رواية عذرا لكبريائي للكاتبة أنستازيا الفصل السادس والأربعون
تيا:
أومأت للجميع بسخرية وأنا أضيف: لذا ابتلت ملابسها. على كل حال إنها ترتدي معطف كريس وستخرج الآن.
حاولت جاهدة ألا أنظر إلى أوليفيا، لأنني لو فعلت فلا أدري أي نظرة قد أوجهها نحوها لأفضح نفسي!
ومع ذلك، رين ينظر إلى بهدوء تام وبعين متفحصة وأعترف أنني توترت بسبب نظراته هذه!
علقت جينيفر متنهدة وهي تسند مرفقيها على الطاولة بأسى: متى ستعود. طبقها يناديني.
نفيت كلوديا: توقفي يا جينيفر، لقد أكلتِ من طبقي ولا زلت تطمعين بأطباق الآخرين!
أضافت بإنزعاج: ومع ذلك لا يزداد وزنك ولو رقماً واحداً.
زفر ستيف بلا مبالاة: اهتمامات النساء.
ضحك السيد ماكس معلقاً: كم نادي قد اشتركت به كلوديا حتى الآن لتحافظ على رشاقتها.
أيده ستيف بفزع: خالي أنت لا تعلم عدد مدربات الرقص اللواتي يدخلن إلى منزلنا.
اعترضت كلوديا بثقة: لا يهم طالما أنني أحافظ على رشاقتي.
تمتمت ستيفاني مفكرة: الطريقة الوحيدة إلى أحافظ فيها على رشاقتي هي تنظيف غرفة سام وإيثان، هذا يفقدني الكثير من السعرات الحرارية في ساعات معدودة.
نظر الإثنان إليها، ثم ابتسم إيثان بملل: بلا شك، تنظيف غرفة سام أشبه بالذهاب إلى نادي رياضي.
نظر الأخير إليه بنصف عين: ماذا عن غرفتك؟ تنظيف خفاياها تحت السرير والكراسي فقط يحتاج إلى دقة وقوة ملاحظة، على الأقل أنا شخص واضح وصريح حتى مع غرفتي، لست أخفي الأشياء في الأدراج أو الخزانات.
اشمأزت جينيفر تسند يدها على كتف إيثان: لهذا السبب تحديداً أكره الإرتباط بأي رجل مهما كانت شخصيته، جميعهم يجيدون الإفساد ويفشلون في التنظيم. أنا امرأة منظمة ودقيقة وأكره الجلوس في مكان فوضوي. هذا يؤثر على نسبة الإبداع الفني لدي.
رمقها السيد ماكس بابتسامة صغيرة وكأنه يمنع نفسه من التعليق، مما أخبرني أن الواقع قد يكون العكس تماما لما تقوله.
ضحكتُ بسخرية وحاولت ألا أقول كلمة فهي لن تنتهي إن بدأت.
في هذه الأثناء نظر ستيف خلفنا وكذلك سام الذي قال: لقد عادا أخيراً.
نظر الجميع للخلف لينظرا إليهما، عقدت حاجباي عندما تفاجأت بشارلوت التي تمشي بطريقة طبيعية مخفية ألم ساقها!
ألا بأس حقاً بالضغط على ساقها بهذه الطريقة؟
كانت ممسكة بذراع كريس وتمشي وكأن شيئاً لم يكن.
يا الهي. أود حقاً أن ألكم هذه الشقراء التي تجلس بكل هدوء وبرود.
عندما اقتربا بدأت سخرية إيثان وسام وكذلك ستيف وجينيفر من شارلوت ومظهرها بمعطف كريس الغير مناسب البتة، فهي تبدو وكأنها على وشك الغوص بداخله!
أما كريس. فظل يرمق تلك الشقراء بتوعد وتمنيت أن يتعقل بسرعة حتى لا ينتبه له أي أحد.
ولكن للأسف. السيد ماكس قد لاحظه بالفعل!
ازدردت ريقي بصعوبة وأنزلت رأسي ثم عاودت أنظر لكريس محاولة تحذيره ولكن الإشمئزاز والتهديد لا يزالان يتربعان على ملامح وجهه، أما هي. فلا تزال تجلس بكل برود! بل ووضعت ساقاً على الأخرى مشيحة بوجهها بعيداً.
عندما جلست شارلوت لوت شفتيها بإنزعاج: حسنا لا أرى الأمر مضحكاً!
كتم سام ضحكته: أراه رومانسياً.
رمقته شارلوت بطرف عينها: ظريف جداً.
في ظل سخرية الجميع منها رأيت السيد ماكس الذي وقف متجها نحو جوزيف وهمس له بشيء ما، فنظر الأخير إليه ليومئ إيجاباً ثم تحركا ليبتعدا من هنا ويقفان معاً في زاوية بعيدة.
جلس كريس مكانه ولم يتوقف عن القاء النظرات الملتهبة على أوليفيا التي تعبث بهاتفها بجفاء، وكزته شارلوت بمرفقها خلسة دون أن ينتبه أحد، حسنا أنا أيضا لا أريده أن يلفت النظر ولكن من الواضح أنه بالكاد يتمالك نفسه.
عندما أتى النادلان ليحملا الأطباق والطعام الذي أنهيناه وفرغت الطاولة، جلسنا نتبادل الأحاديث التي كان معظمهما ينحصر على إنجازات جينيفر التي تجيد إمساك دفة الحديث.
أما جيمي وشارلي وبريتني فخرجا مع آنا والخادمة الأخرى ليلعبوا قليلا بالثلج بحيث يمكننا رؤيتهم من الحائط الزجاجي مقابلنا مباشرة، كلوديا أخرجت المرآة الصغيرة من حقيبتها لتضع مرطبا للشفاه وقالت بشيء من الحماس لستيفاني: آه صحيح! إنه المرطب الذي حدثتك عنه بالأمس، أنظري.
ارتفع حاجبا ستيفاني ولمعت عينيها الخضراوان بالإهتمام وهي تتناوله منها لتقرأ علامته التجارية، جوش اقترح أن نبدأ في الخروج من المطعم ونتأهب للمغادرة ريثما ينتهي جوزيف وماكس من الحديث، أيده السيد مارك كذلك فما كان منا جميعنا إلا أن نخرج.
شارلوت:
عليه أن يتجاهل أمرها مؤقتاً! ليس وكأن لا أحد قد انتبه حقاً. أنا واثقة أن الكل هنا قد لاحظ نظراته نحو أوليفيا.
عندما وقفوا وبدأوا بالخروج أسرعت أهمس له بإمتعاض: كريس توقف عن هذا!
أضفت بشك: أظن والدك يتحدث مع السيد جوزيف بشأنها الآن، رأيته يحدق إليك طوال الوقت. أشعر بالتوتر قليلاً لردة فعل جوزيف. أنا حقاً مرتبكة، الأمر محرج في النهاية! قد ينزعج ويتضايق.
رمقني بطرف عينه ولم يعلق وإنما نظر إليها وهو تقف مرتبة شعرها القصير وتضع هاتفها في جيب معطفها، لم يكن قد بقي هنا سوانا نحن الثلاثة وكذلك رين وجينيفر.
تفاجأت بكريس يتمتم ببرود: أرجو أنكِ سعيدة.
قالها لأوليفيا فأسرعت أمسك بيده أحثه على أن يصمت، انتبه رين لما قاله وكذلك جينيفر التي ابتسمت بمرح وهمست لنا جميعنا: أتظنونني حمقاء؟ أخبريني يا أوليفيا ما نوع الممارسات المزعجة التي لجأت إليها الآن! هذا المطعم يقدم جودة ممتازة من كل أنواع الخدمات لذا لن ينطلي على ذلك العذر يا شارلوت بشأن عطل المغاسل هناك.
ضاقت عينا رين ولم ينبس ببنت شفة، ومع ذلك ظل يحدق إلى أوليفيا بنظرات غريبة، أما الأخيرة فابتسمت بهدوء: ما الذي تتحدثين عنه؟
تنهدت جينيفر بملل وتقدمت نحو رين لتسند يدها على كتفه وقالت بأسى: أوه. رين أنظر إلى شقيقتك الصغيرة الجميلة! لا تزال تتصرف بطريقة ملتوية، متى ستخبرها أن قناعها قد كُسر؟
ابعد يدها ببرود ووضع كلتا يديه في جيبه ليتحرك مبتعداً ولكنه سرعان ما وقف وقال بجفاء دون أن يستدير: لا شأن لي بأيِ مما يحدث.
ولكن جينيفر لوت شفتيها بغيض ثم نادت بإسمه بدلال وهي تتبعه: مهلاً رين.
عندما وصلت إليه تمسكت بذراعه بقوة وهي تجبره على المشي بمحاذاتها ورفضت الإبتعاد عنه بالرغم من محاولاته، لم يبقى سوى أوليفيا التي عندما نظرت إليها وجدتها تحدق إلى مسبقاً فأجفلت قليلاً، ولكنني تجاهلت أمرها وأمسكت بيد كريس أحثه على أن نخرج نحن أيضاً، ولكنها تقدمت نحونا ووقف أمامنا مباشرة.
أطبق شفتيه بقوة في حين احتدت عيناي متسائلة: ماذا الآن؟!
نفيت برأسها بثقة وحدقت إلى كريس بعين هادئة ثم قالت بسخرية: أتذكر فقط ما كان يقوله قبل قليل. أتصدقين يا عزيزتي؟ قال بأنه يرغب في التغير إلى الأفضل! الشخص ذاته الذي جعل أخي يعاني طيلة الأعوام الماضية ويخشى الظلام طوال الوقت.
أردفت بمكر: لا تخبرني أنك لا زلت تحتفظ بالأمر لنفسك، لما لا تخبر الآنسة النقية عن الحقيقة؟ لماذا لا تبوح لها بكل أفعالك البائسة يا كريس؟ من لم يتجدد يتبدد. اليس هذا ما قلته؟ ألا يفترض أن تكون صريحاً معها إذاً؟ متى ستكفر عن خطأك وتكون صادقاً يا ترى؟ أم تراك تحاول فقط إبعادي ببضع جمل مؤثرة اقتبستها من مكان ما؟
تدخلت بإنزعاج: توقفي عن هذا! يتغير أو لا. هو ليس بهذا السوء أصلاً! كل ما في الأمر أنه سيء في التعبير عن مشاعره وحسب وهذا كل شيء.
ارتفع حاجبيها: حقاً؟
أضافت باستغراب: كريس. هل فشلك في التعبير عن مشاعرك جعلك تتصرف كمجرم قد حبس رين في مخزن معزول لثلاثة أيام ثم تصرفت وكأن شيئاً لم يكن؟
اتسعت عيناي بدهشة بل وعقدت حاجباي بعدم تصديق! يحبس رين. في مخزن معزول؟!
ما هذا.؟!
هذه الماكرة. إنها تكذب وحسب!
نظرت لكريس بتردد لأجد عيناه قد ارتكزتا عليها بإزدراء في حين أعقبت بدورها متكتفة بابتسامة شامخة: ماذا؟ هل تخشى أن تكتشف الآنسة النقية حقيقة أفعال الشيطان الذي يحاول التغير؟ هذا النفاق لن ينطلي على يا كريس.
ثم اقتربت مني ووضعت يدها على وجنتي تتظاهر بالأسى: أنظر إليها كم تبدو مذهولة فزعة. ياللنقاء! نعم يا عزيزتي. كريس الذي لا تعلمين معدنه الحقيقي قد قام يوماً بحبس أخي. خمني ماذا! فعل ذلك لحجج لا تعد ولا تحصى. بل وعندما كان الجميع يبحث عن رين المفقود لثلاثة أيام ظل هو يطبق شفتيه ويتصرف وكأن شيئاً لم يكن. رين أصيب بالربو بسبب الأصباغ والمواد الكيماوية الموجودة في المخزن. ساءت حالته الصحية كثيراً بسبب زوجك الذي تظنينه مجرد شاب يحاول أن يبذل جهده ليكون أفضل.
ما الذي تقوله بحق الإله! كريس السبب في إصابة رين بالربو!
مهلاً. قال والده أنه مصاب بإحتقان بالرئة، قد يكون هذا نتيجة للربو الذي أصابه فيما مضى إذاً.
فهمت!
ارتخت ملامحي وخفق قلبي بتسارع، لماذا فعل هذا به! ما السبب؟!
عقدت حاجباي بإستياء مبعدة يدها عن وجنتي، نظرت إلى كريس الذي القى على نظرة هادئة وبدى وكأنه يترقب ردة فعلي!
وترني ذلك بل وشعرت بشيء من التوجس، لا أفهم حقاً. ما عذره ليفعل به أمر مماثل؟!
ازدردت ريقي بصعوبة ولا أدري كيف وجدت نفسي ابتعد عنه واتحرك قائلة بهدوء: سأخرج.
ارتجفت يداي مفكرة للحظة. أن فعلتي قد أدهشته بلا شك. ولكن! ولكنني لا أعلم كيف أتصرف عندما أسمع أمراً مماثلاً!
أقصد. كريس قام بحبسه في مخزن معزول وأصيب بسببه بالربو وترتب عليه إحتقان في رئته! بل ويخشى الظلام وليس قادراً على تخطي الأمر!
أشعر بالإنزعاج! بالتناقض الشديد. أن أخرج بهذه الطريقة. سيراني وكأنني مجرد لئيمة قد ذعُرت منه!
أنا فقط. أريد استيعاب ما سمعته، ثم هو لم ينكر كلمة مما قالته!
عضيت على شفتي بتردد وأنا أدخل السيارة وأجلس على المقعد الأمامي وفي الخلف جيمي وشارلي وكذلك بريتني ومعهم آنا.
أخفضت ناظري وقد انتابني الضياع. لا أدري إن كان ما فعلته صحيح بمغادرتي هكذا فجأة، أبدو وكأنني. خائفة منه!
هل أنا خائفة يا ترى؟
لا أدري.
أنا حقاً لا أدري!
أجفلت لجيمي الذي تقدم بجسده ليقول مقرباً رأسه مني بحماس: أمي، أخبرني أبي أننا سنذهب وحدنا إلى المهرجان!
عقدت حاجباي بإستغراب: وحدكما؟
أومأ بسعادة: نعم. أنا وابي فقط! ولكنه طلب مني ألا أخبر خالي سام أو ستيف. أنا أسف أمي ولكن لا يبدو أنكِ قادرة على المجيء معنا، هل أخبره أن يصحبك معنا؟
وجدت نفسي أبتسم بسرور وعدم تصديق! سيذهبان للمهرجان وحدهما، هذا حقاً. رائع وسيسعد جيمي كثيراً!
نفيت بسرعة بحماس مماثل: لا يا جيمي، اذهبا أنتما الإثنان لتقضيا وقتاً ممتعاً معاً، التقط الكثير من الصور لتتذكر هذه اللحظات وتريني إياها أيضاً. اتفقنا؟
علق شارلي بإنزعاج وبنبرة أخفى فيها ضيقه: لماذا لا أذهب إلى المهرجان أنا أيضاً؟
حذرته بنبرة مخيفة: إياك وإفشاء الموضوع للجميع.
زم شفتيه بحزن في حين نظرتْ إليه بريتني ببلاهة ولم تعلق، لحظات حتى أتى كريس وحينها أسرعتُ أعتدل في جلستي لأنظر إلى الأمام بصمت.
يا الهي.
أنا حقاً. أتصرف بطريقة مريبة!
استقر خلف المقود وشعرت به يحدق إلي، لم أجرأ على النظر إليه.
ما الذي يحدث لي؟!
هل يا تُرى. ينتابني الخوف من كريس؟! لا يمكن أنني أفكر بهذه الطريقة.
ربما كان له عُذر مُناسب، اليس كذلك؟
أقصد. مر في فترة ضغوطات و.
وماذا!
ثلاثة أيام لم تكن فترة قصيرة.
ليست كذلك!
أنا صريحة مع نفسي. ليس وكأن فعلته أمر يمكن تجاوزه!
عضيت على شفتي أنظر إلى النافذة، أسمع حماس جيمي وهو يتحدث معه بشأن نزهتهما.
ولم أجرؤ على التعليق بكلمة أو الإنجراف معهما في الحديث.
هل أبالغ في ردة فعلي؟ أقصد. عندما يسمع أحدهم أن شخص ما قد حبس ابن خالته في مخزن معزول لثلاثة أيام ولم ينطق بكلمة بينما الجميع يبحثون عنه. أصيب رين بالمرض بسببه!
شعرت بيدي ترتجف فحاولت تهدئة نفسي.
لا أريد أن أكون لئيمة معه. ليس الآن!
الوقت حقاً غير مناسب، حتى وإن أردت التظاهر وكأن شيئاً لم يكن، هو قادر على رؤية حقيقة مشاعري وإن زيّفتها.
كيف أتصرف؟ ماذا أفعل؟!
عندما قاد السيارة خلف سيارة السيد ماكس استرقت نحوه نظرة. لأجد ملامحه هادئة بل وعيناه شاردتان تماماً.
عاودت أنظر للنافذة أزم شفتاي بقوة، لم يتحدث أحدنا مع الأخر حتى عندما وصلنا إلى الأكواخ!
نزل الثلاثة من السيارة فوراً برفقة آنا، وعندما وجدت نفسي وحيدة معه نزعت حزام الأمان ليقول بهدوء: شارلوت.
قلت دون أن أنظر إليه وأنا أنزل: سأنزل أنا أيضاً.
ولكنني تفاجأت بيده التي أمسكت بمرفقي وقد قال بنبرة جادة: أعلم أن سماع أمر كهذا. من الصعب استيعابه، ما فعلته لرين فظيع وأقر بهذا. ولكنني في ذلك الوقت لم أكن أ.
قاطعته بابتسامة سريعة: يبدو أن الجميع يتناقشون بشأن الخطة التالية، لننزل.
انتزعت يدي بصعوبة وترجلت لأغلق باب السيارة، الأمر ليس بيدي. ولكنني أخشى أن طريقتي هذه سأندم عليها لاحقاً.
لا أدري حقاً ما الصواب من الخطأ. أريد فقط أن أعزل نفسي ولو لدقيقة وأفكر بالأمر بروية.
من حقي أن استوعب الأمور!
اتجهت حيث يقف الجميع، وقد رأيته ينزل من السيارة مصوباً عينيه على بملامح مرتخية، نظرت إليه لمهية قبل أن أبعد ناظري، وعندما اقترب وجدت نفسي أقول: سأدخل لتغيير ملابسي.
عندما وقف أمامي كنت قد تجاوزته لأدخل الكوخ بسرعة، ولم أتوقف بالرغم من ألم ساقي حتى وصلت إلى الغرفة في الأعلى وأغلقت الباب.
طأطأت رأسي فوراً أشعر بالتناقض الشديد.
وكأنني نذلة انتزعت نفسها تماماً من الأمر ما أن سمعت بما حدث، وفي الوقت آنه مجرد فتاة حمقاء بطيئة الإستيعاب ترغب في التفكير وحسب!
ولكن. تجاهله بهذه الطريقة، هل حقاً لا بأس؟
لويت شفتي بإستياء شديد وتحركت لأجلس على السرير بضيق.
لماذا قد يفعل برين أمر كهذا؟ ما الخطأ الذي ارتكبه ليفعل هذا بحقه؟
لم يخسرا صداقتهما وعلاقتهما وحسب بل بات يخشى الظلام بشدة، بل و أصيب بمشكلة صحية ستمنعه من الكثير من الأشياء وابسط الأنشطة في حياته!
لو وضعت نفسي مكانه، لو قام شخص ما بفعل هذا بي. يتركني وحدي في مخزن معزول وقد لا يصل صوتي إلى أي شخص أستنجد به، فكيف سأتصرف! قالت بأنه مخزن للأصباغ والمواد الكيماوية. الا يعني هذا أنه لم يحصل على طعامه وشرابه أيضاً! كيف صبر رين على ذلك بحق الإله؟
كريس. ما الذي كان يفكر به تحديدا؟!
ينتابني شعور الرغبة في العودة بالزمن.
ليتني لم أعلم بما حدث! ليتها لم تخبرني.
وقفت بصعوبة متجهة إلى النافذة، وقفت أمامها لأرى الجميع مفعمون بالحيوية، كما جيمي يبدو شديد الحماس حتى الآن وهو يقف أمام كريس والأخر قد جثى على ركبته أمامه ويتحدث معه.
هاه؟
عقدت حاجباي باستغراب لرؤية أوليفيا التي تمشي بجانب والدها الذي يربت على ظهرها!
بدت تمشي وكأن هالة سوداء من الكآبة تحيط بها!
أيعقل؟ هل أخبرها بشأن ضرورة المغادرة أخيراً؟
من الصعب حقاً ملاحظة ملامحها من هذه المسافة!
دخل الإثنان إلى الكوخ وتساءلت إن كانت ستوظب أغراضها حقاً، كيف أقنعها بحق الإله؟!
بحثت بسرعة بكلتا عيناي الفضوليتان عن السيد ماكس لأجده يقف مع أمي وأبي.
لا يجب أن اظل هنا، على أن أرتدي ملابس جافة تماماً وأخرج.
و هذا ما فعلته في النهاية.
ستيف:
ستظل التعليقات الساخرة تلاحقني، ليس من أمي وأبي فقط بل من هذه الجينيفر أيضاً.
سحقاً إنها تجيد تقليص حجمي أمام الجميع. تباً لهذا التنمر الجماعي الذي لا يرحم.
أغمضت عيناي أتمالك نفسي أنصت إلى ضحكاتها الساخرة وقد انضم سام لها، فتحت عيناي بغيض شديد وزمجرت بنفاذ صبر: أنتما الإثنان هذا حقا يكفي!
تحركت مبتعداً عنهما بغضب لأتبع الباقين الذين دخلوا إلى الكوخ الأخير لنجلس قليلاً قبل أن نتفق على المكان التالي.
عندما اجتمعنا أخيراً بإستثناء جوزيف ورين وكذلك تلك الشقراء المزعجة، لاحظت النظرات التي يتبادلها كريس وشارلوت!
هاذان الإثنان. ما خطبهما تحديداً؟
وكأنها. تتحاشاه بطريقة أو بأخرى!
لا أدري إن كنت الوحيد الذي لاحظ ذلك أو لا. ولكن.
خطب مريب يحدث بينهما!
صحيح بأنها تتحدث وتضحك بشكل طبيعي ولكن.
لماذا أشعر بهذه المسافة الهائلة بينهما؟ كان كل شيء طبيعي في المطعم فمتى ساءت الأمور هكذا؟!
هذا كل ما كان يشغل تفكيري عندما نظر خالي ماكس إلينا جميعنا وقال بهدوء: تحدثت مع جوزيف وأخبرته بصريح العبارة ضرورة مغادرة أوليفيا والعودة إلى منزلها.
تنفست أمي الصعداء: وأخيراً يا ماكس! كدت أختنق حقاً.
تساءلت تيا باستغراب: هل سترحل الآن إذاً؟
أومأ بهدوء: سيوصلها جوزيف بنفسه، رين سيبقى لأجل شقيقته الصغيرة ولكن لا أظنه سيطيل البقاء أكثر، لا أدري حقاً ولكنني أشعر بأنه سيغادر قريباً كذلك.
علقتُ بملل وقد انتابتني الراحة: لا أصدق أنني سأتخلص منها.
طرفت السيدة أولين بعينيها وظلت تلتزم الصمت المطبق الذي بات يؤرقني حقاً، في الكوخ وفي المطعم وفي كل مكان باتت تدخل في هالة من السكون التام وهذا الأمر من الصعب تجاوزه أكثر.
سأغامر وأسألها فلقد طفح الكيل بي وسيطر القلق على حقاً، هذا كثير جداً!
سأنتظر فرصة مناسبة لأتحدث معها على إنفراد.
وضعت جينيفر ساقاً على الأخرى وقالت بتبرم: أنتم مملون يا رفاق! متى سنخرج تحديداً؟ إن كنتم تنون إطالة الحديث هنا فسأصطحب سام وستيف وإيثان معي ونخرج سوياً.
علق إيثان بعدم استيعاب: لماذا أنا أيضاً!
أجابته بابتسامة حالمة: خروجي برفقة ثلاث شبان سيعني الكثير لي.
لويت شفتي بإقتضاب: تعقلي قليلاً يا امرأة!
أردفت بإستيعاب: ماذا عن كريس؟
نفيت برأسها بثقة: لسنا بحاجة إلى هذا الكئيب معنا.
بالرغم من أن الأنظار الساخرة توجهت نحوه إلا أنه قد اتضح بأنه كان شارد الذهن تماماً ولم ينتبه لما قالته.
حتى عندما ارتكزت عليه الأعين لم يفق من شروده!
نظرت بتلقائية إلى شارلوت التي كانت تطرق برأسها وتختلس النظرات المتقطعة نحوه، نفذ صبر جينيفر التي وقف واتجهت إليه لتبعثر شعره بإنزعاج: ما هذه الهالة الآن بحق خالق السماء! هل فهمتم الآن لماذا لم أذكر اسمه.
ظلت ملامحه هادئة وقد ابعد يدها عن رأسه ونظر إلى جيمي بصمت، كان الأخير يهمس مع شارلي وبريتني وقد اقترب الثلاثة منه ليقول جيمي مبادراً: أبي، سنلعب أمام الكوخ قليلاً.
ولكنه نفي بهدوء: لا داعي لهذا. سنخرج أنا وأنت بعد قليل لذا انتظر قليلاً.
سيخرج. هو وجيمي!
هاه؟
فغرت فاهي بعدم تصديق وكذلك اتسعت أعين الجميع ولا سيما أمي التي بدت غير مصدقة للحظة قبل أن تبتسم بسعادة! خالي كذلك ارتخت ملامحه كثيراً وبدى السرور متربعاً على قلبه قبل وجهه.
افسد الأجواء الزهرية اعتراض شارلي: سنعلب قليلاً فقط في الخارج قبل أن يخرج معك! أرجوك.
طرف بعينه برجاء بالغ، ظل كريس ينظر إليه حتى تنهد ونظر إلى الخادمة الواقفة بجانب آنا: رافقيهم.
أومأت ليخرج الثلاثة بسعادة، ساد الصمت المكان للحظة حتى قطعه خالي: حسنا جميعاً، فكرت في أن نذهب معاً إلى المهرجان ولكننا سنترك المساحة الخاصة لكريس وحفيدي المفعم بالحيوية. هل هذا مناسب؟
وافقنا فوراً في حين قد انتابني الإستغراب الشديد وعدم الإرتياح لتصرفات كريس وشارلوت.
هاذان الإثنان.
ما الذي يحدث بينهما! حتى وإن كانا قد تشاجرا أو نشب بينهما أي خلاف. متى حدث هذا أصلاً؟
لحظات حتى طُرق الباب وأطل منه السيد جوزيف، ابتسم وقال بهدوء: أرجو المعذرة. أردت أن أودع الجميع فقط.
بصراحة. السيد جوزيف لا يستحق أن يشعر بهذا الإحراج لأن يكون مجبرا على المغادرة مع ابنته بهذه الطريقة، كل هذا بسببها. اللعنة بدأت أتراجع فجأة في رغبتي في التخلص منها بسببه هو.
أسرعت تتدخل السيدة ستيفاني بلطف وإستياء: جوزيف. لا بد وأنه من الصعب أن. أقصد.
تلعثمت وبدت محرجة جداً فتقدم مبتسماً ونفي بهدوء: لا بأس، أقدر مشاعر الجميع.
ثم بدى وكأنه يحاول أن يمنع نفسه من قول شيء ما، استدار للخلف وقال بصوت عالِ بعض الشيء: أوليفيا؟ ألن تودعي الجميع!
نظرنا جميعنا بإتجاه الباب مترقبين دخولها ولكنها لم تفعل، تنهد جوزيف بلا حيلة ولكننا سرعان ما استنكرنا دخولها فجأة بوجه شاحب وهي تحدق إلينا، ظلت تمرر عينيها بيننا حتى استقرت على كريس. ثم شارلوت وقد همست: لم أكن أعلم أن الجميع ينتظر مغادرتي إلى هذه الدرجة.
تجاهلتُ أمرها وأشحت بوجهي بلا اكتراث، في حين أكملت بنبرة منخفضة وهي تستدير: لا يوجد ما أقوله.
مع أنني توقعت منها وداع منفعل أو صراخ مزعج.
حسناً هذا أفضل من تعكير مزاجنا!
تبعها والدها وهو يبتسم لنا بهدوء مخفياً إستياؤه وخرج خلفها.
علقت أمي بإنزعاج: لا يوجد ما أقوله؟ بلى يوجد! كان عليها ان تعتذر للجميع هنا. ياللوقاحة!
تنهد السيد مارك: أشعر بشيء من الإنزعاج لأجل والدها، إنه مجرد رجل طيب ولطيف.
أيدته ستيفاني: صحيح. هذا مؤسف حقاً!
في النهاية تخلصنا منها أخيراً! فلقد غادرت منذ عشر دقائق تقريباً، ظل رين في كوخ عائلته بينما لا زلنا نجلس في مكاننا.
هل أتحدث مع السيدة أولين قبل أن نخرج؟
ولكن. كيف أتحدث معها على انفراد دون لفت الأنظار؟
فكرت قليلاً بتردد شديد حتى بتر أفكاري باب الكوخ الذي فتح على مصراعيه!
انتفضت وكذلك الجميع، لم تكن سوى الخادمة التي دخلت بوجه شاحب وهمست بخوف: سيد كريس.
نظر إليها باستنكار شديد وعين حذرة فأكملت بكتف مرتجف: جيمي. لقد. أنا حقاً لا أدري كيف ولكن.
هلعنا جميعنا لنبرتها تلك بالرغم من عدم فهم ما تتحدث بشأنه! اقترب كريس منها فوراً وزمجر بحزم: ما خطبه!
لم ينتظر منها كلمة وإنما خرج بسرعة فاقتربت بدوري منها بذعر: ما الأمر؟
أجابت محاولة تمالك نفسها: كنت أراقب الثلاثة وهم يلعبون ولكن جيمي غاب عن عيني للحظة فقط! بحثت عنه في كل مكان ولم أجده! خشيت أن أخبر السيد كريس فوراً فابتعدت من هنا قليلاً باحثة عنه بنفسي ولكنني لم أجده حول المنطقة. أنا حقاً لا أدري أين أختفى!
اتسعت أعين الجميع بفزع وقلق لتتقدم شارلوت عاقدة حاجبيها بارتياب: ولكن. جيمي لن يبتعد من هنا، هو ليس جريئاً كفاية ليبتعد وحده!
في هذه اللحظة عاد كريس بوجه غاضب ومتوتر وسألها بحدة: أين كان آخر مرة؟
شبكت كلتا يديها وهي تجيبه بخوف: رأيته يلعب بالثلج بالقرب منا قبل أن يختفي ولكنني لا أدري حقاً أين ذهب تحديداً!
تدخل خالي ماكس بقلق: أين من المحتمل أن يذهب! هل سألتِ رين؟ لربما رآه هو!
عندما انهى سؤاله تعالى رنين هاتفه فأسرع يخرجه، زفر بنفاذ صبر: إنه جوزيف.
حفزته السيدة أولين بخوف: فلتجب!
ولكنه نفي بإنزعاج وبأعصاب متوترة: ما الذي سأستفيده يا أولين.
إلا أنها كانت مصرة وهي تحثه على أن يجيبه ففعل عاقداً حاجبيه وحاول أن يكبت قلقه، نظرت إلى كريس الذي تحرك ليخرج مجدداً ولكنه سرعان ما توقف في مكانه وكذلك جميعنا عندما قال خالي بعدم استيعاب: ما الذي تقوله يا جوزيف!
قمنا بالإلتفات حوله بخوف حتى فجر المفاجأة بأعين هلعة وفك مرتجف: أوليفيا. قد اختفت أيضاً!
هاه!
ما هذا الآن أيضاً!
سأله كريس بحزم وغضب: ما الذي من المفترض أن يعنيه هذا؟!
أجابه ينظر للفراغ بعدم استيعاب: ترجلت من السيارة بينما يقودها والدها وتوارت عن أنظاره فجأة. يقول بأنها اختفت قبل دقائق فقط.
شهقت جينيفر قبل أن تقول بجدية: لنبحث عن الطفل بسرعة.
ظل كريس في مكانه بعين متسعة! فاقتربت منه مهدئاً: لا بأس، ربما يلعب في الأرجاء يا كريس.
ولكنني أعلم أن خوفه وخوف جينيفر له مغزى كبير وأخشى أن يكون إحساسي في محله!
انتفضت بذعر عندما زمجر عاجزا عن الحفاظ على رباطة جأشه: يلعب؟ لقد هربت واختفت وفي المقابل ابني أيضاً قد اختفى! اللعنة.
قال جملته تلك وخرج بخطى منفعلة، تبعته شارلوت بسرعة وقالت وهي تنظر باتجاهنا فوراً: لنبحث عن جيمي.
تبعها سام وجينيفر وكذلك تيا وإيثان، الجميع قد خرجوا من الكوخ ليبحثوا عنه، أردت الخروج أنا أيضا ولكنني استوعبت أمر خالي ماكس الذي لا يزال يقف في مكانه فاتجهت نحوه وقلت متسائلا بتوجس: خالي؟
نظر إلى بعين باهتة وناصلة وهمس: إنه محق. اختفاء أوليفيا لا يبشر بالخير!
نفيت بسرعة وانا أطمس في نفسي شعور الخوف وأتظاهر بالرزانة: خالي توقف عن التفكير بهذه الطريقة! أنا واثق أن جيمي يلعب بالقرب من هنا وحسب.
نفي برأسه ببطء وهمس بتوجس: حفيدي الصغير.
اتسعت عيناي عندما لمحت فقدانه لتوازنه قليلاً فأسرعت أسنده بقلق: هل أنت على ما يرام؟! خالي ما الذي يحدث معك أنت أيضاً!
ساعدته على الجلوس فابتسم وفي فكه رجفة طفيفة: أنا بخير، اذهب معهم بسرعة وابحث عنه، أوليفيا لا تفكر بعقلها يا ستيف، من فضلك اتبعهم.
نفيت بحزم: ولكنك لا تبدو بخير، هل تحتاج أي شيء؟ هل تريد القليل من الماء؟
ظل وجهه شاحباً وفي عينيه الداكنتان نظرة عميقة من الخوف ومع ذلك ابتسم بوهن: من فضلك يا بني أسرع، أنا بخير ثق بي. سأطمئن عندما يعود جيمي إلى هنا لذا من فضلك ابحث عنه معهم. ما الذي تنتظره.؟
و. ولكنه. لا يبدو بخير!
وجهه شاحب جداً! هل على تركه حقاً؟
لا أحد هنا سواي!
بللت شفتاي مفكراً بالأمر بقلق ولكنه لم يسمح لي بذلك وإنما حثني على الخروج بنبرة راجية.
تيا:.
الجميع ينادي بأعلى صوته، رين أيضاً علم بالأمر وخرج ليبحث عنه في الأرجاء، ولا سيما عندما علم بأمر اختفاء أوليفيا!
حسناً بدأت حقاً أقلق وأعجز عن التفكير في أي شيء!
عندما ذُعر كريس بتلك الطريقة لم أعد أستطيع السيطرة على نفسي، وكذلك جدية جينيفر المفاجئة!
صرخت منادية بإسمه وبرفقتي إيثان والسيد جوش.
الباقين قد ابتعدوا ليبحثوا في مكان آخر.
أين قد يكون!
أعلم بأنه من الصعب تصديق هذا ولكننا نبحث منذ ربع ساعة عن جيمي ولا أثر له!
عدنا نحن الثلاثة حيث الأكواخ لنرى السيدة ستيفاني وزوجها وكذلك كلوديا ينظرون إلينا وقد عادو للتو فقط، وعندما تبادلنا النظرات أدركنا أن لا أحد قد رآه فعاودنا نبحث مجدداً.
ابتعدت عن السيد جوش واسرعت في خطاي نحو الأشجار حيث الغابة، يمكنني سماع صوت شارلوت وكريس وستيف أيضاً!
لا زالوا يبحثون عنه إذاً!
يا الهي.
وللمرة الثانية عدنا حيث الأكواخ لعل أحدهم قد وجده ولكن. هذه المرة اجتمعنا كلنا!
نظر كريس إلينا بعدم تصديق وفي عينيه العسليتان نظرة خوف لم أرها في حياتي كلها.
عقدت حاجباي بقلق شديد ولم أعلم ما على قوله أو فعله!
النظرة في عينيه كفيلة بمحو أدنى شعور بالأمل أو الأمان!
انتفضت على صوته الغاضب: لماذا توقفتم بحق الإله! لنكمل البحث عنه. إنه هنا! أنا واثق من ذلك!
نبرته كانت تقول عكس ذلك! نبرته فضحت خوفاً وتوجساً من الصعب السيطرة عليه مما جعلنا نتحرك فوراً لنفترق مجدداً.
توغلنا في الغابة أنا وإيثان ونحن ننادي بإسمه، وعلى بعد مسافة أستطيع سماع سام وشارلوت يبحثان عنه.
يا الهي. بدأت قدماي ترتجفان إثر التوتر!
بعد لحظات اجتمعنا مع سام وستيف وقد تبادلنا النظرات المتأملة بالخير ولكن لا فائدة.
سمعت أثراً للخطوات خلفي ولم يكن سوى رين الذي كان يعقد حاجبيه بتركيز ويبحث بعينيه في المكان وقد تجاوزنا مكملاً طريقه.
تساءل إيثان بجدية: الم تقل شارلوت أن ذلك الطفل لن يجرؤ على الإبتعاد؟
أومأت وكذلك ستيف الذي أيد الأمر: بالفعل جيمي لن يجرؤ. إنه يخشى المغامرة وحده أصلاً! كما أنه كان متحمساً للخروج مع كريس فلماذا قد يبتعد!
علق سام بهدوء: ما قاله السيد ماكس بشأن اختفاء تلك الشقراء يثير الريبة حقاً.
تنهدت ونفيت برجاء: من فضلكم توقفواً عن هذا! لا يجب أن نفكر بسلبية لنكمل البحث وإن ظل مختفياً سنتصل بالطوارئ بسرعة.
شارلوت:
اللعنة على ساقي التي لا يمكنني استخدامها في وضع حرج كهذا!
مسحت بكم قميصي دموع الخوف عن عيناي وأكملت أنادي بإسمه وقد تغيرت نبرتي للرجاء!
متى سيخرج ويقول بأنه كان يشاكسنا بحق الإله!
أشعر بإنقباض بقلبي.
لا أشعر بالراحة!
نظرت إلى كريس الذي ينادي بإسمه ويبدو منفعلاً كثيراً وهو ينظر من حوله في كل مكان.
وكذلك رين الذي يبحث بعين قد احتدت ويمشي بخطى سريعة!
استندت على إحدى الأشجار الهث بصعوبة وأنظر إلى قدمي بكره.
إنها تعيقني عن البحث بسرعة! حينها صرخت بإسم جيمي مجدداً وتقدمت نحو كريس لأقول بقلق: آن الوقت لنخبر الطوارئ.
ولكنه ظل ينظر من حوله بعين مشتتة وبدى وكأن صوتي لم يخترق مسامعه حتى!
بل وتعثر قليلاً وكاد يفقد توازه لولا أنه استعاده فوراً واكمل طريقه منادياً بسخط: جيمي. هذا يكفي أخرج بسرعة! صدقني سأقوم بمعاقبتك بشدة على مزاحك هذا!
شعرت بالغصة الشديدة لنبرته تلك وأغمضت عيناي بقوة وتبعته لأنادي أنا أيضاً بصوت مرتجف.
ستيف:
ليس مجدداً!
التقيت بكريس وشارلوت دون جدوى!
رؤية كريس هلعاً هكذا تجعلني غير قادر على التفكير بروية.
زفرت بقوة بسبب التوتر وحدة أعصابي وقلت بنفاذ صبر: أنصت، هذا حقا يكفي لنخبر الطوارئ ليساعدونا في البحث عنه!
ولكنه صرخ بغضب: سأواصل البحث عنه، اذهب بسرعة واتصل بهم.
لم تستقرا عينيه العسليتان في مكان واحد وهو يواصل مناداة إسمه بل ويهدده بأن يخرج حالاً وإلا غضب عليه بشدة.
نظرت إلى شارلوت التي تلهث وتقف على ساقها بصعوبة وقالت نافية: هذا جنون. أسرع يا ستيف لنتصل بالطوارئ.
ولكن رين استوقفنا بحزم: صمتاً جميعاً.
هدأ كريس بعين مترقبة وفم مرتجف، وكذلك أنا وشارلوت ولكننا لم نسمع شيئاً فزمجر كريس بحنق: ماذا هناك!
حذره رين بأن يصمت قليلاً وحينها اتسعت أعيننا في اللحظة نفسها عندما تهاوى على مسامعنا صوت خافت جداً!
حاولنا التركيز معاً حتى جحظت عينا كريس بهلع وتراجع لخطى صغيرة قبل أن يستدير ويتبع مصدر الصوت.
هذا الصوت.
بكاء؟
قطع أفكاري همس شارلوت بعدم تصديق: إنه جيمي! يمكنني سماعه!
تحركنا خلف كريس وحاولنا الإنصات جيداً وفي كل مرة كنا نقترب من الصوت أكثر.
إنه حقاً جيمي! إنه يبكي!
كان كريس سريعا في خطاه وهو يتقدمنا حتى بات الصوت واضح جداً، حينها بدأ ينادي مجدداً بإسم جيمي وأردف بصوت عالي وبنبرة مرتجفة متوترة: أين أنت تحديداً؟ توقف عن البكاء ونادني بوضوح لأستطيع الوصول إليك. اللعنة أين هو!
اختفى فجأة صوت جيمي فتسمرنا في مكاننا بإستنكار وخوف، ولكنه عاود يبكي مرة أخرى فتبعنا صوته.
من المحال أن يبتعد جيمي بنفسه كل هذه المسافة! لقد ابتعدنا كثيراً عن المخيم وتوغلنا في الغابة!
ها هو ذا صوته بات قريباً جداً.
وكأنني. ألمحه أمامنا هناك!
عندما تسمر كريس في مكانه وخلفه رين وصلت أنا وشارلوت لنقف نحن أيضا بعدم استيعاب.!
كان يبكي ويقف بوجه هلع ويديها تمنعانه من التحرك! إنها هي.
أوليفيا!
تمسك بكتفيه بقوة وتجبره على السير معها ولكنها انتبهت لوجودنا!
بل وتنظر إلينا بعين زرقاء حازمة ووجه غاضب!
اللعنة. ما الذي تفكر به الآن!؟
تقدم رين بحزم: أوليفيا. دعيه وشأنه!
ولكنها لم تحرك شفتيها لتنطق ولو بكلمة.
عقد كريس حاجبيه وهو ينظر إلى جيمي الذي يبكي وسرعان ما اتسعت عيناه وكذلك أنا!
لاحظت غصن صغير جدا وحاد في يدها! سحقا لها ما الذي تنوي فعله!
رفع كريس يده مهدئاً: دعيه. إنه مجرد طفل، لا يوجد ما تفعلينه معه! إن كنت غاضبة بشأن ما حدث ورحيلك فيمكننا التفاهم معاً.
كان قد تقدم قليلاً ولكنها زمجرت بغضب: قف عندك.
توقف فوراً فتدخلت شارلوت برجاء: أوليفيا. لا ذنب لجيمي بأي شيء، إنه مجرد طفل صغير! أرجوكِ دعيه يذهب، ذلك الغصن حاد جداً.
ولكن أوليفيا نفيت برأسها بسرعة ولم تعلق!
تناثر شعرها القصير حول وجهها وهي تتراجع خطى بطيئة للخلف فقال رين بحزم: سحقا يا أوليفيا ما الذي تريدينه منه!
أضاف محذراً: اتركيه وشأنه. ستندمين على هذا صدقيني! حسابك مع والده لذا افلتيه ليذهب.
ظل جيمي يبكي بوجه متورد ونادى بخوف: أبي.
عض كريس على شفتيه بقلق وهو يحدق إليه وأشار له مهدئاً: توقف عن البكاء، سنغادر بعد قليل وسنذهب معاً إلى المهرجان حسناً؟ توقف فقط عن البكاء ولا تتحرك.
قال ذلك عندما شعرنا باقتراب الغصن من عنقه!
همست أوليفيا بعدم فهم: رين. ما الذي كنت تقصده!
رمقها بتساؤل وقبل ان يفتح فاهه أضافت تحدق إلى جيمي: أنت مخطئ، لا شأن لي بوالده. فحسابي مع كريس.
ما هذا الجنون الآن!
كيف تتحدث هكذا بينما تنظر إلى جيمي؟!
هذه المختلة اللعينة.
رصيت على أسناني محاولاً التفكير بأي حل، ماذا لو استدرت خلفها مثلاً؟ ولكن. أخشى أن يتسبب هذا في إيذاء جيمي بطريقة أو بأخرى.
علقت شارلوت بقلق: حسنا يا أوليفيا هذا صحيح. حسابك مع كريس وستتفاهمان حالاً لذا اتركي جيمي قليلاً!
ظل جيمي يبكي بخوف في حين مرر كريس يده في شعره بتوتر وانفعال قبل أن ينظر إلى رين ويمسك بياقته ليسأله بأعصاب تالفة: ما هذا الجنون. لا تخبرني أنها تظن جيمي. تظنه.
تلعثم قليلاً قبل أن يكمل بغضب: تظنه أنا؟
اتسعت عيناي وكذلك شارلوت! ابعد رين يد كريس عنه وتجاهله ليقول بحزم موجها حديثه إليها: أوليفيا أحذرك ولأخر مرة أن تتركي الطفل وشأنه. أسرعي، هذا الوغد بجانبي هو من تريدين تصفية حسابك معه. عندكِ إياه اقضي وقتك كله في التفاهم معه!
نفيت برأسها وهي تنظر إلى جيمي بتأمل: لست بحاجة إلى أي بديل. لدي كريس بالفعل ويمكنني التحدث معه على إنفراد.
هذه المجنونة!
فغرت فاهي بعدم تصديق ولا سيما عندما نظرت إلى شارلوت بحقد وقالت: أنتِ السبب في كل ما أمر فيه، لست السبب في فساد الأمر مؤخراً فقط كما ظننت، بل منذ زمن بعيد جداً! منذ أن كنت طفلة حمقاء أحاول التقرب إليه في حين كان مجرد غادر وخائن يفكر بكِ طوال الوقت. نلت كفايتي.
طرفت شارلوت بعينيها بعدم استيعاب بينما زفر كريس بنفاذ صبر: من فضلكِ دعيه. على الأقل أبعدي ذلك الغصن عنه!
تقدم رين بغضب ولكنها أسرعت ترفع الغصن نحو عنقه بحزم، أوقفه كريس بإنفعال: قف مكانك!
أضاف ينظر إليها ويقول بنبرة واهنة عالية: هذا يكفي. سأفعل ما تريدينه أنا جاد، هيا. لنتحدث!
شردت عينيها للحظة وهي تخفض ناظريها للأرض: كنت محقاً. أنا لا أحب كريس، أنا في الحقيقة أمقته وأحسده، ولطالما كنت كذلك. أكره كريس كثيراً وتمنيت مكانه، تمنيت الكثير. ولكن. كيف ظننت بأنني وقعت في حبه! أم تراني فعلت هذا لأسرق موقعه فقط؟
ما الذي تهذي به تحديداً!
دمعت عينيها وهي تردف: أفتقد أمي كثيراً. أفتقد خالتي باتريشيا!
اتسعت عينا رين بدهشة لتكمل بدورها باكية: اشتقت إليها. لم أكن متعلقة بها فقط بل كنت أراها جزء من حياتي! لم تسئ معاملتي يوماً، لم تكرهني يوماً، إنها تدرك أدق تفاصيل حياتي! ولكنك حرمتني منها. لم يعد لي أحد يفهم ما يجول في خاطري! رؤيتك مرتاح كثيرا بعد وفاتها أمر يثير غضبي وسخطي.
زادت دموعها التي تأبى التوقف في حين وقفت في مكاني أنصت إلى كلماتها هذه!
زمت شارلوت شفتيها بإستياء في حين ظل كريس يحدق إلى جيمي وحسب، علق رين بإستنكار: الجميع يعلم بحقيقة تلك المرأة، وفي المقابل لا زلت تدافعين عنها! اللعنة. أنتِ لن تتغيري مهما حدث!
صرخت بغضب: اخرس. تلك المرأة كانت تجيد لعب دور أمي جيداً، كنت أعد الساعات لأزورها فقط، كنت أشتاق إليها قبل مغادرتي حتى، لن تشعر بما أمر به!
وما الجديد! لا أحد في المنزل يحظى بإهتمام خاص من أمي فلماذا أنتِ الوحيدة التي تتصرف بهذا الحمق بحق الجحيم!
ظلت تنفي برأسها بقوة وبدأت تبكي، ارتخت يديها كثيراً على كتفا جيمي. رأيت الراحة على وجه كريس ولكن.
تلك الراحة تبددت تماماً عندما ركض جيمي في الإتجاه المعاكس!
بدلا من الركض نحونا اتجه للخلف بسرعة وبذعر!
تبعه كريس محذراً بحزم: جيمي توقف عندك.
انهارت أوليفيا لتجلس على الأرض باكية بوجه متورد في حين أسرعت شارلوت خلف كريس وكذلك تبعتها.
يا الهي. لا يجب أن يركض في الأرجاء وحده ماذا لو أصابه مكروه، أتمنى أن يدركه كريس فوراً.
اقتربت من كريس بدوري وكلانا يركض خلفه وعندما وصلنا إليه أخيراً وهو يبكي ويركض فغرت فاهي بذهول وهلع بل وانقبض قلبي بشدة لرؤيته يفقد توازنه وينزلق ليتدحرج جسده في الهواء!
صرخ كريس بإسمه بذعر وهو يسرع في خطاه ولكنني توقفت في مكاني رغماً عني في حين تجاوزتني شارلوت بصعوبة وهي تسحب قدمها وبالكاد تركض.
جلست على الأرص بعدم تصديق وأنا أسمع صوتاً.
جعلني أغمض عيناي بخوف شديد!
أرجو أنني مخطئ فيما سمعته...
أرجو أنني أتخيل إثر الضغط الذي ينتابنا!
ولكن صراخ شارلوت وكريس وهلعهما أكد لي ظنوني فعضيت على شفتاي وأمسكت بالثلج على الأرض محاولا السيطرة على نفسي ومع ذلك فشلت.!
سمعت خطى رين وقد تجاهل أوليفيا وتبعهما.
وحينها أدركت أنه واقع!
صوت الإرتطام الذي سمعته كان لرأس جيمي...
عندما اختفى بكاؤه وصوته فجأة. كان نتيجة لذلك الإرتطام.!
تيا:
لمحت ستيف فأشرت لإيثان وسام وقلت: ها هو. أخبرتكما أنني سمعت أصواتا هنا.
تحركنا فوراً لنرى ستيف يجلس على الأرض بوجه شاحب جداً وهو يغمض عينيه وكلتا يديه ترتجفان!
أفزعني مظهره وانحنيت قليلاً أحدق إليه بتمعن ولم أكد أسأله حتى سمعت صوت صراخ بالأسفل.
ارتفع حاجباي بخوف وانا اتقدم وقد سبقني سام الذي تسمر في مكانه، نظرت حيث الساحة الجليدية الصلبة في الأسفل وقد ارتفعت يداي المرجفة نحو ثغري ودمعت عيناي لرؤية بركة الدماء الحمراء حول رأس جيمي وقد انهار جسدي على الأرض أحدق إليهم بعدم تصديق!
كريس يصرخ برجاء كشخص مجنون وشارلوت تبكي محاولة إبعاده عن جيمي وهي ترجوه أن يتركه وألا يحركه من مكانه! كانت تحاول إقناعه بألا يزيحه حتى لا يزيد وضعه سوءاً وهي منفعلة ولكنه.
أبعدها عنه بقوة واحتضن جيمي بين يديه وهو يصرخ عليه ويأمره بأن يستيقظ حالاً.
حرارة دموعي جعلتني أهمس بضعف وخوف: لا يمكن.
تقدم إيثان بخطى سريعة متمالكاً نفسه ونزل بإتجاههم وحاول مساعدة شارلوت على إبعاد كريس عن جيمي. ولكنه رفض وظل متمسك به وألقى عليه سيلاً من التهديدات وهو يصرخ وبدى لوهلة كطفل هلع: اللعنة يا جيمي افتح عينيك حالاً، سأحرمك من اللعب والتنزه! لا يمكنك أن تكون جاداً.
نجح إيثان في إبعاده عنه فأسرعت شارلوت تمدد جسد جيمي على الأرض وتصرخ على سام بأن يتصل بالطوارئ وضرورة مجيئهم بطائرة للإسعافات.
بدى جسد كريس قد وصل حدوده وانهار وهو يحاول ابعاد إيثان وهو يصرخ بوجه قد تورد إثر انفعاله: افتح عينيك حالاً، . اتفقت معك على أن نذهب إلى المهرجان وحدنا. حاولت التغير لأجلك يا جيمي لذا افتح عينيك من فضلك! أنت تمزح، أنا أعلم جيداً أنك بخير. وعدتك أن أكون أفضل فلماذا تعاملني هكذا بربك! قد أكون قاسيا معك ولكنني أقسم لك بأنك تعني لي كل شيء! اللعنة لا تفعل هذا بي! أرجوك. افتح عينيك حالاً وإلا غضبت وعاقبتك! افتحهما. أعدك بأنني سأكون أباً جيداً معك دائماً. لا تعاملني هكذا. دعني أوضح لك ما تعنيه لي حقاً. جيمي.
ظلت شارلوت تبكي وهي تتفحص جسده الصغير وتأخذ من رين وشاحه لتضعه حول رأس جيمي وصرخت بخوف: احمله، لنأخذه بأنفسنا إلى المشفى بسرعة لا وقت لنضيعه. نبضه ضعيف جداً من فضلك أسرع.
آنا:
دفعت عربة التنظيف وأنا أغلق باب غرفة الجلوس العلوية.
وأكملت طريقي نحو الغرفة التالية لأنظفها.
نظرت إلى الباب بشرود قبل أن أفتحه.
ثم تنهدت بعمق شديد ودخلت إلى الغرفة، نظرت إلى السرير ذو الفراش الأزرق والألعاب الموجودة في الغرفة في كل مكان، ابتسمت بإستياء شديد وأنا أزيل الغبار عن الطاولة.
يا له من شعور موحش.
أن يختفي أحد أفراد العائلة ويترك مكانه خاليا تماماً. شعور بشع ترك خلفه قلوب تعتصر حزناً وألماً.
دمعت عيناي ولكنني تمالكت نفسي بسرعة وانا أرتب المكان وأتأكد من عدم تكون أي غبار في أرجائه.
السكون يسود المنزل منذ شهر ونصف.
بالكاد يتناول الجميع طعامهم، وبالكاد يتحدثون مع بعضهم. يجتمعون في وقت الطعام فقط ومع ذلك تبقى الأطباق ممتلئة، سمعت أن الآنسة شارلوت خسرت فرصة خوض الإختبارات بسبب الكارثة التي حلت على العائلة قبل شهر ونصف، وكذلك ستيف الذي خسر فرصة التسجيل في الجامعة.
ومع ذلك.
إنها الآن من آخر إهتماماتهم، فالوضع منقلب رأس على عقب، السيد كريس اختفى تماماً في أول يوم للعزاء فقط ولا أثر له حتى اليوم، بالرغم من محاولات الجميع البائسة في إيجاده ولكن لا جدوى.
سمعت السيد جوش يسرد قائمة المواقع التي أمر في البحث فيها ولكنه لم يجد ما يسره، الفنادق، النُزل، الشقق السكنية المحتملة وجميع المعارف والزملاء.
لا أحد رأى السيد كريس، لا أحد يعرف عنه شيئاً.
حتى هاتفه لا يمكن الوصول إليه.
لويت شفتي بضيق شديد وبعد انتهائي من الغرفة اتجهت إلى التي تليها، أعتقد بأن الجميع سيعود بعد ساعة أو أقل، إنهم في المشفى وأراهن على أنهم يجبرون أنفسهم على الإبتسام والضحك. وبالرغم من هذا فكل منهم يرغب في الحصول على فرصة واحدة لينفجر فيها.