قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل الثامن

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل الثامن

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل الثامن

وجهها كان باهت للغاية، الدموع كانت تنساب من عينيها، ما أن أدرك سامر ما قاله حتى فتح عينيه ونظر إليها ليجدها شاحبة بقوة، دموعها تتساقط وشهقاتها تخرج متقطعة من فمها، كان يعرف أنه اذاها تلك المرة أكثر من أي مرة اخر، يا الهي ماذا فعل، كيف ينطق اسم امرأة وهو مع اخري، كان سامر يدرك جيدا بشاعة ما فعله، ولكن ما العمل، مرام مسيطرة على كل جزء من عقله، مسيطرة على كيانه بالكامل، لا يستطيع أن ينساها، والان واضح أن حياته الزوجية سوف تكون كالجحيم، بالتأكيد لن تسامحه ابدا على فعلته تلك، من وجهها عرف سامر أنه جرحها كثيرا...

- كارما، أنا
- كويس ان حضرتك فاكر اسمي، أنا بشكرك والله...
قالتها بصوت مخنوق ودموعها لا تتوقف عن الانسياب...
- انا اسف غلطت...

قالها بندم لتصرخ هي بقهر: - غلطت؟! واسف بالسهولة دي، وبالبرود ده! انت دوست على رجلي يا سامر، انت قولت اسم واحدة تاني وانت معايا، عارف يعني ايه تنادي مراتك بإسم واحدة تانية، في يوم فرحنا بتفكر في واحدة تانية يا سامر، قولي لو انا عملت كده كان ايه هيكون احساسك، لو ناديتك باسم واحد تاني يا تري هتحس بإيه، قولي بالله عليك هتحس بإيه لما تعرف أن مراتك بتفكر في حد تاني وهي معاك، لما تعرف أن مراتك معاك جسديا بس قلبها مع حد تاني، انطق يا سامر هتحس بإيه!

قالت جملتها الأخيرة وهي تصرخ، ليصرخ هو بدوره ويقول: - انت اتجوزتيني وانت عارفة اني بحب غيرك، دخلتي حياتي وعارفة أن فيها غيرك. فبلاش جو الضحية دي. أيوة أنا بحب مرام وهفضل احبها اعمل ايه مش بإيدي، أنت فشلتي تخليني احبك، وده مش ذنبي اعملك ايه يعني، انطقي!

تراجعت للخلف ودموعها تتساقط أكثر، لا تصدق أنه بتلك القسوة، لقد كسرها يوم زفافهما. لقد أخبرها في وجهها انه يحب اخري. لم يحاول حتى أن يتودد إليها أو يطيب خاطرها بل القي اعتراف أنه ما زال مغرم بمرام في وجهها دون اهتمام بقلبها الذي تحطم، لكن كلامه كان صحيح نوعا ما. هي من أخطأت، أخطأت عندما تزوجت من شخص لا يحبها، شخص ما. زال متعلقا بحبه القديم، شخصا لا يريد أن ينسي حبه القديم ما زال متمسكا بتلك التي ابتعدت عنه ولم تفكر فيه لحظة، شبح مرام ما زال يخيم على حياتهما وهو لا يبذل ادني طاقة لنسيانها...

مسحت هي دموعها وقالت بقسوة: - انت عارف ايه هي مشكلتك يا سامر، عارف ايه هي؟!
نظر إليها ببرود دون أي مشاعر على الاطلاق، كان منتظر تنهي حديثها كي يهرب، يخرج من هذا المكان لانه بدأ يشعر بالاختناق، لقد أخطأ بزواجه منه، أخطأ كثيرا ولا يعرف هل سيستطيع يوما أن يصلح هذا الخطأ ام ماذا!

- اتفضلي قولي ايه مشكلتي عشان امشي من هنا لاني بجد اتخنقت، اتخنقت وقرفت من محاضراتك اللي مبتنتهيش، اتخنقت من لعبك لدور الضحية كل شوية، انك فاكرة اني انا الوحش وأنت يا عيني الضحية...

ضحكت بسخرية مريرة وقالت: - مشكلتك انك مبتحاولش تنساها، مش بتبذل اي مجهود عشان تنساها. ومش بتساعدني اني اخليك تنساها، انا تعبت، تعبت يا سامر. تعبت من محاولاتي معاك، عايزاك تشوفني أنا مش هي، أنا اللي مراتك مش هي، انا بقيت اكرهها بسببك، كرهت صاحبتي بسببك...

ضحك سامر بسخرية وقال: - لا لا يا كارما، مش بسببي، أنت كرهتي مرام لانك كان نفسك تبقي زيها وفشلتي، وعندك حق تفشلي أنت فين وهي فين، أنت بالنسبالي بديل مشوه من مرام...
قال كلمته الأخيرة التي فطرت قلبها ثم غادر، غادر وتركها محطمة، تركها عروس محطمة وفي ليلة زفافها!

في احد البارات...

كان مروان يجلس وبجواره زجاجتين خمر وبيديه واحدة اخري، كانت يديه غير متزنة بينما يسكب الخمر في كأسه، لقد شرب اليوم بجنون، كان يريد أن ينسي كل شىء، يريد أن ينسي أنه غير محبوب، لقد ألقت حياة الحقيقة في وجهه وصارحته حقيقة ما تراه. أن والده لم يحبه يوما، رغم أن والده اغدق عليه العديد من الأموال ولكن الحقيقة لم يعطيه الشئ الوحيد الذي أراده وهو الحب، لقد أراد مروان ان يحبه والده، أن يعانقه. مرة، فقط مرة، كان دوما يشعر بالغيرة عندما يري اب يعانق ابنه، يغار كلما راي الحب بعيني والد لابنه ويتساءل ماذا ينقصه كي لا يشعر بحب والده، هل يطلب الكثير، هو فقط يطلب الحب وليذهب المال إلى الجحيم، امتلأ الكأس بالكامل حتى انسكبت الخمر على الطاولة فقال هو: - اهو ده الالم اللي حاسس بيه، الم كبير لدرجة أنه طلع من قلبي...

امسك الكأس ثم شربه مرة واحدة وهي يشعر أنه سيفقد وعيه، وهذا ما يريده أن يشرب حتى يفقد الوعي، أن ينسي لدقائق الخذلان الذي تعرض له...
ولج حمدي، أحد رجال وائل السويسي، رجلا مسن ويعتبر المساعد لوائل في كل أموره، دار بعينيه في المكان حتى وجد مروان ينهي ثالث زجاجة خمر، اقترب منه وهو يوقفه ويقول: - مروان بيه. كده غلط عليك...

نظر مروان إلى حمدي وضحك قائلا: - عم حمدي بابا هو اللي بعتك صح، اكيد عايز يفهمني أنه بالطريقة دي بيحبني صح، اتعب يبعتك. اسكر يبعتك، عيد ميلادي يبعتك انت، تقريبا لما اموت انت اللي هتحضر عزايا بداله لأن اكيد المسكين هيكون مشغول اووي في صفقاته وشغله...
حاول حمدي جذبه وقال: - يا بني بعيد الشر عنك متقولش كده، خلينا نروح البيت...

أبعده مروان بلطف وقال: - بيت ايه، انا مليش بيت، مليش بيت، ده مش بيتي ده بيت وائل بيه. خليه يعيش فيه لوحده مع فلوسه وثروته وصفقاته وشغله، انا مليش مكان لا في بيته ولا حياته، سيبني لو سمحت أنا مش عايز ارجع
- يا بني تعالي بس، تعالي الله يهديك...
ثم امسكه حمدي بينما مروان دائخ كثيرا، يكاد يفقد وعيه، ولكن وجهه كان ملبد بالحزن والحرمان من الحب...

خرج حمدي ومعه مروان من البار واقتربا من السيارة، وقف مروان وقال بنبرة ثقيلة: - بتحب ابنك يا استاذ حمدي؟!
- طبعا يا بني هو فيه اغلي من الضنا...
ابتسم مروان بحزن وقال: - يا بخته بيك، ياريت بابا يحبني زي ما انت بتحب ابنك...
هز حمدي رأسه وقال: - ابوك بيحبك يا مروان انت مش فاهمه...
هز مروان رأسه ودموعه تتساقط بينما يقول: - عمرك حضنت ابنك؟!
- ايوة...

- انا بابا عمره ما حضنني عم حمدي، هو فاكر أن فلوسه كفاية بس الفلوس مش كفاية. مش كفاية ابدا...
تنهد حمدي بحزن وهو ينظر لحال ذلك الشاب المحطم وجذبه للسيارة وهو يذهب للمنزل...

كان مروان يغني بصخب وهو ثمل بينما يستند على حمدي: - اهلا اهلا بالبيه اللي جايلي سكران وش الصبح...
ضحك مروان وقال: - مش معقول يا بابا انت خايف عليا، ليكون بتحبني لا سمح الله...
اقترب وائل من مروان وقال بغضب: - مروان تصرفاتك بقت مش مقبولة، أنا ليا وضعي ومركزي ومش عايز حد يجيب في سيرتي بسببك عايز تتنيل تشرب اشرب هنا متفضحنيش برا...

اقترب مروان منه وقال: - هو ده اللي هامك، الفضايح، طب انا، أنا ايه في حياتك، قولي مركزي ايه، قولي متحبنيش ليه، عمرك ما حاولت تحضنني ليه و...
قاطعه وائل بغضب وقال: - هو حضني اللي هيفرق معاك، اهو.
ثم. جذب وائل مروان لحضنه ولكن ابعده بسرعة وقال: - اهو حضنتك اهو مبسوط، حياتك اتغيرت...
دموع مروان تساقطت فقال وائل بقرف: - بطل تشفق على نفسك واسترجل شوية لاني جبت اخري...
ثم تركه وذهب...

جلس مروان على الأرض ودموعه تتساقط بغزارة...
اقترب حمدي منه وضمه إليه بقوة وكانت تلك لحظة الانهيار، اللحظة التي سمح مروان لنفسه أن ينفجر بالبكاء.

في اليوم التالي...

ولجت إلى الشركة وهي تشعر بأنها محط أنظار الجميع، منذ اسبوع وهي تسمعهم يتحدثون عنها ولكنها لم تكترث، كانت تحتمي بقناعها الجليدي، لقد احست أن تلك الثرثارة منال ستتكلم عما رأته منذ اسبوع وكيف أن الأستاذ أنس كان يمسك يديها، بالطبع خيالها المريض صور أن بين مرام وانس شيئا ما، لم تقف لتفكر أنه أنقذها فقط من السقوط، واستغلت منال ما رأته واشاعت في كل الشركة عن علاقة محتملة بينهم! حسنا في البداية لم تهتم مرام كثيرا لأنها واثقة من نفسها ولديها مبدأ تتعامل معه وهو من يريد أن يصدق عليها شيئا فليصدق هي ببساطة لا تهتم طالما واثقة من دينها وأخلاقها ولكن الأمر أصبح لا يطاق وبدأت تغضب توقفت مرام قليلا وهي تري منال المزعجة تقف أمامها وتقول بصوت بفحيح الأفاعي: - صباح الخير على مرات المدير المستقبلية، بجد برافو يا مرام مكملتيش شهر هنا وسرقتي قلب المدير أنا مبهورة بيكي، اصل اخر واحدة حبت استاذ أنس اللي هي مريم اللي قبلك طردها، بس شكله مديرنا اخيرا وقع...

شملتها منال بنظراتها وقالت: - بشكلك البرئ المتدين أنت قدرتي توقعي المدير برافو يا مرام...
- احترمي نفسك...
اخيرا تخلت مرام عن صمتها واقتربت تحذرها بشراسة، عينيها تتألقان بغضب، كفيها يستعدان للهجوم عليها وتمزيق وجهها، كانت في وضع استعداد تام أن توريها مكانتها لو فكرت مرة أخري أن تتهمها بأشياء مريضة من عقلها، نظرت إليها منال بتسلية لتكمل مرام ؛.

- مش كل الناس بأخلاق حضرتك، ولا كل الناس تفكيرها مريض زيك يا منال، أنت عارفة ومتأكدة أن مفيش حاجة بيني وبين المدير بس بتخدعي نفسك عشان تخرجي مرضك النفسي على الناس، تعرفي انا شفقانة عليكي جدا...
ثم كادت أن تتركها وتذهب إلا أنها توقفت واكملت: - بالمناسبة اعرف طبيب نفسي كويس ممكن يساعدك، لو فكرتي تتعالجي يعني.

ثم تركتها وذهبت إلى المكتب، لقد نفذ صبرها حقا، ولن تسمح. لمنال أو أي أحد أن يتكلم معها بتلك الطريقة. لن تسمح لاحد مهما كان أن يشكك في اخلاقها، لقد قررت انها لن تصمت بعد الان...
ولجت مرام لمكتب انس وهي تشعر بغضب كبير لم تشعر به من قبل وقالت بنبرة عالية غاضبة: - لو حضرتك موقفتش الشائعات الرخيصة اللي بتحصل هنا وبتمس سمعتي يبقي تقبل طلب استقالتي احسن، لاني مبقتش متحملة...

نهض أنس وهو ينظر بصدمة إلى سكرتيرته التي ولجت إلى مكتبه كالأعصار وتصرخ بتلك الطريقة، كانت ملك الصغيرة أيضا معه تنظر بعدم فهم إلى تلك الفتاة الجميلة وهي تصرخ في وجه والدها، كانت المرة الأولي التي تري فيها أحد يصرخ في وجهه، كان الجميع يهابه ويحترمه، انتظرت ملك بتوتر أن ينهض والدها ويصرخ بتلك الفتاة ويطردها...

اقترب انس من مرام وقال بنبرة جعلها هادئة رغما عنه: - ممكن افهم ايه اللي حصل ولو سمحتي بصوت واطي، بنتي هنا...
اخيرا انتبهت مرام لملك وسيطرت على أعصابها ولكن نظرات عينيها كانت مشبعة بالغضب والقهر وهي تقول: - فيه أن استاذة منال لما شافت حضرتك ماسك أيدي وقت ما كنت هقع وهي نشرت ان بيننا حاجة، الشركة بقالها اسبوع وهي ماسكة في الحوار ده وانا تعبت يا استاذ أنس، خليني استقيل وارتاح، و.

لم يدعها انس تنهي حديثها بل اتجه إلى الخارج وهو يهدر بصوت مرتفع: - منال!
اقتربت منال وهي ترتعش منه وقالت وعينيها لامعة بأثر دموع الخوف: - نعم، نعم يا استاذ أنس...
رفع رأسه وقال بقسوة: - انت مطرودة يا انسة منال، عدي على الحسابات وخدي باقي حسابك وفكريني اكتبلك توصية زي الزفت عشان محدش يشغلك عنده تاني عشان تخوضي في أعراض الناس كويس...
- صدقني يا استاذ أنس. أنا...

- ولا كلمة روحي بدل ما اخلي أمن الشركة يطردك برة...
كانت مرام مبهوتة حقا، لقد قطع برزق الفتاة، هكذا وبكل سهولة، ظنت أنه سيصرخ عليها فقط لا يطردها!
نظر انس إلى الباقي وقال: - لو حد حابب يكمل نميمة علينا أنا وانسة مرام ويتهمنا بالباطل يحصل آنسة منال أو كل واحد يحط لسانه جوا بوقه ويشتغل، هنا مكان اكل عيش مش نميمة، انتوا فاهمين؟!

ثم استدار ودخل مكتبه دون حتى أن ينظر إلى مرام التي كان يسيطر على وجهها البلاهة!

في احد المقاهي على النيل...
- اتأخرت عليك؟!

قالتها حياة برقة وهي تجلس على المقعد المقابل، شعرها كان منسدل برقة على كتفها، ترتدي ثيابا محتشمة على غير العادة، بنطال جينز ثلجي وبلوزة سوداء فضفاضة نظر إليها احمد وهو يحاول أن يحطم الجليد داخله من جهتها. للاسف هو يحتاج إليها الان، يجب أن يعاملها بلطف، على الرغم من أنه يكره ما يفعله ولكن في محنته لم تقف بجواره الا حياة، هي من أعطته المال عندما طلبه منها كي لا يطرد من منزله هو ووالدته وهي ايضا من وعدته أنها سوف تجد له عمل جيد يغطي تكاليفه، كانت تساعده بسعادة تامة، تفعل ما يريده، ولكنه يعرف ما تريده حياة، هي تريد منه الحب، الحب الذي لا يستطيع أن يعطيها إياه ابدا، لانه ما زال يحب مهرا لكن حياة لم تكن في عقله اصلا، هي لم تستطع الدخول لقلبه، وليس ماضيها هو السبب فحسب ولكنه حقا يمقتها يشعر أنها خبيثة ولو لم تكن تحبه لم تكن لتعامله بذلك اللطف، هو حقا يحتقرها وقد قرر أن ما ان تنتهي مصلحته معها سيتركها في حال سبيلها. اصطنع احمد ابتسامة وقال: - مش اووي متقلقيش...

ابتسمت بسعادة، استطاع الشعور بتوترها وقالت: - اسفة بجد يا احمد بس الطريق كان شوية زحمة، كنت بصارع العربيات عشان اوصلك، المهم ايه رايك في شكلي حلو ولا مش اووي...
ضغط على نفسه وهو يقول بنفس الابتسامة: - انت دايما جميلة يا حياة...

احمر وجهها بطريقة صدمته، وبدأت تفرك كفيها بتوتر، كانت تشعر بسعادة كبيرة، تشعر أنها تطير فعليا، لقد أخبرها أنها جميلة، كانت تلك هي اللحظة الاجمل في حياتها حقا، اه لو يحبها مثلما تحبه هي، تقسم أنها سوف تقدم له الكثير، ولكن حتى لو لم يحبها، هي تحبه، هي سوف تعطيه حبها وقلبها واهتمامها وكل شىء...
- صحيح
قالتها وهي تتذكر شيئا.

ثم فتحت حقيبتها وأخرجت ظرف ما وقالت: - هتروح مكتب الاستاذ جمال السيد المحامي، ده محامي كبير ومحتاج محامين يا احمد...
- استاذ جمال، ده غني عن التعريف...
قالها احمد بذهول، ابتسمت حياة بفخر وقالت
- استاذ جمال كان صاحب بابا جدا جدا، وبيعتبرني بنته، وانا كلمته عنك ودي كمان رسالة مني ليه عشان يفتكرك وصدقني يا احمد هترتاح في الشغل معاه وكمان هيراضيك بالمرتب اللي انت عايزه...

كان احمد ينظر إليها بذهول، لم يصدق أنها سوف تجد له عمل بتلك السرعة وفي مكتب واحد من أكبر المحاميين في البلد، كان مبهوتا حقا، لقد حلت حياة للتو جميع مشاكله. لم يعرف ماذا يقول، كان الكلام لا يخرج من فمه، أراد حقا شكرها وتلك المرة بصدق حقا...
- احمد انت كويس...

قالتها حياة وهي تنظر إليه بتوتر، كانت لا تفهم لماذا ينظر إليها بتلك الطريقة، لماذا لا يتكلم ويقول شيئا، كانت حقا متوترة، ظنت للحظة أن هذا العمل لم يعجبه، هذا التفكير وترها أكثر، كانت تريد أن ترضيه حقا ولكنه ينظر إليها بتلك الطريقة التي تقول إنه غير راضي عما فعلته...
بلعت ريقها واكملت: - احمد لو مش حابب الشغل ده انا ممكن يعني اشوفلك شغل تاني و...
- لا لا.
قالها احمد بسرعة وهو يمسك كف حياة...

ذابت حياة من الخجل وهي تتطلع إلى كفه الممسكة بكفها، شعرت أنها غير قادرة على الكلام، لقد كانت دوما جريئة ولكن لا تعرف لماذا كلما رأته تذوب من الخجل كمراهقة ليس لها تجارب، ابتسم لها احمد ابتسامة حقيقية وقال: - شكرا يا حياة، جميلك ده مش هنساه ابدا!

- ازاي يعني مفيش فرح، ازاي اتجوز من غير فرح...
صرخت بها مهرا وعينيها العسلية مشبعة بالدموع، نبرتها انكسرت قليلا وقالت: - انتوا عايزين تحرموني من كل حاجة كده، عايزين تقضوا على سعادتي ليه حرام عليكم...

كان جدها ينظر إليها ببرود وقال: - اولا جوازك ده مش حقيقي، احنا بنحاول نداري على فضيحتك، بدل ما تحمدي ربك أن خلاص فضيحتك اتلمت زعلانة عشان مش هيتعملك فرح، أنت اكيد معندكيش دم ولا احساس، أنت ايه يا شيخة، ايه...
دموعها انسابت على وجنتها ووجهها احمر من الانفعال وقالت: - يعني يا جدي هو أنا هتعاقب دايما على غلطة ارتكبتها، طول عمري هفضل ادفع التمن، مش من حقي ابقي مبسوطة في حياتي مش من حقي ارتاح يا جدي...

- ايوة مش من حقك...
صرخ بها جابر. هو ينهض وقد لمعت عينيه الزرقاء بقوة، كان داخله غضب عظيم، لولا مكانة مهرا لديه لذهب وضربها حتى يدمي وجهها، حتى تفهم أن ما فعلته لا غفران له، هي تجاوزت كل الحدود، سلمت شرفها لحثالة ليس له قيمة...

اقترب جابر منها وقال: - مش من حقك تفرحي ولا من حقك فرح ولا اي حاجة، لو بإيدي كنت قتلتك ودفنتك. جمب ابوكي، أنت مجرد واحدة تافهة ملهاش قيمة متستحقيش اني اساعدك حتى ولا احمي شرفك، بس عشان خاطر ابوكي وامك. وعشان سمعة عيلتنا وشرفنا اللي حضرتك مرمغتيه في الأرض، تقريبا حضرتك مش عارفة أنت عملتي ايه، أنت سلمتي نفسك لواحد حقير...
هزت راسها وهي تشهق بسبب البكاء وقالت: - لا محصلش، محصلش هو هو...

- انت اللي سمحتي أن يحصلك كل ده، أنت اللي سمحتيلهم يخدعوكي، كنت فاكرة نفسك ذكية لكن هما اذكي منك، قربوا منك واخدوا اللي هما عايزينه منك وأنت زي الهبلة، واهو أنت اللي خسرتي وانا اللي عانيت عشان ادم يوافق يخبي فضيحتك...

اقترب جابر أكثر وقال وهو يمسك ذراعها بعنف حتى شعرت بألم في عظامها وقال: - اللي كان بيعمل عملتك زمان كانوا بيقتلوه، فاحمدي ربنا انك لسه عايشة، واعملي حسابك انك لما تتجوزي تنفذي اللي يقوله ادم، مش عايز اي شكوي منك والا والله يا مهرا هتشوفي مني وش مش هيعجبك...

تراجعت مهرا للخلف وهي تشعر بالقهر، لن ينسي جذها ما فعلته، لن ينسي أحد فعلتها ستظل تعاقب حتى الموت، لن يرحمها أحد ولن يشفق عليها، سيسلبوها حلم أن يكون لها زفاف بحجة أن الزواج غير حقيقي، ولكنها حقا تريد أن تفرح، تريد ان تشعر أنها عروس حقيقية...
- عندك حق يا جدي أنا مستاهلش اي حاجة من دي وحاضر هسمع كلام ادم...
قالتها مهرا ثم ركضت لغرفتها ودموعها تتساقط غير قادرة على منعها حتي...

كانت مروة تنظر إلى ابنتها بحزن ولكن غير قادرة على مساعدتها، يكفي أن ادم وافق على الزواج منها لن تطلب منه أي شئ فوق طاقته، هذا ليس عدلا...
- انا قسيت عليها...
قالها جابر بحزن ثم وضع كفه على قلبه وقال؛
- ربنا يعلم مهرا عندي ايه، مهرا هي وصية كريم وانا مبحبش ازعلها بس مهرا لازم تعرف حجم غلطها، لازم تعرف أن الناس مش بترحم، لازم تبطل سذاجة وتفهم...

ذهب جابر وجلس على مقعده وقال بإبتسامة: - انا عندي امل في ادم يا مروة أنه هيصلحها، وهخليه يعملها فرح، يوم الجمعة هروحله بإذن الله...

بعد منتصف الليل
فتح انس عينيه بفزع وهو يشعر بشخص يقفز عليه، اغمض عينيه مجددا وهو يشعر بإنزعاج وقال: - ملك عايز انام، ومفروض تروحي تنامي دلوقتي بقيتي كسلانة ومش عايزة تروحي المدرسة...
جلست ملك على الفراش وقالت: - وحشتيني يا أنوس قولت اقعد معاك...
- انوس؟! صبرني يا رب، يا بنتي احترميني شوية. تعالي على نفسك ده انا حتى باباكي...

ضحكت ملك وقالت: - طب قوم يا بابي اقعد مع لوكا شوية عايزة تناقش معاك حاجة مهمة...
نظر إليها أنس وقال: - اموت واعرف مين اللي بينقلك الكلام ده، ده كلام اكبر من سنك يا بنتي...
نهض أنس وقال وهو يرفع شعره الطويل الذي سقط على جبهته وعينيه: - قولي يا ستي ايه الحاجة المهمة اللي عايزة تتناقشي معايا فيها ومصحياني الساعة واحدة عشانها، بس انجزي وحياة عيالك ورايا شغل بكرة...
- معنديش عيال...

قالتها ضاحكة ليربت هو على شعرها وقال: .
- اسفين يا انسة ملك قولي يالا فيه ايه...
- حابة اسالك سؤال...
- اشجيني يا ست هانم...
نظرت إليه وعينيها لمعت بذكاء وهي تقول:
- الا قولي الست القمر اللي جات هنا قبل كده كانت بتزعقلك النهاردة ليه، اول مرة حد يزعقلك بالشكل ده وتسكت، تقريبا كان اسمها آنسة مرام...
نظر إليه انس وحاول أن يصطنع الضيق وقال بحزم كاذب: - لوكا ده كلام كبار مينفعش تتدخلي فيه...

- مجرد فضول يا بابي، اصل انا عارفاك كويس مبتسمحش لحد يعلي صوته عليك والنهاردة الست دي كانت بتزعقلك وانت ساكت خالص ومش قادر تتكلم، اول مرة اشوفك مرتبك كده بصراحة، كنت مرتبك ليه؟!
ضيق أنس عينيه وقال: - لوكا عايزة ايه يا لوكا...
ابتسمت ملك وقالت: - اصلها جميلة اووي، عينيها حلوة...
- وانا مالي هو انا هتجوزها يا لوكا...
قالها انس وقد بدأ بتوتر ويتضايق...
فقالت هي بسرعة: - وليه لا يا بابي دي حلوة حتي...

نهض أنس وحمل ملك وقال: - يالا يا حبيبة بابا عشان تنامي، أنت خطر تتكلمي تاني، وانا غلطان اني جبتك الشركة عندي...
- يا بابي عايزة اتناقش معاك...
- وانا عايزة انام يا لوكا، عايزة انام، بكرة ورايا شغل وأنت بتقولي كلام فارغ...
عارضته ملك وقالت: - ده مش كلام فارغ، بس انت مشوفتش شكلك وهي بتزعقلك، كنت ساكت خالص، دي اول مرة بصراحة فقولت اكيد هي مميزة...

نفخ بضيق وهو يضعها اخيرا على فراشها ويقول: - لا مميزة ولا حاجة، هي بس كانت متضايقة من مشكلة للاسف كنت انا السبب فيها عشان كده مقدرتش ارد عليها، مينفعش اتخانق معاها وانا اللي غلطان كمان ده مش اسلوبي، لكن لو مكنتش انا غلطان كنت طردتها فورا على أسلوبها معايا لأن بابا مش بيحب يظلم حد يا لوكا...
- هصدقك حاضر...

قالتها وهي تغمز لها ليبدأ هو بدغدغدتها فتضحك هي بصوت صاخب ليقول هو: - انا مش عارف اتعلمت النصب ده من فين، يا بت مبقتش اقدر على لسانك، أنت لما تكبري انا مش هقدر ألمك...
- اتعلمت النصب منك يا أنوس...
ضحك أنس وضمها إليها وهو يقبلها على رأسها ونامت سويا على فراشها الصغير وقال: - اطمني يا لوكا محدش هيدخل. حياتي وياخد مكانتك ابدا، محدش هيدخل حياتي من الأساس أنا مكتفي بيكي انت...

- هتقعد طول حياتك من غير جواز يا بابي.
تنهد وقال: - ايوة يا حبيبة بابي مستحيل اتجوز، حياتي ليكي وبس...
- طيب أنا لما اتجوز يا بابي هتعمل ايه؟!
اغمض عينيه وابتسم وقال: - وقتها ابقي اشوف هعمل ايه نامي دلوقتي.

في اليوم التالي...
- عايزة ايه يا ليل؟! هو أنت كل شوية تنطيلي هنا ولا ايه؟! أنا حاسة أنك اشتريتي بيتي من غير ما اعرف...
قالها انس وهو يمثل المرح لكن بداخله كان متضايق، فوجود ليل لم يكن مرحبا به على الاطلاق، فهو لا يطيق تلك المرأة ابدا، ما فعلته وما تفعله يشعره بالإشمئزاز منها ولكن يجب أن يتعامل معها بلطف فهي خالة ملك وهو لا يريد أن تنزعج منه ملك...

ابتسمت ليل وعينيها الخضراء تتسع وتقول: - وحشتني يا أنس قولت اجي اشوفك، اخر مرة شوفتك كان من اسبوع مع سكرتيرتك دي...
رفع رأسه وقال: - اللي في بالك مش صح يا ليل، آنسة مرام سكرتيرتي وانا مسكتها قبل ما تقع ده كل الحكاية...
اتسعت ابتسامة ليل وقالت: - مصدقاك يا انس، أنا بثق فيك يا بيبي وعارفة أن مصلحة ملك دلوقتي اهم من اي حاجة عندك...
- اكيد، ملك كل حياتي...

قالها أنس وهو يرفع رأسه لترد هي وتقول: - وزي ما اتفقنا انك لو قررت تتجوز هتديني ملك، أنا خالتها وانا أولي بيها...
ابتسم انس ابتسامة بسيطة وقال: - متقلقيش يا ليل فاكر الاتفاق كويس مش كل شوية تفكريني...
اقتربت هي منه وامسكت يده وهي تقول ونظرة الاغواء في عينيها: - ممكن نحل المشكلة دي للابد يا انس، اصل انت شاب وصغير ومحتاج حد في حياتك، وانا موجودة وقولتلك اني معنديش مانع نتجوز...

نهض أنس وقال بلطف كي. لا يحرجها: - لوكا هتنبسط اووي لما اشوفك يا ليل، هناديها من اوضتها...
ثم وأمام عينيها صعد السلالم...
تنهدت ليل وهي تنظر عليه ووضعت كفها على قلبها الذي يزأر داخل صدرها، كل مرة تراه تعشقه أكثر.

. أنس اوسم رجل رأته في حياتها، له جاذبية لا تقاوم ويتعامل برقي يسلب القلب، كم تمنت أن ترتبط به، أن يكون ملكها وتكون هي ملكه ولكن الغبي لا يراها، لكنها ستظل تحاول، أخبرت ليل نفسها بذلك وهي تعدل من وضع شعرها، فهي لا تستلم، هي تحبه وسوف تناله، انس حبيبها ولن يكون لغيرها مهما حدث، برقت عينيها بحماس وهي تفكر في خططها.

ولج أنس لغرفة ملك ووجدها تنهي واجباتها، اقترب منها وحملها بغتة لتصرخ هي فيضحك هو بشر ويقول: - اخيرا خضيتك...
- يا بابي حرام عليك...
- اهو بسد جزء من الحاجات اللي بتعمليها فيا، أنا شعري شاب بسببك...
- عايزة ايه لوكا مش فاضية...
قالتها ملك وهي تبعده قليلا وتجلس على فراشها ليمط هو شفتيه ويقول: - معقول لوكا مش فاضية ليا، أنا زعلان منك...

هزت كتفها وقالت: - انت بتقولي دايما مش فاضيلك بسبب الشغل فأنا برد جزء من عمايلك معايا وده عدل...
ضحك أنس بقوة وقال: - انت عفريتة...
ثم حملها وقبلها قائلا: - انت اهم من الشغل ومن أنس نفسه...
- بحاول اصدقك مش عارفة...
- انا نفسي بس تقتنعي اني ابوكي وتحترميني شوية...
قالها بضيق مصطنع لترد هي وتقول: - وتبقي علاقتنا زي اي اب وبنت وتبقي مملة، لا لا احنا كده كويسين اووي.

ضحك بإستسلام وقال: - انا عارف اني مش هقدر عليكي يا عفريتة انت، عموما يا ستي خالتك تحت...
تحررت ملك حتى وقفت على الأرض وقالت وعينيها متسعة بسعادة: - ايه يا بابي خالتو تحت وواقف بترغي معايا، يالا ننزل دي وحشتني اووي...
ثم كادت أن تركض امسك هو يدها وقال: - ايه يا بت السعادة دي كلها، مش بشوفها يعني معايا، أنت بتحبي خالتك اكتر مني...
غمزت له ملك وقالت: - بتغير عليا صح يا بابي...

- يخربيت لسانك يالا يا اختي نشوف خالتك...
ثم اخذها وخرج من الغرفة.

في أحدي الدول العربية...
في المساء.

كانت تجلس وهي ترتعش، ظهرها لباب الحمام تسده كي تحمي نفسها بينما عينيها السوداء مشبعة بالدموع، وجهها احمر من أثر صفعاته، تشعر أن اليوم لن يمر على ما يرام، لقد كان غضبه اليوم كبير عليها، شكوكه زادت حولها واخيرا رأت كيف فقد زوجها الهادئ سيطرته، لقد ضربها حتى انسكب الدم من فمها حاولت كثيرا أن تدافع عن نفسها ولكنه بد كوحش كاسر، لم يرحم ضعفها ولا صراخها، لم يرحمها بل بدأ كأنه سوف يقتلها، خبطة عنيفة على باب الحمام جعلتها تصرخ بفزع، دموعها انسكبت بغزارة وقالت بنبرة باكية: - علي ابوس ايديك كفاية، ابعد عني...

- افتحي الباب، وديني لأقتلك النهاردة يا ميار، هقتلك واخلص منك ومن قرفك ومن خيانتك...
صرخ على بحقد وهو يضرب الباب بعنف لتصرخ هي حتى بح صوتها: - مخونتكش، والله ما خونتك. ايه اللي انت بتقوله ده. انت عارف ان ادم من الماضي وانا نسيته.

- بتكدبي عليا ولا على نفسك يا ميار. لو كان من الماضي فعلا مكنتش الاقي صورته في دولابك يا هانم والاقيكي بتطلعيها وتبصي عليها وتتأمليها وعينيكي بتطلع قلوب، صورته بتعمل ايه في دولابك، بتتأمليها بحب عمرك ما حبتيه ليا ليه، انطقي!..

ارتعشت ميار فضرب هو على الباب بقوة وقال: - طول الشهور دي وأنا مستحمل برودك معايا، مستحمل قلة ذوقك وحقي اللي باخده منك بعد محاولات تقرب كتير مني، استحملت انك تحرميني من حقي كتير وقولت بكرة تعقل، بكرة تحس، بكرة تحبني وحضرتك بتفكري فيه لسه، في حبيبك القديم، شايلة صورته في شقتي، شقتي يا أحقر أهل الأرض، يا تري لما بلمسك بتشوفيه يا ميااار...

صرخ بقهر وهو يضرب الباب بقوة، شعر أنه على وشك أن يصاب بأزمة قلبية حادة بسببها
مسحت دموعها وقالت كاذبة: - الصورة دي قديمة وانا نسيتها في الدولاب وشوفتها فجأة و، اه...

صرخت بعنف عندما ضرب الباب بجسده لينفتح الباب ويدخل هو، عينيه حمراء من شدة الغضب، يتنفس بسرعة وملامح وجهه متقلصة من شدة الغضب، كانت اعصابه تغلي بشدة وعلى وشك الانفجار، كان على وشك قتلها بالفعل، تراجعت ميار وهي فعلا خائفة على روحها منه، كانت تعرف أنه فقد صبره وسيفعل اي شئ كي يشفي غليله منها وهذا جعلها تشعر بالرعب حقا، على غاضب بقوة لدرجة أنه يمكن أن يقوملها اليوم لذلك يجب أن تتعامل معه بحرص...

- اهدي، اهدي يا علي، اهدي والا والله اتصل ببابا واتطلق منك، انت ملكش أي حق تضربني...
اتسعت عينيه، كان لا يصدق وقاحتها، اقترب هو منها وأمسك شعرها بغل وقال: - لسه بتحبيه يا ميار، لسه بتفكري فيه، لسه ادم مسيطر عليكي، ليه اتجوزتيني ما دام بتحبيه، أنا شوفتك ماسكة صورته، شوفت الحب في عينيكي ليه...
رفعت وجهها رغم الالم الذي تشعر به وقالت: - ادم انتهي من حياتي مش عايز تصدق براحتك...

تحررت منه أمسكت الصورة من يده ثم قطعتها بغل وقالت: - اهو انتهي، انتهي خلاص يا علي، انتهي لما باعني، انتهي لما وهمني بالحب وفي الاخر رفضني، انتهي لما خاني ولو انت عايز تتخلي عني كمان اتفضل، اتخلي عني...
دفعها بعنف وقال بقرف؛
- انت متستاهليش اللي بعمله معاكي، متستاهليش حبي ليكي يا ميار، اسبوع كده هضبط اموري وننزل مصر عشان اطلقك!

في نهار الجمعة...
- انت مروحتش الورشة لحد دلوقتي يا أبيه؟!
قالتها ليلي بإستغراب وهي تجلس على المكتب تستذكر محاضراتها مستغلة أن اليوم هو الجمعة وإجازة رسمية لها من الجامعة، جلس ادم بجوارها وقال: - لا النهاردة مفيش شغل كتير في الورشة قولت اقعد معاكم النهاردة بقالنا كتير مقعدناش سوا، بعد صلاة الضهر بإذن الله نقعد سوا نتفرج على فيلم زي زمان...
- يا حبيبي يا أبيه...

قالتها ليلي وهي تنهض وتحتضنه وتقول: - تعرف انت اكتر واحد فاهمني، يا سيدي بلا مذاكرة بلا قرف، كده كده اخري بيت جوزي...

شدها ادم من أذنها لتتأوه هي ليقول هو: - نعم يا حيلتها بتقولي ايه، بلا مذاكرة بلا ايه، لسانك عايز قصه يا ليلي، لا يا حبيبتي انا مش دفعت دم قلبي دروس وكلية وتقولي اخرك بيت جوزك، أيوة صحيح عايز افرح بيكي بس الاول افرح بشهادتك، وانا مش هجوزك الا لما اشوفك دكتورة كبيرة افتخر بيها وبعدين نشوف موضوع الجواز، يعني هي الرجالة هتطير...
- اه. خلاص يا أبيه بهزر والله، أنا اكيد هتخرج الاول متقلقش...

- برافو عليكي، أيوة كده دي هي بنتي...
جلست ليلي بجواره وقالت: - ابيه انت هتعيش فين لما تتجوز...
- هعيش هنا هو انا ليا مكان تاني...
قالها بهدوء لتتسع عيني ليلي وتقول بصدمة: - نعم هتعيش هنا!
نظر إليها ادم وقال: - فيه ايه يا بنت، أنت مش عايزاني اعيش معاكم ولا ايه، ايه يا لولا افتكرت انك هتفرحي...
- اكيد هفرح يا أبيه، بس هي مراتك هتوافق تعيش هنا...

هز كتفيه وقال: - ومتوافقش ليه، هي هتنبسط اووي معاكم، وأنت هتعامليها زي اختك الكبيرة صح يا ليلي.
قال جملته الاخيرة بتحذير فضحكت ليلي بتوتر وقالت: - انت ليه محسسني اني عفريتة وهاكلها، اكيد هعاملها كويس...
ضحك وقال: - اصلي عارف شغل الغيرة ده بين النسوان.
ضحكت ليلي وهي تدلك عنقها بتوتر وقالت: - والله على حسب لو حبيتها اكتر مني ممكن اكلها، أبيه ادم مفروض ميحبش حد اكتر من ليلي، ولا ايه يا أبيه...

شدها من وجنتها وقال: - متخافيش يا عفريتة مش هحب حد اكتر منك، يالا كملي مذاكرة والا مفيش افلام وانا رايح احضرلك الفطار بما أن ماما ومرام نايمين لسه...
هزت ليلي رأسها وهي تكمل دروسها ونهض ادم إلا أن رنين جرس الباب أوقفه، نظر بإستغراب إلى الباب ونظر إلى ساعته وقال: - مين هيجي الساعة تسعة الصبح...

هزت ليلي كتفها وهي تشعر بالحيرة ليقترب ادم من الباب وينظر من العين السحرية لتتجمد ملامحه بأكملها نظر إلى ليلي وقال: - ده جابر عزام...
ثم فتح الباب وملامحه متجمدة بأكلمها وقال: - اهلا يا جابر بيه...
ابتسم جابر له وقال بتوتر: - روحت الورشة وملقيتكش يا آدم يا بني فقولت اجي هنا أنا اسف اني جيت في الوقت البدري دي...

كانت ليلي تنظر بفضول إلى جدها، بينما ادم ما زال متجمد وهو ينظر إليه، كانت ملامحه باردة كالجليد.
- ايه يا آدم مش هتقولي اتفضل؟!
قالها جابر بعد صمت طويل شعر من خلاله بالتوتر.
- اتفضل...
قالها ادم ببطء رغم أنه لم يرغب حقا أن يدخله منزله، ما زال ادم رافضا اي تعامل حقيقي مع جابر عزام، ما زال يعتبره عدوه.
- اتفضل هنا.
قالها ادم وهو يشير إلى الأريكة التي كانت بعيدة نسبيا عن ليلي.

جلس جابر بهدوء. نظر ادم إلى ليلي التي تنظر إليهم بفضول وقال: - كملي مذاكرتك في اوضتي يا ليلي
- حاضر يا أبيه...
قالتها ليلي وأخذت اشيائها بهدوء وغادرت
بعد ما غادرت ليلي. نظر ادم ببرود إلى جابر وقال: - خير يا جابر عزام عايز ايه...
- انا طالب منك خدمة تاني وبتمني انك توافق...

امام قصر جابر عزام، كان آدم يقف هو وليلي، بعدما طلب منه جابر عزام أن يكون هناك زفاف وطلب أن يشتري لمهرا فستان زفاف. طلبت منه مروة بشكل شخصي أن يذهب معها وقرر هو اصطحاب ليلي معه بعدما رفضت مرام، تنهد آدم وهو يفكر أن مرام بالتأكيد سوف تفهم دوافعه، بالتأكيد سوف تقف بجواره كما كانت تفعل دوما...

- دلوقتي أنا مش فاهماك يا أبيه، انت هتتجوز البنت دي عادي، ليه بقا رافض تدخل البيت، يعني انت هتتجوز من البيت ورافض تدخله، انت غريب اووي...
ابتسم ادم وقال: - بطلي رغي هتخليني اندم اني اخدتك معايا...
تعلقت ليلي بذراعه بشقاوة ثم قالت في رجاء محبب لقلبه: - ينفع اجيب فستان احضر بيه فرحك، بالله عليك وافق، يعني هتجيب فستان فرح للغريب وانا لا...

نظر إليها ادم وقال: - جيبي ليكي فستان يا نصابة، والله ما حد مفلسني غيرك يا عفريتة أنت أنا خايفة وقت ما تيجي تتجوزي تاخدي حيطان البيت معاكي وتخلينا على الحديدة...
هزت ليلي كتفها واغمضت عينيها بغرور مصطنع وقالت: - ده حقيقي هو انا قليلة ولا ايه يا أبيه ده انا فاكهة البيت لازم اتجوز جوازة ملهاش حل...
- طبعا يا انسة ليلي...
- حاساك بتتريق يا أبيه...

ابتسم وهو يشد وجنتها ويقول: - هو أنا أقدر يا شعنونة أنت...
.

اخيرا خرجت اخيرا مهرا من القصر وهي ترتدي بلوزة حمراء ضيقة قليلا وجيب قصيرا، وقفت باهتة وهي تتطلع إلى ادم وهو يشاكس شقيقته الصغيرة، كانت ملابسه بسيطة للغاية، تيشرت ازرق على بنطال جينز ولكنه بدا وسيم بشكل غير اعتيادي، كيف يكون بتلك الوسامة والبساطة في نفس الوقت. عرفت مهرا أن وسامة ادم ليس بسبب شكله الجميل فحسب ولكنه يمتلك جاذبية رجولية خاصة، حتى ابتسامته حقيقية وكأنه رائق البال بعد كل ما مر به، لقد حكت لها والدتها عن ادم وعن ما واجهه كي ينفق على أسرته، لا تصدق أن الشاب مثله استطاع فعل كل هذا، لا تصدق على الاطلاق.

فجأة لمحتها ليلي لتشهق وتقول: - يخربيتك يا غبية آدم هينفخك...
نظر ادم إلى مهرا لتتسع عينيه بغضب وما هي إلا ثواني وقد كان أمامها وقال من بين أسنانه: - غوري غيري القرف اللي أنت لابساه ده انا مش واخد معايا رقاصة.
- افندم
قالتها مهرا بغضب ليصرخ بها: - غيري اللي أنت لابساه ده والا اقسم بالله ما فيه فرح!

بعد نصف ساعة...
كانت تسير مهرا بجوار ادم وهي ترتدي بنطال جينز وبلوزة واسعة طويلة، كانت تنظر إليه بضيق بسبب تسلطه.
- ابيه أبيه حابة اشرب عصير قصب من هنا ممكن
- حاضر.
ثم أمسك كف ليلي وكاد أن يذهب الا انها توقف فجأة وقال لمهرا: - ما تيجي...
هزت هي رأسها ببرود وقالت: - لا شكرا هستناكم هنا.
مط شفتيه وقال: - براحتك...
ثم ذهب هو وليلي...

وقفت مهرا تنتظر بضيق فجأة تجمدت تماما وصوت مألوف يقول: - ميمي حبيبتي...
نظرت لتجده مروان، واقف مبتسم وينظر إليها بخبث قائلا: - ايه الصدفة الغريبة دي، بجد وحشتيني اوووي...
- امشي.
قالتها مهرا برعب ليقترب مروان منها ويمسك كفها ويقبله وسط صدمتها ويقول: - عايزين نرجع ايام زمان يا ميمي أنا محتاجك بجد.
- مهرا!

صوت ادم جعل مهرا ترتعش من الرعب، نظرت إليه بصدمة لتجده واقف هو وليلي، ليلي مصدومة وملامح ادم متقلصة من الغضب، والصدمة نالت مروان أيضا وهو ينظر إلى ليلي!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة