قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الحادي والعشرون

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الحادي والعشرون

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الحادي والعشرون

كان الظلام قد حلّ بالفعل عندما بدأ كلاً من عزت، وبركات، و أشرف بالتحرك من بداية الصحراء التي تحيط بمباني ألفريد في أتجاهات مختلفة، و أستغرق الأمر عشرين دقيقة قبل أن يصلوا الي نقاط معينة تم تحديدها، و قد لاحت لهم الأنوار من بعيد، أستلقوا على بطونهم بسرعة واضعين أسلحتهم فوق ظهورهم، و في ملابسهم، و أكملوا المسافة حتى وصلوا الي بُعد خمسين متر قبل البوابة بعد نصف ساعة، سحب بركات بندقيته، و وضع منظارها أمام عينه اليمني و أنتظر..

لم يطل أنتظاره سوي خمس دقائق، و حارس يقترب من المبني الصغير الذي يقف بداخله حارس البوابة، و بعد ثواني فُتح الباب، و خرج منه الحارس الآخر، و في هذه الأثناء أطلق بركات رصاصته، و أصابت أحد الحراس، و لم تمر لحظة و كانت رصاصة مسدس آخر أصابت الحارس الآخر، و استقطته بجوار زميله..

و على الجانب الآخر، أنتفض عزت بسرعة راكضاً بخفة نحو السور العالي، نظر له للحظات، ثم أخرج قفازات خاصة للتسلق من حقيبته، و بدأت المرحلة الثانية لدخول المباني الثلاثة، تسلقه عزت بخفة و مرونة، ثم نظر الي الداخل فوجد الجو هادئ للغاية، و الحراس في أماكنهم كالصنم، جلس على حافة السور للحظات يسترد وتيرة أنفاسه، ثم نظر الي الأسفل، و قفز..

قفز من أرتفاع ثلاثة عشر متراً، و هبط ثانياً ركبتيه ليخفف من صدمة السقوط، و سرعان ما أعتدل و ركض بسرعة نحو تلك الكابينة الصغيرة، و وجد أن الجثث أختفت! صمت لوهلة، ثم نظر الي الداخل فوجد أشرف يجلس داخل الكابينة، و يشير له بأنامله أن كل شئ على ما يرام، فعاد عزت يركض من جديد نحو المبني الثالث..

و من داخل الكابينة، تحررت أنامل أشرف ليبدأ بالعبث في كل وحدات التحكم في المباني الثلاثة، و أبتسم بعد دقائق و قد أتم مهمته، ثم أخرج سكين صغير و قطع أحد الأسلاك، فأنقطعت الكهرباء عن المكان بأكمله، و تحول الي كتلة من الظلام، وربما بعد قليل الي جحيم!

في داخل المبني الثاني
فتح معتصم باب حجرته بقلق كبير، و نظر الي الحراس اللذين رفعوا أسلحتهم، فتحدث بالانجليزية:
- أريد أن أقابل مستر ألفريد الآن، لقد بدّل المصريين خطتهم
أخرج أحد الحراس جهازه اللاسلكي و ضغط على زر أخضر، ليخبر السيد ألفريد بما قاله معتصم، بينما خرجت زينة هي الآخري بقلق و تعلقت بذراع معتصم مردفة:
- ماذا حدث!

لم يجيبها معتصم، بل أنتظر حتى أشار له الحارس بالذهاب أمامه، و رفع سلاحه خلفه و خلف زينة، و كذلك باقي الحراس، و صعدوا على الدرج، و قام الحارس بتعريف نفسه، و إخبار زملاؤه في الطابق الثاني بأنهم قادمون، و بعد دقيقتين كان معتصم و زينة يقفون في مكتب ألفريد، الذي قال بذعر:
- هل تعلم شئ عن ما يحدث هنا يا معتصم؟!
هز معتصم رأسه بالإيجاب و قال:.

- نعم يا سيدي، يبدو أن المصريين قد كشفوا خيانتي لهم، فصنعوا خطة وهمية حتى آتي و أخبرك بها، و لكنني أعلم الخطة الحقيقية أيضاً
جلس ألفريد خلف مكتبه، و أشار له ليجلس مع زينة، فجلس معتصم و قال بقلق و هو يفرك يديه:
- سأخبرك بها مستر ألفريد، و لكن أخرج جميع الحراس زيادة للأمان، و أختار حراسك الأوفياء فقط ليقوموا بتدمير مخطط المصريين، فربما لديهم هنا جواسيس.

صمت ألفريد بتردد، و هو ينظر الي حراسه التي تظهر وجوههم بسبب كشافات الهواتف المحمولة، فأكمل معتصم بإقناع:
- لا تقلق يا مستر ألفريد، أنا هنا مع زوجتي الحامل، و سيكون في الخارج عشرات الحراس، ماذا سأفعل! أرجوك أسرع قبل أن يصل المصريين الي هنا، و وقتها ربما سيتبخر حلمك بتربع عرش العالم، و سنكون جميعاً موتي بلا فائدة.

و قد كان معتصم مقنعاً بحق، و أستطاع لمس أحد أقرب الاوتار في قلب و عقل ألفريد، الذي أشار لحراسه بالخروج، و بدأ معتصم بسرد ما لديه، ثم توسعت عينيه فجأة و صرخ:
- أحذر مستر ألفريد أنهم قادمون خلفك من النافذة.

صرخ ألفريد هو الآخر و سقط على الأرض بفزع، فقفز معتصم برشاقة عبر المكتب، و أمسك بألفريد مبعداً أياه تماماً عن المكتب، فقط يقف به في منتصف الحجرة، و يقيد يديه خلف ظهره بقبضتيه، بينما أبتسمت زينة و أقتربت من ألفريد، فصرخ ألفريد بغضب:
- أيها الأوغاد، أنكم مخادعين
خلعت زينة خاتمها، ثم ضغطت على الجزء المنتفخ منه، فخرج سن حاد من الجانب الآخر، و قال معتصم بسخرية:.

- بل أنت هو الأحمق يا ألفريد، ربما كانت فكرتك لأحتلال العالم جيدة، و لكنها ليست مثالية و هذا ما يحتاجه شخص ما للسيطرة على العالم أجمع، المثالية، و جميعنا نعلم أن لا وجود لها
صرخ ألفريد من جديد:
- أين أنتم يا حراس، تعالوا إلي هنا
رسمت زينة ملامح الحدة على وجهها، و وقفت على بعد متر من ألفريد موجهة إليه خاتمها، و قالت:.

- لن يسمعك أحد و انت تعلم هذا جيداً، كما ان رجالنا الآن يسقطون خاصتك كذباب مقرف، و الآن أنتهي أمرك يا ألفريد، أين زر القنابل؟
نظر لها ألفريد بسخرية، و أجابها بإستفزاز:
- أنتظري لا أتذكر جيداً، ربما في
ضغط معتصم على ذراعيه من الخلف بقوة ليقاطعه، فعاد ألفريد يصرخ، بينما قال الأول بتحذير:
- أياك أن تخطأ أو سأقتلع لسانك
وجهت زينة لكمة قوية الي فك ألفريد، ثم عادت تقول بحدة:.

- حسناً دعني أخبرك الأمر بطريقة أخري، أنت الآن بين قبضتنا، و ثلثمائة رجل من رجالنا بالخارج، بالإضافة الي ألف و نصف آخرين من رجال جيش و مخابرات الدول الآخري بجانبنا، و المسافة من هنا الي مبني تدريب حشراتك اللعين ساعة كاملة، لذا فجيشك لن يأتي في الوقت المناسب أبداً، بل لن يأتي أبداً
ثم نظرت الي خاتمها بسخرية، و نظرت الي ألفريد الذي ظهر الخوف واضح على معالمه، و أكملت:.

- و أنت تقف في منتصف الحجرة و تبتعد تماماً عن أي أزرار لإطلاق قنابلك الحقيرة، و هذا الخاتم بيدي هو أحد تحف المخابرات المصرية، هذا السن يحتوي على سم من نوع خاص جداً، بمجرد غرسه في دمك، سيبدأ بالتجول مسبباً آلام قوية، و بعد دقيقة ستفقد السيطرة على لسانك و أطرافك، و بعد ساعة ستشعر بآلام أكبر في عمودك الفقري و صدرك، و بعد ثلاثة ساعات ستتأثر الأعصاب، و ستنهار كل أجهزة جسدك خلال ست ساعات، ست ساعات كاملة من المعاناة.

ثم عادت ملامحها الي الحدة من جديد لتقول:
- و الآن، سأسألك من جديد، و أياك و خداعي، فلقد أنتهي أمرك، أين الزر؟!
صدع صوت أنفجار قوي في المكان بل و ظهر لونه البرتقالي الناري، فأبتسم معتصم و قال:
- يبدو أن الجحيم قد أشتعل في عرينك أيها الأشيب، أين الزر؟!
بكي ألفريد بإنهيار و كاد أن يسقط على ركبتيه و لكن ذراعي معتصم الممسكة به منعتاه، فأقتربت منه زينة بغيظ و قربت خاتمها من رقبته قائله:.

- حسناً ربما تفضل العذاب، فلا حاجة لنا بالزر على أي حال
صرخ ألفريد بقوة، و أبتعد بخوف، و أشار بعينيه الي مكتبته الفضية، و قال:
- سنجدين كتاب قديم للغاية، غلافه أحمر اللون ناري، لا يحتوي على عنوان، في الصف السادس العمود الرابع، بداخله الزر
توجهت زينة نحو المكتبة بسرعة، فأسرع معتصم ينبهها:
- خدي بالك ليكون كمين، و يكون هو نفسه الزرار، أول ما تشديه ممكن يفجر كل القنابل.

أومأت زينة برأسها، و أخرجت دبوس شعرها، و أقتربت من الكتاب المنشود، و نظرت الي صفحاته المرصوصة من الأعلي، ثم بدأت بتقليبها بهدوء بدبوسها حتى تتأكد من كونها صفحات حقيقية، أمسكت الكتاب بخفة، و نظرت الي معتصم، و تشاهد الأثنان، ثم فتحت زينة الكتاب و أغلقت عيونها بقوة، و بعد ثواني فتحتها، و قد سيطر الفرح على قلبها و هي تري تجويف بداخله الزر الأحمر، نظرت الي معتصم و أشارت له بيدها، فضغط معتصم بأنامله على رقبة ألفريد، ففقد الآخر وعيه بسرعة و رقد على الأرض..

ثم أخرج معتصم حزام بنطاله، و فك لفاته الخيطية القوية، و بدأ بتقييد ألفريد، بينما أقتربت منه زينة، و أعطته قطعة قماشية وضعتها على رأسها للزينة، فوضعها الآخر على فم ألفريد، و أستمع الأثنان الي صوت تهشم الزجاج خلفهما، فنظرا بسرعة و واجههم عزت الذي أمتلأ جسده بالجروح، و ربما رصاصات، و الدماء لا تظهر من ملابسه السوداء، و لكن وجهه ملطخ، و رغم ذلك كان يقف شامخ، ثم أبتسم و قال:.

- نجحنا، سيطرنا على المكان كله، من حسن الحظ أن الحراس هنا مش كتير، و المخدر اللي نشرناه في الجو خلي الكل يغمي عليهم و يقعوا زي الغربان، و أفترض أن أنتو كمان نجحتم مش كده!
هز معتصم رأسه مع أبتسامة، بينما ضمت زينة الكتاب الي صدرها بخفة، فأقترب عزت بقدم متعرجة نحو مكتب ألفريد و بدأ تفتيشه، و أقترب معتصم يساعده بشفقة على حاله، فأبتسم عزت أخيراً من جديد و قال:.

- دي كل المخططات، و كل الورق و الأبحاث، كل حاجة وقعت في إيدينا، فاضل بس مكان القنابل دي، و ده هنعرفه لمّا فريق متخصص ييجي يشوف الأجهزة اللي هنا، أكيد هيلاقي عليها أماكن القنابل بالظبط.

قاطعه صوت طلق ناري أمامه، ثم سقطت زينة صارخة و ما زالت تتمسك بالكتاب، فنهض معتصم بسرعة و توجه الي ألفريد الذي يحاول سحب الكتاب من بين ساعدي زينة، و ضربه بقوة في وجهه، فصرخ الآخر بوجع مبتعداً من جديد، ثم هجم عليه معتصم من جديد و كال له عدة لكمات، قبل أن يقترب عزت هو الآخر، و قال:
- قوم شوف مراتك، سيبه ليّا
صرخ ألفريد بقوة و غضب:.

- لن أسمح لكم بتدمير كل ما حلمت بفعله منذ سنوات، عناصر جيشي ستأتي الي هنا بالتأكيد و
قاطعه عزت بلكمة قوية في فكيه، و قال:
- لقد دمرناه بالفعل أيها الوغد
ثم أبتسم بسخرية و أكمل:.

- و جيشك سيتفرق الآن، فصديقي هناك في هيئتك الحقيرة في الأسفل، يملي عليهم أوامره الجديدة، بتفرقهم، و نسيانه، و ولائهم الشديد لك سيجعلهم يطيعونك حتى و إن كان هذا ضد رغباتهم، لقد أصبحت وحيداً حقيراً يا صاح، و ستظل كذلك حتى يتم إعدامك، المباحث الفدرالية على وشك الإقتراب من هنا، و بعض رجال الجيش، و رجال آخرين من المخابرات و الصحافة
ردد ألفريد بصدمة و هو ينظر الي معتصم:
- ماذا! إذن من هنا؟

لكمه عزت مرة أخري في أنفه، و أجابه مكملاً بسخرية:
- أربعة رجال و أمرأة عزيزي ألفريد.

صرخ ألفريد بقوة أكثر و حسرة، و هو يتحرك محاولاً تحرير نفسه، و هو يسب معتصم بأبشع الألفاظ، بينما الأخير يجلس على الأرض، و تضمه زينة بقوة و تبكي بصمت بعد أن أصيبت في قدمها، فضربه عزت لكمة أخيرة و فقد وعيه، ثم أمسك بزجاجة صغيرة، و جرّع ألفريد منها، و وقف خالعاً قميصه فظهرت الدماء واضحة في جسده تنهمر ببطء بعد أن غطت صدره بالكامل، و أقترب من قدم زينة، و عقد قميصه عليها بقوة فأنتحبت زينة بقوة و تمسك بمعتصم أكثر، فقال عزت:.

- متخافيش، ده جرح صغير و مش في العضم، هتكوني كويسة
و عاد الي مكتب ألفريد من جديد، فدخل بركات مقترباً منهم بإبتسامة، و قال:
- ألف سلامة، هتكوني كويسة أن شاء الله
ثم توجه نحو عزت و قال بإحترام:
- الفريق وصل يا سيادة المقدم، و بدأوا يصلحوا عطل الكهربا، و دقايق و هيكونوا هنا، و البوليس الأمريكي كمان جه، لازم نختفي، أما العلماء فكلهم فاقدين الوعي، و في الطيارة مستنيين خروجنا.

هز عزت رأسه بتفهم، و وقف بعد أن أخذ كل الأوراق التي قد يحتاجها، و قال لمعتصم:
- يلا يا معتصم لازم نمشي قبل ما حد يوصل لهنا، شيل مراتك.

أومأ معتصم برأسه، و حمل زينة بين ذراعيه، بينما أقترب منهم بركات و أخذ منها الكتاب، و توجه ثلاثتهم الي الخارج في صمت و حذر نحو المبني الأول، و صعدو الدرج نحو الطابق الآخير، و أشار لهم بركات نحو طائرة، فصعدوا جميعاً على متنها، و كان أشرف يجلس على كرسي القيادة في انتظارهم، و ما أن صعد الجميع حتى قام بإغلاق الباب إلكترونياً، و بدأت رحلة الصعود بالطائرة ثم توجههوا بها الي قلب الصحراء، و من خلفهم أرتفعت الصيحات غاضبة، و أخرج رجال الشرطة أسلحتهم و بدأوا بإطلاق نيرانها على الطائرة، و لكن لحسن الحظ كانت مصفحة، فقالت زينة:.

- هما ليه بيضربوا علينا نار؟!
أجابها أشرف بهدوء:
- لأنهم ميعرفوش أحنا مين
عادت زينة تسأل من جديد:
- طب و ليه ميعرفوش أحنا مين؟!
ربت معتصم على شعرها بحنان و أجابها هذه المرة:
- دي قوانين المخابرات يا حبيبتي، أرتاحي شوية لحد ما نوصل البيت و أخرجلك الرصاصة
هزت زينة رأسها بصمت، و عادت ترتاح على صدر معتصم، بينما نظر لهم عزت بإبتسامة، و سأل معتصم:
- هو ألفريد نزل فيك شتيمة ليه؟!

قهقه معتصم ضاحكاً بقوة، و هتف:
- لأننا قولناله أن فيه جيش بره كامل هينسف المكان كله و هيقتل رجالته، و عرف أن مفيش أمل فأستسلم
خلعت زينة خاتمها و قرطيها، و مدت يدها بهم نحو عزت قائله:
- خدوا حاجتكم الغريبة دي، حد يحط السم في خاتم، و قنابل في حلق! بتهينوا أنوثة الستات
ألتقطهم عزت و نظر لهم بإبتسامة، و أردف:
- الظروف بقا بتضطر الواحد يعمل كتير أوي
أرتفع صوت بركات يسأل أشرف:
- وصلنا لفين!

أجابه أشرف و هو يتابع الأحداثيات أمامه:
- خلاص هبدأ عملية الهبوط دلوقتي
و بعد دقيقتين أستقرت الطائرة على سطح الأرض أمام عدة سيارات سوداء، و فتح أشرف الباب، فأندفع عدة رجال للداخل ينقلون العلماء، بينما خرج الآخرين نحو سيارة آخري نقلتهم نحو البيت الآمن..
و أنتهت المهمة أخيراً..
أنتهت بالنجاح..

مرت ثلاثة أشهر.

جلست زينة داخل أرجوحتها المحببة الي قلبها، و على قدميها حاسوبها المتنقل، و هي تكتب نهاية لكتابها، و أقترب منها معتصم بكوب من البرتقال، و جلس داخل الأرجوحة خلفها تماماً، و ضمها بيديه واضعاً الكوب أمام شفتيها، و وضع قبلة صغيرة على خدها الأيمن هامساً بحب:
- أحلي عصير برتقال لأحلي برتقالة في الدنيا
ألتفتت له زينة بحب، و قالت برقة:.

- و أنت أحلي حاجة في حياتي، انا بجد مش عارفة كنت هعمل أيه لو أنت مش معايا يا معتصم، بنخرج من مصيبة نلاقي غيرها
طأطأت رأسها بإبتسامة حزينة، و أكملت:
- رجعنا من جهنم لقينا فيه نار والعة في بيتي، ريهام ماتت، جاسر تعب و أميرة كمان في المستشفي، بابا و ماما
أحاط معتصم وجنتها اليسري بكفه في حنان، و قاطعها قائلا:.

- حبيبتي، متفكريش في أي حاجة وحشة، ريهام الله يرحمها ده كان عمرها، جاسر الحمدلله بقا كويس و لسه بيتحسن، و أميرة كويسة و أهي وصلت للشهر الخامس، و باباكي و مامتك بقوا زي السمنة على العسل، و عبدالله كمان سيرجي واخد باله منه كويس، و خرجه من اللي كان فيه، و بقوا أصحاب أوي و سيرجي بيشارك عبدالله في كل رحلاته اللي بيروحها و هو بينفذ أحلام ريهام، و أحنا أهوه بيتنا و رجعناه بعد ما أتوضب من تاني و رجع زي الأول و أحسن، و شغالين سوا ولا أحلي من كده، متفكريش في حاجة وحشة، فكري في حاجة حلوه زيك.

تركت زينة حاسوبها بجوارها، ثم جلست على قدمي معتصم قائله بمشاغبة:
- حاجة حلوه زي أيه بقاا؟! مكرونة بالبشاميل مثلا! و جنبها بيبسي و تشيز كيك برتقال، هقوم أعمل الغدا
أمسكها معتصم بقوة، و عادت تجلس هي من جديد، و نظرت له بتعجب و سألته:
- أيه! سبني أقوم أعمل الغدا!
ألتقط معتصم إحدي خصلاتها البرتقالية و حركها بين أنامله بخفة، و هو يراقب عينيها بعينيه، و أردف برقة:.

- زينة، أحنا بقالنا 8 شهور متجوزين! تفتكري ممكن نتأخر أيه أكتر من كده
وضعت زينة كفيها على صدره لتستند إليه بتعجب، و سألته:
- نتأخر في أيه؟ مالك يا حبيبي! قول علطول
تنهد معتصم بقوة، و سألها بحب:.

- مش هنخلف يا زينة؟ نفسي يكون في بطنك حتة مني، و أشوفك مقلبظة كده و بتتوحمي على حاجات غريبة، و نروح للدكاترة و نشوف صورة البيبي في بطنك، و بعدين لما ييجي يدوشنا بصريخه و عياطه، يكبر شوية و يروح الحضانة و المدرسة، نفسي في أبن منك يا زينة
تمسكت زينة بقميصه القطني بقوة، و قد سيطرت عليها السعادة، و هتفت:.

- حلو كلامك ده، و صدقني انا كمان نفسي و أكتر منك، بس خوفت أسألك تكون أنت مش عايز دلوقتي لأننا لسه مكملناش سنة
ضمها معتصم الي صدره بحب، و أردف:
- مين مجنون يكون بيعشق مراته زيي، و ميكونش نفسه في عيل منها
أبتعدت زينة عن صدره، و قالت ببعض الخجل حاولت إخفائه:
- لا بقولك أيه أنا بضعف من الكلام ده، هروح أعمل الغدا علشان جعانة
خرجت من الأرجوحة، فأبتسم معتصم و قد فهم ما حل بها، و قال:.

- طيب روحي، و جهزي بطاطس محمرة كمان
عقدت ساعديها بشك، و أردفت:
- انت مش هتيجي تساعد ولا أيه؟
غمز لها معتصم بعينه بمشاكسة، و رد بإستفزاز:
- مساعدة بردو ولا معاكسة وقلة أدب
فتحت زينة عينيها على وسعهما، و أمسكت وسادة داخل الأرجوحة، و قذفته بها، فتعالت ضحكاته و سحبها داخل الأرجوحة من جديد، و أعتلاها ممسكاً بوسادة أخري و ضربها في وجهها قائلا:
- حد يضرب جوزه حبيبه كده.

ثم ترك الوسادة، و بدأت أنامله تتحرك على رقبتها و معدتها و جانبيها، فتعالت ضحكات الآخيرة و حاولت إبعاده مردفة:
- خلاص يا معتصم خلاص، مش هعمل كده تاني
أنحني معتصم إليها أكثر، و أبتعد بأنامله مردفاً بحب:
- بحبك يا برتقالتي، قومي نحضر الغدا يلا.

خرج معتصم من الأرجوحة، و أرتدي حذائه المنزلي، ثم سحبها من قدميها لتخرج هي الآخري من الأرجوحة، و حملها بين يديه نحو الداخل، ثم الي المطبخ و بدأ كلاهما بتحضير الطعام، و ترتفع ضحكاتهم من حين الي آخر قريب...
.

سارت أميرة نحو جاسر الذي يجلس امام التلفاز، و يحمل طفلهما يهدهده في خفة حتى نام بين يديه، ثم جلست بجواره و وضعت كفها و رأسها على ذراعه في صمت، فتوقف جاسر عن تحريك الطفل، و وضعه على قدمه المتربعة، و احاط أميرة بذراعه بحب، و وضع قبلة على رأسها، فرفعت الأولي رأسها، و همست أمام شفتيه:
- بحبك
رفع جاسر كفها، و قبّله بحب مردداً:
- و أنا بعشقك، شكراً.

شكرها و صمت، لم يعلم تماماً على ماذا يشكرها تحديداً، وقوفها بجانبه طوال فترة مرضه رغم ما فعله بها، اهتمامها بعائلته، عدم معاتبته على كل ما حدث، طفلهما القادم، لا يعلم، ولا يظن أنه سيعلم، فلقد فعلت الكثير من أجله و ها هي في النهاية تعود الي صدره ليضمها، مازالت تشعر بأنه أمانها رغم كل ما حدث..
حمدالله كثيراً على وجودها بجواره، و على أختياره الصحيح للمرأة التي ستشاركه ما تبقي من عمره..
.

توقفت سيارة معتصم بغتة ما أن ضغط على مكابحها، و نظر الي جميلته التي تجلس بجواره شاردة، فسألها بقلق:
- زينة حبيبتي، أنتي كويسة؟!
هزت زينة رأسها بالإيجاب في صمت، و كأنها لم تشعر أن السيارة قد توقفت أمام الجريدة، فأمسك معتصم كفها ضاغطاً عليه بدعم، و سألها من جديد:
- مالك؟
نظرت له بحزن، و تنهدت بقوة مردفة:.

- بفكر في اللي حصل قبل كده يا معتصم، كل الناس اللي منعرفش أيه مصيرهم لحد دلوقتي بعد ما سلبوا عقولهم و حياتهم، و اللي أتحولوا تماماً، و محدش قال أي حاجة عن الموضوع ده، و كأنه محصلش، و كأن العالم مكنش هنتهي خلاص و كنا هنموت
أبتسم معتصم، و أقترب بأنامله من وجهها، و ورفعه إليه لتواجه عينيه خاصتها، و قال معتصم:
- أنتي إزاي مفتهمتيش اللي حصل! حبيبتي تفتكري هما ليه أخدوا العلماء و سابو ألفريد!

كمشت ملامحها بتفكير، ثم هزت رأسها بجهل، فأكمل معتصم:.

- دي كانت خطة أولي بالنسبة ليهم، يعني هما عارفين منى و تيسيير كانو عايزين يعملوا أيه، يعني الناس دي هما اللي هيعالجوا كل الناس اللي فقدوا ذاكرتهم و آدميتهم في الفترة اللي فاتت، أما بالنسبة مقالوش حاجة، ده لأن من قوانين المخابرات هي ان الظابط يدخل البلد يأدي مهمته و يخرج من البلد دي من غير ما مخلوق يعرف هو جنسيته أيه، و أحياناً من غير ما حد يعرف أنه عمل حاجة أصلاً، لأنهم بيدخلوا يعبثوا في دولة و مش بيمشوا بقوانين، علشان كده لو حد كان عرف أننا مصريين كان هيحصل مشاكل كبيرة بين مصر و أمريكا، و ده بإختصار.

سألته زينة بقلق:
- يعني كل حاجة بقت كويسة؟
رفع معتصم كفيها الي شفتيه، و قبلهما بحب مردفاً:
- كله بقا كويس، مش فاضل غيرك أنتي تكوني كويسة و تبطلي تفكير، كله تمام
أبتسمت زينة، و هزت رأسها موافقة، و هتفت:
- أنا هنزل، يلا روح على شغلك
هبطت زينة من السيارة، و توجهت نحو الداخل، و قابلها منير بإبتسامة جميلة مردفاً:
- يا مرحباً، نورتينا يا زينة هانم بقيتي تيجي لينا زيارات.

جزت زينة على أسنانها بغيظ مردفة:
- معلش يا فندم، بخلص اللي ورايا
وضع منير يده على أذنه مقترباً من زينة، قائلا بإستفزاز:
- معلش يا أيه؟ مش سامع!
عقدت زينة ساعديها بضيق، و أردفت:
- مش هقولها تاني، و متستفزنيش يا منير، أنت بس رئيس التحرير مؤقتاً لحد ما أستاذ عادل يرجع
تعالت ضحكات منير، و دخل الي مكتبه و خلفه زينة، و جلس كلاً منهما، فأمسك هو بملف أحمر اللون و وضعه بين يديها قائلا بجدية:.

- طب ندخل في الشغل بقا، هتحتاجي معتصم معاكي، ده تحقيق جديد، عايزك تقدمي فيه مقال من الألف للياء، حاجة جامدة هتعجبك، و أنا هكلم اللوا مجاهد
هزت زينة رأسها بصمت، و عينيها تتابع حروف الملف بشغف كبير، ثم رفعت عينيها قائله بإنبهار:
- منير، الكلام ده وقع في أيدك إزاي؟ دي قضية الموسم
أبتسم منير، و أردف:
- هتبقي فعلا كده، يلا قومي بقاا على القسم و راجعي الملف مع معتصم.

تركها منير و توجه خلف مكتبه و رفع سماعة الهاتف، بينما تركته زينة، و أستقلت سيارة أجرة نحو قسم المقطم، و خرجت منها بعد أن نقدت السائق أجرة، ثم توجهت مسرعة نحو مكتب معتصم، حياها بعض الضباط بإبتسامة من معرفتهم السابقة بها، ثم نظرت الي العسكري، و قالت بمرح:
- بلغ سيادة الرائد إن زينة كامل صحفية من جريدة منارة الحقيقة عايزة تقابله.

أبتسم العسكري و هو يتذكر المرة الأولي التي جاءت بها الي هنا تطلب مقابلة معتصم، ثم فتح الباب مردفاً:
- معتصم باشا مستنيكي، و قال أول ما تيجي تدخلي علطول، و دقيقة و هيكون البرتقال عند حضرتك
دخلت زينة الي المكتب، ثم أمسكت بمقبض الباب قائله:
- شاطر يا عبدربه بتحفظ بسرعة
أغلقت الباب خلفها، ثم توجهت لمعتصم الذي ينظر في الأوراق أمامه بتركيز، فجلست على المقعد في مقابله، و سألته بتعجب:
- بتعمل أيه؟

رفع معتصم نظره عن الأوراق، و أجابها بإبتسامة:
- قضية جديدة يا ستي، بس غريبة شوية
رفعت زينة الملف، و وضعته أمامه تماماً مستندة عليه بكفيها، ثم هتفت بحماس:
- أنا جايبة تحقيق سخن على الآخر، قضية نصب، تخيل كام واحد أتنصب عليه؟
أبتسم معتصم واضعاً كفه على خده، و قال بتخمين مزيف:
- 5 آلاف مثلا!
أنقبضت ملامح زينة، و سألته بذعر:
- عرفت إزاي؟ هي دي القضية اللي معاك؟

هز معتصم رأسه بالإيجاب، و عاد ينظر في الأوراق بتركيز، ثم سحب أربعة ورقات، و مد يده الي زينة قائلا:
- خدي أعمليلك منظر و أقرأي دول، الأخبار الحلوه هتلاقيها عندي
سحبت منه زينة الأوراق مردفة بضيق:
- أحنا شغالين سوا، مش المفروض نتناقش
لوح معتصم بذراعه أمامه مردفاً:
- يا بنتي هنتناقش في أيه؟ مش لازم نقرأ و نفهم و بعدين نتناقش!
وضعت زينة الأوراق على المكتب، و قالت بحزم:
- أنا قرأت الملف كله في الطريق.

قاطعها معتصم ضارباً في بعضهما، ثم أردف:.

- يلا نتناقش، هااه هنقول أيه؟ هقولك أنا، قضية نصب عن طريق النت، واحد عمل شركة وهمية، و نزل إعلان على النت بمكان الشركة و الأجر و مواعيد العمل، و أرقام التليفونات، و قال الأنترفيو هيكون أمتي، و اللي راحو يقدموا أخدوا من كل فرد 500 جنيه علشان يونيفورم الشركة، و بلغوهم يرجعوا بعد أسبوع علشان يبدأو الشغل، و الناس لما راحت عرفت أن المكتب ده كان متأجر، و أنهم أتنصب عليهم
صمت لثواني قبل أن يردف بحدة:.

- مش هو ده اللي أحنا عارفينه! تعرفي أيه أنتي تاني؟!
صمتت الآخيرة لثواني، و قالت بنبرة أقرب للخفوت و الهمس:
- هو فيه حاجة تانية المفروض أعرفها
ضرب معتصم على المكتب بكفيه في قوة، و قال بصوت مرتفع:
- أمال انا بقول أيه من الصبح!
دق الباب، فأذن معتصم للعسكري بالدخول، فوضع العصير أمام زينة، و أدي تحيته العسكرية، فسأله معتصم:
- النقيب متولي جه يا أبني!

- لا يا باشا لسه، أول ما ييجي هبلغه علطول ييجي لحضرتك
أومأ معتصم برأسه بتفهم، ثم أشار للأخير أن يذهب، و عاد ينظر الي زينة التي تنظر له بغيظ، فأبتسم قائلا:
- متلويش بوزك و أنتي اللي غلطانة، أستني خمسة و هبقي معاكي و هفهمك، و الورق اللي معاكي ده معظم أقوال المجني عليهم، أقرأيه يمكن توصلي لحاجة
سحب قلمين من علبة أمامه، و وضعهم أمامها مردفاً:.

- أتفضلي أدي قلم لشعرك علشان ترفعيه، و التاني علشان تعلمي على المهم، محتاجة حاجة تانية؟
هزت رأسها بالنفي، و سحبت القلم الأول عاقدة خصلاتها حوله، فأكمل معتصم و قد عادت أنظاره الي الأوراق:
- لو العصير أتدلق على الورق هرميكي من الشباك
ضحكت زينة بخفوت، و هي تمسك بعصيرها، فرفع معتصم نظره، و مازالت رأسه تنحني على الأوراق، ألتقطت عينيه مشهد ضحكتها الجميلة، فأبتسم ثم عاد الي عمله..

دق الباب من جديد بعد دقائق، و دخل العسكري يخبر معتصم بوجود متولي، فأذن له الأخير بالدخول، و بعد دخول متولي، و تأديته للتحية العسكرية، جلس في المقعد المقابل لزينة، فتحدث معتصم:
- بص يا متولي، فيه كام قضية نصب كده جم ليك من حوالي شهر، و مقدرناش نوصل للي عملوا كده، و النهاردة فيه قضية جديدة معايا
ثم بدأ معتصم بسرد ما حدث على مسامع متولي، و أنتهي مكملاً:.

- و بما انك اللي كنت ماسك القواضي دي، يبقي عندك أي ملاحظات أو حاجة ممكن تقولها لينا! أنا جبت كل الملفات من الأرشيف، و قرأتهم بس دلوقتي محتاج ملاحظاتك أنت
صمت متولي لثواني، ثم رسم إبتسامة على شفتيه قائلا:
- بصراحة يا باشا معنديش، و إلا كنت قدرت أوصل لحاجة
نظرت له زينة بتعجب، و سألته:
- إزاي يعني؟! مفيش معلومة واحدة ممكن تساعدنا! مفيش حتى طرف خيط قدرت توصله و بعدين وقفت و معرفتش في أيه؟

هز متولي رأسه بالنفي، ثم أردف:
- كان نفسي أساعدكم يا باشا
أبتسم معتصم بتفهم و أشار الي الباب قائلا:
- تمام يا متولي، لو أفتكرت أي حاجة قولنا، أتفضل
تركهم متولي و غادر المكتب بسرعة، بينما تلاحقه نظرات الأثنان، و سرعان ما تحول بصرهم الي بعضهم، و أردفت زينة بإستغراب:
- فهمني بقا أيه علاقة ده بقضيتنا!
عاد معتصم بظهره الي الخلف في أسترخاء، و أجابها:.

- الشهر ده حصلت 4 عمليات نصب، و دي كانت الخامسة، و المجني عليهم في كل مرة قالوا أن اللي بينصبوا دول 5 أشخاص، 3 رجالة و بنتين، و تقريباً بياخدوا نفس الخطوات، يعني مثلا في العملية الأولي، أجروا شقة من صاحبها، و عملوا عقد تمليك مزيف للشقة دي، و عملوا إعلان على النت إن الشقة دي للبيع ب100 ألف جنيه، و طبعا سعر زي ده لقطة، و كام واحد جه يشتريها منهم و عملوا معاه عقد، 153 واحد، يعني سرقوا 15 مليون جنيه، و بعد أسبوع واحد بس من إيجار الشقة فسخوا العقد، و أختفوا.

ثم تعالت ضحكاته بقوة، و أردف:
- و تاني عملية، عملوا جمعية خيرية مزيفة، و بردوا نشروا عنها على النت، و عملوا صداقات وهمية مع 13 رجل أعمال و ناس مهمين في البلد، و أقنعوهم يتبرعوا للجمعية بتاعتهم و أخدوا منهم تقريبا 28 مليون جنيه، و الناس لما راحو يتبرعوا بعد أسبوع لقوا المكان فاضي تماماً و كأنه بيت مهجور، و كل الأثاث و الكراسي و الشاشات و كله أختفي
رفعت زينة حاجبيها بإنبهار، ثم أردفت بإعجاب:.

- لا حلو، دماغهم شغالة، بس إزاي مقدرتوش تقبضوا عليهم لحد دلوقتي، مش معقول مفيش أي حاجة تودي لأي مكان
هز معتصم رأسه بالإيجاب، ثم أنحني ليستند على المكتب بذراعيه، ثم أردف بحماس:
- و تخيلي ليه؟
هزت زينة رأسها بفضول، فأكمل معتصم و هو ينظر الي وجهها تماماً:
- لأن الظابط اللي بيتابع قضيتهم هو الفرد السادس في العصابة دي.

رفعت زينة حاجبيها بدهشة، و أنطلقت شهقة من بين شفتيها، و سيطرت الصدمة تماماً عليها، فصمتت..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة