيف تقتله بتلك الطريقة، اقترب منها وامسكها وهو يهزها ويقول: - انت ايه. معندكيش دم. معندكيش اي احساس، بتقوليها في وشي، في وش جوزك انك غيرانة عشان حبيبك اتجوز.

دفعته ميار بقوة وقد أصيبت بالجنون، لم تميز ما تقوله، الغيرة اعمت عينيها وقلبها، نظرت إليه وصرخت به: - قولتلك سيبني في حالي، سيبني في حالي، واه بقولها قدامك، وتحب اصدمك كمان، أنا بحب ادم وعمري ما حبيتك، أنا كنت بقرف وانت بتلمسني، أنا مكرهتش حد قدك لانك اخدتني من حبيبي و. اه...

صرخت بألم بينما هو يصفعها بقوة لدرجة أنها سقطت على الأرض وشعرت بصفير حاد في اذنها، نظرت إليه وعينيها حمراء من كثرة الدموع فقال هو: - انت طالق يا ميار، صحيح اتأخرت كتير في القرار ده، بس واحدة زيك متستحقش تكون مراتي، افرحي اهو طلقتك، وروحي لحبيب القلب يا ميار، روحيله وابقي زوجة تانية وحاولي تاخديه من مراته، وانا من النهاردة هنساكي، من النهاردة مش هفكر فيكي ابدا، هخرجك من قلبي، لكن مستحيل ارجعك لعصمتي تاني، وهتجوز غيرك وابقي سعيد، ده وعدي ليكي، سلام...

ثم تركها وغادر لتنهار هي بالبكاء!

في المساء...
- انا زهقت من برودك!
صرخ سامر فجأة بينما كارما تضع العشاء على منضدة الطعام، نظرت كارما إليه ببرود وقالت: - افندم عايز ايه...
نهض سامر بغضب وقال: - زهقت من البرود ده، أنا بكره البرود، وبكره اسلوبك ده ولو متعدلتيش هعدلك انت فاهم!
- ده تهديد!

قالتها بنفس النبرة الجليدية ولكن التحدي كان يشع من نظراتها، لم تكن خائفة منه ابدا، بل ارادت فعلا ان تغضبه، ارادت ان تجعله يشعر بها، هي تعرف سامر جيدا لا يحب ان يتجاهله وهي تقصدت ان تتجاهله لكي يشعر بالنيران التي تشعر بها وها هو يعاني مثلها ولن تهدأ الا عندما يذوق ما تذوقته هي...

كان سامر ينظر اليها بصدمة، كان وجهها الجميل متجمدا كليا. لم يكن على وجهها أي تعبير معين فقط البرود، وهذا صدمه كثيرا، لان هذه ليست طباعها، كارما عاطفية للغاية، عشقها له يظهر في وجهها وكل تصرفاتها، لا يمكن أن تتصرف بذلك البرود معه لا يمكن...
- كارما متحاوليش تتدعي البرود قدامي، متحاوليش تعمليلك كرامة!
- أنا عندي كرامة غصبا عنك يا سامر، فاحترم نفسك، مش معني اني ساكتة اني خايفة منك فاهم!

رفعت شعرها الذي سقط على عينيها وقالت: - وبعدين انت زعلان ليه، أنا اهو بعدت عند مش بحاول اقربلك ولا اخليك تحبني، من الاخر أنا رميت طوبتك ومبقاش يهمني تحبني ولا لا. أنا عايشة وخلاص، وانا كمان عيش مع نفسك ولو عايز تتجوز أنا معنديش أي مانع المهم أنك تسيبني في حالي...
شدها سامر إليه وقال: - معقولة مفيش أي غيرة على جوزك. معقول انت اللي كنت بتتمني أرضي عليكي!

ابتسمت بإستفزاز وقالت: - قولتلك خلاص أنا رميت طوبتك ومبقتش اهتم، ابعد عني بقا وسيبني في حالي لان دي الطريقة اللي هتعامل معاك بيها بعد كده، انت متستاهلش الا الطريقة دي، انت متستاهلش حبي ليكي، متستاهلش تضحيتي عشانك، انا قررت من النهاردة اعيش لنفسي وبس ومش ههتم بيك، وانت اعمل اللي عايزه بس سيبني اعيش حياتي في هدوء، سيبني ابوس ايديك، قلبي مش لعبة في ايديك، من اول ما اتجوزتك وانا قلبي مكسور، ليه بتعذبني ليه، بتعذبني عشان مرام بعدت عنك، مش انا اللي قولتلها تبعد، ده انا خسرتها عشانك يا اخي، ارتبطت بيك وانا عارفة انك بتغيظها بيا واتجوزتك وانا عارفة انك مبتحبنيش، بس كنت فاكرة اني هقدر اخليك تحبني، بس للاسف دخلت لعبة خسرانة وانا اللي خسرت. خسرت قلبي اللي اتكسر، روحي اللي انطفت، الكسر اللي جوايا مستحيل يتصلح، انت كسرتني كتير، بس يمكن ده عقابي لاني خنت صاحبتي، أنا اللي غلطانة. مكانش لازم ارتبط بيك، كان لازم ابعد، ابعد عشان انسي حبك ده، ابعد عشان اشفي منك، بس فات الاوان، حبك بقا زي المرض الخبيث مهما بعدت ملوش شفا...

انسابت دموعها بغزارة لتمسحها بسرعة وتقول: - ايه فرحك اعترافي يا سامر، حاسس بالسعادة وانت عارف اني بعاني، أيوة أنا بعاني وانا بدعي البرود قدامك بس يمكن ده عقابي، عقابي اني خونت صاحبتي وانا هستني عقابي للنهاية، تصبح على خير، ولو سمحت خلي مسافة بيننا لحد ما نعدي ايامنا على خير...

نظرت إلى الساعة مجددا لتجدها قد تجاوزت الثانية عشر، كانت مهرا قلقة للغاية، ادم قد تأخر كثيرا، قلبها يؤلمها بسبب ما حدث، تعرف انها اخطأت بما فعلته ولكنها كانت حقا منهارة بسبب الوضع الذي فرض عليها، وادم لا يفهمها، هو يطلق اوامره دون ان يتناقش حتي، يترك الفضول يقتلها ولا يتكلم عن سبب كرهه لجده، ماذا يكون السبب يا تري، كان الفضول يمزقها حقا، ارادت ان تعرف ماذا فعل جدها لينال هذا الكره، بسبب بقائها مع ادم عرفت بعض من طباعه، هو لا يكر ه دون سبب، وهو يكره جده بطريقة لم تراها من قبل، هل يا تري الأمر يرجع إلى ان جده تخلي عنهم، هل هذا السبب، حسنا ان كان فهذا سبب كبير ويستحق الكراهية عليه، ولكن لا، هي تشعر ان هناك سبب آخر، هذا الكره غريب جدا، وكأن جدها قتل احدا يخصه، راسها اوجعها من كثرة التفكير، تريد أن تسأل ادم ولكنه لم يرد عليها، هو لم يكلمها حتى الآن، تنهدت مهرا وهي تخرج من غرفتها لتتوقف فجأة وهي تجد حسناء تجلس على منضدة الطعام، كادت ان تدخل غرفتها بسبب شعورا بالخجل ولكنها تنهدت وخرجت لتجلس بجانبها، نظرت حسناء فجأة لتجد مهرا، كانت عيني مهرا تلمع بفعل الدموع...

- انا اسفة.
قالتها مهرا بنبرة مختنقة ثم اكملت: - سامحيني يا طنط أنا معرفش اتكلمت كده ازاي، معرفش ازاي لساني طاوعني اقولك كده، بس غضبي اتحكم فيا ومقدرتش، كنت مضغوطة اووي وفرغت ضغطي ده بطريقة غلط، ممكن تسامحيني...

ابتسمت حسناء وقامت بمسح دموعها وقالت: - انا حاسة بيكي يا مهرا، حاسة أنك متضايقة من الوضع ده، من حقك طبعا يكون ليكي بيت لوحدك، من حقك يكون ليكي خصوصية وانا كان لازم اخبط الأول قبل ما ادخل عليكي، أنا عارفة أنك مخنوقة وعندك حق بس ادم ظروفه وحشة اووي الايام دي، ادم عنده عيب ان فلوسه كلها يصرفها في البيت، مش بيبص لنفسه، احيانا ممكن ميشتريش هدوم جديدة بس الاهم اخواته يلبسوا على الموضة، كل طلباتهم مجابة، هو بيعمل المستحيل عشان مش يحسسهم باليتم...

ابتسمت مهرا بتأثر وقالت: - ودي حاجة كويسة.
هزت حسناء رأسها موافقة إياها وقالت: - دي حاجة كويسة ووحشة في نفس الوقت يا مهرا، هو كمان لازم يبص على نفسه، كان لازم يعمل ليه شقة عشان يتجوز فيها، الست بتحب دايما يكون ليها ممكلتها الخاصة حتى لو صغيرة ده حقها وانا عارفة أن حقك يكون ليكي بيت منفصل، بس ممكن تصبري على ادم...
ابتلعت مهرا ريقها وقالت: - طيب ما يطلب من جده يساعده و.

اختفت ابتسامة حسناء وقالت: - للاسف مستحيل. ادم مستحيل يطلب من جده حاجة، أنا عارفة ابني...
- ممكن اسألك سؤال؟!
هزت حسناء رأسها بالإيجاب
- ليه ادم بيكره ده بالشكل ده، أنا مقدرتش افهم السبب ولا حد راضي يقولي...
صمتت حسناء تماما، لم ترد أن تخبرها، رفضت أن تشوه صورة الجد في عيني حفيدته، هي ليس لديها ذنب لتعرف هذا، لا تريد أن تحدث مشاكل بينهما...

نظرت إلى مهرا وقالت: - ده مش مهم، المهم اللي بقوله دلوقتي. ادم مش هيقبل اي فلوس من جده، والسبب خاص بأدم يا مهرا فمش مهم تعرفيه بس صدقيني انا هحاول اني أكلمه يحاول يشد حيله ويجهز ليكي شقة لوحدك، تصبحي على خير يا بنتي...
نهضت حسناء وهي تدخل غرفتها هاربة، كانت تريد ان تنتظر ادم لكي تتحدث معه ولكن لا تريد أن تتحدث مع مهرا أكثر كي لا تضغطها وتتحدث عن سبب كره ادم لجابر...

جلست مهرا تنتظر ادم وبعد نصف ساعة فتح الباب ليدخل هو إلى غرفته تماما دون أن ينظر إليها حتي!

بعد اسبوع...

لقد مر اسبوع! اسبوع كامل لم يتكلم معها، تجاهلها تماما كأنها غير موجودة وهذا حطمها من الداخل، هي تشتاق إليه، اعترفت مهرا بيأس، هي تشتاق إليه. تشتاق لكلامه معها، اهتمامه بها ومزاحه معها، رغم انها اعتذرت من والدته الا انه لم يسامحها ابدا! رغم ان والدته سامحتها الا انه ما زال مصر على عناده، كلما حاولت ان تتحدث معه عاملها بجفاء يقتلها، هي تموت وهو بعيد عنها هكذا، ولا أحد من اخوته يكلمونها فقط والدته هي من تحاول اصلاح الأمر ويرفض هو بإصرار...

تشجعت مهرا واقتربت من ادم الذي يرتدي حذاؤه وقالت: - مش ناوي تسامحني يا ادم، أنا اعتذرت كتير واعتذرت لوالدتك أعمل ايه تاني عشان تسامحني.
لم يرد عليها وبدلا من هذا نهض لكي يخرج، وقفت هي في طريقة وقد تشبعت عينيها العسلية بالدموع وقالت: - مش هسمحلك تنزل الا لما ترد عليا، حرام عليك يا ادم العقاب ده، غلطت واعتذرت...

نظر ادم إليها ببرود وقال: - مش كل غلط ينفع نتسامح فيه، مش كل حاجة هتخلص بالاعتذار يا مهرا، أنا مش هقدر اسامحك، وياريت لحد ما نتطلق لسانك ميخاطبش لساني، ولو مش عاجبك الوضع تقدري تروحي لجدك مفهوم...
ثم كادت ان يذهب فامسكت هي يديه وقالت: - انت ازاي قاسي بالشكل ده يا ادم، اسبوع مر وانت رافض تكلمني، حرام عليك، لحد امتي هتعاقب يا ادم، أنا مش قادرة اتحمل وانت مش راضي تكلمني...
- ليه؟!

سألها ادم فجأة ثم اقترب منها واكمل: - ليه مش قادرة تتحملي اني مكلمكيش، ايه اهمية اني اكلمك يعني، انا مش مهم عندك صح؟!
أنكرت بشدة وقالت: - لا طبعا انت مهم ومهم جدا، أنا مش عايزاك تزعل مني انا غلطت وبعتذر...
- وليه أنا مهم؟!
سألها وهو يربع ذراعيه ثم أكمل: - لتكوني بتحبيني مثلا؟!

احمر وجهها بشدة وشعرت أن قلبها سوف يخرج من صدرها وهو يواجهها بتلك الطريقة، تراجعت مهرا وهي تشتعل من الخجل وتذوب من عينيه الزرقاء التي تحاصرانها...
ابتسم ادم بسخرية وقال: - طبعا لا مبتحبنيش، ولا عمر ده هيحصل، فبلاش شغل اني غالي ومش غالي، أنا لو غالي عليكي فعلا متهنيش امي بالشكل ده، بس لا أنا مش غالي عليكي ولا حاجة، وزي ما قولتلك قبل كده لو مش متحملة الوضع ده تقدري تروحي عند جدك...

ثم ذهب وتركها لتخرج هي خلفه وتقول: - يا ادم بس اسمعني.
توقف وهو يقول بنبرة فيها تحذير: - مهرا مش عايز نعمل دراما قدام اهلي قولتلك خلاص روحي أنا مش عايز اكلمك ولا اسمعك، اتجنبيني خالص لحد ما اطلقك ونخلص...

خرجت مرام فجأة وهي تري أخاها يكلم مهرا بخفوت ولكن واضح من وجهه أنه غاضب، هي تعلم أن شقيقها لا يكلم مهرا منذ اسبوع، حاولت الفتاة أن تكلمه واعتذرت أيضا من والدتها ولكن ادم لا يلين، مرام تفهم ادم جيدا، فصعب عليه أن تهان والدته مرتين من نفس العائلة، ولكن رغم ذلك شعرت بالحزن على مهرا، تلك الفتاة التي تحاول أن ترضيه دون جدوي وعرفت أن ادم لن يحدثها الان، هو ما زال غاضب ويجب عليها ان تنتظر حتى يهدأ غضبه قليلا، ولجت مرام مرة أخري إلى المطبخ وقررت تجهيز شيئا ما للفطار، مهرا لم تأكل معهما وهي بالكاد تأكل، رغم كل شىء ورغم وقاحة مهرا مع عائلتها الا انها تشفق عليها قليلا فهي تعرف خصام ادم كيف يكون بشع وسئ...

جهزت الطعام ثم خرجت إلى الصالة لتجد مهرا تنظر إلى الفراغ وادم ليس موجودا!

- مش هيكلمك دلوقتي متتعبيش نفسك وافطري، سيبيه يأخد وقته في الزعل منك...
قالتها مرام بنبرتها الباردة لتستدير مهرا بسرعة وهي تنظر إليها، وجه مرام كان متجمد ولكن رغم هذا بدت جميلة جدا بشعرها الطويل الذي يرتاح على كتفها، لمعت عيني مهرا بالدموع وقالت: - مر اسبوع وهي رافض يكلمني، أنا غلطت وجدا بس ده عقاب صعب...

جلست مهرا على الاريكة بتعب لتقترب منها مرام وهي تعطيها شطيرة الجبن وكوب الشاي واللبن وقالت: - في اخطاء مينفعش نسامح فيها...
اخذت منها مهرا الطعام وقالت: - وافرض اللي غلط ندمان يا مرام. ايه يموت، أنا بحاول. بس حاسة ان مفيش حد هنا فاهمني، ومحدش عايز يفهمني جدي عمل ايه عشان ادم يكرهه بالشكل ده! هو طيب اووي بس ادم مش فاهمة ومش عايز يفهم...

انفجرت مرام في الضحك وقالت: - طيب؟! بجد انت شايفة ان جدك طيب، جابر عزام بقا طيب على آخر الزمن، انت عارفة هو عمل فينا ايه؟!
ابتلعت مهرا ريقها وهي تهز رأسها بالنفي...
جلست مرام بجوارها وقالت بإنفعال: - انا هريحك واقولك، أنا اتحرمت من ابويا بسبب جدك ده، ادم اتحرم أنه يتعلم بسبب جدك ده...
جدك عرف أن ابويا بيموت ورفض يديله فلوس العلاج...

شهقت مهرا وهي تضع كفها على فمها بصدمة لتكمل مرام وتقول: - لحد دلوقتي فاكرة امي وهي بتترجي جدك عشان يديها فلوس وهو ببرود رفض وطردها، عمري ما هنسي الموقف ده، جدك بتكبره ضيعنا كلنا...
أغمضت مرام عينيها وهي تتذكر المشهد الذي لا يمكن نسيانه...
فلاش باك...
- ابوس ايديك يا باشا اديني الفلوس، ابنك هيموت.

قالتها وهي تبكي بعنف، تكاد تسقط على قدميها وتتوسل له بقوة. زوجها الآن سوف يموت إن لم يجري جراحة القلب وجابر هو الوحيد الذي سوف يساعدها، هي ليس لديها أي حل آخر، لو طلب منها ان تقبل قدمه ستفعل هذا المهم أن يعطيها المال لتنقذ زوجها وحب حياتها...

كان جابر ينظر إليها ببرود وقسوة شديدة وقال: - دي مش مشكلتي، مش هو اختار ان يتجوز خدامة رخيصة زيك، يبقي هو لا ابني ولا اعرفه وملوش أي حقوق، حتى لو مات مش همشي في جنازته...

كان ادم ينظر إلى والدته التي تتوسل بصدمة، على الرغم من انه يبلغ عشر اعوام فقط الا انه شعر بغضب وحقد شديد ضد هذا الرجل، اراد ان يتقدم الا ان شقيقته الاصغر مرام امسكت كفه بخوف وهي تري ما يحدث وقلبها الصغير يؤلمها، على الرغم من صغير سنها الا انها تفهم الكثير وتعرف ان والدها، اكثر رجل تحبه في الحياة يصارع الموت، ووالدته تتوسل هذا الرجل القاسي من أجل المال...
- يا باشا اسمعني بس...

اقتربت وهي تبكي بعنف منه الا انه نهض وصرخ: - اطلع برة يالا وقولي لجوزك ان هو اللي اختار، اختار يبقي معاك يبقي ملوش حق يطلب المساعدة، يالا برة، برة...
تجمدت هي مكانها وهي تبكي وتضع كفها على بطنها المنتفخة ورغم ذلك ركعت على ركبتها وقالت: - مستعدة اسيبه، هطلب الطلاق منه واسيبه بس انقذه ابوس ايديك، هرجعولك بس انقذه...

نظر إليها ببرود ثم جلس على المقعد وقال: - حسن خد الخدامة دي واطردها من البيت، ارميها برة يالا!
باك...
كانت دموع مهرا تنساب بقوة وهي تنظر إليها، فتحت مرام عينيها وقالت: - عرفتي ليه ادم وانا وليلي بنكره جابر عزام، عرفتي أن جدك مش ملاك زي ما بتقولي، عشان كده بقولك سيبي ادم يأخد وقته في الزعل...
ثم نهضت وتركتها وهي مصدومة وتبكي.

في احد الشقق الصغيرة...
- جرا ايه يا مارو. بقالك اسبوع هنا وانا بصرف عليك، ما تخف تعوم يا ريس.
قالها سعيد صديق مروان، نظر إليه مروان بدهشة وقال: - نعم ايه الكلام ده يا سعيد، ما أنا كل مرة كنت بعزمك واصرف عليك، ده انت خليتك تقعد في شقتي شهرين وانا اللي كنت متكفل بيك، وعشان الحال ضاق بيا شوية بتعمل كده...

ابتسم سعيد بسماجة وقال: - يا باشا انت غني ده ميفرقش معاك لكن احنا مش زيك يا استاذ مروان فخف شوية يا حبيبي. على الأقل ساهم معايا وخلي عندك شوية من الاحمر...

- انت اتجننت هي أي مصاريفي يعني. أنا باكل من اللي انت بتاكل منه لا بطلب زيادة ولا حاجة، على عكسك انت، طيب ما انت كتير اخدت مني بحجة أنك صاحبي وانا متكلمتش هي دي اخرة الجميل اللي عملته معاك، ده انت كنت بتستلف مني فلوس ومش بترجعها وعشان انت صاحبي مرضتش اتكلم...

نفخ سعيد بملل وقال: - قصره يا اخويا هتدفع فلوس تعيش هنا مش هتدفع ياريت تطلع برا، أنا يدوب الفلوس تكفيني ومبحبش أسلوب النطاعة ده يا قلب أخوك، أنا طالع دلوقتي اجي الاقيك اتصرفت في الفين جنية على الأقل والا مش عايز اشوف وشك، تمام يا حبيبي...

ثم تركه وغادر، كان هو مصدوم وهو يري صديقي يتخلي عنه بتلك الطريقة، لا يصدق سعيد يفعل هذا معه بعد ما فعله لأجله، لقد ساعده دوما فكيف يكون بتلك الحقارة، من اين يجمع هذا المال، من اين، قرر مروان ان يغادر المنزل. لن يسمح لأحد أن يهينه بتلك الطريقة، سوف يجد أي مكان يمكث به مؤقتا، ربما يذهب إلى احد من اصدقاؤه القدامي، ربما يستقبله احد، ربما...

ذهب مروان إلى الغرفة وجهز حقيبته على وجه السرعة ثم امسكها وخرج وهو يتعجب من غدر الاصدقاء. عرف ان سعيد لم يكن ابدا صديقه، لان سعيد اعتبره دوما مصدر للاموال لا صديق، بدليل عندما سقط مروان هو تخلي عنه، نحن نعرف اصدقاؤنا وقت الضيق فقط...

بعد ساعتين...
اخذ مروان يسير في الطرقات، لقد رفض تقريبا كل أصدقاؤه استقباله، البعض تحجج والبعض أخبره بصراحة أنه غير مرحب به، كان مصدوم منهم، كيف يفعلوا هذا بعد كل ما فعله لأجلهم...
جلس على اخد الأرصفة، وجهه متجمد فقط عينيه لامعة بفعل الدموع، ماذا يفعل الان؟! هل ينام بالشارع، لا، لا هذا مستحيل هو لن يتحمل تلك العيشة، هل يعود لسعيد ويطلب منه فرصة ام ماذا...

تنهد مروان وهو يشعر أن العالم يضيق به، لا يعرف ماذا يفعل بالضبط!
نظر إلى الأرض ودموعه تتساقط، لقد اشتاق إلى والدته، ليتها هنا كي تخفف عنه قليلا، ليتها كانت معه تخبره ماذا يفعل!
تنهد مروان ونهض بعد برهة وقد قرر للأسف اين يذهب...

بعد قليل...
كان مروان أمام قصر والده يزدرد ريقه وهو يعود مرة أخري، لا بد أن والده سوف يسخر منه لأنه عاد مجددا وسوف تثبت صحة وجهة نظره ولكن ليس لديه اي حل اخر، هو لن ينام بالشوارع...
ولج مروان إلى قصر والده وهو يشعر بالإنهاك...
- اهلا اهلا يا مروان بيه، خير شايفك يعني رجعت...
تجمد وجه مروان وهو ينظر إلى وجه والده الساخر، ضحك والده وقال: .
- ايه مقدرتش تستغني عن فلوسي لأسبوع؟!

ابتلع مروان ريقه وهو يحاول بقدر الإمكان الا تدمع عينيه...
- عرفت انك من غير فلوسي ولا حاجة يا مروان، ولا حاجة...
وللمرة الاولي يكون مروان عاجز عن الرد!

- انت مش رايح الشغل يا أنوس الضهر اذن وانا صليته قبلك؟!
قالتها ملك وهي تقفز بجواره على الفراش، فتح اني عينيه لتتألق عينيه السوداء ويقول: - يا بنتي احترميني شوية أنا باباكي.
- بدلعك يا بابا...
ضحك انس وقال: - اه ما أنا مش هقدر على لسانك أنا عارف يا قردة انت.
هزت ملك كتفيها وقالت: - ايوة ده صح مش هتقدر عليا، يالا دلوقتي قولي انت مش رايح الشغل صح...

نهض قليلا وقال: - صح يا نصابة مش رايح الشغل النهاردة...
- وليه بقا...
سألته ببراءة، صمت قليلا وهو يخفي في قلبه السبب الحقيقي، فملك لن تفهمه، لن تفهم انه اصبح يخاف ان يراها، كلما يراها صدفة قلبه يخفق بطريقة مجنونة، كلما تقع عينيه عليها لا يفكر سوي انه يعشقها بطريقة يائسة، تقتله حقيقة انها لن تكون له ابدا، تقتله حقيقة انها بعيدة عنه كالنجوم، حقيقة انه مهما فعل مرام لن يرتبط اسمها بإسمه...

- يا بابي يا بابي...
قالتها ملك وهي تهزه عندما وجدته شارد، نظر إليها أنس وقال وهي يدفع افكاره جانبا وقال: - حبيت اقعد معاكي النهاردة بما ان النهاردة معندكيش مدرسة. ممنوع ولا ايه يا ست لوكا...
ممكن ملك شفتيها وقالت: - رغم اني مش مصدقاك بس ماشي نقعد مع بعض
ضحك انس وشدها إليه لتنام بجواره وقال: - انت عفريتة محدش هيقدر عليكي لما تكبري...

- صحيح أنا لما أكبر هكون قوية زيك، المهم، بما أنك هتقعد معايا النهاردة هتخرجني فين ولا هتحبسني في البيت...
ابتسم وضمها إليه وقال: - تحبي تروحي فين يا أميرتي، المكان اللي عايزاه هوديكي فيه، اليوم يومك اطلبي...
رفعت ملك راسها وهي تفكر جيدا وقالت: - بما ان اليوم يومي لازم استغل الفرصة دي كويس اووي يا بابي، بس انت ممنوع ترفض طلبي...
- ربنا يستر من طلباتك...
- انا عايزة اروح الملاهي...

اغمض عينيه وهو يضحك وقال: - كنت عارف أنك هتطلبي كدا يا قردة انت، حاضر نروح الملاهي...
- استني يا بابي...
قالتها ملك وهي تتذكر شيئا...
- قولي يا اختي ايه تاني؟!
تظاهرت بالتفكير وقالت؛
- وبعد الملاهي عايز اكل بيتزا، وبعد البيتزا نيجي البيت ونتفرج على كرتون رابونزل انا وانت...
شدها أنس من خدها وقال: - ايه يا بنت الاستغلال ده؟! كل دي طلبات، بعدين يا اختي انا مبحبش رابونزل دي...

هزت رأسها وقالت: - لا يا بابي لازم تحبها زي ما انا بحبها والا هزعل منك...
تنهد وهو ينظر إليها، يعرف انه لن يستطيع ان يجاريها تلك العفريتة في الحديث، فقال: - طيب يا عفريتي روحي اجهزي عقبال ما اصلي الضهر والبس واجيلك...
نهضت هي وقالت: - تمام متتأخرش يا أنوس...
ثم خرجت وهي سعيدة، تنهد انس ونهض من فراشه، وقف امام المرآة وتطلع إلى الابتسامة المزيفة التي على شفتيه، هو ليس سعيد. ليس سعيد ويفتقدها بقوة!

اغمض انس عينيه وهو يضع كفه على قلبه، هو يشتاق إليها بقوة، يشعر بقلبه ينكسر، كيف احب بتلك القوة، وكيف الطريق لنسيانها، كيف يمحيها من عقله وأصبحت هي تحتل كل جزء في تفكيره...
هز رأسه وهو يطرده من عقله مؤقتا ويتحرك قبل أن تغزو هي تفكيره مجددا، ولج إلى الحمام كي يغسل وجهه ويتوضأ...

بعد نصف ساعة كان قد انتهي تماما وارتدي ملابسه، اقتربت ملك منه وهي تبتسم وتقول: - ايه الجمال ده بس يا أنوس، عريس والله وعايزين نفرح بيك ونشوفلك عروسة...
ضحك أنس وقال: - طيب يالا شدي حيلك وشوفلنا عروسة كده حلوة زيك...
- ايه رايك في آنسة مرام مشوفتش اجمل منها...
اختفت الابتسامة عن وجهه وتوتر وهو يسحبها خلفه ويقول: - يالا يا لمضة عشان نروح الملاهي بتاعتك دي!

في السينما...

كانت يجلسان سويا يضحكان بمرح على احداث الفيلم الكوميدية، كانت حقا حياة تضحك من قلبها، تضحك وكأن الحزن لم يطئ قلبها قط، كانت سعيدة بحق وهي معه، مع احمد تشعر انها تحلق على غيمة وردية، نظر احمد إلى حياة التي تضحك بقوة وابتسم هو، تسللت يديه إلى يده ثم امسكها، نظرت إليه وقد احمرت من الخجل كمراهقة في موعدها الأول، رفع هو كفها إلى شفتيه وقبله، لمعت عينيها بالدموع وقد تأثرت بما فعل، قلبها يخفق متاثرا بينما يعاملها بتلك الطريقة الرائعة، لا تصدق ان احمد الذي كان يقرف منها يعاملها بهذا الشكل، لا تصدق انها سعيدة لتلك الدرجة...

- بحبك.
قالها احمد مبتسما ليغوص قلبها في صدرها ويشرق وجهها بالسعادة ثم تقول بنبرة ذائبة: - وانا كمان بحبك والله...
ثم احمرت وهي تنظر امامها، لقد تيقنت انه يحبها الآن، هو يحبها و يعرض عليها السعادة وهي سوف تقبلها، لقد قررت ان توافق على الزواج منه، قررت ان تكون سعيدة، هي تستحق هذه السعادة، تنهدت وهي تضع راسها على كتف أحمد وهي ترسم حياتهم سويا وكم خفق قلبها بقوة وهي تتخيل الحب الذي ستعيشه معه...

خرجا من السينما وهما ممسكان يد بعض...
- ها يا حبيبتي تحبي تروحي فين تاني...
قالها احمد بحب، لتتنهد هي وتقول: - ممكن نروح المقابر عشان أزور قبر بابا وماما، ينفع...
- اكيد. يا حبيبتي نزورهم.
شد على كفها وهو يسير معها...
بعد نصف ساعة...

في المقبرة كانت هي تقف وتقرأ الفاتحة لهم، كان أحمد مصدوم وهو يراها بهذا الشكل، كانت تبدو بريئة بطريقة لم يراها بها من قبل، وكأنها هنا تعود طفلة، لابد انها كانت تعشق والديها ومتعلقة بهما للغاية فحياة هنا تكون مختلفة تماما، تنهدت حياة وهي تدعو لهما وتمسح دموعها التي اغرقت وجهها، نظرت إلى إلى احمد بحب وامسكت يديه وهي تقول موجهة حديثها لوالديها...

- انا قبل كده جيت هنا وكنت منهارة، كنت خلاص هنهي حياتي لاني مش لاقية حد يحبني قدكم، مكنتش طايقة الحياة دي وحاسة ان الموت اهون ليا من كل اللي بيحصلي، كنت حاسة بالوحدة ونفسي اجيلكم تطبطبوا عليا وتضموني ليكم، بعد ما الحياة تخلت عني، بس مكنتش اعرف ان الحياة هتضحك ليا تاني، أنا دلوقتي بعيش اجمل ايام حياتي يا بابا، بعيش السعادة يا ماما، السعادة اللي انت كنتي عايشاها مع بابا، أنا فرحانة اووي لدرجة حاسة ان قلبي مش قادر يسع السعادة اللي فيه، أنا حبيت اعظم راجل في العالم...

نظرت حياة إلى احمد وقالت: - بعد ماما وبابا انت الاهم عندي يا احمد، اهم حتى من حياتي، أنا بحبك اوووي، اوووي متعرفش أنا بحبك قد ايه، أنا فرحانة أنك في حياتي ويارب تفضل فيها دايما...
ابتسم احمد وقال: - هفضل معاكي دايما، بوعدك قدام اهلك اني هحبك وههتم بيكي وهفضل معاكي دايما واحميكي...

ابتسمت حياة بسعادة وقلبها يخفق وقالت: - وانا قدام اهلي موافقة اني اتجوزك، موافقة اني اعيش معاك طول حياتي، موافقة اكون ملكك...

نظر إليها احمد وعلى وجهه ابتسامة هادئة بينما هي كانت تكلمه وهي تطير من السعادة، كانت تخطط لحياتهم وهي تكلم والديها بحماس، لا يعرف لماذا شعر بالاختناق، هل ما يفعله صحيح، هل يربط حياته بفتاة مثلها، هل يدع فتاة صاحبة ماضي سئ مثلها تكون على اسمه هو ويأمنها على أطفاله، كانت العديد من الأسئلة تدور بعقله بينما هي تنظر إليه بحب. حب كبير.

وقفت امام منزل جدها، كلام مرام ما زال يتردد في اذنها، لا تصدق ان جدها فعل هذا، لا تصدق انه كان بتلك الحقارة! كيف يفعل هذا بإبنه كيف، وضعت كفها على شفتيها ودموعها تنساب وهي تعرف الآن لماذا لم يكمل ادم تعليمه، لماذا حالتهم بهذا السوء، ما سمعته من مرام كان قاسي للغاية، لقد عرفت الآن سر كره ادم لجدها وهي لا تلومه ابدا، لديه حق ان يكره الرجل الذي دمر حياته وحياة عائلته، ولجت هي إلى المنزل وهي تمسح دموعها، قررت ان تواجهه تسمع مبرراته لربما لديه مبرر واحد يجعلها تتراجع عن كره ولكنها عرفت ان هذا لن يحدث، جدها لا يمتلك أي مبرر لما فعله. هو تسبب في قتل ابنه! أي اب هذا...

- مهرا وحشتيني!
قالتها مروة وهي تضم مهرا بشوق وتقول: - يومين يا مفترية مشوفكيش فيه، ايه يا بنتي أنا موحشتكيش...
ابتعدت مهرا عن والدتها وهي تبتسم لها ببهوت وتقول: - وانت كمان يا ماما وحشتيني اووي...
- مهرا...
اتاها صوت جدها القوي. نظرت إليه وجدته يبتسم لها بحب، اقترب منها وكاد ان يعانقها الا انها ابتعدت فجأة عنه، عينيها العاطفية اصبحت جافة للغاية، كان جابر مصدوم من رد فعلها...

- مهرا بنتي ايه اللي عملتيه ده؟!
قالتها مروة بصدمة لترد مهرا: - انا جيت اسأل جابر بيه على حاجة ضروري بس؟!
بهت جابر وهو ينظر إليها، لقد عرفت!
- جاهز. يا جابر بيه اسألك.
قالتها مهرا. ثم دمعت عينيها مجددا وشعرت ان قلبها يعتصر من الألم...
- انت بجد سيبت ابنك يموت، كنت قادر تساعده وسيبته يموت بدم بارد عشان اتجوز واحدة انت مش راضي عنها!

قالتها مهرا ودموعها تنساب على وجنتيها، كانت لا تصدق ان جدها، الملاك الحارس لها يفعل هذا...
ابتلع جابر ريقه وهو ينظر إلى مهرا التي تتطلع إليه بصدمة...
- مهرا.
قالها مقتربا منها فأبتعدت هي عنه وقالت: - رد يا جدي، بابا ادم...
شهقت بالبكاء وقلبها يعتصر من الألم وهي تتخيل الموقف...
- يا مهرا حسناء هي السبب...
قالها جابر وهو يبرر لها بعدما رأي الخذلان في عينيها، لقد خذلها من رباها!

هزت راسها وهي تصرخ به: - هي السبب ليه، هي عملت ايه يعني؟! دي جات اترجتك تنقذه وانت، أنت بكل برود رفضت وابنك مات بعدها، انت ازاي قادر تنام بالليل يا جدي، ده لو حد غريب كان ضميرك هيوجعك. ما بالك ابنك، ابنك يا جدي، انت عارف ادم حصله ايه بسببك، عارف ادم اتعذب قد ايه، انا كنت مستغربة ليه بيكرهك كده بس هو عنده حق، لاني أنا حفيدتك اللي بحبك كرهتك!

شحب وجهه بقوة وقد لمعت عينيه الزرقاء بالدموع وقال: - لا يا مهرا الا انت، أنا اقدر اتحمل كره ادم ليا، لكن انت لا، أنا اللي ربيتك يا بنتي حرام اللي أنت بتقوليه ده، تكرهي اللي رباكي...

بكت مهرا وهي تقول: - انا مصدومة فيك يا جدي، ازاي تعمل كده في ادم وعيلته، ازاي تعمل كده في ابنك، لما عرفت الحقيقة مقدرتش اصدق، انت يا جدي تعمل كده، أنا مش مصدقة، ازاي طيب، على ابنك مش بيجي على بالك، مش بتحس بتأنيب الضمير وانت عارف أنه كان محتاج فلوس لعلاجه ومات بسببك...
انسابت دموع جابر وشعر بألم كبير في قلبه وقال بإنكسار: - حزنت وزعلت، رغم أنه اختار حسناء وسابني، و...

- انت ليه حاطط نفسك في مقارنة معاها!
قالتها وهي تمسح دموعها ثم أكملت: - انا خلاص مش هقدر ارجع واعيش معاك تاني مش هتحمل، عشان كده انا هعيش مع ادم وعيلته وعمري ما هرجع البيت ده تاني!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة