قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل العشرون

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل العشرون

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل العشرون

وقف السفير المصري في الولايات المتحدة الأمريكية في قلق و صافح خيري قائلا:
-حمدلله على سلامة حضرتك، الدنيا مقلوبة في مصر بسبب أختفاءك
أبتسم خيري في ود و جلس قائلا:
-الله يسلمك يا سيادة السفير اتفضل
جلس السفير و أشار خيري الي معتصم و زينة فجلسوا أيضاً، ثم بدأ خيري في سرد كل ما حدث و عندما أنتهي كانت نظرات الإعجاب تقفز من عيني السفير نحو معتصم و زينة، ثم أردف:.

-أنا هبلغ وزير الدفاع أن حضرتك عندنا هنا، و هتسافروا على أول طيارة على القاهرة
تحدث معتصم بإعتراض قائلا:
-أنا اسف يا فندم بس أنا مش هسافر غير لما الموضوع ده يخلص أو لما أنا أموت، أنا مش ههرب زي الجبان، و انا أكتر واحد ممكن تستفادو من وجوده هنا لأني عارف و حافظ كويس المكان اللي ألفريد مستخبي فيه و تقريباً عارف خطته، خلي سيادة اللوا يرجع و معاه زينة و أنا هفـ.

أمسكت زينة بكف معتصم قائله بإصرار عجيب:
-أنا مش هتحرك من هنا غير معاك و رجلي على رجلك
نظر خيري الي زينة و أردف:
-مدام زينة، وجود معتصم هنا فعلاً مهم، بس وجودك أنتي هيمثل نقطة ضعف ليه و لباقي الفريق اللي هييجوا هنا
رفعت زينة بصرها الي خيري و أردفت بلباقة:
-انا أسفه يا سيادة اللوا، بس انا مش همشي غير مع معتصم، احنا بدأنا التحقيق ده مع بعض و هنكمله سوا.

نظر خيري الي معتصم بإستفسار ليعرف رأيه عن ما تقوله زوجته، فنظر معتصم الي زينة بثقة قائلا:
-زينة هتكون معايا، أنا محتاجها جنبي
تنهد السفير بموافقة و أستأذنهم و غادر الحجرة و بعد دقائق عاد مع حقيبة مستطيلة و فتحها على مكتبه قائلا:
-ده الباسبور اللي سيادتك هتسافر بيه يا فندم
قدم السفير جواز السفر الي خيري ثم أخرج مسدسان و اعطاهما الي معتصم وزينة قائلا:
-و دول ليكم أنتم.

أومأ معتصم برأسه و سحب كلاً منهما سلاحه، ثم وضع أمامهما جوازي سفر قائلا:
-دول باسبورات هتنزلوا بيهم في فندق في واشنطن بأسامي ماريا بات و جوردن جيمي
أمسك السفير بسماعة هاتفه قائلا:
-أبعتلي محرم يا علي
ثم وضعها في مكانها قائلا:.

-محرم ده خبير في التنكر هيخلي شكلكم زي اللي في الصورة دي بالظبط، هتفضلوا في الفندق لحد ما سيادة اللوا يبعت ليكم فريق صغير يساعدكم، و ممنوع أي حركة غلط أو بدون حساب لأن ألفريد لو وصل ليكم مش هتفضلوا عايشين
أبتسم معتصم قائلا:
-مش هيوصل يا فندم، احنا اللي هنوصله
مرّ يوم واحد، و أجتمع خمسة رجال و فتاة حول طاولة في منزل صغير، و بدأ الجميع في التعريف عن نفسهم:
-أنا ملازم أول أشرف
-أنا مقدم بركات.

-مقدم عزت
نظر لهم معتصم و قدم نفسه:
- رائد معتصم، ودي مراتي زينة صحفية
أمسك بركات بورقة بيضاء كبيرة و وضعها على الطاولة، ثم أمسك بقلمه قائلا:
-دلوقتي يا معتصم أنا عاوزك توصفلي المكان بالظبط من بره
قبض معتصم حاجبيه بتفكير ثم بدأ الوصف و بركات يرسم حسب وصفه:.

-هما 3 مباني جنب بعض، أول واحد ناحية اليمين هو أكبر واحد فيهم، ممكن ييجي في حجم فندق كبير مثلا، من 5 أدوار و كل دور فيه 4 شبابيك كل واحد بيطل على جانب واحد بس، و ده زي ما ألفريد قال فيه الأسلحة العسكرية و دبابات حربية و طيارات كمان من أول الهليكوبتر لحد أحدث نوع من الطيارات الحربية، و فيه غواصات حربية كمان بس دي في الماية، فين بالظبط معرفش، المبني ده ليه باب واحد بس عليه 30 حارس مسلحين منهم 10حوالين المبني بيحرسوه، و بما أن فيه طيارات، فمن المتوقع أن السطح يكون فيه باب غير أن سقفه بيتفتح علشان الطيارات دي تطلع.

صمت معتصم قليلاً حتى أنتهي بركات من الرسم فأردف:.

-أيوه ده أقرب تخطيط ليه، المبني اللي في النص ده من دورين الدور الأول مليان أوض و كل أوضه عليها حارسين و أحياناً واحد، و كوريدور طويل بيودي على سلالم للقبو، و فيه أسانسير بيوديك على الدور التاني، الأسانسير ده لو فتح من غير ما الحراس اللي تحت يبلغوا بوجود حد هيطلع و ألفريد يبقي عارف، اللي فيه بيموت علطول لأن بيكون قدامه علطول مكتب ألفريد و المكتب ده قدامه 15 حارس برشاشات و عندهم قانون يقتلوا الأول و يعرفوا كان مين بعد كده، المهم أن الدور التاني ده كله بتاع ألفريد و مكتبه و عليه 15 حارس، و فيه بردوا شبابيك من كل ناحية و أكتر من واحد بس في الدور التاني بس، إنما الدور الاول مفيهوش ولا شباك، و الباب بتاعه إلكتروني الرقم بتاعه 55691#.

عاد معتصم الي صمته من جديد و مرت دقيقة قبل أن يردف:
-المبني التالت ده من دور واحد بس و الأصغر ما بينهم فيه 3 أوض و غالباً التلاتة بيقتل فيهم اللي بيعترض طريقه بوسائله الخاصة
نطق معتصم جملته الأخيرة بنبرة ساخرة، فنظر له عزت قائلا:
-وسائل خاصة إزاي يعني؟
-بالكوكايين، طبعا ده جنب التعذيب
هز عزت رأسه بتفهم، فأكمل معتصم:.

-و المبني ده فيه 3 شبابيك لكل أوضة و الجهة الأمامية عليها الباب و عليه 4 حراس، و التلت مباني في ساحة واسعة جدا عليها سور طويل و بوابة واحدة واقف عليها حارس في كابينة مضادة للرصاص و طبعا الزرار اللي بيفتح منه البوابة جوه و فيه لاسيلكي كمان علشان يبلغ لو فيه أي خطر يبلغ باقي الحراس، و في العادي قدام كل مبني عربية سودا مضادة للرصاص و فيه عربية كمان بره السور زيهم بالظبط.

أنتهي بركات من الرسم بعد دقيقتين، فنظر أشرف الي معتصم قائلا:
-بس مش غريبة أن حضرتك عارف كل المعلومات دي مع أنك مروحتش كل المباني
أبتسم معتصم بسخرية و أجابه:
-ألفريد عنده مرض ظريف أسمه جنون العظمة بيخليه يحكي عن كل أنجازاته و أعماله قدام اي حد و محرمناش من معلومة
عادت ملامح الحدة على وجه معتصم و تحدث:.

-أه صح، فيه ردار بيلقط أي طيارة بتقرب و لو مش تابعة لألفريد بيطلقوا عليها صواريخ مضادة للطائرات و بتنفجر في أقل من دقيقة من دخولها المنطقة، و فيه مكان تاني قريب من المباني دي فيه جيش كامل من الحراس اللي بيدينوا بالولاء بجنون لألفريد مدربين على أعلي مستوي
أبتسم بركات بسخرية قائلا:.

-يا بن اللعيبة، عنده جيش هيقضي بيه على العالم كله و من وصفك أن عنده أسلحة و مدرعات حربية، يعني عامل لنفسه دولة جوه دولة
نظر أشرف الي عزت و سأله بحيرة:
-بس إزاي هيحارب كل دول العالم بالجيش ده علشان يسيطر عليه؟
تحدثت زينة هذه المرة و أجابته:
-لأنه مش هينفذ الفكرة القديمة بتاعت منى و تيسيير
نظر الجميع لها بإهتمام فأكملت:.

-ألفريد معاه أعوان من 7 دول مختلفة، منهم دولة أتكشفت اللي هي مصر، بس لسه فاضل 6، يعرف منهم علماء و ضباط مخابرات و وزراء كمان و قدر يسيطر على دماغهم علشان يساعدوه في مقابل يكون ليهم مراكز في العالم الجديد اللي ناوي يعمله بعد ما يسيطر على القديم
سألها عزت:
-أيوه بس أيه الخطة البديلة اللي عنده بعد ما مصر أتكشفت!

أمسكت زينة بقلم من أمامها و طلبت ورقة فأعطاها أشرف و بدأت الكتابة ثم أنتهت و سلمتها الي عزت قائله:.

-أول حاجة دول العلماء اللي هو متعاون معاهم، كل واحد من دول واخد جايزة نوبل في مجاله هما 10، و كلهم حالياً متجمعين في المبني اللي معتصم وصفه، و فيه واحد منهم شغال مع الأتحاد السوفيتي و بيصنع قنبلة ذرية جديدة و يحدد مداها من على بعد، و المعلومة دي على الرغم من سريتها الا ان دول كتير عرفتها و أعتقد من ضمنهم مصر، المهم أن العالِم ده هيصنع نفس القنبلة و ألفريد هيستخدمها و يرميها في دول أوروبا، فهتهاجم الأتحاد السوفيتي، و هيستغل العلاقات المضطربة بين إسرائيل و الدول العربية، و هيصنع طيارات مطابقة للطيارات الإسرائيلية و العربية و هيقصف بالطيارات العربية إسرائيل و بطيارات إسرائيل دول عربية فتقوم حرب ما بينهم، و طبعاً مع أنهيار أقتصاد معظم دول أفريقيا هيكون كده قدر يسيطر على أفريقيا و معظم أسيا، و في وسط أضطراب العالم كله من اللي بيحصل هيضرب ضربته و يحارب الكل بجيشه اللي هو فاكر أنه لا يقهر و اللي بقاله سنين بيكونه، فيه دول هتقاومه و هيضطر يحاربهم، و دول تانية هتستسلم ليه فهيضم جيشها على جيشه و هكذا.

صمت الجميع في حيرة مما قالته زينة، ثم أردف بركات في إصرار:
-الجزاء من جنس العمل، لازم كلهم يموتوا و يتدمروا زي ما عايزين يعملوا
أردف عزت بتفكير:
-بما أن المباني دي هي النقطة الوحيدة اللي كل حاجة هتخرج منها نهاية العالم، فلازم يتدمروا
هزت زينة رأسه نافية بأسف و هتفت:.

-مش هينفع أستخدام أي وسايل لتدميره، الطيارات و هتتكشف بسبب الرادارات، و أي محاولة لتدميره أصلا هتقلب واشنطن لبحر دم، لأن ألفريد حاطط قنبلة ذرية في مكتبه، قنابل ذرية تانية في أكتر من مكان في العالم و كلهم ليهم زرار واحد بس في مكتبه بمجرد ما يضغط عليه هيبدأوا ينفجروا بترتيب معين، و هو طبعاً مش هيضغط عليه غير لما يعرف أن فيه حد بيحاول يدمر القاعدة العسكرية الضخمة اللي عملها، فالقنبلة اللي في المباني كمان هتنفجر و أي حاجة جنبها هتنفجر، و ده معناه أن دي مهمة أنتحارية للي هيقوموا بيها و هتخلي معظم دول العالم في حالة أنهيار غير طبيعية بعد ما القنابل تنفجر.

نظروا جميعاً الي بعضهم في عجز عن التفكير، فأردف بركات في حماس و تشجيع:
-هنلاقي حل، مفيش نظام أمن في الدنيا مفيهوش ثغرة تدمره
جلسوا جميعاً في أماكن متفرقة، حتى نظر لهم معتصم قليلاً و أزدرد لعابه قائلا بقلق:
-فيه طريقة، ممكن تنفع و لو نفعت فيه أحتمال 80% نموت، و لو فشلت هنموت بردوا
نظر الجميع له بإهتمام فأردف:
-حد دخل قبل كده عرين الأسد برجليه!
مرت ثواني على الجميع قبل أن تقف زينة في اعتراض قائله:.

-لا و مش هتدخل هناك
وقف معتصم هو الأخر و وضع أصبعه على رقبتها قائلا:
-لازم تنامي شوية يا حبيبتي
أبتعدت زينة في سرعة و رفعت قدمها في سرعة لتضربه و لكن تلقي معتصم ضربتها على ساعده في بساطة و تحدث:
-زينة أهدي
رفعت زينة أصبعها أمام وجهه في تحذير قائله:
-أياك تحط أيدك على رقبتي تاني و تعمل الحركة اللي عملتها تاني.

شعرت زينة بشخص خلفها فألتفتت بسرعة و قابلها بركات برزاز بداخله مخدر، و سرعان ما وقعت فاقدة وعيها بين يدي معتصم الذي نظر إليه بغضب فتحدث بركات:
-مدام زينة لازم ترتاح شوية لان أعصابها تعبانة و مفيش وقت للإعتراض.

-سيادة المقدم، أنا مراتي متتعاملش كده، أنا كنت هخليها تغيب عن الوعي فترة صغيرة نكون وصلنا لخطة محددة و لما تصحي هنقولها عليها، أنا مش بخطي خطوة من غير ما تكون هي عارفاها و موافقة عليها و مش هعمل دلوقتي حاجة غصب عنها، و زينة ليها أراء مهمة أنا لازم أراعيه في كل خطوة بعملها، بإختصار مش بشتغل لوحدي و أكبر دليل على كده هو وجودها معايا دلوقتي، حضرتك ضيعت وقت كتير بالمخدر ده.

حمل معتصم زينة بين يديه و أكمل:
-انا مراتي حامل، يا ريت تاخد حذرك بعد كده في إستخدام المخدر
توجه معتصم بزينة نحو غرفة، بينما ألتفت بركات بضيق الي الأخرين فتحدث عزت:
-كان لازم يعني تتصرف من دماغك و تغلط
صرخ به بركات قائلا:
-الغلط الحقيقي هو وجود ست حامل في عملية زي دي و ظابط شرطة
وقف عزت أمام بركات و تحدث:.

-الست و الظابط دول هما اللي بيسهلوا لينا حاجات كتير و بيوفروا وقت في التفتيش و المراقبة و البحث، و هما اللي ساعدو سيادة اللوا أنه يهرب، و معتصم هو اللي فكر، الذكاء و الشجاعة مش محتاجين راجل و يكون ظابط مخابرات فاهم
تمتم بركات في ضيق:
-فاهم يا فندم
خرج معتصم و جلس بجوارهم و بدأ في سرد خطته عليهم، و ما أن أنتهي حتى نظر له أشرف بإنبهار قائلا:
-هي الخطة حلوه جدا، بس بردوا أحتمال فشلها كبير.

تنهد معتصم و عاد بظهره الي الخلف و أردف:
-مقدمناش حل تاني، و هنبدأ تنفيذ بعد ما زينة تفوق لأنها هتكون معايا، و وجودها معايا هيخدع ألفريد أكتر
هزت عزت رأسه بتفهم و ساد الصمت بين الجميع، ثم وقف بركات قائلا:
-فين العربية اللي أخدتها من هناك!
-السفارة محتفظة بيها، تقدر تسأل سيادة السفير.

أومأ بركات برأسه ثم خرج من المنزل ليبدأ الجزء الاول من المخطط الذي رسمه الجميع في دقة، و مرت ساعات بين تدريبات و معلومات يتلقاها معتصم من عزت و أشرف، ثم تحدث عزت:
-انا عارف أن كل ده كتير على عقلك حالياً بس حاول تستوعب على قد ما تقدر
هز معتصم رأسه نافياً و هتف:
-لا يا فندم أنا تمام و فهمت كل حاجة
سمع معتصم زينة تنطق بأسمه فألتفت بسرعة و وجدها تقف على باب الغرفة فأقترب منها قائلا:.

-مالك يا زينة مش مظبوطة كده ليه؟!
أمسكت زينة بذراعه بضعف و أردفت:
-دماغي بتلف و الدنيا حوليا بتسود
نطق عزت من بعيد:
-ده تأثير المخدر، قوم يا أشرف أعملها كوباية قهوة و هي هتفوق بعدها.

أتجه أشرف نحو المطبخ و أمسك معتصم زينة و جلس معها على الأريكة الصغيرة في الصالون ثم أقترب من أذنها سريعا و همس ببعض الكلمات فأومأت برأسها في صمت، و أنتظروا دقائق قبل أن يأتي أشرف ثم أرتشفت زينة القهوة و عاد إليها تركيزها، و بدأ معتصم في سرد الخطة عليها، فأومأت زينة بإبتسامة قائله:
-فاكر لما قولتلك أنا مستعدة أروح معاك حتى لو لجهنم
امسكت كفه بقوة و أردفت:
-اعتقد جه وقت التنفيذ.

دخل بركات الي المنزل و تجاهلت زينة وجوده قدر المستطاع، فتحدث:
-العربية تحت البيت، اللاسيلكي شغال و رجعتلك وجهتها للمكان اللي كنت فيه و أخدت عنوانه
أومأ معتصم برأسه ثم وقف مع زينة و توجه الأثنان الي الخارج فأردفت زينة:
-أول مرة أشوف ناس رايحين لعزرائيل برجليهم و مش خايفين
أبتسم معتصم في ثقة و أردف:
-أحنا أه رايحين لعزرائيل، بس مش أحنا اللي المفروض نخاف لأن عزرائيل هيقبض أرواح ناس تانيين
.

خرج سيرجي من غرفة جاسر بحزن و تحدث باللغة العربية الفصحي:
-لقد كانت الصدمة شديدة على عقله، أعتقد أنها كانت الأقرب إليه و لهذا سيستغرق وقت طويل في العلاج، و خاصة مع عدم قدرته على الذهاب الي المصحة
أومأت أميرة في وجع و تحدثت:
-طيب أعمل أيه؟!

-حاولي ان تصلي بحديثك الي قلبه، فعقله الآن مشغول في محاولة أستيعاب وفاة شقيقته، أحضري بعض صور ريهام و أعطيها له فسيظهر هذا أنكِ تعيشين نفس الوجع الذي يحاصره و بالتالي سيتحدث إليكِ من جديد، و ستقومين انتِ بمحاولة لإخراجه من تلك الدوامة التي يحيط بها، بحبك له و بحبه لطفله الصغير، أعلم أنكِ تواجهين الكثير الآن و لكنني مشغول في محاولة إخراج عبدالله من حالة إكتئاب حادة قد تؤدي بحياته.

تركها سيرجي و ذهب، فدخلت هي الي غرفة ريهام التي يقطن بها جاسر على فراشه، فوجدت المرآة في وجهها و ظهرت علامات ضربه لها بوضوح، شعرت بإختناق شديد و ضيق و حزن مما يعاني منه جاسر، فأقتربت منه و هو ساكن كعادته، ثم وضعت رأسها على قدمه و تحدثت:
-عايزة أرتاح شوية، محتاجة لده أوي دلوقتي، محتاجة ليك يا جاسر.

لم يستمع جاسر الي حديثها بسبب عدم إرتدائه لسماعته، و لكن أنتفض جسده بقوة عندما شعر بدموعها تسقط على قدمه و بجسدها ينتفض و يرتعش في خوف على الفراش، ظل ينظر لها في صمت تام لدقائق، فكانت هناك حرب بداخله أطرافها عضوان مهمان في جسده، و توقف كلاهما فجأة عن المبارزة و عاد كأنه طفل صغير، لا يعلم ماذا عليه أن يفعل عندما يجد أحد يبكي على قدمه أو أمامه، فأستمر على صمته و هو يشدد الضغط على وسادة ريهام.

أنتهت أميرة من بكائها، فأعتدلت و مسحت دموعها ثم نظرت الي جاسر في قوة ظهرت في عينيه و صرخت في وجهه:
-فوق يا جاسر، أنا مش هقدر أستحمل كده كتير، مش هقدر أشوفك أنت و أهلك كده كتير و قلبي بيتقطع عليكم، مش هقدر أستحمل الحمل ده لوحدي، مش هقدر يا جاسر
ضربته بقوة على صدره و صرخت:.

-انا حامل يا جاسر، حامل و مش هقدر أربيه لوحدي، مش هقدر أولد و انت مش معايا، مش هقدر أخد بالي من طفلين لوحدي، مش هقدر على بعدك يا جاسر فوق بقا حرام عليك كفاية سايبني لوحدي في الحالة دي قوم
رفع جاسر كفه بسرعة و صفع أميرة من جديد بقوة و صرخ بها بهستيريا:
-أخرجي بره، سيبوني في حالي، سيبوني لوحدي، اخرجي بره، محدش يقرب منى ولا يلمسني.

ثم عاد يصرخ من جديد بأسم ريهام و يبكي كطفل صغير، في حين كانت أميرة ترقد على الفراش غائبة عن الوعي و تخرج الدماء من فمها كالشلال، و مرت دقائق و أستمر صراخه، حتى دخل كامل الي الحجرة و وجد أميرة فاقدة الوعي على الفراش و جاسر يصرخ بقوة و كأنه يجاهد لسماع صوته ليصل الي ريهام التي ينادي عليها، و لكن لا حياة لمن تنادي، و ما أن رأي كامل، حتى أنتصب في حقد و أقترب منه قائلا:.

-أنت اللي قتلتها، أنت اللي عملت فيها كده، ريهام ماتت بسببك أنت، أنت لازم تموت
كان كامل يستمع الي حديث جاسر بوضوح، و لكن الآخر عجز عن سماع كلماته فجلس على الأرض يبكي و يصرخ بقوة من جديد حتى فقد وعيه على الأرض و وقف كامل يبكي على هذه الحالة التي أصبح بها منزله اللطيف، و طلب سيارة أسعاف في سرعة لتنقل أميرة و جاسر الي المستشفي.
.

أقترب معتصم بصحبة زينة بسيارة الحرس نحو مقر ألفريد من جديد و ما أن أقترب من البوابة حتى رفع الحراس مدافعهم و صاح أحدهم بالإنجليزية:
-أخرجا من السيارة و أرفعا أيديكما حيث يمكنني أن أراهم
خرج الأثنان و رفع كفيهما الي الأعلي، فنظر لهما الحراس بتعجب من عودتهم، بينما أردف معتصم:
-نريد مقابلة ألفريد، أخبره بهذا و أنا على يقين من موافقته.

أمسك الحارس بجهازه اللاسلكي و أردف ببعض العبارات قبل أن يستمع الي أذن دخولهما، فأشار الي الحارس الأخر بجواره ثم نظر الي معتصم قائلا:
-ستقابلانه، و لكن سيتم تفتيشكم جيداً
أومأ معتصم بالموافقة و أقترب منه حارس و أخر من زينة فأشار إليه بتحذير و تحدث:
-لن يلمسها أحدكما، أحضرا أي فتاة هنا لتقوم بتفتيشها.

أضطرب الحارس من نبرة معتصم و لكن سرعان ما أرسل عبر جهازه الي أحدي الفتيات لتأتي لتفتيش زينة و بعد دقائق كانا يقفان أمام ألفريد الذي يجلس في مكتبه بحيرة شديدة حاول إخفائها، ثم سألهما بسخرية:
-هل خرجتما من الجحيم لتعودا إليه بهذه السرعة؟
أجابته زينة بإبتسامة جدية و بنبرة حادة:
-جئنا إلي هنا من أجلك
ثم نظرت الي معتصم و أكملت:
-و من أجلنا نحن أيضاً.

نظر لها ألفريد بإهتمام، فأٌقترب معتصم من مكتبه ألفريد و جلس على مقعد و جلست زينة في مقابله على مقعد أخر و تحدث معتصم:
-لقد عدنا بعد تفكير طويل
ثم أردف بنبرة مترددة قليلاً، ثم حسم أمره قائلا:
-أنت على حق، خطتك غير قابلة للفشل تحت أي عوامل، و لهذا نحن هنا، نريد أن نصبح من رجالك و أن يكون لنا مناصب جيدة في عالمك الجديد
نظر لهما ألفريد بشك يحتل قلبه منذ أن علم بوجودهما و تحدث:
- و كيف أصدقك؟

أجابه معتصم بسخرية:
-و من المختل الذي يعود الي عرين الأسد مرة أخري بعد أن خرج منه
رد ألفريد عليه ببرود و هو ينفث دخان سيجارته:
-و لكن هذا ليس دليلاً كافياً
أجابت زينة هذه المرة:
-نعلم، و لقد جئنا الي هنا بدليل لولائنا لك
أنصت إليها الفريد بإهتمام، لتكمل:
-لقد أرسلت المخابرات المصرية ثلاثة من رجالها ليتخلصوا منك و من خطتك العبقرية الغير قابلة للفشل
أبتسم ألفريد في غرور، فأبتسمت زينة لتكمل:.

-و لقد طلبا مساعدتنا للوصول إلي هنا، و نحن لم نعطهم الكثير من المعلومات رغم كل ما سردته على مسامعنا يا مستر ألفريد، و لقد وضعوا خطة لإقتحام المكان بمساعدتنا حتى نأتي و نشتتك و سننفذ هذه الخطة في المساء
نظرت زينة الي معتصم الذي أكمل بدلاً عنها:
-سنخبرك بالخطة بأكملها، و إن تمكنت من إلقاء القبض عليهم في الأماكن التي سنخبرك بها و في الوقت نفسه، هكذا نكون قد أثبتنا ولائنا إليك.

صمت لثواني و هو يستشعر بتردد ألفريد، فأكمل بسرعة:
-و ليس ثلاثة رجال فقط، بل مصر على أستعداد لترسل كل رجالها من أجل إخماد حملة بناء عالم جديد، و يتناقشون حول محاولة ضم الولايات المتحدة الأمريكية والأتحاد السوفيتي و بعض الدول الآخري، فهذا الأمر يعني الجميع يا مستر ألفريد، و أنت لا تمتلك كل السلطات في هذه الدول بل معظمها فقط، لهذا لن تستطيع أن تواجه كل هذه الجيوش الضخمة
ثم أكمل بنبرة غامضة:.

-و هنا تماماً يأتي دورنا يا مستر ألفريد، سننقل إليك كل خططهم التي سيخبرون بها بإعتبار أننا أكثر من يعرف المكان و يعرف خطتك و سيحتاجون بلا شك الي مساعدتنا
عاد الي أبتسامته الجذابة و هو يمد يده الي ألفريد قائلا:
-و الآن هل تري أن لديك منصب يناسبني أنا و زوجتي في عالمك الجديد
أبتسم ألفريد بإقتناع قائلا:.

-دعني أعترف بذكائك يا معتصم، و لكن هذا لا يمنع من وجود بعض الشك الذي سنقضي عليه بعد أن نمسك بالظباط الثلاثة
أتسعت إبتسامة معتصم و زينة، و جلس معتصم على كرسيه بإسترخاء و بدأ في سرد الخطة كلها على مسامع ألفريد بأدق مواعيدها، ثم وقف قائلا بتعب:
-و الآن هل نجد لديك حجرة خالية لي و لزوجتي، فنحن في حاجة بعض الراحة، و كما أخبرتك من قبل زوجتي حامل و تحتاج دائماً الي الراحة
أبتسم ألفريد قائلا:.

-بالتأكيد يا معتصم
ألتقط ألفريد سماعة هاتفه و تحدث عبره لثواني قبل أن يغلقه و يدخل حارس الي الغرفة، فأشار ألفريد الي معتصم و زينة قائلا:
-خذهم الي الجناح رقم 7 و أحرص على رعايتهما
أومأ الحارس و وقف معتصم مع زينة و أتجهوا مع الحارس نحو جناحهم الجديد فهمس لها:
-أكيد فيه أجهزة تصنت و كاميرات في الأوضة ولا تصرف غلط أو هنتصفي.

تعلقت زينة في ذراع معتصم بقوة و أبتسمت له، ثم دخل كلاهما الي الجناح، فجلست زينة على الفراش و بجوارها معتصم و نام كلاهما على الفراش في صمت شديد، ثم بدأوا في التحدث عن أشياء مختلفة، حتى ذهبوا في نومٍ عميق، بينما قد بدأ المقدم بركات مع عزت و اشرف في تنفيذ خطتهم المتفق عليها..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة