قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الثاني والعشرون

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الثاني والعشرون

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الثاني والعشرون

أنت بتقول أيه
نطقت زينة هذه الجملة و الصدمة تبرز على وجهها، فعاد معتصم يقول بإبتسامة:
-طب بس أهدي كده، زي ما سمعتي متولي معاهم، و غالباً دي هتبقي أسهل مهمة أنا أخدتها
ضمت زينة حاجبيه بتعجب، و سألته:
-إزاي!
تنهد معتصم بإرتياح، و أجابها:
-خليت سعد يهكر تليفونه، و بكده هنسجل أعتراف كامل صوت و صورة ليه مع الناس دي بمجرد ما يشوفهم و يتكلموا، طبعا بإذن نيابة، و هيتقبض عليهم ببساطة جداً.

وقفت زينة بغضب، و ضربت المكتب بكفيها بقوة، مردفة بغيظ:
-تحقيق زي ده، أنت تخلصه في جملتين ليه يعني! حرام عليك كنت عايزة
قهقه معتصم ضاحكاً بقوة، و قاطعها سائلاً:
-عايزة أيه يا هبلة؟ عايزة تقعي في مصيبة ولا كارثة! و تفضلي تجري من هنا لهنا لحد ما تدوري على اللي حصل، أنا ريحت دماغك
ثم أكمل بجدية:
-و بعدين شكي في متولي مش اكيد، ده مجرد شك بس قوي شوية، يعني لو محصلش حاجة هنكمل تحقيق عادي لحد ما نوصلهم.

قلبت زينة شفتيها، و كادت أن تبكي قائله:
-يا رب يطلع مش هو
عاد معتصم يضحك من جديد، و هو ينظر إليها بتسلية مردفاً:
-عايزاهم يرجعوا يضحكوا على الناس تاني و يسرقوهم! هتكوني مبسوطة كده!
سحبت زينة حقيبتها و أرتدتها مردفة:
-متقولنيش كلام مقولتوش، أنت عارف أني مش في نيتي، همشي أنا يا ريتني ما جيت
وقف معتصم، و أقترب منها ساحباً إياها نحوه بقوة، و رفع ذراعيه ليحيطها بهم، و همس بحب:.

-زينة، متزعليش، أحنا عارفين إن كل ما قدرنا نوصل للمجرمين أسرع بيكون أفضل
هزت زينة رأسها بالنفي، و أردفت بضيق:
-مش زعلانة يا معتصم، بس متضايقة، أول ما مسكت الملف من منير لقيت 5 آلاف واحد منصوب عليهم من نفس الشخص، أفتكرت هيكون تحقيق كويس و هيطول كمان، بس اول ما جيتلك هنا لقيته خلص قبل ما يبدأ أصلا
رفع معتصم كتفيه بلامبالاة مردفاً:.

-هييجي غيره، يعني هو أحنا هنقعد في بيوتنا، خلاص بقا متزعليش، يلا روحي الجريدة، و لو وصلت لحاجة هكلمك
هزت زينة رأسها بإستسلام، و أبتعدت عنه، و خرجت من المكتب، فعاد هو خلف مكتبه، و بدأ يجمع الأوراق و يضعها في الملف أمامه..

أقترب غريب ليجلس أمام جاسر، و أبتسم بحزن مردفاً:
-أزيك يا جاسر
هز جاسر رأسه، و أردف بنبرة خالية من التعبير:
-الحمدلله يا أستاذ غريب
حمحم غريب بإحراج، و أعتدل في مجلسه، و شبك أصابعه مردفاً:.

-جاسر، أنا مقدر جدا أن مدام ريهام قبل ما تموت مكنتش عايزة الفيلم ده، و كمان مقدر جدا علاقتك القوية بيها و حزنك على فراقها، و الحقيقة إن الموضوع ده ضايقني أنا كمان جداً، بس الفيلم نزل من شهرين، و كان ناجح بشكل كبير جداً، و الصحافة و الإعلام عاوزين يعملوا أي لقاء معاك، و أنت رافض
كاد جاسر أن يتحدث، و لكن أوقفه غريب برجاء مردفاً:.

-متتكلمش أرجوك أسمعني، ده أول عمل ليك يا جاسر، و كان أول عمل لريهام الله يرحمها، لو سمحت، أنت فعلا لازم تطلع في أي انترفيو، و لو واحد بس على الأقل، جاوب على الأسئلة و أتكلم شوية عن الفيلم و اللي حصل فيه وخلاص
ثم تنهد بقوة، قبل أن يكمل:.

-الفيلم مرشح لأكتر من جايزة، و بالنسبة لأنه فيلم كل اللي شغالين عليه مبتدئين فده نجاح كبير جداً، فيه مجلة مشهورة عايزة تصور معاك، و أنا وافقت بالنيابة عنك، و الإنترفيو هيكون بعد بكره الساعة 5، و هبعتلك اللوكيشن، لازم تحضر، المرادي بس يا جاسر أرجوك.

أقتربت أميرة و وضعت المشروبات على الطاولة، ثم جلست بجوار جاسر ممسكة كفه بقوة، تنهد الآخير و نظر لها بحيرة، فهزت أميرة رأسها بالإيجاب مع إبتسامة، فعادت نظرات جاسر نحو غريب، و قال:
-مش هصور أي انترفيو غيره يا أستاذ غريب لو سمحت أحترم رغبتي زي ما أنا هحترم رغبتك المرادي
وقف غريب بإبتسامة، و مد يده ليصافحه مردفاً:
-كده يبقي متفقين، مبروك يا جاسر
وقف جاسر مصافحاً غريب بمجاملة، و قال:.

-الله يبارك في حضرتك.

أقترب المساء، فنظر معتصم الي ساعة يده، و تنهد بتعب عائداً برأسه الي الخلف في إرتياح، و سرعان ما عاد يرتب مكتبه، ثم خرج من الغرفة متوجهاً نحو مكتب سعد، و فتح الباب مطلاً برأسه، و سأله بتعب:
-فيه أي حاجة جديدة؟!
هز سعد رأسه بالنفي مردفاً:
-لا لسه، بس هجيبلك أمه متقلقش
-علي الله، أنا مروح سلام
أغلق معتصم الباب من جديد، و توجه نحو سيارته، و أنطلق بها الي المنزل بتعب..

صفع باب المنزل خلفه بقوة، و وضع مفاتيحه على الطاولة، و نادي بأسم زينة عدة مرات في تعجب، ثم أقترب من غرفتهما، فوجدها تنام على الفراش بعمق، أقترب منها بتعب، و صفعها بخفة على وجهها عدة مرات، فهمهمت بنعاس، فتنهد بغيظ و صفعها بظهر كفه في قوة، فأنتفضت من نومها، و نظرت حولها بعدم إدراك، و سرعان ما نظرت الي معتصم، و صرخت:
-أيه يا معتصم الغشومية دي؟
خلع معتصم قميصه في برود، و أردف:
-جعان، قومي حطيلي أكل.

ركضت نحوه الآخيرة بغضب، و قفزت الي عنقه من الخلف متعلقة به، و أحاطت خصره بقدميها، و ضربته بقبضتها الصغيرة عدة مرات على مؤخرة عنقه مردفة:
-أنت مصحيني من النوم بالضرب علشان جعان، طب كل، كل
سحبها معتصم من منامتها، و بدّل موقعها فأصبحت أمامه وجهاً لوجه، و تمسك هو بخصرها حتى لا تسقط و إن كانت تحيط خصره بقدميها، و أردف بتعب:.

-تعبان يا زينة بجد و عايز أكل، انا مكلتش حاجة من الصبح، و أنتي عارفة مش بعرف أكل من غيرك
أبتسمت زينة ببلاهة، و رفعت عينيها قليلاً، و قالت بتفكير:
-أيه ده هو أنت بتثبتني؟!
أقترب بوجهه منها، و ثبت أنفه أمام أرنبة أنفها بحب مردفاً:
-تؤ تؤ، أنا بقول الحقيقة
أنزلها الي الأرض مكملاً خلع ملابسه، و قال:
-و بعدين ماتش الأهلي و الزمالك النهاردة الساعة 9 عايز أكل و أنام ساعتين قبل ما أقوم أسمعه.

ضحكت زينة بشر، و قالت بمشاكسة:
-ده أحنا هنقطعكم النهاردة
أشار لها معتصم نحو الباب، و قال ببرود:
-يلا يا بوابة على المطبخ، ده أنتو فريق الا حتة، بلا نيلة كسبانين بيتحفل عليكم خسرانين بيتحفل عليكم
تركها و دخل الي الحمام صافعاً الباب خلفه، فصرخت زينة بغيظ:
-علي الأقل فريقنا لعيبته عندهم أنتماء للفريق، مش انتو اللي اللعيبة بتجري ورا ال money
عاد معتصم يفتح باب الحمام، و قال بتعجب:.

-مين اللي بيتكلم، يا بت أحنا خدنا منكم كهربا
عقدت زينة ساعديها أمام صدرها مردفة بإستفزاز:
-و رمضان باعكم وراح بيراميدز
أنتصبت في وقفتها بسرعة، و قالت:
-أحنا بنتكلم في أيه! هروح أعمل الأكل
و ركضت للخارج بسرعة، فهز معتصم رأسه بفقدان أمل، و عاد الي الحمام من جديد..

مرّ صلاح على كل بيوت الأزياء الكبيرة، و تنقل بنظراته بين كل الملابس، الي أن وقع بصره على فستان باللون الأحمر، قصير و ضيق للغاية، و أحتل الدانتيل الأكتاف و الرقبة، و أختفي الظهر تماماً، نظر للفستان بإعجاب، ثم أشار للموظفة، التي أبتسمت له بترحاب قائله:
-أقدر أساعد حضرتك إزاي؟
أشار صلاح الي الفستان، و قال:
-عاوز الفستان ده لو سمحتي
هزت الموظفة رأسها بإبتسامة قائله:.

-أختيار موفق يا فندم، الفستان ده لسه نازل من ساعتين بس و وان بيس
ثم أشار الي أحد الأقسام بجوارها قائله:
-فيه هناك أكسيسوريز لو حضرتك عاوز حاجة مع الفستان
هز صلاح رأسه بالموافقة، و أردف:
-لفيهولي بطريقة شيك بعد أذنك، أه و متنسيش تشيلي بطاقة السعر.

أومأت الموظفة برأسها، و تركته متجهة نحو الفستان، بينما أبتعد الأخير نحو قسم المجوهرات، ليبدأ بإختيار بعض القطع الماسية، ثم عاد الي الفستان، و قدم بطاقته الأئتمانية الي الموظفة، و غادر المكان بعد دقائق حاملاً الفستان و المجوهرات، و أتجه نحو سيارته، ثم أنطلق بها بعيداً..

جلست زينة ترتدي قميص قطني يحمل علم نادي الزمالك، و جلس معتصم الي جوارها بقميص آخر يحمل علم نادي الأهلي، و بدا الحماس على وجوههما، فقد كانت المبارة مشتعلة بحق، الي أن صرخ معتصم:
-جون، معلم الله عليك يا أبني
ثم نظر الي زينة التي تشتعل بجواره غضباً مردفاً:
-مش سامع صوتك ليه يا بوابة؟
أشارت زينة نحو التلفاز و هي تشاهد إعادة الهدف، و صرخت بغضب:
-علفكرة الجون ده أوف سايد، و الحكم ده معاكم.

عض معتصم على شفتيه بغيظ، و جذب زينة من خصلاتها، و قال:
-حكم أيه اللي معانا! ده حكم أسكتلندي، بس أنتي اللي الحقد ماليكي
أمسكت زينة قميصه بعنف، مردفة بنبرة تحدي:
-هنشوف يا زوجي العزيز مين هيضحك في النهاية
تركها معتصم و سحب كوب المشروب الغازي التي ترتشفه مردفاً:
-طب هاتي ده و حطيلك واحد تاني، بلعي الخسارة بدل ما تتحشر جواكي و تموتك
ثم قهقه بسخرية، فأمسكت زينة بكوب آخر و سكبت لها مشروب، و قالت بغضب:.

-علفكرة من يضحك أخيراً يضحك كثيراً
عاد معتصم يضحك من جديد بإستفزاز، و عاد كلاهما يتابع المباراة بحماس، و بعد دقائق كثيرة، صرخت زينة بحماس:
-يلا، يلا جون بقا و النبي الشوط الأول هيخلص، هوبا جون
بينما صرخ معتصم على الجانب الآخر:
-لا يا شناوي
حركت زينة حاجبيها بتسلية، و قالت بإستفزاز:
-بعد أيه يا أبو جبل! شوفت الجمال!

دفعها معتصم بكفه من وجهها، فعادت زينة تضحك، و جلست على ركبتيها بجوار معتصم، و بدأت تداعب وجهه بأناملها في أستفزاز مردفة:
-قموصة يا ناس قموصة
عاد معتصم يدفعها، فسقطت على الأريكة، و أردف الأول:
-علفكرة ده تعادل عادي يعني، و لسه فيه شوط تاني أنتو مكسبتوش
صفقت زينة بيدها، ثم حركت كتفيها بأنوثة مردفة بنبرة ساخرة:
-هنكسب يعني هو المكسب هيروح فين.

أعلن المعلق نهاية الشوط الأول، ففتح معتصم ذراعيه، و أختبئت زينة بينهما بحب، و ضمته بقوة، فأبتسم الآخير، و قال معتصم بحب:
-مش هتروحي تشوفي بابا و ماما ولا أيه؟ بقالك كتير مروحتيش ليهم
هزت زينة رأسها، و أردفت بحزن:
-فعلا معاك حق، أنا زعلانة أوي أني مشغولة عنهم، بس الشغل الفترة اللي فاتت كان صعب أوي و مكناش بنفضي غير على النوم، و يا دوب النهاردة رجعت بدري شوية نمت و أدينا قاعدين.

مرر معتصم أنامله بين خصلاتها بحنان قائلا:
-طب متزعليش، هنعدي عليهم بكره نقعد معاهم شوية، مش عايز بوز بقاا، أنا بحبك فرفوشة
أعتدلت زينة، و جلست على قدميه في مواجهة وجهه، و سألته:
-يعني أنا لو بقيت نكدية و وحشة مش هتحبني؟
ضحك معتصم بخفة، و أمسك بخصلاتها المتمردة، و قال:.

-يعني أنا لو محبتكيش بكل حالاتك هحب مين مثلا! أنا عرفتك في قضية مخدرات يا زوزو، مع خالد فاكراه! و قضينا أيام سودا سوا، و بعد ما خلصت القضية أستحملت طلبك الغريب بزيارة كريم كل أسبوع مرة على الأقل، و بعدين قابلنا منى و تيسيير و دي كانت مصيبة أكبر، بس الحمدلله عديناها سوا، شوفتك و أنتي نكدية و متضايقة و قرفانة من اللي حواليكي كلهم، و وأنتي متبهدلة في الصحرا مع كريم، و خالد بيضربك و أحنا بنتدرب.

عاد يضحك من جديد، و أكمل بحب:
-أنا شوفتك كلك! كل جوانبك، و صدقيني حبيتها كلها، أنا عشقتها كمان، و مستعد أعشق كل حركة غبية و غريبة بتعمليها
ثم أكمل بنبرة تعب مزيفة:
-بس لو تقلتي أكتر من كده مضمنش أوي أني هفضل أحبك
أنقلبت ملامح زينة المبتسمة بسرعة، و أنتفضت مبتعدة عن معتصم، و وقفت أمامه قائله بذعر:
-تقلت! هو أنا تخنت يا معتصم
أمسك معتصم يديها ليطمئنها مردفاً:
-لا يا حبيبتي أنتي زي القمر زي ما أنتي.

دفعت يده عن يدها، و سألته من جديد و هي تكاد تبكي:
-متكدبش عليّا، أنا بجد تخنت! مبقتش عجباك! بقيت وحشة!
وقف معتصم و أحتضنها بحنان، و قال:
-طب أهدي بس و بطلي عياط، يخربيت دي كلمة قولتها أنا كنت بهزر
جلس معتصم على الأريكة، و جذبها لتجلس على قدمه كما كانت، و أحاطها بذراعيه، فعادت زينة الكرة برجاء مردفة:
-معتصم، قولي بجد أنا تخنت! وحياتي عندك ما تكدب!

هز معتصم رأسه بهدوء، فأمتلأت عينيها بالدموع بسرعة، فأحاط هو وجهها بكفيه، و أردف:
-مش هكدب، أنتي اه تخنتي شوية، يمكن علشان بقيتي بترجعي من الشغل تاكلي و تنامي علطول، و مبقيتيش بتنزلي الجيم معايا و بتكسلي، بس و الله العظيم أنتي لسه زي القمر، و أنا مش متضايق أبداً، أنا ميهمنيش غير راحتك، و بحبك زي ما أنتي كده.

أحاطت زينة عنقه بكفيها، و خبئت رأسها به، و أجهشت في بالبكاء بدون توقف، فضمها معتصم الي صدره بقوة و قلق مردفاً:
-بتعيطي ليه يا زينة؟ يا بنتي متخنتيش للدرجادي يعني، و الله زي القمر لسه، أهدي
أبتعدت زينة عن رقبته، و أردفت من بين شهقاتها:
-أنت مبقتش تحبني علشان أنا تخنت، و هتطلقني و تسبني علشان بقيت وحشة
فتح معتصم عينيه بدهشة، و أردف بعدم تصديق:.

-يا بت هو أنتي بتسمعي الكلام على مزاجك! بقولك أنا بحبك كده، أه تخنتي بس ده عاجبني انا مش معترض! و بعدين هو أنا ندل أوي كده علشان أسيبك لمجرد أنك تخنتي شوية
صرخت زينة في وجهه ببكاء:
-كل الرجالة كده
صرخ معتصم في وجهها بغيظ، و ضربها على رأسها مردفاً:
-و لو كل الستات زيك كده كان زمانهم متطلقين، مفيش حاجة أسمها كل الرجالة كده، راجل عن راجل بيختلف
ثم أمسك خصلاتها بقوة، و أكمل:.

-و بعدين أنتي أش عرفك أن كل الرجالة كده! جربتي حد أنتي قبلي!
هزت زينة رأسها بالإيجاب مردفة:
-أه كنت بحب واحد في إعدادي، بس كان بتاع بنات و مصاحب البنات كلها
نظر لها معتصم ببلاهة مردفاً:
-إعدادي! اللي هو من ييجي 10، 15 سنة كده صح! الصبر من عندك يا رب، بطلي عياط أنا بحبك و الله بحبك و مش متضايق أبداً
وضع كفيه على خصرها، و حركها بمشاكسة:
-روقي بقاا، مش كفاية العياط اللي هتعيطيه لما تتغلبوا.

ضحكت زينة بخفة، و مسح معتصم دموعها، ثم أحتضنها بقوة، و دقائق و بدأ الشوط الثاني من المباراة، فأخذ كلاً منهما مكانه، و بدأوا بمشاهدة المباراة في إستمتاع و شعلة من الحماس الي أن أنتهي بالتعادل، فنظرت زينة الي معتصم الذي أردف بلامبالاة:
-الحظ خدمكم و أتعادلتم معانا
عقدت زينة حاجبيها بضيق، و أشارت الي الكارثة التي حلت بالمكان مردفة:.

-طب أحنا أتفقنا أن اللي يخسر يغسل المواعين و ينضف المزبلة دي، مين بقاا اللي هيعمل ده دلوقتي!
ضحك معتصم و أردف بحنان، و قد بدأ بتجميع الأطباق و الأكواب مردفاً:
-هنعملهم سوا يا حبيبتي يلا
توجه نحو المطبخ، و لكن شعر بكفها أمسك بذراعه، ألتفت لها بتعجب، فأردفت بإحراج:
-عايزة أرجع أنزل الجيم
أبتسم معتصم، و قال بحب:.

-سبق و قولتلك، أنا يهمني راحتك، هجددلك بكره أشتراك الجيم و هننزل سوا بعد كده، و هجدد النت كمان و كفاية مسلسلات أنا بصرف على مسلسلاتك أكتر ما بصرف عليكي، أحنا بنجدد الباقة 3 مرات في الشهر
عادت زينة الي الأريكة تنظفها بضحكة مردفة:
-أقعد أشتكي كده و في الآخر بتيجي تتفرج معايا
تعالت ضحكات الآخير المتجه نحو المطبخ، فأبتسمت زينة و هي تتابعه بعينيها مردفة بحب:
-ربنا يخليك ليا يا معتصم.

هبط عبدالله من على متن الطائرة المتوجهة من إيطاليا نحو البرازيل، أستنشق الهواء بعمق، ثم رسم إبتسامة جميلة على شفتيه، و بجواره سيرجي متجهان نحو المطار، و بعد دقائق كان الأثنان خارج المطار، أشار سيرجي الي سائق أجرة، و صعد على متن السيارة مع عبدالله، بينما بدأ السائق بوضع حقائبهم فوق السيارة، ثم أنطلق بهم الي حيث الفندق الذي أخبره سيرجي بأسمه، ثم نظر الي عبدالله مردفاً:.

-هذه محطتنا الأخيرة، سنعود من البرازيل الي مصر
ألتفت عبدالله الي سيرجي، و أبتسم مردفاً:
-عارف، شكراً بجد يا سيرجي على وجودك معايا لحد دلوقتي، مكنتش متخيل أننا ممكن نبقي أصحاب أوي كده
ربت سيرجي على قدم عبدالله قائلا بإمتنان:
-أنا الذي يجب أن أشكرك، لقد كانت ريهام أفضل صديقة لي عندما كانت تدرس في إيطاليا، و تحقيق جزء من أحلامها بجوار حبيبها و زوجها، هذا أفضل ما قد أحصل عليه في حياتي.

أبتسم عبدالله بمرح و أردف:
-فكرة أنك صاحب مراتي الله يرحمها دي مش مضيقاني مش عارف ليه؟!
ثم صمت للحظات قبل أن يكمل بتفكير:
-ممكن لأنك كنت معاها و هي تعبانة و أخدت بالك منها، ممكن لأننا لما نزلنا مصر أنت وعدتها تيجي بعدنا علطول و تتعرف على أهلها و تحضر فرحنا، و لما جيت و هي مكنتش موجودة عرفت توصلي و كنت علطول معايا، مش عارف يا سيرجي بس أنت بجد ليك مكانة كبيرة أوي في قلبي.

أبتسم سيرجي في سعادة مردفاً:
-أنا سعيد لسماع هذه الكلمات منك
لوي عبدالله شفتيه بجنون مردفاً بسخرية:
-و صدقني هتبقي سعيد أوي لما تعرف اننا جايين البرازيل علشان هنروح الأدغال
أختفت إبتسامة سيرجي، و نظر الي عبدالله بقلق و صمت، بينما تعالت ضحكات الآخير على حال صديقه..

جلست زينة بجوار معتصم أمام والديها، و قد أرتسمت إبتسامة جميلة على شفاه الجميع، و تبادلوا أطراف الحوار، حتى دق باب المنزل، و ذهب كامل ليفتح و تفاجئ بجاسر مع أميرة، و بعد كثير من السلام، جلسوا جميعاً سوياً، و حمحم جاسر قبل أن يقول:
-أستاذ غريب جالي أمبارح، و قالي أني لازم أطلع انترفيو بكره مع مجلة مشهورة علشان الفيلم
ثم صمت لثواني قبل أن يكمل بصوت مختنق:
-و خصوصاً مع عدم وجود ريهام.

تحدث زينة بحنان و هي تنظر الي شقيقها بإبتسامة:
-حبيبي، ده طبيعي خصوصاً بعد نجاح الفيلم، ركز يا جاسر، ده كان حلمك و حلم ريهام، متتخلاش عنه بعد ما وصلتله
هبطت دموع جاسر رغماً عنه، و أجابها بحزن:
-مكنش حلمي لوحدي، كان حلمها معايا، مبقاش ليّا نفس أعمل أي حاجة من غيرها، أتفقنا نبدأ سوا، و هننجح سوا، النجاح مبقاش ليه طعم من غير فرحتها
تنهدت جنات بقوة هذه المرة، و رفعت نظرها لجاسر و قالت:.

-يمكن معاك حق، بس الفيلم ده أنتو تعبتوا فيه سوا، و كان كل حلمها أنها تنجح، و تبقي مخرجة مشهورة و ناجحة، و أنك انت كمان تبقي ممثل مشهور، و الحلم أتحقق، هي لو موجودة فعلاً كانت هتكون فرحانة، هي فرحانة يا جاسر صدقني، روحها حوالينا و فرحانة، أفرح أنت كمان، أخرج من الدوامة دي، و حقق حلمك و حلم أختك، وصل إسمها للناس كلها، خلي دايماً أسمها مربوط بإسمك، و الناس كلها تعرفها.

هو جاسر رأسه بصمت، و بجانبه جلست أميرة تحتضن ذراعه بحب، فنظر معتصم إليهم بإبتسامة مردفاً:.

-أنت أخوها و أتربيت معاها و بتعمل كده، مش عايز تحقق ليها حلمها! عبدالله معرفهاش من فترة طويلة، و اهوه بينقل من بلد لبلد و بيحقق كل أحلام ريهام حتى و هي مش معاه، و بيساعده سيرجي، هو حاسس بروحها حواليه، و حاسس إنها مشركاه فرحته، اعمل كده أنت كمان، مش يمكن لما تفرح تحس بيها حواليك فرحانة، روح بكره الانترفيو، و أفرح، و أتكلم عنها كتير و عن الفيلم، و قد أيه هي كانت مبسوطة، و كان نفسها تبقي حاجة كبيرة، حققلها أحلامها يا جاسر.

نظر له جاسر بأسي، و قال بنبرة منتحبة:
-صعب، صعب أوي
هز معتصم رأسه بإعتراض و تحدث بحدة:
-هو أيه اللي صعب! أنت أصلا مجربتش يا جاسر، جرب و بعدين أحكم صعب ولا سهل، جرب و بعدين شوف مرتاح ولا لأ!
-حاضر هجرب، أصلا غريب وافق على الانترفيو خلاص، مينفعش أنا أعترض و هو بكره
عاد الصمت الي الجميع، فقالت أميرة بمرح:
-بس هو أنتي قلبظتي كده ليه يا زوزو؟!
نظر لها معتصم بضيق، و صرخ:
-ليه كده، ليه!

قلبت زينة شفتيها ببكاء، و سألتهم:
-هو أنا بقي شكلي صعب أوي كده!
نظرت لها أميرة بتعجب، و أردفت:
-مين قال صعب! انا بقول قلبظتي؟ مليتي بقيتي قمر، مقولتش أن شكلك صعب دي أبداً
أشار معتصم الي أميرة بإبتسامة قائلا:
-و شهد شاهد من أهلها، وربنا زي القمر
أبتسمت جنات، و قالت بحب لزينة:.

-حبيبتي أنتي فعلا بقيتي احلي كتير، فاكرة لما كنت بقولك كلي و أشربي الحاجات اللي بجيبهالك علشان تتخني شوية! هو ده اللي حصل، أحلويتي أكتر
نظرت زينة الي معتصم بشك، و قالت:
-يعني مش وحشة؟!
أمسك معتصم كفها، و رفعه الي شفتيه و قبله بحب، و هتف:
-قطع لسان اللي يقول كده أنتي زي القمر في كل حالاتك
أمسك كامل أطراف الحوار هذه المرة، و قال:.

-فيه حفلة كبيرة محمود عاملها الشهر الجاي، لو عايزين تفكوا تعالوا، هتكون بمناسبة إن البرنامج عدي عليه 15 سنة
أبتسمت زينة بتسلية، و أردفت بحماس:
-حفلات أنكل محمود دي بتكون جامدة
نظرت الي معتصم و سألته بشك:
-هنروح ولا ايه؟
رفع معتصم كتفيه بلامبالاة مردفاً:
-عايزة تروحي روحي
نطقت زينة بضيق، و قلبها يشتعل غيظاً منه:
-أنا بقول نروح علفكرة!
-لما ييجي معادها يبقي ربنا يحلها.

نظرت له زينة بتعجب و صمتت، و مرت بضعة دقائق قبل أن يستأذن كلاً من زينة و معتصم، و توجهوا نحو المنزل، و ساد الصمت بينهما طوال الطريق، و لكن ما أن وصل الأثنان الي المنزل، صرخت فيه زينة بغضب:
-ممكن أفهم يعني أيه اللي حصل هناك ده!
نظر لها معتصم بحدة، فصمتت زينة من جديد بعد ان سري الرعب أوصالها من نظرته، و تحدث هو بهدوء:
-صوتك ميعلاش يا زينة، الهزار هزار و الجد جد، و أيه اللي حصل هناك يا تري؟

أقترب من الأريكة و ألقي بجسده عليها سريعاً، فنطقت زينة بغيظ:
-ليه موافقتش نروح الحفلة دي!
نظر لها معتصم بسخرية شديدة و نطق:
-أيه ده هو أنتي بتاخدي إذني بجد! سوري مخدتش بالي
ثم وقف مكملاً بجدية:
-أنا رايح أغير هدومي و أتخمد
عادت زينة تصرخ من جديد بعصبية من لامبالاته:
-معتصم أنا بتكلم متسبنيش و تمشي
ألتفت معتصم بحدة، و سحبها من ذراعها في قوة، و أقترب منها مردفاً بنبرة قاتله:.

-أنا قولت صوتك ميعلاش، و المرة الجاية مش هقولها بلساني
أنتفض جسد زينة، و شعر هو بخوفها، فزفر بضيق، و أبتعد عنها متوجهاً نحو غرفتهم في صمت، فجلست هي في الصالون بحزن، و هي تحاول أن تتذكر ما حدث قد أغضبه منها، و لكن لم يصل عقلها لشئ، زفرت بضيق هي الآخري و هي تتذكر لحظاتهم السعيدة التي يغمرها بها معتصم بحبه و عشقه لها..
توجهت الي غرفتها في صمت، و بدلت ملابسها ثم دقت باب الحمام، و أردفت بنبرة مرتجفة:.

-عايزة الحمام
لم يجيبها معتصم، فعادت هي تجلس على الفراش، و مرت دقيقة قبل أن يخرج و هو يلف خصره بمنشفة، و أخري يجفف بها خصلاته، ألقي عليها نظرة سريعة، ثم توجه الي خزانة الملابس تحت نظراتها، فكرت زينة للحظات أن تقترب منه لتعلم ما به، و لكن سرعان ما تراجعت و أسرعت الي الحمام و أغلقت الباب خلفها، بينما أرتدي معتصم ملابسه بسرعة، و توجه الي فراشه و ألقي بجسده عليه في صمت..

شرد ونظراته تتركز على سقف الغرفة، يعلم جيداً انها دخلت الي الحمام لتبكي بحرية كما تفعل دائماً، زفر بضيق من فكرة غضبهم، و لكن حاول صرف الفكرة عن رأسه لينام، و أغمض عينيه بسرعة ما ان شعر بها تخرج، فتح عينيه قليلاً فوجدها تحمل حاسوبها المتنقل، و تتجه نحو الشرفة، فعلم أنها ستخرج كل مشاعرها في الكتابة الآن..

أنتظر دقائق قبل أن يمسك بهاتفه، و يدخل الي حساب فيسبوك المزيف الخاص بها ليري آخر منشوراتها، و أبتسم عندما رأي أنها قد نشرت مقال للتو، كان يعلم أنها ستفعل بالتأكيد، تنهد بقوة قبل أن يبدأ في القراءة.
الحب غريب للغاية، تركيبة متناقضة، كل شئ به مضاعف بكثرة، الحب مضاعف، الحزن مضاعف، الغيرة مضاعفة، و الشوق مضاعف، يحلق بنا فوق السحاب، و في لحظة واحدة يسقطنا الي الأرض مهشماً مشاعرنا و قلوبنا..

لقد مرّ الحب على الكثير، و أستمر اكثر، و أنتهي أكثر و أكثر، تري كيف تمكن العشاق من المضي قدماً رغم المشاكل و الصراعات، و لحظات الحزن و الشوق، هل كان حقاً بتلك القسوة التي هو بها الآن! أم أنه كان أنقي و أصفي من هذا بألف مرة، و تغيرت فقط نفوس البشر و تصرفاتهم، فلوثوا معها كل معاني الحب السامية؟
نظر معتصم الي زينة التي تجلس في الأرجوحة بغيظ، و وقف متجهاً نحوها و أردف بنبرة خافتة:.

-الله يخربيت اللي يزعلك، أنا لو سيبتك كده لتفكيرك هلاقيكي خلعاني بكره
زفر عدة مرات لينظم أنفاسه قبل أن يرسم إبتسامة حانية على شفتيه و هو يقف أمام أرجوحتها، و قال:
-الجو برد عليكي، تعالي يلا
ثم أمسك بحاسوبها المتنقل و أغلق شاشته قائلا بنبرة يملأها الغيظ:
-و قولنا 100 مرة متكتبيش حاجة و انتي زعلانة، او مشاعرك مأثرة عليكي لا في الرواية، ولا على الأكونت.

ألقي بحاسوبها في الأرجوحة من جديد، و سحبها من قدميها، و هزتهما هي بإعتراض في محاولة للتخلص من قبضته قائله بحزن:
-لا أبعد، أبعد مش بكلمك
حملها معتصم بين ذراعيه بغيظ، و دخل الي الغرفة مردفاً:
-علفكرة أنا اللي زعلان متقلبيش الطرابيزة عليا!
دفعته زينة من صدره بقوة، فتركها تقف على الأرض، و وقفت أمامه قائله بغضب:.

-زعلان ليه سيادتك هاه! و بتزعقلي و بتقولي وطي صوتك! و بتقولي المرة الجاية مش هتتكلم بلسانك، كتك قطع لسانك
ضغط معتصم على شفتيه بغيظ، و رفع قبضته للأعلي بتهديد و أردف:
-شوفي لسانك أنتي بدل ما أقطعهولك بجد، و أتمسي على المسا يا زينة
ضربته زينة على صدره بقوة، فأبتعد معتصم خطوة الي الوراء، ثم عادت تضربه من جديد و هي تصرخ في وجهه، و يعود هو الي الوراء خطوة أخري، و يقول بغضب:.

-يا بنتي بلاش تخليني امد أيدي عليكي يا زينة، يووه
حملها بسرعة بين يديه، و ألقاها على الفراش خلفه، و أعتلاها واضعاً ركبتيه على الفراش بجوارها، و ثبت كفيها فوق رأسها، بينما نظرت هي بصدمة إليه من سرعة حركته، فلم يكمل ثانية واحدة تقريباً، و سألته بتلعثم:
-أنت عملت كده بسرعة إزاي!؟
أجابها معتصم بغيظ شديد و هو يشد على قبضته المحيطة بكفيها:
-ده الأدرينالين هينفجر في دماغي بسببك مش أكتر.

صمتت زينة لثواني، قبل أن تتغلغل الدموع الي عينيها، و نظرت الي عينيه قائله بعتاب:
-زعلان منى ليه؟
تنهد معتصم، و تركها ليقف أمام الفراش و أجابها بهدوء:
-لأن مينفعش اللي انت عملتيه هناك يا زينة، باباكي أقترح نروح الحفلة، و أنتي في ثانية قولتي ان الحفلات دي بتكون حلوه جدا، و قولتيلي هنروح ولا أيه!
ثم أكمل بضيق و هو يضع يديه في جيب ملابسه مردفاً:.

-اللي هو أنتي مقررة أنك تروحي، و بتسأليني لأكون معترض، مقولتيش قدامهم مثلا خلاص هنشوف ظروفنا أنا و معتصم و بعدين هنقرر، لا أنتي قررتي و معملتيش حسابي أصلا
نظرت له زينة بذعر، و قالت بإنزعاج:
-بس أنت مكنتش هترفض يا معتصم يبقي أحنا عملنا خناقة ليه؟
-و مين قالك أني مش هرفض! مين قال أني فاضي أو عايز أحضر حفلات! الحفلة لسه الشهر الجاي! عارفة ممكن أيه اللي يحصل من هنا للشهر الجاي يا زينة!

تحدثت زينة بضيق، و قالت:
-وقتها ممكن نقول أن جد في الأمور جديد! و نعتذر، أنت بتقول إفتراضات يعني مفيش حاجة أكيدة، يعني أنت عملت خناقة من مفيش يا معتصم
سألها معتصم بهدوء:
-الحفلة دي هتكون أمتي يا زينة؟
انكمشت ملامح زينة بتعجب و أجابته:
-الشهر الجاي!
عاد معتصم يسألها في حدة:
-الحفلة هتكون أمتي يا زينة! أمتي بالظبط! توقيت أو تاريخ!
رفعت زينة كتفيها بجهل، و أردفت بلامبالاة:.

-معرفش بس أياً كان مش هتفرق
قاطعها معتصم بحدة:
-وأنا قولتلك أيه يا زينة من أسبوعين و أنا بكلم نيرة أختي!
عقدت زينة حاجبيها بتعجب، و حاولت تذكر ما قاله، و لكنها عجزت عن ذلك، فنظرت له بضيق، فأكمل هو بسخرية:.

-نسيتي! تفتكري أي حاجة بس اللي معتصم يقوله لأ! قولتلتك يا هانم أن نيرة هتيجي مع جوزها لأهله مصر، و هيقعدوا شهر لأن والده تعبان، وأن مرات بابا هتيجي تقعد عندنا الشهر ده، و أنها هتيجي الشهر الجاي، هنعمل أيه بقا وقتها! هنسيبها طول النهار قاعدة لوحدها لأننا في الشغل، و طول الليل لأننا في خروجات و حفلات سيادتك بتقرريها نيابةً عني
صمتت زينة للحظات محاولة أستجماع كلمات مناسبة، قبل أن تقول:.

-أفتكرت، بس عادي، مامتك ممكن تيجي معانا
صرخ بها معتصم بحدة و غضب:
-قولتلك 100 مرة مش مامتي، مرات بابايا، و تيجي معانا بأنهي صفة! إذا كان مش هتروح عند أهل جوز نيرة على الرغم من أنها بنتها، و هتيجي تقعد هنا، تروح حفلة تبع والدك و برنامجه ليه يا زينة؟ دي جاية هنا بالعافية
عقدت زينة ساعديها بضيق، و قالت:.

-معتصم سوري بس انا مبقتش فاهمه حاجة ولا شايفة أي حاجة تستدعي كل ده، مش بتعتبرها مامتك، و جايبها عندنا البيت، و هي مش موافقة تروح تقعد عند أهل جوز نيرة، و جاية تقعد هنا بس مش هينفع تخرج و تشوف أهلي و تتعرف عليهم و تخرج معاهم، حتى الفرح لا هي ولا أختك حضروه أنا مش فاهمه حاجة، و طول ما انا مش فاهمه هفضل شايفة أن مفيش مشكلة و أنك أنت مكبر المواضيع، أنا طبعا معنديش أي أعتراض على وجودها هنا أكيد هي مرحب بيها دايماً، بس فيه حلقة مفقودة في النص انا مش فاهماها.

جلس معتصم على الفراش، و وضه وجهه بين كفيه بتعب، و زفر بضيق قبل أن يقول بإستسلام:
-هقولك يا زينة أيه الحلقة المفقودة! أقعدي
أشار لها لتجلس بجواره، و لكنها جلست على قدميه و أحتضنته بقوة مردفة:
-قول
أبتسم معتصم بحزن، ثم بدأ يسرد لها كل ما حدث من البداية:.

-أنا قولتلك أن بابا و ماما ميتين و ان عندي مرات أب و أخت منها بس، بس دي مش الحكاية كلها فعلاً، مرات بابا أسمها عزة، و أنا بابا جابني لما كان عنده 21 سنة، و ماما ماتت و هي بتولدني، و بعد 17 سنة بابا أتجوز، مكنش كبير أوي على الجواز، مكنش لسه جاب الأربعين أصلا، بس المشكلة في البنت اللي اتجوزها، اتجوز واحدة قدي في السن، و كان زميلتي في المدرسة و بعدين قعدت
أنتفضت زينة بقوة، و أبتعدت عنه بصدمة قائله:.

-نعم! يعني اللي هتيجي تقعد هنا دي عندها 29 سنة!
هز معتصم رأسه بصمت، و أعاد زينة الي صدره، و أستند بذقنه على كتفها مردفاً:
-خلفت منه نيرة، و كانت علطول في خناق مع بابا لأسباب تافهه، لدرجة أن بابا تقريباً جاله كل أمراض الدنيا بسببها سكر و ضغط و قلب، بصراحة هي محرمتوش من مرض
تنهد بقوة، قبل أن يكمل:.

-و أنا دخلت شرطة، و بقيت بنزل البيت أجازات بس، و لما نزلت مرة بابا كان تعب جداً و كان تقريباً راقد ادوية و تعب و خلاص، و هي وقتها بدأت تبصلي بطريقة تانية، بدأت تحتك بيّا و تتعمد تلبس لبس ملفت في وجودي، و وصل بيها الموضوع في مرة أنها تيجي اوضتي و أنا نايم، و عرضت نفسها عليّا
أنتفضت زينة من جديد، و أبتعدت عنه و قبل أن تردف بحرف واحد، امسك معتصم كفيها مكملاً:.

-رفضت و بعدتها عني، و مرضتش اقول لبابا، كان تعبان جداً و مكنش متحمل صدمات أبداً، و نيرة كانت صغيرة و بابا مش بيقوم من السرير، و أجازاتي بقت سجن بالنسبالي و وصلة عذاب مش بتخلص غير لما برجع الكلية، لأنها أستغلت تعب بابا و أن نيرة صغيرة، و بدأت تقرب و تحتك بيا في وقت و أي مكان و هي ضامنة أني مش هتكلم، و أنا على قد ما أقدر كنت ببعدها و كنت بقعد بره البيت كتير، بس برجع تاني لبابا يحتاج حاجة لأنها تقريباً مش مهتمية بيه أبداً، حتى نيرة مكنتش مهتمة بيها و كانت هتوقع نفسها من البلكونة مرة، و ده كان كفيل أن خروجي يقل كتير و أضطر أفضل في البيت، فكنت بدخل علطول أقعد مع بابا في الأوضة، و هو كان بيتضايق لما بيحس انه مذنبني جنبه، فكان بيخرجني ساعات غصب و بتوصل للخناق علشان أخرج.

ثم ضحك بحزن، و قال بطريقة مسرحية:
-لحد ما المكشوف ظهر، و بابا كان خارج من أوضته يجيب ماية، و شافها بترمي نفسها في حضني، و بتقول كلام رخيص شبهها، و مش بس كده دي شقت هدومها نصين في اليوم ده
عاد يضحك من جديد و أكمل:
-و شافت بابا، تخيلي عملت أيه؟
نظرت زينة الي عينيه و لمحت الحزن في عينيه، فوضعت يدها على خده بحزن هي الآخري و أردفت:
-عملت أيه؟
هبطت دموع معتصم رغماً عنه، و قال:.

-طلعت تجري عليه و تعيط، و تقوله معتصم كان بيحاول يقرب منى و قطع هدومي، و إن دي مش اول مرة أعملها، و إني حاولت كتير جداً قبل كده معاها و إنها كانت بترفض تقرب مني، بس مكنتش بتقول لبابا علشان متطلعنيش وحش قدامه و بابا يتعب و يزعل، بس خلاص بقا فاض بيها الكيل و تعبت من تحرشي بيها
ضحك معتصم بهم، و أردف بعدم تصديق:.

-و صدقيني انا لو مكان بابا كنت صدقتها، تمثيلها كان ممتاز، و بابا صدقها طبعاً، ضربني بالقلم، و زعق و عيط و طردني من البيت، و أنا مقدرتش أقوله حاجة، هصدمه في مراته و عرضه و شرفه! طب إزاي! هيصدقني إزاي أصلاً يا زينة؟ هيستحمل ولا لأ؟ فسبت البيت و مشيت، جيت قعدت في القاهرة في بيت العيلة القديم، و فضلت سنة بحالها لا بشوف بابا ولا أختي، ولا أعرف حاجة عنهم، لحد ما في يوم لقيته جاي هو و نيرة و عزة.

نظر الي زينة التي أقتربت بأناملها لتمسح دموعه، و أبتسم مكملاً:.

-قالي أن عزة بدأت تعمل حركات غريبة، و بقت تصحي مش فاكرة اللي حصل قبلها بيوم، و تتصرف و تنسي، و هكذا، و لما راحوا لدكتور، قالهم أن عندها شيزوفرينيا و واضح انها وراثية لأن أبوها كان عنده نفس المرض، و ده كان سبب كفاية لتصرفاتها معايا، بل بالعكس دي قالت لبابا أنها كانت بتحلم بحاجات غريبة أنها بتقرب منى و انا بصدها و كده، و مكنتش عارفة أنه بجد و بيحصل على أرض الواقع، و رجعت حننت قلب بابا عليّا تاني، فعلشان كده جم ليّا القاهرة، و هي أعتذرت كتير اوي مني، و أنا صدقتها، و بابا أصر يرجعني البيت، و لما اعترضت عزة قالت أني مش عايز أجي علشانها، و لسه زعلان منها، و رجعت تلعب في دماغ بابا تاني علشان أرجع البيت، و نجحت و رجعت البيت، بس بردوا كليتي كانت رحمه ليا منها، و من تصرفاتها.

سألته زينة بتعجب:
-تصرفاتها! و هي فايقة ولا و هي مش في وعيها!
تعالت ضحكات معتصم بسخرية و قال:.

-ده و أنا بحكيلك صدقتي! مكنش عندها شيزوفرينيا ولا حاجة يا زينة! كل ده كان تأليف علشان ترجعني البيت، و أتفقت مع الدكتور على ده، و رجعت لنفس قذراتها تاني و انا مبقتش قادر أستحمل، و خصوصاً مع تعب بابا أكتر، و خلصت كليتي و رجعت البيت بقيت شبه مقيم فيه، انا لو مش في الشغل أبقي في البيت مع بابا و نيرة، و فضلت سنين عايش في القرف ده و محدش يعرف، نيرة كبرت و بقت أنسه، و بحكم عادات العيلة، كان لازم تتجوز، كان عندها 10 سنين بس يا زينة و عايزين يجوزوها، وقفت لبابا و قولتله هي لسه صغيرة، و قعدت معاه و حاولت أقنعه، و كان تقريباً شبه أقتنع بس كان محتاج أتكلم معاه مرة أخيرة في الموضوع ده و مكنش هيجوزها و الله، جت بقا عزة و لعبت في دماغه تاني علشان يخلالها الجو معايا، و قالتله أن فيه واحد عاوز يتجوز نيرة و ياخدها و يسافر، و عرفت تقنعه، و لما قابلت العريس كان شاب أصغر منى عنده 20 سنة، أتفقت معاه نتقابل بره و فعلاً أتقابلنا و قولتله أن نيرة لسه صغيرة و أني مش عاوزها تتجوز دلوقتي، و بابا رافض، و طلبت منه هو اللي يرفض الجواز.

عقدت زينة حاجبيه بغضب و أكملت:
-و طلع واطي و رفض
هز معتصم رأسه بالنفي و مرر يده على خصلاتها بحب و قال:.

-هو رفض بس مش واطي، هو أسمه مرتضي، و سمع عزة جت لأبوه اللي يبقي عمها تقوله أن بنتها كبرت و هي عايزة تجوزها، و أبوه كان هيجوزها لواحد صاحبه عجوز، فمرتضي قال يلحق البنت، و راح لأبوه قاله أنها عاجبها و عايز يتجوزها، و طبعاً أبوه عايز يفرح به و هيفضله على صاحبه، فوافق و راحوا خطبوها، و مرتضي وعدني أنه هيخرج بيها بره البلد، و هتفضل معاه و هياخد باله منها كويس جداً، لحد ما تكبر و يكتبوا عقد رسمي و هيعملها فرح كمان و هيكمل جوازهم وقتها.

أبتسم لزينة التي ظهر في عينيها الإعجاب لمرتضي، وقال:.

-انا فاكر قالي بالنص، أختك تحرم عليّا لحد ما تبقي فاهمه و واعية، و توافق على جوازنا و لو رفضت هرجعهالك معززة مكرمة، و دي كانت فرصة بالنسبالي، لو رفضت مرتضي هييجي حيوان ياخدها مننا و مش هيراعي انها طفلة أبداً و هينتهك برائتها، فوافقت و مرتضي كان جدع و راجل جداً، و نفذ وعده لحد اللحظة دي، و كل ما بكلم نيرة بتكون مبسوطة أوي بوجودها معاه، و نيرة سافرت، و بقيت لوحدي مع عزة و بابا في البيت، كنت عايز أسيب البيت و قولت لبابا كده و إني هاجي القاهرة، رفض جامد و قالي أنه حاسس انه بيموت و محتاجني جنبه، ففضلت، بس بقيت أتجنب عزة على قد ما أقدر، لدرجة أني ساعات علشان أخلص منها بحطلها منوم في كوباية شاي ولا عصير، و كانت بتتخمد و أخلص منها كام ساعة قبل ما تصحي، و بعد جواز نيرة بكام شهر بابا مات، و عزة كانت ملهوفة على الورث، بس أكتشفت أن بابا قبل ما يموت كتب كل حاجة بأسمي، و وصي أني أدي لنيرة نصيبها أول ما تكمل 18 سنة.

أبتسمت زينة و قالت بحماس:
-احسن تلاقيها كانت هتموت من قهرتها، بس ليه راحت مع نيرة تعيش معاها!
أبتسم معتصم هو الآخر و أجابها:.

-كانت عايزة تفضل في البيت، و لما قولت إني هسيب البيت و هاجي القاهرة كانت مصممة تيجي معايا بردوا، بحجة انها ملهاش غيري دلوقتي و مش معاها فلوس و انتي فاهمه الشويتين دول، بس مرتضي قالها أنها هتروح معاه هو و نيرة، و أن معتصم شاب دلوقتي و هيعوز يكون براحته في بيته، و دخل أبوه في الموضوع و فعلاً وقفلها و قالها يا تقعدي في بيت جوزك لحد ما نجوزك، يا تروحي مع مرتضي و بنتك، و أضطرت وقتها تروح مع مرتضي، بس مرتضي كان واخد أحتياطاته كويس، و كانت عمته الكبيرة قاعدة في البيت معاهم في أمريكا، و في وجودها مستحيل عزة هتعمل حاجة ليه هو كمان، لأنها عارفة أنها لو أتقفشت عمته هتقول لأبوه و ده أسمه عرض و شرف و هيقطعوا رقبتها، و قاعدة هناك بقالها سنتين.

أنكمشت ملامح زينة، و سألته بتردد:
-طب ليه متفضلش قاعدة هناك مع عمته لحد ما هما يرجعوا من السفر؟
تنهد معتصم بضيق و أجابها:.

-لأن عمته نازلة معاهم يا زينة، و هي رفضت تماماً أنها تروح البيت مع مرتضي، و أتحججت بأنها تعبانة، و مبقتش واعية أغلب الوقت، و مش عايزة تعمل مشاكل هناك، و عمته و نيرة طبعاً صدقوها، فمرتضي قالي و نيرة قالتلي خليها تفضل عندي، و بقالها فترة بتحاول تقنعني لحد ما قولت تمام، و كده كده أنتي معايا يا زينة و مش هتسمحي ليها تتمادي، و بكده مش هزعل نيرة
صمت قليلاً و نظر في وجهها بغيظ مردفاً:.

-عرفتي ليه بقا لازم نكون في البيت علطول ومعاها! لأني مآمنش انها تفضل هنا لوحدها من غير مصايب، و لا ينفع أسيبك تخرجي و تسيبيني معاها، ولا هينفع نعرفها على أهلك لأني معرفش هي ممكن تعمل أيه مع أهلك و تتصرف إزاي، فهاه، قررتي أيه؟ هتستحملي الشهر ده معايا! ولا هتروحي الحفلة؟
ضغط زينة على شفتيها بتسلية، و أقتربت من معتصم أكثر، و قالت و هي تنظر في عينيه بقوة:.

-و حياتك عندي يا حبيبي لأخليها تخرج من هنا ندمانة على كل حاجة عملتها زمان، و مش بس كده دي مش هتقرب من البيت تاني أصلا، و هتكره اليوم اللي عرفت فيه مرات معتصم السيوفي، و هتتمني الأيام تجري و تخرج من هنا بقاا
غمز لها معتصم بمشاكسة مردفاً:
-مفيش بوسة كده بقا على الماشي
دفعته زينة بقوة، و أبتعدت قائله بأستفزاز:
-فيه نوم و أكل، تحب تاكل معايا ولا مع الملايكة.

خلع معتصم حذائه المنزلي بغيظ، و ألقي بجسده على الفراش واضعاً الوسادة على وجهه، و هتف بحنق:
-لا و على أيه، الملايكة أحسن من شياطين الأرض، أقفلي الزفت و أنتي خارجة
ضحكت زينة بخفوت، ثم أخذت وضع الأستعداد، و ركضت نحوه و قفزت فوقه، فصرخ معتصم بفزع و وجع، و قالت زينة:
-بهزر معاك يا صاصا
أمسك معتصم وسادته بعنف، و ضربها بقوة على وجهها عدة مرات قائله:
-هزرتي و كسرتي عضمي، قومي بقا أقفلي الزفت و أتخمدي.

و عاد يضع الوسادة على رأسه بغيظ، و شعر بها تمنع ضحكاتها، فصرخ بغضب:
-بطلي يا زينة بدل ما أقوم أحطك في الغسالة
أنطلقت ضحكة خفيفة من بين شفتيها و هزت كتفه مردفة:
-طب خدني في حضنك
أبعد الوسادة عن وجهه و أردف بسخرية:
-كان فيه و خلص، بح
وضعت زينة رأسها على كتفه بدلاً من الوسادة بسرعة، ثم ألتصقت به بقوة و نامت ممسكة بقميصه القطني، و تخبئ رأسها في صدره، فتنفس معتصم بعمق و أحاطها بذراعه، و همس:.

-و الله هتجننيني، قومي أطفي النور مش بعرف انام فيه
رفعت زينة نظرها إليه و قالت بنبرة هامسة:
-أنا في حضنك، معقول هتفكر في النور و مش هترتاح و أنا جنبك و تنام علطول
أبتسم معتصم، و ضمها بقوة الي صدره، و خلال دقائق كان كلاهما قد غطي في نوم عميق، في أنتظار مجهول، مجهول يقترب!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة