قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عذرا لكبريائي للكاتبة أنستازيا الفصل الحادي والأربعون

رواية عذرا لكبريائي للكاتبة أنستازيا الفصل الحادي والأربعون

رواية عذرا لكبريائي للكاتبة أنستازيا الفصل الحادي والأربعون

شارلوت:.

نحن الثلاثة نجلس أمام حقيبة واحدة نقوم بتوضيبها، كانا سعيدان جداً لذا ها أنا ذا أجاري حماسهما الشديد متناسية كل شيء وملقية بكل الهموم خلف ظهري، فابتسامتهما وبراءتهما من الصعب ربطهما بالمشاكل أو الأحزان وما يشغل رأسي، براءة الأطفال تمنحني شعوراً بأن لا شيء في هذه الحياة قادر على التغلب على الطهارة والنقاوة الحقيقة لجماليات هذا العالم! لا شيء يستحق أن نحزن لأجله حقاً! إنه شعور مؤقت ينتابني في كل مرة أرى فيها أعينهما تشع بالحماس والبهجة وكأن كل تفكيرهما ينحصر على كيفية إسعاد نفسيهما فقط.

نظرت إلى الحقيبة بتمعن متسائلة: هل أنت واثق يا جيمي بأننا لم ننسى شيء مهم؟
نظر بجدية وإهتمام إلى الحقيبة قبل ان يرفع عينيه العسليتان الواسعتان نحوي: نعم، لم ننسى شيء.
أضاف عاجزاً عن إخفاء حماسه: ماذا عنكِ يا بريتني؟
نظرت إلى بريتني التي كانت تجلس بجانبي تتناول قطعة كعك صغيرة وقالت نافية: أخبرني رين ألا أقلق بشأن حقيبتي لأنه طلب من أحدهم تجهيزها مسبقاً، آنسة شارلوت ما الذي قد نفعله في المخيم؟

عندما يتعلق الأمر ببريتني. فيمكنني أن أرى إهتمام رين الواضح بشأنها!
بعد ما حدث في الأمس لم أكن قادرة على التوقف عن التفكير بشأنه، كريس بعد ان أنهى استحمامه اندس تحت الفراش فوراً ونام دون أي كلمة مما جعلني أحتار أكثر.

انتشلت نفسي من الأفكار الدخيلة متأثرة بعينيها الزرقاوين المترقبتان باستغراب فابتسمت: أمور كثيرة يا عزيزتي، التزلج على الجليد، الشواء وصعود المرتفعات ورياضات وأنشطة كثيرة بالإضافة التي ركوب مقاعد التلفريك المتحركة، ماذا أيضاً! أوه نعم. لا تنسي المهرجانات التي تُقام بالقرب من مواقع التخييم. ستقضون وقتاً ممتعاً بلا شك.

لمعت عينيها بالحماس الشديد وفغرت فاهها بسعادة: يبدو هذا رائعاً حقاً، ما رأيك يا جيمي أن نتزلج فور وصولنا!
انخرط جيمي في الحديث المنفعل بحماس معها فنظرت إليهما بتمعن أتفقد ما إن كانا يرتديان الملابس المدفئة والملائمة، حتى وقفت متجهة لخزانة جيمي لأخرج منها عدة قفازات ليديه ووضعتها في الحقيبة ثم أغلقتها وتركت أحد القفازات معي في جيب معطفي ليرتديه بعد قليل.

ابتسمت وأمسكت بأيديهما ليقفا وقد عدلت من القبعة الصوفية البيضاء على رأس جيمي مشيرة بإبهامي: هل نذهب؟ إنها العاشرة والجميع في إنتظارنا بالأسفل. هيا!
حينها طُرِق الباب ودخلت آنا التي حملت الحقيبة عني وكنت ممتنة لها لأنني لا زلت أواجه صعوبة الحركة الحُرة بسبب إصابة ساقي التي تعيقني قليلاً.

نزلت برفقتهما إلى غرفة الجلوس حيث الجميع. أخذ الخدم الحقائب إلى السيارات. كما كانت آنا متأهبة هي وخادمة أخرى للذهاب برفقتنا لأجل بعض الواجبات إضافة إلى مرافقة الصغار في أي مكان يكونون فيه.

الجميع هنا يتحدثون معاً، ستيف يبدو منهمكاً في النظر لهاتفه ثم رفع عينيه مفكراً قليلا قبل ان يحدث نفسه ويبتسم بخبث وسمعته يهمس: سيفقدن الفتيات الملاحقات عقولهن عندما أقوم بتحديث الصور، سيرين كم أبدو جذاباً وأنا أتزلج.
فغرت فاهي ببلاهة وقد نفيت برأسي بلا حيلة، لا أدري إن كان ستيف على ما يرام أو أنه يلجأ لكل هذا لإلهاء نفسه، على الأغلب هو يشعر بالضيق لما حدث ولكنه يجيد التظاهر ببراعة!

أنا أيضا لا يجب أن أنسى ما طلبه مني، على أن أحاول التركيز على تصرفاتي ومعاملتي له، لا يجب أن يتفاقم الأمر بطريقة أو بأخرى.
حسنا. انتبهت للتو أن رين وكريس ليسا هنا!
نظرت إلى أمي وأبي وابتسمت متسائلة: هل اتصلتما بسام؟
أجابني أبي يومئ برأسه: اتصلت به. وأنظري إلى المصيبة، أخاكِ أضاع الموقع وها هو يبحث عن الحي.
ضحكتُ بخفوت وكذلك كلوديا التي اقترحت: لننتظره في السيارة سيصل خلال لحظات بلا شك.

أيدها جوش قبل أن يتساءل بحيرة: ماذا عن إيثان وتيا؟
أجابه السيد ماكس وهو يقف: اتصلت بتيا قبل قليل وقالت أنهما خرجا مسبقاً لذا يفترض أنهما سيسبقاننا بمسافة لا بأس بها لينتظراننا عند محطة الوقود.
مهلاً. استوعبت أمراً للتو!
تلك المزعجة أوليفيا. لا أراها!
بحثت بعيناي قبل ان أتساءل بصوت خافت محدثة نفسي: أين هي.!

شعرت باقتراب السيدة أولين مني لتقول بنبرة منخفضة لا يسمعها سواي ممررة يدها على كتفي: شارلوت. سيكون هذا مزعجاً حقاً، ولكنها مع كريس.
اتسعت عيناي: هاه!
أومأتْ بهدوء: إنها تقتنص الفرص، بالرغم مما حدث في الأمس فهي لم تيأس بل وتتصرف بلطف بالغ اليوم. لقد تأخرتِ عن تناول الفطور مع الجميع ولم تريي كيف كانت عازمة ومصممة.

لويت شفتي بإزدراء شديد وهمست بغيض أرص على أسناني: سيدة أولين سأرتكب جريمة في حقها! عليها أن تكف عن الإلتصاق به إنها تستفزني كثيراً! لقد تشاجرت مع كريس بالأمس بسبب ما قالته أمامنا ولكن الخلاف بالكاد قد انتهى بيني وبينه!
تنهدت وقالت بتفهم: أتفهم وضعك. كما أشعر بأنه يوجد خطب ما مع كريس فهو يتصرف بغرابة منذ الصباح.
إنها محقة. كريس منذ الصباح الباكر يبدو مختلفاً كثيراً، ربما. هادئاً وجاداً أكثر!

لا شك أن لتصرفاته علاقة بالأمس. بشأن رين.
زميت شفتاي مفكرة بعمق ثم أخذت شهيقاً وتحركت بإستسلام تام ممسكة بيد جيمي.
خرجنا جميعنا نحو موقف السيارات في الحديقة الخلفية ولم تفتني نظرات أمي المتمعنة نحوي، هي بكل تأكيد لا تشعر بالراحة للوضع الحالي وتدرك أنني منزعجة كثيراً.

أراهن على أنها كانت مصممة على المغادرة وكذلك أبي نظرا لما وقع من جدال أمامهما وربما يلومان نفسهما، ولكن السيد ماكس لن يسمح بمغادرتهما ببساطة. من الجميل ان يكون قادراً على إقناعهما، كما أنني لن أسمح بأي تطاول آخر على أمي وأبي أو حتى شقيقاي.
ثمَ هذا حقاً كثير جداً.
بعد ذلك الجدال في الأمس ها هي اليوم تحاول التقرب إليه واغتنام الفرص عندما لا أكون في الجوار!

كان السيد ماكس وأولين ووالداي قد ركبا في السيارة مع السيد مايكل، جوش وكلوديا وستيف في سيارة واحدة ومعهما آنا والخادمة الأخرى، رين ووالده في سيارة واحدة مع بريتني.
والبَلوى الآن. الكارثة الحقيقية.
أوليفيا تجلس في المكان الذي من المفترض أن أجلس فيه!
بجانب كريس!
وقفتُ بعدم استيعاب أمام سيارته السوداء في حين فتح جيمي الباب الخلفي وركب ويبدو متحمساً جداً وهو يعدل القبعة في كل حين.

أخفضت أوليفيا زجاج النافذة متسائلة باستغراب: ما الأمر؟
أشرت إليها بهدوء لا أدري كيف تقمصته: ما الذي من المفترض أنك تفعلينه هنا تحديداً؟ بجانب زوجي؟
ثم نظرت إلى كريس الذي يرمقها بطرف عينه ولم تفتني النظرة المنزعجة في عينيه. إن كان يريد منها أن تغرب عن وجهه فلماذا يلتزم الصمت هكذا! فليمنحها القليل فقط من قائمة وقاحته!

ولكنني تفاجأت به يقول بنبرة أكثر هدوءً مني: اذهبي برفقة والدك. إنه ينظر إليكِ ويبدو في انتظارك.
ولكنها نفيت مبتسمة: لا بأس لا يشكل هذا فارقاً، جميعنا متجهون في المكان ذاته.
تصلب فكه قليلا كشخص يبدو وكأنه يبلغ جهده في إحكام فمه لئلا يقول المزيد! إن كان يريد ان يصرخ عليها او يطردها فأنا أريد تحطيم جمجمتها حالاً! بل أريد إغلاق النافذة على رأسها وأتركها معلقة للأجيال القادمة!
سحقاً لها.

لو تشاجرت معها الآن فسأفسد الأجواء بلا شك! إنها تغضبني. يا الهي إلى متى على إحتمالها؟ إلى متى سأصبر على إنعدام كرامتها!
نظر كريس للوراء حيث جيمي، قال وهو يحاول تمالك أعصابه: شارلوت سيكون جيمي أفضل حالاً بجلوسك إلى جانبه.
تحركتُ بخطى عصبية وجلست بجانب جيمي وربطت الحزام متكتفة بغضب.
سأخنقها. هذه الفتاة سأخنقها حتماً!
كيف ينبغي لي التعامل مع فتاة نصفها مختل والآخر لا يجيد سوى البكاء؟

أحكمت قبضة يدي بقوة محاولة الحفاظ على رباطة جأشي وقد تبدد كل هذا عندما شعرت بيد جيمي على يدي وهو يقول: أمي، أخبري أبي أن يسمح لبريتني بمرافقتنا!
كان كريس قد انتبه لما قاله فنظر للوراء نحونا وقال بهدوء: هل هذا ضروري؟! ستقضيان كل الوقت معاً عندما نصل.
عقد جيمي حاجبيه وقال بتردد: أبي! أرجوك.
تدخلتُ مبتسمة بلطف: انتظرني لحظة فقط وسنصحبها معنا.

لمع الأمل في عينيه في حين أسرعت أنزل من السيارة وهدأت من روعي وانا على وشك ان اصفق باب السيارة بأقوى ما لدي منفسة ومعبرة عن القليل مما أشعر به.
اتجهت للسيارة الحمراء بجانبنا والتي كان يجلس خلف مقودها رين وبجانبه والده، طرقت على نافذة رين مبتسمة بترقب فنظر إلى ببرود ففتحها وقال بإزدراء وإنزعاج: لا تطرقي على نافذة سيارتي بهذه الطريقة. لقد تركتِ أثراً!
اقتضبت: إنها مجرد نافذة.

نفي والده برأسه وأسرع يقول: كف عن هذا يا رين! ما الأمر يا شارلوت؟
أجبته متسائلة بلطف: سيد جوزيف اتيت لأستميحك عذرا بأخذ بريتني معنا، كما تعلم. جيمي لن يكف عن البكاء او الاعتراض بعيدا عنها. هل هناك أي إشكالية في اصطحابها معنا؟
ضحك بخفوت: هكذا إذاَ.
ثم نظر للخلف وقال: هيا يا بريتني. اذهبي مع منقذتك.
أجابته بحماس ودون تردد: حسناً.

ترجلت بريتني فوراً وأمسكت بيدي مبتسمة بسرور ورفعت رأسها نحوي: هل يمكنني الجلوس بجانب جيمي؟
أجبتها بلطف: بالطبع! ثم ليس وكأنني سأجلس في المنتصف، سيكون مظهري أخرقاً حينها!
وهكذا ركبت بريتني معنا.
كان جيمي يجلس بجانب النافذة وبجانبه بريتني، بينما جلست بجانب النافذة خلف كريس مباشرةً.

كانت سيارة السيد مايكل قد تحركت قبلنا بلحظات قليلة فقط، حرك كريس سيارته للوراء ليخرج من الموقف ولكن رين فعل ذلك في اللحظة آنها كذلك!
وقف كريس لمهية ونظر إليه ببرود، كان الآخر قد توقف أيضاً ولكنهما عاودا يرجعان للخلف في اللحظة ذاتها حتى كادا يتصادمان فقلت منبهة: م. مهلاً!
عقد كريس حاجبيه بانزعاج: لقد حركتُ السيارة أولاً. عليه أن ينتظر ريثما نخرج.

زميت شفتاي وهمست بلا اكتراث: أنت أو هو. ما المهم في من خرج أولاً فكلانا سنصل للوجهة نفسها!
تجاهلني وعاود يحرك السيارة فحرك رين السيارة كذلك ورأيت السيد جوزيف يبدو منزعجا وهو يقول شيئا لرين الذي ظهر عدم الإكتراث على وجهه.
إنهما يتعمدان فعل ذلك! لا أدري ما الفائدة ولكن. هذه مجرد تصرفات صبيانية لا يوجد أي داعِ لها!

مررت يدي في شعري بملل وقلت: دعه يخرج لقد سبقنا الجميع ولا بد وأنهم سيكونون مضطرين لإنتظارنا يا كريس.
ولكنه لم يعلق في حين تكتفت أوليفيا وبدت ضجرة، عندما حرك رين سيارته تفاجأت بكريس يفعل ذلك أيضا فتوقفت كلاهما فوراً.
حركة واحدة فقط وسيتصادمان بلا شك.
قلت بإنزعاج ونفاذ صبر: هذا يكفي!
ما الذي يكفي تحديدا؟ إنه يقوم بمعاندتي.
ليس وكأنك من تقوم بالمسايرة! فلننهي الموضوع ونتركه يخرج أولا.

قلت لك بأنني حركت سيارتي أولاً.
لقد حرك سيارته أيضا في الوقت آنه.
شعرت به ينظر إلى من المرآة الأمامية وكنت محقة فأعقبت ألوي شفتي بغيض: دعه يخرج لننتهي!
أبعد عينيه عن المرآة و همس: لا.
ألا بأس لديك في أن ينتظرنا الجميع؟! كيف ستتصرفان في المخيم إن كان هذا ما تؤول إليه الأوضاع في البداية وقبل أن نغادر حتى!
ليست مشكلتي.
لا يمكنك أن تكونَ جاداً!

نظر بريتني وجيمي نحونا باستغراب وترقب بينما تنهدت أوليفيا متمتمة: لماذا أنتِ متحيزة إلى رين هكذا؟
قطبت جبيني: هاه!؟
لما لا تنزلي من السيارة وتخبري رين بأن ينتظرنا لنخرج أولاً ونختصر الأمر؟
احتدت عيناي وأنا أنظر إليها: ماذا عن تنازلكِ أنتِ قليلا لتتحيزي لأخاك؟

ولكنها أشاحت بوجهها بعيدا وتجاهلتني فتنفستُ ببطء لئلا أفقد أعصابي، استمر الوضع هكذا فلم يكن مني سوى ان أنزل من السيارة وقد طفح الكيل، كريس يظنني سأذهب لأقنع رين ولكنه مخطئ.
وقفت خلف سيارة كريس متكتفة بل وأعطيت السيارة ظهري لئلا أراه، ما أن رأى رين ذلك حتى ظهر بريق النصر في عينيه وأعاد السيارة للوراء ليتحرك.
عندما خرج من الموقف استدرت وعدت لأركب وأجلس بصمت فالتفت كريس نحوي بغيض شديد ومع ذلك لم يعلق!

هذا الأحمق الصبي عديم الصبر. يظنني سأذهب وأقنع رين وأهدر وقتي مع ذو الرأس المتحجر الآخر!
إن كان عقاب الرجل يتمحور في جلوسه مع النساء لينصت إلى ثرثرتهن الفارغة فيوجد عقاب آخر يتمحور حول الجلوس مع رين وكريس في المكان ذاته ليكتشف لاحقاً أنهما يتحركان بأدمغة فارغة!

تحركنا أخيراً خلف سيارة رين، وعندما خرجنا من المنزل لا حظت أن كريس حتى في أبسط الأمور يعانده، فمن الواضح أن فكرة القيادة خلفه تؤرقه وتهين كبرياؤه فهو مصر على ان يزيد من سرعته قليلاً ليقود أمامه.
هذا سُخف. إن كانت أوليفيا تغضبني بجلوسها إلى جانبه فهو يزعجني بقدرات عقله المحدودة. على أي حال مزاجي الآن سيء جداً!
أسندت رأسي على النافذة أستمع إلى أحاديث جيمي وبريتني بشأن خططهما للتسلية والتزلج وما شابه.

عندما تعالى رنين هاتفي أسرعت أجيب وقد رأيت رقم أمي التي أخبرتني بأن إيثان قام بأخذ سام الذي ابتعد عن الحي وهو يبحث عن المنزل فاضطر للذهاب إليه.
أنا بحاجة ملحة لرؤية وجه سام الذي يجيد انتشالي من المزاج السيء.
بحاجة إلى التعقل وعدم الصراخ على أوليفيا مع أنني بدأت أشك في قدرتي على ذلك.

إنها تحاول التحدث مع كريس بشتى الطرق في مواضيع مختلفة، والأخير يجيبها بردود مختصرة وموجزة جداً، كان من المفترض أن تعي أنه لا يرغب في الحديث معها ولكن هيهات.
بعد فترة توقفنا جميعنا في إحدى محطات الوقود، أولا لتعبئة البنزين بشكل كامل وثانيا لنأخذ بعض التسالي من المتجر.
نزلت من السيارة فوراً أمدد جسدي بكسل وأستنشق الهواء بعمق، كنت أعد الدقائق لأتخلص من الهواء الذي تتنفسه أوليفيا.

ولكنني وبينما أقف تفاجأت بيد قد وُضعت على عيناي بقوة وصوت عميق مزيف: من أنا؟
تأوهت محاولة إبعاده: ستقتلع عيناي يا سام كفاك سُخفاً!
ابتعد ونظر بطرف عينه للسيارة وهو يهمس لي: لماذا تجلس بجانب زوجك بينما تجلسين في الخلف مع الأطفال؟ هل تم احتسابكِ ضمنهم؟
ظريف جداً. ولا تسألني عن هذا الموضوع لأنني أحاول جاهدة الحفاظ على هدوئي، لَكم أرغب في تهشيم رأسها.

عقد حاجبيه ونظر نحوها ثم إلي: هل أفهم بأنها تحاول الإلتصاق به.
بل أنها فعلت هذا حقاً.
بدى مستغربا كثيراً وهو يتمتم: هكذا إذاً، مع أنها كانت تبدو لطيفة.
تستحق جائزة الأوسكار على أدائها.
تستحقينها أيضا على صبرك، بالمناسبة.
قالها كلمته الأخيرة بعين محبة وهو ينحني لينظر إلى بريتني وجيمي الجالسان في الخلف وقال بلين ولطف مبالغ به: هل كنتِ تجلسين بجانب هذه المخلوقات الصغيرة؟

ابتسمتُ رغماً عني ثم ضحكتُ بسخرية: نعم كنت أجلس بجانبهما لا تتردد وتحدث إليهما.
حينها نزل كريس فابتسم سام له بهدوء: مرحباً بزوج أختي.
بادله كريس الإبتسامة وفتح فاهه ليتحدث ولكن قطع ذلك أوليفيا التي نزلت وقالت مبتسمة: هيا لنسرع.
نظرت إلى يدها التي تمسكت بذراعه وهي تحثه على التحرك فاشتعلت غضبا وتبعتها بحزم ولكن سام استوقفني: مهلاً.

اتركني يا سام لقد تمادت كثيراً! إن كان عاجزاً عن إيقافها عند حدها فسوف أمحيها أنا تماماً.
تنهد بعمق وظل ممسكاً بكتفاي يمنعني من التحرك حتى يئستُ أحدق إليهما وهما يدخلان المتجر.
أنا حقاً متضايقة وبشدة. إلى متى سيستمر الوضع بهذه الطريقة! هل ستطول هذه المهزلة!؟
أطرقت برأسي بإستياء وحزن فوضع يده على رأسي: إياكِ وإظهار تعبيراً كهذا أبداً ولا سيما أمامها، لا تسمحي لها بالشعور بنخوة الإنتصار.

نظرت إلى الأرض غير قادرة على إخفاء تعابير الحزن فأعقب مبعثراً شعري: سنلقنها درساً لا تقلقي، أريد فقط دراسة الأعداء من حولي قبل اتخاذ أي خطوة.
ضحكتُ بخفوت محاولة اخفاء التعبير الذي تربع على ملامحي وضربت كتفه: بذكرك لأمر الأعداء. لم يكن لدي أي أعداء إطلاقاً، كنت أعيش حياة مسالمة تماماً حتى ظهر كريس واتخذت لنفسي الأعداء من كمل مكان.

رفع كتفيه: لا يوجد من يعيش حياة مسالمة، لا بد من وجود الكارهين يا شارلوت، ثم لا تنسي كاترين التي كانت عدوتك اللدودة.
شعرت بالإشمئزاز وقد لويت شفتي: لا تذكرها.
وعندما انتبهت لإيثان وتيا اللذان يقتربان قلت بسخرية: ما ان ذكرتها حتى ظهر محبوبها.
همس لي بإزدراء شديد: لم يكن محبوبها، وإنما كانت مجرد عابثة لا تعرف كيفية الوقوع في الحب.

عندما وصل الإثنان وضع سام يديه في جيبه وقال بجفاء: الا يكفي الحوار العاطفي الذي كنت مجبرا على سماعه في السيارة؟ ما الذي تريدانه الآن؟!
ارتفع حاجباي باستغراب فابتسم إيثان بثقة وهو يضع يده على كتف تيا: إنه منزعج ويشعر بالوحدة.
تجاهله سام وقال لي بإنزعاج: لم يتوقفا عن مغازلة بعضهما أمامي سراً وعلانية! هذا بالفعل مقرف ومؤذي لعيناي!

أضاف مقلداً بنبرة مختلفة: ستكونين أجمل عروس على هذه الأرض. اللعنة لماذا لا يحتفظان بهذه الخصوصيات بعيداً عني، ثم خمني ماذا؟ لم أعلم بشأن زواجهما سوى بعد منتصف الليل عندما ارسل بنفسه رسالة لي! هذا يعني أنني أخر من يعلم بالأمر!

ضحكت اضع يدي على كتفه: بالنسبة لمغازلتهما لبعضهما فالخطأ خطؤك، لو لم تكن تائهاً لما اضطر الزوجان أخذك في طريقهما، والخطأ الآخر هو كونك عازباً وتشعر بالرغبة في قول كلمات مماثلة لفتاتك.
نفي برأسه: لا زلت في الرابعة والعشرون فقط.
اشمئز إيثان: وبدلاً من ذلك لا تمانع العبث مع الفتيات طوال الوقت.
رفع سام يده يستوقفه بثقة وغرور: مخطئ، الفتيات من يلاحقنني. كما أنني لا أتجاوز حدودي معهن.

ثم أكمل بخبث شديد: هل تعلمان ما الذي قد يفعله أبي وأمي عندما يدركان أن أخي العزيز كان في شقة الصهباء في الأمس ولم يأخذها في طريقه كما تدعيان؟
نظرت تيا إلى إيثان ثم تنهدت: شقيقك يعشق جذب المصائب.
أضافت مهددة تحدق إلى سام بحدة: فكر في إخبارهما فقط.
اتسعت عيناه الداكنتين في حين ابتسم إيثان بفخر، ضحكتٌ بإستخفاف: حسنا قفي عندكِ يا تيا كل شخص عدى سام.

بينما كنا نتحدث لمحتُ رين الذي نزل من سيارته واتجه إلى زاوية بعيدة خلف المتجر.
كريس وتلك الشمطاء لم يخرجا من المتجر بعد! لا شك بأنها تتعمد تأخيره.
زفرت ثم استأذنت دون شعور مبتعدة منهم متجاهلة سؤال سام بشأن المكان الذي سأقصده.

لم يلاحظني أحد عندما وصلت إلى الزاوية التي سلكها للتو، لا أدري إلى أين ذهب وما يريد فعله ولكنني كلما تذكرت ردة فعله في الأمس وشحوب وجهه المفاجئ أشعر برغبة عارمة في الإطمئنان عليه! رين هذا يذكرني بكريس بعض الشيء. فكلاهما يلجئان لخلق شخصية منفرة وكل ما أشعر به أنهما يفعلان هذا لحماية شيء ما في داخلهما.

بحثت عنه حتى وجدته يقف أمام أحد أبواب المتجر الخلفية والذي كان مغلقاً، يستند على الحائط واضعا إحدى يديه في جيبه والأخرى يمسك بها سيجارة وقد نفث دخانها وهو ينظر للفراغ بملل.
هذا الأحمق!
اقتربت خلسة حتى انتزعتها من يده ثم وضعت يدي في جيب معطفه وكما توقعت وجدت علبة السجائر!
بدى متفاجئا قليلا لوجودي وعندما استوعب الأمر أغمض عينيه وقال بحزم: أعيديها بسرعة.

تجاهلته ونظرت للسيجارة في يدي ثم رميتها على الأرض بعيدا عني ووضعت العلبة في جيبي، لمحني أفعل ذلك فرمقني بجفاء ومد يده محاولا أخذها فوضعتها فوراً داخل قميصي وإن صح التعبير تعمدت دسها في صدري ولكنني لم أتوقع ان يكون وقحا إلى درجة ابتسامه بثقة: تظنين بأنني لن أخذها بوضعك لها في مكان كهذا؟
اجفلت لقوله ولكنني تجاوزته و أسرعت أقولُ بجدية: ألم أخبركَ مُسبقاً أن التدخين مضر؟
ألم أخبرك بأنه لا شأن لكِ؟

رفعت حاجباي ببرود: هكذا إذاً. ربما على التحدث مع السيد جوزيف بشأن تدخينك، كما أعلمُ جيداً أنك لا تخشى والدك كثيراً فهذا يعني أنك تخشى وصول الأمر إلى والدتك وحسب. الست محقة؟
قلب عينيه بنفاذ صبر: ما الذي تريدينه تحديداً؟!
ابتسمت قائلة: لا تصنع نهايتك بنفسك! ثم فلتكن مسؤولاً وحذرا قليلا. نحن هنا في محطة للبنزين الا تكترث بحياتنا؟
ليس تماما.
ياللوقاحة.

بدى وكأنه تجاهل الامر بمحض إرادته وعاد ليستند على الحائط فوقفت بجانبه أستند على الحائط أنا أيضاً، وضع يديه في جيبه ونظر للأمام بصمت.
يا ترى هل سيغضب إن سألته بشأن الأمس؟ ليس وكأنه سيجيبني ولكنني أتساءل عما ستكون عليه ردة فعله فقط.
لكل منا نقطة ضعف.

همست بها دون شعور وقد تسرع لساني قبل أن أتخذ قراراً، نظر إلى بطرف عينه قبل ان تحتدا وقال بصوت أجش: أنتِ لا تريدين افتعال شجار الآن صحيح؟ أغلقي الموضوع وإياكِ أن.
أنت تخشى الظلام وأنا أخشى الحشرات بكل أنواعها وأحجامها! سام يكره الأماكن الضيقة كثيراً بل ويخشاها، إيثان يكره الوقوف على الأرضيات الزجاجية الشفافة ويتجنبها دائماً، أمي تخاف الإزدحامات المرورية وأبي يخشى الوحدة لأنه لطالما كان اجتماعياً!

أضفت بهدوء: لكل شخص مخاوف داخلية لأسباب معينة، لا يوجد أمر نخشاه دون سبب. الرضيع في لحظة والدته يبكي يا رين! جميعنا متفقين منذ بدايتنا أننا بكينا ووُلد معنا الإحساس بالخوف! الأمر طبيعي وليس من المخجل أو المخزي أن تخشى الظلام.
همس مطرقاً رأسه: أكره هذا كثيراً. لا تتحدثي وكأنك تفهمين كل شيء.
ارتفع حاجباي للحظة ثم نظرت للأمام متمتمة: أنت محق أنا لا أفهم شيء. إنها الحقيقة، ولكنني فقط.

ولكنه تحرك بخطى حازمة وحذرني بحدة: توقفي عن التدخل في كل شيء، لستُ بحاجة للوقوف مع ثرثارة مزعجة لذا اتركيني وشأني.
أسرعت أقول بغيض: قلتَ بأنك صريح وواضح. لا أرى ذلك.
وقف في مكانه فنظرت إلى ظهره بترقب وتطلع، حتى تمتم أخيراً: أكره كريس.
زميت شفتاي فالتفت قليلاً ليكمل بهدوء: هل أنا الآن واضح كفاية؟
بالنسبة لي. لا.

بدى مستنكراً لإجابتي فعللت بتردد: لا أشعر بأنك تكرهه حقاً!، تواصل قول هذا الهراء ولكنك في الحقيقة لم تقم بإيذائه أصلاً. الأشخاص اللذين يرددون انهم يحبونه قاموا بإيذائه نيابة عنك.
ظل ينظر إلى بصمت ولم أرى تعبيراً واضحاً! كنت متمسكة بالأمل قليلاً. كنت أتوق ليتحدث أخيرا ولكنه استدار ولم يقل كلمة واحدة.

زفرت بإحباط ووقفت في مكاني بلا حيلة. أعلم بأنه لن يبوح لي، أولا أنا لست مقربة منه ومعرفتنا سطحية كما أنني زوجة كريس فليس وكأنه سيخبرني بما يجول في خاطره.
ولكن. تنتابني رغبة ملحة في مساعدته.
لا أشعر بأن رين شخص سيء! حقيقة هو ليس كذلك وإنما يحاول أن يبدو سيئاً وقد نجح في هذا تقريباً! ما الذي يدور في رأسه تحديداً؟

أخذت شهيقا عميقا وأخرجت علبة السجائر من قميصي ووضعتها في جيب معطفي ذلك أنني لم أجد حاوية بالقرب مني.
أسرعت في العودة ورأيت الجميع قد ركبوا إلى السيارات مسبقاً، كريس وأوليفيا قد عادا!
عندما اقتربت لمحتها تشرب من كوب قهوة من علامة تجارية شهيرة في حين جيمي وبريتني يمسكان بقطع شوكولا ادركت ان كريس قام بشرائها لهما.

دخلت السيارة وجلست لأضع الحزام ونظرت لبريتني لأقول بنصف عين: بريتني. لقد تناولتِ في المنزل كعكة، وها أنتِ ذا تتناولين لوح شوكولا كاملاً، هل تعلمين ما ستؤول إليه الأوضاع في فمك الصغير؟
نفيت باستغراب فأوضح جيمي نيابة عني: سوف تتسوس أسنانها، اليس كذلك؟
أومأتُ له بتحذير فبادلني النظرة الحذرة بتلقائية، عندما اعتدلت في جلستي تفاجأت بكريس يمد يده للخلف ممسكاً بكوب ورقي يخرج منه البخار الحار!

ارتفع حاجباي أنظر إليه عبر المرآة الأمامية فقال: قد تتشنج يدي. أسرعي.
امتدت يداي لأخذه هامسة: شكراً.
نظرت إلى الكوب وأمسكت بيه بين يداي، حسنا لا أنكر سعادتي.
علي الأقل ذهب برفقتها مرغما واشترى لأجلي قهوة ساخنة. قربت الكوب نحو أنفي أستنشق الرائحة المخدرة لمزيج الكراميل بالقهوة وتساءلت إن كان تأثيرها أم تأثير شراء كريس لها!

ابتسمت بلطف ورفعت رأسي مجدداً وحينها التقت عيناي بعينه في المرآة الأمامية ولمحته يبتسم لي ابتسامة سريعة قبل أن يحرك السيارة.
لو لم يكن جيمي وبريتني هنا ولم لم تكن عديمة الكرامة تجلس إلى جانبه لعانقته دون شعور!
عندما تحركت السيارات الأخرى كنا نسير بسرعة متساوية تقريباً.
وكلما توغلنا تصبح الطريق ضيقة شيئاً فشيئاً وعالية أكثر.

بينما كنت أحدق إلى الطريق عبر النافذة سمعت أوليفيا تتساءل: كريس. ألا بأس بشرب هذا؟
نظرت إلى ما تقصده لأدرك أنه كان يرتشف من شراب ساخن، رمقها بعدم فهم بنظرة سريعة فاختلست بدورها نحوي نظرة ماكرة ببرود قبل ان تعاود النظر إليه لتقول بإهتمام: لقد تم عصر الليمون فوق هذا الشاي لذا من الأفضل ألا تشرب منه.
أردفت تأخذه منه بلطف: دعه حتى لا يتسبب لك في آلاماً لمعدتك.

الليمون يسبب لمعدته آلاماً؟! أتراها ملمة بكل تفاصيل حياته؟! سحقا. مجرد معلومة بسيطة كهذه لم أملك عنها أدنى فكرة.
ما الذي أعرفه حتى.
وما الذي لا زالت تخبئه في جعبتها؟
بعد فترة ليست بقصيرة.
وصلنا إلى المرتفعات التي تغطيها الثلوج في شمال المدينة.
الشمس وجودها في هذا المكان لمجرد ان تكتسح أشعتها الأرض لتنيرها فقط فهي لا تبث ولو قليلا من الدفء، بل أنني بدأت أشعر بشيء من طقطقة العظام جراء البرد الشديد.

يوجد الكثير من الأشجار يميناً وشمالاً وينتصفها الطريق الذي نسلكه، الأشجار كلها مغطاة بالثلوج والطريق تبدو زلقة بعض الشيء.
يمكنني رؤية بعض الأشخاص اللذين اختاروا بداية الطريق بقعة مناسبة ليجلسوا فيها، إنهم يقومون بالشواء ويبدو أن الكثيرون منهم أصدقاء مراهقين.
كما يوجد عوائل كلما توغلنا أكثر.
يوجد من يتزلج هنا وهناك على مرتفعات الثلوج يمكنني لمحهم من هنا.

ويوجد من يلعب بالثلج ويمرح ويوجد من يوثق اللحظات ويلتقط الصور.
ابتسمت بهدوء متذكرة تخييمنا أنا وعائلتي قبل سنوات. كان المكان مختلفا تماماً في مدينتي.
المكان هنا. بصراحة أفضل وأجمل وأوسع. كما يبدو لي من الوهلة الأولى. التصق جيمي وبريتني بزجاج النافذة محدقين إلى الخارج بأفواه مفتوحة إثر الحماس.
احترت قليلا وأنا أرى كريس يكمل طريقه وخلفنا باقي سيارات العائلة!

صعدنا أكثر فتساءلت بحيرة: اليس هذا هو المكان؟
أجابني: لا. المخيم الذي نملكه أبعد قليلا.
تملكونه؟ ظننت بأننا سنقوم بتأجير أحد المخيمات بالقرب من الناس هناك.!
ابتسمت أوليفيا بملل: ياللسطحية التفكير.
رمقتها بإمتعاض: لم أكن أحدثكِ لذا دعيني وشأني.

بعد فترة وجيزة أبطء في قيادة السيارة مقابل أربعة أكواخ متوسطة الحجم، كان الأربعة بجانب بعضهم البعض على مستوى واحد، إنها أكواخ بتصميم مماثل و خشبية بلون بني داكن ذات طابقين، ذلك أنني رأيت شرفة في كل منهم، الشرفة كانت ذات سياج خشبي وأسفلها مباشرة مساحة متوسطة وُضع عليها طاولة مربعة وأمام كلُ منهم أربعة كراسي، كما يوجد حول السياج الصغير بجانب كل كوخ زراعة قد غطتها الثلوج.

الإضاءة الصفراء التي تنير الأكواخ من الداخل وقد انعكست من النوافذ جعلتني أدرك أنني قد أكون مستعدة لقضاء العام كله فيها! يوجد بساطة وفي الوقت آنه أناقة ملفتة! بالرغم من أن الأكواخ خشبية إلا أن الأرضية المقابلة كانت حجرية ذات لون رمادي وحول هذه الأكواخ بعض الأشجار والصخور ضخمة الحجم.
ابتسمت متأملة المكان بشرود وقد لفت انتباهي لوحة قبل الكوخ الأول كُتب عليها ملكية خاصة .

كان كريس لا يزال يحرك سيارته ببطء ليوقفها بعيدا عن الأكواخ قليلاً وحينها مرت بجانبنا سيارة إيثان وقد أفزعني الوجه الأبله الذي يصنعه سام لي وقد الصق وجهه بنافذته فضحكت بخفوت مشيرة له بالجنون المُحتم.
أوقف الجميع سياراتهم وبدأوا بالنزول وهذا ما فعلته أنا أيضاً بحماس شديد، آنا والخادمة الأخرى كانتا تخرجان الحقائب واتجهتا فوراً إلى الكوخ الأخير فخمنت أنه يحوي الأدوات اللازمة للتخييم.

كانت السيدة أولين مشغولة كذلك معهما، نزل السيد ماكس يضع يديه في جيب معطفه ويبدو منكمشاً من شدة البرد فتذكرت فوراً أمر قفازات جيمي في معطفي، أخرجتها ونظرت إليه وقد وجدته يأخذ من الثلوج تحت قدميه ويعبث بها بسعادة فاقتربت إليه لأقول: إياك وأن تنزع هذه القفازات يا جيمي عليك أن تبقي جسدك دافئاً، حسناً؟

ساعدته على ارتدائها وبدى عجولاً ليكمل ما كان يفعله ويشارك بريتني، وقفت ونظرت لكريس الذي يتحدث مع جوش وأردت الإطمئنان ما إن كان يرتدي وشاحه وقفازاته. جيد. فأنا لا أريده أن يعاني من تلك الحساسية مجدداً!
اقترب كلاهما نحوي وقد قال جوش مبتسماً: شارلوت، الكوخ الثاني سيكون لك ولعائلتك، يؤسفنا أنك قد تكونين مضطرة للإبتعاد عن كريس ليلاً.

اجفلت بإحراج لأنفي بإندفاع: لا مشكلة لدي سيد جوش! ليس بالأمر الكبير ثم أنني مللت البقاء معه ولا أمانع النوم مع عائلتي.
نظر كريس إلى بنصف عين قبل ان يبتسم بسخرية ونظر من حوله، ابتسم جوش: حسناً، والكوخ الأول سيكون لنا.
قالها قاصدا عائلة السيد ماكس، كلوديا وستيف وكذلك جوش وحتى كريس وجيمي.
أما الكوخ الثالث فلجوزيف وأبناؤه.

بينما الكوخ الأخير للسيدة أولين وآنا ورفيقتها، وكذلك يحوي مطبخاً وغرفة للطعام متوسطة الحجم.
أنظري إلى أنفك المتورد.
قيلت بنبرة ضاحكة تلاها سحبة قوية لأنفي فتأوه وقد دمعت عيناي رغما عني، لم يكن سوى سام فقلت بغيض: سحقا هذا مؤلم جداً!
قلتها محاولة الظفر به وأحاول ضربه فضحك وهو يمسك بيداي يمنعني وقال: كريس زوجتك شرسة جداً ولكنها لطيفة في الوقت آنه هل تعلم أنني من دربها على كيفية حماية نفسها؟

ابعدت يده عني بغضب في حين قال كريس بنبرة أخفى فيها مكره: حتى شراستها قد تبدو لطيفة أحياناً.
اتسعت عيناي لذلك التلميح بينما تظاهر جوش أنه لم يسمع شيئاً، نظر سام إلى ثم إلى كريس وقال بجفاء: هيه أنت. حتى وإن كنت زوجها فغير مسموح لك بالمغازلة العلنية، لا تعتقد بأنني أحمق لقد قرأت ما بين سطورك.
ابتسم كريس ولم يعلق بينما أشحت بوجهي وقد تسارع تنفسي!
أن يقول كلمات كهذه أمامهما.
هذا محرج!

ومع ذلك شقت ابتسامة راحة ثغري وتجاوزت النظر إليهم، حينها اقترب ستيف وهو يتحرك بثقة وغرور فتنهد سام: سيد جوش، هل ضربت ابنك خلال الطريق؟
رفع ستيف حاجبه الأيسر وقد وقف أمامنا وبدى وكأنه نسي ما اراد قوله والذي أراهن على أنه مجرد حديث بلا هدف، أجاب جوش بحيرة: لا. لماذا!
جادله سام: حقاً؟ ولكن. أنظر إليه وجهه يبدو متورماً وعيناه منتفختان، إن لم يتلقى الضربات فربما غط في نوم عميق طوال الطريق!

همس ستيف بشك: متورم؟
أخرج هاتفه بسرعة وفتح الكاميرا محدقاً إلى نفسه بقلق قبل أن يزمجر بإنزعاج: وجهي الوسيم الفريد! عيناي البندقيتان الجميلة! لا تكذب لا يوجد تورم وما شابه. لم أكن نائما على أي حال.
سمعت كلوديا تقول من بعيد وقد التقطت ما قاله: صحيح لم تكن نائما. فقط أزعجتنا بصوت شخيرك والحان صفارة تنفسك.

ابتسم كريس مشيحا بوجهه قبل أن يضحك بسخرية، في حين عجزت عن الإحتمال وقد انفجرت ضاحكة انا وسام الذي استند على كتفي بقوة وقال: يا الهي. وأخيراً وجدت من يتنمر عليه والديه أكثر مني!
علت ضحكاتي أكثر نتيجة لقوله فانزعج ستيف: أنا جاد. أي محاولة لتعكير مزاجي وإفساد رحلتي هذه فسأحزم أمتعتي وأغادر فوراً.
أشار له سام بلباقة: لا تزال حقيبتك مغلقة، غادر. رافقتك السلامة.
اصمت.

هيا يا ستيف لا تكن صعب المراس وحاد الطباع وأطلق العنان للطيف الفكاهي في داخلك، لقد عانيت منذ أربعة وعشرون عاما من سوء معاملة عائلتي وصبرت وانظر إلى النتيجة. أنا مجرد شاب طيب القلب يتجاوز أي إهانة موجهة له! لا بد من وجود الأعداء في حياتك.
أغمض ستيف عينيه: الأعداء؟ والداك وأخويك؟
ابتسم سام بتوتر: حسناً لم أقصد هذا.

قالها وقد أدركنا ان ستيف تعمد سؤاله عندما مرت أمي أمامنا ممسكة بحقيبتها تمشي مع السيد ماكس وأبي.
عندما ابتعدت أمي غضب سام: أيها اللئيم!
ابتسم ستيف بنصر واستمر جداله مع سام، ابتعد السيد جوش ليأخذ شيئا من سيارته في اللحظة التي تكتف فيها ستيف بثقة: مخطئ، لا يوجد من يجرؤ على توبيخي في هذا العالم، وإن كنت تقصد إهانات أمي وأبي فهما يحبان تدريبي على مشقة الحياة.

ضحكت نافية: إنه كاذب يا سام، كلوديا لا تتوقف عن توبيخه في كل حين!
أومأ سام: ويقول بأن لا أحد يجرؤ على توبيخه.
حينها تعالى صوت السيد جوش من جهة سيارته وبدى منزعجا كثيراً: ستيف أخبرتك أن تنتبه وانت تشرب القهوة في السيارة! فلتأت حالاً ونضف مقعدك بسرعة قبل أن يترك أثراً.
أضاف بحزم: الآن.
نظر سام باحثا من حوله: كنت أتحدث للتو مع شخص قال بأنه لا يوجد من يجرؤ على معاتبته.

اغتاظ ستيف وتحرك بخطى غاضبة وتعمد دفع سام بكتفه بقوة والأخير قد دفعني دون قصد ففقدت توازني قليلا ولكنني سرعان ما وقفت باستقامة عندما ارتطم ظهري بصدر كريس والذي امسك بكتفاي.
كنت على وشك الإبتعاد عندما قربني إليه ببطء ليلتصق ظهري بصدره فاتسعت عيناي وعجزت عن بلع ريقي!
كان سام يرتب مظهره منزعجا ومتذمراً: هذا الفتى، سيندم على دفعي بهذه الطريقة!
ثم نظر إلينا بإقتضاب: أنتما شاهدان على محاولته للنيل م.

ولكنه انتبه للوضعية التي يمسك كريس بي بها فطرف بعينه وأسرع ينظر نحو ستيف الذي يبتعد مرة أخرى وقال مكملاً: محاولته للنيل مني.
ابعدت كريس عني أرمقه بتوتر يجوبه إنزعاج لأخفي إحراجي. ما خطبه بحق الإله!
نظراته لا يحاول من خلالها استفزازي إطلاقاً بل أنه ابتسم بهدوء ثم نظر للمكان واستقرت عيناه على جيمي وبريتني اللذان يلعبان.
أشعر بالتوتر.
تعتريني سعادة وسرور من الصعب وصفهما ولكنني بدأت ألاحظ أمراً.

فعل ذلك وأوليفيا غير متواجدة أمامنا، وعلى ذكرها فها هي تقترب الآن وقد خرجت من كوخ عائلتها في اللحظة التي دخل رين فيها إليه.
عيناها تركز على كريس وهي تقترب فلم أشعر بنفسي وأنا أتجه نحوه بخطى سريعة وأقترب منه لأتعمد سؤاله بإهتمام: هل القفازات تفي بالغرض؟ ألا تشعر بالبرد؟

طرف بعينه باستغراب قبل أن يستوعب الأمر والقى نظرة خاطفة عليها وهي تقترب، تفاجأت به يشبك أصابعه بين أصابعي بصعوبة نظراً لإرتدائه القفازات وقد همس: وأخيراً بات عقلك يعمل بصورة صحيحة.
استنكرت جملته ولكنني سرعان ما تجاوزت الأمر وقلت: إن كنت تعلم بأنني أتصرف هكذا بسببها افعل ما عليك فعله أنت أيضاً وأوقفها عند حدها.
ليس وكأنني لا أحاول.

أنت لست واضحا كفاية معها، في البداية كنت لا تمانع استخدام كل أنواع الشتائم والأساليب الوقحة معي ولكن عندما يتعلق الأمر بأوليفيا فأنت تبدو فجأة عاقلاً حكيماً. دع الحكمة جانباً ودعنا نتصرف معها بجنون وحسب!
اتسعت عينيه العسليتان محدقا إلى وكذلك أدهشتني جرأتي في الحديث وأسرعت أخفضت عيناي بإرتباك.
اللعنة أشعر بأنني كنتُ مندفعة أكثر من اللازم!

وصلت إلينا وهي تلقي على نظرات حادة وعندما وقفت أمام كريس ابتسمت واقتربت بكل وقاحة لتبعد يدي عن يده: لنأخذ جولة حول المكان يا كريس.
تنفستُ بعمق: أوليفيا. لا زلت صبورة معكِ، صبورة جداً ولكنني أؤكد لكِ أنني قد أعاملك كمختلة هاربة من مصحة عقلية إن واصلتِ استفزازي بطريقتك هذه.

انهيت جملتي وأنا الوي شفتي بإنزعاج، انتزع كريس يده منها بهدوء واقترب ليدفع كتفي يحثني على أن نتحرك ففعلت والقيت عليها نظرة خاطفة متوعدة لأقابل عينيها الباردتين.
هذا البرود. وهذا الهدوء المفاجئ يسبق العاصفة وحسب أنا واثقة من ذلك، فمن يدري ما نوع الأفكار التي تراودها الآن!

اتجه كلانا لنقف مع أمي وأبي والسيد ماكس، لحظات حتى تقدم إيثان وتيا وستيف الضجر وقد قال لماكس: خالي إنني أطلب منك المساعدة الحقيقية هذه المرة! أبي يقدس سيارته كثيراً لقد كانت مجرد بقعة قهوة صغيرة على المقعد ولكنني لا أدري كيف استطاع رؤيتها!
ضحك ماكس: انت تتحدث عن والدك يا ستيف لذا ينبغي انك أكثر من يعلم ما يغضبه وما يكره رؤيته.

اعترض بإستياء: ولكنه يبالغ كثيراً، فليكن متى سنعد الطعام لقد حرقت سعرات حرارية كثيرة أثناء تنظيفي لتلك البقعة، هو حتى رفض أن تساعدني آنا في مسحها.
علق كريس: ألم تقل بأنها مجرد بقعة صغيرة؟
حسنا كف عن التدقيق على كل ما أقوله.
ثم نظر من حوله بحذر قبل ان يهمس لنا جميعنا: سأضمن لكم أفضل رحلة تخييم لو طلبتم من السيد مايكل إعادة تلك الشقراء المختلة للمنزل!

نظرنا إلى أوليفيا التي كانت تقف وتتحدث مع والدها جوزيف أمام كوخ عائلتهم، تنهد أبي ورفع يده يداعب شعري فابتسمت له مطمئنة: أنا بخير. لا تقلق.
نفي ستيف: إنها تكذب سيد مارك! كيف ستكون بخير بينما تلك الساحرة تحاول التدخل بينها وبين كريس!
هدأته أمي: لا بأس يا ستيف. لا تشعرها بنفورك هكذا حتى لا تغضب أكثر وتصرف على سجيتك.

علقت تيا بهدوء: لا تجادلها وتجاهلها وحسب، فلتتخطى محاولتها لإستفزازك فلا يبدو أنها تطيقك أنت أيضا.
كانت كلوديا ترتشف من قارورة ماء وقد قالت بلا مبالاة: أخبرتك يا ماكس منذ البداية ألا تسمح لهم بالمجيء ولكن لطفك وخجلك منهم جعلنا نتورط في مجيئهم معنا.
وضع سام يديه في جيبه مفكراً: شقيقها رين يعزل نفسه، اليس كذلك؟
أيده إيثان: محق. لا يبدو لي بسوء شقيقته إن كنا نتفق جميعنا على أن تصرفاتها تستفزنا كلنا!

انسحبت بهدوء من هذا الحوار وفضلت ان أجلس مع جيمي وبريتني اللذان يصنعان رجل الثلج بإنهماك.
لا اريد التحدث عن أوليفيا ولا عن أي أمر متعلق بها فيكفيني ما أمر به الآن بسببها.
أي حديث أو نقاش يتضمن اسمها فسأكون أول من تهرب منه.
بعد فترة قمنا بتجهيز عدة الشواء وقمنا بتقسيم المهام، إيثان والسيدة أولين هما الأمهر بالنسبة للموجودين في مجال الطبخ وكم كان هذا محرجاً لي ولأمي وحتى لتيا.

كانت أوليفيا تجلس على أحد الكراسي أمام كوخ عائلتها وتضع ساقاً على الأخرى تتصفح أحد الكتب بينما رين يجلس على إحدى الصخور الكبيرة بالقرب من الكوخ الأول ويضع سماعات هاتفه في أذنه، لا يريد الجلوس معنا ولن يفعل. ولكن هل سيستمر هذا طويلاً؟ هل حقاً لا بأس بعزل نفسه؟ لقد ذهب إليه السيد ماكس ليحاول مسايرته وإقناعه بمشاركتنا ولكنه عاد خائب الأمل.

في الجه الأخرى بالنسبة لي فيوجد أمر يشعرني بالراحة. ستيف وكريس يتعاملان مع بعضهما بصورة عفوية وطبيعية جداً! بطريقة ما. يبدو أن كريس يتجاهل ما سمعه من ستيف بل ويتجنب تكبير الأمور، ستيف أيضاً يتصرف كمن لو كان يريد أن يفقد ذاكرته!
فليكن. أنا واثقة بأن أمر كهذا لن يؤثر عليهما. ستيف يرى كريس كأخ أكبر، وكريس لو كان غاضبا حقا لما تردد في تنفيس غضبه، لذا هذا جيد.

ابتسمت براحة بينما كنت وأمي وتيا نقوم بتقطيع الخضار وقطع اللحم والدجاج وما يلزم، إيثان والسيدة أولين يتوليان تتبيل الطعام والأساسيات بينما كلوديا تكفلت بأخذ ما قمنا بتقطيعه وتتبيله لتضعه في الأسياخ بترتيب معين بمساعدة آنا.

كريس لن يكلف نفسه في مشاركتنا بأمر لا يجيده، جوش وماكس وجوزيف وأبي يجلسون بالقرب منا ويخوضون حديثاً، أما تلك الخادمة الأخرى كانت مع بريتني وجيمي على بعد مسافة كافية بعيداً عن عدة الشواء.
ستيف وسام وكريس يجلسون على مقدمة سيارة كريس كما لاحظت سام وستيف اللذان يتحدثان بسلام وقد عقدا هدنة مؤقتة لا أدري إلى متى سيدوم مفعولها.
تذمر إيثان مشيرا إلى البصل: شارلوت الستِ من قامت بتقطيعه؟

أومأت بحيرة فاعترض: حجم حلقات البصل كبير جداً بالنسبة لأسياخ الشواء.
أيدته كلوديا وكأنها تسعى لتنتشل نفسها من تذمره: صحيح لا يمكنني تثبيته بهذه الطريقة!
انتابني الإحراج وقد امتعضت: حسناً لا توجه نحوي نقد قاسي كهذا، سأقطعها بطريقة أصغر.
ابتسمت أمي وهمست لي وهي تقطع الخضار بجانبي: يا الهي من المحرج ان يكون ابني أكثر مهارة في الطبخ مني.

همست لها تيا التي التقطت اذنها كلماتها: سيدة ستيفاني هذه ضريبة العمل في مدينة بعيدة وحده، بدأت أقلق من نقده المستقبلي لما قد أقوم بطهيه!
أيدتها لأخيفها أكثر: محقة، قد لا ينال إعجابه ثم يشمر عن قميصه ويريك الطريقة الصحيحة للطهي، هذه الأمر سيهين كبرياءك كامرأة وزوجة.
اعتلى الخوف ملامحها للحظات قبل ان تنهمك في التقطيع بحذر وهي تختلس نظرة إلى حجم شرائح اللحم التي يقوم إيثان بتتبيلها وتقارنها بما لديها.

لحظات حتى تحرك جوش ليقوم بترتيب الحطب الموجود بالقرب منا ويشعله بالنار فسمعت تعليق ستيف بصوت عالي وهو لا يزال يجلس على السيارة: آسف يا أبي ولكن من يراك تشعل النار بهذه الطريقة سيعتقد بأنك تقوم بتأدية طقوس طائفية.
ابتسمت بسخرية وأكملت ما أفعله بينما احتدت عينا جوش بتحذير و حزم: ستيف. أتعلم بأنني لن أندم على وضع جسدك في منتصف هذه النار لو حاولت التحدث بدلاً من فعل شيء مفيد.

حينها سيعتقدون بأنك تقوم بتحضير شيء ما يا أبي مضحياً بقربان لطيف وسيم.! ثم لحظة واحدة سام وكريس لا يقومان بشيء مفيد أيضا فلماذا توجه كلماتك هذه لي أنا فقط!

قالها بغضب فتدخلت السيدة أولين بهدوء منهمكة فيما تفعله: أولاً لنكن صريحين و واضحين، كريس لا فائدة ترجى منه عندما يتعلق الأمر بالطبخ وسام يبدو بأنه أتى ظنا منه أنها إجازة لقضاء شهر العسل، أما أنت يا ستيف فلست سيئاً في المشاركة ولكنك لا تريد ذلك فحسب وهذا ما ستلقاه عندما تسعى لتناول الطعام مجاناً.
ابتسم سام بسخرية قبل ان يستوعب الإهانة التي وجهتها إليه وبدى محطماً!

سمعت كريس يعلق محدقاً إلى ستيف بإستخفاف: يوجد ذنب قد اقترَفته ويعاقبك الإله عليه، ذكرني كم مرة قد تم توبيخك اليوم.
اقتضب ستيف وأشاح بوجهه بعيداً بإنزعاج ودقائق فقط حتى اتجه نحو بريتني وجيمي ليلعب معهما.
لحظات حتى انزعج إيثان متسائلاً: من الذي وضع الملح في خلطة التتبيل! من طلب ذلك أصلاً؟!
أجفلت أمي التي فعلت ذلك قبل لحظات وأسرعت تقول: لا بأس يبدو أن شارلوت اعتقدت انك أردتَ ذلك.

اتسعت عيناي بدهشة هامسة: لماذا تورطينني أنتِ من قامت ب.
همست لي مهددة: أنا والدتك وتوريطك أمر عائد لي ومن حقي. أصمتِ.
زفرتُ بغيض ثم نظرت لإيثان وأومأت على مضض: إنه خطأي.
تيا:.

مهمتي أنا وشارلوت قد انتهت فابتعدنا عن عدة الشواء لنجلس مع السيد ماكس والباقين، كان كريس الوحيد الذي يجلس أمام النار التي أشعلها جوش ليدفئ نفسه ومن الواضح أنه لا زال عاجزاً عن التأقلم مع برودة المكان، كان يجلس في وضعية القرفصاء يمد كلتا يديه للنار ويفركهما بقوة بعد ان نزع القفازات التي لا يبدو انها قد أتت بنتيجة بالنسبة له.

لحظات وقد تحركت مع وشارلوت متجهتان إلى ستيف وسام ولكنها توقفت بوجه محتار عندما ادخلت يديها في جيوب معطفها وأخرجت منها علبة وكم تفاجأت بها!
علبة سجائر!
بدت وكأنها استوعبت الأمر وتداركته لتدخلها فوراً وتلقي نظرة من حولها بقلق.
همست لها باستغراب: لماذا يوجد علبة سجائر بحوزتك؟
أسرعت تضع سبابتها أمام فمها بتحذير: أخفضي صوتك يا تيا!
قلت ببلاهة: لقد همست بسؤال لا يسمعه سوانا!

أومأتْ بحذر شديد وفتحت فاهها ولكنها سرعان ما توقفت عندما أتى صوتاً ساخراً: أوه. لا أصدق ما راته عيناي للتو!
لم تكن سوى أوليفيا التي تركت الكتاب واقتربت من شارلوت، لفت ذلك أنظار الجميع لنا فارتبكت شارلوت كثيراً ومع ذلك قالت بإنزعاج: ها هي ذا.
استنكرت الوضع كثيراً حتى وقفت أمامنا وقالت باستغراب مزيف: أريد فقط التأكد مما رأيته للتو! أظنني لمحتُ شيئاً غريباً.

رمقتها شارلوت بهدوء شديد: لا يوجد ما أريك إياه ثم ألم أقل لكِ لا تتحدثي معي!
ولكنها اقتربت من شارلوت وابتسمت: حقاً؟
مدت يدها بشكل سريع إلا أن شارلوت كانت أسرع منها وادارت جسدها لتعطيها ظهرها قائلة بحزم: توقفي عن هذا.
لماذا؟
اقترب كريس وقد تدخل بهدوء: هذا يكفي. دعيها وشأنها لا أحد منا يريد ان يهدر وقته في أي شجار!
ابتسمت أوليفيا ونفيت: لا تقلق لا أريد شجاراً، ولكن. الست فضوليا بشأن ما تخفيه في جيبها؟

حينها قالت شارلوت محافظة على هدوئها: توقفي عن التدخل في أموري الخاصة! ألا تملين هذا؟
ارتفع حاجبا أوليفيا قبل ان يرتسم على وجهها اللامبالاة وتتحرك خطى قليلة لتعود أدراجها فتنفست شارلوت الصعداء، رمقها كريس بطرف عينه بينما حدقتُ بدوري إلى أوليفيا التي عادت مجدداً وتساءلت بحيرة: ولكنني أريد أن أفهم لماذا قد يكون بحوزتك علبة سجائر. هل هي لكِ حقاً؟

تجاهلتها شارلوت وتحركت لتتجه إلى الجميع بجفاء لولا أن أوليفيا اقتربت بخفة حركة ووضعت يدها في جيبها لتخرج السجائر.
وقالت مبتسمة: حسناً أردت التأكد فقط.
أضافت ضاحكة: هل تدخنين يا شارلوت!
اسرعت شارلوت تنفي بحزم: بالطبع لا!
بلا شك. لمن هي إذاً؟
شارلوت:
نهايتها ستكون على يدي.
إنها تحفر قبرها بنفسها.

كنت حمقاء عندما نسيت أمر العلبة وأخرجتها من جيبي لأتفقدها باستغراب، كان على أن أدرك أن عينا هذه المنافقة تراقبني في كل مكان وزمان! إنها تتربص لي!
ما كان عليها التدخل هكذا. لا اريد ان يعلم والد رين بأنها له.
اذكر انه حذرني من اخباره. لن يكون الامر ممتعا او مضحكا ان يُحرج أمام الجميع.!
اسرعت انتزعها منها بحزم: لا شأن لك. دعيني وشأني.

امسكت بالعلبة احكم قبضتي عليها فأتى سؤالها وعينيها تتمعنان النظر لي: من يكون الشخص الذي تتسترين عليه؟ يبدو أن الأمر مهم بالنسبة لك. إن لم تخبرينا فسنقول وحسب انها لك أنت وتحاولين إبعاد الشبهات عنك.
كدت أصرخ عليها وأفتعل معها شجاراً ولكنني اجفلت ليد انتزعت العلبة مني فجأة فرفعت رأسي واتسعت عيناي.
رين!
احتدت عينا أوليفيا ترمقه بإنزعاج: ماذا الآن؟
وضع رين العلبة في جيب سترته وقال ببرود: إنها لي.

أعلم بانك تكذب.
قالتها بثقة فعاود يقول بهدوء: إنها الحقيقة، هذه العلبة لي أنا.
انتفض جوزيف كمن تعرض لتماس كهربائي وترك كرسيه مقترباً بعدم تصديق: رين. قل بأنكَ تمزح!
تدخلتُ بإنزعاج: غير صحيح سيد جوش! هذه العلبة كانت بحوزتي أنا فلماذا تكون ملكه!
عقد كريس حاجبيه بينما زمجر رين: لا داعي لهذا المشهد البطولي.
نظرت إليه بقلق وسألته بعيناي عن سبب ما يفعله الآن! ألم يكن مصراً ألا يخبر أي أحد!

رمقني بهدوء وكأن لا شيء يحدث أمامه إطلاقا!
ظننته لا يريد من والده أن. يكتشف أمره! لماذا يتصرف هكذا؟!
اخذ الغضب مجراه على ملامح جوزيف الذي لم يسبق لي رؤيته حانقا هكذا من قبل وقد تساءل بحزم: منذ متى؟
رفع كتفيه مجيباً: لا أذكر.
بربك يا رين لماذا تفعل هذا بنفسك! أنت تعرض نفسك للخطر وحسب! لديك إحتقان في رئتك فما الذي تحاول فعله تحديداً؟!
اتسعت عيناي بدهشة: إحتقان في الرئة؟

أضفت بعدم استيعاب أنظر إلى رين: لديك إحتقان في الرئة وتدخن بكل بساطة!
زفر بضجر: يا الهي هذا ما ينقصني الآن.
لمحت كريس الذي ظهر تعبير متضايق غاضب على وجهه وقد أشاح به بعيداً بل وتحرك مبتعداً!
ما خطب هذا الآخر الآن!
أجفلت بشدة عندما تقدم رين نحو أوليفيا وجذبها من ياقة قميصها بحزم لتقف على أطراف أصابعها وقد قال بهدوء: أرجو أنكِ سعيدة.
تركها بقوة ففقدت توازنها حتى اعتدلت واقفة بوجه مغتاظ، مهلاً!

هذا الأحمق يعاني من إحتقان في رئته كيف هذا أصلاً!
ازدردت ريقي بصعوبة بالغة ولعنت نفسي لتستري عليه، كان على إعلام والده فوراً! بل الجميع. العائلة كلها!
عندما ابتعد رين أسرع جوزيف يرفع يده بتعب يمررها على رأسه فاقتربت منه بقلق بينما تحركت أوليفيا بخطى غاضبة مبتعدة عنا.
نظرت لتيا بتردد والتي بدورها سألت جوزيف بإهتمام: هل انت على ما يرام؟

نفي برأسه بأسى: لا يمكنني تصديق ما يقوم به. هذا الشاب يحاول الإنتحار. هذا المجنون لا يفكر بمصلحته!
سألته بعدم فهم: ولكن. كيف هذا!
أجابني بكلمات مبهمة مختصرة: أصيب بالربو في فترة ماضية قبل سنوات عديدة، وهذا ما سبب له إحتقاناً في رأيته وها هو كما ترين لا يبالي ولو قليلاً بمصلحته.
فغرت فاهي مرددة: أصيب بالربو.
ولكنني أدرك جيداً أن الربو لن يأتي فجأة من تلقاء نفسه!

ما الذي أصابه بالربو! كيف حدث هذا فجأة؟! لقد قال بأنه أصيب به هذا يعني أنه لم يكن خلقيا فما الذي تسبب بهذا بالضبط؟
تحرك جوزيف مبتعداً بوهن وما أن وصل إلى مكان ماكس حتى بدى الأخير وكأنه يهدئه.
مرت ساعة أو أكثر على ما حدث، كنا قد انهينا تناول الطعام الذي قمنا بطهوه، وصف لذته أمر صعب بالفعل.

حتى كلوديا لم تتوقف عن مديح إيثان طوال الوقت لبراعته في الطهو، بل السيدة أولين التي يبدو وكأن طعم ما قام بطهيه قد جرح كبريائها وخبرتها.
علي أي حال الوضع لا يريحني، كريس يبدو غريباً جداً.
يوجد بريق متضايق في عينيه مهما حاول كبحه فهو واضح وكم أدهشني هذا! فهو بارع في كونه الأكثر غموضا فكيف يكون عاجزاً عن إخفاء ما يجول في خاطره هكذا!

رين قد تناول الطعام وكأن شيئاً لم يكن بينما جوزيف ظل غاضبا منه كثيراً ولم يتوقف عن عتابه في كل فرصة تسنح له بذلك.
أما أوليفيا، فبالرغم من جلوسها إلى جانب كريس ومحاولتها للفت إنتباهه إلا أنه كان في عالم آخر تماما.
قمنا بترتيب الطاولة بعد الإنتهاء وأعددنا شراب شتوي دافئ ومنوع بنكهات مختلفة للجميع.

جلسنا جميعنا حول النار التي جلبنا لها حطباً أكثر بإستثناء رين الذي عاد ليجلس على تلك الصخرة التي اتخذها موقعا له وبدى منهمكا في العبث بهاتفه.
وبينما نحاول انتشال أنفسنا مما حدث قبل ساعة، لفت انتباهنا صوت سيارة تقترب!
حينها همس كريس: لقد كانت جادة بشأن مجيئها.
نظرت تيا نحوه باستغراب: من هي!

ابتسم ماكس وبدى بأنه سيجيب تيا عوضا عن كريس ولكننا أجفلنا جميعنا عندما اقتربت السيارة السوداء أكثر بسرعة مبالغ بها وأصدرت صوت مكابح قوي حتى ان بعضنا كاد يهرب بسرعة!
توقفت السيارة وما ان تم ضغط المكابح حتى فُتح الباب المجاور للسائق فترقبنا الأمر بصبر.
نزلت كرة صوف متحركة لم يكن مصدرها سوى شارلي الذي يتحرك بصعوبة في ملابسه الشتوية الثقيلة ومعطفه الضخم وحذائه كذلك!

رأسه مغطى بقبعة سوداء صوفية وتحرك والحماس يملأه ليسرع نحونا بصعوبة وقال بشغف: أين بريتني؟
لم أستطع الاحتمال وأنا أرى ما يرتديه فوجدت نفسي أضحك بخفوت!
ضحك سام كذلك حتى بدأ الجميع باستيعاب الأمر ليضحكوا، نظرت بريتني إليه باستغراب قبل ان تقول: أنا هنا.!
قالت السيدة أولين من بين ضحكاتها الخافتة: أعتقد بأن الملابس ستقضي عليه!
أيدها السيد ماكس: جينيفر تبالغ دائما!
جينيفر؟!
يوجد الكثير من الأشخاص هنا!

قيلت بصوت أنثوي غير مألوف فاستدرت نحو السيارة مرة أخرى لأرى امرأة جذابة تقترب نحونا بخطوات واثقة ومظهرها ملفت بسبب الهالة الشامخة التي تحيط بها وكذلك أناقتها وهي تمرر يدها في شعرها الأسود متوسط الطول وتنظر إلينا بعينيها الزرقاء الداكنة كعينا شارلي تماماً!
جينيفر.
سمعت اسمها من قبل، إنها شقيقة شارلي بلا شك!

طرفت بعيني بتوتر عندما وقعت عينيها على وصرخت فجأة بحماس وهي تركض إلى وأمسكت بكلتا يدي: لابد وأنك زوجة المعتوه كريس!
قالتها بحماس أدهشني فأسرعت أقول بتلعثم واستغراب: صحيح! أنا شار.
أنتِ شارلوت أعلم هذا! حدثني شارلي عنك كثيراً. لم يكن يبالغ حين قال أنكِ جميلة!
ثم اقتربت محدقة إلى عن قرب فتوترت وتورد وجهي هامسة: م. ما الأمر؟
كنت أسترق النظر من مسافة قريبة لأقيمك، لا مساحيق تجميل!

ابتسمت بإرتباك: آه، ل. لا أحبها كثيراً!
تدخلت كلوديا بسخرية: عرفي عن نفسك أولاً! أنظري إليها تبدو مشتتة و مرتابة!
طرفت المرأة بعينها تنظر إلى كلوديا وقالت بحيرة: كلوديا. كيف تصبحين أصغر سناً في كل مرة بحق الإله.
فغرت فاهي بعدم استيعاب بينما وجهت إهتمامها لي وقالت: آسفة لكل هذه الجلبة. لا يوجد سوى حلول مؤقتة لإندفاعي.

ارتخت يدها على يدي ونظرت من حولها حتى ارتكزت عينيها على كريس الذي قلب عينيه متجاوزا النظر إليها فقالت بخبث: أنظروا من ازداد وسامة هنا، انظروا من يتصرف كمن لو كان لا يعرفني، أيها اللعين أصبحت جذابا إلى درجة لا تطاق.
اتسعت عيناي وكذلك تبادل الجميع النظرات المستغربة فأسرعت تقول ضاحكة وقد عاودت تمسك بيدي: أنا جينيفر، غنية عن التعريف ولا داعي لقول أي شيء اليس كذلك؟ أم تُراه لم يذكرني ولو لمرة واحدة!

قالتها تقصد كريس بشك فقلت مبتسمة بتوتر: بلى. سمعت اسمك مسبقاً من شارلي وآنا! تشرفتُ بمعرفتك.
عقدت حاجبيها تنظر إلى قبل أن تغمض عينيها بقوة وتقول متظاهرة بالبكاء: كم هي لطيفة جداً!
ضرب ستيف جبينه بلا حيلة وقال: من فضلكم فلتأخذوا هذه المخبولة المنحرفة بعيداً.

نظرت جينيفر نحو ستيف بتمعن قبل ان تشهق بعدم تصديق: الطفل الباكي الذي كان يرجو والديه ليغيب عن المدرسة ويتم إجباره على الدراسة! هل هذا أنتَ حقاً؟!
شهق ستيف ممتعضاً: من الباكي الذي يُجبر على الدراسة بحق الإله!
نفيت برأسها بعدم استيعاب: كنتَ صغيراً جداً كل ما تفعله هو البكاء هنا وهناك. أنظر إليك تفوقني قامة!
هذه المرأة. قلبت الاجواء فجأة بشكل غير متوقع! إنها مندفعة ومرحة و. لديها حضور قوي جداً!

علقت تيا بحيرة وإهتمام شديد حدق إليها بتركيز: أنتِ هي جينيفر إذاً.
أضافت ترمق كريس بإستخفاف: أعرفه منذ أربعة عشر عاما وصدقيني لم يذكر اسمك ولو لمرة واحدة.
أجفلت عندما نظرت جينيفر إلى فوراً ما ان سمعت كلمات تيا وقالت لي بنبرة مستاءة: هل سمعتِ هذا؟ لم يذكرني ولو لمرة واحدة لصديقته! لقد تحطم قلبي تماما يا شارلوت.

أومأت لها برأسي بسرعة أؤيدها في حين قال ماكس مبتسماً: جينيفر على رسلك فشارلوت لا تزال غير مستوعبة.
ابتسمت جينيفر وتركت يدي ووقفت تمدد جسدها بقوة قبل ان تنظر إلى تيا وتقول: أنتِ الصهباء التي حدثني ماكس عنها.
لقد نعتت السيد ماكس بإسمه دون القاب!
اتكون مقربة إلى العائلة كثيراً؟ صحيح بأنها جارتهم ولكن. إن كان كريس لم يذكرها منذ زمن لتيا وتيا لم تلتقي بها مسبقاً فأين كانت طوال هذه السنوات؟

انتشلني من أفكاري صوتها المستاء: يا الهي وكيف احتملتِ صداقته وجسارته طوال هذه الأعوام الطويلة، أنا أشفق عليكِ حقاً.
رمقها كريس بإستخفاف: تماماً كما احتملتك أنا.
هيا يا كريس لا تنكر أنك اشتقت إلى كثيراً. عندما كنت أعود للبلاد لم أكن أملك فرصة للقائك ألم يكن هذا يعذبك داخليا؟
كان الشعور الأفضل.
ياللقسوة!

سمعت ستيف يهمس بإنزعاج: اللعنة لم أراها سوى مرات معدودة وفي كل مرة أراها أندم فيها على ذلك، أبي هي لن تكف عن التنقيب في طفولتي اطردها بسرعة أرجوك.
همس جوش له بوجه جاد وهادئ: اخرس. أنا أيضاً أخشى أن تنقب في بداية معرفتي بها.
ارتفع حاجباي باستغراب بينما أجفل جوش عندما نظرت جينيفر إليه بتركيز: جوش. أنظر إليك! ألا زلتَ.

قاطعها جوش بهدوء: ماذا عن الشفقة على شقيقك الصغير وتخليصه من ملابسه هذه؟ إنه بالكاد يتحرك!
نظرتْ بدورها حيث شارلي وقالت بتفكير: تبدو محقاً.
تنفسَ الصعداء بينما اسرعت بدورها لتنادي شارلي الذي تقدم نحونا، قامت بتخفيف ملابسه ثم نظرت إلى أمي وأبي وقالت: هذه المرأة الجميلة تشبه شارلوت كثيرا مما يعني أنها والدتها، وهذا الوسيم الوقور يكون والدها.

نظر أمي وأبي إلى بعضهما فأردفت تنظر إلى إيثان بإعجاب: ومن يكون هذا؟ حسنا إنه يشبه شارلوت أعلم أنه شقيقها فانا سريعة البديهة هل أنتَ متزوج؟
ضحكتُ بخفوت وكذلك ماكس الذي تدخل فوراً: سيتزوج من تيا قريباً ابتعدي عنه يا جينيفر.
أومأت بفهم فقال إيثان بلباقة: مرحباً. أنا إيثان.
هكذا إذاً. يالقسوة القدر، ومن هذا!

قالتها قاصدة سام الذي أغمض عينيه وأجاب بابتسامة واثقة: رويدك تبدين مفعمة بالحيوية أكثر من اللازم، أنا س.
قاطعه ستيف بملل: إنه سام شقيق شارلوت وهذا كل شيء.
رمقه سام بطرف عينه بينما أومأت جينيفر مفكرة: فهمت. مع الأسف يبدو أنك تصغرني بأعوام عديدة لن تكون مناسباً لي.
جادلها ببلاهة: لماذا لا تكونين أنتِ الغير مناسبة لي؟

لأن الجميع يتهافت على يا سام وهذا يرهقني كثيرا، حسنا على أي حال لقد تمت دعوتي من طرف ال. فلأكن صريحة لم تتم دعوتي ولكنني قررت المجيء بنفسي لأرى ما تكون عليه الأوضاع فلقد علمت أن شارلوت وعائلتها ستكون هنا وهي فرصة جيدة لأغتنمها وأرى الفتاة التي اختارها كريس. بالمناسبة أنا لا زلت عازبة في الرابعة والثلاثون أبدو أصغر سناً اليس كذلك؟ أوه سيدة أولين أنتِ لم تتغيري إطلاقاً!

زفر كريس بضجر: متى سينتهي هذا التقييم الجماعي؟ أتكونين قد خططت لكتابة مقالة صحفية؟
مقالة. صحفية؟!
تجاهلته وقالت محدقة إلى جوزيف بعدم رضى: اكتسبت وزناً عن آخر مرة رأيتك فيها. طالما أنك هنا فهذا يعني أن رين هنا أيضاً.

كان قد ظهر الإحباط على وجه جوزيف لما قالته بينما وقفت بدورها تبحث بعينيها عن رين فأشرت نحوه لتنتبه إليه، كان لا يزال يجلس على تلك الصخرة بعيداً فشهقت وقالت بلطف وحب: أوه أنظروا إليه! يجلس على تلك الصخرة بطريقة جذابة وكأنه بطل إحدى القصص العاطفية!
ثم وجهت نظرها لكريس وهمست بإشمئزاز فجأة: لماذا تنظر إلى هكذا!
تذمر كريس بنفاذ صبر: كم أنتِ ثرثارة صاخبة!

تدخلت أمي متسائلة بحماس: عذرا على التطفل، ولكن. امرأة بجمالك يا جينيفر وقوة شخصيتك لماذا لا تزال عازبة؟
نظرت جينيفر نحوها ثم ابتسمت تتظاهر بالإستياء: لا أدري. ربما تسبب اعتراف كريس لي بعقدة من الصعب التخلص منها.
نظر إليها بهدوء وتبرم: من سيعترف لكِ.
أعقب بلا اكتراث: لطالما قلتُ بأنكِ مجرد مزعجة ثرثارة فلا تحوري كلماتي كما يحلو لكِ.

حينها وضعت جينيفر يديها في جيبها متجاهلة ما قاله ونظرت لنا مبتسمة قبل أن تقع عينيها على أوليفيا التي تنظر إليها ببرود يميل إلى الكره والذي استنكرته بشدة، تلاشت ابتسامة جينيفر ببطء وظهر بريق الجفاء في عينيها وقد التقطت أذناي كلماتها التي همست بها محدثة نفسها و بالكاد تُسمع: أنظروا إلى من عادت لتكمل نهج باتريشيا بإخلاص.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة