قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل الثالث والعشرون

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل الثالث والعشرون

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل الثالث والعشرون

- انت عايزني اتنازل عن المحضر واطلع الإنسان اللي كسر ايد ابني يا أنس، الولد اللي اتهجم على ابني لازم يأخد جزاؤه. لازم يعفن في السجن عشان بعدين يفكر ميت مرة قبل ما يمد ايديه على ابني، عايزه يتعاقب لحد ما يقول حقي برقبتي.

كان أنس هادئ للغاية، لم ينطق بحرف، هو يعرف ان وائل يماطله، هو يعرف لمعة الطمع تلك التي في عينه، يعرفها جيدا، استطاع انس بسهولة قراءة وائل، وائل لا يهتم بإبنه قدر اهتمامه بالربح، هو كان يريد أن يخفف أنس السعر اكثر...
ابتسم أنس له وقال وهو ينهض: - مفيش مشكلة يا وائل بيه. ملناش نصيب في الصفقة دي، نورتني...
بهت وائل وهو ينظر إليه وقال بتلكأ: - ببساطة كده يا أنس بيه...

ابتسم أنس وقال: - اكيد يا وائل بيه أنا بيزنس مان وعارف قيمة اللي بعرضه واظنك عارف طبعي انا مبعرضش العرض الا مرة واحدة بس، عشان عارف ان شركات كتير نفسها تعمل صفقات معايا.
نهض وائل وهو يشعر بالتوتر، ابتسم أنس وهو ينظر إليه، توتره اسعده، لقد كان متأكد ان رفضه ظاهري، لولا ان مروان انسان حقير غير سوي لكان اشفق عليه لانه لديه والد مثل هذا، والد يهتم بمصالحه فقط...

كان وائل محاصر وكأن لعبته انقلبت عليه، هو لا يهتم بقضية ابنه تلك، هو يعرف مروان ويعرف انه هو المخطئ، فإبنه فتي مدلل فاسد، ولكن كان يريد أن يخفض السعر اكثر، كان يريد أن تكون تلك الصفقة لصالحه، ولكن أنس كان اذكي منه بكثير، لقد عرف ما يدور بعقله وبكلمة واحدة انهي النقاش، كيف ظن وائل انه سيستطيع ان يتغلب على انس في العمل، الرجل داهية، ذكي بشكل مخيف...
- طيب ممكن نقعد نتفاهم يا انس بيه...

- رغم اني مبحبش اضيع وقتي كتير بس مش مشكلة. اتفضل اقعد وقول اللي في بالك، الله اعلم يمكن يعجبني...
ابتسم وائل عندما جلس أنس، ينظر إليه ووجهه خالي من التعابير، عرف انس ان لو وائل عرف ان خروج ادم مهم جدا بالنسبة إليه سوف يستغل هذا، لذلك قرر ان يلاعبه بذكاء، هو لن يظهر نقطة ضعفه لوائل السويسي...

- ممكن اعرف ليه خروج ادم عزام مهم اووي كده بالنسبالك؟! يعني على حسب ما دورت وعرفت انه مجرد أخو موظفة عندك، ولا مش ادم اللي مهم، ممكن تكون مرام صح.
لم تتغير تعابير انس وقال: - الاسباب تخصني يا وائل بيه، خروج ادم ونص السعر اللي عرضته واقول ديل على الصفقة، مش موافق مش مشكلة، ميت شركة تتمني تتعامل معايا وبالسعر اللي انا عايزه كمان، قدامك دقيقتين عشان تفكر...

نظر أنس إلى ساعته وقال: - وقتك بيبدأ من دلوقتي!
ابتلع وائل ريقه وقال: - طيب ربع التمن واتنازل على المحضر و...
- لا.
قالها انس بسرعة ثم اكمل: - قدامك دقيقة ونص يا وائل بيه، يالا فكر بسرعة
. العرض ده مش هيجيلك دايما. متفتكرش عشان ادم هرضخ ليك، ادم ممكن اطلعه بأكتر من طريقة من غير ما اخسر، ففكر انت، قدامك تلاتين ثانية يالا...
تنهد وائل وقال: - موافق، موافق.

ابتسم أنس بإنتصار وقال: - اهو هو ده الكلام، بكرة تخلي مروان يتنازل عن المحضر وبعدين نمضي العقود...
- وانا ايه ضمني أن بعد ما اتنازل عن المحضر تلغي اتفاقنا!
ابتسم أنس وقال: - انا بديك كلمتي يا وائل بيه. وانت عارف أنس الصاوي عمره ما يخلف بوعده ابدا حتى لو كان هيموت!

نزلت من الاتوبيس، أخيرا وصلت الاسكندرية، صحيح اخذت وقت طويل كي تقرر إلى اين ستذهب بعد ان تخلي عنها علي، ووجدت ان ليس هناك انسب من الاسكندرية لكي تعيش في منزل خالتها، خالتها تحبها ولا بد انها لن تمانع أن تبقي ميار عندها قليلا حتى تدبر لها سكن، كان قلب ميار يرتجف داخل صدرها. تري ماذا ستفكر بها خالتها الآن، لقد هربت من منزل ابيها دون رجعة هل يمكن ان تعيدها مجددا إلى منزل والدها، لا لا، هزت ميار رأسها بقوة، خالتها لا تطيق والدها ولا زوجته، بالطبع لن تكلمه وتسلمه بتلك السهولة، فكرت ميار، كان تتمني ان يكون هذا الكلام سليم فلو اعادتها خالتها لوالدها سوف يقتلها بكل تأكيد، سارت إلى مكان خالتها الذي تحفظه منذ الطفولة. شعرت بالحنين وهي تسير في تلك الطرقات تذكرت والدتها التي كانت تمسك كفها وتذهب اليها في إجازة الصيف، كان ميار تقضي اجمل حياتها هناك معهم، تمنت ميار ان يعود الزمن، تمنت لو لم تكبر، تمنت لو كانت والدتها على قيد الحياة. لم تكن تعاني لتلك الدرجة...

أخيرا وصلت إلى البيت وقلبها يرتجف، لا تعرف كيف ستقدم لهم نفسها، لقد مر زمن طويل، زمن طويل جدا لم تأتي إلى هنا، منذ وفاة والدتها تقريبا، أي عندما كانت في بداية فترة المراهقة وهي الآن تجاوزت منتصف العشرون، تنهدت واقتربت من المنزل وهي ترن الجرس، ثم انتظرت بصبر ليفتح لها احد...
فتحت امرأة كبيرة في السن لا تستطيع السير جيدا، غزا الشيب راسها، كانت تنظر إلى ميار بصدمة...

ابتسمت ميار ابتسامة بسيطة وقالت: - خالتي نوال أنا...
لم. تدعها نوال تكمل حديثها لتجذبها إليها وتقول: - بنت الغالية بنت الغالية وحشتيني يا ميار. انت شبه امك بالضبط.

في الليل...

كان متسطح على فراشه، ينظر للسقف بينما يشعر بألم كبير في قلبه، هو يشتاق إليها كثيرا، حاول كثيرا ان يتواصل معها ولكنها كانت تغلق الخط بوجهه، ولم يكن يمتلك الجراءة على أن يذهب إلى هناك بنفسه إلى شقتها بعد ان تركت شقة والدتها في نفس اليوم، يعلم انه كان قاسي عليها، لقد حطمها مرارا، راي الانكسار في عينيها ولم يتوقف، هو يكره نفسه لأجل هذا، تمني حقا ان يسعدها ولكنه لم يسبب لها الا التعاسة، وهو لن يسامح نفسه ابدا بسبب هذا، كيف طلب منها هذا الطلب، كيف طلب ان تجهض ابنهما!، لكنه عندما عرف انها حامل فقد عقله كليا، شعر انه محاصر، شعر انها تريد أن تربطه بها، وقال لها كلام لا يفتخر به، وهو الآن يحاول اصلاح خطأه وهي لا تريد وهذا حقها، لن ينكر الأمر، من حقها ان تغضب منه، ولكنه حزين على الطريق المسدود الذي وصلوا إليه، تنهد سامر وامسك هاتفه وقرر ان يتصل بها.

كانت كارما تجلس امام التلفاز، نظراتها ميتة بينما عقلها مع سامر، مهما حاولت ان تنساه لا تستطيع، سامر مسيطر على عقلها تماما، وضعت كفها على بطنها وعينيها لامعة بالدموع، كلما تذكرت انه طلب منها ان تجهض طفلهما تشعر بالقهر، لقد قهرها فعليا، حطم قلبها ببرود، لم يهتم بمشاعرها، لقد عرفت كارما انها لا تمثل أي شيئا له، ووجب عليها ان تكرهه بعد كل ما فعله. لكن الغبية ما زالت تشتاق إليه بقوة، ما زالت تحبه، هي غبية، غبية للغاية لانها ما زالت تعشقه، وجب ان تكرهه وان تخرجه من حياتها، لماذا ما زالت تحبه، ما هذا الحب الذي يسيطر عليها...

فكرت بيأس وهي تمسح دموعها التي انسابت على وجهها...
انتفضت فجأة عندما رن الهاتف، نظرت إلى الهاتف لتجد سامر يتصل بها، لم تكن تريد أن ترد ولكن قلبها الغبي الذي يشتاق إليه لم يهتم ورفعت الهاتف وهي تفتحه وتضعه على اذنها وقلبها يخفق بقوة، ظلت صامتة تنتظر ان يتكلم او ان يقول شئ، ولكنه أيضا ظل صامتا، ظل الوضع هكذا لبضعة لحظات، تنهدت كارما بغضب وقالت: - لو مش ناوي تتكلم قول عشان متضيعش لا وقتي ولا وقتك...

- وحشتيني!
قالها هو بحرقة، ابتسمت بسخرية وقالت: - بطل كدب، أنا عمري ما هصدقك تاني...
اعتصر قلبه بقوة وقال: - صدقيني يا كارما. وحشتيني اوووي، البيت من غيرك ملوش لازمة، ارجعي البيت خلينا تتفاهم لو سمحتي، أنا هنفذ اللي انت عايزاه...
هزت رأسها وقالت: - مستحيل يا سامر مش هرجع، ابدا مستحيل ارجعلك بعد اللي عملته ولو سمحت ياريت تطلقني بهدوء، أنا مش عايزة أعملك أي مشاكل...

سيارة الطلاق جعلت قلبه يعتصر من الألم، هو يعرف انه اذاها، ولكنها تريد تركه دون ان تعطيه أي فرصة...

تنهد سامر وهو يشعر بألم في قلبه وقال: - اديني فرصة، فرصة بس يا كارما، أنا عارف اني اتصرفت غلط، بس اتوترت من فكرة ام يكون ليا ابن، أنا بخاف جدا من المسؤولية فلما بلغتيني بالخبر اتوترت، واتصرفت بالشكل ده، كارما أنا حاولت اوصلك كتير حتى اني جيت بيت مامتك اللي قالت أنك روحتي شقتك، أنا قادر اجيلك بس من عايز اضايقك ولا ازعلك، كارما ارجعي البيت أنا مش متطمن عليكي وانت عايشة لوحدك...

ابتسمت بسخرية وهي تمسح دموعها وتقول: - علي أساس أنك بتخاف عليا اوووي؟!
كانت تسخر منه فهز رأسه بسرعة وقال: - والله بخاف عليكي يا كارما، انت متعرفيش انت عندي ايه انا...
- بس بس مش عايزة اسمع حاجة ولا هرجع كمان، خلاص انساني يا سامر وريح نفسك!
ثم اغلقت الهاتف بوجهه!

كانت تلف ذراعيها حول جسدها ودموعها تنساب على وجنتيها، تشتاق إليه بقوة، تلك الدقائق اللي قضتها معه في غرفة الضابط لم تكفي شوقها له، تري ماذا سيكون مصيره! فكرت برعب، لقد اخبرها احمد بصراحة ان من الصعب خروج ادم ما لم يتنازل مروان على المحضر، كما اخبرها ان وائل السويسي بنفسه تدخل في الموضوع، وضعت كفها على فمها. هي تشهق بقوة وتفكر ان هذا الرجل احقر من ابنه، هو لا يرحم حتى ابنه فكيف سيرحم ادم، سيفعل المستحيل كي يدمر ادم، قلبها المعتصر من الألم وهي تفكر في حال ادم المسكين، لا بد انه سيواجه الكثير، لم تفكر بأدم فقط بل بأخوته أيضا! والدته، البيت من دون ادم وكأنه مظلم تماما، لا أحد يأكل ولا يبتسم حتي، الجميع حزين ينتظره كي يخرج...

وضعت كفيها على وجهها وانفجرت بالبكاء، قلبها يؤلمها بقوة، تتمني ان تفعل أي شئ كي تساعده، فكرت في الذهاب لمروان مرة اخري والتوسل إليه ولكن ادم حذرها من هذا، لقد اخبرها صراحة ان هذا يؤذيه، لا تعلم ماذا سيفعل ان اخبرته انها ذهبت إليه، لا بد انه سيغضب منها كثيرا. لذا لم تذهب لمروان مجددا، هو شخص لا يمتلك قلب! لقد طلب منها ان تجلب ليلي إليه! وهي مستحيل ان تفعل هذا، لن تجعل أي فتاة تعاني مثلما هي عانت، لن تكون بتلك الحقارة ابدا، حتى لو ماتت!

.

كانت ليلي تقف امام باب غرفتها تنظر إلى مهرا الجالسة في الصالة وتبكي بعنف، كان قلب ليلي يعتصر من الألم، لقد صدمت عندما عرفت بما حدث لمهرا، ذلك الحقير اغتصبها، دمر حياتها، جعلها تعايش كل تلك الاحداث السيئة، حقا لم تقابل أي شخص بهذا السوء من قبل، كيف يمكن أن يكون انسان بلا رحمة هكذا، لولا لطف الله بها لكانت الآن تعاني مثل مهرا، وضعت كفها على قلبها، هي تشعر ولو بجزء بسيط مما تعانيه مهرا، تعرف بماذا تشعر الآن، اقتربت ليلي من مهرا وهي تقرر ان تواسيها، لن تتركها فريسة لأفكارها، ستقدم لها الدعم الذي تحتاجه...

ضمت ليلي مهرا التي تبكي، انتفضت مهرا قليلا وهي تجد ليلي قد جذبتها، صمتت برهة بينما ليلي تربت على ظهرها، انفجرت مهرا بالبكاء وكأنها كانت منتظرة تلك اللحظة...
- وحشني اووي يا ليلي!

قالتها مهرا بصوت يائس، لترد ليلي بصوت حزين: - وحشنا كلنا يا مهرا والله، وحشنا كلنا، أنا مش متخيلة ان ابيه مش معانا دلوقتي، هو كان سند الكل هنا، أنا حاسة اني من غير ضهر. من غير حماية يا مهرا، ادم ساب فراغ كبير جوانا، يارب يرجع عشان أنا حاسة ان روحي بتتسحب مني طالما هو مش موجود.
ارتجف قلب مهرا وقالت: - انا مش عارفة أعمل ايه عشان أساعده...

جلست ليلي بجوارها وهي تمسك كفها، نظرت مهرا إلى ليلي وقالت: - انا روحت لمروان امبارح واترجيته عشان يتنازل عن المحضر، بس رفض...
- ممكن نروحله تاني و...
هزت مهرا رأسها وقالت: - لا مش هنروحله ده انسان حقير يا ليلي، مش هنروح تاني، ادم قالي متروحيش ونبه عليا...
- يا مهرا ممكن يوافق اسمعي مني ؛.

اصرت ليلي لتبكي مهرا وهي تهز رأسها وتقول: - صدقيني هو واحد. حقير، حقير فوق ما تتخيلي يا ليلي، مستحيل يرضي مستحيل، انت متعرفيش مروان، مروان ده شيطان...
نظرت إليها ليلي بحزن وقالت: - عارفة يا مهرا، بس مفيش ضرر من المحاولة.
بكت مهرا وقالت: - انا حاولت واترجيته عارفة شرط عليا ايه عشان يتنازل، اني اوديكي بيته لحد عنده، عرفتي اد ايه هو حقير!

في اليوم التالي...
- اخوكي هيطلقني بسببك يا ليلي.
قالتها مهرا وهي تشعر بالرعب، بينما تجذبها ليلي خلفها وقالت: - متقلقيش يا مهرا، صدقيني الشخص ده جبان، مش هيقدر يعملي حاجة طالما أنا فايقة، أنا بس هعرفه حجمه وانه مجرد حشرة عشان يطلع اخويا...

ارتعبت مهرا من جنون ليلي وقالت: - وانت فكرك لما تقوليلوا كده هيطلع اخوكي، ده كده هيعاند اكتر، ليلي اهدي وارجعي عن اللي في بالك، ابوس ايديك ادم نبه عليا مقربش من الشخص ده، لو عرف أننا روحنا هيقتلنا احنا الاتنين...
- وايه بس اللي هيعرفه يا مهرا، انت ليه. جبانة كده، متخافيش، ثقي فيا كل حاجة هتمر تمام وهتشوفي ان مروان مجرد جبان وهيتنازل كمان...

ارتعشت مهرا وعينيها لامعة بالدموع، قلبها يخفق بتوتر، ليلي عنيدة. لن تسمع كلامها وهي خائفة من رد فعل ادم لو عرف، بالطبع لن يسامحها، كيف حدث ووافقت على جنون ليلي، كيف، وما الذي جعلها تتكلم، كانت مهرا تلوم نفسها وهي مرتعبة بينما ليلي تسير نحو شقة مروان بإصرار، بدت شرسة للغاية...
وقفا فجأة امام الشقة وقالت: - هي دي شقة مروان الزفت صح؟!
هزت مهرا رأسها بخوف، ابتسمت ليلي بشر وقالت: - تمام اوووي...

ثم فتحت شنطتها وقالت: - سكين وفلفل رش وصاعق كهربي، تمام كده كله تمام، وديني لأوريك يا مروان عشان اعلمك تسجن اخويا مرة تاني...
- انت ناوية تعملي ايه يا ليلي
ابتسمت ليلي بش- ر وقالت: - كل خير بإذن الله يا حبيبتي...
ثم اتجهت إلى الشفة، امسكت مهرا ذراعها وقالت: - انا هاجي معاكي يا ليلي، مش هسيبك لوحدك و...

قاطعتها ليلي وهي تقول: - لا يا مهرا، أنا هطلع لوحدي، لو حصل لا قدر الله واتأخرت ابقي اطلعي وشوفي اللي حصل ماشي...
هزت مهرا رأسها وقالت: - ربنا يستر...
- هيستر بإذن الله...
قالتها ليلي وهي تبتسم، ثم صعدت لشقة مروان...

فتح مروان الباب ليبهت وهو ينظر إلى ليلي الواقفة امامه...
- ايه مش هتقولي اتفضلي يا مروان؟!
تساءلت وهي ترفع حاجبيها...
- اكيد أكيد.
قالها مروان بابتسامة وهو يفسح الطريق لها، ولجت ليلي إلى البيت بثقة وقالت: - شقتك مش بطالة يا اسمك ايه...
كانت تتحدث يلامبالاة مغيظة، ليكون صريحا مع نفسه هو لم يتوقع ابدا انها سوف تأتي بمفردهم اليه، تلك الفتاة شجاعة حقا...

نظرت اليه ليلي فجأة وقالت: - امتي ناوي تتنازل عن المحضر، ضرب اخويا ليك رد فعل على قذارتك...
- مستعد اتنازل طبعا، بس انت عارفة طلبي صح...
ابتسمت ابتسامة غريبة وقالت: - سمعت ان والدتك متوفية، كنت بتحبها انت صح وهي بتحبك كمان مش صحيح الكلام ده يا مروان؟!
تجمد وجهه لتبتسم هي وتكمل: - بس أنا بجد زعلانة عليها، تقدر تقول شفقانة عليها اوووي انها جابت واحد زيك وافتكرت انه راجل!
- احترمي نفسك!

صرخ بها بشراسة وهو يقترب منها فقالت ببرود: - براحة على نفسك، أنا قولت ايه غلط، بقول الحقيقة، أنا شفقانة على الست الوالدة اللي افتكرت انها خلفت راجل وهو طلع لا مؤاخذة واحد بيتشطر على الناس بفلوس ابوه، بجد امك دي مسكينة، كويس انها ماتت قبل ما تشوف قد ايه ابنها بقا حقير وتنقهر و...
قاطعها وهو يصرخ بعنف: - اخرسي، اخرسي، قولتلك اخرسي...

ثم اقترب منها وهو يمسك فكها بعنف ويقول: - انت فاكرة نفسك مين هااااا، انطقي فاكرة نفسك مين. انت ازاي تتكلمي عن أمي بالشكل ده، اطلعي برة، برة...
ثم سحبها من ذراعها وفتح الباب ثم دفعها للخارج وقال: - واخوكي طول ما أنا فيا نفس مش هيخرج من السجن!
وضعت ليلي كفها على وجهها وقالت: - ياربي أنا عملت ايه!

في المشفي...
ما زالت حالة جابر غير متزنة، لقد رفضت مروة تماما ان تكلم مهرا كي لا تقلقها. يكفي ما يحدث معها الآن بسبب سجن ادم، ولكن القلق بدأ ينهش بقلب مروة، الرجل لا يستجيب للعلاح ومنذ قدومه إلى هنا وهو فاقد الوعي، كانت مروة لا تعرف ماذا تفعل بالضبط، كيف تتصرف، خرج الطبيب من غرفة الكشف فاقتربت منه وهي تقول بلهفة: - ها يا دكتور طمني...

نظر إليها بيأس وهز رأسه وقال: - للاسف زي ما هو يا مدام مروة، ادعيله، هو رافض يستجيب لأي علاج، احنا بنحاول معاه وربما يستر...

ثم ذهب من امامها لتجلس على الأرض وهي منهارة من البكاء، كانت لا تعرف ماذا سيحدث الآن، عمها حالته سيئة وهي عاجزة عن فعل اي شئ له، قلبها اعتصر من الألم، كانت حزينة من اجله، رغم ما فعله الا انها تحبه جدا لانه لم يؤذيها ابدا، لو لا قدر الله مات سوف تنهار حقا، نهضت و بكت مروة وهي تقف امام غرفته، تنظر إليه من الخارج، هي حتى ممنوعه من زيارته، لا تستطيع لمسه او الكلام معه، لا تستطيع ان تمسك كفه وتطلب منه ان يحاول أن يقاوم من أجلها ومن اجل مهرا...

تنهدت مروة وهي تمسح دموعها وتفكر ان لا بد أن مهرا سوف تنهار إن عرفت، هل ستغضب منها مهرا لو عرفت ان والدتها اخفت عليها الأمر ولكن جل ما كانت تريده الا تقلق مهرا اكثر من هذا
. يكفيها المصيبة التي لديها، تساءلت مروة داخلها بفضول، ماذا حدث في قضية ادم، حسب معرفتها بذلك الحقير مروان فهو سوف يفعل المستحيل كي يجعل ادم يتعفن في السجن، ذلك الشاب الكريه، كم تكرهه. تكرهه وستظل تكرهه طوال حياتها!

- ايه الحاجة المستعجلة اللي طلبتني عشانها؟!
قالها مروان وهو ينظر لوالده عندما دخل إلى القصر...
نظر والده إليه ببرود وقال: - جهز نفسك هنروح القسم يالا، هتتنازل عن المحضر!
- نعم بتقول ايه؟!
صرخ مروان وهو ينظر إليه، كان لا يصدق ما يقوله والده، كان يريد أن يطلق سراح ادم، ادم الذي كسر ذراعه! كيف يتنازل والده عن حقه بتلك السهولة، كان ينظر إليه بصدمة...

- زي ما سمعت يا مروان، هتيجي معايا زي الشاطر عشان تتنازل عن المحضر من غير أي مشا- كل، وتبعد عن ادم وعيلته نهائيا، انت فاهم ولا لا...
هز مروان رأسه وقال: - انت عايزني اسامح الراجل اللي عمل فيا كده، ده كسر دراعي!

- انت تستاهل كسر رقبتك مش دراعك بس يا مروان، لأنك انسان فاسد وتستاهل، كل فترة لازم تعملي مصيبة وانا زهقت منك، انت اللي خطفت اخته الأول، وانا مش هساعدك في جرايمك، عشان كده بهدوء يالا تعالي معايا عشان تتنازل عن المحضر...
كاد مروان ان يفقد عقله حقا! هذا ليس والده الذي اقسم له ان ادم سوف ينال عقابه، ليس ذلك الرجل الذي تعهد انه لن يترك من كسر ذراع والده، كيف يتنازل عن حقه بتلك السهولة، كاد حقا ان يجن!

- انا مش قادر اصدق أنك غيرت رايك بالسهولة دي يا بابا، ازاي، ده انت وعدتني أنك هتاخد حقي منه.
قالها مروان بحرقة...
- وغيرت رأيي خلاص يا مروان، واللي بقوله هتعمله من غير أي نقاش انت فاهم ولا لا!
رد عليه ببرود ليرفع مروان رأسه ويقول: - انا من حقي اعرف السبب اللي خلاك تغير رأيك. مش معقول حبك للحق اللي هيخليك تتنازل يا بابا، احكي الحقيقة ايه اللي خلاك تغير رأيك؟!

ابتسم وائل وقال: - اتعرضت عليا صفقة هايلة، مش هتتاح ليا الفرصة دي تاني والشرط اني اطلع ادم، عشان كده بهدوء هنتنازل عن المحضر يا مروان من غير مشاكل، وهتوعدني كمان أنك مش هتتعرض لا لآدم أو أي حد من عيلته، بالاخص مهرا...
لمعت عيني مروان بالدموع وضحك بقهر وقال: - مش مصدق، بجد مش مصدق، هتتنازل عن حق النوم عشان صفقة!
صرخ في كلمته الأخيرة بقهر ثم اكمل: - الصفقة اهم مني!

نظر إليه وائل بملل وقال: - اهو ابتدت الدراما الهندية المملة بتاعتك، يا تري ناوي تخلصها امتي عشان ورايا شغل مش فاضي...

كان مروان ينظر إليه بقهر، بحرقة، يريد تحطيم العالم من حوله، كان الشياطين تتراقص من حوله، ضم كفيه وقال: - انت ايه، قولي انت ايه. انت معندكش قلب، معندكش احساس، مستعد تدوس على ابنك عشان مصلحتك، للدرجادي الفلوس عمت عينيك، بتجبر ابنك يتنازل عن حقه، لو اجبرتني أعمل كده أنا عمري، عمري ما هسامحك يا بابا، سامعني، عمري ما هسامحك...
- طيب محدش مهتم بكلامك الفارغ ده، تعالي واتنازل عن المحضر يالا...

كانت نبرته باردة كالثلج، كاد مروان ان يموت من الغيظ، بعد كل ما قاله هو مصر، مصر على كسر ابنه الوحيد، كان مروان لا يصدق ان هذا والده.
كتم دموعه وقال: - انا عايز اسألك سؤال، انت عمرك حبتني، عمرك فكرت ان ده ابني اللي اهم من صفقاتي واهم من فلوسي...
- لا عمري ما حبيتك.
قذف الكلمة في وجهه ثم اكمل، : - انا اصلا مكنتش عايزك لما والدتك حملت فيك، كنت حاسس أنك هتكون مصدر قرف لينا...

بهت مروان ودموعه انسابت وهو ينظر لوالده فاكمل وائل: - انا بصرف عليك عشان خاطر والدتك الله يرحمها، والدتك وبس ودلوقتي ممكن تمشي عشان تتنازل عن المحضر...
هكذا قالها وبكل بساطة دون ان يعرف انه قتل ابنه الآن بسبب كلماته!

خرج ادم من المركز وهو يغمض عينيه ويتنفس رائحة الحرية. لقد قضي يومين فقط في السجن وكان يشعر بالإختناق، لقد قدر ادم قيمة الحرية، وعرف ان الحياة دون الحرية لا تساوي أي شئ! نظر ادم إلى أنس الواقف وهو يبتسم له، اقترب ادم اكثر منه ثم عانقه، ابتسم أنس وهو يربت على ظهره، ابتعد ادم وقال: - عملت ده ازاي، ازاي خليت مروان يتنازل عن المحضر...

كاد انس ان يتكلم ولكن صوت مرام الخارجة من سيارة الاجرة اوقفهم، اقتربت مرام من ادم وعينيها لامعة بالدموع، امسكت كفه وقالت: - مكنتش مصدقة لما استاذ انس اتصل بيا وقال أنك طلعت، حصلت ازاي دي و...
قاطعها ادم بإبتسامة وقال: - بعد ربنا أنس اللي ساعدني وخلي مروان السويسي يتنازل عن المحضر...

نظرت مرام إلى أنس بإمتنان، لم تكن الكلمات كفيلة بشكره، اشاحت بوجهها فجأة عندما وجدت انها تطيل النظر به وقالت بخفوت: - شكرا لحضرتك اوووي.
- العفو يا انسة مرام، يالا خدي ادم وروحوا، وكمان ارتاحي النهاردة مش لازم تيجي الشغل، احتفلوا بخروج اخوكم...

ابتسمت له مرام فدق قلبه، هو يحب ان يراها سعيدة لتلك الدرجة، هو ليس حزينا من الصفقة التي خسرها ما دام سيري ابتسامتها، ما دام سيدخل السرور القلب تلك العائلة الطيبة، هو ينتظر رد مرام، هو سيكون سعيدا ان انتمي لعائلة كعائلة ادم!
- طيب ما تيجي عندنا على العشا كده، أنا عازمك...
ابتسم أنس وقال: - دي دعوة مقدرش ارفضها، بس للأسف أنا وعدت بنتي أننا نطلع النهاردة ونقضي اليوم سوا بعد الشغل.

. فصدقني مقدرش. خليها وقت تاني...
- براحتك يا سيدي، بس اعرف اني مش هسيبك الا لما اعزمك عزومة معتبرة كده، أنا عمري ما هنسي جميلك اللي عملته معايا يا انس، بجد شكرا...
ربت انس كتفه وقال: - انا معملتش حاجة، انت اللي ابن حلال وربنا بيوقفلك ولاد الحلال في سكتك، ربنا بيحبك اووي يا ادم...
ابتسم ادم وامسك كف مرام وقال: - بس خلي بالك انت ليك عزومة عندنا وهزعل لو مجيتش...

هز أنس راسه وقال: - عيوني هاجي، نتفق على يوم واجيلكم بإذن الله...
صافحه ادم وقال: - تمام يا انس هستناك، سلام.
- سلام.
قالها انس ليذهب ادم هو ومرام...

بعد ساعة الا ربع تقريبا...
في بيت ادم عزام، كانت ليلي تجوب البيت بتوتر وهي تمسك هاتفها لكي تتصل بأدم ولكن فجأة رن جرس المنزل. ركضت ليلي وفتحت الباب لتجد ادم امامها ينظر إليها بحب، انسابت دموعها المحبوسة في عينيها ثم ضمته وقالت: - ابيه، ابيه، انت جيت!..
ابتسم ادم وهو يربت على كتفها، كانت ليلي تضمه بقوة وهي تبكي، تشعر ان قلبها يؤلمها...
- ادم...

قالتها حسناء بإشتياق واقتربت من ادم وهي تضمه بقوة وتبكي، كانت تبكي بعنف، ابتسم ادم وهو يضمها اكثر ويقبل راسها وكفها ويقول: - انا جيت يا ماما، جيب خلاص ومش هبعد ابدا، متقلقيش مش هبعد ابدا...

ابعدها عنه وهو يمسح دموعها برقة، كانت مهرا تقف وهي تبكي وتراه وسط عائلته، تشعر الآن ان سعادتها اكتملت، تشعر وكأن قلبها عاد يخفق من جديد، ادم كان هنا امامها، ارادت ان تذهب اليه وتضمه إليها وتبكي بعنف، تعبر عن اشتياقها له، ولكنها كانت تخجل ان تظهر مشاعرها القوية له.
ابتعد ادم عن حسناء ونظر إلى مهرا، ابتسمت حسناء وقالت: - دي مراتك كانت هتموت عليك يا ادم يا بني...

ابتسم ادم واقترب من مهرا ليشدها ويعانقها بقوة، كان يشدها بقوة داخل احضانه كأنه يريد أن تتشكل داخل جسده، كأنه يريد أن تدخل قلبه لتري انها اصبحت مالكته، هي فقط. اصبحت مالكة قلبه.

في المساء...

كان قلبه يرتجف داخل صدره وهو يدخل إلى المقبرة، لقد ولج إليها والليل اسدل ستائره، كان المكان مهيب للغاية ولكنه مناسب جدا لانهياره، هو سوف ينهار هنا براحة، سوف يبكي حتى يرتاح، اتجه بخطوات بطيئة إلى قبر والدته ووجده، رغم حبه الشديد لوالدته الا انه لم يأتي هنا ابدا، كان لا يريد ان يعترف انها ماتت وتركته، رغم مرور سنوات على موتها الا ان الألم في قلبه ما زال كما هو، ما زال يشعر وكأن احدهما يعتصر قلبه بقوة، يشعر انه يلهث طلبا للهواء فلا يجده!

هو لم يتقبل موتها جيدا حتى الآن، ما زال يراها، ما زالت معه. صورتها الجميلة منطبعة في عقله وروحه، انهار بجوار قبرها وهو يبكي بعنف، كان يموت من الحزن، كان وحيد جدا، يفتقدها حقا، تؤلمه حقيقة انها لن تعد معه!، ليتها تعود ليحتضنها فقط للحظة، ليتها، دموعه تدفقت بعنف على وجهه، شعر ان روحه تنسحب منه وهو يتذكر كلام والده القاسي، والده الذي لا يتواني ابدا عن جرحه، والده الذي يكرهه بطريقة غريبة، حقا مروان لا يعرف سبب هذا الكره، لماذا لا يحبه والده، هل الكلام الذي قاله صحيح، انه لم يرغب ابدا به، وان لولا والدته كان ليقتله قبل ان يولد ويرتاح، سماع ذلك الكلام منه هشم قلبه بعنف، لقد شعر مروان ان قلبه تناثر بقوة من حوله، لم يتمني شئ في العالم مثل تمنيه ان يحبه والده، اراد بقوة ان يحصل على حبه، ولكن الآن، الآن فقد الامل تماما، لا يوجد اب يحب ابنه يقول له هذا الكلام القاسي...

اغمض مروان عينيه والدموع تنساب من عينيه...

- ياريتك كنتي معايا دلوقتي يا ماما، أنا محتاجك اووي، على الأقل عشان يكون فيه حد بيحبني، الكل بيكرهني يا ماما، واولهم بابا، بابا بيكرهني بطريقة فظيعة، وهو اللي قال كده في وشي، قالي أنا عمري ما حبيتك، قال انه حاول يحبني كتير بس فشل، قال انه بيصرف عليا عشانك انت بس، أنا حاسة اني بجد مش ابنه، مفيش أب يعامل ابنه بالطريقة دي يا امي، أنا قلبي مكسور، مكسور اوووي...

صمتت وهو يشهق بالبكاء وتذكر أيضا كلام ليلي، ليلي التي القت في وجهه كل الكلمات التي كان يخاف منها، اليوم هو انكسر بكل معني الكلمة...

- انا محتاجك يا ماما، ياريت اموت واجيلك، كده كده ابويا مش عايزني ومش بيحبني، مش هيحس بإختلاف لو بعدت عنه، بالعكس هيفرح لانه اتخلص مني، ياريت يكون عندي جراءة اني انتحر واجيلك يا ماما، ياريت اقدر، بس للأسف أنا ضعيف، أنا بخاف اذي نفسي، بس هتلاقيني في يوم اتخليت عن خوفي ده وبنتحر، بنتحر عشان بس اشوفك، عشان اتنعم بحبك يا ماما...

نهض مروان فجأة وكاد ان يذهب الا ان صوت بكاء ناعم اوقفه. ارتعش قلبه من الخوف ولكنه تغلب فضوله على خوفه واقترب من صاحبة الصوت، وجد فتاة عند قبر ما تبكي بعنف...
اتسعت عيني مروان بصدمة، كيف يمكن لفتاة ان تأتي لهذا المكان في الليل، اقترب مروان من الفتاة وقال: - يا آنسة...

رفعت حياة وجهها وهي تسمع صوت مألوف، بهت مروان وهو ينظر إلى حياة التي تبكي بعنف، نظرت إليه حياة وبدأت تبكي مجددا بصوت اعلي، اقترب مروان منها بفزع وقال: - حياة ايه اللي جابك دلوقتي هنا، تعالي معايا يالا...
ابعدت ذراعها عنه وقالت: - مروان أنا عايزة اموت واروح لاهلي، محدش حبني زيهم...
التمعت عيني مروان بالدموع وقال: - وانا كمان عايز اروح لأمي!

- ممم ريحة الاكل تجنن.
قالها ادم وهو يخرج من غرفته بعد عدة ساعات قضاها في النوم، كان حقا متعب من نومة السجن واراد ان ينام في سريره الناعم، ولم يشعر بنفسه الا وهو ينام ثم ينهض ويستيقظ عندما اسدل الليل ستائره، ابتسمت حسناء وقالت: - مرام عملتلك المكرونة بالبشاميل اللي بتحبها يا ادم...
اقترب ادم من مرام وقبل رأسها وقال: - تسلم ايديك يا بسبوسة.

تدخلت ليلي وقالت: - وانا وانا يا ابيه، أنا اللي عملت عصير المانجا اللي انت بتحبه...
ضحك ادم وقبلها على رأسها هي الاخري وقال: - تسلم ايديك يا بسبوسة...
نظرت ليلي إلى مهرا بخبث وقالت: - تعرف كمان ان مهرا عملت السلطة، أنا علمتها تعمل السلطة وعملتها كويس اووي...
احمر وجه مهرا ليضحك ادم ويقترب منها وهو يقبل وجنتها ويقول: - تسلم ايديك يا بسبوستي...
- ياريت جوزي يقولي يا بسبوستي زيك كده يا ابيه.

قالتها ليلي بهيام...
شدها ادم اليه وهو يقلبها رغما عنها على وجنتها ويقول: - اه يا عفريتة انت.
ضحكت ليلي فقال ادم: - يالا يا جماعة عشان ناكل...

اقترب الجميع من طاولة الطعام، وجلسوا جميعا، مهرا جلست بجوار ادم وكادت ان ترفع كفها اليمين كي تأكل الا ان ادم امسك كفها فجأة من تحت الطاولة وهو يضغط عليه، اضطربت دقات قلب مهرا وهي تنظر إلى ادم الذي بدأ يأكل وكأن كل شئ طبيعي، ذابت من الخجل وهو يمسك كفها بقوة، مهمة حاولت ان تشد كفها الا انه لم يسمح لها...
لاحظت حسناء ان مهرا لا تأكل...
- مهرا يا بنتي ليه مبتاكليش؟!

قالتها حسناء وهي تنظر إلى مهرا التي لم تلمس طعامها، احمرت مهرا من الخجل وقالت بإضطراب: - مليش نفس يا طنط، أنا بس هقعد معاكم...
ابتسم ادم بخبث وهو يشد على كفها اليمين من تحت طاولة الطعام، حيث انه كان يمسك كفها اليمين بيده اليسار بينما يأكل باليد الاخر، كان قلب مهرا يخفق بتوتر وهي تحاول سحب كفها كي لا يشعر أحد أنه يمسكها من تحت الطاولة...
همست بالقرب منه؛
- ادم سيب ايدي ابوس ايديك عايزة اكل.
- لا.

قالها وهو يشاكسها ثم غرس شوكته في المكرونة وقربها من فمها قائلا: - ممكن تأكلي دي من ايدي؟!

احمرت اكثر وهي تجد حسناء ومرام وليلي ينظرون إليها ولكنها اكلت بسرعة، رفعت ليلي حاجبيها وهي تشعر بالريبة، ثم لمعت عينيها بإدراك وهي تفهم، ابتسمت بخبث واوقعت شوكتها كي تجلبها من تحت الطاولة وتمسكهم بالجرم المشهود، نزلت ليلي لتجلب شوكتها ولكن ادم كان اذكي منها، ترك كف مهرا بسرعة لتتنهد هي براحة وتبدا في الاكل، نظرت ليلي تحت الطاولة بيأس وهمست: - انا ازاي نسيت انه اذكي مني!..

انزلت مهرا كفها لحظة عفويا. ليستغل ادم الفرصة ويمسك كفها مجددا
وقعت فجأة معلقة مرام ونزلت كي تجلبها فجأة تجمدت مكانها واتسعت عينيها وهي تري ادم يمسك كف مهرا اليمين، لهذا لا تاكل المسكينة، جلست مرام على المقعد ونظرت إلى ادم الذي انتبه لها، احمر وجه ادم وهو يدرك انها رأته، ترك كف مهرا واكمل اكله بهدوء...

بعد ان انتهوا من الطعام...
كانت مهرا جالسة في غرفتها، قلبها يرقص من السعادة. أخيرا عاد إليها، لقد شعرت ان الحياة تعود إليها مجددا، ولج ادم إلى غرفته وهو يجفف شعره، ابتسم لتبتسم له مهرا، ترك المشنفة وجلس بجوارها وقال: - وحشتيني اوووي يا مهرا!
ابتسمت بسعادة وخجل، مرر هو اصابعه على وجهها الناعم، لقد تعلم الكثير بعد ما حدث، تعلم الا يتخلي عن سعادته، وسعادته في حبها هي...

اقترب بشفتيه وهو يقلبها بتمهل، يتمتع في كل لحظة وهو يقترب منها، قربها جنة يريد الاستمتاع به قدر الامكان، ابتعد عنها بينما هي تغمض عينيها، قال وقلبه يخفق بقوة: - انا بحبك، بحبك اووي يا مهرا...
فتحت عينيها وقد لمعت عينيها بالدموع ليقترب هو مجددا ويقبلها بعنف في تلك المرة ثم برفق ارجعها إلى الفراش ليجعلها له قولا وفعلا!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة